قصور قانون العقوبات الجزائري في مكافحة جرائم الفساد

0

     إن المنظومة  القانونية  الجزائرية  في  مجملها  لاسيما  المتعلق  منها  بالشق الجزائي و الإجرائي، لم توافق التطور الذي عرفته القطاعات الأخرى،  وذلك لأسباب متعددة إذ الانتقال من النظام  الاشتراكي إلى  النظام الليبرالي يتطلب  إعادة  النظر في المنظومة  القانونية  في مجملها،  و يرى  الكثير  من الفقهاء أن  الأنظمة الاشتراكية  تعاني  من البيروقراطية،  كسلوكات تعود إلى تركيبة  البنية القانونية للنظام،  و تعرف  الأنظمة  الليبرالية  جرائم الفساد كنتيجة  شبه  منطقية  تعود إلى البنية  القانونية  للنظام  ذاته  و هذا ما أثبتته  أخر  دراسات  منظم  الشفافية  الدولية، وبانتهاج  الجزائر  النمط الجديد  كان عليها  إعادة  النظر  بصورة  جذرية  في المنظومة  القانونية  الموروثة عن الحقبة السالفة، و هو  ما دفع إلى  إنشاء لجان  الصلاح المنظومة  القانونية  بصورة  عامة،  و إعادة  النظر  في القوانين و المكانيزمات سيما القواعد الموضوعية  منها  و الإجرائية،  في القانون  العام و الخاص ، في التشريع الجزائي  و الجنائي  على  السواء،  و أول  ما ظهر   على الساحة   تعديل الدستور  من طرف  المؤسس الدستوري  1996، ثم سلسلة من  التعديلات  التي مست  القانون  التجاري ، المصرفي،  المدني،  وكذا  مشروع  قانون الإجراءات المدنية  الذي هو  طور الدراسة،و كذا   قانون  العقوبات  و قانون  الإجراءات  الجزائية، كل هاته  التعديلات  القانونية  في مجملها  توضح  التصور  القائل  انه لا يمكن الدخول  للنظام الليبرالي  بأدوات قانونية  يعود صياغتها للنظام  الاشتراكي، ومنه  يمكن  القول أن قانون  العقوبات وقانون الإجراءات  الجزائية يصعب عليه مواكبة  التطورات السريعة في الوقت  الراهن إذا لم يدخل  في سلسلة  من التعديلات  سواء  من ناحية  تجريم الصور الجديدة للإجرام الدولي،  أو إلغاء بعض صور التجريم  التي  أصبحت  بدون  موضوع، هذا إذا كنا لا نسلم بأنه  قاصر  في التصدي لبعض  صور  التجريم  المعقدة  و التي  تتطلب  تشريع  خاص  سواء لمكافحتها أو  الوقاية  منها، و بدخول  الجزائر  في سلسلة من المعاهدات و الاتفاقيات الدولية الحديثة،  العلمية  و المتعددة الأطراف و بعد مصادقتها  على كثير من الاتفاقيات المنشاة لقواعد قانونية  متميزة وخاصة مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم  العابرة  للوطنية، و اتفاقية  مكافحة  المتاجرة  بالمخدرات ، و اتفاقيات  مكافحة  الإرهاب الدولي،  إلى غيرها من الاتفاقيات التي سواء صادقت الجزائر عليها أو هي محل التفاوض حاليا.

وبإجراء  قراءة  مزدوجة  أو مشتركة  لهذه القواعد القانونية في إطارها العام أو في إطار عولمة القواعد القانونية،  و كذا نص  المادة 132 من دستور 1996 و التي تنص  على أن المعاهدات التي  يصادق عليها  رئيس الجمهورية، حسب  الشروط المنصوص  عليها  في الدستور،  تسمو  على القانون .

 يمكن  أن نخلص إلى نتيجة  أن قانون العقوبات في صورته  الحالية لا يمكن له التصدي إلى تسارع  تطور  الجريمة و منه يمكن القول  انه لامناص  من التصدي  إلى  الصور  المعقدة  من الإجرام بانتهاج سن  القوانين الخاصة  لمكافحة  صور  التجريم الجديدة  لاسيما في طابعها  الدولي  في الشق المتعلق بالتعاون الدولي لمكافحة  جرائم محددة،  و الجزائر ليست  هي من استحدثت هذه  الطريقة  بل الاتجاه  الدولي  الحديث في  إطار  عولمة  القواعد القانونية  هو من اهتدى إلى هذه الطريقة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه