مجالات الطب الشرعي

0

: مجالات الطب الشرعي.
للطب الشرعي مجالات متعددة نتعرض لأهمها وهي:
الطب الشرعي الاجتماعي: M – L - Sociale يهتم بالعلاقة ما بين الطب الشرعي والقوانين الاجتماعية (طب العمل، الضمان الاجتماعي)
الطب الشرعي الوظيفي: M – L – Professionnelle بمفهوم الوظيفة ويهتم بالعلاقة ما بين الطبيب الشرعي ووظيفته (تنظيم الوظيفة الممارسة غير الشرعية للوظيفة أخلاقيات المهنة)
الطب الشرعي القضائي: M – L - Judiciaire والذي يهتم بالعلاقة ما بين الطب الشرعي والقضاء والذي نركز عليه، يتفرع منه:
الطب الشرعي العام: M – L - Générale يهتم بدراسة الجاني.
الطب الشرعي الخاص بالصدمات والكدمات والرضوض: M – L - Traumatologique يقوم بدراسة (الجروح الحروق الإختناقات……)
الطب الشرعي الجنسي: M – L - Sexuelle ويهتم بدراسة (الإغتصاب هتك العرض الأفعال المخلة بالحياء الإجهاض قتل الأطفال حديثي العهد بالولادة………)
الطب الشرعي الخاص: يهتم بدراسة الجثة وعلامات الموت M – L – Thantologique.
الطب الشرعي الجنائي: M – L - Crimalistique والذي يهتم بدراسة وتشخيص الآثار التي يتركها الجاني في مسرح الجريمة.
الطب الشرعي الذي يتولى دراسات التسميمات M – L – Toxicologique.
الطب الشرعي العقلي: M – L - Psyciaterique الذي يهتم بدراسة مفهوم المسؤولية الجزائية (موضوع يدرس الركن المعنوي للجريمة) هام ويحتاج لوحده لملتقى خاص.
وعموما ينحصر عمل الطبيب الشرعي تحت فرعين بارزين هما (الطب الشرعي الباثولوجي، الطب الشرعي الاكلينيكي)
 
أ - الطب الشرعي الباثولوجي: يختص هذا القسم بتحديد سبب الوفاة من خلال فحص وتشريح الجثث في القضايا الطبية القضائية المتعلقة بالمتوفين ( قضايا الوفيات )، وكذلك المساعدة في معرفة نوع الوفاة من حيث كونها طبيعية أو غير طبيعية ( جنائية ـ انتحارية ـ عرضية ) ويمثل هذا القسم نظام محقق الوفيات المعمول به في انجلترا و ويلز وبعض الولايات الأمريكية ونظام الوكيل في اسكتلندا وايرلندا الذي يأخذ مكان محقق الوفيات في انجلترا وأيضا نظام الفحص الطبي في معظم الولايات الأمريكية .
       ويتعاون مع الطبيب الشرعي في قضايا الوفيات معمل الباثولوجيا الطبية الشرعية، وحالات الوفاة التي يجب على المحقق الجنائي إرسالها إلى الطب الشرعي الباثولوجي هي كل الوفيات ذات الأسباب غير الطبيعية أو عندما يكون سبب الوفاة غير معروف مثل :
ـ الوفيات بسب العنف: الحوادث المشتبه في جنايتها ـ الانتحار ـ أو القتل سـواء حدثت الوفاة مباشرة نتيجة الإصابة أو غير مباشرة بعد انقضاء أسابيع أو شهور.
      ـ الوفيات الناشئة عن التسمم أو المخدرات أو الكحوليات.
ـ الوفيات الفجائية.
ـ الوفيات المثيرة للشك والريبة .
ـ الوفيات بسبب الممارسة الطبية  مثل :.
   ٭ـ الوفاة بعد الإجهاض أو أثناء العمليات الجراحية أو التخدير.
    ٭ـ الوفيات في السجون أو أثناء التوقيف من قبل مصالح الأمن.
    ٭ـ وفيات أشخاص ليسوا تحت الرعاية الطبية.
    ٭ـ وفيات نتيجة أسباب غير معروفة أو وفيات غير مفسرة.
 
ب - الطب الشرعي الإكلينيكي: يختص هذا القسم بالمسائل الطبية ذات البعد الشرعي أو القانوني في الأحياء والتي تشمل:
ـ قضايا الاعتداءات الجنسية .
ـ قضايا تحديد الإصابات ونسب العجز لدى المصاب في حالة الاعتداءات على البدن (سواء كانت جنائية أم خطا ) وذلك لمعرفة نسبة التعويضات.
ـ تقدير السن.
ـ الصلاحية العقلية للفرد إما للمحاكمة أو للتصرف في الممتلكات أو المسؤولية العقابية عن الجرائم.
         وكل هذه المسائل الطبية تعتبر من الأعمال الهامة للطبيب الشرعي وتدخل في نطاق أعماله في النظام المصري وبعض الأنظمة الأوربية ( بالمشاركة مع اللجان الطبية المختصة في بعض هذه القضايا)، أو توكل إلى أطباء مختصين في الفروع الطبية المختلفة عن طريق الانتداب أو في مستشفيات تابعة لوزارة الصحة (كما في السعودية) أو أقسام محددة مسبقا من قبل الهيئات القضائية في دول أخرى.
ـ القضايا المتعلقة بالممارسة الطبية مثل إفشاء السر المهني أو الخطأ المهني.
ـ قضايا العجز الجنسي والعنة.
ـ قضايا إثبات الحمل والإجهاض.
ـ قضايا الفصل في البنوة المتنازع عليها.
ـ الكشف عن المصابين في كافة الحوادث الجنائية وحوادث السيارات . (1)
 

لمحة موجزة عن الطب الشرعي

0

لمحة موجزة عن الطب الشرعي
تاريخ ونشأة الطب الشرعي
عرف المصريون القدماء تحنيط الجثث، وأطلق السير سودني سميث على أمعتب (2980- 2900ق م) اسم أول خبير طب شرعي في العالم حيث جمع بين رئاسة القضاء والطبيب الخاص لفرعون مصر الملك زوسر.
وتضمن قانون حامورابي ملك بابل وهو أقدم مجموعة مبادئ قانونية ترجع إلى  2200عام قبل الميلاد تشريعات عن مزاولة مهنة الطب وتناول القانون بوضوح الخطأ المهني الطبي.
استخدم الطب الشرعي لأول مرة قبل الميلاد وبالضبط عند وفاة بوليوس قيصر حيث عينت لجنة ضمت أعضاء من برلمان روما ونبلائها للتحقيق عن سبب الوفاة، حيث تم فحص الجثة من طرف طبيب الذي أكد أن الموت يتعلق بجريمة قتل وان الضحية قد تلقى 23 طعنة خنجر.
واهتم الرومان بالطب الشرعي وتناولت القوانين التي وضعوها الإصابات وحددوا الخطير والقاتل منها، وقد جمعت القوانين المتفرقة في مجموعة كاملة في عهد الإمبراطور جستينيان (483-565م) وقررت القوانين المذكورة أن الأطباء ليسوا شهوداً عاديين حيث إن رأيهم حكم أكثر منه شهادة وتحدد بذلك الوضع المميز للشاهد الخبير وموقف الخبير كحكم متجرد وغير متحيز.
وفي العصر الحديث كانت ايطاليا هي الدولة الأوروبية الرائدة في مجالات الطب الشرعي حيث تم تعيين أطباء أمام الحاكم لتحديد طبيعة الإصابات، كما أدى هوجر دي لوكا الجراح المشهور عام 1249م قسماً للعمل خبيراً طبياً شرعياً في بولونيا، وأجريت أول صفة تشريحية عام 1304م في بولونيا.
يعود نشر أول كتاب للطب الشرعي سنة 1576م والذي يبحث عن أسباب الجروح وأحوال القتل، وقد ظهر الطب الشرعي كنظام منفصل في القرن السادس عشر ويعتبر باولوس لاكياس واحداً من أشهر الأسماء في الطب الشرعي في ذلك الوقت وقد وضع كتاباً في روما سماه (طبية شرعية) بين عامي  1621- 1635م وتضمن الكتاب مواضيع متعددة تشمل حمل الولادة وموت الجنين أثناء الولادة والنقص العقلي والسموم والعنة وإدعاء المرض والبكارة والاغتصاب وقد ظهرت أول مجلة طبية شرعية في برلين عام 1782م.
وفي الفترة بين عامي  1814- 1825م وضع الأستاذ أورفيلا أستاذ الكيمياء والطب الشرعي بباريس أسس علم السموم الحديث وشمل السموم المعدنية والنباتية والحيوانية والسموم عامة.
 
 
سبب الاستعانة بالطب الشرعي
        يرجع السبب في الاستعانة بعلم الطب الشرعي في المجال الجنائي إلى إن المحقق وجد نفسه عاجزا على أن يقرر بنفسه أسباب الوفاة والجروح في تحقيقه لجرائم القتل والإصابات وما إلى ذلك من أهمية قصوى في توجه الاتهام من عدمه، لذلك كان لبد من متخصص يوضح له السبب وكان بداية ضرورية للاستعانة بالطب الشرعي في هذا المجال حتى يسير منطق الأخذ بحجة القانون ومبدأ الإثبات الذي دعت إليه كافة القوانين المتحضرة ومن ذلك نرى أن علم الطب الشرعي يعتبر من أول العلوم التطبيقية الجنائية الفنية التي دخلت مجال مكافحة الجريمة.
الطب الشرعي في الإسلام
        يعد العمل بالطب الشرعي في البلدان الإسلامية واجب حتمي حيث تعرض الإسلام في مواقف كثيرة لأعمال الطب الشرعي سواء في القرآن أو في السنة أو اجتهاد الفقهاء، وهذا لخدمة القضاء وتنوير العدالة، وقد دفعنا ذلك للبحث في القران الكريم والحديث الشريف وما صدر عن الصحابة فيما يخص العمل بالطب الشرعي من كشف ظاهري على المصابين لتحديد نوع الإصابة والآلة المستعملة وفحص الأموات لتحديد أسباب الوفاة وتنوير القاضي في حكمه، حيث ورد في القران الكريم ما يدل صراحة على أعمال الطب الشرعي.
بسم الله الرحمن الرحيم ( وإذ قتلتم نفسا فاداراتم فيها والله مخرج ماكنتم تكتمون )
صدق الله العظيم.
بسم الله الرحمن الرحيم: ( وشهد شاهدا من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين )  صدق الله العظيم.
وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر علي كرم الله وجهه برجم رجل لأنه ارتكب جريمة الزنا فلما ذهب ليقيم عليه الحد وجده مختونا أي مقطوع الذكر فلم يعاقبه، ومن هنا نجد أن الدين الإسلامي، قد أولى للطب الشرعي أهمية باعتباره طب العدالة وطب الحق.
 
الطب الشرعي في الجزائر: إن التطور الذي وصل إليه الطب الشرعي في الجزائر بفضل إدراجه ضمن برنامج التعليم العالي في كليات الطب وبمعدل ساعات مدروس حيث يمكن الطلبة من استيعابهم وتمكنهم في هذا الاختصاص. 
تتكون مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي من خمس وحدات:
  وحدة التسمم.
 2 ـ وحدة البناطولوجيا.
 3 ـ وحدة الاستكشاف الطبي والقضائي.
 4 ـ وحدة التشريح الطبي.
 5 ـ وحدة السجون.
حيث يكرس أطباء المصلحة الشرعية جميع أوقاتهم للوظيفة ولا يسمح لهم بمزاولة مهمتهم في الخارج لكي ينصرفوا إلى دراسة القضايا والمسائل الفنية التي تعرض عليهم وليكونوا على اطلاع بكل مستجدات الأحداث العلمية في فروع الطب الشرعي .
 
 1 )القضايا التي يعالجها الطب الشرعي في الجزائر:
        يشارك الطب الشرعي في معالجة القضايا التالية :
1* قضايا التعرف: والتي تشمل (الجثث المجهولة، الأعضاء المبتورة، العظام) .
2* القضايا المدنية: يقدم الخبرة في ( نسبة العجز، إصابات العمل، العاهات...الخ) .
3* القضايا الجزائية: مثل (أسباب الوفاة ، قتل، تسمم، انتحار...الخ) .
4* إثبات النسب: ( الأب، الابن، حالات الحمل، الإجهاض...الخ) .
5* الجرائم الجنسية: ( الاغتصاب، هتك عرض...الخ ) .
6* جرائم المسؤولية الطبية: (للطبيب، الممرض، القابلة ...الخ( . 
 
2) الوحدات المتخصصة في الأجهزة الأمنية :
 
أ‌)       جهاز الأمن الوطني:
        إن التطور الذي وصل إليه جهاز الأمن الوطني والذي يعد قفزة نوعية في استحداث وسائل  قمع الجريمة والتحريات، اوجد مخبر علمي للشرطة التقنية والعلمية بالجزائر العاصمة على المستوى المركزي، ومخبرين فرعيين في كل من وهران وقسنطينة.
  ب) جهاز الدرك الوطني :
        لم يكن جهاز الدرك الوطني مزودا بمخبر للشرطة العلمية حيث اعتمد في عمله على جهود تقنية محدودة تارة وبالاستعانة تارة أخرى على مخبر الشرطة، إلا انه وفي إطار تطوير هذا الجهاز تم تكوين خلايا للشرطة التقنية على مستوى كل مجموعة ولائية تعمل بالتنسيق مع قسم الاستغلال والبحث لاستخدام هذه الوسائل حال دون الوصول إلى الغاية المرسومة من طرف القيادة .
        جهزت هذه الخلايا بأحدث الوسائل و الأجهزة  ولكن لنقص التكوين وعدم المعرفة الجيدة حال دون الوصول إلى الأهداف المرجوة، من ناحية المخبر العلمي فقد تم وضع حجر الأساس إنشاء معهد متخصص للإجرام.
 

بحث ضمانات المشتبه فيه اثناء التوقيف للنظر في القانون الجزائري

0

مقــدمـــة:
 
     إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعتمد في 10 .12 .1948 هو أول وثيقة دولية منظمة لأهم مبادئ ضمانات حقوق الإنسان، إذ ورد في دباجته ضرورة الاعتراف بكرامة الإنسان ... و بالحقوق المتساوية و الثابتة التي تقوم على أساس الحرية و العدل و السلام في العالم.
             
     رغم هذا فإننا نجد أن الشريعة الإسلامية الغراء سبقت المواثيق الدولية               في الإعلان عن هذه الحقوق، و نلتمس ذلك من خلال العديد من الآيات القرآنية                     الكريمة و أحاديث الرسول "ص"
       
      قال تعالى" هو الذي جعل لكم الأرض دلولا فأمشوا في مناكبها و كلوا            من رزقه و إليه النشور " سورة الملك
     جميع الحريات مصانة و محفوظة في الإسلام فلا يحق لأحد أن يتعدى على حرمات الناس و قد جسد ذلك في الضمانات المختلفة التي يتمتع بها الفرد المسلم.                  
 
     إن التحري عن الجرائم و البحث عن مرتكبيها يستلزم بالضرورة تمكين عناصر الشرطة القضائية من الوسائل الإجرائية التي تساعدهم على تقصي الحقيقة و كشف الملابسات المتعلقة بظروف اقتراف الفعل الإجرامي و معرفة الفاعل و من تلك الوسائل إمكانية الإبقاء على الشخص محل الشبهة تحت تصرفهم لمدة معينة للتحري معه
 
 
 
 
     إن رجل الأمن يضطر إذن إلى القبض على الأشخاص و توقيفهم للنظر لمدة معينة تسمح له بفحص هويتهم و علاقتهم بالجريمة أو المجرم سواء كانت علاقة مباشرة أو غير مباشرة ، لذا وضع المشرع نصوصا تكفل ضمانات للمشتبه فيه موضوع التوقيف للنظر، و تراعي التوفيق بين هدفين يتمثلان في وقاية الأفراد من تعسف رجال الأمن و في ذات الوقت تمكينهم من أداء وظيفتهم المتمثلة في فرض احترام نظام عام و تنفيذ القانون و مكافحة الجريمة.
    
            نظم المشرع الجزائري إجراء التوقيف للنظر و صاغه في أحكام قانونية تحدد بشكل واضح الحالات التي يخول فيها القانون لضابط الشرطة القضائية توقيف للنظرشخص  من الأشخاص و ما هي المبررات التي تسمح له بذلك و المدة الزمنية و الشكليات التي يجب مراعاتها لتنفيذ هذا الإجراء ، والتي تعد ضمانات للمشتبه فيه.
     
           لبيان تلك الضمانات نتناول هذا البحث في النقاط التي تعرف التوقيف                 للنظر و ضماناته و مشروعيته و مبررات التوقيف للنظر و شكلياته وضمانات الموقوف للنظر و الحقوق المقررة له. 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الأول : نطاق تطبيق الحجز تحت النظر
 
        ان التوقيف للنظر يتظمن الاشخاص المختصون في اصدار قرار التوقيف للنظر وكذا الاشخاص محل هذا الإجراء ,حيث تم تحديدهم وفقا للتشريع المعمول به وسنتطرق الى ذالك ضمن العناصر التالية:
 المطلب الأول:  : تعريف و مشروعية التوقيف للنظر:
 قبل أن نعرف إجراء التوقيف للنظر، نلاحظ أن هناك تذبذب و عدم الالتزام بعبارة موحدة بالنسبة لمختلف التشريعات العربية، فالمشرع الجزائري أسماه التوقيف للنظر في كل من المادة 48 من الدستور (دستور 1996) و المادتين 51 و 65 من قانون الإجراءات الجزائية ، على غرار المشرع الموريطاني الذي أسماه مرة بالحجز و أخرى بالإيقاف ،أما المشرع المغربي فعبر عنه بالإيقاف رهن الإشارة مرة و الوضع تحت المراقبة  مرة أخرى.
 
و الشخص محل التوقيف هو ذلك الشخص الذي لا يخلى سبيله                                        و لا سيما بعد سؤاله و أخذ أقواله.
 
و يعرف الأستاذ عبد العزيز سعد إجراء التوقيف للنظر مسميا إياه بالاحتجاز كما يلي:الاحتجاز عبارة عن حجز شخص ما تحت المراقبة و وضعه تحت تصرف الشرطة القضائية لمدة 48 ساعة على الأكثر بقصد منعه من الفرار أو طمس معالم الجريمة أو غيرها ريثما تتم عملية التحقيق و جمع الأدلة تمهيدا لتقديمه عند اللزوم إلى سلطات التحقيق.
 
أما الدكتور محدة فيعرفه بأنه" اتخاذ تلك الاحتياطات اللازمة لتقييد حرية المقبوض عليه و وضعه تحت تصرف البوليس أو الدرك مدة زمنية مؤقتة تستهدف منعه من الفرار و تمكين الجهات المختصة من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.
 
و يعرفه الأستاذ شارل بارا ( CHARLES PARRA ) بأنه" إجراء بوليسي ينفذ بأمر من ضابط الشرطة لقضائية لضرورة التحري بموجبه يوضع المشتبه فيهم تحت تصرف مصالح الشرطة أو الدرك في محلات أو أماكن معينة لفترة زمنية متغيرة مدتها 24 ساعة أو 48 ساعة حسب الحالات.
 
تقدير التعريفات السابقة و التعريف المقترح من خلال المقارنة بين التعريفات المذكورة يمكننا استخلاص العناصر الأساسية لهذا الإجراء الخطير                               و التي نوجزها فيما يلي:
 
                    1.       التوقيف للنظر إجراء ضبطي (بوليسي)من إجراءات التحريات الأولية.
                    2.       إجراء فيه تقييد لحرية الشخص و إبقائه تحت تصرف الشرطة أو الدرك.
                    3.       الحجز يكون لفترة زمنية مؤقتة يحددها القانون.
 
 
بقي أن نشير إلى أن التعريف الثالث للأستاذ شارل بارا يبدو في تقديرنا الأكثر دقة إذا ما وضعناه في سياق التشريع الفرنسي أما بالنسبة للتشريع الجزائري فلا يكون جامعا مانعا بالنسبة لتحديد المدة الزمنية.
و لقد عرفه الكاتب أحمد غاي ، ماجستار في العلوم الجنائية ، على النحو التالي:"التوقيف للنظر إجراء بوليسي يأمر به ضابط الشرطة القضائية لضرورة التحريات الأولية بموجبه يوضع المشتبه فيه تحت تصرف مصالح الأمن ( الدرك- الشرطة) في مكان معين و طبقا لشكليات و لمدة زمنية يحددها القانون                     حسب الحالات".
 
 
 المطلب الثاني:  : الأشخاص المختصون بإصدار قرار التوقيف للنظر
        ان قانون الاجراءات الجزائية قد حدد الفئة التي يمكن لها اصدار قرار توقيف الاشخاص للنظر في اطار التحقيق ، على النحو التالي :
 
1-             ضباط الشرطة القضائية
      تختص هذه الفئة وحدها دون الاعوان باصـــدار قرارات التوقيف للنظر,لما يمثله هذا الإجراء من خطورة على الحريات الفردية .
 
        وتؤكد النصوص المنظمة لتوقيف للنظر ان ضباط  الشرطة القضائية وحدهـــم المختصون للقيام بهذا الاجراء دون غيرهم من افراد الشرطة القضائية ,وان هــذه الصلاحيات تم استنباطها من نص المادة51 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنــص :(( اذا راى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق ان يوقف للنظر شخص او اكثر ......))، و المادة 65 من نفس القانون التي تنص(( اذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضابط الشرطة القضائية الى ان يوقف للنظر شخصا ......)) ، كما نصت المادة 141 ق ا ج (( اذا اقتضت الضرورة لتنفيذ الانابة القضائية ان يلجا ضابط الشرطة القضائية ان يوقف شخص للنظر .... ))
 
ولقد حددت المادة 15 من نفس القانون الأشخاص اللذين لديهم صفة الضبطية القضائية على النحو التالي :
 _ رؤساء المجالس الشعبية البلدية
 _ ضباط الدرك الوطني
 _ محافظو الشرطة
 _ ضباط الشرطة
 _ ذوو الرتب في الدرك ، و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل و اللذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الدفاع الوطني ، بعد موافقة لجنة خاصة .
 _ مفتشو الأمن الوطني الذين قضوافي خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل و عينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الداخلية و الجماعات المحلية بعد مراقبة لجنة خاصة .
 _ ضباط و ضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر بين وزير الدفاع الوطني و وزير العدل.
2 – قضاة النيابة والتحقيق
       لقد نصت المادة 12 من قانون الاجراءات الجزائية (( يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء ...)) حيث لم  تنص صراحة النصوص القانونية ان لقضاة النيابة صفة الضبطية القضائية ، معدا بالنسبة لوكيل الجمهورية الذي نصت بشأنه المادة 36 من نفس القانون صراحة ، أن لديه السلطات و الصلاحيات المرتبطة بصفة ضابط الشرطة القضائية ، كما  نستخلص ذلك أيضا من نص المادة 56 من القانون ذاته , التي تنص (( ترفع يد ضايط الشرطة القضائية عن التحقيق بوصول وكيل الجمهورية الى مكان الحادث ويقوم وكيل الجمهورية باكمال جميع اعمال الضبط القضائي المنصوص عليها في هذا الفصل ....)) لذلك  نستنتج ان لقضاة النيابة صفة الضبطية القضائية باعتبار وكيل الجمهورية ينتمي الى هذه الفئة .
كذلك يتمتع بصفة الضبط القضائي قضاة التحقيق ,بحيث انه في مرحلة التحريات الاولية يجوز لهم ممارستها , و مما يدل انه لقاضي التحقيق صفة الضبط القضائي هو مباشرته لبعض الاعمال في الجريمة المتلبس فيها , حيث نصت المادة 60 من ق ا ج : (( اذا حضر قاضي التحقيق لمكان الحادث فانه يقوم باتمام اعمال ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليها في هذا الفصل .....))
 
 
وكما هومعروف ان قاضي التحقيق لا يستطيع ان يقوم بتحقيق قضائي الا بعد طلب افتتاحي من وكيل الجمهورية , غير انه اذا حضر الى مكان الحادث فانه باستطاعته ان يتم اعمال رجال الضبطية القضائية والاتمام لا يكون الا لحامل تلك الصفة ,وعليه فانه ملزم بعد الانتهاء من هذه الاجراءات بارسال جميع اوراق التحريات الى وكيل الجمهورية ،نفسها نفس التحريات المرسلة اليه من قبل ضباط الشرطة القضائية ،الامر الذي يجعلنا نجزم بان له صلاحياتهم .
3 –الـــولاة :
    
               لم تمنح  للوالي صفة الضبطية القضائية  الا في الاحوال الاستثنائية والمقيدة بشروط في المادة 28 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص: (( يجوز لكل والي في حالة وقوع جناية او جنحة ضد امن الدولة وعند الاستعجال فحسب ، اذا لم يكن قد وصل الى علمه ان السلطة القضائية قد اخطرت بالحادث ان يقوم بنفسه باتخاذ جميع الاجراءات الضرورية لاثبات الجنايات او الجنح الموضحة انفا او يكلف بذلك كتابيا ضباط الشرطة القضائية المختصين واذا استعمل الوالي هذا الحق المخول له فانه يتعين عليه ان يقوم فورا بإبلاغ وكيل الجمهورية خلال 48 ساعة التالية لبدا هذه الاجراءات وان يتخلى عنها للسلطة القضائية ويرسل الاوراق  لوكيل الجمهورية ويقدم له جميع الاشخاص المضبوطين.
من خلال الفقرة الأخيرة يتبين أن للوالي سلطة توقيف الأشخاص طبقا للشروط المذكورة أعلاه ، كما يمكنه أن يسلمهم إلى ضابط الشرطة القضائية المختص إقليميا ، و لأسباب عملية تكون الطريقة الأخيرة المتبعة .
 
 
 
المطلب ااثالث: الاشخاص محل التوقيف للنظر
     ان ضابط الشرطة القضائية منحته النصوص القانونية صلاحيات  لتوقيف أي شخص للنظراذا راى فائدة من وراء ذلك تفيد التحريات التي يجريها في اطار محاربة الجريمة  كقاعدة عامة , غير انه يستثنى من ذلك بعض الفئات .
 
 1-القاعدة العامة :
        من خلال قانون الاجراءات الجزائية خاصة المواد :50,51,65,و 141 يتبين لنا   ان  لضابط الشرطة القضائية الحق في توقيف الاشخاص للنظر ، اذا ما راى ضرورة لذلك ولكن عليه ابلاغ وكيل الجمهورية أو القاضي المختص ,هذا الابلاغ لم يشترط فيه القانون ان يكون قبل التوقيف للنظر وانما كل ما اشترطه ان يكون حالا ويقدم له تقرير عن دواعي التوقيف للنظر واذا لم ير وكيل الجمهورية ( قاضي التحقيق في مجال التوقيف للنظر في اطار تنفيد انابة قضائية ) مبررا لذلك امر باطلاق سراح الشخص المقدم له ,والا استمر التوقيف للنظر نافذا وساري المفعول للمدة القانونية اللازمة .
ان اللجوء الى توقيف الاشخاص للنظر ,اجراء  استثنائي في حالة الضرورة يتم بتوفر شرطين اساسين هما :
-  ان يكون قد ارتكب جناية او جنحة معاقب عليها بالحبس , حيث انه اذا كانت الجنحة غير معاقب عليها بالحبس فلا يحق اتخاذ اجراء التوقيف للنظر طبقا لنص للمادة 55 من ق ا ج التي تنص:(تطبق نصوص المواد من 42الى 54 في حالة الجنحة المتلبس بها في جميع الاحوال التي ينص فيها القانون على عقوبة الحبس)
- ان تكون هناك مصلحة من وراء التوقيف للنظر, هذه المصلحة اما لفائدة التحقيق كالخوف منه في اطفاء او طمس معالم الجريمة او اخفاء اثارها او زيادة في الاجرام , او لفائدته هو شخصيا كالخوف عليه من توقيع القصاص او زيادة هياج الجماهير عند رؤيته طليقا , فاذا انعدم أي مبرر فلا داعي لتقييد حرية الشخص , غير ان التوقيف للنظر يختلف من حالة الى اخرى وهذا حسب اطر التحقيق المختلفة المخول ممارستها لضابط الشرطة القضائية.
 
2-أثناء تنفيذ إنابة قضائية :
إذا أستدعت الضرورة إلى توقيف شخص للنظر من طرف ضابط الشرطة القضائية خلال تنفيذه لإنابة قضائية ، جاز له ذلك بشرط أن يقدمه خلال 48 ساعة إلى قاضي التحقيق المتواجد في الدائرة التي يجري التنفيذ فيها الإنابة القضائية ، فضلا على ذلك فإن ضابط الشرطة القضائية مجبر على إحترام الأحكام التي تضمنتها المواد من : 51 إلى 53 ، وهذا وفقا لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص : ((إذا أقتضت الضرورة لتنفيذ الإنابة القضائية أن يلجأ ضابط الشرطة القضائية لتوقيف شخص للنظر . . . ))
تطبق الأحكام المنصوص عليها في المادتين 51 مكرر و51 مكرر/1 من هذا القانون على إجراءات التوقيف للنظر التي تتخد في إطار هذا القسم .
   يمارس قاضي التحقيق صلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية بمقتضى المادتين 51 و52 الفقرة الأخيرة من هذا القانون ، وينوه في المحاضر طبقا للأوضاع المنوصوص عليها في المادتين 52 و53 بإجراءات التوقيف للنظر الذي يتخد بهذه الكيفية بمعرفة ضابط الشرطة القضائية من خلال ذلك يتبين أن الفرق بين التوقيف للنظر في حالتي التلبس والتحقيق الإبتدائي يخلف عن حالة الإنابة القضائية ، حيث أن ضابط الشرطة القضائية يرجع إلى وكيل الجمهورية في حالتين الأوليتين في حين  يتعامل مع قاضي النحقيق في الحالة الثالثة .
 
المطلب الثالث الإستثنائات
                 الصلحيات التي منحت لضابط الشرطة القضائية في مجال التوقيف للنظر ليست مطلقة ، لوجود أشخاص لا يمكن توقيفهم للنظر مهما كان نوع الجريمة إلا استثناء محدود للغاية و هم:
 
 
1- المتمتعون بالحصانة الديبلوماسية
يقصد بها تلك الامتيازات التي تخص بها الدولة بعض الأجانب التي تصل إلى درجة عدم إخضاعهم لولاية القضاء الوطني، و يكون ذلك عادة أما بناءا لنصوص قانونية داخلية و أما بناءا على معاهدات تكون الدولة طرفا فيها                 أو عن عرف دولي، فهناك مبدأ يسود العلاقات الدولية و هو مبدأ (المعاملة بالمثل) و نذكر فيما يلي اللذين هم معفون من ولاية القضاء الوطني:
1.   رؤساء الدول الأجنبية (الحاليون و السابقون)و أفراد أسرهم و حواشيهم.
2.   الديبلوماسيون و أعضاء البعثات السياسية و اسرهم المقيمين معهم.
3.   القناصل و أعضاء السلك القنصلي أثناء قيامهم بأعمالهم.
4.   البعثات الخاصة.
5.   قادة الطائرات و السفن الحربية.
6.   قوات الطوارئ الدولية.
     تجدر الإشارة إلى أن حصانو الممثلين الديبلوماسيين هي حصانة شخصية تضمن لهم تأدية مهمتهم، فلا يمكن أن يسجنوا أو يوقفوا لأي سبب كان، كما أنهم يعاملون بكل إحترام من طرف الدول المعتمدين لديها و التي يجب            أن تتخد كل الإجراءات اللازمة لحماية حرياتهم، بناء على ما جاء في معاهدة فيينا للعلاقات الديبلوماسية البند 29 ، ضف إلى ذلك حرية تنقلهم طيلة تواجدهم على إقليم هذه الدولة.
أما النوع الثاني من الحصانة التي يتمتع بها الممثل الديبلوماسي هي الحصانة القضائية، حيث أنه لا يمثل أمام المحاكم القضائية للدول المتواجد بها، و تكون مطلقة في مجال قانون العقوبات سواء عند قيامه بتجاوزات أو جرائم أو عند ضبطه متلبسا بها.
 
   2-موظفو المنظمات الدولية و المنظمات الأقليمية:
تطبق عليهم نفس الإجراءات المذكورة أعلاه .
 3-المتمتعون بالحصانة البرلمانية
تمنح هذه الحصانة لنواب البرلمان و نواب مجلس الأمة، لتمكينهم من أداء واجباتهم الوطنية . و لقد نصت المادة 111 من قانون العقوبات " يعاقب بالحبس لمدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كل قاض أو ضابط بالشرطة القضائية يجري المتابعات أو يصدر أمرا أو حكما أو يوقع عليهما ، أو يصدر أمرا قضائيا ضد شخص متمتع بالحصانة القضائية في غير حالات التلبس بالجريمة دون أن يحصل قبل ذلك على رفع الحصانة وفقا للأوضاع القانونية ".
 
المبحث الثاني الضمانات المتعلقة بالاستيقاف و التوقيف للنظر
 
 المطلب الأول:  : ضمانات الإستقاف
 
1- تعريف الاستيقاف:
يعرف القانونيون الاستيقاف بأنه إجراء بمقتضاه يحق لرجل القوة العمومية         أن يوقف شخص لسأله عن هويته و حرفته و محل إقامته و وجهته و يعرفه رابح لطفي جمعه كما يلي: " هو أن يستوقف رجل الشرطة شخصا اشتبه في أمره بقصد التحري عنه فهو ليس قبضا و لا يرقى إلى مرتبة القبض بل هو مجرد إجراء             يجب أن يتوفر لاتخاذه ما يبرره من مظاهر تدعو للريبة و الشك و لاشتباه                     في أمر المستوقف.
 
 يختلف الاستيقاف عن القبض من حيث المبررات و الأشخاص الذين يخولهم القانون مباشرته و الآثار المترتبة عنهما، فالقبض أصلا من إجراءات التحقـــيق
 
          
و لا يتم إلا بناء على أمر قضائي (المادة:109 و المادة:119 ق.إ.ج)، أو بعد ارتكاب جريمة سواء في إطار إجراءات الجريمة المتلبسة أو إجراءات                 التحقيق الأولي ، و القبض هو " الحد من الحرية الشخصية بحيث لا يترك للشخص فيما يفعله ، و لو تطلب الأمر إستعمال القوة عند اللزوم .
أما الاستيقاف فلا يخول رجل الأمن تفتيش المستوقف إلا في حدود ضيقة          أي تفتيشه تفتيشا أمنيا للتأكد من عدم حيازته على سلاح أو أدوات يمكن أن يعرض رجل الشرطة للخطر، و لا يجوز تفتيش الأشخاص دون مبرر أو دلائل كافية             و هذا لسد أي ذريعة تبيح استيقاف الأشخاص و تفتيشهم، و هذا ما نجده في نص المادة:47 من الدستور " لا يتابع أحد و لا يوقف "
الإستقاف لا يبيح في ذاته إستعمال القوة معه ، و إنما ينحصر في مجرد إيقافه في الطريق لسؤاله عن إسمه و صنعته و عنوانه و وجهته بسبب مشاهدة هذا الشخص في وضع تحوطه الريب و الشبهات و ينبىء عن ضرورة تستلزم تدخل رجل القوة العمومية للكشف عن حقيقته.
 
 
 2- التفتيش الجسدي الوقائي أو الأمني
 
 تفتيش شخص ما يعتبر انتهاكا لحقوقه و حرمة شخصيته  و لكن ذلك يصبح مبررا و مقبولا إذا ما تم في الحالات و طبقا للإجراءات التي نص عليها القانون، فالتفتيش من الضروريات التي يجب إليها من قبل رجل الأمن في إطار تنفيذ التحريات الأولية ، و تفتيش الأشخاص يدخل ضمن تفتيش الوثائق أو التفتيش الأمني.
إن تفتيش الأنثى لا يتم إلا بواسطة أنثى و هذا الشرط يعتبر من الإجراءات الجوهرية المتعلقة بالنظام العام، بحيث يترتب على مخالفته البطــــــــلان،  
 
                     
و من الضمانات إخضاع هذا الإجراء لرقابة قاضي الموضوع فهو الذي يقدر صحته               أو بطلانه و كذا الملابسات و الظروف و من ثم تقدير الأخذ بالنتائج المترتبة               عنه أو إهدارها.
إن القبض على المشتبه فيه و تفتيشه طبقا للإجراءات المقدرة قانونا ينتهي            إما بإخلاء سبيله إذا تبين أن ليس له علاقة بالجريمة و زاول حالة الاشتباه،                  لكن في الغالب يقتاد المقبوض عليه إلى مركز الشرطة أو الدرك، حيث يتم سماع أقواله و يودع غرفة الأمن و يصدر في حقه إجراء التوقيف للنظر،  هذا ما سنتناوله في سياق مذكرتنا.
 
3- التعرف على الهوية
 
    أن يكون هذا التصرف في إطار ممارسة مهام الشرطة القضائية أي عند وقوع جريمة أو في حالة الإخلال بالنظام العام في إطار مهام الشرطة الإدارية،           و أن يكون من أعضاء الشرطة القضائية المذكورين في قانون الإجراءات             الجزائية، و أن يكون هؤلاء الموظفين مرتدين للزي الرسمي الذي يبين صفتهم         و في حالة عدم الارتداء أن يظهروا صفتهم و لا يقوموا بأي تصرف مشتبه أو فيه احتقار للمشتبه فيهم يمكن وصفه بتعسف أو تجاوز للسلطة، كما جاز المشرع استعمال الوسائل القسرية أي اللجوء إلى القوة في الوقت الذي يبدي الفرد مقاومة أو رفضا للامتثال لما يطلبه منه ضابط الشرطة القضائية استعمال القوة يكون (ضروريا– مناسبا –منسجما)
   لذا نلاحظ أن مقتضيات التحقيق غير محددة مما يعطي للمحقق إمكانية واسعة لحجز الأشخاص لمجرد الاشتباه فيهم ، فان توقيف الشخص للنظر يعد نتيجة للقبض عليه فكل من القبض و التوقيف للنظر يقيدان من حرية الشخص المحجوز .
 
 
المطلب الثاني الضمانات المتعلقة بالتوقيف للنظر
                  عناصر الشرطة القضائية لدى قيامهم بالتحريات عن الجرائم ، يعتمدون على بعض الوسائل الإجرائية من بينها ، إمكانية الإبقاء على الشخص محل الشبهة تحت تصرفهم لمدة معينة للتحري معه ، و لكون هذا الإجراء يمس بإحدى الركائز الأساسية للحريات الفردية فإن المشرع ضبط  نصوص تكفل ضمانات للموقوف للنظر و تراعي التوفيق بين هدفين يتمثلان في وقاية الأفراد من تعسف رجال الأمن و في ذات الوقت تمكينهم من أداء وظيفتهم المتمثلة في فرض احترام النظام العام و تنفيذ القانون و مكافحة الجريمة.
 
 على غرار باقي التشريعات الأخرى و لاسيما المشرع الفرنسي نظم المشرع الجزائري إجراء التوقيف للنظر و صاغه في أحكام قانونية تحدد بشكل واضح الحالات التي يخول فيها القانون لضابط الشرطة القضائية حجز شخص من الأشخاص و ما هي المبررات التي تسمح له بذلك و المدة الزمنية و الشكليات التي يجب مراعاتها لتنفيذ هذا الإجراء و هي التي تعد ضمانات للمشتبه فيه .
 
 1-حالات التوقيف للنظر:
        
       التوقيف للنظر إجراء لا يمكن الأمر به إلا من طرف ضابط الشرطة القضائية في حالات واردة في القانون على سبيل الحصر و هي:
 - حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بها
        
               بموجب نص المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية و هي المادة المعدلة بموجب القانون رقم 01/08  المؤرخ في 26 يونيو 2001.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
إذا رأى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر ممن أشير إليهم في المادة 50 فعليه أن يطلع فورا وكيل الجمهورية و يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف للنظر.
 
لا يجوز أن تتجاوز مدة التوقيف للنظر ثمان و أربعين ساعة غير أن الأشخاص الذين لا توجد أية دلائل تجعل ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم للجريمة مرجحا، لا يجوز توقيفهم سوى المدة اللازمة لأخذ أقوالهم.
 
و إذا قامت على  شخص دلائل قوية و متماسكة من شأنها التدليل على اتهامه فيتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقتاده إلى وكيل الجمهورية دون أن يوقفه للنظر أكثر من ثمان و أربعين ساعة.
 
من خلال نص هذه المادة يتضح أنه في حالة ارتكاب جناية أو جنحة متلبسة فإن ضابط الشرطة القضائية عند تنقله لإجراء المعاينة يمكنه أن يوقف للنظر كل شخص موجود بمكان الجريمة و منعه من الابتعاد ريثما ينتهي من تحرياته كما يمكنه استيقاف أي شخص يرى ضرورة التحقق من هويته و هذا ما تنص عليه المادة 50 من قانون الإجراءات الجزائية التي تحيل إليها الفقرة الأولى                        من المادة 51 من نفس القانون.
 
فهؤلاء الأشخاص يمكن أن يفيدوا التحقيق بتوقيفهم للنظر و هو الإجراء                الذي تبرره مقتضيات و ضرورة إجراء التحريات و الكشف عن ملابسات الجريمة.
 
أما السبب الثاني الذي أشارت إليه الفقرة الثالثة من المادة 51 فيتمثل في توفر دلائل قوية و متماسكة، فما هو المقصود بهذه العبارة ؟
 
 
 
 
إن الدلائل ( Indices) هي علامات و وقائع ثابتة و معلومة تسمح باستنتاج وقائع مجهولة و لكن الصلة بين النوعين ليست قوية و لا حتمية أي لا تفيد اليقين             و الجزم و مثالها استعراف الكلب البوليسي أو حيازة سلاح الجريمة أو وجود جروح             على جسم الشخص و تسمى أيضا القرائن التكميلية ( Présomptions Complémentaires )، والدلائل المعتبرة يجب أن تكون متناسقة و متماسكة فيما بينها و إذا فقدت قيمتها و يرجع تقدير ذلك لضابط الشرطة القضائية تحت رقابة وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق.
 
 - التوقيف للنظر في التحقيق الأولي
 
       لقد خول قانون الإجراءات الجزائية لضابط الشرطة القضائية حق توقيف شخص للنظر في إطار تحرياته العادية أي تنفيذ إجراءات التحري في غير حالة التلبس و ذلك بموجب المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص                  على ما يلي" إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي (التحقيق الأولي) ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة فإنه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية...".
 
و تفيد عبارة مقتضيات التحقيق أن ضابط الشرطة القضائية يمكنه أن يتخذ إجراء التوقيف للنظر ضد أي شخص شرط أن يكون ذلك ضروريا و مفيدا لمجرى تحرياته و تقدير ذلك يعود له تحت رقابة وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق.
 
و قد يضطر ضابط الشرطة القضائية إلى استدعاء شاهد ، فيرفض هذا الأخير الامتثال ،فهل يحق له ـ في هذه الحالة ـ استعمال القوة لإرغامه على الحضور؟
 
 
 
 للإجابة على هذا السؤال نشير إلى أنه في حالة تنفيذ الإجراءات خارج حالة التلبس  من طرف ضابط الشرطة القضائية يجب أن تتم ـ على العموم ـ بموجب رضا الشخص المعني ، ولا يجوز لرجال الشرطة أو الدرك اللجوء الي التدابير القصرية     كما هو الشأن بالنسبة للتحريات في الجريمة المتلبسة.
 
غير أن الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية تنص  على تطبيق نصي المادتين 51 و 52 ، وهما المادتان اللتان تندرجان في حالة التلبس أثناء التحري ـ التعرف على هويتهم أو التحقق من شخصيتهم ، فإذا امتنع المستدعـى عن الحضور و رفض الامتثال، فإن ضابط الشرطة القضائية يخطر وكيل الجمهورية الذي يستطيع إجباره على الحضور بواسطة القوة العمومية.
 
ينبغي على ضابط الشرطة القضائية استدعاء الشخص كتابيا ، و أن يتضمن الاستدعاء سببه و تكفي عبارة لضرورة التحقيق كسبب للاستدعاء ثم التأكد من تسلم الاستدعاء و عدم وجود مبرر مقبول للامتناع عن الحضور كالقوة القاهرة  .
 
 
    تتمثل هذه الضمانات في تحديد المدة الزمنية التي يسمح بها المشرع لضابط الشرطة القضائية بتوقيف الشخص على مستوى مركز الشرطة أو الدرك، ومكان التوقيف وكيفية تنفيذ الإجراءات و إثبات كل البيانات المتعلقة به كتابة.
 
2- أجال التوقيف للنظر:
    
        قبل أن نتناول مدة التوقيف للنظر وما يثيره حساب هذه المدة من إشكاليات، لا بد لنا أن نسجل ملاحظتين: الأولى تتمثل في أن طول هذه المدة
 
 
 
 أو قصرها يتناسب طردا مع مدى الإحترام والحماية التي يوليها المشرع لحقوق وحريات الأفراد، حيث نلاحظ أن هذه المدة قصيرة في البلدان التي تسود فيها قيم الديمقراطية حيث تحظى حقوق وحريات الأفراد برعاية وإحترام كبيرين ويسود فيها مبدأ سيادة القانون فعلا لا نظريا على خلاف البلدان النامية وذات الأنظمة العسكرية التي نلاحظ أن مدة التوقيف للنظر فيها تكون طويلة وتقل فيها الضمانات           المقررة للمحجوزين.
 
   أما الملاحظة الثانية فتتمثل في أن طول مدة التوقيف للنظر تكون أطول  في الحالات الإستثنائية أي في حالة تقرير أحكام القوانين العرفية وحالة الطوارىء وحالة الحروب الأهلية ففي هذه الظروف عادة ما تقلص الحريات والحقوق وتسند للسلطات التنفيذية مهام وإجراءات تمكنها من إحتجاز الأشخاص والقبض عليهم لمجرد الشبهة ويكون ذلك عادة مبررا بضرورة المحافظة على النظام أو أمن الدولة الذي يكون مهددا في هذه الحالة يكون الباب مفتوحا على مصرعيه لكل أشكال التجاوزات والتعسف نظرا لكون الظروف السائدة تسهل تبرير أي عمل                  ولو كان غير قانوني.
 
   ونظرا لما تكتسيه حريات الأشخاص من أهمية، لجأ المشرع إلى تنظيم إجراءات التوقيف للنظر، وحدد المدة التي يجوز لضابط الشرطة القضائية توقيف للنظر شخص بمركز الشرطة أو الدرك، ويعد ذلك مظهرا من مظاهر الحماية القانونية للأفراد وتجسيد مبدأ الشرعية الإجرائية، وهذا ما فعل المشرع الجزائري حيث نص على التوقيف للنظر في المادة 48 من الدستور وحدد مدة التوقيف للنظر بـ : 48 ساعة مشيرا إلى أن تمديد هذه المدة يعد إجراءا إستثنائيا يحدد شروطه القانون .
 
 فمدة التوقيف للنظر هي48 ساعة ، سواء في حالة التلبس(المادة51من ق ا ج )او في حالة التحريات خارج حالة التلبس (المادة 65 من ق ا ج ) ، ففي حالة التلبس يوقف الشخس الذي تتوافر ضده دلائل قوية ومتماسكة ترجح ارتكابه للجريمة ويقتاد امام وكيل الجمهورية بعد توقيف للنظر لمدة لا تتجاوز 48 ساعة،                                       اما في حالة إجراء ضابط الشرطة القضائية لتحرياته خارج حالة التلبس فعليه ان يقتاد الشخص الذي يوقف للنظر، أمام وكيل الجمهورية قبل انقضاء مدة 48 ساعة و هناك حالات لا يستطيع فيها ضابط الشرطة القضائية استكمال تحرياته خلال المدة المذكورة ويحتاج الى مزيد من الوقت ففي هذه الحالة اجاز القانون لوكيل الجمهورية مد مدة التوقيف للنظر 48 ساعة بعد تقديم الموقوف امامه وفحص ملف القضية ويكون قرار هذا التمديد باذن كتابي واستثناءا يجوز لوكيل الجمهورية الاذن بالتمديد دون تقديم الشخص امامه طبقا لنص المادة 65 من ق إ ج ، ونظرا لخطورة جرائم الارهاب والتخريب و بعض الجرائم الخاصة التي تستلزم تحريات كبرى و إجراءات أوسع  تقلص من  حرية المشتبه فيه نصت المادة 65 من ق.إ.ج ما يلي: 
-   المادة 65 : إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة، فإنه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية.
-   و بعد أن يقوم وكيل الجمهورية باستجواب الشخص المقدم إليه يجوز بإذن كتابي أن يمدد حجزه إلى مدة لا تتجاوز 48 ساعة أخرى بعد فحص ملف التحقيق، غير أنه يمكن تمديد المدة الأصلية للتوقيف للنظر بإذن كتابي من وكيل الجمهورية المختص.
-        مرتين (02) إذا تعلق الأمر بالاعتداء على أمن الدولة.
 
 
 
-   ثلاث (03)مرات إذا تعلق الأمر بالجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية                          و جرائم تبييض الأموال و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف.
-        خمس (05) مرات إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية.
-        و يجوز بصفة استثنائية منح ذلك الإذن بقرار مسبب دون تقديم الشخص           إلى النيابة.
و تطبق في جميع الأحوال نصوص المواد 51 و 51 مكرر و 51 مكرر1 و 52           من هذا القانون.
 
         يحقق المزيد من الضمانات للموقوف للنظر وأصبح تمديد إجراء التوقيف للنظر في التحقيقات الموصوفة آنفا في المادة 65 ،لا يتم إلا بناءا على إذن من وكيل الجمهورية وبينت هذه المادة بشكل أكثر تفصيلا حقوق الموقوف للنظر إنسجاما               مع المسعى الرامي لتدعيم وحماية حقوق الإنسان .
 
        وهذا الوضع قد يوحي لأفراد أجهزة الأمن، وأفراد الجيش وكل الأجهزة التنفيدية انه بامكانها التصرف بحرية ولا عقاب لما تقوم به من إجراءات حتى ولو تضمنت تجاوزات ما دام عملها يمكن تبريره بسهولة فيكفي مجرد الإشتباه للقبض على الشخص وحجزه، ولا يجد المواطن الأمر سهلا للطعن في أي إجراء لذلك كان من مستلزمات حماية الحقوق والحريات والحد من إحتمالات التجاوز والتعسف               أن يضبط المشرع إجراءات هذا التمديد مبينا تفاصيل حالات اللجوء إليه وكيفية تنفيذه.
    
         و مهما يكن ففي هذه الحال يبقى الضمان الوحيد هو الضمير، فخير رادع لرجال الأمن هو ما يكون لديهم من ضمائر و حسن خلق و إيمان يجعلهم يخافون من عقاب يوم: " توفى كل نفس ما كسبت و لا يضلمون فتيلا "
 
         بالنسبة للأفراد العسكريين فان مدة التوقيف للنظر هي 3 أيام ويمكن تمديدها لمدة 48 ساعة بموجب اذن كتابي صادر عن وكيل الجمهورية العسكري وهذا ما تنص عليه المواد 57,58,59 من قانون القضاء العسكري .
 
         إن مدة التوقيف للنظر تختلف من تشريع لأخر, فالمشرع المصري               و المشرع الفرنسي يحددانها بـ 24 ساعة قابلة للتمديد لمدة تساويها أما المشرع الموريتاني فيحدد مدة التوقيف بالنظر بضرورة التحقيق- بـ 24 ساعة و عند توافر دلائل قوية ومتماسكة بـ 48 ساعة قابلة للتمديد لمدة تساويها- ونظرا لطبيعة المناطق الصحراوية- فلقد تضمن قانون الاجراءات الجزائية الموريتاني فقرة تخول مصالح الضبط القضائي حق حجز الشخص لمدة لا تتجاوز 8 أيام بالنسبة لحالة ايقاف شخص في مكان بعيد عن مقر المحكمة المختصة تحسب على اساس يوم واحد لكل 50 كلم ²
 
وتتقلص مدة التوقيف للنظر في بعض التشريعات لتصل إلى 6 ساعات كما هو الحال بالنسبة للتشريع الهولندي . أما المشرع المغربي و المشرع الكويتي فيحددان مدة التوقيف للنظر بـأربعة(4) أيام.
 و الأمثلة المذكورة تعتبر مؤشر لمدى احترام المشرع لحقوق و حرية المشتبه فيهم في كل دولة
 
 -بداية حساب مدة التوقيف للنظر:
 
 إن النص على مدة اجراء التوقيف للنظر لايكفي لضمان الالتزام بهذه المدة بل يجب بيان كيفية حساب بدايتها, سواء بواسطة التشريع او التنظيم بحيث يتلقى رجال الامن – اثناء تكوينهم – كل التفاصيل التي تجعلهم عارفين بلحظة بداية حساب هذه
 
 
المدة و إلزامهم بإثبات ذلك في المحضر فذلك يشكل أحدى الضوابط و الضمانات التي تحول دون أي تجاوز أو تعسف في حق المشتبه فيهم.
 
        و لقد نظم المشرع الفرنسي في المادة 124 من مرسوم 1903 المعدل بالمرسوم المؤرخ في 22 أوت 1958 و المتضمن تنظيم الخدمة في الدرك الفرنسي إجراء التوقيف للنظر و التعرض لمسألة بداية حساب مدة التوقيف و نظرا لتشابه تشريعنا والتشريع الفرنسي فان الاستئناس بالاجتهاد القضائي و الآلية التنظيمية التطبيقية له فائدة و يساعد على حل الكثير من الإشكالات.
 
      - كيفية حساب مدة التوقيف للنظر:
 
                  عند توقيف شخص في حالة التلبس يبدأ حساب التوقيف للنظر من لحظة ضبطه و إذا تعلق الأمر بشخص منعه ضابط الشرطة القضائية من مبارحة مكان ارتكاب الجريمة أو شخص تبين له ضرورة التحقق من شخصيته ، فان بداية حساب مدة التوقيف للنظر يبدأ من لحظة تبليغه .و إذا كان الموقوف شاهدا أستدعي أمام ضابط الشرطة القضائية، فان سريان المدة يبدأ من لحظة تقديمه أمامه.
 
 و قد يرى ضابط الشرطة القضائية في مجرى تحرياته و أثناء سماع شخص ضرورة توقيفه، فبداية حساب المدة بالنسبة لهذا الشخص هي بداية الشروع                في سماع أقواله.
 
إن تحديد آجال إجراء التوقيف للنظر في النصوص التشريعية و التنظيمية لا يكفي لضمان احترامها، فالمشرع الزم رجال الأمن بإثبات كيفية تنفيذ هذا الإجراء كتابة في سجل خاص يفتح في مراكز الشرطة و الدرك ليعرف بسجل التوقيف للنظر يؤشر عليه وكيل الجمهورية و يراقبه دوريا(الفقرة الثانية من المادة 52 من ق إ ج ) و يثبت فيه ضابط الشرطة القضائية رقم المحضر و اسم ولقب الشخص الموقوف            و سبب و مدة حجزه و لقد أكدت التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات الوظيفية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية في مجال إدارتها و الإشراف عليها و مراقبة أعمالها على ضرورة تفقد وكيل الجمهورية لأماكن التوقيف للنظر  و الإطلاع على سجلات التوقيف للنظر.
 
 - البيانات التي يتضمنها سجل التوقيف للنظر
 
           يتفقد وكيل الجمهورية أماكن التوقف للنظر بصفة دورية في أي وقت لمعا ينة ظروف التوقيف و الا طلاع على السجلات ذات الصبغة القضائية، والتي يمكن له أن يدون عليها ملاحظاته, تكون سجلات التوقيف للنظر مرقمة وموقع عليها         من طرف وكيل الجمهورية".
          وبالإضافة إلى البيانات التي يتضمنها السجل فان المحضر الذي يحرره ضابط الشرطة القضائية يجب ان يتضمن البيانات التالية:
 
-   مكان وسبب التوقيف للنظر, المكان الذي يحجز فيه الشخص الموقوف            هو مكان إجراء التحقيق أوغرفة الأمن بمركز الشرطة او الدرك اما السبب فيكون اما – لمقتضايات التحقيق أو لوجود دلائل قوية ومتماسكة –
     - تاريخ وساعة بداية سريان مدة إجراء التوقيف للنظر.
    - مدة سماع أقواله (البداية والنهاية).
    - مدة الإستراحة(البداية والنهاية).
    - ساعة وتاريخ تقديم الموقوف أمام وكيل الجمهورية أو  إخلاء سبيله , ويوقع الشخص المعني على المحضر إثباتا للبيانات المسجلة مع ضابط الشرطة القضائية وإذا إمتنع عن التوقيع يشار إلي ذلك في  المحضر.
 
 
3-شروط و مكان التوقيف للنظر:
 
-        يجب تخصيص داخل مقرات مصالح الشرطة القضائية التي تباشر التحريات الأولية أماكن لوضع الأشخاص الموقفين للنظر (وحددت جملة من الشروط يجب           أن تتوفر في هذه الأماكن (غرف الأمن ):
 
يجب ان تراعي سلامة الشخص الموقوف للنظر وأمن محيطه أي أن يتوفر في الغرفة شرط التهوية والنظافة ومستلزمات النوم وان تكون خالية من أي شيئ يمكن استخدامه لإيذاء المحجوز نفسه وان تكون مجهزة بوسيلة لإنذار المناوبة            عند الاقتضاء ، إلا أن مستلزمات النوم لم يتم تحديدها ، لذا يمكن أن تكون بعض هذه المستلزمات من الأشياء التي يمكن إستخدامها لإذاء المحجوز نفسه .
 
-        ضرورة الفصل بين البالغين والاحداث وبالرغم من النص على هذا الشرط             في التعليمة  إلا أن الأحداث عادة لا يتم حجزهم بل يسلمون لأوليائهم
 
       الذين يلتزمون بتقديمهم في الوقت المحدد وإذا إ ظطر المحقق لحجز حدث فلا يجب ان يكون مع البالغ و عادة تكون غرف الحجز فردية. كما يفصل                   بين الذكور و الإناث.
 
       و حجز النساء و الاحداث و تحديد مواصفات موحدة لغرف الأمن و طرق          و اساليب الفحص الطبي وإتصال المحجوز بعائلته من المسائل التي تثير العديد           من الإشكالات على صعيد الواقع.
 
 
 
 
 
 -الضمانات المتعلقة بحقوق الموقوف للنظر:
 
إن الحقوق التي يظمنها المشرع للمشتبه فيه موضوع التوقيف للنظر هي بالنسبة لضابط الشرطة القظائية إلتزامات نصت عليهاالمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية وتتلخص هذه الحقوق في:
 
تمكين الشخص المحجوز من الاتصال بعائلته ويمكن أن يتم ذلك بواسطة الهاتف، كما يسمح لعائلته بزيارته، فذلك أمر ضروري لطمأنة أهله بمعرفتهم بمكان وجوده مما يسهل تزويده بما يحتاجه من اكل وملبس عند اللزوم واختيار مدافع عنه ، بحيث أن كل ذلك يجب ان يتم بشرط  عدم الإ ضرار بحسن سير التحريات. ونلاحظ           في هذا السياق إن مشكل إطعام المحجوزين تعترض رجال الشرطة القظائية ولاسيما بالنسبة للمحجوزين اللذين يسكنون بعيدا عن مكان الحجز والذين ليس لديهم مقابل مالي للإقتناء مايحتاجونه. المبدأ في هذا الشأن أن الدولة هي التى تتكفل بالمصاريف ويلاحظ ان ليس هناك قواعد محددة تبين الجهة التى تدفع المصاريف اللازمة لإطعام الموقوفين للنظر الأمر الذي يجعل ظابط الشرطة القظائية-ولاسيما في المناطق النائية- الإظطرار الى إطعام المحجوزين من مالهم الخاص او اللجوء إلى المؤسسات العمومية القريبة. إن هذا الوظع غير طبيعي ويجب تداركه بوظع قواعد تنظيمية تحدد بدقة الجهة التي تتحمل تلك المصاريف وكذا الإجراءات التي تنظم طريقة إطعام المحجوزين ( الموقوفين للنظر).
 
إخضاع الشخص الموقوف للنظر للفحص الطبي عند نهاية مدة الحجز و قبل تقديمه أمام القاضي المختص أو إخلاء سبيله. وعلى ضابط الشرطة أن يبلغه بحقه            في إجراء فحص طبي إذا رغب هو شخصيا في ذلك أو بطلب من أحد أفراد عائلته
 
 
         أو محاميه، و يكون الفحص  من طرف الطبيب الذي يختاره الموقوف أو بناءا على تسخير من ضابط الشرطة القضائية أو وكيل الجمهورية.
 
       و تفاديا لأي طعن في مصداقية التحريات و مشروعيتها من قبل الأشخاص المحجوزين يوصى عادة – من الناحية العملية- بإجراء فحص
 
         حتى ولو لم يطلبه الموقوف و ذلك توقيا من الادعاءات المغرضة             أو الاتهامات الكيدية التي قد يلجأ إليها المحجوز و عادة ما تكون ادعاء                بأن الاعترافات التي أدلى بها أمام رجال الشرطة القضائية كانت نتيجة التهديد          أو الإكراه أو الضرب. تضاف الشهادة الطبية إلى أوراق المحضر لتكون شاهدا يوم المحاكمة أو أمام قاضي التحقيق على أن الموقوف للنظر كان سليما يوم ان غادر الشرطة أو الدرك.سواء اجري الفحص للمحجوز أم لا فإن المحضر يجب أن يشير إلى الفحص أو إلى أن المعني قد بلغ بحقه في إجراء الفحص و لم يرغب في ذلك.
 
 - ضمانات تنظيمية
        
           و لقد ألزمت التعليمة الوزارية المشتركة عرض الموقوف للنظر على الطبيب عقد انتهاء مدة التوقيف للنظر "بتعيين عقد انتهاء المدة القانونية للنظروبصفة تلقائية عرض الشخص الموقوف على  الطبيب وفقا لأحكام المادة51 الفقرتان4و 5 من قانون الإجراءات الجزائية و في حالة تنازل المعني عن هذا الحق يجب الإشارة الى ذالك من طرف الطبيب الذي كلف فعلا بفحـصه "
 
         ومن الضمانات التي وردت في التعليمة الوزارية المشتركة فرض تعليق في مكان ظاهر عند مدخل كل مركز من مراكز الشرطة القضائية حيث يحتمل إستقبال اشخاص لتوقيفهم للنظر لوحة يكتب عليها بخط بارز وواضح الأحكام الواردة             
 
في المواد 51و52و53من قانون الإجراءات الجزائية و في كل الحالات يجب             ان يحاط الشخص المعني علما بحقوقه باللغة التي يفهمها.
 
        إن الالتزام بآجال التوقيف للنظر و الشكليات المنوه عنها سالفا تعد ضمانة لحقوق المشتبه فيهم، و كل إخلال او إنتهاك لها يعرض ضابط الشرطة القضائية للمسؤولية التأديبية و حتى الجزائية، غير إن الالتزام بتلك الشكليات لم يوضع تحت طائلة البطلان فتختلف إحدى الشكليات لا ينتج عنه بالضرورة بطلان الإجراءات            ما لم يتضمن عيوبا تؤثر تأثيرا بالغا على إثبات الحقيقة وهذا ما قرره الاجتهاد القضائي في فرنسا ويبقى خير ضمان مقرر للمشتبه فيه هو رقابة السلطة القضائية على أعمال الشرطة القضائية.
 
          و نشير أخيرا إلى أن المشرع الجزائري لم ينص على إمكانية استعانة الموقوف للنظر بمحامي بينما نصت المادة 4-63 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية المعدلة بموجب قانون رقم 2000-516 بتاريخ 15جوان 2000 على إمكانية حضور المحامي منذ الساعات الأولى وبعد الساعة العشرين                  وتبادل الحديث مع الموقوف للنظر وهذا المنحى من المشرع الفرنسي                     يعد من الضمانات المقررة للمشتبه فيه.
المطلب الثاني:العقوبات المقررة للمساس بإحدى الضمانات
              و لتعزيز العمل بالمواد المحددة لضمانات المشتبه فيه الموقوف للنظر و كذا السهر على عدم مخالفة أحكامها ، وضع المشرع نصوص معاقبة عن الإخلال بها ، بحيث تطرق قانون العقوبات في قسم الإعتداء على الحريات إلى العقوبات المطبقة على كل من يتعدى على حق من الحقوق ، بحيث نص في المادة 107 " يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات إذا أمر بعمل تحكمي أو ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر " و في المادة 108
"مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة 107 مسؤول شخصيا مسؤولية مدنية و كذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل".
         و لقد حددت المادة 110 مكرر العقوبات المخصصة لكل مخالفة تخص سجل الوضع تحت النظر و كذا الفحص الطبي على النحو التالي:
" كل ضابط بالشرطة القضائية الذي يمتنع عن تقديم السجل الخاص المنصوص عليه في المادة 52 الفقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية إلى الأشخاص المختصين بإجراء الرقابة و هو سجل خاص يجب أن يتضمن أسماء الأشخاص الذين هم تحت الحراسة القضائية يكون قد إرتكب الجنحة المشار إليها في المادة 110 و يعاقب بنفس العقوبات (أي جريمة الحجز التحكمي و يعاقب بالحبس مدة من ستة أشهر إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 1000 دج)
         و كل ضابط بالشرطة القضائية الذي يتعرض رغم الأوامر الصادرة طبقا للمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية و من وكيل الجمهورية لإجراء الفحص الطبي لشخص هو تحت الحراسة القضائية الواقعة تحت سلطته يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة من 500 إلى 1000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط."
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخاتمــــــة
                   من خلال البحث يتضح أن موضوع ضمانات التوقيف للنظر أثناء التحقيق الإبتدائي ، من المواضيع الدقيقة و الحساسة في مرحلة البحث و ذلك لإرتباطها بحماية حقوق الأشخاص الموقوفين للنظر ، ذلك أنه كلما كانت الإجراءات صحيحة و سليمة دل ذلك على أن الضبطية القضائية قد سارت بكيفية قانونية و أن الضمانات القانونية قد روعيت فيها.
                   إن هذا البحث يؤكد في مجمله الفكرة التي دفعتنا إلى القيام به و هي أن التوقيف للنظر يكتسي أهمية بالغة و خطيرة بالنسبة لضابط الشرطة القضائية ، بوصفه إجراء يخضع لضمانات تمثل وسيلة لحماية حقوق الموقوف للنظر ، الضمانات الضرورية ضد التعسف و الإنحراف اللذين يمكن أن يؤثرا على المسار المهني لضابط الشرطة القضائية .
 
                 و في الأخير نشير إلا أن المشرع قد أغفل بعض الجوانب في إجراء التوقيف للنظر منها عدم التحديد الصريح لوقت بداية حساب مدة هذا التوقيف المحددة ب48 ساعة ، عدم تحديد مستلزمات النوم بدقة بحيث يمكن أن تعتبر إحداها من الأشياء التي يمكن إستخدامها لإيذاء المحجوز نفسه ، و كيفية التكفل بجانب تغذية الموقوف للنظر التي تخلق مشاكل جمة لضابط الشرطة القضائية ، الشيء الذي يفرض إيجاد حلول ناجعة خاصة للمشكل الأخير و صياغتها في نصوص واضحة .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المــراجـــــع
 
 
مجموعة الكــتـب :
 
_كتاب الدكتور محمد محدة (ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية)
_كاتب الدكتور رؤوف عبيد (المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجزائية)
_كتاب الأستاذ عبد العزيز سعد (مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية)
_كتاب الأستاذ أحمد غاي ( ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية) ، دار هومه بوزرية سنة 2003
_كتاب الدكتور عبد الحميد الشواربي ( البطلان الجنائي) ، منشأة المعارف بالأسكندرية مصر .
مجموعة القوانين :
 
_قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ( 2006 )
_قانون العقوبات الجزائري (2006)
_الجريدة الرسمية الجزائرية العدد 84 المؤرخة في:24 .12 .2006.
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه