مفهوم التسريح التعسفي في القانون الجزائري

1

مفهوم التسريح التعسفي:

لقد سلف الذكر أنه لصاحب العمل سلطة إيقاف او فصل العامل، وذلك بموجب علاقة التبعية التي تربط بين العامل ورب العمل، وذلك حماية لمصالح رب العمل من جهة وضمانا لاستقرار وفعالية النظام في المؤسسة من جهة أخرى.

غير أن سلطته هذه مقيدة في حدود الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في المادة 73، ذلك أن المادة 73 قبل تعديلها تركت للأنظمة الداخلية مجال تحديد الأخطاء والعقوبات الموافقة لها، بما فيها عقوبة العزل أو التسريح التأديبي وهو ما خلق مشكلا كبيرا إذ تباينت الأنظمة الداخلية للمؤسسات الاقتصادية في تحديد الأخطاء التي توجب التسريح، فما يعد خطأ جسيما في مؤسسة ما وبالتالي يستوجب التسريح، لا يعد كذلك في مؤسسة أخرى، وهو ما جعل المشرع في تعديله المادة 73 بموجب قانون 91/29 يلجأ إلى حصر الأخطاء الجسيمة التي ينجم عنها التسريح، وذلك ضمانا لعدم تعسف أصحاب العمل، وأيضا لتفادي مشكل آخر كان قائما في ظل المادة 73 قبل لتعديلها، وهو يخص المؤسسات التي كانت تشغل أقل من 20 عاملا، وبالتالي فهي غير ملزمة بوضع قانون داخلي.

الفرع 1: ما هي الحالات التي يعتبر فيها التسريح تعسفيا:

تنص المادة 73-4 المدرجة بالمادة 9 من قانون 91/29 على أنه "إذا حدث تسريح العامل خرقا لأحكام المادة 73 اعلاه يعتبر تعسفيا". وعليه فإن الحالة التي يعتبر فيها التسريح تعسفيا هي:

1-  إذا وقع خارج حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة 73. ذلك أم هذه الحالات وردت على سبيل الحصر، وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 4 جوان 1994.[1]

2-  تنص المادة 73-1 المدرجة بالمادة 3 من قانون رقم 91/29 "يجب أن يراعي المستخدم الظروف التي ارتكب فيها الخطأ..." وعليه فإن الحالة الثانية من الحالات التي يعد فيها التسريح تعسفيا هو عدم مراعاة صاحب العمل الظروف التي ارتكب فيها الخطأ. إذ أنه تعتبر هذه القاعدة آمرة في صياغتها ولا يجوز لصاحب العمل مخالفتها، وإلا اعتبر تصرفه باطلا وتسريحه تعسفيا، وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 6 مارس 1989.

3-  تسريح العامل أجير في غياب النظام الداخلي: تنص المادة 73-2 "يعلن عن التسريح المنصوص عليه في المادة 73 أعلاه ضمن احترام الإجراءات المحددة في النظام الداخلي".

يتبين من خلال هذه المادة أنه لا يمكن للمستخدم أن يتخذ قرار التسريح إلا بوجود نظام داخلي في مقر الهيئة المستخدمة، وبمفهوم المخالفة فإن كل تسريح تأديبي متخذ من قبل صاحب العمل في غياب النظام الداخلي يعد تعسفيا.

وفي هذا الإطار هناك قرار الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا الصادر بتاريخ 20/12/1994 تحت رقم 111984، وتتلخص وقائع القضية أن (ش و ل ب)وحدة الصيانة بعين البيضاء قامت بتسريح المدعو (ن.م) فطعن هذا الأخير في قرار الفصل أما محكمة عين البيضاء مستندا في ذلك إلى غياب إجراء شكلي جوهري متمثل في انعدام النظام الداخلي، غير أن المحكمة أصدرت حكما ابتدائيا علانيا في 24/02/1992 قضى برفض الدعوى لعدم التأسيس، فاستأنف العامل المطرود الحكم أما مجلس قضاء أم البواقي، فأصدر المجلس قرارا بتاريخ 20 جوان 1992 قضى بتأييد الحكم، فطعن حينها العامل بالنقض أمام الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا بتاريخ 25 أكتوبر 1992 مؤسسا طعنه على وجه واحد وهو مخالفة الهيئة المستخدمة لإجراء جوهري يتمثل في انعدام النظام الداخلي، فأصدرت الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا قرارا نهائيا بتاريخ 20/12/1994 جاء فيه ما يلي:

"حيث أنه وبالرجوع إلى ملف القضية وإلى القرار المنتقد يتضح بأن المدعي في الطعن يعتبر التسريح الذي تعرض إليه تعسفيا لعدم وجود النظام الداخلي لدى الهيئة المستخدمة، ومتى كانت أحكام المادة 73 من قانون 90/11 المؤرخ في 21 أفريل 1990 تقضي بان عقوبة العزل يتم تسليطها في حالة ارتكاب العامل أخطاء مهنية جسيمة حسب الشروط المحددة في النظام الداخلي، وأنه طبقا للمادة 77 من نفس القانون فإن النظام الداخلي يحدد طبيعة الخطاء المهنية ودرجة عقوبتها وإجراءات تنفيذها.

ولما كان من الثابت في قضية الحال أن عقوبة العزل التي سلطت على المدعي تمت في غياب النظام الداخلي مما يعد خرقا لأحكام المادتين 73 و77 المذكورتين أعلاه.

ولهذه الأسباب قررت المحكمة العليا قبول الطعن شكلا وفي الموضوع إبطال القرار المطعون فيه الصادر في مجلس قضاء أم البواقي بتاريخ 20 جوان 1992.

4-  إذا وقع تسريح العامل خرقا للإجراءات التأديبية القانونية و/أو الاتفاقية الملزمة فإنه يعد تسريحا تعسفيا، وقد سبق شرح الإجراءات التأديبية.

5-  تنص المادة 73-3 من قانون 90/11 المعدل والمتمم بأنه: "كل تسريح فردي يتم خرقا لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفيا، وعلى المستخدم أن يثبت العكس".

وفي الواقع أن تسريح العامل كما هو محدد بقانون رقم 91/29 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 المعدل والمتمم للقانون رقم 90/11 المؤرخ في 21 أفريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل في نص المادة 73 بأنه: "يعتبر قرار التسريح تعسفيا وذلك رغم أن قرار التسريح جاء منفذا أو طبقا لكل الإجراءات القانونية والاتفاقية الملزمة المحددة بالأنظمة الداخلية للمؤسسات، ولكن رغم هذا يكون التسريح تعسفيا نظرا لكون الخطأ المنسوب للعامل غير ثابت في حقه، ومثال ذلك أن يطرد صاحب العمل العامل من منصبه على أساس أنه شتمه ويستدل صاحب العمل ببعض العمال على أساس أنهم شهود وفي الأخير تبين أن العمال صرحوا في المحاضر بأنهم لم يسمعوا الشتم الموجه لصاحب العمل، فهنا إجراءات الفصل صحيحة، ولكن الخطأ المنسوب للعامل غير ثابت وهو ما أكده الحكم الصادر عن محكمة سطيف بتاريخ 25-4-1994 رقم 1 فهرس 18 حيث يستخلص من هذا الحكم ما يلي: "تبين من طلبات ودفوع لكل من الطرفين والمستندات المرفقة بالملف أن واقعة السب والشتم التي تم تأسيس قرار التسريح على أساسها مردود عليه، ويصبح الخطأ غير ثابت في حق العامل، وذلك أن صاحب العمل أو المسؤول قد بنى ادعاءاته على أساس أن العمال كانوا حاضرين، ومن قراءة الملف تبين العكس، وهذا من خلال تفحص المحاضر وسماع العمال الذين صرحوا بان العامل طلب رخصة الخروج ولم يقم بالسب والشتم، وعليه نستنتج أن الخطأ غير ثابت وأن القرار المتخذ من قبل الهيئة المستخدمة تعسفيا، والتصريح بإبطاله وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل اتخاذ قرار التسريح، لأن القرار يفتقر إلى الدليل وغير مسبب، وأن القانون رقم 91/29 المعدل والمتمم للقانون 90/11 ينص صراحة بالمادة 73-3 على أنه كل تسريح فردي يتم خرقا لأحكام هذا القانون يعتبر تعسفيا، وعلى المستخدم إثبات العكس، مما يستوجب في قضية الحال التصريح بأن القرار تعسفي".

وفي قرار آخر صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 17 جانفي 2001 بخصوص مسألة ثبوت الخطأ في حق العامل المعرض للتسريح جاء فيه: "حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انعدامه للأسباب ذلك أن مقرر التسريح المتخذ في حق الطاعن غير شرعي لكون الطاعن كان في عطلة من أجل تعويض الساعات الإضافية من 7 أفريل 1997 إلى 9 أفريل 1997، وفي عطلة مرضية من 10 أفريل 1997 إلى 14 أفريل 1997 ووقعت مصالح المؤسسة استلام الشهادات المرضية، واعتبرته في وضعية التخلي عن منصب العمل، غير أن القاضي لم يتطرق إلى دفوع الطاعن".

حيث أنه وبالرجوع للحكم المطعون فيه يتضح أن قاضي الموضوع قد اعتمد في قضائه على أن الطاعن لم يقدم الشهادات الطبية في الأجل وأنه سبق له وأن تعرض لعقوبات تأديبية نتيجة للغيابات المتكررة.

وحيث أن مثل هذا التحليل ولا سيما الاعتماد على السوابق التأديبية التي لا شأن لها في قضية الحال لا يعطي الحكم الأساس القانوني، ولا التسبيب الكافي ذلك أنه كان على قاضي الموضوع أن يناقش الخطأ المنسوب للطاعن ويكيفه بتحديد درجاته من الخطورة والعقوبة التأديبية المسلطة عليه بالنظر إلى ما ينص عليه القانون ولا سيما المادة 73 من قانون 91/29 والمادة 9 من الأمر 96/21 الصادر في 79/96، والنظام الداخلي بمفهوم مدى موافقته بالقانون، وألا يعتمد في قضائه على السوابق التأديبية وعلى الأجل في تقديم الشهادات الطبية، ذلك الأجل المتنازع فيه من طرف الطاعن وعليه يستوجب القول أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور مما يعرضه للنص.

إذن عدم ثبوت ارتكاب الخطأ من قبل العامل يجعل التسريح التأديبي حتى ولو تم وفقا للإجراءات التأديبية تسريحا تعسفيا، وهو المبدأ الذي أقرته وأكدته المحكمة العليا في عدة قرارات لها ومنها القرار الصادر بتاريخ 13 ديسمبر 2001 "من الثابت أن الخطأ المنسوب لما يكون غير ثابت أو غير قائم يجعل قرار التسريح تعسفيا ولو احترمت الإجراءات التأديبية".[2]

6-  حالة أخرى من الحالات التي يعتبر فيها التسريح تعسفيا، وهو تسريح العامل عند انتهاء مدة عقد العمل المبرم مخالفة للمادة 12 من قانون 90/11، ذلك أن عقد العمل المحدد المدة ينصب على إنجاز أعمال ذات طبيعة مؤقتة أو موسمية، وهي الأعمال التي تقتضي مدة محدودة لإنجازه، وذلك طبقا لما ورد في المادة 12 من قانون رقم 90/11 المتممة بالمادة 2 من قانون 96/21 التي تنص على أنه: "يمكن إبرام عقد العمل لمدة محدودة بالتوقيت الكامل أو التوقيت الجزئي في الحالات المنصوص عليها صراحة أدناه:

‌أ-     عندما يوظف العامل لتنفيذ عمل مرتبط بعقود أشغال أو خدمات غير متجددة.

‌ب-عندما يتعلق الأمر باستخلاف عامل مثبت في منصب تغيب عنه مؤقتا، ويجب على المستخدم أن يحتفظ بمنصب العمل لصاحبه.

‌ج-  عندما يتطلب الأمر من الهيئة المستخدمة إجراء أشغال دورية ذات طابع متقطع.

‌د-    عندما يبرر ذلك تزايد العمل أو أسباب موسمية.

‌ه- عندما يتعلق الأمر بنشاطات أو أشغال ذات مدة محدودة أو مؤقتة بحكم طبيعتها.

ويبين بدقة عقد العمل، في جميع هذه الحالات مدة علاقة العمل، وأسباب المدة المقررة".

إذن عقد العمل المحدد المدة يجب أن لا يخرج عن إحدى هذه الحالات المنصوص عليها في المادة 12، ويجب أن يذكر في عقد العمل بدقة سبب تحديد مدة العقد ذلك أن الأصل في عقود العمل هو أنها تبرم لمدة غير محددة وذلك حسب نص المادة 11، ومن ثم تنتهي علاقة العمل المنعقدة بين العامل والمستخدم طبقا للمبادئ العامة للعقود المحددة بانتهاء المدة المتفق عليها فلا يترتب أي التزام على عاتق طرفي العقد، إلا فيما يتعلق بإمكانية الإعلام بنية عدم تجديد العقد من أحد الطرفين، إذ انه يمكن أن يفسر السكوت في هذه الحالة والاستمرار في تنفيذ الالتزام رغبة في تجديد العقد وتمديده، وهنا يتحول العقد إلى عقد غير محدد المدة.

كما يمكن إنهاء العقد محدد المدة قبل حلول أجله باتفاق الطرفين، وفي هذا الصدد فإن تسريح العامل دون صدور خطأ منه وقبل انتهاء مدة العقد، يعد هو الآخر تسريح تعسفي، ومن ثم فإن هذا النوع من عقود العامل يتقارب مع العقود غير محدد المدة من حيث تطبيق نظرية التعسف في التسريح مع إثباته.

كما أن إبرام عقد عمل محدد المدة خارج عن إحدى الحالات المذكورة في المادة 12 من قانون 90/11 فإن هذا يجعله عقد غير محدد المدة طبقا للمادة 14 من قانون 90/11، ومن ثم تسريح العامل عند انتهاء مدة العقد المبرم مخالفة للمادة 12 ودون ارتكاب خطأ جسيم منه يعد تسريحا تعسفيا.

أما بخصوص الأفعال الجزائية التي يعاقب عليها التشريع الجزائي، والتي تعد أخطاء جسيمة حسب نص المادة 73 من قانون رقم 90/11 المعدلة والمتممة بالمادة 2 من قانون 91/29 "وعلاوة على الخطاء المهنية الجسيمة التي يعاقب عليها التشريع الجزائي" فإن المحكمة العليا في قرار لها صادر بتاريخ 17 جانفي 2001 اعتبرت أن الخطأ المهني المؤدي إلى إنهاء علاقة العمل والذي يشكل جريمة في القانون الجزائي لا يمكن اعتماده كسبب للتسريح ما لم يثبت وقوعه بحكم قضائي نهائي حائز قوة الشيء المقضي فيه قبل التسريح من العمل، إذ جاء في قضية رقم 211629 بين (م.أ) و (ص.م) وفي حيثيات قرار المحكمة العليا أنه: "لكن حيث أنه بالرجوع إلى الحكم المنتقد تبين منه أن قاضي الدرجة الأولى أسس قضاءه بأن تهمة السرقة المنسوبة للعامل تعد من الأخطاء التي يعاقب عليها القانون الجزائي والتي لا يمكن إثباتها في حق العامل إلا بموجب حكم قضائي نهائي بإدانته وفي قضية الحال فإن هذه التهمة تبقى مجرد اتهام غير ثابت في حق العامل بانعدام الحكم القضائي.

وحيث أنه من الثابت من اجتهاد المحكمة العليا أن الخطأ المهني المؤدي إلى إنهاء علاقة العمل والذي يكون جريمة في القانون الجزائي لا يمكن اعتماده كسبب للتسريح ما لم يثبت وقوعه بحكم نهائي حاز قوة الشيء المقضي فيه قبل الإعلان على التسريح.

وحيث أن قاضي الدرجة الأولى لما أسس قضاءه بأن طرد العامل لا يوجد ما يبرره بانعدام الحكم القضائي المثبت للخطأ فإن قضاءه مطابق للاجتهاد القضائي".[3]




[1] قرار عن الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا تحت رقم 135452، 4 جوان 1994. المجلة الجزائرية للعمل، عدد 22، 1998.
[2] قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا، ملف رقم 212611 بتاريخ 13 فيفري 2001، مجلة قضائية، عدد 1، 2002، ص177.
[3] المجلة القضائية، عدد 1، سنة 2002، ص 173.

شروط الولايــة في القانون الجزائري

0
الفرع الثاني : شروط الولايــة

        من خلال نص المادة 87 نجد أن الولايـة مرتبطـة بالأب فقط في حين تكون للأم بعد وفاته ، غير أنه لايجب أن نسثتني حالات أخرى كالوصي والقيم ، وهذه المفاهيم التي يجب أن تحدد نطاقها أو نقطـة إختلافها ومايميز الولي عن غيره من المفاهيم والتي سنتناولها في حينها .

        البند الأول : ثبوت الولايـة للأب قانونا

        أولا : شروط وواجبات الولـي

        لقد نصت المادة 87 على أن"يكون الأب وليا على أولاده القصر " وهي مثل نظيرها في القانون المغربي والتونسي مما يرجح بأن المشرع الجزائري قد أخدهاالقانون التونسي.

        ويقول الأستاذ بن ملحـة في هذا المقام بأن الولايـة بالمعني الواسع بأنها تتمثل وتتعلق بكل الإجراءات الخاصـة بحمايـة القاصر .

Au sens large , la tutelle concerne l'ensemble des mesures de protection du mineur .[6]

        إذن قلنا بأن ولاية الأب تدخل ضمن نوع الولاية المتعديـة ، والولايـة المتعدية هي أولا ولايـة الشخص على غيره ، ولاتكون إلا لمن تبثت لـه ولايـة على نفسه وذلك بتوافر شرطي البلوغ والعقل ، وتنقسم هذه الولايـة من حيث من تثبت لـه إلى : أصليـة ونيابيـة .

فالأصليـة : هي الولايـة التي تثبت إبتداء من غير أن تكون مستمدة من الغير كولايـة الأب والجد فإن ولايتهما تثبت إبتداء بسبب الأبوة وليست مستمدة من الغير[7] ، وهنا نفرق الولاية النيابية والمستمدة من غير هؤلاءكولايـة القاضي (( فالقاضي هو ولي من لاولي لـه )) طبقا لنص المادة 11 في فقرتها الأخيرة (( ... يتولى زواج القصر أولياؤهم وهم الأب فأحد الأقارب الأولين والقاضي ولي من لاولي لـه )) وأما الوصي فولايته مستمدة من جعلـه وصيـا وقائمـا على شؤون القصـر .

        فلقد تناول الفقهاء الولايـة على النفس تركيزا على ضرورته كركن في أمور الزواج وإشترطوا أن يكون وليا بعد أن يستمدها من الأبوة ،(( وهي السلطة الأبويـة )) أن يتوافر فيه شرط العقل والبلوغ[8]، لأن الولايـة تثبت لمن يقدر على تحقيق مصالح المتولي عليـه –وكل من الصغير والمجنون والمعتوه الذي ليس لـه من سلامـة التفكير مايمكنه من تولي أمور نفسـه لوحده ، وبالتالي فهو لايستطيع أن يتول أمر غيره .

        ثانيا : واجباته : كما أن الولايـة التي تقوم على الأب على أولاده القصر هي مصدرها السلطة الأبويـة التي يمارسها على أولاده القصر التي بموجبها يقوم برعايـة وتربية ورقابـة أولاده .

        والسلطـة الأبويـة لم يعرفها القانون إلا أنها ناتجـة عن علاقة الأبوة ، فيعرفها الدكتور الغوثي بأنها مجموعة الحقوق والواجبات التي يمنحها القانون أو ينيطها للأب أولا وللأم في حالـة غيابه على شخص وأموال إبنهم القاصر La puissance paternelle est définie comme l'ensemble des droits et des pouvoirs que la loi accord au père d'abord , et en son absence à la mère , sur la personne et sur les biens de leurs enfants mineurs))[9]      وهو يتولاها بإعتباره رأس العائلـة أو رب العائلة والمشرف والقائم بأمورها الحياتيـة وشؤونها المختلفـة وهذه السلطة تتلخص في حمايـة الولد القاصر في كل مايمكن أن يسبب له ضررا في هذه الحياة بدايـة بممارستها على النفس ذاتها وإنتهاءا  بتولي أموره الماديـة والحرص على تسيير شؤونه فيما يخصها .

        ليس فقط هذا بل كذلك حق  واجب الرقابـة Le devoir de garde   بل على الوالدين وعلى الأب بصفته رب العائلـة توفير المسكن اللائـق أو مسكن لأولاده القصر أو المسكن العائلي الذي يوفر هذه الحمايـة والرعايـة ولكي يمارس على أحسن وجـه هذه التربية وهذه الرقابة.

        فعلى الأب الحرص كل الحرص على حسن تنشأة أولاده وتربيتهم خلقا لأنه سيكون مسؤولا عن تصرفاتهم إن كانت ضاره بالغير(( المادتين 134 و 135 قبل إلغائها - )) وأنه يسأل بموةجب نصوص القانون العام إن هو ألحق أضرارا وإرتكب مخالفات للقانون وبسبب عدم الإهتمام الكافي بشؤونه لاسيما منها المعنويـة كالرعايـة والمراقبـة .

        كما أنه يكون أيضا محل مساءلـة من  قبل بموجب قانون العقوبات إذا هو أهمل هذا البيت العائلي الذي يمارس فيـه سلطته الأبويـة على أسرته وأولاده مثلما نصت عليه المادة 333 من قانون العقوبات بنصها الواردة في القسم الخاص المتعلق بترك الأسرة في فقرتيها الأولى والثالثـة (( يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنـة وبغرامـة من 500 إلى 5000 دج :

        1- أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين ويتخلى عن كافـة إلتزاماته الأدبيـة أوالماديـة المترتبـة على السلطـة الأبويـة أو الوصاية القانونيـة وذلك بغير سبب جدي ، ولاتنقطع مدة الشهرين إلا بالعودة إلى مقر الأسرة على وضع ينبئ عن الرغبـة في إستئناف الحياة العائليـة بصفـة نهائيـة .

        3- لأحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحد أو أكثر منهم ، أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم بأن يسيء معاملتهم  أو يكون مثلا سيئا لهم للإعتياد على السكر وسوء السلوك ، وبأن يهمل رعايتهم أو لايقوم بالإشراف الضروري عليهم وذلك سواء كان قد قضى بإسقاط سلطته الأبويـة عليهم أو لم يقض بإسقاطهـا ))

        فيجب أن يكون كذلك مثالا وقدورة حسنـة لهم وتجنب الفواحش وإتيان السلوك السيء وذلك حرصا على حسن تنشئتهم وحسن سلوكاتهم التي يسلكونها مستقبـلا ، وتجدر الإشارة بأن هذه الولايـة ليست دائمـة فهي مرتبطـة بظروف وأحوال قد تنتهي في أي لحظة أو مرتبطة

بشروط (( كما سبق الذكر )) فإذا مازالت زالت معها الولايـة ، فقد نصت المادة 91 من قانون الأسرة الجزائري (( تنتهي وظيفـة الولــي :

1-   بعجزه ،

2-   بموتـــه ،

3-   بالحجر عليــه ،

4-   بإسقاط الولايـة عنه .

ثالثا: إنتقال السلطـة الأبويـة للأم :

    لقد نصت المادة 87 السالفة الذكر بأن الأم تحل محل الأب قانونا في الولايـة على أولادها

القصر لكن شرط أن يكون ذلك بعد وفاتــه.

    والوفاة هي الشرط الأساسي لإنتقال الولايـة إلى الأم حسب نص المادة المذكور وهي في هذه النقطـة تشترك وتتماشى مع المادة 135 قبل إلغائها والتي تحمل الأم المسؤوليـة عن الأضرار التي يلحقها أولادها القصـر في حالـة وفاة الأب .

    إذن هذه الحالـة تنتقل السلطـة الأبويـة بكل أبعادهـا وتوابعها من حسن القيام بشؤون الأولاد والسهر على تربيتهم ورعايتهم .

    فهي عندما تتولـى التصرف في أموال القصر ومنابهم إذ يجب أن تحصل على إذن من القاضي(( والذي يكون رئيس المحكمـة للشخص محل الاقامة ))  لاسيما في مجموعـة من التصرفات القانونيـة المهمـة والتي نص عليها القانون وتحرص على أموال أولادها القصر وتحسن تدبرها مثلها مثل الرجل .

    ولقد نصت المادة 88 من قانون الأسرة على أن الولي يجب عليه أن يتصرف في أموال القصر تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا قانونا ، فهو عليـه أن يستأذن القاضي في مجموعة من التصرفات وذلك لأهميتها ، وكذا حرصا على مصلحة أموال القاصر ، وهذه التصرفات هي :

1-   بيع العقار وقسمته ورهنه وإجراء المصالحة ،

2-   بيع المنقولات ذات الأهمية الخاصة.

3-   إسثتمار القاصر بالإقتراض ، أو الإقتراض أو المساهمـة في شركة ،

4-   إيجار عقار القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد .

        حتى أن هذا الإذن لايمنحـه القاضي هكذا ، وإنما لإعتبارات مهمـة عليـه مردها إلى حالتي الضرورة والمصلحـة ، وكذا أن يتم بيع العقار بالمزاد العلني مثلما نصت عليـه المادة 89 من ق. الأسرة .

        فإذا ماتعارضت مصالح الولـي سواء الأب أو من ينوب عنه أو الأم بعد وفاته مع مصالح القاصر فإن القاضي يعين متصرفا خاصا تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة (( م 90 من ق .الأسرة )) .

        هذا ومن جهـة أخرى فإن ولايـة الأم تكون على النفس كذلك ، إلا أن لها حدودا  في زواج القاصر كون أن ولايـة النفس تشمل أولا على الولاية في الزواج كما تقتضيـه الشريعـة الإسلاميـة بل من باب الأعراف والتقاليد التي نشأ عليها مجتمعنا الإسلامي ، فهي يجب  تكون بالغـة عاقلـة ومسلمـة .. إلا أنه في الزواج فإن غالبية الفقهاء يشترطون الذكورة في الولايـة في الزواج .

        فنجد أن المالكية يشترط وأن يكون الولي في عقد الزواج ذكرا لأن الأنثى لا تلي أمر نفسها فكيف لها أن تتولى أمر غيرهـا .

        وهو ماذهب إليـه مذهب الشافعيـة والحنابلـة ، غير أن الحنفيـة والجعفريـة لايشترطون في الولي أن يكون ذكرا فللمرأة أن تلي زواج الصغير والصغيرة ومن في حكمه عند عدم وجود الأولياء من الرجال .[10]

        ونجد أن القانون المقارن ولاسيما المدونـة المغربيـة للأحوال الشخصيـة التي تعتبر من أهم مصادر قانون الأسرة الجزائري بعد الشريعـة الإسلاميـة قد حدد أحكاما فيما يخص الولي في الباب الرابع المعنون تحت إسم (( النيابـة الشرعيـة )) فنص الفصل 147 على أن (( النيابة الشرعيـة عن القاصر إما ولايـة أو وصايـة أو تقديم )) وفي الفصل 148 على أن  صاحب الولاية المعين في الشرع وهو الأب والقاضي يسمى وليا والذي عينه الأب أو وصيـه يسمى وصيـا ، والذي عينه القاضي يسمى مقدمـا  ، أما الفصل 149 على أن (( للأب الولايـة على شخص القاصر وعلى أموالـة معا حتى تكتمل أهليته وهو ملزم بالقيام بها )) .

        وأضاف في الباب الثالث الخاص بالولايـة في الزواج وفي الفصل الحادي عشر أن (( الولي عن الزواج هو الإبن ثم الأب ثم وصيـه ثم الأخ فإبن الأخ ، فالجد للأب فالأقربون بعده

الترتيب ويقدم الشقيق على غيره ، فالكافل ، فالقاضي ، فولايـة عامـة المسلميـن شرط أن يكون ذكرا عاقلا بالغا )) .

        ونجد أن نظيره التونسي نص في مجلـة الأحوال الشخصيـة في الزواج في الكتاب الأول المعنون بالمراكنة في الفصل الثامن أن الولي هو العاصب بالنسب ، ويجب أن يكون عافلا ذكرا ، راشدا ، و القاصر ذكرا كان أو أنثى وليـه وجوبا أوبرا أو من ينيبـه ))

        وجدير بالذكر أن كلا القانونين يختلفان عن القانون الجزائري ، فالقانون المغربي لم يمنح الولايـة للأم بعد وفاة الأب كما تبين من خلال النصوص السابقـة ، غير أن القانون التونسي يقارب القانون الجزائري في هذه المسألة أي في منح الولايـة للأم ،  إذ إعتبر في الفصل 154 أن القاصر وليـه أبوه أوأمه إذا توفي أبوه أو فقد أهلتيه مع مراعاة أحكام الفصل الثامن من هذا المجلـة المتعلق بالزواج ولايعمـل بوصيـة الأب إلا بعد وفاة الأم أو فقدانها الأهلية .

        وعند وفاة الأبوين أو فقدان أهليتهما ، ولم يكن للقاصر وصي وجب أن يقدم عليه الحاكم ، ويضيف الفصل  155 من هذه المجلـة (( أن للأب ثم للأم ثم للوصي الولايـة على القاصر أصالـة و لا تبطل إلا بإذن من الحكم لأسباب شرعيـة .

        وتنتهي وظيفـة الولايـة بالنسبـة للأم مثلما تنتهي للأب بسقوط السلطـة الأبويـة عنها بعد إنتقالها إليها بعد وفاة الأب .

        وتنتهي بالحالات كذلك المذكورة في المادة 89 من ق. الأسرة الجزائري  وكذا فقدانها لأهليتها مثلما نصت عليه في الفصل 154 من مجلـة الأحوال الشخصيـة التونسيـة في عباراتها الأخيرة (( إلا بعد وفاة الأم أو فقدانها لأهليتها ))

        ولقد صدرت قرارات مختلفـة من المحكمة العليـا في هذا الشأن منها القرار رقم 159493 الصادر بتاريخ 24/03/[11]1998 والذي ورد فيه مايلي:

        من المقرر قانونا أنه إذا تعارضت مصالح الولـي ومصالح القاصر يعين القاضي متصرفـا خاصا تلقائيـا، أو بناء على طلب من لـه مصلحـة .

        ولما ثبت في قضيـة الحال أن قضاة الموضوع لما خفضوا التعويض الذي طالبت بـه الضحيـة الأم لجبر الضرر الذي أصابها من جراء قتل إبنتها دون أن يبينوا عناصر التعويض بصفة قانونيـة ولم يميزوا بين التعويض المعنوي والمادي يكونون قد خالفوا القانون ، كما أنه كان يتعين على المحكمـة إرجاء الفصل في الدعوى المدنيـة وصرف الطاعنـة أمام المحكمـة لإستصدار أمر تعببن متصرف لصالح الضحيتين القاصرتين ، بإعتبار أن مصالحهما متناقضـة مع مصالح الولـي الشرعي المتهم بقتل إبنته الأولى

ومحاولـة قتل إبنته الثانيـةوالمحكوم عليه بالسجن المؤبد وبإسقاط السلطة الأبويـة عنه وتحويلها للأم يكون قد عرضوا قرارهم للنقض.

        وتأكيدا على هذا الأمر هنا صدر القرار رقم 187692 بتاريخ 23/12/1997 [12]والذي جاء فيـه (( من المقرر قانونا أنه في حالـة وفاة الأب تحل الأم محلـه وفي حالـة تعارض مصالح الولي ومصالح القاصر يعين القاضي متصرفا خاصا تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة ، ومن تم فإن القضاء بما يخالف ذلك يعد مخالفا للقانون ، ولما كان من الثابت أن قضاة المجلـس لما قضوا بمنح الولايـة لغير الأم بعد وفاة الأب دون إثبات التعارض بين مصالح القصر ومصالح الولـي فإنهم قد خالفوا القانون )) .

        وجاء في قرار آخر صادر بتاريخ 17/05/1998 تحت رقم 167835 والذي وردت حيثياته على النحو التالي(( من المقرر قانونا يكون الأب وليا على أولاده القصر ، وبعد وفاته تحت الأم محلـه قانونا ، ولما كان من الثابت في قضيـة الحال أن القضاة لما قبلوا إستئناف أم المطعون ضدهمـا ، وهي لم تكن طرفا في الخصومـة كما أن المطعون ضده لازال قاصرا وأن أباه هو ولـي عنه حسب القانون ، ولم يتوف بعد لكي تنوب عنه الأم .

        ومن تم فإن القضاء بقضائهم كما فعلوا قد خرقوا الأشكال الجوهريـة في الإجراءات والقانون مما يستوجـب نقض القرار.

        البند الثاني : شرط قصر الأولاد  لقيام الولايـة عليهم

        إذا كانت السلطـة الأبويـة تفرض على الأب شمل أولاده القصر بالرعايـة والحمايـة وتوفير كل مايستطيع من أجل تنشئة أولاده على أحسن وأفضل الطرق والسلوكات ، فإن شرط قيام هذه الواجبات وأساس هذه الولايـة هو قصر الأولاد ، إذ تنص المادة 87 على أن (( يكون الأب وليا على أولاده القصر  ..))

        فالقاصر هو الذي لم يبلغ سن الرشد بعد أي تسعة عشر سنـة حسي القانون المدني الجزائري .

        غير أن هذا القصر وهذا الشرط لايقتصر فقط على صغير السن بل يندرج ضمنه أيضـا حالات أخرى منها مايتعلق بالعاهات العقليـة وفقا لما تم شرحـه في الفصل الأول من هذا البحث.

        وتأكيدا على هذا القول نجد أن المادة 81 تضيف (( من كان فاقدا الأهليـة أو ناقصهـا لصغر السن أو جنون أو عته أو سفـه ، ينوب عنه قانونا ولـي أو وصي أو مقدم طبقا لأحكام هذا القانون )) .

        وأضاف قانون الأسرة كذلك حالـة الحجر أو المحجور عليـه والتي تكون بعد بلوغ القاصر سن الرشد فهنا يحجر عليـه بحكم القانون ووجبت عليـه الولاية أو الوصاية حسب الحالـة والظروف .

        فلقد نصت المادة 101 من قانون الأسرة على أن(( من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيـه أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه )) فإذا لم يكن لهذا المحجور عليه ولي أو وصي وجب علىالقاضي أن يعين في نفس الحكم الذي نطق بـه القاضي بالحجر يعد أن يستعين بأهل الخبرة في إثبات أسباب الحجر وبعد أن يقدم أحد أقاربـه أو ممن له مصلحـة أو من النيابـة العامـة طلبا بالحجر أي تعيين مقدم لرعايـة المحجور عليـه والقيام بشؤونه مع مراعاة أحكام المادة 100 من هذا القانون)) وهذه المادة الأخيرة تنص على أن المقدم يقوم مقام الوصي ويخضع لنفس الأحكام .[13]

        غير أنه في الحالـة العكسيـة أي عندما يبلغ الشخص سن الرشد ولم يحجر عليـه يعتبر كامل الأهليـة وفقا لأحكام المادة 40 من القانون المدنـي[14] .

        كما أنه من الملاحظ بالنسبـة لحالات العاهات العقليـة الجنون أو العته أو السفـه لم يرد بشأنها تعريفات ضمن قانون  الأسرة .

        وقد أكدت المادة 44 من القانون المدني على أن فاقدي الأهليـة أو ناقصوها يخضعون بحسب الأحوال لأحكام الولايـة أو الوصايـة أو القوامـة ضمن الشروط ووفقا للقواعد المقررة في هذا القانون .

        وأضافت المادة 43 المعدلـة بموجب القانون 10-05 بنصها على (( كل من بلغ سن التمييز ، ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلـة يكون ناقص الأهليـة وفقا لما يقرره القانون )) .غير أنه إذا كان الشأن بالنسبـة لصغر السن واضح لحاجـة هذا القاصر للرعايـة والعنايـة والتوجيـه بل الحرص الشديد على ذلك ، فإن بقيـة الحالات لم يكن القانون واضح بشأنها أو بالأحرىلم ترد تعريفات أو توضيحات أكثر عنها لابمنظور قانون الأسرة ولابمنظور القانون المدني سوى نص المادة 42 المعدلـة والتي ربطت  هذا الأمر بأهليـة الأداء أو مباشرة الحقوق المدنيـة لكونها تضمنت أنه لايكون أهلا لمباشرة حقوقـه المدنيـة من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون )) في حين أن الأمر يختلف  بالنسبـة للقانون التونسي الذي أعطى توضيحات وتعريفات عن هذه الحالات ضمن التشريـع ، فقد نص على أن المجنون هو الشخص الذي فقد عقلـه سواء أكان مجنونا مطبقا يستغرق جميع أوقاته أو منقطعـا تعتريـه فترات يتوب عليه عقله فيهـا .

        وأما ضعيف العقل فهو الشخص الغير كامل الوعي السيء التدبير الذي لايهتدي إلى التصرفات الرائجـة ويغبن في المبايعات[15]  ، وأن السفيـه هو الذي لايحسن التصرف في مالـه ويعمل فيـه بالتبذير والإسراف والحجر عليـه يتوقف على حكم من الحاكم ، وأكدت في الفصل 153 بأن الصغير يعتبر محجورا لصغره من لم يبلغ سن الرشد وهي عشرين سنـة كاملـة ، وهنا يختلف مع القانون الجزائري التي حددت سن الرشد المدني بتسعـة عشر سنـة كاملـة في نص المادة 40 من القانون المدني .

بعد أن عددت أسباب الحجر في الكتاب العاشر المعنون بالحجر والرشد أن أسباب الحجر: الصغير ، المجنون ، ضعف العقل ، والسفـه .

        ولقد نص المشروع العربي الموحد للأحوال الشخصيـة [16]في الفصل الرابع  الخاص بعوارض الأهليـة في المادة 161أن عوارض الأهليـة : وهي الجنون ، العتـه الغقلـة ، والسفـه

أ-المجنون : فاقد العقل بصورة مطبقـة أو متقطعـة .

ب - قليل الفهم ، مختلط الكلام ، فاسد التدبيـر .

        ج-ذو الغفلـة : من يغبن في معاملاته الماليـة لسهولـة خدعـه .

        ح-السفيـه : مبذر مالـه فيما لافائـذه فيـه .

كما أضاف في الفقرة ب من المادة 162 أنه (( تطبق على تصرفات المعتوه والسفيـه وذي الغفلـة الصادرة بعد الحجر عليهم ، الأحكام المتعلقـة بتصرفات الصغير المميز )).


--------------------------------------------------------------------------------

[1] -الدكتور أحمد الغندور : الأحوال الشخصيـة في التشريع الإسلامي،دار النفاش بيروت 1981

[2] - بلحاج العربي:في شرح قانون الأسرة الجزائري ديوان المطبوعات الجامعية ، ص 64.

[3] - عبد العزيز سعد : الزواج والطلاق في قانون الأسرة ، دار الهدي عين مليلة الجزائر ، طبعة ثانية 1989 ص 280

[4] - الشيخ حسن خالـد و عدنان نجا : أحكام الأحوال الشخصيـة في الشريعـة الإسلاميـة ،دار الفكر العربي بيروت الطبعة الأولى 1964 ص 63.
2- الإمام أبو زهرة : الأحوال الشخصيـة ، دار الفكر العربي ،بيروت الطبعة الثانية 1950 ص 458.






[6] -GHAOUTI Ben melha : Le droit algérien de la famille , OPU ALGER  p 339, 339

[7] -  بدران : أبو العينين : الزواج والطلاق في الإسلام منشأة المعارف الجامعيـة الإسكندريـة 1985 ، ص 134.

[8] -  الغندور : المرجع السابق ص 150.

[9] -BENMELLHA : Idem p 282

[10] - د. الغندور : المرجع السابق ص 149.

[11] - نصر الدين ماروك : قانون الأسرة بين النظريـة والتطبيق  ، دار الهلال للخدمات الإعلامية ، الجزائر، 2004 ، ص 70.

[12] - المرجع السابق ص 70.

[13] -101 ، 102 ، 103 من قانون الأسرة الجزائري

[14] - المادة 86 من قانون الأسرة الجزائري

[15] - الفصل 160.

[16] - د. مروك نصر الدين : المرجع السابق ص 287.

 

انتقال الولايـة لمن تولـى الحضانـة في حالـة الطلاق في القانون الجزائري

7

انتقال الولايـة لمن تولـى الحضانـة في حالـة الطلاق

       

يقول الإمام أبوزهرة[1] أنه يثبت على الطفـل  منذ ولادته ثلاث ولايات فأما الولايـة الأولـى فهي ولاية التربيـة ، فالدور الأول منها يكون للنساء وهو يسمى بالحضانة ، فالحضانة هي تربيـة الولد في المدة التي لايستغنى عن النساء ممن لها الحق في تربيته شرعـا .

       

ويعتبر إنتقال الولايـة لمن تولى الحضانة بعد الطلاق ، إسثتناءا آخر وثان على القاعدة العامة التي تقول بأنه مادام الأب على قيد الحياة ، فالولايـة تثبت لـه على أولاده القصر ، ولاتنتقل إلا بعد وفاته.

 

 في حالـة الطلاق بأن تسند الحضانة لأخد الوالدين إذا ماتوافرت فيها الشروط الضروريـة التي تكرس مصلحـة المحضون أو الولد الصغير أو لغيرهما دون الإخلال بالترتيب المنصوص عليه  قاننا بهذه الحضانة ولمن تثبت ؟

       

من خلال إستقراء هذه الفقرة نستنتج نقاط هامـة مفادهـا أنه لكي تنتقل هذه الولايـة إستناذا لهذه الفقرة فلا بد من توافر شروط أولهـا : وجود طلاق ، وثانيها : وجود حكم قضائي وأن هذا الحكم عندما يسند الحضانـة لطرف ما يحكم لـه بإنتقال الولايـة ثالثـا ،وسنتناول كل مسألـة من المسائل الثلاث  في مطلب مستقل .

 

 

 

 

المطلب الأول : وجود حالـة طلاق :

        الأصل أن العلاقـة الزوجيـة تتسم بالديمومـة والإستمراريـة لكن إذا ما إنقضت أسباب إستمرار هذه العلاقـة المقدسـة ، وأصبح فكهـا أحسن علاج نهائي لجأ الطرفان أو أحدهمـا إلى طلب الطلاق ، لذلك إرتأينا أن نتناول في فرع أول أنواع الطلاق ، ونتناول في فرع ثان أثاره .

        الفرع الأول : أنواع الطلاق :

        لقد نصت المادة 48 من قانون الأسرة المعدلـة بموجب الأمر 05-02 أن عقد الزواج يحل بالطلاق الذي يتم بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجيـن أو بطلب الزوجـة في حدود ماورد في المادتين 53 ، و54 من هذا القانون .

فالمادة 53 عددت الأسباب التي تجيز للزوجـة أن تطلب التطليـق من أجلهـا وهي كالأتـي :

1-عدم مراعاة المواد 78،79 و80 من هذا القانون .

2-العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج .

3-الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر .

4-الحكم على الزوج من جريمة فيها مساس بشرف الأسرة ويستحيل معها مواصلة العشرة الزوجيـة .

5-الغيبـة بعد مرور سنـة بدون عذر ولانفقـة .

6-مخالفة الأحكام الواردة في المادة 8 .

7-إرتكاب فاحشـة مبينــة .

8-الشقاق المستمر بين الزوجيــن .

9-  مخالفـة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج .

10-كل ضرر معتبر شرعــا .

وأما المادة 54 المعدلـة بموجب الأمر 05-02 فإنها أجازت للزوجـة أن تخالع نفسهـا وذلك بمقابل مالي ودون موافقـة الزوج .

 

الفرع الثاني : آثار الطــلاق

إن هذه الأثار كثيرة ومتنوعـة وهي تتلخص في العدة والنفقة والحضانـة والسكن والتعويض عن الضرر والنزاع حول متاع البيت والمراجعة بعد الطلاق ، وعدم قبول حكم الطلاق بالعن بالإستئناف .

ولقد نظم قانون الأسرة هذه الأثار في الفصل الثاني  المعنون بـ " أثار الطلاق " من الباب الثاني المتعلق بإنحلال الزواج ، فنتناول في نص المادة 58 العـدة ، وفي المادة 62 الحضانـة ، وفي المادة 79 النزاع في متاع البيت ، وفي المادة 74 تناول النفقـة .

وسنركز على الحضانـة بإعتبارها من أهم توابع فك الرابطة الزوجيـة والتي هي محل نقاش والتي سيأتي بيان مفهومها وشرحها في مكانها .

المطلب الثاني : وجود حكم قضائي يقضي بالطلاق وإسناذ الحضانـة لأحد الطرفيـن :

كما سبق ذكره ، فإنه بالرجوع إلى نص المادة 49 من قانون الأسرة المعدلـة بموجب الأمر 05-02 فإن الطلاق لايكون إلا بحكم ، وهذا الحكم يجب أن يتضمن إسناذ الحضانـة لأحد الطرفين إذا ماتوافرت فيه الشروط الضروريـة لممارسـة الحضانـة ومراعاة لمصلحة المحضون وبالمقابل فإن القاضي يحكم للطرف الآخر بحق الزيارة.

فما هي كيفيـة ممارسـة هذه الدعوى المتعلقـة بالطلاق وكيف يسنذ القاضـي الحضانـة لأحـد الأطراف ؟ للإجابـة على هذا التساؤل تكون في الفرعين الأتيين :

الفرع الأول : دعوى الطلاق وإجراءاتــه :

عندما يرغب أحد الزوجيـن إنهاء العلاقـة الزوجيـة التي تربطه بالطرف الآخر يباشر دعوى الطلاق هذه بتقديم طلب الطلاق أمام فرع الأحوال الشخصيـة .

البنذ الأول : دعـوى الطـلاق :

ودعوى الطلاق هذه قد تكون دعوى أصليـة ، يمكن أن تكون دعوى مقابلـة وتبعيـة يرفعهـا أحد الزوجيـن مقابل دعوى الزواج الآخر أمام نفس المحكمـة ، وذلك بموجب مذكرة خاصـة تبلغ للزوج الآخر ، ويتعين على القاضـي بعد ذلك أن يناقش عناصر الطلب الأصلي والطلب المقابـل كلا على حدة بإعتبار أن كل طلب يشكل دعوى مستقلـة موضوعـا ، إلا أنها مرتبطـة بالأخرى من حيث الإجراءات إلا أنه يجب أن يفصل القاضـي فيهما معا بحكم واحد .[2]

البنذ الثاني: إجراءاتـه :

إستناذا إلى نص المادة 49 من قانون الأسرة فإن هذا الطلاق لايثبت إلا بحكم بعد عدة محاولات صلح يجريها القاضي دون أن تتجاوز مدة ثلاثة أشهر إبتداء من تاريخ رفع الدعوى .

ولأن الطلاق أبغض الحلال عند اللـه ، ولـه أثار مهمـة ونتائج خطيرة  فإن المشرع الجزائري عملا بأحكام الشريعـة الإسلاميـة أوجب قيام القاضي بإجراءات أولها محاولـة الصلح بين الطرفين ، قبل النطق بالطلاق بمختلف أنواعـه إذا لم يقم بهذا الإجراء فإن الطلاق الواقع يكون من الناحيـة الإجرائيـة باطلا .

ومن خلال هذا النص نستنتج أن الطلاق لايكون إلا بحكم من القاضي طبعـا بعد إجراء محاولـة لإصلاح ذات البين .

وأنه إما أن يقدم كطلب أصلي أو كطلب تبعي تبعا لما سبق بيانه في الفرع الأول والذي يكون أمام المحكمـة المختصـة ( مسكن الزوجيـة ) إستناذا إلى نص المادة 8 من قانون الإجراءات المدنيـة .

كما أن هذا الحكم مثلما نصت عليـه المادة 57المعدلـة بموجب الأمر 05-02 أن الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق والتطليـق والخلع غير قابلـة للإستئناف فيما عدا في جوانبهـا الماديـة .

والأحكام الصادرة في الحضانـة قابلـة للإستئناف .

 الفرع الثاني :دعوى الحضانــة :

فهي إما تكون دعوى تبعيـة تثار تبعـا لدعوى الطلاق بطريقـة شفهيـة أو كتابيبـة أثناء إجراءات المرافعات ويكون الفصل فيها بموجب حكم واحـد مع دعوى الطلاق .

كما أنها قد تكون دعوى أصليـة وذلك بأن يرفعها الزوج أو الزوجـة لوحدها أمام الجهة القضائيـة المختصـة بذلك عملا بأحكام المادة 8 من قانون الإجراءات المدنيـة ، وغيرهمـا من الأشخاص المخولين قانونا بحق الحضانـة .

        وهي تكون أصليـة عندما يصدر حكم يقضي بإسناذ هذه الحضانـة إلى أحد الأشخاص المخولين قانونا أو الوالدين فتسقط عنه هذه الحضانـة لأحد الأسباب المذكورة قانونا أو لوفاته أي الحاضن الأول .فعلى طالب الحضانـة أن يقدم عريضته محتويـة على كل الأسباب وتبريراته التي دفعته لطلب الحضانـة ودرجـة قرابته بالمحضون .

كما أن المادة 57 مكرر من الأمر 05-02 المعدل لقانون الأسرة أجازت لقاضي الأمور المستعجلـة الفصل في أمر الحضانـة كتدبير مؤقت على وجه الإستعجال بموجب أمر على ذيل عريضـة ، طالما كانت هناك دعوى متعلقـة بالطلاق أمام قاضي الموضوع .

وخشيـة إطالـة الفصل فيها يلجأ إليـه وذلك من أجل الحفاظ على مصلحـة المحضون ورعايته ، وخوفا من إلحاق الضرر بـه في ظل الخلافات القائمـة بشأن الطلاق( يخضع للسلطة التقديريـة لقاضـي الإستعجال )

وتجدر الإشارة بأن الأحكام المتعلقـة بالحضانة قابلـة للإستئناف عكس الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع التي لاتقبل ذلك إلا في جوانبها الماديـة عملا بأحكام المادة 57 من الأمر 05-02.

المطلب الثالث : منح القاضي الولايـة :

وهنا ننتقل إلى الشخص الذي أسنذت لـه حضانة الأولاد وكماسبق وأن ذكرنا بأن الحضانة تكون بحكم قضائـي سواء أكان كطلب أصلي أو طلب فرعي مع دعوى الطلاق لكن مامعنى الحضانـة ؟ ومن هم الأشخاص الذين يخولهم القانون تولي حضانـة الأولاد القصر لمي تنتقل إليهم هذه الولايـة؟ .

القاضي يحكم بإنتقال الولايـة سواء من الأب ألى الأم أو إلى أحـد من تولـى الحضانـة ، فما هو معناها ؟وماهي شروطهـا ؟

الفرع الأول : مفهو م الحضانـة وشروطهــا :

إن من أهم آثار الطلاق هو الحضانـة فهي تعتبر حقا وواجبـا في نفس الوقت فهي حق للمحضون وواجب على الحاضـن ، رغم أن الفقهاء إختلفوا في إعتبارها أهي حق للحاضنة أم حق للصغير [3]

البند الأول: مفهوم الحضانــة :

أولا : قانونــا : لقد عرفـت المادة 62 من ق . الأسرة بأن الحضانـة هي رعايـة الولد وتعليمـه والقيام بتربيته على دين أبيـه والسهر على حمايته وحفظـه صحـة وخلقـا .

ولقد نصت المادة 132 من الباب السادس المتعلق بالحضانـة من مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصيـة [4] (( الحضانـة حفظ الولد ، وتربيته وتعليمـه ورعايته ، بما لايتعارض مع حق الولـي في الولايـة على النفس ))

كما أن القانون التونسي عرفها في الفصل 54 من الكتاب الخامس المتعلق بالحضانـة بأن الحضانـة هي حفظ الولد في مبيته والقيام بتربيته .

ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد أن تعريف قانون الأسرة الجزائري للحضانـة بالرغم من إحتوائـه على أهداف الحضانة وأسبابها يعتبر أحسن تعريف لاسيما من حيث شموليـة الأفكار لم يشملها غيره ، فهو جمع كل مايتعلق بحاجيات الطفل البدنيـة والصحيـة والخلقيـة والتربويـة والماديـة .[5]

ثانيـا :مدة إنتهاء الحضانـة :لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنـة النبويـة تحديدا للوقت الذي تنتهي فيـه الحضانـة ، غير أن المادة 65 من ق. الأسرة نصت على أنه تنقضي مدة الحضانـة بالنسبـة للذكر ببلوغـه 10سنـوات والأنثى ببلوغها سن الزواج ، وللقاضي أن يمدد الحضانـة إلى 16 سنـة إذا كانت الحاضنة لم تتزوج ثانيـة ، على أن يراعـي في الحكم بإنتهائهـا مصلحـة المحضون .

البند الثاني : الشروط الواجب توافرهـا فيمن تولـى الحضانــة :

والتي تضمنت المادة 62/2 على أنه يشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك

من خلال هذه الفقرة نخلص إلى  أن المشرع الجزائري لم ينص على الشروط الضروريـة التي يجب توافرهـا في الحاضن ، وإكتفى بذكر بعبارة آهلا للقيام بذلك .

فهو لم يفعل مثل نظيره التونسي والمغربي الذي ، نجده في مدونـة الأحوال الشخصيـة قد خصص لها بابا كامـلا ونص في الفصل 98 على وأنه  يشترط لأهليـة الحضانـة : العقل ، البلوغ ، الإستقامـة ، والقدرة على تربيـة المحضون وصيانته صحـة وخلقا والسلامـة من كل مرض معد أو مانع من قيام الحاضن بالواجب .

وكذا القانون التونسي في مجلـة الأحوال الشخصيـة في كتاب كامل فخصص الكتاب الخامس منه للحضانـة ، وقد نص في الفصل 58 – شرطا في مستحق الحضانـة أن يكون مكلفـا أمينا قادرا على القيام بشؤون المحضون سالما من الأمراض المعديـة ويزاد إذا كان مستحق الحضانـة ذكرا أن يكون عنده من يخص من النساء ، وأن يكون محرمـا بالنسبـة للأنثى ، وإذا كان مستحق الحضانـة أنثى فيشترط أن تكون خالية من زوج دخل بهـا مالم ير الحاكم خلاف ذلك إعتبارا لمصلحـة المحضون أو إذا كان الزوج محرما للمحضون أو أوليا لـه أو يسكت من لـه الحضانـة مدة عام بعد علمه بالدخول ، ولم يطلب حقه فيها أو أنها كانت مرضعا للمحضون أو كانت وليـه عليه في آن واحـد .

وبما أن قانون الأسرة لم ينص على أحكام تتعلق بالقائم بهذه الحضانـة فإنه يتعين علينا الرجوع إلى أحكام الشريعـة الإسلاميـة بإعتبارها المصدر الأول لقانون الأسرة الجزائري وعملا بنص المادة 222 من قانون الأسرة التي تنص على أنه(( في كل مالم يرد النص عليـه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعـة الإسلاميـة )) .

فلقد ذهب الفقهاء إلى إعتبار أن الأصل في الحضانـة تكون للنساء لتميزهن بالحنان والشفقـة والصبر على رعايـة الأطفال في حياتهم الأولى[6]، والأم أحق الناس بحضانة ولدهـا .

ولهذا فإن المالكيـة يقدمون الأم أو إمرأة، ويرون بأنه يجب أن تتوافر فيها شروط لإستحقاق الحضانـة :

أ – أن تكون حرة لأن المملوكة تشتغل بخدمـة سيدها ولايكون لها الوقت لتربية الطفل غير أن هذا الشرط غير قائم اليوم كون أن العبوديـة قد زالت في وقتنا هذا .

ب – أن تكون بالغـة أو بالغا ، لأن الصغير أو الصغيرة غير المميزة لايمكنها إعطاء الطفل مايحتاج من عطف وحنان ورعايـة .

ج – أن تكون عاقلـة لأن المجنونـة أو المعتوهـةيخشى منها على الصغير من سوء تصرفها.

د- أن تكون قادرة على تدبير مصالحـه والمحافظة عليه ، فإن كانت عاجزة عن ذلك لعمى أو مرض أو غيرها لاتكون آهلا للحضانـة .

هـ - ألا تكون مشغولـة بما يمنعها من القيام على تربيـة المحضون كأن تكثر خروجهـا ومهما كان السبب شريفا أو غير شريف كفجور أو زنـا لأن الأساس من هذا الحرص على الصغير من ضياع مصالحه وأخلاقـه ، والقيام بشؤونهة على أكمل وجه ،

ونفس الشيء إذا كان الحاضن رجـلا أو بقية النساء المخوليـن قانونا .

الفرع الثاني : الأشخاص المخوليـن قانونا لتولـي الحضانـة .

البند الأول : المخليـن قانونا لتوليهـا :

تنص المادة 64 المعدلـة بموجب الأمر 05-02 بأن الأم أولى بحضانـة ولدها ثم الأب ، ثم الجدة ثم الجدة لأب ، ثم الخالة ، ثم العمـة ، ثم الأقربون درجـة مع مراعاة مصلحـة المحضون في كل ذلك ، وعلى القاضي  عندما يحكم بإسناذ الحضانـة أن يحكم بحق الزيارة )) .

غير أن هناك من يرى بأن هذا الترتيب ليس من النظام العام لأنه يجوز للقاضي ان  يعتمد في حكمـه بإسناذ حق حضانة الطفل إلى الشخص الطالب للحضانـة وليس عملا بالترتيب المذكور آنفـا قط وإنما يجب عليه مراعاة مصلحـة المحضون عليـه .

وتجدر الإشارة هنا إلى أن القاضي يستطيع أن يقوم بالتحقيق في أي شخص يصلح لذلك أو أن يكلف أشخاص مختصيـن في القيام بهذا التحقيق ، وهم ممثلى ومنتدبو النشاط الإجتماعـي في الوسط المفتوح فهم يقومون بالتحقيق في إطار الحضانـة وحق الكفالـة فيمن يصلح لحضانة الطفل فيما يخص مختلف الجوانب الماديـة والإجتماعيـة وخاصـة منها - دائما في إطار مراعاة حسن تربيـة المحضون أخلاقيـا ، ومراعاة مصلحته والجانب الأخلاقي -  لطالب الحضانـة فقد تتوافر لدى أمور كل العوامل المساعدة على تنشئته أحسن نشأة وقد تكون عكس هذا بل تكون خطرا عليه وجوده لدى والده أفضل بكثير لـه .

وبناءا على ذلك التحقيق يحكم القاضي بإعطاء الحضانـة لغير طالبيها على أن يحكم بحق الزيارة للوالد الآخر ، وحق الزياة إعتبرها الفقـه لممارسـة الرقابـةعلى الولد القاصر .[7]

البند الثاني : فقهـا : فيه من الفقهاء من  يقول بأن الحضانـة هي حق للأم ثم لمحارمـه من النساء  لأنه تثبت وجوبا عليه ، أولا لأن الطفل في الدور الأول من حياته يحتاج إلى رعايتها ثانيا لأن الآثار الصحيحـة قد وردت بأن النساء أحـق بالحضانـة فإنه يروى بأن إمرأة جاءت إلى النبي صلى اللـه عليه وسلم قالت :" يارسول اللـه هذا إبني كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثدي له سقاء وأباه طلقني وأراد أن ينزعه مني " فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" أنت أحق به مالم تتزوجي " .

        ويروى كذلك أن عمر بن الخطاب بأنه كان قد طلق إمرأته " جميلـة " وهي من الأنصار والتي أنجب منها ولده عاصمـا ، وعندما رآه في الطريق أخذه معـه إلا أن جدته من أمـه ذهبت وراءه وتنازعتا بشأنه فلجأ إلى أبي بكر الصديق فأعطاها إياه ، وقال لعمر بن الخطاب :" ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك ." وهذا دليل آخر عن ثبوت  الحضانة للأم والآقربيـن من الأم قبل الأب .

        كما أن الفقهاء يؤكدون بأنه لاتثبت الحضانـة لإمرأة من النساء إلا إذا كانت محرمـة على  المحضون ذكـر.

 




[1] - الإمام أبو زهرة : المرجع السابق ص 406.
[2] - عبد العزيز سعد : المرجع السابق ص 365.
[3] - أحمد الغندور : المرجع السابق ص 592.
[4] -د.مروك : المرجع السابق ص 283.
[5] - عبد العزيز سعـد : المرجع السابق ص 293.
[6] - أحمد الغندور : المرجع السابق ص 593 ومايليها
[7] -الإمام أبوز هرة : المرجع السابق ص 406.

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه