مكانة المعاهدة الدولية في الدستور الجزائري

1
مكانة المعاهدة الدولية في الدستور الجزائري(2).

الفرع الأول: مبدأ سمو المعاهدة الدولية على القانوني الداخلي (المادة 132 من دستور 1996).

نصت المادة 132 من الدستور الجزائري لعام 1996 على أن "المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط للمنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون".
وعليه فإن التحليل الذي يمكن إجراءه على نص المادة 132 يؤكد على:
-  المعاهدة الدولية المصادق عليها من طرف رئيس الجمهورية وفقا للأشكال والشروط المنصوص عنها في الدستور تسمو على القانون ومعناه أنها تدمج في المنظومة القانونية الداخلية لتأتي من حيث الترتيب بعد الدستور مباشرة وقبل القانون (عادي أو عضوي).
- إستبعاد فئة المعاهدات التنفيذية(3). والمعاهدات ذات الشكل المبسط والمعاهدات التي تمت المصادقة عليها بالمخالفة للدستور من تطبيق مبدأ السمو (4).
لكن هل أن "مبدأ السمو" و "قواعد الإدماج" تجعل من المعاهدة الدولية "قانون داخلي" أم أنها تبقى "معاهدة دولية" تسمو على القانون الداخلي ؟
-   بالرجوع إلى القواعد المحددة للنظرية العامة للقانون نجد وأن هذا الأخير بمفهومه الفني الضيق يعتبر عمل من أعمال السلطة التشريعية، يتخذ بناءا على إجراءات وشكليات تتمثل في كونه أي  القانون ينشأ بموجب مشروع قانون مقترح من السلطة التنفيذية ( رئيس الحكومة)(5) ليعرض على  مجلس الوزراء بعد أخذ رأي مجلس الدولة فيه. ويودع لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني لتتم المصادقة عليه من طرف البرلمان بغرفتيه. ليكون نافذا بعد نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية (المواد:119/120 من الدستور والمادة 04 من ق.م )

أما إذا كان قانون عضوي فإن من الواجب  أن يصادق عليه بالأغلبية المطلقة للنواب وبأغلبية ثلاثة ارباع(3/4) اعضاء مجلس الأمة ليتم  عرضه على المجلس الدستوري بعد مصادقة البرلمان وقبل نشره لإبداء رأيه فيه من حيث مطابقته للدستور (المادة : 123  من الدستور).

-   بالنسبة للمعاهدة الدولية فإن الإجراءات المتعلقة بها تختلف من حيث المضمون عن إجراءات سن القانون بحيث أن المعاهدة الدولية كعمل من أعمال السلطة التنفيذية تخضع إما للتوقيع إذا كانت معاهدة بسيطة أو للتصديق إذا كانت معاهدة رسمية أو للموافقة إذا كان هذا الإجراء كافي لوحده لأجل القول بأن المعاهدة نافذة على المستوى الداخلي أو الإنضمام إذا تعلق الأمر بالمعاهدات الجماعية(6).
وتعرض بعد ذلك على المجلس الدستوري و/أو البرلمان بغرفتيه لإبداء الرأي فيها و/أو الموفقة عليها صراحة حسب كل حالة.
وعليه فإن الإختلاف البسيط بين إجراءات سن القانون وإجراءات إدماج المعاهدة الدولية في النظام القانوني الداخلي يستدعي التأكيد على أن المعاهدة الدولية المصادق عليها وفقا للدستور هي قانون بمميزات خاصة يسمو على القانون الداخلي.









الفرع الثاني: شروط تطبيق "مبدأ السمو":

لتحقيق مبدأ سمو المعاهدة الدولية على القانون الداخلي كما تم شرحه سابقا، لابد من إستفاء المصادقة على المعاهدة الدولية للشروط المنصوص عنها في الدستور.
والوقوف على هذا الشروط يكون من خلال قراءة نص المادة 132 مع باقي مواد الدستور (المادتين 97-131).
هذه القراءة تمكننا من التمييز بين نوعين من المعاهدات و هي:
1/ المعاهدات الدولية التي يشترط فيها:
  -  رأي المجلس الدستوري.
  -  والموافقة الصريحة للبرلمان بغرفتيه بعد أن يوقع عليها رئيس الجمهورية، وهي الأنواع المذكورة في نص المادة 97 وتخص:
-       إتفاقيات الهدنة
-       معاهدات السلم.
وفي هذا يرى د/ قشي الخير بأن المجلس الدستوري يملك رقابة سابقة فقط على دستورية المعاهدات(7).
              2/ المعاهدات الدولية التي يشترط فيها:
                - الموافقة الصريحة للبرلمان بغرفتيه بعد أن يصادق عليها رئيس الجمهورية، وهي الأنواع المنصوص عنها في المادة 131 وتخص:
                  - إتفاقيات الهدنة .
                  -  معاهدات السلم والتحالف والإتحاد.
                  -  المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة.
                  -  المعاهدات المتعلقة بقانون الأشخاص.
                  - المعاهدات التي يترتب عنها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة.

بتوافر كافة الشروط السابقة حسب كل نوع- فإن المعاهدة الدولية تصبح ملزمة للجزائر على المستويين الدولي والداخلي.




التعليقات

  1. من صاحب المقال ومكان النشر؟ أحتاجه للتوثيق وشكرا

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه