الأحكام المنظمة لإجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني في المواد المدنية في القانون الجزائري

0
الأحكام المنظمة لإجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني في المواد المدنية:
نتناول في هذا المطلب إجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني من خلال دراسة محتوى المواد 410، 411، 412 من ق.إ م.
الفرع الأول: دعوى مباشرة التنفيذ عن طريق الإكراه البدني(10):
         نظمت المادة 410 من ق. إ .م في محتواها إجراءات مباشرة التنفيذ بطريق الإكراه البدني بإقرارها أن ذلك يكون بتقديم طلب ( دعوى ) لرئيس الجهة القضائية ( رئيس المحكمة ) وفقا للأحكام التالية:
         1/ من حيث الاختصاص النوعي والمحلي فدعوى الإكراه البدني تدخل ضمن اختصاص رئيس الجهة القضائية ( رئيس المحكمة ) باعتباره قاضي الأمور المستعجلة ( دعوى إستعجالية ) والذي يكون محل التنفيذ يدخل ضمن دائرة اختصاصه المحلي ( راجع المادة الثامنة فقرة 02 السطر الأخير من ق.إ.م ).
         2 / من حيث الشروط العامة لرفع الدعوى فإن دعوى الإكراه البدني مثلها مثل أي دعوى إستعجالية أخرى ترفع ويفصل فيها وفقا لمقتضى أحكام المواد: 12. 13..189.187.185،459.410 من ق .إ.م بحيث:
- تودع العريضة الافتتاحية مدعمة بالمستندات المثبتة لشروط صحة المطالبة بالإكراه البدني ( محضر إثبات الدين في قروض النقود، أو ما يثبت الالتزام التجاري ، الأمر أو الحكم أو القرار الحائز لقوة الشيء المقضي فيه  محاضر إجراءات الحجز - على المنقول والعقار - محاضر عدم الوجود ...الخ )
- يتم تبليغ الخصم ( المدعى عليه ) مع تكليفه بالحضور تكليفا صحيحا   ( المادة 23 من ق. إ .م )
- ليتولى بعد ذلك رئيس الجهة القضائية ( رئيس المحكمة ) الفصل في الدعوى بعد فحصه مستندات المدعي والمدعى عليه والتحقق من توافر الشروط السالفة الذكر سيما ما تعلق باستنفاذ طرق التنفيذ الأخرى.
وليأمر إستعجاليا إما:
 بالتنفيذ عن طريق الإكراه البدني بحبس المدعى عليه ( ... الهوية الكاملة ...) لمدة ( ... مدة الحبس ...)  تنفيذا لـ ( ... مبلغ الالتزام ومصدره ...) (11)
و إما بعدم قبول الدعوى أو رفضها في حالة عدم استنفاذ الطلب القضائي الشروط القانونية(12) ( الشكـلية
و/ أو الموضوعية ) كعدم مباشرة إجراءات التنفيذ على العقار أو وقوع الدعوى خارج الأجل القانوني المحدد في المادة 409 من ق.إ م.أو أن الالتزام المراد تنفيذه بالإكراه البدني لا هو ضمن المواد التجارية ولا من قروض النقود....الخ(13)
ملاحظة ( مدة الحبس ) :  أمام عدم صراحة قانون الإجراءات المدنية فيما يتعلق بمسألة تحديد مدة الحبس المحكوم بها ضد المدعى عليه، فإنه العمل القضائي أثبت صدور الأوامر الإستعجالية في دعاوى الإكراه البدني خالية من تحديد المدة التي من الواجب حبس المدعى عليه فيها مما فتح المجال أمام جهات التنفيذ( وكيل الجمهورية ) لأجل تحديدها وغالبا ما تكون الحد الأقصى المقرر في الفقرة التي تقابل المبلغ المالي طبقا لأحكام المادة 602 من ق.إ ج.
ومثال ذلك:
إذا كان الأمر الاستعجالي اتخذ تنفيذا لالتزام قيمته 3000 د ج فإن مدة الإكراه البدني عادة ما تحدد من طرف وكيل الجمهورية بثمانية ( 08 ) أشهر على الرغم من أن المادة 602 الفقرة 07 من ق. إ .ج تضمنت مجالا ما بين 04 إلى 08 أشهر إذا كانت قيمة الغرامة أو الأحكام المالية ما بين 2000 إلى 4000 د ج
كل هذا يستدعي بنا التأكد على أن رئيس المحكمة مختص في تحديد فترة الإكراه البدني في الأمر الاستعجالي الذي يصدره هو والذي يجب أن يكون شاملا على كل عناصر تنفيذه.
 حتى أن المادة 412 من ق. إ .م أقرت بأنه من الواجب تطبيق النصوص الواردة في قانون الإجراءات الجزائية عن الإكراه البدني غير المخالفة لنصوص قانون الإجراءات المدنية.

ý      حكم المدين البائس حسن النية(14):
         بموجب  أحكام المادة 411 من ق. إ .م فإن لرئيس الجهة القضائية أن يمنح للمدين البائس حسن النية بناءا على طلبه(15) المدعم بشهادة الفقر أو شهادة إعفائه من الضريبة ( انضر نفس الحالة فيما يتعلق بالقيود الواردة على حبس المدين ) مهلة لأجل أن يتدارك التنفيذ عليه بالإكراه البدني ويسدد ما عليه من التزام
 باستثناء قضايا السفاتج – الكمبيالة – ودون أن تتجاوز المهلة الممنوحة سنة كاملة، ولكن من الناحية العملية من هو المدين البائس حسن النية، وكيف تمنح هذه المهلة ؟
التعريف الذي يمكن إلحاقه بالمدين البائس حسن النية يبين بأنه ذلك المدين المعسر غير قادر على سداد ما في ذمته من التزامات وتكون عدم القدرة هذه خارجة عن إرادته أولم  يتسبب فيها بطريقة مباشرة وللقاضي في ذلك سلطة تقديرية واسعة لاستنباط العناصر التي يمكن من خلالها القول بأن المدين بائس حسن النية أم لا.
أما عن منح المهلة ( نظرة الميسرة ) من الناحية العملية فالراجح أن  – رئيس المحكمة – يصدر أمره الاستعجالي في نفس الدعوى – بعد التحقق من أن المدين بائس حسن النية – يأمر فيها:  
بمنح المدعى عليه – ... فلان ... -   مهلة   -... كذا ...-   لأجل سداد مبلغ  –...كذا ... - .
وإذا لم يسدد فيما بعد فوات المهلة المعطاة له، أتبعت في حقه إجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني.
        
الفرع الثاني: عرض الملف على جهة التنفيذ وإجراءات حبس المدين:
بعد صدور الأمر القاضي بمباشرة إجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني تعين عرض الملف على وكيل الجمهورية، لأجل إتباع إجراءات حبس المدين، وطالما أن المادة 412 من ق. إ .م تحيلنا على مواد قانون الإجراءات الجزائية فيما يتعلق بالإكراه البدني، فمن الضروري الرجوع إلى المواد: 603. 604. 605 . 609 . 610 . 611  من ق. إ. ج ، التي تحدد لنا الأحكام العامة التالية  :
طبقا لنص المادة 604 من ق.إ .ج فإن مرحلة التنفيذ تبدأ وجوبا بـ:
01-  تقديم الطلب(16) لوكيل الجمهورية الذي يقع في دائرة اختصاصه موطن المطلوب التنفيذ عليه.
     02-  دراسة الطلب وكذا الوثائق المرفقة به والتأكد من أن الأمر الاستعجالي القاضي بتطبيق الإكراه البدني حائز لقوة الشيء المقضي فيه(17) وبالتالي وجب عدم تنفيذه في :
    -  المدة المقررة لاستئنافه ( 15 يوم من تاريخ التبليغ طبقا لنص المادة 190 من ق.إ.م )
    - و إلى حين صدور قرار المجلس المؤيد له في حالة وقوع استئناف ( لأننا أمام احتمال أن يلغي المجلس الأمر الاستعجالي القاضي بالإكراه البدني استنادا لنص المادة 11 من العهد كون أن الالتزام المراد تنفيذه تعاقدي أو أن شروط تطبيقه غير متوفرة إذا كان الالتزام المراد تنفيذه تعاقدي أو غير تعاقدي )
وان كان هذا الحكم يتعارض مع القواعد العامة المتعلقة بالأوامر الاستعجالية في كونها معجلة النفاذ بقوة القانون وليس للاستئناف فيها اثر موقف ولا تقبل الاعتراض عن النفاذ المعجل (المادة 188 من ق.إ.م )
إلا أن ضرورة توافر الشرط سالف الذكر يستند لمبررات نرى من الضروري الرجوع إليها في مثل هذه الحالة, ألا وهي :
- المسألة تتعلق بالحريات وعليه من الواجب إيجاد قواعد خاصة بها.
-تطبيق الإكراه البدني بأمر استعجالي قرر بقوة القانون ( المادة 410 من ق.إ.م )وفقا لقواعد خاصة (18)       
     03-وإذا ما تحقق وكيل الجمهورية من توافر الشروط السالفة الذكر وجب أن يحرر تنبيه بالوفاء(19) يوجه ويبلغ للمدين المحكوم عليه يلزمه من خلاله بسداد ما عليه .
   04- بقاء التنبيه بالوفاء من غير جدوى ولمدة عشرة ( 10 ) أيام - يبدأ حسابها من تاريخ استلام المدين لمحضر التنبيه بالوفاء - يشكل قريـــنة على عدم استجابته لمحتوى التنبيه ويجعل في شروط المادة 604 من ق. إ.ج  متوافرة  مما يلزم على وكيل الجمهورية إصدار أمر للقوة العمومية ( الضبطية القضائية ) لأجل القبض على المحكوم عليه ( المنفذ عليه بالإكراه البدني ) وحبسه. وتتبع  في ذلك الإجراءات المنصوص عنها في تنفيذ الأوامر بالقبض ( المواد 119 إلى 122 من ق. إ.ج )
  05- أما إذا تعلق الأمر بالمدين المحبوس لسبب ما فإن الدائن يكفيه أن يقدم اعتراض في الإفراج عنه لكي يستصدر وكيل الجمهورية أمرا يوجه لمدير المؤسسة العقابية بإبقاء المحبوس المدين رهن الحبس طبقا لنص المادة 605 من ق. إ.ج .
* القيود الواردة على حبس المدين :
يستطيع المدين أن يوقف إجراءات التنفيذ عليه بطريق الإكراه البدني في الحالات التالية:
1 ) إذا أثبت بعد تبليغه التنبيه بالوفاء و يوم تقــديمه لوكيل الجمهورية للتنفيذ بأنه في حالة إعسار مالي
ولقد حصرت المادة 603 من ق. إ .ج وسائل إثبات الإعسار المالي في تقديم المدين لـ:
 شهادة الفقر المسلمة له من رئيس المجلس الشعبي البلدي أو شهادة الإعفاء من الضريبة تسلم له من طرف مأمور الضرائب للبلدية التي يقيم فيها.
2 ) أجازت كذلك المادة 609 (20) من ق.إ .ج تدارك أو وقف تنفيذ إجراءات الإكراه البدني إذا ما قدم المحكوم عليه ( المدين ) مبلغ يفي للوفاء بالدين الملزم به من اصل ومصاريف
3 ) بالإضافة للأحكام الواردة في المادتين: 600 ( 04- 05 ) /601  من ق.إ.ج والتي لا يتعارض فحواها مع أحكام قانون الإجراءات المدنية , نؤجل الحديث عنها إلى حين دراسة الإكراه البدني في المواد الجزائية   
        
الفرع الثالث: آثار الإكراه البدني(21):
القاعدة العامة التي تحكم مسألة الأثر القانوني للإكراه البدني في مواجهة الدائن أو المدين هو أن مباشرة التنفيذ بطريق الإكراه البدني لا يستلزم معه " براءة ذمة المدين من الالتزام الواقع عليه " فيما إذا كان هذا الأخير لم يوفي ما عليه حتى وإن استنفذ مدة الحبس المحكوم بها ضده، فالعبرة من توقيع الإكراه البدني  هو تهديد المدين في نفسه لإرغامه على الوفاء أما وأن الإكراه البدني لم يأتي بنتيجة ، فإن ذمة المدين المالية          ( المستقبلية ) تضل ضامنة للوفاء بالتزامه ما لم يسقط هذا الأخير بالتقادم . وما على الدائن إلا تتبع إثراء ذمة مدينة بمنقولات أو عقارات لأجل أن يحجز عليها ويحصل على حقه ( المادة 599/02 من ق.إ.ج )
لكن السؤال الذي يمكن طرحه في مثل هذه الحالة: هل يجوز توقيع إكراه بدني على إكراه بدني ؟ 
         أقرت المادتين 610 و 611 من ق. إ .ج أحكام الإجابة عن السؤال ندرجها على النحو التالي: 
- المبدأ العام: لا يجوز أن توقع على شخص المدين إجراءات التنفيذ بطريق الإكراه البدني للمرة الثانية وذلك لأجل الدين نفسه أو لأجل أحكام لاحقة على تنفيذ الإكراه البدني لأول مرة ( المادة 611 من ق. إ .ج )
- الاستثناء: يجوز أن ينفذ الإكراه البدني من جديد على المدين الذي لم ينفذ الالتزام الذي يقابل قيمة المبالغ الباقية في ذمته، بعد أن أوقف تنفيذ الإكراه البدني لوفاء ه بجزء من الالتزام.
         مثال: شخص في ذمته التزام قيمته 2500 د ج تقابلها مدة حبس ما بين 04 أشهر إلى 08 أشهر وأثناء التنفيذ عليه يدفع ما قيمته 1500 دج ليبقى في ذمته 1000 د ج إذا لم يوفي بها لاحقا – بعد إيقاف التنفيذ عليه - يجوز أن نوقع عليه إكراه بدني للمرة الثانية يكون مدته ما بين 40 يوم إلى 60 يوما. 
( المادتين 602 و 610 من ق. إ . ج ).
         - كذلك يجوز توقيع إكراه بدني على إكراه بدني إذا كانت مجموع المبالغ الواردة في أحكام لاحقة على تنفيذ الإكراه البدني الأول، تقتضي مدة حبس أطول من المدة المحكوم بها سابقا، مع ضرورة الأخذ في الحسبان إسقاط مدة الحبس الأولى من المدة الممكن توقيعها في الإكراه البدني الثاني.
         مثال: المدين المحبوس الذي قضي في حقه بشهرين حبس نتيجة عدم وفاءه بالتزام قيمته 1000 د ج وبعد التنفيذ عليه تصدر أحكام مختلفة في مواجهته ( وتكون قابلة لأن تنفذ بالإكراه البدني ) تلزمه بأن يوفي بالتزامات مجموع مبالغها 7500 د ج، فيجوز في هذه الحالة توقيع إكراه بدني ثاني على المدين المحبوس تكون مدته عشرة أشهر . التي تقابل مدة الحبس القصوى المقررة لقيمة المبالغ المحكوم بها ( 7500 د ج ) سنة منقوص منها مدة الحبس الأولى ( شهرين ).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه