دراسة الصندوق الأسود للطائرة

0
الصندوق الأسود
رغم أن البعض قد يتصور أن أهمية الصندوق الأسود تراجعت في الفترة الأخيرة خاصة بعد
الفشل المتكرر الذي تعرضت له عمليات البحث عن أسباب سقوط بعض الطائرات فإن
المختصين ما زالوا يؤآدون على الأهمية الكبيرة التي يلعبها ذلك الصندوق في التعرف
على النسبة الغالبة من حوادث الطيران التي أخذت في الازدياد خلال السنوات الأخيرة.
وقد آانت بداية التفكير في ضرورة وجود جهاز يقوم بمهمة نقل اللحظات الأخيرة لأي
حادث طيران مع الحرب العالمية الثانية، حيث ظهر تطور سريع في الملاحة الجوية، وأدى
هذا الأمر إلى تطوير الطائرات النفاثة، لكن في المقابل أصبح هناك الكثير من الحوادث
التي لا يمكن تفسير أسبابها، ومن ثم أصبحت سلامة الطيران مهددة بأسباب غير معروفة
في ذلك الوقت.
وفي
وفي عام ١٩٥٤ قام دآتور "ديفيد وارن" من معامل أبحاث الملاحة الجوية في ملبورن
بأستراليا بالتفكير في نوع من أجهزة التسجيل التي تقوم بتسجيل محادثات طاقم
الطائرة، وآذلك قراءات الأجهزة، وهذا الجهاز ضد الحوادث والتلف، ويمكن بعد الحادث
الحصول عليه، واستخدام المعلومات المخزنة به؛ لمساعدة فرق التحقيق أثناء البحث؛
للتعرف على أسباب الحادث، وفي هذا العام قام "وارن" بطباعة تقرير إلا أنه لم يحظ
بالاستقبال المطلوب.
وهنا قرر "وارن" عمل نموذج للجهاز المبدئي بمساعدة مدير أعماله "توم آيبل" ومهندس
الأجهزة "ت. ميرفيلر" وقاموا بعمل الوحدة، وأسموها "وحدة ذاآرة الطيران لمعامل أبحاث
الملاحة الجوية".
واستخدم سلك صلب آوسط تسجيلي على أساس أنه مقاوم للنيران، وله قدرة على
التسجيل حتى أربع ساعات لصوت قائد الطائرات وقراءات الأجهزة بمعدل ثماني قراءات
في الثانية، بالإضافة إلى قدرته على أن يسجل تلقائياً على التسجيلات القديمة؛ وبذلك
يمكن للسلك أن يستعمل مرة أخرى.
تم بعدها اختبار الجهاز بنجاح في الجو، ثم طُلب استخدامه من عدد من سلطات الطيران،
ولكن لسوء الحظ لم تكن الاستجابة جيدة.
وفي عام ١٩٥٨ قام أمين مجلس التسجيل الجوي البريطاني السيد/روبرت هاردينجهام،
بزيارة معامل أبحاث الملاحة الجوية بأستراليا، وشاهد مسجل الطيران، وتحمس الرجل
لإمكانيات الجهاز، ورتب لأن يأخذ وارن معه لإنجلترا؛ ليقوم بتقديم هذا الجهاز.
وآان الرد البريطاني مشجعاً من المصنعين، فقدموا للجهاز الدعم اللازم، وأتبع ذلك بفرض
مسجل الطيران على جميع الطائرات البريطانية، ثم قام وارن بمساعدة من آلان سير وآن
فرازر ووالتر بوسول بتطوير جهازه المبكر؛ حيث أصبح النموذج المطور يعمل بدرجة عالية
من الدقة وسجل ٢٤ قراءة في الثانية، وقامت الشرآة البريطانية (سز دافال وأولاده)
بالحصول على حق الإنتاج لمسجل الطيران.
وفي أستراليا أدى تحطم طائرة الفوآر في ماآاي بأرض الملكات عام ١٩٦٠ إلى صدور أمر
قضائي بتجهيز الطائرات الأسترالية بمسجل الطيران. وقامت شرآة أمريكية وتدعى
"المتحدة للتحكم في المعلومات" بتطوير هذه الأجهزة في الطائرات الأسترالية، وغيرت
وسط التسجيل إلى شريط مغناطيسي، إلا أن هذا الشريط لم يكن مقاومًا للنيران، وأدى
هذا إلى إبطاء في تطوير الجهاز، وبالرغم من هذا الإبطاء فإن أستراليا أصبحت عام ١٩٦٧
أول دولة تفرض ترآيب جهاز تسجيل البيانات والصوت في طائراتها.
والآن أصبحت آل الطائرات مجهزة بتلك الأجهزة التي سمحت لمحققي الحوادث بأن
يجدوا أسباباً للعديد من حوادث الطيران.
مسجل بيانات الطيران
في الأصل نجد أن مسجلات البيانات قد صنعت باستخدام بكر لشرائط من صلب لا يصدأ أو
أسلاك آوسط للتسجيل.
أما الصندوق الذي توضع به أجهزة التسجيل فمصنوع من معدن التيتانيوم ومبطن بمادة
عازلة للحرارة، والإشارات مصنوعة من محولات متنوعة تسجل على أسلاك أو شريط آل
ثانية بنموذج متكرر.
وفي الولايات المتحدة قام العلماء والمهندسون باستخدام الشريط الممغنط بدلاً من
الصلب، وأصبح أمامهم مشكلة رئيسية عليهم أن يتغلبوا عليها؛ ألا وهي عدم مقاومة
الشريط للنيران حتى يضمن مزية احتفاظه بمدة تسجيل أطول بالمقارنة مع السلك
الصلب.
ومع التطور في الهياآل العريضة للطائرات مثل بوينج ٧٤٧ ودس ١٠ التي تسمح بحمولات
إضافية من الرآاب، آان هناك قلق من وقوع حوادث لا يمكن تفسير أسبابها نظراً للنقص
في المتغيرات التي تقوم بالتسجيل، وهذا قد أدى بالحكومة البريطانية إلى أن تجري
تغيرات في مواصفات أجهزة تسجيل البيانات بحيث تسجل قراءات ما بين ١٧ إلى ٣٢
متغيراً آل ثانية وآان ذلك عام ١٩٦٧ وذلك حتى يتمكن محققو الحوادث من إيجاد أسباب
الحوادث بسهولة أآثر.
وحديثاً تم تطوير أجهزة تسجيل بيانات الطيران من الوحدات الصلبة؛ ليقوم بتخزين البيانات
في ذاآرات من أشباه الموصلات أو دوائر متكاملة بدلاً من استعمال طرق آهربائية
ميكانيكية، حيث إن هذا النوع من الأجهزة لا يحتاج إلى صيانة دورية أو إصلاح، وبذلك
تسمح للمستخدم في أن يصل إلى المعلومات في غضون دقائق.
المواصفات الحالية للصندوق
الزمن المسجل: ٢٥ ساعة مستمرة
عدد قراءة المتغيرات: ٥ إلى ٣٠
سماحية الاصطدام: ٣٤٠٠ جم/ ٦٫٥ مل ثانية
مقاومة النيران: ١١٠٠٠ درجة/ ٣٠ دقيقة
مقاومة ضغط الماء: يغطس حتى ٢٠٫٠٠٠ قدم
مرسل إشارات الموقع تحت الماء: ٣٧٫٥ آيلو هرتز
بطارية: ٦ سنوات
مسجل صوت قمرة القيادة
لا يمكن للمحققين أن يحددوا أسباب الحادث من
مسجل البيانات فقط، ولكن من الممكن عند تسجيل
محادثات طاقم الطائرة والاستماع إليها أن يعرفوا
سبب الحادث، من هنا آانت فكرة تسجيل الصوت
داخل قمرة القيادة.
ومسجل صوت قمرة القيادة يسجل محادثات الطيار ومساعده بالإضافة إلى اتصالات
المراقبة الجوية وإعلانات الرآاب وتشويشات الطائرة، ويعمل لمدة ثلاثين دقيقة مستمرة،
الأمر الذي يسمح لفريق التحقيق بأن يستمع لنصف الساعة الأخيرة وتغيراتها التي
تحدث في الطائرة، والتي تعطيهم دلائل حية لماذا وقع الحادث؟.
وحين يكون ضرورة للاستماع إلى المسجل، فإن لجنة تشكل من أعضاء سلطة الطيران
الوطنية، ومصنعي الطائرة والمستخدم ومصنعي المحرآات واتحاد الطيارين، ويتجمع آلهؤلاء وتقوم اللجنة بكتابة نسخة من الاتصالات الشفوية داخل قمرة القيادة؛ ليستخدمها
يصبح أآثر انتشاراً واستخداماً، وهناك Fairchild فريق التحقيق، وتم تصنيع مسجل صوتي
أآثر من ثمانمائة حادث، وقع على مدار ثلاثين عاماً، وقد تم انتشال تلك الصناديق من آل
حادث.
ويتم تخزين المعلومات بشكل رقمي حتى يمكن فك شفرتها بسهولة، أما مسجل الصوت
ذو الوحدة الصلبة فتم تطويره مؤخراً نظرًا للحاجة إلى ذاآرة ذات سعة أآبر.
وفي عام ١٩٩٢ أصبح مسجل الصوت ذو الوحدة الصلبة متوفراً بمدة تسجيل تبلغ ثلاثين
دقيقة، وتلاه عام ١٩٩٥ نوع مطور بمدة ساعتين للتسجيل.
مواصفات مسجل الصوت
الزمن المسجل: ٣٠ دقيقة مستمرة، ساعتان للوحدات الرقمية وذوات الوحدة الصلبة.
سماحية الاصطدام: ٣٤٠٠ جم/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه