عيب الانحراف في استعمال السلطة في القانون الجزائري

0
1)   عيب  الانحراف في استعمال السلطة :
أ- ماهية عيب الانحراف بالسلطة :
يعرف عيب الانحراف بالسلطة الذي يطلق عليه أيضا عيب تحويل السلطة، بأن تصدر الجهة الإدارية قرارا إداريا داخلا في اختصاصها إلا أنها تصدره لتحقيق هدف مخالف للهدف الذي رسمه القانون وهو دائما المصلحة العامة[1] وهو عيب موضوعي يتعلق بالبواعث والأهداف غير المشروعة، يصبح على عاتق القضاء مهمة اكتشافها، وهي مهمة صعبة ودقيقة.
والقاعدة هنا أن الإدارة ليست حرة في اختيار الغاية من تصرفاتها بل عليها أن تلتزم بالغرض الذي حدده المشرع لكل اختصاص يضعه بين يدي الإدارة فإذا خالفت الغاية المحددة حتى ولو كانت حسنة النية أصبحت قراراتها مشوبة بعدم المشروعية لاتسامها بعيب التجاوز في استعمال السلطة[2].
ب- حالات الانحراف في استعمال السلطة :
يظهر عيب الانحراف في السلطة في صورتين وذلك تبعا لأهداف السلطة ذاتها، فإذا كان الهدف من تصرف السلطة عاما غير محدد بهدف قانوني معين، فإن عيب الانحراف بالسلطة يتحقق كلما استهدف رجل الإدارة من إصدار لقراره هدفا مخالفا للهدف العام المتمثل بالمصلحة العامة.
أما إذا كان الهدف خاصا فإن عيب الانحراف بالسلطة يظهر عندما تكون نية رجل الإدارة قد اتجهت نحو تحقيق أهداف غير الهدف المحدد قانونا، حتى ولو كانت تلك الأهداف تدخل ضمن إطار المصلحة العامة.
إلا أن الفقه والقضاء يضيفان إلى الصورتين السابقتين ذكرهما صورة ثالثة يطلق عليها الانحراف في الإجراءات، وعليه يمكن رد الانحراف بالسلطة إلى ثلاث صور هي كالتالي :
ü    الحالة الأولى : حالة الانحراف بالسلطة لغاية تجانب المصلحة العامة :
تعتبر هذه الحالة من أسوأ صور الانحراف بالسلطة، لأنها تتضمن تنكر رجل الإدارة للالتزام المفروض عليه بتحقيق المصلحة العامة في كل تصرفاته، وذلك بتوجيه إرادته المعتمدة نحو تحقيق أغراض بعيدة عن الصالح العام[3]. وهذه الأغراض متنوعة نكتفي بذكر أهمها :
Ÿ                 اتخاذ القرار بغرض تحقيق مصلحة شخصية لمصدر القرار أو لغيره، بحيث لا يجوز لأعضاء السلطة الإدارية استخدام سلطاتهم القانونية لتحقيق أغراض شخصية لهم أو لغيرهم، وعلى ذلك يمنع عليهم إصدار قرارات يكون الغرض منها تحقيق منافع ذاتية لهم أو لغيرهم من معارفهم أو لأقاربهم  ومتى تم ذلك يكون القرار مشوبا بعيب الانحراف.
Ÿ                 اتخاذ القرار بدافع حزبي أو سياسي كإصدار الإدارة قرار لأغراض فئوية لا تمت بصلة إلى المصلحة العامة، وعليه يعتبر الصادر نتيجة لبواعث سياسية أو حزبية قرارا غير مشروع لمخالفته الغرض العام الذي يحكم جميع القرارات الإدارية.
Ÿ                 اتخاذ القرار لأغراض أجنبية عن مصلحة المرفق العام، كأن يستعمل رجل الإدارة سلطته بقصد الانتقام والتنكيل أو التشفي... إلخ.
ü     الحالة الثانية : الانحراف بالسلطة لأغراض تخالف تخصص الأهداف :
كأن يلتجأ المشرع في بعض الأحيان إلى ربط قرار إداري، بمصلحة عامة معينة وهو ما يطلق عليه بقاعدة تخصيص الأهداف، إلا أن الإدارة قد تلجأ إلى تحقيق مصلحة عامة أخرى غير التي خصصها أو حددها المشرع فنكون بذلك أمام انحراف عن المصلحة العامة المحددة من قبل المشرع[4].
ü     الحالة الثالثة : الانحراف بالمسطرة أو الإجراءات :
ويتم ذلك عندما تقوم الإدارة بإصدار قرار إداري لتحقيق غاية معينة غير الغاية المعلن عنها، لأن الغاية الحقيقية تتطلب إتباع إجراءات معقدة وطويلة لذلك اضطرت أن تعلن عن غاية أخرى لا تتطلب إلا إجراءات بسيطة، كأن يصدر قرار تأديبي من الإدارة يقضي بمعاقبة المعني بالأمر على جريمة الزيادة غير مشروعة في الأسعار في حين أنه ارتكب جريمة الغش في السلع الغذائية، ولعل السبب هو تجنب الإجراءات المعقدة شيئا ما والمقررة في جرائم الغش[5].




[1] - الدكتور عبد القادر مساعد : محاضرات في القضاء الإداري ألقيت على طلبة السنة الثالثة قانون عام، كلية الحقوق بطنجة سنة 2000-2001.
[2] - دة. مليكة الصروخ، مرجع سابق ص: 568.
[3] - د. محمد الوزاني، مرجع سابق ص: 136.
[4] - د. عبد القادر مساعد، مرجع سابق.
[5] - الحكم الإداري عدد 8 الصادر في 30 يناير 1970، قضية محمد فرج، مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 14 ص: 101.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه