الشخص صاحب الحق في القانون الجزائري

0
الشخص صاحب الحق

إن التسليم بوجود الحق يقتضي افتراض وجود صاحب له و هو الشخص ، و الشخص صاحب الحق : إما شخص طبيعي و إما شخص اعتباري .


الشخص الطبيعي

معني المصطلح : يقصد بالشخص الطبيعي ( الإنسان ) و بصرف النظر عن جنسه أو مركزه الاجتماعي .

البداية الاعتيادية للشخصية القانونية : تبدأ الشخصية القانونية للإنسان بتمام ولادته حيا .

الدليل علي بدء الشخصية : يستدل علي ثبوت الحياة للمولود بمظاهر مادية ذات دلالة قاطعة : كالتـنـفس و البكاء والحــركة ، بشرط أن تتحقق الحياة للمولود بعد الانفصال عن أمه ، إذ لو مات قبل الانفصال عنها لا تثبت له الشخصية القانونية .

هل يشترط  لثبوت الشخصية القانونية للمولود – فضلا عن تحقق حياته – أن تتحقق له القابلية للحياة ؟  بمعني أن تتوافر له كل مقومات الاستمرار في  الحياة بشكل طبيعي ، كأن يكون كامل الأعضاء الحيوية ؟
استقر الرأي في البلاد العربية علي عدم اشتراط القابلية للحياة و الاكتفاء بثبوت الشخصية للمولود بمجرد ثبوت ولادته حيا و ليس علي أساس القابلية للاستمرار فيها لكونها مسألة غيبية .

اثبات واقعة الميلاد : يعد إثبات واقعة الميلاد أمرا في غاية الأهمية نظرا لما يترتب عليه من تحديد الوقت الذي تبدأ فيه الشخصية القانونية للمولود . و يتم إثبات واقعة المــيلاد عـن طـريق السجلات الرسمية ، و هي سجـلات تمـسكها إدارة المــوالـيـد و الأنفس بشـكل منظم حيث يتم تلقائيا قـيـد كـل مـولود عن طريق إشعار رسمي من قبل شخص القائم بالولادة أو الشاهد عليها . و عند عــدم تـوافـر هذه السجلات يمكن الاستعاضة عنها –في إثبات واقعة الميلاد – بأي دليل إثبات آخــــــر بما فيها شهادة الشهود باعتبار أن الميلاد واقعة مادية . 

النهاية الاعتيادية للشخصية القانونية : تنتهي الشخصية القانونية اعتيادا للإنسان بالموت .

اثبات واقعة الموت : يعد إثبات الموت أمرا في غاية الأهمية نظرا لما يترتب عليه من انقضاء الشخصية القانونية للإنسان . و لما كان الموت واقعة مادية فيستدل عليها بالشواهد المادية الدالة عليها كانعدام الحركة و انقطاع التنفس و توقف القلب عن الخفقان ، و قد نظم المشرع مسألة إثبات الوفيات بالسجلات الرسمية ، و عند عدم كفاية هذه السجلات يمكن إثبات واقعة الموت بكل طرق الإثبات القانونية .

امتداد شخصية الانسان بعد الموت : تمتد شخصية الإنسان بعد الموت علي سبيل الافتراض لاعتبارات تتعلق بتصفية التركة من الديون العالقة بها ، لهذا أقر الفقهاء مبدأ ( لا تركة إلا بعد سداد الديون ) . و يترتب علي ذلك أن تظل الشخصية القانونية للمورث قائمة رغم موته إلي أن يتم سداد ديونه  و هكذا تترتب نتيجتان :
1)    الحفاظ علي حقوق الدائنين و ضمان الوفاء بها .
2)    حماية أموال الورثة الخاصة فلا يرجع الدائنون عليهم بديون مورثهم
 

 البداية الاستثنائية للشخصية القانونية : المركز القانوني للجنين :
موقف المشرع من الجنين : رغم أن الجنين لم يتحقق فيه شرط ثبوت الولادة حيا ، إلا أن المشرع اعترف للجنين بوضع خاص باعتباره مجرد حمل مستكن و أقر له نوعين من الحقوق :
1) حقوق متصلة بذاته : كالحق في الحياة و النسب و الجنسية
2)حقوق متصلة بمصالحه المالية : كالحق في الميراث و الوصية  .


موقف الفقه من الجنين : اختلف الفقه حول الأسباب التي يبني عليها اكتساب الجنين للحقوق :

الرأي الأول : و يري أن الشخصية القانونية التي يعرف بها المشرع للإنسان قبل ولادته هي شخصية استثنائية فلا يثبت بموجبها سوي الحقوق التي لا تحتاج في اكتسابها إلي وجود الإرادة التي تنعدم لدي الجنين .

الرأي الثاني : و يري انه يتعذر التفرقة بين الشخصية القانونية التي تثبت للإنسان قبل ولادته ، فنعتبرها استثنائية و لا تستوعب سوي الحقوق التي لا تحتاج في اكتسابها إلي الإرادة  ، و بين الشخصية التي يكتسبها بعد ولادته فنعتبرها شخصية قانونية مطلقة تستوعب كل أنواع الحقوق . فالشخصية القانونية المعترف بها للإنسان واحدة : سواء قبل ولادته أو بعدها .

الرأي الثالث : و يري أن الشخصية القانونية تثبت للإنسان عند تمام ولادته حيا ، أما الجنين فلا تقوم لديه هذه الشخصية لان ولادته حيا لم تتحقق بعد . و يستدلون علي صحة رأيهم بأن المشرع لم يعترف للجنين بصلاحية تملك نصيبه في التركة أو الوصية إلا بعد ثبوت ولادته حيا ، و في حال عدم تحقق ذلك تعود الأموال الموصي بها أو الأموال الموروثة إلي الورثة أصحابها . و في ضوء ذلك يمكن القول بأن حقوق الحمل المستكن يمكن تفسيرها بأنها من قبيل الإجراءات التحكمية التي يقصد منها التمهيد لإقرار حق محتمل للجنين .


النهاية الاستثنائية للشخصية القانونية : المركز القانوني للمفقود :

اذا كانت الشخصية القانونية تنتهي اعتيادا بالموت فإنها تنتهي استثناءا بالفقد .

# تعريف المفقود : الشخص الذي انقطعت أخباره في موطن إقامته المعتادة ، فلا تعرف حياته من مماته .

# تمييزه عن الغائب : الغائب هو من انقطع عن موطنه لكن حياته تظل معلومة و أخباره متصلة .


# نتائج الفقد عموما :
1 – بالنسبة لأموال المفقود  : تعين له المحكمة وكيلا.
2 – بالنسبة لزوجة المفقود : يجوز لها أن تطلب الطلاق للضرر بعد مرور عام من تاريخ الفقد  .

# المركز القانوني للمفقود في الفترة بين الفقد و الحكم بموته :
·       هو في حكم الحي بالنسبة للحقوق التي اكتسبها قبل تاريخ فقده : فلا تسقط عنه ، فتظل أمواله ملكا له  وتظل زوجته علي ذمته  .
·       هو في حكم الميت بالنسبة للحقوق التي يمكن له أن يكتسبها بعد تاريخ فقده فيوقف له نصيبه من إرث أو وصية لمورث أو موصي يتوفي في الفترة بين الفقد و بين الحكم باعتباره ميتا .
·       و إذا لم تثبت حياته : ينتهي الأمر إلي الحكم بوفاته .

# التنظيم القانوني للمفقود : أحكام المفقود و الغائب ينظمها قانون خاص ، و لم يصدر هذا القانون إلا عام 2005 حيث صدر قانون الأحوال الشخصية الاتحادي والذي نظم  الفقد والغيبة في الباب الثالث من الكتاب الثالث ،في المواد من 233 إلى 239، وجرى العمل قبل ذلك على الرجوع في في شأنهما إلي أحكام الشريعة الإسلامية نظرا لخلو التشريع من النص على تنظيم لهما.

1 – المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود :
إذا امتدت حالة الفقد إلي فترة زمنية يرجح معها وفاة الشخص المفقود ، فإنه يحكم بموته قانونا . و يفرق الفقه في تقدير مدة الفقد بين حالتين :-
المفقود في ظروف يغلب فيها الهلاك أو التلف : كالمفقود في حرب أو غزو
·       # نتائج الحكم باعتبار المفقود ميتا : أو في طائرة سقطت أو سفينة غرقت :
و يحكم في هذه الحالات بموت المفقود بعد مرور فترة قصيرة نسبيا هي مدة سنة من تاريخ إعلان فقده لغلبة مظنة الهلاك وذلك وفقا للفقرة الثالثة من المادة 237 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28 لسنة 2005م . .
* المفقود في ظروف لا يغلب فيه الهلاك أو التلف : كالمفقود في رحلته إلي بلد بغرض السياحة أو العلاج أو الدراسة :
و يحكم في هذه الحالات بموت المفقود بعد مرور فترة زمنية أطول نسبيا من سابقتها و يترك أمر تقديرها للقاضي  ، و ذلك لعدم رجحان مظنة الهلاك ، وقد اختلف الفقه في تقديرها فمنهم من قدرها 75 سنة بعد الفقد ، و منهم من قدرها ب 130 بعد الفقد ، و منهم من قدرها بالمدة التي يعيش فيها أقرانه . إلا أن المشرع حدد هذه المدة في القانون الجديد بما لا يقل عن أربع سنوات.

& و في الفرضين لا يجوز للقاضي أن حكم بموت المفقود إلا بعد التحقق بكافة الوسائل المتاحة من حياته .

2 - نتائج الحكم بموت المفقود :
1 – رد ما حجز له من إرث أو وصية إلي ورثة المورث أو ورثة الموصي .
2 – توزيع أمواله الخاصة بين ورثته بعد مضي مالا يقل عن خمس عشرة سنة  من تاريخ إعلان الفقد.
3 – تعتد زوجته عدة وفاة من وقت صدور الحكم بموته .

# نتائج ظهور المفقود حيا بعد الحكم بموته :
1 – له الحق في طلب رجوع زوجته إليه ، ما لم تكن قد تزوجت و دخلت بزوج ثان حسن النية .
2 – له الحق في استرداد أمواله التي وزعت علي ورثته ، ما لم يتصرفوا فيها بحسن نية .
3 – له الحق في طلب استرداد وصاياه التي سبق و أن أوصي بها من الموصي لهم ، ما لم يتصرفوا فيها بحسن نية .

نقد :
انتقدت أحكام المفقود لأنها تراعي مصالحه دون مراعاة لمصالح زوجته و أولاده .

الرد علي النقد :
هذه الإحكام تمثل الحد الادني و للقاضي أن يقدر المسائل الأخرى علي أساس أن درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح ، فرعاية حقوق المفقود عند ظهوره حيا تدرأ عنه مفسدة و من ثم فهي أولي بالرعاية من غيرها .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه