بحث التزامات البائع بنقل الملكية في القانون الجزائري

0
الخطة
مقدمة:
 المبحث الأول: نقل الملكية في المنقول.
 المطلب الأول: نقل الملكية في المنقول المعين بذاته.
 الفرع الأول: قاعدة انتقال الملكية فور إبرام العقد
 الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة عن القاعدة
 الفرع الثالث: حكم نقل الملكية في البيع الجزاف 
 المطلب الثاني: نقل الملكية في المنقول المعين بنوعه.
 الفرع الأول: نقل ملكية الشيء المعين بنوعه بالإفراز
 الفرع الثاني: حكم امتناع البائع عن الإفراز
 الفرع الثالث: نقل الملكية في الأشياء المصدرة إلى المشتري

 المبحث الثاني: نقل الملكية في العقار.
 المطلب الأول: الشهر العقاري.
 الفرع الأول: تعريف الشهر العقاري وآثاره
 الفرع الثاني: أنظمة الشهر العقاري
 الفرع الثالث: النظام المتبع في الجزائر 
 المطلب الثاني: التسجيل في بيع العقار.
 الفرع الأول: انتقال الملكية بعقد مسجل في القانون الجزائري
 الفرع الثاني: التزام بين مشتريين بعقد مسجل
 الفرع الثالث: أثر عدم التسجيل في بيع العقار في القانون الجزائري

خاتمة

 المبحث الأول: نقل الملكية في المنقول
تعتبر نقل الملكية من الالتزامات التي تقع على عاتق البائع بمجرد انعقاد البيع، وتنفيذ التزام البائع بنقل الملكية يختلف بحسب المبيع، فإذا كان المبيع منقولا معينا بالذات فإن نقل الملكية ينفذّ فورًا وبمجرد العقد وهذا بقوة القانون حسب المادة 165 من القانون المدني الجزائري (المطلب الأول)، أما إذا كان المبيع يعلق على قيام البائع بإفراز المبيع حسب المادة 166 من القانون المدني الجزائري (المطلب الثاني)
 المطلب الأول: نقل الملكية في المنقول المعين بذاته
 الفرع الأول: قاعدة انتقال الملكية فور إبرام العقد
تنص المادة 165 من القانون المدني الجزائري :" الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر من شأنه أن ينقل بحكم القانون الملكية أو الحق العيني، إذا كان محل الالتزام شيئًا معينا بالذات يملكه الملتزم وذلك مع مراعاة الأحكام المتعلقة بالإشهار العقاري."
ويفهم من هذا النص أن نقل الملكية في المنقول المعين بالذات يتم بمجرد العقد دون حاجة إلى أية إجراءات وهذا بحكم القانون ويسري هذا الأمر بالنسبة للمتعاقدين و الغير وهذا متى توفرت الشروط اللازمة.
أولا: شروط تطبيق قاعدة انتقال الملكية فور إبرام العقد
تطبيق قاعدة انتقال الملكية في المنقول المعين بذاته بمجرد العقد دون حاجة إلى أية إجراءات متى توافرت الشروط المطلوبة وهي:
‌أ- أن يكون المبيع معينا بذاته: وهذا شرط بديهي لان الملكية باعتبارها حقا عينا لا ترد إلا على الأشياء المعينة بالذات التي تتميز عن غيرها بصفات خاصة تعينها تعيينا ذاتيا بحث لا يقوم غيرها مقامها عند الوفاء فينظر فيها إلى وصف ذاتي يميزها عن غيرها كسيارة معينة من طراز معين تحمل رقم معينًا...
ومن أمثلة عدم التعيين بالذات أن يتم البيع مع خيار التعيين ويترتب على ذلك أن المشتري يصبح مالكًا للمنقول الذي وقع عليه الخيار من وقت التعاقد.
‌ب- أن يكون المبيع مملوكا للبائع وقت البيع: لان فاقد الشيء لا يعطيه لأنه إذا كان البائع غير مالك للمبيع يستحيل نقل الملكية إلى المشتري لان بيع ملك الغير لا يؤدي إلى انتقال الملكية إلى المشتري وهنا يكون عقد البيع باطلاً نسبيا أي يصبح صحيحا إذا أقره مالك الشيء أو أصبح نفسه مالكا للشيء الذي باعه.
‌ج- أن يكون المبيع موجودا وقت العقد: لأنه إذا كان محتمل الوجود مستقبلا كما في بيع المحصول فإنه لا يكون صالحا لأن يرد عليه حق ملكية لا للبائع ولا للمشتري فلا يتصور أن تنطبق عليه القاعدة.
‌د- أن يكون التزام البائع بنقل الملكية بتًا: أي غير معلق على شرط ولا مضاف إلى أجل وإلا فإنه مما يخالف قصد المتعاقدين من انتقال ملكية المبيع إلى المشتري من وقت العقد، ولقد أجاز المشرع حسب المادة 363 من القانون المدني الجزائري أن يشترط البائع توقيف نقل الملكية إلى غاية دفع المشتري لكامل الثمن في حالة كونه مؤجلا.
‌ه- إلا ينص القانون على شرط آخر كالتسجيل: وهذا ما نجده في بيع بعض المنقولات كبيع السفينة حسب المادة 49 من المرسوم 76 – 80 المتضمن القانون البحري.
وخلاصة القول: إذا توافرت الشروط المذكورة آنفًا، فإنه يترتب على العقد البيع نقل الملكية فور التعاقد، ويترتب على ذلك أيضا مجموعة من الآثار نشير إلى أهمها:
ثانيا: آثار تطبيق قاعدة انتقال الملكية فور إبرام العقد:
1- يكون للمشتري حق التصرف في المبيع بمجرد التعاقد ولو لم يتسلم المبيع.
2- أن يكون للمشتري الحق في ثمار المبيع ونمائه بمجرد التعاقد ولو لم يتسلم المبيع.
3- يكون للمشتري أن يسترد المبيع عينا من بين موجودات تفليسة البائع ويستأثر به دون جماعة الدائنين باعتباره مالكا له.
4- على المشتري تحمل مصروفات حفظ المبيع وصيانته والتكاليف المفروضة عليه منه وقت انتقال الملكية إليه (حسب المادة 389 من القانون المدني الجزائري).
5- تنتقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري لا في حق المتبايعين وحدهما بل أيضا في حق ورثة ودائن كل منهما.
6- وهناك اثر سادس أخذ به المشرع الفرنسي وهو تبعة هلاك المبيع تكون على المشتري بعد العقد وقبل التسليم وهذا مخالف لما أخذ به المشرع الجزائري.
 الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على قاعدة انتقال الملكية فور إبرام العقد
إذا كان المبدأ هو انتقال ملكية المبيع إلى المشتري في البيع المعني بالذات لمجرد العقد متى توفرت الشروط السابقة لأن هذا المبدأ قد تعتريه بعض المساوئ فيحل بما ينبغي أن يكوون عليه التعامل من ثقة واستقرار وهذا من خلال الاستثناءات الآتية:
أولا: مبدأ الحيازة في المنقول بحسن نية سند للملكية:
فإذا استبقى البائع المبيع بين يديه لأي سبب من أسباب (وديعة) أو تراخي المشتري في تسليم المبيع، وقام البائع بالتصرف ثانية في المبيع ذاته للغير تصرفا ناقلا للملكية وتسلمه منه هذا الأخير، انتقلت ملكية المبيع للمشتري الثاني إذا توافرت شروط قاعدة "الحيازة في المنقول بحسن نية وبسند صحيح ناقل للملكية" وتطبق هذه القاعدة إذا تعلق الأمر بمنقول وكان القصد هو التمليك وان يكون المشتري ثاني حسن النية أي أن يعتقد حقيقة انه تلقى الشيء عن مالكه الحقيقي وان يكون التصرف بناءا على سند صحيح أي عقد بيع ناقل للملكية والحيازة في ذاتها قرينة ما لم يقم دليل على خلاف ذلك وهذا حسب المادة 835/1 من القانون المدني الجزائري التي نصت:"من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على المنقول أو سندا كاملة فإنه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية وقت حيازته."
ومنه فإن المشتري يمتلك المبيع ليس بناءا على عقد البيع لملك الغير لان القاعدة أن نقل الملكية لا يتم إلا عن مالك (المادة 165 من القانون المدني الجزائري) ولكن بناءا على هذه القاعدة، لأن هذه القاعدة أورد المشرع عليها بعض القيود في حالة انه حاز لمالك المنقول أو السند كاملة إذا فقده أو سرق منه أن يسترده ممن حازه له حسن نية خلال 3 سنوات من وقت الضياع أو السرقة (836 من القانون المدني الجزائري).
ثانيا: الاتفاق على تأجيل نقل الملكية:
قد يتفق المتعاقدان على تعليق نقل الملكية على شرط واقف أو إلى أجل باعتبار أن نقل الملكية ليس من النظام العام فيمكن الاتفاق على تأجيل نقل الملكية إلى حين الوفاء بجميع أقساط الثمن وهذا حسب المادة 363/1 من القانون المدني الجزائري:" إذا كان ثمن البيع مؤجلا جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري مرفوعا على دفع الثمن كله ولو تم تسليم الشيء المبيع".
وهذا البيع ليس موصوفا فهو غير معلق على شرط، إذ ينعقد وتترتب عليه كل آثاره ماعدا نقل الملكية فإذا دفع المشتري الثمن انتقلت الملكية وتملكها المشتري بأثر رجعي أي يعتبر مالكا للمبيع من وقت العقد وهذا حسب المادة 363/3 من القانون المدني الجزائري :" وإذا أوفى المشتري جميع الأقساط يعتبر أنه تملك الشيء المبيع من يوم البيع."
- أما في حالة عدم تحقق الشرط فيظل البائع مالكا للشيء ويزول البيع بأثر رجعي كما يمكن للبائع المطالبة بالتنفيذ العيني بدلا من الفسخ.
- كما أنه في حالة عدم استفاء المشتري لأقساط الثمن يمكن للبائع أن يطالبه بقيمة التعويض المتفق عليها وهذا حسب المادة 363/2 من القانون المدني الجزائري.
ثالثا: نقل ملكية المنقولات المستقبلية.
إذا كان المبدأ العام هو جواز التعاقد على الشيء مستقبل من كان محققا وفقا للمادة 92/1 من القانون المدني الجزائري غلا أنه متى ورد البيع على منقول معين بذاته مستقبلا فالملكية فيه لا تنتقل للمشتري بمجرد العقد، لعدم وجود المبيع وقت البيع وإنما يتأخر انتقالها إلى ما بعد وجود المبيع، فوجوده شرط لانتقال، فيكون المبيع حينئذ معلقا على شرط وجود المبيع ذاته.
الفرع الثالث: حكم نقل الملكية في البيع الجزاف:
البيع الجزاف هو البيع الذي يتم على مجمل أشياء في مكان معين ومثاله أنه بيع متخفي ما في مخزنه من صناديق البرتقال إذا في هذه الحالة يتحدد المبيع على أساس ما في المخزن ومنه فتحديد المبيع في بيع الجزاف يتم على أشياء تحدد بمكان وجودها وليس عن طريق وزنها أو عددها فيعتبر معينا بذاته نظرا لعدم الحاجة إلى تقدير المبيع لتعيينه وهذا ما نصت عليه المادة 362 من القانون المدني الجزائري :" تنتقل الملكية في البيع الجزاف إلى المشتري بنفس الطريق التي تنتقل بها ملكية الشيء المعين، ويعتبر البيع جزافا ولو كان تعيين الثمن موقوفا على تحديد قدر الشيء المبيع."
إذن يتبين من نفس المادة 362 أن ملكية المبيع في البيع الجزافي تنتقل بنفس طريق انتقال ملكية المعين بذاته أي بمجرد انعقاد العقد دون الحاجة إلى أي إجراء آخر.
المطلب الثاني: نقل الملكية في المنقول المعين بنوعه:
المنقول المعين بنوعه هو من المثليات التي تختلط ببعض ويقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء وهذا حسب المادة 686 من القانون المدني الجزائري وتبعا لذلك لا تنتقل الملكية فيها إذا كانت محلا للبيع إلا بالفرز، وهذا بواسطة عزل المبيع عن غيره وتفريده بحيث يصبح معينا بالذات وهذا التزام يقع على عاتق البائع.
الفرع الأول: نقل ملكية الشيء المعين بنوعه بالإفراز:
وفي هذا الصدد نصت المادة 166/1 من القانون المدني الجزائري:" إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء."
والظاهر من هذا النص أن المنقول المعين بالنوع لا تنتقل ملكيته إلا إذا تم تعيينه عن طريق الفرز والفرز يكون إما عن طريق عد المبيع أو وزنه أو كيله أو مقاس، وإما أن يكون عن طريق تسلمه، وهذا هو الغرض الغالب، وإما عن طريق وضع علامات المشتري عليه وهذا تبعا لطبيعة الشيء المبيع.
ومنه يمكن تعريف الفرز على أنه تجنيب البائع شيئا من نفس النوع الذي التزم بسببه وذلك بقصد اعتبار ما تم تجنيبه هو الشيء المبيع والإفراز يصبح المبيع معينا بالذات إضافة إلى وجوب توافر بعض الشروط للفرز حتى تنتقل الملكية وهي:
1- يجب أن يتم الإفراز في المكان الذي يتفق على حصوله فيه أو في مكان التسليم.
2- يجب أن يتم الإفراز في الوقت المتفق عليه وفي حالة عدم وجود اتفاق على ذلك يتم الفرز وقت التسليم باعتبار أن هذا الوضع الغالب.
3- وقد اختلف فيما إذا كان يجب أن يتم الإفراز في حضور المشتري باعتبار أن هذا الأخير باستطاعته رفض قبول المبيع إذا لم يطابق العينة أو الصنف المتفق عليه.
ويترتب على انتقال ملكية المنقول المعين بالنوع بالإفراز ما يلي:
1. أن يكون للمشتري من هذا الوقت أن يتصرف في المبيع باعتباره مالكا له.
2. كما يمكن للمشتري أن يسترد المبيع من تفليسة البائع دون التعرض لمزاحمة دائني البائع المفلس.
3. كما يمكن لدائن المشتري الحجز على الشيء المبيع تحت يد البائع.
أما قبل الفرز فلا تترتب هذه الآثار إلا فيما يخص تبعة الهلاك.
الفرع الثاني: حكم امتناع البائع عن الإفراز
إذا إمتنع البائع عن القيام بما هو لازم لإفراز المبيع كان للمشتري:
1- إجبار البائع على تنفيذ التزامه (أي القيام بالإفراز) تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكنا حسب المادة 164 من القانون المدني الجزائري:" يحيز المدين بعد اعذاره طبقا للمادتين 180 و 181 على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا، متى كان ذلك ممكنا."
2- يجوز للمشتري أن يحصل على شيء من النوع ذاته من السوق على نفقة البائع وهذا بعد استئذان القاضي فيشتريه بنفسه ثم يرجع بالثمن والمصروفات على البائع.
3- كما يحق للمشتري المطالبة بتعويض إذا ما تسبب تأخر البائع في الفرز حصول ضرر له وهذا وفقا للمادة 166/2 من القانون المدني الجزائري.
4- كما أنه يحق للمشتري طلب فسخ العقد مع طلب التعويض باعتبار أن البائع قد أخل بالتزاماته تجاه المشتري فحق لهذا الأخير المطالبة بالفسخ مع التعويض بعد اعذاره للبائع وفقا للمادة 119 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثالث: نقل الملكية في الأشياء المصدرة إلى المشتري:
والتي نص عليها المشرع في المادة 368 من القانون المدني الجزائري :" أذا وجب تصدير المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك."

المبحث الثاني: نقل الملكية في العقار
إن البيع الوارد على العقار لا ينعقد انعقادا صحيحا إلا إذا استوفى ركن الشكلية إضافة إلى أركان أخرى، لذلك فهو ليس بعقد رضائي كما في بيع المنقولات بل هو عقد رسمي وهذه الشكلية تتمثل في التوثيق، فإذا توفرت هذه الأركان انعقد البيع صحيحا وإلا كان باطلا.
حتى وان انعقد البيع صحيحا فإن نقل الملكية لا يتم إلا بإجراء التسجيل لدى مصلحة التسجيل واخيرا شهره في مجموعة القطاعات العقاري لكي يرتب المبيع اثره العيني وهو نقل الملكية.
المطلب الأول: الشهر العقاري
لقد تناول المشرع في المادة 165 من القانون المدني الجزائري التي نصت:" لا تنتقل الملكية والحقوق الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا ......... الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار." من خلال هذين النصين يتضح لنا أن انتقال الملكية في العقارات أو الحقوق العينية الأخرى كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق السكن والحكر .......... لا يتم إلا بعد اتخاذ إجراءات الشهر المنصوص عليها في القانون سواء كان المتعاقدين أو بالنسبة للغير لأنه قبل الشهر لا ترتب هذه الحقوق سوى مجرد التزامات شخصية بين طرفي العقد حسب المادة 85 من المرسوم 76 – 63 المتعلق بتأسيس السجل التجاري، كما نصت المادة 15 من الأمر 75 – 74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام، وتأسيس السجل العقاري على أنه :" كل حق للملكية وكل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا عن تاريخ إشهارها هما في مجموعة البطاقات العقارية، غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية."
كما نصت المادة 16 من نفس الأمر على أنه:" أن العقود الإدارية والاتفاقات التي تبرم إلى إنشاء أو نقل أو تفريغ أو تعديل أو انقضاء حق عيني، لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية."
ومن خلال هذين النصين أيضا نستخلص أن كافة التصرفات التي من شانها نقل الملكية العقارية يجب أن تشهر باستثناء نقل الملكية عن طريق الوفاة.
وباعتبار بيع العقار عقد رسمي (المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري) لا يمكن شهره إلا إذا تم في شكله القانوني و إلا كان باطلا وهذا ما نصت عليه المادة 61 من المرسوم 76 – 63 المتعلق بالسجل العقاري:" كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم في شكل رسمي."
الفرع الأول: تعريف الشهر العقاري وصحيته:
أولا: تعريف الشهر العقاري:
سهر العقار هو تكوين بطاقة عقاري لدى المحافظ العقاري في السجل المعدل لذلك وعن طريقه يعلم الغير الراغبين في التعامل في العقار معرفة كل ما يتعلق بذلك العقار، وكذلك كل الحقوق الواردة عليه والشهر يتم إما عن طريق التسجيل بالنسبة للحقوق العينية الأصلية أو عن طريق القيد بالنسبة للحقوق العينية التبعية.
فالتسجيل: يتم بإثبات كل البيانات الواردة في المحرر الذي يراد شهره في سجل معد لذلك حتى يتعرف الجميع على ما ورد في التصرف المسجل.
أما القيد: فيكون بإثبات البيانات الجوهرية فقط للتصرف المراد شهره بناءا على قيد (قائمة) يتقدم بها الدائن يذكر فيها اسمه واسم الدائن وبيان العقار الوارد عليه حق عيني تبعي المراد قيده.
وتكمن الحكمة من الشهر العقاري باعتباره يحقق استمرار الملكية العقارية و يدعم الثقة في المعاملات العقارية كما يحقق سلامة التصرفات العقارية ويسهل تداولها ومن شانه أيضا تشجيع الائتمان العقاري (الإقراض بضمان الحقوق العقارية).
ثانيا: آثار الشهر العقاري:
طبقا للنصوص السابقة (793 من القانون المدني الجزائري المادتين 15 و 16 من الأمر رقم 75 – 74) فإن العقد الغير مشهر لا ينقل الملكية، وبالتالي فإتمام الإشهار يرتب انتقال الملكية و يحتج بهذا الانتقال فيما بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير.
كما يفهم من النصوص أنه ليس للشهر أثر رجعي:" لا أثر لها إلا من يوم إشهارها." ومن وقت الشهر يصبح المشتري مالكا للعقار وله أن يتصرف فيه ويستغله و يستعمله.
ثالثا: حجية الشهر العقاري:
أن ضمان الحقوق العينية العقارية لا يتحقق إلا عن طريق شهرها في السجل العقاري وليس للشهر تأثير في صحة التصرف ولا يترتب عليه إزالة العيوب التي تكون عالقة بالسند الذي تم على أساسه الشهر وهذا ما يعني أن حجية الشهر ليست سوى قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس أي أنه يمكن الطعن في التصرف الذي ظهر بسبب عيب الشكل أو الجوهر وهذا إذا تبين للمحكمة أن الطعن يستند إلى سبب مقبول وأخذت به فإنه يتم شطب وإزالة الشهر وجميع آثاره بين المتعاقدين، ومنه فقيمة الشهر مرتبطة بقيمة التصرف الذي قام عليه الشهر فإذا كان التصرف صحيحا فتكون للشهر حجية مطلقة، أما إذا كان التصرف باطلا فإنه يظل كذلك على الرغم من شهره.
فحين يرى البعض أن الشهر يصحح التصرف المعيب ويمنح صاحبه حجية مطلقة في مواجهة الغير، فإننا نقول أن هذا غير صحيح ودليلنا في ذلك هي النصوص التي أوردها المشرع التي تجيز الطعن في التصرفات المشهرة ومنها:
1- المادة 24 من الأمر 75- 74:" تكون قرارات المحافظة العقارية قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا."
2- المادة 85 من المرسوم 76- 63 :" إن دعاوي القضاء الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم شهرها..."
3- المادة 86 من المرسوم 76- 63:" إن فسخ الحقوق العينية أو إبطالها أو إلغائها أو نقضها...".
الفرع الثاني: أنظمة الشهر العقاري:
ويمكن تفسير الشهر العقاري إلى نوعين رئيسيين وهما:
- نظام الشهر الشخصي ونظام الشهر العيني (نظام السجل التجاري):
أولا: نظام الشهر الشخصي:
تكمن وظيفة هذا النظام العلنية فقط و ليس له أية قوة ثبوت غذ يقتصر على شهر التصرف كما هو دون الاهتمام بصحته الحق الذي يرمي إلى إنشائه وبقوم هذا النظام على إنشاء سجل عام في مختلف إقليم الدولة و يحتوي هذا السجل على قوائم المتصرفين ومنه يبين أن الشهر يتم على أساس أسماء الأشخاص الصادرة منهم التصرفات لا على أساس أسماء الأشخاص الصادرة منهم التصرفات لا على أساس العقار الذي هو محل التصرف، إضافة إلى أن النظام لا يصحح التصرف الباطل ويبطل عقد صحيحا ولا يحقق استقرار الملكية.
ويتم الشهر الشخصي وفق طريقتين إما حسب الترتيب الزمني لتقديم محررات الشهر وحسب الترتيب الأبجدي لأسماء الأشخاص.
عيوب هذا النظام: ويعيب الفقهاء هذا النظام بالآتي:
1- أنه لا يعطي للمتصرف إليه مشترط أنه ضمانة بثبوت حقه في العقار أو في أي حق عيني أكتسبه بصفة نهائية (حكم بطلان العقد).
2- كما يعاب النظام من حيث الحصر إذ لم يحصر التصرفات حصرا دقيقا.
3- إضافة إلى أنه معين من ناحية الترتيب لأن التسجيل والقيد يكون عن طريق أسماء الأشخاص ما قد يؤدي إلى الخلط في حالة تشابه السماء.
ثانيا: نظام الشهر العيني:
يقوم هذا النظام على أساس أن التصرفات لا تشهر بأسماء القائمين بها، بل وفقا للعقار ذاته الذي وقع عليه التصرف، فككل عقار سجل عقاري خاص تكتب فيه جميع التصرفات التي تقع على عقار وما ينقله من حقوق، كما أن التصرفات الواجبة الشهر لا تتم إلا بعد التأكيد والتحري من صحتها وهذا من خلال استقصاء عن موقع العقار وحدوده ومساحته ثم عن الأسماء من وقع منهم التصرف وأهليتهم ثم عن التصرف نفسه إذا كان صحيحا يشهر ويسجل وإذا كان التصرف معيبا فلا يتم الشهر والتسجيل ويكون للتصرف المشهر في هذا النظام حجية كاملة وإذ كان هنالك عيب في التصرف ولم يكتشف إلا بعد التسجيل فإن العيب يظهر ويزول بموجب التسجيل ومنه فالشهر في هذه الحالة هو الناقل للحق وليس للعقد.
أما من ناحية عيوب هذا النظام فتتمثل أساسا إلى ما يتطلبه من جهود ونفقات باهضة في مسح الأراضي، قبل الأخذ به.
ويقوم نظام الشهر العيني على مجموعة من المبادئ وهي:
1- مبدأ التخصيص: أي أنه تخصص صحيفة من السجل لكل وحدة عقارية وتدون فيها كل التصرفات الواردة على العقار وهذا ما أخذ به المشرع في المادة 23 من المرسوم 76- 62 المتعلق بإعداد مسح الراضي العام.
2- مبدأ قوة الثبوت المطلقة: وهي قرينة لا تقبل إثبات العكس أي أن ما هو مدون في الصحيفة هو الحقيقة
3- مبدأ الشرعية: أي أن التسجيل لا يتم إلا بعد التحري والاستقصاء مما يجعل إيراد التسجيل على عقد معيب نادرا جدا.
4- مبدأ عدم التقادم: إذ لا يمكن اكتساب الحقوق العينية الأصلية في نظام السجل العيني أيا كان الزمن.
الفرع الثالث: النظام المتبع في الجزائر:
يتضح من الأمر 75- 74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 والذي يتضمن مسح الأراضي وتأسيس السجل العقاري ومن المرسوم رقم 76- 62 المؤرخ في 25 مارس 1976 والذي يتعلق بإعداد مسح الأراضي العام أن القانون الجزائري قد اتبع نظام السجل العيني، وهذا ............. الملكية في العقار في الجزائر بالتسجيل الذي يعتبر حجة قاطعة على انتقال الملكية ويؤدي إلى تطهير التصرف المعيب لأنه هو الذي ينقل الملكية لا التصرف القانوني، كما يحقق هذا النظام ميزة استقرار الملكيات عكس نظام الشهر الشخصي.
المطلب الثاني: التسجيل في بيع العقار:
التسجيل وحده ينقل الملكية طبقا لنظام الشهر العيني المطبق في الجزائري و لتسجيل حجيته المطلقة وأثره قاطع في نقل الملكية، شريطة أن يفرغ العقد في شكله الرسمي (شرط التوثيق).
الفرع الأول: انتقال الملكية بعقد مسجل في القانون الجزائري:
أولا: شرط التوثيق لانعقاد البيع العقاري:
لقد نصت المادة 12 من الأمر رقم 70- 91 المؤرخ في 15/12/1970 المتضمن تنظيم التوثيق على أنه:" زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي فغن العقود التي تتضمن نقل العقار أو الحقوق عينية عقارية أو المحلات التجارية أو صناعية أو كل عنصر من عناصرها أو التخلي عن أسهم من شركة أو جزء منها أو عقود إيجار زراعية أو تجارية أو عقود تسيير المحلات التجارية أو المؤسسات الصناعي، يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر هذه العقود في شكل رسمي مع دفع الثمن إلى الموثق."
ومفاد هذه المادة أن التصرفات التي ترد على عقار يجب توثيقها وإلا كانت باطلة والتصرفات تشمل البيع والمقايضة والهبة والرهن وكذا تقرير حق الانتفاع على عقار بمقابل أو دون مقابل، ويجب أن يتم التحرير بمعرفة موثق مختص.
ثانيا: شرط التسجيل لنقل الملكية:
وفضلا عن التوثيق فغن المشرع استلزم شهر العقد ليحدث أثره الناقل للملكية عملا بالمادتين 15- 16 من قانون تأسيس السجل العقاري الصادر بالأمر 75- 74 مؤرخ في 12/11/1975 فيجب تسجيله لكي يحدث أثره سواء بالنسبة للمتعاقدين أو بالنسبة للغير.
ولا تعرض بين اشتراط التوثيق مع اشتراط الشهر، لان وظيفة التوثيق هي تكوين العقد فهنا تكمن وظيفة التسجيل إحداث العقد لأثره العيني وهذا وفقا لنظام التسجيل العيني المتبع في الجزائر.
ثالثا: التسجيل في البيوع المتتالية في التشريع الجزائري:
في حالة توالي البيوع على العقار الواحد لا يستطيع المشتري الأخير تسجل عقده إلا إذا كانت عقود المشترين السابقين مسجلة بدورها، وهذا بالنسبة لكلا من النظامين.
وللمشتري أن يطالب البائع الأصلي مباشرة بتيسير إجراءات التسجيل إذا بوصفه خلفا خاصا للمشتري الأول تكون قد انتقلت إليه الحقوق.
وإذا تزاحم المشترون فالقاعدة هي التفضيل بينهم على أساس الأسبقية في التسجيل لا على أساس تاريخ انعقاد العقد أو توثيقه شريطة أن تصدر البيوع المتعارضة من نفس المالك وأن يكون التصرف تصرفًا حقيقيا وواردا على نفس العقار.
ونفس القاعدة تطبق في حالة التزاحم بين المشتري من المورث والمشتري من الوارث، فيتم التفضيل على أساس الأسبقية في التسجيل أيضا.
رابعا: الآثار المترتبة عن تسجيل العقار:
إن التسجيل وحده ينقل الملكية طبقا لنظام الشهر العيني المطبق في الجزائر وان للتسجيل حجيته المطلقة وأثره القاطع في نقل الملكية سواء بالنسبة للغير ولو كان التصرف باطلا فهو يصحح عيوب التصرف، فهو أيضا يقوم بتوجيه التصرفات المعيبة ويصححها مما يؤدي إلى استقرار التعاملات العقارية.
الفرع الثاني: أثر عدم التسجيل في بيع العقار في القانون الجزائري:
إن عقد البيع العقاري الغير مسجل تترتب عليه جميع أثار عقد البيع فيما عدا الثر الناقل للملكية ومنه لا يترتب على هذا البيع سوى التزامات شخصية من البائع والمشتري رغم أن البيع يكون موثقا أي محررا في وثيقة رسمية ومنه فإن المشتري يستطيع إجبار البائع عن القيام بإجراءات نقل الملكية ذلك عن طريق القضاء بواسطة دعوى صحة التعاقد أو دعوى صحة التوقيع.
أولا: دعوى صحة التعاقد:
......... المشتري للحصول على ........... العيني لالتزام البائع هو رفع دعوى صحة التعاقد أي دعوى صحة البيع ونفاذه فإذا ما صدر الحكم لصالح المشتري قام بتسجيله ويصير المشتري مالكا من وقت تسجيل الحكم.
ولكي تحكم المحكمة بصحة التعاقد يجب أن تتحقق من صحة العقد وغلا رفضت الدعوى وان تتحقق من التزام البائع بنقل الملكية ليس مؤجلا ولا معلقا على شرط واقف، وإلا كانت الدعوى سابقة لأوانها.
ثانيا: دعوى صحة التوقيع: 
وهي دعوى يكمل بها المشتري الإجراء الذي ينقصه للتسجيل وهو توقيع البائع أي أن المشتري يطلب الحكم أن التوقيع المدون في العقد هو توقيع البائع ويقوم الحكم الصادر لصالح المشتري في هذه الحالة مقام التصديق على الإمضاء دون أن تتطرق المحكمة إلى صحة التعاقد ولذلك لا يكفي التسجيل الحكم لصحة التوقيع لنقل الملكية إلى مشتري بل يجب أن يسجل معه عقد البيع ذاته.












خاتمة:
من خلال ما سبق التطرق إليه في بحثنا هذا فإن انتقال الملكية من البائع إلى المشتري سواء في المنقول أو العقار يرتب مجموعة من النتائج المتمثلة أساسا في النقاط التالية:
- للمشتري حق التصرف في المبيع ولو قبل التسليم.
- تكون ثمار المبيع ونمائه للمشتري من وقت نقل الملكية ويجب أن تسلم له مع المبيع.
- للمشتري استرداد المبيع من تفليسة البائع.
- لدائني المشتري الحجز على المبيع ول لم يسلمه البائع.
- يحتمل البائع تبعة هلاك المبيع قبل تسليمه للمشتري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه