أسباب الاهتمام الدولي لحماية الطفل

0
أسباب الاهتمام الدولي حماية الطفل
إذا كانت أغلب الاتفاقيات الدولية يغلب عليها الطابع التقليدي أو السيادي كالحروب والعلاقات الدبلوماسية خصوصا في مراحل زمنية مرت بها البشرية لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية، فإن الاهتمام الدولي بعد هذا تحول إلى مجالات أكثر أهمية وخطورة، فأتجه إلى تنظيم مسائل اقتصادية، اجتماعية ظلت خاضعة زمنا طويلا للاختصاص الوطني، من بينها تنظيم التجارة والأموال العابرة للدول، وكذا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وحماية الطوائف البشرية الأكثر حاجة إلى الرعاية كالأطفال والأمهات والمعوقين وكبار السن وغيرهم.
ولقد حضي الطفل باهتمام دول العالم، وشغل المجتمع الدولي بحقوقه إذ يبقى التساؤل مطروحا عن ماهي الأسباب والعوامل التي دعت المجتمع الدولي إلى ضرورة اللإهتمام بالطفل وحقوقه؟.
يمكن إجمال تلك الأسباب والعوامل فيما يلي:
1-     إن حماية حق الطفل من الناحية التاريخية يعد امتدادا طبيعيا لذلك الاتجاه والموقف الإيجابي الذي عرفت الحماية الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ولقد تمكن المجتمع الدولي بحق من ترسيخ تلك القواعد والمبادئ  التي تحكم هذه الحقوق في كافة المواثيق المعينة بهذا المجال دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو العقيدة أو غيرها، وبالتالي أنعكس هذا العمل الدءوب والانشغال الدائم إلى ضرورة تكريس حقوق الفئات ذوي الظروف الخاصة والأكثر حاجة للرعاية، والأقل قدرة مواجهة الخاطر والمشاكل ويأتي الأطفال في مقدمة هذه الطوائف الأولى بالرعاية والحماية.
2-     تعد الحروب والصراعات والخلافات التي تنشأ بين الدول على مستوى الدولي وينجم عنها ضحايا من بينهم النساء والأطفال، أحد الأسباب المهمة في لغة انتباه المجتمع الدولي إلى خطورة الأوضاع السلبية الناشئة عن هذه الحروب ولعل النزاعات والحروب الأخيرة في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها لأكبر دليل على فظاعة الآثار السلبية التي وقع ضحيتها الأطفال خصوصا في العراق أين يعاني أطفالها إلى يومنا هذا من الأمراض والتشرد والإهمال مالا يتصوره أحد.
3- كما أن الحوادث والكوارث الطبيعية كالجفاف والتصحر والزلزال التي تمس العديد من الدول ألقت بظلالها على الخسائر مادية والبشرية التي تركها بعد زوالها، وبما أنها تضرب بدون استثناء فإن الأطفال كذلك يروحون ضحية لها سواء يلقيان حتفهم أو ببقائهم مشردين ومهملين دون عائل يعولهم يضاف إلى مجموعة الحوادث والكوارث ، الأمراض المتفشية التي أضحت تهدد معظم دول العالم المختلفة وعلى الخصوص الدول الإفريقية أين أضحى مرض نقص المناعة SIDA / VIH يهدد ملايين الناس ونتج تيتيم الملايين.
4- يضاف إلى هدا أن تقاعس بعض الدول عن توفير الحماية والرعاية اللازمين لأطفالهم يجعل من المجتمع الدولي يتحرك ويتدخل لإقرار تلك الحقوق في وثائق دولية ملزمة أو غير ملزمة المهم أن يوقظ الضمير العالمي في تلك المجتمعات بضرورة الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع مما يدفع صانعي القرارات وأجهزة التشريع والتنفيذ إلى مسايرة القواعد والمبادئ الدولية من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الطفولة والعمل على أن تتفق نظمهم القانونية و أوضاعهم الاجتماعية مع الاتجاهات العالمية السائدة.
5- ومن دون الأسباب السابقة تظل هناك أهمية قصوى للعمل على مستوى الدولي لمساعدة الدول خاصة الدول الفقيرة في مجالات الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية للأطفال.
         كما تبقى الضرورة ملحة لمكافحة الاتجار بالأطفال أو استخدامهم لأغراض الدعارة أو غيرها من الأغراض المشبوهة التي لا تتفق مع كرامة الإنسان.
         هذه الأسباب وغيرها مما يدعو المجتمع الدولي إلى ضرورة تبني مواقف إيجابية تجاه الطفولة فمتى أستيقظ الضمير العالمي لحماية الطفل وتأكيد حقوقه؟.
الفرع الأول:المعاهدات الدولية:
         طبقا للمادة 132 من الدستور الجزائري لسنة 1996 فإن المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون وأولى تلك الشروط موافقة كل غرفة من البرلمان صراحة عليها وفق المادة 131 من الدستور.
         وعليه فإن المعاهدات الدولية أهمية كبيرة بحيث أنها تصبح بمثابة قانون داخلي وهذا لا يتعارض مع ميزة السمو التي تتميز بها تلك المعاهدة ذلك أن المقصود بالسمو هنا هو ضرورة تطبيق المعاهدة في حالة تعارض نصوصها مع نصوص أي قانون داخلي .
         و المعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق الطفل كثيرة ولقد بادرت الجزائر إلى التصديق عليها كلها، مما يعكس الإدارة والنية الحسنة لصانعي القرار في الجزائر من أجل الإسراع في توفير أكبر عناية ورعاية لحقوق الطفل عموما والمهمل على وجه الخصوص.
أولا: اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 :
والتي سارعت الجزائر إلى الإنظمام إليها ثلاث سنوات بعد إقرارها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقد أبدت الدولة الجزائرية تصريحات تفسيرية) ( تحفظات(  بشأن المواد 13-14-16-17- من الاتفاقية.
ثانيا:الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل لسنة 1990:
والتي صادقت عليها الجزار سنة 2003 هذا الميثاق أي جاء طبق الأصل الاتفاقية حقوق الطفل مع بعض الاختلافات البسيطة.
ولم تحتفظ الجزائر على أي نص من نصوص على الرغم من أن هذا الميثاق لم يشر ولو عرضا لنظام الكفاية المعمول به في النظام الإسلامي كما فعلت اتفاقية حقوق الطفل، وإنما تتحدث فقط عن التبني في المادة 24 من الميثاق وكأنه النظام الوحيد الذي يطبق في إفريقيا.
الفرع الثاني: الدستـــور:
يأتي الدستور في قمة الهرم القانوني في التشريع الجزائري، وهو يمثل الخلفية والمرجعية الأساسية لكل القوانين التي يجب أن تصدر بمقتضاه وبناءا على القواعد والمبادئ التي تحكمه.
ولقد عرفت الجزائر منذ الاستقلال أربعة دساتير، آخرها دستور 1996 الذي لم يتعرض للطفل ولا لحقوقه، وإنما تعرض لمصدره والمتمثل في الأسرة التي يولد فيها ويكبر، هذه الأسرة حرص المؤسس الدستوري أن تحظى بحماية الدولة والمجتمع وفق ما نصت عليه المادة 58 من الدستور1996 على أنه:﴿ تحظى الأسرة بحماية الدولة والمجتمع ﴾
وكذا ما جاءت به المادة 65 من الدستور التي أوردت حقوق وواجبات الآباء تجاه بعضهم البعض، غير أن المشرع لا يخص الآباء وحدهم بالرعاية بل جعلهم في ميزان واحد هم والآباء، أضف إلى ذلك أن الأمر هنا يتعلق بالابن العادي دون غيره.
         في حين نرى أن دستور 1976 تعرض لمفهوم الطفولة حينما نص في المادة 65 فقرة 02 بأنه : ﴿ تحمي الدولة الأمومة والطفولة والشبيبة والشيخوخة بواسطة سياسة ومؤسسات ملاغة﴾، وهي فقرة أسقطت من دستور 1989 و 1996 دون أدنى مبرر، إذا كان من الأجدر على المؤسس الدستوري لسنة1996 أن يعزز مركز الطفولة أكثر خصوصا بعد مصادقة الجزائر على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1992 بدل أن يلغيها كلية، مما يعكس في  نظرنا غياب سياسة حماية حقوق الطفل على المستوى العالمي.
         وإن اكتفاء دستور 1996 بحماية الأسرة وحدها غير كاف، ذلك أن الحماية هنا قد تبسط على الأطفال العادين فقط أو الشرعيين، أوالذين يعيشون في ظروف مثلما نصت عليه المادة 65 منه بينما لاتغطي هذه الحماية الطفولة المتروكة خصوصا فئة الأطفال أو البناء الغير شرعيين الذين لا ينتمون إلى أي أسرة وبالتالي فهم مبتعدون دستوريا من الحماية.
         لذلك نرى أن حماية الطفولة تتطلب موقفا سياسيا حازما تتجسد قواعده في رحاب الدستور.
                            هذا الحديث لا يعني أن النصوص القانونية الأخرى ليست ذات معنى وإنما الغرض من ذلك تعزيز مكانة الطفل، كما قلنا سابقا وتقوية مركزه كيفما كانت صفته وطبيعته ليترك المجال للنصوص القانونية والتنظيمية التفصيل والتدقيق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه