أسباب ودواعي ترك الأطفال

0
أسباب ودواعي ترك الأطفال:
في حقيقة الأمر لا يمكن حصر أسباب ترك الأطفال وذلك بكل بساطة نظرا لتعدد أشكال ترك واختلاف صورة ولكن مع هذا يمكن تعداد الأسباب الشائعة علما وعملا.
سنقوم بوضعها في مجموعتين «أسباب كبرى ثم نقوم بتفريعها فيما بعد ويتمثل السبب الأول في العلاقات الجنسية غير الشرعية) الفرع الأول(، والسبب الثاني مشاكل أسرية    ) الفرع الثاني(، إلى جانب هذه الأسباب هناك أخرى لا تقل أهمية عم يسبق كأوضاع اقتصادية، النزاعات المسلحة، الحروب الدولية والأهلية وأسباب طبيعية كالزلزال والفيضانات وغيرها».
الفرع الأول:العلاقات الجنسية غير الشرعية:
إن أبرز تلك العلاقات التي يحتمل أن ينتج عنها أطفال غير شرعيون، الزنا الاغتصاب والفسق والدعارة والبغاء.
إذا كان المشرع الجزائري لم يعاقب على جريمة البغاء التي تعتبر من القنوات غير الشرعية لإيجاد أطفال غير شرعيين نجد أن الشريعة الإسلامية حرمت جميع هذه الأفعال ليس بالنظر إلى العقوبة المقررة لها، بل بالنظر إلى الآثار والنتيجة المترتبة عليه، فشيوع الفاحشة يترتب عليها نتائج خطيرة بالنسبة للمجتمع .
فإن جريمة الزنا في القانون بالخصوص الجزائري تختلف عنها في الشريعة الإسلامية ، فالزنا وفقا لأحكام الشريعة أوسع معنى منه في القانون، ذلك أن الزنا في الشريعة هو كل وطء بين رجل وامرأة لا يوجد بينهما رباط شرعي أو ملك اليمين وسواء كان كلاهما أو أحدهما متزوجا بشخص ثان أو غير متزوج، في حين أنه في نظر القانون الجزائري لا يتصور إلا إذا كان طرفا الفعل كليهما أو أحدهما متزوجا، وهو ما نصت عليه المادة 339 قانون العقوبات الجزائري بقولها:« يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا وتطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته...».
ومن جهة أخرى فالشريعة الإسلامية تعاقب على الزنا إذا وقع في كل مكان بينما لا تعتبر بعض التشريعات زنا إلا إذا وقع في منزل الزوجية كالتشريع المصري والعراقي والسوري والأردني.
ولسنا هنا بصدد تفصيل جريمة الزنا وتحديد أركانها وإنما الغرض منها هو ضبط عواقبها الوخيمة وأثارها السيئة على الفرد والمجتمع معا فتنحل الأسر ويضيع النسل وتشيع الفاحشة، فيكثر الأولاد غير الشرعيين، وبالتالي تزايد فئة الأطفال مجهولي النسب.
ذلك أن المشرع الجزائري وباقي التشريعات العربية تجرم الزنا ولا ترتب عنها أي أثر قانوني انطلاقا من أحكام الشريعة الإسلامية حيث بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « الولد للفراش وللعاهر الحجر » وبالتالي لا يجوز لضباط الحالة المدنية أن يسجل ابن الزنا على لقب    واسم – شخص قام بعلاقة جنسية غير شرعية مع أمه، كما لا يجوز للمحكمة أن تأمر بتقييد هذا الولد بإسم من تزعم أمه بأنه أبوه، دون أن تقدم ما يبرر زواجها منه، ويجب على القاضي أوضابط الحالة المدنية أن يتحقق من هذه العلاقة من خلال توفر شروط وأركان عقد الزواج وهو ما أشارت إليه بطرق غير مباشرة المواد من 61 إلى 77 قانون الحالة المدنية الجزائري.
ولقد أكدت عليه المحكمة العليا في العديد من قراراتها أهمها نصها أنه:« من المقرر شرعا أن الزواج الذي لا يتوافر على الأركان المقررة شرعا يكون باطلا، ومن ثم فلا تعتبر العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة زواجا ولما كان كذلك فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام الشريعة الإسلامية إذا كانت الثابت في قضية الحال أن العلاقة التي كانت تربط بين الطرفين علاقة غير شرعية إذ كلهما أعترف بأنه كان يعاشر صاحبه جنسيا، فعلى قضاء الاستئناف إعطائهم إشهادا للمستأنف على اعترافه بالزواج وتصحيحه وإلحاق نسب الولد بأبيه وتقرير حقوق المستأنفة خرقوا أحكام الشريعة الإسلامية ومن كان كذلك أستوجب نقص القرار المطعون فيه بدون إحالة».
وفي نفس السياق أكدت أنه:« من المقرر شرعا أنه لا يعتبر دخولا ما يقع بين الزوجين قبل إبرام عقد الزواج من علاقات جنسية، بل هو مجرد عمل غير شرعي لا يثبت عنه نسب الولد.
هذين القرارين وغيرها وغيرهما كثير،دليل أن الزنا لا يثبت به نسب وبالتالي سينجم عنه لا محالة أبناء غير شرعيين، وهم أشد فئات الطفولة المتروكة حرجا وضياعا في المجتمع قلما يكبرون بصفة عادية.
بالإضافة إلي جريمة الزنا نجد جريمة الاغتصاب وهي من أبشع صور الجرائم الواقعة على العرض والماسة بشرف الأنثى والأسرة معا ولقد شددت معظم التشريعات من عقوبة هذه الجريمة،ومنها التشريع الجزائري الذي حرم الاغتصاب في المادين 336 و 337 من قانون العقوبات وكيفهما على أنها جناية سوءا وقعت ضد البالغة بمفهوم قانون العقوبات «أي فوق 16 سنة» أو ضد قاصرة دون ستة عشرة سنة.
والاغتصاب هو اتصال الرجل بالمرأة إتصالا جنسيا كاملا دون رضاء صحيح منها بذلك ولعل الحكمة من تجريمه كثيرة: أهمها أنه اعتداء على حصانة جسم المجني عليها واعتداء على شرفها، فقد نفرض عليها أمومة غير شرعية وبالتالي ابن غير شرعي  فطفولة مهملة.
ويعد اغتصاب احد الأسباب والعوامل القوية في انتشار ظاهرة الأبناء غير الشرعيين، ومن ثمة الطفولة متروكة.
ومن بين الأسباب الأخرى التي تساعد على انتشار ظاهرة الأبناء غير الشرعيين الفسق والدعارة والبغاء وهي جملة الأفعال الماسة بأخلاق وشرف المرأة معا ولقد عاقب عليها المشرع الجزائري في المواد 342 إلى 349 من قانون العقوبات.
والبغاء  LA  PROSTITUTION  هو الاتصال الجنسي غير المشروع، ويتضمن بغاء ذكور أو الإناث، أما الدعارة LA  PROSTITUTION   FEMININE فهي بغاء الإناث أما الذكور LA  PROSTITUTION   MASCULINE  فهو بغاء الذكور.
أما الفسق LA DEBOUCHE فهو مجرد ما يرتكبه الذكر والأنثى من أفعال جنسية غير مشروعة والملاحظ من المواد 342 إلى 349 من قانون العقوبات أن المشرع لم يعاقب ممارس البغاء طالما كان ذلك برضاء الأنثى متى بلغت السادسة عشر«16» من عمرها ولم يكن الفاعل ذو رحم محرم منها ذلك أن المواد السالفة انما تنص على معاقبة من يحرض أو يسهل أو يساعد...على الدعارة، وهو مايثير عدة تساؤلات، إذ كيف يعاقب الشريك ويترك الفاعل دون عقاب.
في حين تعاقب العديد من التشريعات العربية والإسلامية على ممارسة الفجور أو الدعارة كالقانون التونسي الذي يعاقب بالسجن النساء اللائي يعرضن أنفسهن بالإشارة أو بالقول أو يتعاطين البغاء ولو بصدفة، كما أن القانون المصري يعاقب بالحبس كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة ويسوي في العقوبة بين المرأة والرجل في هذا الصدد الفقرة 03 من المادة 06 من القانون رقم 10 سنة 1961 في شان مكافحة الدعارة.
ولعل هذه المقدمة في تعريف البغاء والدعارة وما ينجر عنهما من آثار سلبية كتلك التي ترتبها جريمتي الزنا والاغتصاب، ذلك أن البغاء وإن كان اعتياد على عمل غير مشروع خارج العلاقة الزوجية، وإن كان غالبا ما يأتي في صورة منظمة، وبالتالي أخذ البغي كافة الاحتياطات حتى لا يحمل بولد إلا أن الأمور ليست بهذا المنوال في كل الأحوال إذ كثيرا ما وضع أطفال غير شرعيون بهذه الوسيلة أو الطريقة الدنيئة ليكون مصيرهم مجهولا منذ البداية ليصبحوا كسابقهم أخطر فئات الطفولة حرمانا وضياعا في المجتمع.
ولقد أحصت الجزائر سنة 2000 حوالي 3400 أم عازبة بمعنى 3400 طفل غير شرعي، دون حساب الأمهات العازبات اللواتي تضعن حملهن خارج المستشفى وهن كثيرات.
والإحصائيات بهذا الخصوص صعبة جدا وغير دقيقة لسببين:
أولا: عدم تصريح المسؤولين والقائمين على مصالح الأمومة والصحة والرعاية الاجتماعية بأعداد هؤلاء الأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين.
ثانيا: غياب العديد من الأرقام عن الرقم الرسمي نتيجة إخفاء تلك الممارسات وتصحيح تلك الأوضاع غير الشرعية عن طريق إبرام عقود الزواج والإجهاض بطرق غير شرعية.
مهما يكن فإن الإحصائيات رسمية كانت أو غير رسمية فنحن أمام واقع لا ينكره أحد، وبالتالي وجب التدخل لوضع حد لهذه الظاهرة وذلك بالرجوع إلى مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى نشر الفضيلة والأخلاق الحسنة فالوقاية غير من العلاج.
هذه إذن بعض الأسباب والطرق غير المشروعة والتي أكثر العوامل رفعا لنسبة الطفولة المهملة على عكس الأسباب الأخرى التي سنراها لاحقا.
الفرع الثاني:المشاكل العائلية:
يمكن نعتها بمشكلات الطفولة وهي في الحقيقة الأمر مواقف إشكالية تهدر استقرار الفرد الحياتية وتكيفه مع بيئته الاجتماعية، فتتطلب عونا خارجيا للمساعدة لعجز الطفل بقدراته الخاصة وموارده وإمكانياته المحدودة عن مواجهتها.
هذه المشكلات تفوق لا محالة النمو الطبيعي للطفل من كافة النواحي الاجتماعية، الأخلاقية، العقلية، النفسية وهو ما أثبتته العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية إذ غالبا ما ينشأ الأطفال الذين تربوا في بيوت تتسم بالعنف والإساءة في ظل ظروف غير عادية.
فالأسرة هي الوحدة الإجتماعية الأولى التي يحتك بها الطفل احتكاكا مباشرا ومستمرا ولذلك تعتبر أكثر وكالات التنشئة الإجتماعية أهمية، فتظل مسرحا للتفاعل  الذي يتم فيه النمو والتعلم ، والأسرة كظاهرة اجتماعية ليست من صنع فرد أو أفراد ولا تخضع في تطورها لما يريده القادة والمشرعون، وإنما تنبعث من تلقاء نفسها عن الفعل الاجتماعي واتجاهه.
وتقوم الأسرة بصفتها منظمة اجتماعية حية لعدة وظائف تستهدف تنمية اتجاهات الطفل وقيامه وأفكاره وتكوينه كشخصية اجتماعية ثقافية تنتمي إلى مجتمع معين، فهي تتولى رعاية الطفل وتهذيبه في أهم الفترات وأعمقها أثر في بناء شخصيته وفي تشكيل حياته بصفة عامة ولعل أهم الوظائف التي تقوم بها الأسرة هي إشباع الحاجة إلى الاستجابة الودية، فالطفل يمكن إشباع حاجاته إلى الفهم والتقدير والحب والآمان في أفضل صورة في حماية الأسرة التي تنمي الطفل وجدانيا فتربطه بأفراد أسرته، وعملية التفاعل الاجتماعي لها أهمية كبيرة في حياة الطفل في ظل تعقد الحياة الاجتماعية للمجتمع المعاصر ونظرا للأهمية الكبيرة للأسرة في حياة الطفل ولقد سعى المجتمع الدولي إلى إيلائها ذلك الدور حيث، تعترف اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 بالدور الإنساني للأسرة والوالدين في رعاية الأطفال كي تترعرع شخصيته ترعرعا كاملا ومتناسقا ينبغي أن ينشأ في بيئة عائلية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم، فألقت المادة 08 منها على الولدين مسؤولية تربية الطفل ونموه، وأن تكون المصالحة الفضلى موضع اهتمامهم الأساسي، وأكد على ذلك البيان الختامي للندوة الإقليمية حول الطفل المنعقد في بيروت(01)بين 24-27 أفريل 2001 في مقر بيت الأمم المتحدة بيروت لبنان، حيث أجمع القادة العرب على ضرورة :
* تبني سياسات تدعم مسؤولية الوالدين والأسرة كونها الخلية الأساسية للتنشئة والمعينة بدعم قرارات الطفل ورعاية حقوقه وتنشر الثقافة الملائمة لتنمية شخصيته ومكانته في المجتمع.
* تقديم مساعدات ملائمة للأسر التي تحتاج للمساعدة في توفير الرعاية الواجبة لأطفالها خلاصة للقول أن الطفل الإنساني من خلال هذا المختصر أكثر الكائنات الحية اعتمادا على أسرته ذلك لأن طفولة الإنسان أطول مرحلة تعرفها الكائنات، إذ تبلغ ما يقرب من ربع أو ثلث حياة الفرد.
ويبقى التساؤل المطروح عن الأثر المترتب على الطفل وسلوكه وحياته العامة عندما يختل توازن أسرته وتتأزم مشاكلها.
فلطفل الحق في أن يولد في أسرة يسود التفاهم علاقتها وترتبط معا بأواصر الحب وليس من شك في أن المشاحنات العادية أمر وارد، غير أن تمزق هذه العلاقات ووجود صراع حاد أمر يدفع ثمنه الأبناء، خاصة إذا حاول الوالدين أحدهما أو كلاهما أن يستغل الأبناء كسلاح في هذا الصراع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (01) – من موقع الانترنت : WWW.atfal .org
وتعدد صور تلك المشاكل بتعدد طبيعة الأسرة والمحيط والمجتمع الذي تعيش فيه، وكذا نوع العلاقات التي تجمعها وخصوصياتها الثقافية، الاجتماعية والاقتصادية وحتى الدينية،وأثر هذه المشاكل على الأطفال باعتبارهم أول من سيتأثر بها ويتحمل نتائجها السيئة، ولعل أقوى تلك المشاكل وأخطرها:
الطلاق: الذي ينهي تلك العلاقة المقدسة التي كانت سائدة بين الزوجين واستظل بظلالها أولئك الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في أسوأ الأجواء والأوقات.
وبالتالي سيكون مصيرهم المحتوم وفي أغلب الأحيان الحرمان من التربية المتكاملة للوالدين، هذا إذا كان الحظ حليفهم، إذ نجد مصير بعضهم التشرد والحرمان والضياع.
كما أن الطلاق أو افتراق الآباء سببا في انحراف البنات، وبالتالي توجههن نحو الرذيلة وإرتكاب الفواحش، ففي دراسة اجتماعية لأمهات العازبات اللواتي توافدن على مصلحة الأمومة بمستشفى ولاية سنة 2000، ومن مجموع 30 أم عازبة، أتضح أن 06 منهن (حوالي 20%) من آباء مطلقين.
ظاهرة النزاعات والمناوشات التي تقع بصفة دائمة ومستمرة، حتى ولو لم تؤد إلى الطلاق، إذ أن لهذه النزاعات أثرها المباشر أو غير المباشر على سلوك الأطفال، الذين يجدون أنفسهم أمام أبوين مهملين لحقوقهم غير مبالين بانشغالات أبنائهم وقضاء حوائجهم، الأمر الذي يؤدي إلى طرق حلول بداية كالهرب أو الفرار من البيت ليحتضنهم الشارع الذي لا يرحم الكبار فكيف بالصغار؟.
كما أن طبيعة الأسرة في حد ذاتها المكونة من أفراد من طبيعة خاصة لها أثرها في حياة الطفل وتحديد مصيره، فالطفل الوحيد والطفل المريض الذي يكون الوالدين متلهفين عليه، شديدي الخوف من أي إصابة تلحقه، يلبيان جميع رغباته ويتساهلان في خروجه عن السلوك المقبول، كل يؤثر في سلوك وتربيته ونموه بحيث يكون شديد الإحساس والتأثر، وبالتالي معرض لكل المخاطر والاحتمالات والأمر مهما كان يختلف باختلاف الأسر إذ غالبا ما ينشأ الحرمان من أسرة متصدعة وغير مستقرة والتي قد يؤدي بها وضعها إلى التخلي عن أطفالها في سن مبكرة أو متأخرة وبالتالي فغياب التماسك الأسري والحياة المستقرة الآمنة من أهم الأسباب التي تقف وراء إتساع نطاق ظاهرة الطفولة المتروكة، ويضاف إلى كل هذه العوامل، عوامل أخرى كثيرة، كالعوامل العسكرية والطبيعية.
فالعوامل والأسباب العسكرية من حروب أهلية ودولية لايمكن لأحد أن ينكر مالها من آثار على ترك الأطفال وتيتيمهم، بل وأكثر من هذا استخدامهم كجنود في النزاعات المسلحة وبالتالي تعريضهم للخطر.
فلقد جاء في تقرير الأمم المتحدة من سنة 2001 العدد الأطفال يتأثرون من الصراعات المسلحة الهائل، ولم يسبق لهم المثيل فيتحول الأطفال إلى يتامة يكون عرضة للاستغلال والإيذاء الجنسي، كما يتعرضون للاختطاف والتجنيد هؤلاء يقدرون بحوالي 300 ألف طفل مجند.
كما أن عدد اللاجئين بسبب هذه الحروب قد ارتفع من 07 ملايين طفل سنة 1990 إلى 11 مليون سنة 2000 منهم الكثير من فقدوا أسرهم، والجزائر أفضل مثال على ما خلفته الأزمة الأمنية التي بدأت سنة 1992 من آلاف الأطفال اليتامى، وأطفال النساء المغتصبات مجهولي النسب.
كما أن للعوامل الطبيعية أثرها الفعال في تيتيم الأطفال وتشريدهم كالزلزال والفيضانات التي كثيرا ما تقتل الأطفال أو في أحسن الأحوال تبقيهم أحياء بدون أسر معرضين لكل الأخطار كما هو حال بالنسبة لزلزال الذي ضرب ولايات: عين تموشنت، الشلف، الجزائر العاصمة وبومرداس في 21 ماي 2003 مخلفا وراءه مئات الآلاف من الأطفال اليتامى.
من خلال ما تقدم يتضح أن الطفولة مفهوم متغير يرج سببه إلى العوامل عدة لايمكن حصرها بل وإن هنا الاختلاف نجده في الدولة الواحدة كما هو الحال في القانون الجزائري.طوال

مفهوم الطفولة المتروكة

0
مفهوم الطفولة المتروكة
المطلب الأول:تحديد مفهوم ترك الأطفال
قبل الحديث من كثير المصطلحات التي تستخدم لهذه الطائفة من الطفولة، وبعد حديثنا عن قبل الحديث تعريف الطفولة سابقا، سنقوم بالبحث في طائفة خاصة جدا من هذه الطفولة ونعني بها الطفولة المتروكة، فما معنى هذا المصطلح؟
لقد تعددت التسميات التي أطلقت على طائفة من الطفولة فقدت عائلاتها لأسباب متعددة سنتعرض لها لاحقا، " الطفولة المهملة " وأحيانا أخرى " الطفولة المسعفة " وأحيانا أخرى " الطفولة المشردة "، كما سميت بـ " الطفولة الضائعة " أو " الطفولة المحرومة " أو " الطفولة المنتهكة "، كما سميت هذه الطائفة بصيغة أخرى " أطفال بلا أسر " ، " أطفال الشوارع " وهكذا تتعدد الأسماء وتتعدد في المعنى، إلا أنه إذا دققنا وأمعنا في تلك المصطلحات، لثبت لنا أنها مصطلحات تختلف  في دقائقها ومعانيها الضيقة، وهو ما سنتعرض له من خلال تحديد مفهوم الطفولة المهملة والمصطلحات المشابهة لها.
فعلى غرار الطوائف الأخرى من الطفولة والذين يسمون في علوم الاجتماع والنفس بـ  " الأطفال ذوي الحاجات الخاصة " ، " الطفولة المعوقة "(01 )، و " الطفولة الجانحة "(02) و " الطفولة العصابية " (03 )، فإننا لن نجد تعريفا خاصا بمعنى الطفولة المتروكة، إلا أننا حاولنا تحديد نطاقه من خلال ما ورد هنا وهناك، إذ من الصعوبة بما كان الوقوف عند معناه بالتحديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  وأهم مشكلات هذه الطائفة الضعف العقلي أو تأخره، شلل الأطفال، الصم، البكم، مرض الكساح، وما شابه ذلك.
2-  وأهم مشكلاتها، جرائم عصابات الصغار، استغلال الكبار للطفولة لترويج المخدرات والدعارة والاستغلال الجنسي.
3-  وتتمثل أهم مظاهرها في حالات التبول اللاإرادي، الأمراض السيكوباتية، عيوب النطق والكلام والخوف وغيرها.
وبالرجوع إلى عبارة " الطفولة المتروكة " فإن مفهومها ينحصر في تلك الفئة من الأطفال ذوي الحاجات الخاصة من جهة الأسرة، وبمعنى أدق " تلك الفئة المحرومة من أحد الأبوين أوكليهما بأي طريقة كانت سواء كانوا أطفالا شرعيين أو غير شرعيين وإن كان تركيزنا سيظهر على الفئة الثانية على أساس أنهم أكثر الفئات حرمانا. 
وعليه يمكن أن تعدد فئة الطفولة المتروكة في:
الطفل غير الشرعي (الفرع الأول) وما يندرج في هذا الإطار.
أطفال الشوارع (الفرع الثاني) لسبب من أسباب الطلاق ومشاكله، مرض العائلة، مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، أسباب طبيعية كالكوارث الطبيعية من زلازل وفياضات وغيرها.
الفرع الأول:الطفل غير الشرعي:
بخلاف الطفل اللقيط، الذي لم يحسم أمره، فيما إذا كان ولدا شرعيا، فيما أو غير شرعي فإن الطفل غير الشرعي محسوم أمره، على أساس أنه ناتج من علاقة غير شرعية (زنا، اغتصاب، فسق ودعارة وغيرها).
فقد يلتقي اللقيط إذن مع الطفل غير شرعي، بل قد يصبح كذلك إذا اثبت بعد العثور عليه أن تقسيمنا أو تمييزنا للطفل غير الشرعي عن اللقيط (01)،كان من باب الحديث عن ظاهرة الطفولة غير الشرعية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من ظاهرة أعم  هي الطفولة المتروكة.
والطفل غير الشرعي، هو الطفل الناتج عن علاقة جنسية خارج إطار عقد الزواج وما يلحق به، خلافا للمادة 40 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على أنه " يثبت النسب بالزواج الصحيح، وبنكاح الشبهة، وبكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32 و 33 و 34 من هذا القانون ".


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01-                   اللقيط: مجهول النسب.
وتضييقا من نطاق وحجم الأطفال غير الشرعيين أثبت المشرع نسب الولد من أبيه في الزواج الباطل، وهو ذلك الزواج الذي فقد ركنا من أركانه الشرعية الأساسية (الرضا)، أو الذي أضل فيه ركنان من الأركان التي اعتبرها المشرع من شروط الصحة، أو في حالة الزواج بإحدى المحركات.
في حين يلحق نسب ولدا لزنا من أبيه الزاني على رأي جمهور الفقهاء. 
الفرع الثانيطفال الشوارع:
لقد كثرت التعريفات حول هذا المفهوم إلا أن الشائع أنه أن يجمع كل تعريف ثلاث معايير:
أولا: مكان الإقامة وهو الشارع.
ثانيا: اعتماد الطفل على الشارع كمصدر للدخل والبقاء.
ثالثا: عدم وجود مصدر للحماية أو الرعاية أو الرقابة سواءا من أفراد أو المؤسسات.
وينقسم بالتالي أطفال الشوارع بحسب تعريف " اليونسيف " إلى:أطفال في الشارع، وهم الذين يعملون طوال النهار ثم يعدون إلى أسرهم ليلا أو ليس لهم أسر أصلا وهذا القسم الثاني هو الذي نراه يهمنا على أساس انعدام الأسرة لدى الطفل لأي سبب كان.
في حين تعرف منظمة الصحة العالمية (O. M.C) أطفال الشوارع بتقسيمهم إلى أربعة أصناف:
الصنف الأول: الأطفال الذين يعيشون في الشارع لا يشغلهم سوى البقاء و المأوى.
الصنف الثاني:المنفصلون عن أسرهم بصرف النظر عن مكان إقامتهم سواء في الشارع أو في الميادين أو الأماكن المهجورة أو دور الأصدقاء أو الفنادق أو دور الإيواء.
الصنف الثالث: الأطفال الذين تربطهم علاقة بأسرهم ولكن تضطرهم بعض الظروف إلى قضاء ليالي أو معظم الأيام في الشارع
الصنف الرابع: الأطفال في الملاجئ المعرضون لخطر أن يصبحوا بلا مأوى وهناك تعريف قانوني آخر يرى أنهم «أطفال من الذكور والإناث المقيمون بالشارع بصورة أو شبه دائمة، والذين يعيشون في الشارع دون حماية أو رقابة أو إشراف من جانب أشخاص راشدين في مؤسسات ترعاهم» وهذا التعريف يركز على معيارين أساسيين همـا :ارتباط الطفل بحياة الشارع والبعد عن المنظور التجريمي للتعامل مع الظاهرة.
الواضح من خلال هذه التعاريف أن أطفال الشوارع مفهوم واسع وشامل، يجمعهم في كل ذلك أنهم أطفال مهملين اضطرتهم أسباب مختلفة للخروج للشارع وهم بالتالي معرضون لكافة عوامل الجنوح والإهمال.
ونظرا لخطورة وحداثة الظاهرة وتعقدها وتشعبها فإنه يصعب وضع تعريف جامع ومانع لها، غير أن واقعها وملامحها تظهر بما لا يدع مجالا للشك خطورة وصعوبة النتائج التي تؤدي إليها هذه الظاهرة.
وتجمع الدراسات على أن ظاهرة أطفال الشوارع شهدت انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة في الوطن العربي عامة، حيث لا توجد هناك إحصائيات دقيقة حول عدد هؤلاء الأطفال على مستوى العربي، وإنما توجد تقديرات محلية تمت وفق اجتهادات الباحثين فيقدر عددهم مثلا في السودان بـ 3700 طفل حسب إحصاءات 1991 وتشير الدراسات أخرى إلى ارتفاع الرقم بكثير في السنوات الأخيرة، وأن عددهم بالمغرب وصل إلى 23700 طفل في منتصف التسعينات فيما لا يتعدى عددهم إلى 7000 طفل في اليمن، غير أن المتفق عليه أن الظاهرة موجودة وبشكل ملفت، وبالتالي فلا بد من التصدي لها، وترجع تلك الدراسات أسباب هذه الظاهرة إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية التي تشهدها كثير من الدول العالم، الأمر الذي أفرز نتائج سلبية كاتساع دوائر الفقر والبطالة والتحول نحو الخصخصة وارتفاع الأسعار مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية وعدم الاهتمام بالمسائل الاجتماعية عند إعداد الميزانيات العامة، وغيرها من العوامل الفرعية والمهمة كالتسرب المدرسي، والتفكك الأسري وهو يعتبر عاملا مهما في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، فوجود المشاكل داخل الأسرة من الأب والأم والأبناء، وحدوث الانفصال والطلاق يخلق جوا من التصدع والتفرق مما يدفع إلى التشرد.
كما يمكن أن يعتبر اليتم فقدان الوالدين أو أحدهما سببا في ضعف الرقابة على الأطفال ومن ثمة انحرافهم أو خروجهم إلى الشارع، واللقيط مجهول الأبوين يعد كذلك في كثير من الأحيان مظهرا من مظاهر أطفال الشوارع.

التعريف الاجتماعي والزمني للطفل

0
التعريف الاجتماعي والزمني للطفل: الطفولة مصطلح لتلك المرحلة المبكرة من حياة الإنسان والتي يربطها العلماء بمعايير عدة، اجتماعية وزمنية) عمرية ( وهذه المرحلة التي يكون فيها الإنسان في حالة اعتماد واضح مع المحيطين به، فيكون طرفا مستجيبا لعمليات التفاعل الاجتماعي، فيتزود عن طريقها بالعادات والتقاليد والقيم وأساليب التفكير وأنماط السلوك المؤثرة على الشخصية وإستعابه للواجبات والحقوق المرتبطة بتوقعات الأدوار في المستقبل.
وعن مراحلها فيحددها البعض في ثلاثة هي:
المرحلة الأولى: من الميلاد حتى نهاية سن الرضاعة وتسمى "بالطفولة المبكرة ".
المرحلة الثانية: من سن الرابعة والخامسة حتى سن العاشرة ويطلق عليها " الطفولة المتأخرة ".
المرحلة الثالثة: من العاشرة حتى سن الخامسة عشر ويطلق عليها " مرحلة المراهقة وما قبلها ".
أما بخصوص تحديد مرحلة الطفولة فلقد تباينت المعايير في ذلك إلا أن أهمها يتمثل في المعيار الإجتماعي والمعيار الزماني.
الفرع الأول:المعيار الاجتماعي:المقصود به وجود مجموعة من الصفات والخصائص التي تشكل المستوى الإجتماعي الخاص، إذا ما توافرت في الإنسان أمكن اعتباره طفلا، وإذا افتقدها انتقل إلى فترة عمرية أخرى، ومن هذه الصفات اعتماد على الكبار الذاتية) الزمنية (في العلاقات.
والتساؤل المستمر وبمعنى عام عدم وجود نضج اجتماعي لدى الطفل.
كما أن الطفل ينظر إليه في بعض المجتمعات وفق معيار اقتصادي تتحدد منة خلاله مرحلة الطفولة على أساس القدرة على الإنفاق وبهذا المعيار نجد أن الطفل في بعض المناطق والمجتمعات يصبح عضوا منتجا مما يجعل مرحلة الطفولة أقصر.
الفرع الثاني:المعيارالزماني: إذا كان العلماء شبه متفقون في بداية عمر الطفل بالميلاد، إلا أنهم اختلفوا في نهاية مرحلة الطفولة.
وإن كنا لا نستطيع الخروج بتعريف موحد للطفولة إلا أن ملامح تعريفه تكاد تكون واضحة، خصوصا في بداية مراحلها ليبقى حدها الأقصى مختلف فيه بشدة ولكن من هذا كانت هناك محاولات لتعريفها إذ يرى الدكتور:عبد الخالق محمد عفيفي(01)  أنها المرحلة الأولى من العمر والتي تبدأ من الميلاد حتى الخامسة عشرة التي تتميز بخصائص جسمية ونفسية وعقلية واجتماعية تجعلهم أهم مراحل العمر لما يتميز بالقابلية للاستجابة لكل مؤثرات الخارجية.
إن من خلال هذه المفاهيم يتضح أن مرحلة الطفولة عموما تتميز بخصائص مهمة في دراستنا هذه أهمها:
01/ أن الطفولة فترة تتميز من الناحية الفيزيولوجية بأنها فترة النمو الجسمي واكتمال الوظائف الجسمية الأخرى .
02/ كما أنها من الناحية النفسية فترة تكوين الشخصية وتحديد السيمة العامة لها. 
03/ كما أنها تميز الطفل بالقابلية للتفاعل،  بحيث يكون التفاعل غالبا من جانب واحد ألا وهو الأسرة ومؤسسات المجتمع الأخرى من أجل اكتساب التنشئة الاجتماعية.
لنؤكد أخيرا أن تحديد نهاية الطفولة يختلف من مجتمع لآخر،ومن جماعة لأخرى وفقا لمحددات اجتماعية، اقتصادية، سياسية، وتشريعية.
إلا أن مفهومها عموما يبدأ بالميلاد وينتهي ببلوغ الطفل سن معينة بغض النظر عن مراحلها كما سبق شرحه.
بعد هذه النظرة لمفهوم الطفل في جانبها اللغوي الإجتماعي نخلص إلى نتيجة مفادها انعدام رؤية دقيقة ومحددة للطفل.

التعريف القانوني للطفل

0
 التعريف القانوني للطفل: إن محاولة تحديد مفهوم الطفل هنا لاتختلف كثيرا عما ضمناه في التعريف اللغوي فعموما يمر الإنسان من الناحية القانونية بأربعة مراحل مختلفة في بلوغه سن الرشد.
المرحلة الأولى: مرحلة الجنين أين يكتسب أهلية وجوب ناقصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  مجمع اللغة العربية المعجم الوجيز، طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم – مصر-
2-  سورة الحج الآية 03 {القرآن الكريم برواية حفص}.
3-  سورة النور الآية 31 {القرآن الكريم برواية حفص}.
المرحلة الثانية: الصبي الغير مميز: تبدأ من الولادة حتى السادسة عشرة سنة في القانون الجزائري وفقا للمادة 42 فقرة 02 من القانون المدني.
المرحلة الثالثة: الصبي المميز: وهو من بلغ السادسة عشر سنة في القانون الجزائري دون بلوغ سن الرشد المقدرة بتسعة عشرة سنة ميلادية كاملة طبقا للمادة 40 فقرة  02  من القانون المدني الجزائري، ويكون الصبي في هذه المرحلة ناقص أهلية الأداء وهو صريح ما نصت عليه المادة    43 من القانون المدني الجزائري بقولها " كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد......يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون ".
وثبت للصبي في هذه المرحلة أهلية أداء ناقصة تسمح بإجراء التصرفات النافعة له نفعا محضا، ولا يكون له إجراء التصرفات الضارة به ضررا محضا ، ولا يكون له إجراء التصرفات الضارة به ضررا محضا، أما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر والتي تحتمل الخسارة فإنها لاتنعقد إلا إذا أجازها الولي أو الوصي طبقا للمادة 83 من قانون الأسرة الجزائري.
المرحلة الرابعة: وهي مرحلة بلوغ سن الرشد فإذا  بلغ الصبي سن التاسعة عشر سنة وفق القانون المدني الجزائري، اكتملت له أهمية الأداء شريطة أن يكون متمتعا بقواه العقلية وغير محجور عليه إذ نصت المادة 40 منه على " أنه كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية، ولم يحجز عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
و سن الرشد (19) تسعة عشرة كاملة
وبالرجوع لقانون الإجراءات الجزائية يلاحظ أن المشرع حدد سن الرشد الجزائي بثمانية عشرة سنة)18( كاملة.

آليات تطبيق حماية الطفل العاجز في القانون الشامل

0
المطلب الثاني:آليات تطبيق حماية الطفل العاجز:
إن القيام بإحصاء دقيق للأطفال المتروكين بغية حمايتهم أمر شبه مستحيل والسبب في ذلك هو أن هناك أطفال تعثر عليهم بعض العائلات أمام بيوتهن فيفضلن الاحتفاظ بهم وتربيتهم خاصة إذا وجدوا معهم وثائقهم التي تثبت هويتهم، بالإضافة إلى هؤلاء الذين يوضعون في المستشفيات في انتظار تحويلهم إلى دور الحضانة، كما أن هناك حالات أخرى كاحتفاظ الأم العازبة بالطفل ليبلغ سنا معينة حيث تتخلى عنه لعدم قدرتها على التكفل به حيث تشير الإحصائيات أن عدد الأطفال حديثي الولادة الذين عثر عليهم أحياء من طرف مصالح الشرطة سنة 2000 بـ 39 طفل وعدد الأطفال حديثي الولادة الذين عثر عليهم أموات هو 25 جثة، بينما إحصائيات سنة 2007 سجلت 1985 طفل غير شرعي في السداسي الأول من السنة، ووجود 266 أم عازبة على مستوى 12 ولاية بينما لم يسجل في السنة الماضية بأكملها سوى 276 أم عازبة حيث تحتل ولاية سعيدة المرتبة الأولى من ضمن هذه الولايات بـ 112 أم عازبة، وأمام هذه الحالة المخيفة وتداعياتها على المجتمع الجزائري تبقى هذه الحماية غير كافية بالنظر إلى موقف المشرع الجزائري وكذا مهام الأجهزة الأمنية  
الفرع الأول:موقف المشرع الجزائري:
يرى المشرع الجزائري من خلال المواد 314 إلى 320 قانون العقوبات في جريمة ترك الأطفال والعاجزين وتعريضهم للخطر، حماية الأطفال الذين يعانون من خطر الإهمال من قبل الوالدين أو من له سلطة عليهم.
نصت المادة 314 من قانون العقوبات الجزائري على معاقبة كل من ترك طفلا أو عاجزا غير قادر على حماية نفسه بسبب حالته البدنية أو العقلية أو عرضة للخطر في مكان خال من الناس أو حمل الغير على ذلك بالحبس من سنة إلى 03 سنوات وتشدد العقوبة كلما كانت خطورتها أكبر.
وفي حالة ما إذا كان مرتكب الحادث وفقا للمادة 315 من قانون العقوبات الجزائري من أصول الطفل أو العاجز أو ممن لهم سلطة عليه أو ممن يتولون رعايته فإن العقوبة تكون أشد.
وفي حالة ما إذا كان الترك في مكان غير خال من الناس فإن العقوبة تكون أقل أي بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وتشدد كلما كانت الخطورة أكبر المادة 316 قانون العقوبات الجزائري.
وإذا كان مرتكب الحادث من أصول الطفل العاجز أو ممن يتولون رعايته فتشدد العقوبة عن سابقتها المادة 317 قانون العقوبات الجزائري.
وفي حالة ما إذا أدى الترك إلى الوفاة مع توافر نية إحداثها حسب المادة 318 قانون العقوبات الجزائري فإن العقوبة تكون حسب ما ورد في المواد من 261 إلى 263 قانون العقوبات الجزائري على حسب الأحوال وهذه المواد الأخيرة تتعلق بجنايات القتل العمــدي.
كما أن المشرع إحاطة منه بكافة جوانب حماية الطفل وحرصا منه لتغطية كل ماديات جرائم الترك والتخلي وضع حدا حتى للمحرضين والوسطاء وسماسرة الأطفال، وذلك بمعاقبتهم حسب نص المادة 320 قانون العقوبات الجزائري بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة مالية من 500 إلى 20.000 دج.
1-     كل من حرض أبوين أو أحدهما على التخلي عن طفليهما المولود أو الذي سيولد وذلك بنية الحصول على فائدة.
2-     كل من تحصل من أبوين أو من أحدهما على عقد يتعهدان أن بمقتضاه التخلي عن طفلهما الذي سيولد أو شرع في استعماله.
3-     كل من قدم وساطة للحصول على طفل بغية التوصل إلى فائدة أو شرع في ذلك. 
         و إذا كانت العقوبة في هذه الحالة لا تتناسب مع حجم الخطورة الإجرامية المترتبة عن مثل هذه الأفعال غير المشروعة والبشعة والتي تمس بقيم ومبادئ الأسرة والمجتمع.
         و هذه الأفعال المشينة تعد بمثابة المتاجرة في الأطفال وهي من الأفعال المنتشرة في كثير دول العالم، سواء تمخضت عما يسمى بالتبني الدولي أو غيره من الأعمال غير المشروعة.
         فالتنازل عن الطفل معناه أن يكون هذا الأخير أمام مصير مجهول بل قد يفقد هويته ونسبه وبالتالي زعزعة أركان الأسرة والمجتمع، خصوصا إذا جرت مثل هذه الأفعال في دول عربية وإسلامية كالجزائر التي لا تزال متمسكة بقيم ومبادئ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسمح بانتشار مثل هذه الظواهر وما نراه في الواقع العملي في الجزائر لا يشكل خطرا كبيرا على اعتبار أن الظواهر المذكورة في المادة 320 قانون العقوبات الجزائري السابقة غير منتشرة بشكل كبير على عكس الدول الغربية والمتخلفة، وما يلاحظ على المادة   أن المشرع لا يتعرض لعقوبة الأولياء الذين قد يتواطئون مع أولئك المحرضين أو الوسطاء وتشديد العقاب عليهم.

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه