وزارة الإقتصاد ( المكلفة بالمالية) في القانون الجزائري

0
وزارة الإقتصاد ( المكلفة بالمالية):       يعود لمجلس الوزراء مهمة التقدير النهائي للإختيارات المالية، و ذلك بصدد مصادقته على مشروع قانون المالية، غير أن العمل القاعدي يتم في وزارة الإقتصاد ( أو المالية) تحت إشراف وزير الإقتصاد، هذا الأخير مكنه إختصاصه المالي من حيازة أفضلية على الوزراء الآخرين رغم أن هذا التفضيل غير منصوص عليه دستوريا، و لكنها مكانة وفرها له دوره الهام، ففي بريطانيا مثلا فإن قانونها الدستوري يسمح بمكانة متميزة لوزير المالية، فهو نائب للوزير الأول.

       الأفضلية هذه أعطته إمتيازات فعلية لا يتمتع بها غيره من الوزراء، فهو وزير منفق كباقي الوزراء، لكنه الوحيد المكلف بتحصيل الإيرادات و عليه يقع عبء إنجاز التوازن بينها و بين النفقات، فتطلب الأمر منحه بعض السلطات القانونية.

       قبل كل شيء وجود المراقبين الماليين المشرف عليهم لدى كل دائرة وزارية و اللذين يراقبون النفقات قبل صرفها و يعطي لوزير الإقتصاد ( المالية ) ميزة خاصة، كونه يوجه موظفين لدى الوزارات الأخرى، هذا من جهة.

       ثم فإن كل التدابير ذات الطابع المالي، إما يتخذها وزير الإقتصاد أو يبدي رأيه بشأنها، مما يتطلب خضوع إقتراحات باقي الوزراء لفحوصه، كما أنه الوحيد بين الوزراء الذي له نظرة متكاملة و شاملة للسياسة الحكومية بعد رئيس الحكومة، من جهة أخرى.

       مما سبق نفهم الدافع الذي قاد بعض رؤساء الحكومات في الجزائر و في دول أخرى الى الجمع بين رئاسة الحكومة ووزارة الإقتصاد تفاديا للتصادم الممكن حدوثه بين المنصبين، و لتمكين رئيس الحكومة من التحكم في تنفيذ برنامج حكومته بصفة ناجعة.

       و تعتبر وزارة الإقتصاد حجر الزاوية في التنظيم الحكومي، غير أن الأمر لم يكن اضحا في السابق، حيث وجدت إلى جانبها وزارات تقنية متخصصة في القطاعات الإقتصادية، كما إستحوذت وزارة التخطيط على قسم هام من مهامها.

       يظهر و أن هذه المكانة قد إسترجعت بإلغاء وزارة التخطيط و إحلال مكانها المجلس الوطني للتخطيط، و بداخل وزارة اقتصاد، يمكن ترشيح الوزارة المنتدبة للميزانية لإحتلال المكانة البارزة، نظرا لإشرافها على مختلف المصالح المالية، غير الخزينة.

       ففي مجال المالية العمومية، فإن وزير الإقتصاد يتكفل فضلا عن المسائل الجبائية و الجمارك، و الأملاك الوطنية، بشؤون الميزانية و المتمثلة فيما يلي:

       1 المبادرة بالإتصال مع السلطات المعنية، بكل نص يتعلق بموازنات الدولة       و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري و الهيئات العمومية المماثلة.
       2 تطبيق التدابير و الإجراءات المتعلقة بتحضير ميزانية الدولة و تقديمها             و التصويت عليها.
       3 القيام بأي إجراء من شأنه أن يساهم من خلال التدابير الموازنية          (الموازنات) لتحقيق الأهداف المحددة في برنامج الحكومة.
       4 المبادرة بأي إقتراح تشريعي و تنظيمي يطبق في مجال مراقبة النفقات الملتزم بها و تسيير موازنات الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري و الهيئات العمومية المماثلة.
       5 إبداء الرأي في إطار الإجراءات المقدرة لكل تدبير تترتب عنه آثار مالية على ميزانية الدولة لاسيما العناصر المكونة لآثار الرواتب و أنظمة التعويضات     و المعاشات المتعلقة بموظفي الإدارات و المؤسسات العمومية و الهيئات المماثلة.
       6 المبادرة بتطبيق الإجراءات الرامية إلى توسيع إستعمال الطرق الحديثة في التسيير الموازني.
       7 المبادرة بأي دراسة إستكشافية تتعلق بميزانية الدولة.
       إن إسترجاع وزارة الإقتصاد للمهام الإقتصادية، يظهر كحتمية للتنظيم الإقتصادي و يندرج ضمن مساعي تدعيم أداء المصالح المركزية للدولة خصوصا بعد التخلي عن نظام الوصاية على المؤسسات الإقتصادية من طرف الوزارارت التقنية ووزارة المالية و حاجة الحكومة إلى أداة منظمة للضبط و التوجيه الإقتصادي، مما يحتم تحول الوزارة إلى قطب لتعميم تطبيق الرشادة الإقتصادية     و مركزا لحسن إستعمال الموارد المالية و المؤهلات الفنية، و الواجهة العاكسة للبرامج الإقتصادية من حيث الإعداد و الصياغة و متابعة التنفيذ، كذلك المفاوض الدائم مع المصالح المالية الأجنبية، حيث يفرض هذا الدور المتعدد العلائق التكفل بجملة من الجوانب و التي شكلت محور إهتمام الدولة منذ الشروع في تطبيق الإصلاحات الإقتصادية و المتمثلة على الخصوص فيما يلي:

       - تحديث وسائل وطرق عمل الإدارة الجبائية من خلال تجهيز المصالح بالمعدات اللازمة و بتجهيزات الإعلام الآلي، بعد أن تكشفت هذه الأخيرة عن عجز ملحوظ في إمكانياتها المادية و في هياكل الإستقبال و المقرات.
       - بعث برنامج واسع على المدى المتوسط لتكوين الإطارات و تحسين مستوى العاملين في القطاع المالي بمختلف مستوياته و كل قطاعاته، و ذلك بغية الوصول إلى مستوى الأداء المهني المرتفع، و بالتالي التحكم في تطبيق التدابير المالية و الجبائية التي أدخلت في إطار الإصلاحات الإقتصادية.
       - مراجعة القوانين و التنظيمات الخاصة بمستخدمي القطاع المالي و ذلك بتقنين الحوافز و إصدار القوانين الأساسية لكل سلك من أسلاك المستخدمين،        و التكفل أكثر بالمتطلبات الإجتماعية و المهنية لهم.
       - تكييف التنظيم الإداري للمصالح المركزية و الخارجية مع المهام          و الصلاحيات الجديدة تمكينا لأداء مقبول.

       و الواقع أن التكيف مع المهام الجديدة يشكل أكبر الصعوبات فالنتائج المحققة تفرز آثارها الإيجابية أو السلبية على مسار الإقتصاد الوطني بكامله، لهذا شكلت الإصلاحات الإدارية و إعادة تنظيم المصالح المالية الشطر الثاني ضمن الإصلاحات الإقتصادية إلى جانب تطوير النصوص الجبائية، و نظامي الأسعار و القرض فعدم فعالية الإدارة الجبائية يحول دون الوصول إلى تحقيق الأهداف المالية خاصة       و الإقتصادية عامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه