التعريف:
التبني هو عملية إستلحاق شخص آخر به،
معلوم النسب كان أو مجهوله مع علمه يقينا أنه ليس منه، و هي علاقة بين طرفين
أحدهما و هو الشخص الكبير إمرأة أو رجل و يسمى المتبنى ( بالكسر) أما الخاضع لهذه
العملية هو الطفل المتبنى ( بفتح النون).
و المتبنى، أما أن يكون معلوم النسب أو
مجهول النسب كاللقيط، و علمية التبني بين الصغير و من يتبناه هي تلفيق للحقيقة و
زيف لنظم الكون و مخالفة للقانون الرباني و الوضعي، و هو يختلف عن إدعاء النسب، أو
الإقرار به و ذلك لأن المقر بنسب شخص هو مثبت للحقيقة كاشف لها، فهو إحقاق للحق
طالما أن المقر له المستفيد علاقة حقيقية كانت خافية على الناس و القانون.
أما الذي يتبنى شخصا آخر فهو على خلاف ذلك
تماما إذ هو مزور للحقيقة لأنه يريد أن يجعل من الباطل حقا و من الحرام حلالا ؟ و
هذا الزور بعينه وقد حرمها الإسلام فقال ص ع و سلم : " ألا أبنئكم بأكبر
الكبائر " ؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: " الشرك بالله و عقوق
الوالدين و كان متكئا فجلس و قال: " ألا و شهادة الزور، ألا و شهادة الزور،
ألا و شهادة الزور " قال الراوي و أخذ يكررها حتى قلنا ليته سكت ؟.
و هو معتدى لأنه يهضم حقوق أفراد أسرته من
أبنائه و أقاربه الذين يضايقهم ذلك الشخص المستفيد من العملية، فيقاسمهم تركة
مورثهم و يأخذ ما ليس له فيه حق، و بذلك يحل التبني ما أحرم الله و يحرم ما أحله.
فهو إذن قلب للحقائق و مخادعة للنفس و للمستفيد الأمر الذي يجعل التبني معولا يهدم
علاقات الأسرة و يثير بينها روح العداء
و الكراهية فينقطع ما أمر الله به أن يوصل و يكثر الفساد في الأرض.
و من حيث أن المتبنى ( بالكسر) كذاب فهو
متصف بصفة خسيسة في النفس تجعله يستحق غضب الله و بالتالي لا يستحق رحمته لأنه
ملعون في القرآن حين قال تعالى: " الا لعنة الله على الكاذبين ".
فالبنوة غير التبني يختلفان كما يختلف الحق
و الباطل في طبعهما و أصلهما و
آثارهما، فالبنوة نسب و هي نعمة جعلها الله ثمرة لا تأتي إلا من منبت شريف طاهر هو
لقاء ماء الرجل مع بويضة زوجته ليحتضنها رحم شريف وفق الطريق المشروع لنيل هذه
النعمة نعمة النسب و طبقا للقانون فقد جعل الله سبحانه و تعالى للبنوة طريقا واحدا
ذكره في قوله: " و الله جعل لكم من أنفسكم أزواجا و جعل لكم من أزواجكم
بنين و حقدة و رزقكم من الطيبات ". و مجرد التأمل في هذه الاية الكريمة
يعطي للإنسان ما يغنيه عن كل عبرة، فالتبني إذن ظلم و الظلم حرام، حرمه الله على
نفسه و حرمه على عباده فقد جاء في حديث قدسي:" يا عبادي قد حرمت الظلم على
نفسي و حرمته فيما بينكم فلا تظالموا ".
و إنني أرى أيهام شخص بأنه إبن للمتبني (
بالكسر) هو الظلم الحقيقي، لأنه عدوان عليه بتغميض عينيه على معرفة الحقيقة المرة
التي تتمثل في أنه منبوذ من طرف أبويه متى كان لقيطا، و مظلوم كذلك حينما يحرم مما
أحل الله له.
و هو الظلم أيضا عندما يعتدي على حق أباء
المتبى ( بالفتح ) لأنهم أباؤه الحقيقيون متى كان معلوم النسب – و بالتالي فالمتبنى ظالم، و فوق ذلك فقد ظلم الطفل الذي تبناه
عندما أحل له ما حرم الله عليه فمكنه من رؤية المحارم التي ليس له الحق رؤيتهن إلا
بناء على صلة من صلات المحارم، و كذلك لأنه حرمه من حق الزواج بهن و هو حق أباحه
الله له لأنه لم يكن أخا لبنات من تبناه ولا إبنا لزوجته و صارت العلاقة وهمية
فبذلت قضاء الله و هو عدوان على حدود الله ….
فالتبني عملية شقية يجب إتقاؤها ، طبقا
لقوله تعالى : " و ما جعل أدعياءكم أبناءكم ، ذلك قولكم بأفواهكم و الله
يقول الحق و هو يهدي السبيل أدعوهم لأبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعملوا أباءهم
فإخوانكم في الديم و مواليكم و ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت
قلوبكم و كان الله غفور رحيما " ، و لما كان تحريمه دينا يرتب الإثم و
الجزاء يوم القيامة فإن المشرع أخذ بحكم الشريعة في المادة 46 من قانون الأسرة
بمقتضى الآية السابقة نص: " يمنع التبني شرعا و قانونا " و عليه فإن أدعى شخص بنوة
شخص آخر هو له طبقا لأحكام النسب فالأمر مباح، أما أن أدعاه و هو معلوم النسب فإن
القانون يمنعه من ذلك، و إن أراد ترتيبه فليدعه لأبيه و يقوم برعايته و تعليمه و
ترتيبه على وجه الكفالة لا على وجه التبني، لأن الأولى يقبلها الإسلام و يحث عليها
بينما يحرم التبني وقد قال الرسول ص ع و سلم: " فيمن كفل يتميا " أما
كافل اليتيم عليه الوزن عند الله و جزاؤها الجنة، و التبني محرم و تعدي لحدود الله
و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه و جزاؤه النار مما لا شك فيه فإن إنكشف أمره فالقانون
سيردعه لتحريمه التبني في المادة 46 ق.أ.ج، و هناك حالة لم يذكرها المشرع الجزائري
و هي حالة اللقيط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق