التبني في قانون الأسرة الجزائري

0
التعريف: التبني هو عملية إستلحاق شخص آخر به، معلوم النسب كان أو مجهوله مع علمه يقينا أنه ليس منه، و هي علاقة بين طرفين أحدهما و هو الشخص الكبير إمرأة أو رجل و يسمى المتبنى ( بالكسر) أما الخاضع لهذه العملية هو الطفل المتبنى ( بفتح النون).

       و المتبنى، أما أن يكون معلوم النسب أو مجهول النسب كاللقيط، و علمية التبني بين الصغير و من يتبناه هي تلفيق للحقيقة و زيف لنظم الكون و مخالفة للقانون الرباني و الوضعي، و هو يختلف عن إدعاء النسب، أو الإقرار به و ذلك لأن المقر بنسب شخص هو مثبت للحقيقة كاشف لها، فهو إحقاق للحق طالما أن المقر له المستفيد علاقة حقيقية كانت خافية على الناس و القانون.

       أما الذي يتبنى شخصا آخر فهو على خلاف ذلك تماما إذ هو مزور للحقيقة لأنه يريد أن يجعل من الباطل حقا و من الحرام حلالا ؟ و هذا الزور بعينه وقد حرمها الإسلام فقال ص ع و سلم : " ألا أبنئكم بأكبر الكبائر " ؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: " الشرك بالله و عقوق الوالدين و كان متكئا فجلس و قال: " ألا و شهادة الزور، ألا و شهادة الزور، ألا و شهادة الزور " قال الراوي و أخذ يكررها حتى قلنا ليته سكت ؟.

       و هو معتدى لأنه يهضم حقوق أفراد أسرته من أبنائه و أقاربه الذين يضايقهم ذلك الشخص المستفيد من العملية، فيقاسمهم تركة مورثهم و يأخذ ما ليس له فيه حق، و بذلك يحل التبني ما أحرم الله و يحرم ما أحله. فهو إذن قلب للحقائق و مخادعة للنفس و للمستفيد الأمر الذي يجعل التبني معولا يهدم علاقات الأسرة    و يثير بينها روح العداء و الكراهية فينقطع ما أمر الله به أن يوصل و يكثر الفساد في الأرض.

       و من حيث أن المتبنى ( بالكسر) كذاب فهو متصف بصفة خسيسة في النفس تجعله يستحق غضب الله و بالتالي لا يستحق رحمته لأنه ملعون في القرآن حين قال تعالى: " الا لعنة الله على الكاذبين ".

       فالبنوة غير التبني يختلفان كما يختلف الحق و الباطل في طبعهما و أصلهما         و آثارهما، فالبنوة نسب و هي نعمة جعلها الله ثمرة لا تأتي إلا من منبت شريف طاهر هو لقاء ماء الرجل مع بويضة زوجته ليحتضنها رحم شريف وفق الطريق المشروع لنيل هذه النعمة نعمة النسب و طبقا للقانون فقد جعل الله سبحانه و تعالى للبنوة طريقا واحدا ذكره في قوله: " و الله جعل لكم من أنفسكم أزواجا و جعل لكم من أزواجكم بنين و حقدة و رزقكم من الطيبات ". و مجرد التأمل في هذه الاية الكريمة يعطي للإنسان ما يغنيه عن كل عبرة، فالتبني إذن ظلم و الظلم حرام، حرمه الله على نفسه و حرمه على عباده فقد جاء في حديث قدسي:" يا عبادي قد حرمت الظلم على نفسي و حرمته فيما بينكم فلا تظالموا ".

       و إنني أرى أيهام شخص بأنه إبن للمتبني ( بالكسر) هو الظلم الحقيقي، لأنه عدوان عليه بتغميض عينيه على معرفة الحقيقة المرة التي تتمثل في أنه منبوذ من طرف أبويه متى كان لقيطا، و مظلوم كذلك حينما يحرم مما أحل الله له.

       و هو الظلم أيضا عندما يعتدي على حق أباء المتبى ( بالفتح ) لأنهم أباؤه الحقيقيون متى كان معلوم النسب و بالتالي فالمتبنى ظالم، و فوق ذلك فقد ظلم الطفل الذي تبناه عندما أحل له ما حرم الله عليه فمكنه من رؤية المحارم التي ليس له الحق رؤيتهن إلا بناء على صلة من صلات المحارم، و كذلك لأنه حرمه من حق الزواج بهن و هو حق أباحه الله له لأنه لم يكن أخا لبنات من تبناه ولا إبنا لزوجته و صارت العلاقة وهمية فبذلت قضاء الله و هو عدوان على حدود الله .

       فالتبني عملية شقية يجب إتقاؤها ، طبقا لقوله تعالى : " و ما جعل أدعياءكم أبناءكم ، ذلك قولكم بأفواهكم و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل أدعوهم لأبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعملوا أباءهم فإخوانكم في الديم و مواليكم و ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم و كان الله غفور رحيما " ، و لما كان تحريمه دينا يرتب الإثم و الجزاء يوم القيامة فإن المشرع أخذ بحكم الشريعة في المادة 46 من قانون الأسرة بمقتضى الآية السابقة نص: " يمنع التبني شرعا     و قانونا " و عليه فإن أدعى شخص بنوة شخص آخر هو له طبقا لأحكام النسب فالأمر مباح، أما أن أدعاه و هو معلوم النسب فإن القانون يمنعه من ذلك، و إن أراد ترتيبه فليدعه لأبيه و يقوم برعايته و تعليمه و ترتيبه على وجه الكفالة لا على وجه التبني، لأن الأولى يقبلها الإسلام و يحث عليها بينما يحرم التبني وقد قال الرسول ص ع و سلم: " فيمن كفل يتميا " أما كافل اليتيم عليه الوزن عند الله و جزاؤها الجنة، و التبني محرم و تعدي لحدود الله و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه و جزاؤه النار مما لا شك فيه فإن إنكشف أمره فالقانون سيردعه لتحريمه التبني في المادة 46 ق.أ.ج، و هناك حالة لم يذكرها المشرع الجزائري و هي حالة اللقيط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه