مفهوم نظام حكومة الجمعية

0
نظام حكومة الجمعية:
       1 تعريف: تقوم حكومة الجمعية على أساس وضع إختصاص السلطتين التنفيدية و التشريعية في يد جمعية نيابية ( أي هيئة منتخبة من الشعب ).
       و تقوم حكومة الجمعية على أساس فكرة وحدة السيادة في الدولة و عدم إمكانية تجزئتها لذا وجب أن تنفرد الهيئة المنتخبة بتمثيل الأمة و التعبير عن إرادتها في كافة المجالات.

       و لما كان البرلمان يستحيل عليه مباشرة جميع أعمال الوظيفة التنفيذية بنفسه فإنه عهد بها إلى هيئة إختارها بنفسه وحدد لها صلاحياتها بحيث تبقى تابعة له     و خاضعة لسلطاته خصوعا كاملا.

       2 أركان حكومة الجمعية: تنحصر أركان حكومة الجمعية فيما يلي:

       أ تركيز االسلطة في يد البرلمان، و تبعية السلطة التنفيذية له.
       ب يعهد البرلمان بالسلطة التنفيذية إلى عدة أفراد أو" وزراء " و يختار من بينهم رئيسا لهم يسمى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية و أحيانا يوكل البرلمان فردا واحدا للقيام بمهمة السلطة التنفيذية، و يكون ذالك في أوقات الأزمات          و الظروف الإستثنائية التي تحتاج إلى سرعة التصرف و الحزم في معالجة الأمور.
       ج يكون أعضاء السلطة التنفيذية مسؤولين سياسيا أمام البرلمان الذي يستطيع عزلهم إذا أساءوا التصرف أو حاولوا الإنحراف بالسلطة عن هدفها المشروع و غايتها في تحقيق الصالح العام للشعب.

       3 - الإتحاد السويسري كمثال لنظام حكومة الجمعية: تتألف سويسرا من 22 دويلة (ولاية) متحددة في شكل إتحاد فيدرالي و لذالك تتألف السلطات السويسرية من السلطات الفيدرالية و السلطات المحلية و ما يهمنا هو السلطة الفيدرالية.

السلطات الفيدرالية: تتألف السلطات الفيدرالية من:
       الجمعية الإتحادية (البرلمان).
       المجلس الإتحادي ( السلطة التنفيذية / الحكومة ).
       المحكمة الإتحادية.
       - الجمعية الإتحادية ( البرلمان ).
       يتألف البرلمان السويسري من مجلسين، كما هو حال جميع الدول الفيدرالية      ( المركزية )، هما المجلس الوطني و مجلس الدول.

       المجلس الوطني: يمثل الشعب السويسري و ينتخب أعضاء هذا المجلس بالإقتراع العام و النسبي لمدة أربع (04) سنوات، و لكل ولاية عدد من النواب يتناسب مع عدد سكانها.

       مجلس الدول: يمثل الدويلات (الولايات) و يبلغ عدد أعضائه 45 عضوا، و يمثل كل ولاية ممثلان إثنان، و ممثل واحد لنصف الولاية في المجلس.

       - إختصاصات الجمعية الإتحادية (البرلمان): أهم إختصاصات الجمعية الإتحادية في سويسرا هي:

       - إقتراح القوانين و دراستها، و كل مجلس يتخذ قراراته بالإنفصال عن الأخر.
       - إنتخاب أعضاء المجلس الإتحادي.
       - تعيين رئيس الدولة الإتحادية، و تعيين أعضاء المحكمة الإتحادية وقائد الجيش.
       - مراقبة الحكومة، سؤالها، إستجوابها، محاسبتها عن الأعمال التي قامت بها، وحجب الثقة عنها.

       - المجلس الإتحادي ( الحكومة ): يتألف المجلس الإتحادي من سبعة (07) أعضاء، أربعة (04) من الناطقين بالألمانية، و إثنان (02) من الناطقين بالفرنسية، وواحد (01) من الناطق بالإيطالية ينتخبون من قبل الجمعية الإتحادية (البرلمان) بالأغلبية المطلقة، و لمدة أربع (04) سنوات.

       و لا يحق للولاية أن يكون لها أكثر من عضو في هذا المجلس.
       و ينتخب البرلمان رئيس السلطة التنفيذية و نائبه من بين الأعضاء السبعة        و لمدة سنة واحدة، ولا يعاد إنتخابه مباشرة بعد نهاية ولايته.
و يتولى كل عضو من الأعضاء السبعة إحدى الوزارات الأتية: الخارجية، الداخلية، العدل و الشرطة، الدفاع، المالية و الجمارك، الإقتصاد، المواصلات بشتى أنواعها: البرية، البحرية، الجوية.

       العلاقة بين البرلمان و الحكومة: يسود الإعتقاد بأن الحكومة خاضعة للبرلمان في النظام السويسري، إلا أن الحقيقة أن هذا النظام هو نظام التعاون       و المساواة بين السلطتين، و في حالة وقوع خلاف بين الحكومة و البرلمان يستطيع هذا الأخير إستجواب الحكومة، و حجب الثقة عنها، إلا أنها لا تستقبل بل تعدل سياستها حسب رغبة البرلمان، و إذا لم تنصع الحكومة يستطيع البرلمان إجبارها على ذالك برفضه منح الإعتمادات المطلوبة و رفض القوانين.
       - المحكمة الإتحادية (أو الفيدرالية): تتألف المحكمة الفيدرالية من عدة أقسام، و أعضاءها ينتخبون من قبل البرلمان لمدة ستة (06) سنوات قابلة للتجديد بدون إنقطاع و مهمتها النظر في القضايا القانونية المدنية و الجزائية و الإدارية،     و كذا الفصل في دستورية القوانين الصادرة عن سلطات الولايات و النزاع الواقع بين الولايات نفسها أو إحدى الولايات و الدولة الفيدرالية، و محاكمة الأشخاص المتهمين بالخيانة العظمى ضد الدولة الفيدرالية و النظر في تنازع الإختصاص بين السلطات الفيدرالية و الولايات.

       و لا يحق للمحكمة النظر في دستورية القوانين الصادرة عن السلطات الفيدرالية، و الطريقة المتبعة لمراقبة دستورية القوانين هي طريقة الدعوى، فبوسع كل مواطن أن يطعن في دستورية قانون، و في حالة صدور قرار بإلغاء القانون فالقرار يسرى على الجميع.

       - تقييم النظام المجلسي أو حكومة الجمعية: إن أبرز الإنتقادات الموجهة إلى نظام حكومة الجمعية هي:
       إن تجميع السلطات في قبضة هيئة واحدة هي الهيئة النيابية يؤدي في غالب الأحيان إلى إستبداد هذه الهيئة و طغيانها خاصة و أن طغيان البرلمان يعتبر أشد خطورة على الحريات الفردية.
       إن الشعور لدى السلطة التنفيذية بتبعيتها للسلطة التشريعية قد يؤدي إلى الإحساس بضرورة سيطرتها على هذه السلطة الأخيرة ، الأمر الذي قد يؤدي إلى خلق نوع من الدكتاتوريات.

       إن نظام حكومة الجمعية قد فشل في الكثير من الدول بإستثناء سويسرا التي كتب له النجاح فيها، و أن السر في ذالك يرجع إلى العقلية المحافظة لشعب سويسرا و حبه للنظام.

       إن تطبيقات هذا النظام دلت في كل من فرنسا و تركيا على تحول الكفة الراجحة عمليا للسلطة التنفيذية.

       ففي فرنسا كان المفروض أن يسير الحكم بنظام حكومة الجمعية سنة 1792م، و حسب الدستور فإن السلطة التنفيذية ( المجلس المؤقت ) تتبع الجمعية الوطنية غير أنه سيطرة أحد أعضاء السلطة التنفيذية يدعى " روبسبير" على الجمعية الوطنية، و اقام من نفسه دكتاتورا للبلاد و إتسم حكمه بالقهر و الإرهاب.

       و في تركيا إستطاع " مصطفى كمال أتاتورك " السيطرة على المجلس الوطني طوال مدة حكمه على الرغم من أن الدستور التركي الصادر عام 1924 كان يجعل السلطتين التشريعية و التنفيذية من إختصاص المجلس الوطني، و أن يزاول رئيس الجمهورية سلطاته تحت رقابة هذا المجلس و إشرافه.

       إن نظام حكومة الجمعية قد فشل في كثير من الدول بإستثناء سويسرا كون شعبها يتمتع بعقلية محافظة و يحب النظام.
            



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه