جريمة الإعتداء على الأعراض في القانون الجزائري

جريمة الإعتداء على الأعراض في القانون الجزائري

(المواد 334 – 35 -337 ق.ج)


- هو الفعل الفاحش الذي يقوم به الشخص عمدا ضد شخص آخر من أحد الجنسين دون رضاه الظاهر أو المفترض (في بعض الحالات) وقد ورد هذا الصنف من الإعتداء في ق.ع تحت عنوان إنتهاك الآداب.

ونميز بين حالتين :
- الإعتداء على الأعراض المصحوب بعنف.
- الإعتداء على الأعراض المجرد من العنف.

1-    الإعتداء على الأعراض بغير عنف : (مواد 334 – 335 ق.ج).

التعريف : هو الفعل الفاحش الذي إرتكب أو تمت محاولة إرتكابه دون عنف ضد قاصر من الجنسين يبلغ من السن أقل من 16 سنة.

أركان الجريمة :
1-      الفعل  المادي المنهك للأعراض : كل فعل من شأنه أن يجرح حياء الشخص يعتبر إعتداء على العرض، ولكن ينبغي أن يكون هذا الفعل قد إرتكب مباشرة ضد الشخص.

وإذا لم يتوفر هذا الشرط فإننا سنكون أمام فعل فاضح (شريطة يرتكب علانية) لا أمام إعتداء على العرض.

الفعل المنافي للأخلاق قد يرتكب :
-  في مكان عام أو خاص.
-  وضد شخص من أحد الجنسين يعتبر إعتداء على العرض :
- الفعل المتمثل في رفع فستان المرأة.
- أو مد اليد إلى ثدييها.
- أو تقبيلها.
- أو مد اليد إلى صدرها (أو تحت فستانها).
-  وليس من الضروري أن تكون الأفعال مرتكبة ضد شخص الضحية فقد يحصل في
   الواقع أن تضطر الضحية إلى ممارسة هذه الأفعال على شخص الجاني.

مثال : رجل يجبر طفل على أن يلمس عضوه التناسلي : أو طبيب أسنان يخرج ذكره ويسنده على يد زبونته.
كما قد توصف بالإعتداء على الأعراض كل الأفعال الجنسية التي لم تنته إلى عملية جماع طبيعية وبالتالي ، لا يمكن أن تتبع بإعتبارها هتكا للعرض.

مثال : اللواط (مضاجعة الذكور)
- ممارسة العلاقة الجنسية مع قاصرة تبلغ من السن 16 سنة وهي راضية.
- والمحاولة معاقب عليها كما هو الشأن بالنسبة لجميع الجرائم وغير أن المحاولة منعدمة في حقيقة الأمر لأنها لا تنفصل عن الفعل الفاحش نفسه، ويشكل الشروع بذاته إعتداء على العرض.

2-      أن يرتكب الفعل ضد قاصرا يبلغ من السن 16 سنة : أن يرتكب الفعل الفاحش ضد قاصر يبلغ من السن 16 سنة ذكرا كان أو أنثى.

- لايعاقب على الأفعال  المنافية للأخلاق والتي ن شأنها أن تخدش الحياء إذا إرتكب هذا الفعل ضد شخص يتجاوز 16 وكان راضيا، لأن الأمر في هذه الحالة لم يعد قائما بين صحبة والجاني ولكن بين طرفين.

ملاحظة : الإعتداء على العرض الذي يرتكب دون عنف ضد قاصر من 16 إلى 21 سنة يعاقب عليه إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه، وكلمة الأصول "محصورة ولا تنطبق إلا على الأب أو الأم والجد والجدة" ولا تمتد إلى الأصهار أو الأصول عن طريق المصاهرة (الحمو – الحماة).
- ويفقد الفعل صفته الإجرامية إذا كان القاصر قد تم ترشيده بالزواج.

ملاحظة : لا يمكن للجاني أن يعتد بجهله لسن المجني عليه، فلا يهم أن يخطأ في تقدير سن الضحية أو أن يعتبر بكبر قامتها للقاضي أن يحكم في سن الضحية عندما تكون الحالة المدنية ناقصة أو عندما لا يشير الحكم المتمم إلا إلى سنة الولادة أو يفترض أن القاصر مولود في أول جانفي.

- ولكن يأخذ في الإعتبار الإحتيال الذي تلجأ إليه الضحية لتضليل الجاني عن سنها الحقيقي (تزوير الأوراق-الشهود).

3-      فعل فاحش أرتكب دون عنف : يجب أن يكون الفعل الفاحش قد أرتكب دون عنف، والحالة أنه لكي يكون الفعل مرتكبا دون عنف جسماني ولا ضغط معنوي فلا بد أن يكون الإعتداء قد حصل برضاء صريح أو ضمني من المجني عليه.

ويعتبر القانون حماية للقصر أن رضاء القاصر البالغ من السن 16 سنة للأفعال المنافية للأخلاق لا يكون رضاء مقدما عن بينه ولعلم و بالتالي فهو رضاء معيب في الأساس فعيب الرضاء بالنسبة للضحية عيب مفترض في نظر القانون الجنائي وكل فعل فاحش يرتكب ضد القاصر البالغ من السن 16 سنة يعاقب عليه سواء كان المجني عليه راضيا أو مطاوعا.

أما إذا أظهر القاصر معارضته وتخبط فإن الجاني يكون في هذه الحالة مرتكبا لإعتداء على العرض مقترنا بعنف ويكون قصر المجني عليه ظرفا من ظروف التشديد لأركان من أركان المخالفة.

4-               القصد الجنائي : يلزم ويكفي أن يكون الجاني قد قام بفعله عمدا وهو على بينة وعلم.

وليس للبواعث دخل في هذا المجال (فضول فاحش – إنتقام – حب اللهو – الشهوة الجنسية إلخ.....).

العقوبات :
أ)- الإعتداء على العرض بدون عنف الذي يرتكب ضد القاصر الذي لم يكمل سن 16 سنة (المادة 334 ق.ج) الحبس من 5 إلى 10 سنوات.

الظروف المشددة :
أ)- بالنسبة لسن المجني عليه : إذا كان المجني عليه بالغا من السن 16 سنة عوقب الجاني بالحبس المؤقت.
ب)-بالنسبة لصفة الجاني : إذا كان الجاني :
- من أحد الأصول.
- أو كانت له سلطة على المجني عليه.
- أو معلما.
- أو إماما.
- أو خادما.

والعقوبة المقررة هي السجن المؤقت (من 10 إلى 20 سنة) مهما كان سن المجني عليه (مادة 337).

ج)- بالنسبة لتعدد الجناة : إذا كان الفعل المخل بالحياء المقترن بعنف قد أرتكب من عدة أشخاص فإن العقوبة المقررة للفاعلين الأصليين هي السجن المؤقت.

نصائح عملية

التحقيق : غالبا ما يحدث الفعل المخل بالحياء خفية بعيدا عن أنظار الناس، وقد تكون الأفعال التي تخاطبها الشرطة علما قديمة (وعندئذ يجرى التحقيق على أساس الإنابة القضائية أو على أساس تمهيدي) أو تكون حديثة العهد وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات الخاصة بالتلبس.

ونظرا لإنعدام الشهود فإن التحقيق يكاد يقوم فقط :
- على الملاحظات المحتملة (حالة المكان ومعرفة ماذا حصل، عراك وحالة ثياب المجني عليه.

على تصريحات المجني عليه (إذا كان طفلا يتعين الحذر من تصريحاته إذ قد يكون ميالا إلى قلب الحقائق وإلى إتهام الجميع، فلا ينبغي الإستماع إلى الطفل دون حضور والديه إلا في حالة ضرورة أو إبعاده عن كل تأثير ولكن لابد من حضور شاهد في جميع الحالات).

- على إستنطاق المشبوه – مواقيته – الدوافع – مبررات فعله.

- على التحقيق في شخصية المشبوه (علاقته – مزاجه – ميوله الجنسية).

الإجراءات : يوصف الفعل وصفا دقيقا مع إبراز الجانب المخل بالحياء.

إن سن المجني عليه الذي يعتبر ظرفا من ظروف التشديد في الجريمة المخلة بالحياء المقرونة بالعنف وركنا من أركان نفس الجريمة إذا لم تقترن بعنف.

ينبغي أن يحدد هذا السن تحديدا مضبوطا بسند الحالة المدنية مع الإشارة أيضا إلى بدانة المجني عليه وإلى سنه الظاهر، وإذا قام المجني عليه بتضليل الجاني في حقيقة سنه باللجوء إلى الكذب أو الشهود فلا بد من توضيح هذا الظرف الرئيسي بالنسبة للجاني توضيحا كاملا إذ لا جريمة إذا إرتكب الفعل بدون عنف ضد شخص يتجاوز 16 سنة.

أما إذا إرتكب الفعل بعنف فإن العقوبة المقررة هي السجن المؤقت.

ولا بد من إبراز إستعمال العنف الذي يعتبر ركنا رئيسيا في الجريمة المخلة بالحياء المرتكبة ضد شخص يتجاوز 16 سنة.

- ولا بد كذلك من ضبط ورقابة سلوك المجني على موقفه وحركاته وصيحاته لإبراز رضائه الضمني أو إنعدام رضائه للفعل المخل بالحياء الذي إرتكب ضده.
- لا بد بعد ذلك من ذكر أنواع الإكراه التي لجأ إليها الجاني للوصول إلى غايته.
- إكراه بدني (ضرب عنف).
- إكراه معنوي (ضغط ، مساومة، إستغلال النفوذ إلخ.....).
أو أية وسيلة إكراهية أخرى وحتى المفاجأة.
- إن مفهوم الإكراه مفهوم واسع وهو ينطبق على جميع العيوب التي تشوب رضا المجني عليه.

وأخيرا لا بد من أن تبرز الإجراءات ظروف التشديد إن وجدت (سن المجنى عليه صفة الجاني، أصل، موظف،رب عمل إلخ...).
Share:

جريمة الضرب والجرح العمدي في القانون الجزائري

جريمة الضرب والجرح العمدي في القانون الجزائري
  
 الأوصاف المختلفة :
إن التعداد والفحص للأوصاف المختلفة المعطاة من قبل القانون للعنف المعاقب عليه  يبين لنا وجود أربعة أوصاف هي:
 أ)- الجروح.
ب)- الضرب.
ج)- العنف و التعدي الجسيمين.
 د)- العنف و التعدي البسيطين.
ويبين لنا هذا بأن الحماية مددت تدريجيا إلى السلامة الجسمية للشخص بما في ذلك القوى العقلية وكذا إلى جروح الأنسجة و الخدوش البسيطة.
أ)-الجروح : لم يعرف القانون ما هي الجروح وترك ذلك للفقه والقضاء اللذان اعتبرا جروحا إصابات الجسم الإنساني الناتجة من الاحتكاك أو الاصطدام بشيء مادي : قطع الجلد، استئصال جزء من الجسم، إحداث فتحة في الجسم، التسلخات الخدوش ، الحروق، الكسور، خروج الدم، تمزق أنسجة الجسمالخ.
ب)-الضرب : نسمى ضربا كل علامة أو أثر يحدث على جسم الإنسان بواسطة ضغط أو دفع حتى ولو لم يسبب هذا الضغط أو الدفع جروحا إذ تكفي ضربة واحدة لتكوين الجنحة.
ج)-العنف و التعدي : ويقصد به العنف و التعدي الذي لا يعد ضربا ولا جرحا، ولا يعتد إلا بالعنف و التعدي الجسيم، بينما يعد العنف و التعدي و العنف البسيط مخالفة معاقب عليها بالمادة 442 مكرر                              1  ق.ع.ج.

العناصر المكونة لجريمة الضرب و الجروح العمدية :

رأينا بأن المواد 264 وما بعدها من قانون ع قد قسمت جريمة الضرب و الجروح العمدية إلى أربعة تقسيمات تشترك في العناصر العامة المكونة للجريمة وهي العنصر المادي و المعنوي.

العنصر المادي : يتمثل في العنف و التعدي الخالي من كل تفكير في إحداث الوفاة، حتى لا نكون بصدد محاولة قتل عمدي تظهر بالبدء في التنفيذ, ويجب مبدئيا أن يمارس الفعل المشكل للعنف ضد شخص إنسان وليس ضد الأشياء.
ويجب أن يتمثل العنف في فعل مادي و إيجابي ولا يمكن أن يطبق على العنف المعنوي و التهديد بالكلام، ولكن قد يكون أحيانا الفعل السلبي أو الامتناع من أعمال العنف ومثال ذلك، منع الطعام أو العناية عن الأطفال القصر الذين لا يزيد عمرهم عن ستة عشرة سنة، ولا يشترط أن يمس الفعل المادي الضحية مباشرة وعلى ذلك قضى بأنه يكون جنحة الفعل المتمثل في رمي حجارة على سيارة بها أشخاص وكذا شهر سكين في مواجهة شخص.
العنصر القصدي :
يجب أن يقصد الشخص إحداث الضرب أو الجرح أو العنف أو التعدي أي أن تكون إرادته متوجهة إلى ذلك ، وإذا انعدمت الإرادة فان الوصف القانوني للفعل يتبدل. ويتحقق العنصر القصدي بمجرد الإرادة وارتكاب فعل الاعتداء ، مع العلم بأنه سوف ينتج ضرر عن الفعل. فالقانون يعتبر الفاعل مسؤولا عن القصد الاحتمالي أي يسأل عن جميع النتائج حتى ولو كانت غير متوقعة من قبله ، ولايهم الغلط في الشخصية أو سوء التصويب من قبل الفاعل ، كمالا يعد رضا الضحية سببا لعدم المسؤولية ، وعلى ذاك يعتبر الوشم أو الختان إذا قام بممارسته شخص غير مؤهل وأحدث جروحا للضحية ولو برضاها جريمة.
إذن القانون :
أ)- الأطباء و الجراحون : يستطيع الأطباء و الجراحون ارتكاب أفعال لو ارتكبها غيرهم على المريض فإنها تعد من قبل الضرب و الجرح العمدي ، غير أنه يأذن القانون بذلك في سبيل معالجة المريض، لكن يشترط عليهم أن يحترموا القواعد الفنية للمهنة ، إذ يمكن متابعة هؤلاء في حالة الإهمال أو عدم الحذر عن جريمة القتل أو الجرح غير العمديين.
ب)- الممارسة الرياضية : إن القانون هو الذي يأذن بالفعل، بأن لا يعاقب على الضربات المتبادلة في مقابلة الملاكمة أو كرة القدم على أن لا يتجاوز اللاعب القواعد الفنية للعبة ، وحينذاك يمكن متابعته عن قصده الاحتمالي.
ج)- العنف المرتكب على سبل التأديب :
إن عدم العقاب يسبب ممارسة حق التأديب لا يمكن قبوله إلا بشأن العنف أو التعدي البسيط و الذي لا يؤدي إلى أي عجز عن العمل ، مثال ذلك : حق الأب أو الأم في تأديب أولادهما.
التصنيفات الأربعة للعنف  :
 يستنبط من المواد 264 وما يليها ق ع ج وهذا بالنظر إلى العقوبة أو إلى درجة الضرر بأن المشرع قسم العنف إلى أربعة أقسام أو تصنيفات :
أولا : العنف و التعدي الذي لا يترتب عليه أي عجز عن العمل أو الذي يترتب عليه مرض أو عجز عن العمل لا يتجاوز خمسة عشر يوما.
يمكن أن يتمثل عنصرها المادي في الجروح أو الضرب أو العنف أو التعدي الجسيم باستثناء العنف أو التعدي البسيط الذي يدخل في عداد المخالفات، وقد اشترط المشرع الجزائري في المادة 266 ق ع توافر أحد الظروف المشددة وهي سبق الإصرار أو الترصد أو حمل السلاح للمعاقبة على الجريمة بوصفها جنحة.
ثانيا : عجز عن العمل يتجاوز خمسة عشر يوما :  يشترط المشرع في المادة 264 /1 ق ع بأن يحدث الضرب أو الجروح أو العنف أو التعدي إما مرض أو عجز شخصي عن العمل.
- مرض : لم يعط القانون تعريفا للمرض، ويكون على قضاة الموضوع تبيين ذلك استنادا على الخبرة الطبية الشرعية أو على الشهادات الطبية المحررة من قبل الأطباء المختصين لفحص ما إذا كانت الضحية قد أصيبت بمرض والذي ينتج عنه عامة عجز عن العمل نتيجة لذلك الضرب أو العنف، فلا يكفي الألم لنكون بصدد مرض.
-عجز شخصي عن العمل : لا يفهم من العجز عجز الضحية عن ممارسة انشغالاتها المهنية أو العادية، بل عجز جسمي عن العمل والذي يمكن أن يمارسه إنسان عادي، ولا يشترط أن يكون العجز مطلقا، إذ يمكن أن يوجد عجز حتى ولو كانت الضحية تستطيع القيام بعمل غير متعب وغير خطير، ما دامت عاجزة عن القيام بعمل جسدي.
ويجب أن يكون المرض أو العجز عن العمل قد دام لمدة تتجاوز خمسة عشر يوما ويترتب على ذلك ما يلي :
1- يجب أن يدوم المرض أو العجز عن العمل على الأقل ستة عشر يوما، ويجب معاينة ذلك وكذا تحديد البدء، مع العلم بأن حدوث العنف يدخل في حساب المدة.
2- لا تكفي المعاينة بأن أثار الجروح قد دامت أكثر من خمسة عشر يوما حتى يطبق نص المادة 264/1 من ق ع ج.
3- لا يكفي أن يحتمل بأن المرض أو العجز عن العمل سوف يدوم لأكثر من خمسة عشر يوما بل يجب أن يثبت ذلك فعلا.
4- يجب أن يثبت وجود صلة سببية مؤثرة ما بين العنف المرتكب و المرض أو العجز عن العمل، دون البحث إذا كان زمن المرض أو العجز قد زاد أو تفاقم بسبب التكوين الضعيف لجسم الضحية.....
ثالثا : العاهة الدائمة : قد ينتج عن العنف عاهة دائمة ، وتكون بصدد جناية طبقا للمادة 264/2 وتتمثل عناصر هذه الجريمة( الجناية) من العناصر العامة للجريمة، وقد قامت المادة 264 بتعداد العاهات المعتبرة جناية وهي :
  أ)- فقد أو بتر أحد الأعضاء.
 ب)-المنع من استعمال عضو.
 ج)- فقد البصر.
  د)- فقد البصر لإحدى العينين دون الأخرى.
هـ)-أو أية عاهة أخرى دائمة.
وهذا التعداد غير محدد ، ويكون لقضاة الموضوع أن يبينوا في أحكامهم الطابع الدائم للعاهة، استنادا إلى جميع وسائل الإثبات وخاصة إلى الخبرة الطبية الشرعية، أو شهادات الأطباء.
ملاحظة : في حالة وجود عاهة مستديمة فان القانون لا يأخذ في عين الاعتبار مدة العجز عن العمل.
ويجب التأكد و التثبت بأن العاهة هي نتيجة للعنف المرتكب، ولا يهم أن يكون الفاعل قد أراد أو لم يرد إحداثها، فهو مسؤول عن نتائج أفعاله الإرادية العمدية ، وبعبارة أخرى فان المهم هو أن يكون مريدا لارتكاب الفعل المتمثل في العنف ، ولا تهم النتيجة من ذلك العنف فهو يحاسب على قصده الاحتمالي.
رابعا : الضرب و الجروح العمدية المؤدية إلى الوفاة دون قصد إحداثها : نصت على هذه الحالة المادة 264 في فقرتها الأخيرة وهي تفترض الحالة التي يسبب فيها الضرب أو الجرح العمدي الوفاة للضحية وهذا بخلاف جناية القتل العمدي ، إذ يكمن الفرق بينهما في كون الفاعل في جناية القتل العمدي كان يقصد إحداث الوفاة، بينما في الضرب و الجرح العمدي كان يقصد الضرب و الجرح ، لكن لم يضع في حسبانه النتيجة الجسيمة لفعله.
وتتمثل عناصر هذه الجناية في أربعة، اثنان مشتركان في كل جرائم الضرب والجرح العمديين وهما: الفعل المادي والعنصر المعنوي، واثنان أخران خاصان وهما: وفاة ضحية العنف وصلة السببية المؤثرة ما بين وفاة الضحية و العنف.
أ)- وفاة الضحية : لم يحدد القانون الزمن الواجب أن يحدث فيه العنف ضد المتوفى فيكفي أن يثبت بأن سبب الوفاة هو العنف المرتكب.
ب)- صلة سببية مؤثرة : يتفحص هدا العنصر قضاة و محلفو المحكمة الجنائية ، ويمكن إثبات الصلة السببية بواسطة جميع وسائل الإثبات، لكن يعتمد عادة على الخبرة الطبية الشرعية والتي تبين ما إذا كانت الوفاة تعود إلى العنف المرتكب.
وبغض النظر عن المعاينات الطبية يمكن التمييز بين فرضيتين :
1- أن يكون فعل العنف قاتلا، ففي هذه الحالة يسأل الفاعل عن الوفاة.
2- أن لا يكون فعل العنف قاتلا، فتوجد قرينة بأن الوفاة لها سبب أخر لكن هذه القرينة قابلة لإثبات عكس مدلولها، إذ بالرغم من كون الضربة غير قاتلة ، فانه يمكن اعتبارها السبب المباشر للوفاة لكونها عجلت في وفاة الضحية التي هي مصابة بمرض، أو أن العنف المرتكب تسبب في مرض أدى إلى وفاة الضحية.
لكن إذا حدثت الوفاة لعدم حذر الضحية أثناء حدوث المرض المترتب عن العنف المرتكب ضدها ، أو لعدم خبرة الطبيب الذي عالجها، أو للتدخل الصادر من الغير، فان الفاعل لا يسأل عن العنف المؤدي إلى الوفاة دون قصد إحداثها ، بل عن جريمة الضرب العمدي الذي لم ينتج عنه موت الضحية أي الحالتان المنصوص عليهما في المادة 264 ق.ع.ج.
الظروف المشددة :
أولا : سبق الإصرار أو الترصد :
نصت المادة 265 ق ع ج على تشديد العقوبة إذا حدث الضرب أو الجرح العمدي المنصوص عليه في المادة 264 مع سبق الإصرار أو الترصد مع الإشارة بأن هاذين الظرفين المشددين يحولان الجريمة من جنحة إلى جناية ، وإذا لم ينتج عن العنف أي عجز عن العمل أو نتج عنه عجز عن العمل لا يتجاوز خمسة عشر يوما فان سبق الإصرار أو الترصد يترك للعنف وصف الجنحة ( م 266 ق.ع).
ثانيا : صفة الضحية :
أ)- العنف ضد الأصول : نصت عليه المادة 267 ق.ع.ج وعناصر الجريمة ثلاثة، اثنان منهما مشتركان مع جنحة الضرب و الجرح العمدي، وعنصر خاص يتمثل في صفة الضحية، فالتشديد وضع بسبب العلاقة الأبوية ما بين الفاعل و الضحية، وقد عددت المادة 267 الأصول الشرعيين بأنهم :
1- الأب و الأم الشرعيان.
2- الأصول الشرعيون كالجد أو الجدة من الأب أو من الأم.
وحتى يطبق نص المادة 267 ق ع يجب أن يعلم الفاعل بالرابطة الأسرية التي تربطه بالضحية.
ب)- العنف ضد الأطفال :
نصت على ذلك المادة 269 ق ع وتتمثل عناصر الجريمة في :
1- فعل مادي : يتمثل إما في فعل الضرب أو الجروح العمديين أو في الحرمان من الطعام أو العناية.
1،1 : الضرب أو الجرح : لا يشترط أن يترك الضرب أو الجرح العمديين أثارا ويستثنى من ذلك العنف البسيط.
2 : الحرمان من الطعام أو العناية : وهي جريمة سلبية ويشترط لتوقيع العقوبة فيها على شرطين :
- أن يعرض ذلك الحرمان صحة الطفل إلى الخطر.
- أن يكون الفاعل ملتزما بالاستجابة لحاجات الطفل.
وليس من الضروري أن يرتكب الضرب أو الجرح العمدي ، أو الحرمان من الطعام أو العناية لمدة معينة، أو على سبيل الدوام، بل يكفي فعل واحد لتكوين الجريمة، سواء تعلق الأمر بالضرب أو الجرح العمديين أو بالحرمان من الطعام أو العناية المؤثر على صحة الطفل.
2-العنصر القصدي : ويتمثل في إرادة إحداث الألم للطفل وتخرج من ذلك الأفعال غير الإرادية.
3- سن الضحية : حتى يكون الفعل متميزا عن الضرب و الجروح العمديين العاديين يجب أن يقل سن الضحية عن ستة عشر سنة، و لا يمكن القياس على هذا النص، فلا ينطبق على البالغين حتى ولو كانوا من الذين لا يستطيعون حماية أنفسهم بسبب حالتهم الجسدية أو العقلية وهذا تطبيقا لمبدأ الشرعية الذي يقتضي تفسيرا ضيقا للنصوص الجزائية.
ثالثا : المشاجرة أو العصيان أو الاجتماعات.. بغرض الفتنة :
تنص المادة 368 ق ع ج على الحالة التي يرتكب فيها الضرب أو الجرح العمديين أثناء المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع بقصد الفتنة ويشكل هذا خروجا عن القواعد العادية للاشتراك ، فهو يعاقب المشتركون في المشاجرات أو العصيان أو الاجتماع بغرض الفتنة حتى ولم يكونوا هم المرتكبين للضرب أو الجرح العمديين.
ويعتبرهم كفاعلين أصليين، كما يعاقب الرؤساء ومرتكبي المشاجرة أو العصيان أو القائمون على الاجتماع بغرض الفتنة أو الداعين إليه أو المحرضين على ذلك كما لو ارتكبوا هم شخصيا تلك الأعمال العنيفة فهم مسؤولون حتى ولو لم يشاركوا شخصيا أو يساهموا في أعمال العنف، وحتى ولو لم  يريدوها أو لم يتوقعوا حدوثها.
عناصر الجريمة :
أ)-أعمال العنف : تتمثل في الأعمال المنصوص عليها في المادة 264 ق ع ج وهي الضرب و الجرح العمديين بأنواعه المختلفة، بما في ذلك الضرب والجرح العمديين المؤدي إلى الوفاة دون قصد إحداثها.
ب)- المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع بغرض الفتنة : يجب أن ترتكب الجنايات أو الجنح أثناء المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع بغرض الفتنة.
ج)- صفة الفاعلين : يجب أن يكون الفاعلين، إما مشاركين في المشاجرة أو العصيان أو الاجتماع بغرض الفتنة، أو ترأسوا الاجتماعات بغرض الفتنة أو دعوا إليها أو حرضوا عليها، وهذا دون البحث ما إذا كان الفاعلين قد اشتركوا في أعمال العنف أم لا ويفسر هذا الظرف المشدد بأن الداعين أو المحرضين على الفتنة هم أكثر ذنبا من الذين يرتكبون العنف أثناء تلك المشاجرات أو العصيان أو الاجتماعات.
د)- العنصر القصدي : يتمثل في العلم بأنهم يقومون بمشاجرة أو عصيان أو اجتماع بقصد الفتنة وإرادتهم في القيام بذلك ولا يشترط أن يريدوا أعمال العنف.
رابعا : الخصاء : نص القانون الجزائري في المادة 274 على الخصاء وجعله جناية خاصة، ولم يحدد القانون فيما يتمثل الخصاء، إلا أن القضاء يذهب إلى أن الخصاء يتمثل في بتر أو فقد أعضاء النسل سواء كان الفقد كاملا أو جزئيا.
وكما يقع فعل الخصاء على الرجل فانه يقع على المرأة ، فبتر أو تحطيم المبيض أو المبيضين يشكل خصاء بأتم معنى الكلمة ، ولهذه الجناية عنصران هما :
أ)- فعل مادي : يجب أن يرتكبه الفاعل على شخص الغير، فالشخص الذي يخصي نفسه لا عقاب عليه ولا يكون بصدد جريمة الخصاء ، كما أن رضا الضحية لا يبرر الجريمة وبالتالي لا يمحو عن الفعل صفته الإجرامية، ويتمثل الفعل المادي في تحطيم خصيتي الرجل وفعل البتر الكلي للإحليل حتى ولو بقيت الخصيتان صحيحتين.
ب) : العنصر القصدي : تكفي إرادة إعدام القدرة على التناسل وهذا دون العبرة بالدافع فالجريمة توجد ما دامت الأجزاء التناسلية قد حطمت بكاملها أو في جزء منها ، أو تعرضت لجروح عمدية تهدف إلى تحطيمها، فالدافع أو الباعث لا يهم ما دامت الإرادة متوفرة  ، فلا يهم أن يكون الباعث على الجريمة هو الانتقام أو الحسد أو تصفية الحساب.
فلا نبحث عن تبرير الحصاء (أو تحطيم المبيض بواسطة الجراحة) في الدافع أو الباعث لكن في إذن القانون المطبق على مهنة الطب ، ومثال ذلك : أن تذهب إمرأة إلى الطبيب والتي لا تريد الإنجاب لإضراره بصحتها وتطلب منه إجراء عملية جراحية عليها حتى تمتنع عن الإنجاب نهائيا.
إ شارة : تسمى العملية المذكورة بربط الأنابيب وتتضمن جرحا رفيعا في أسفل البطن لقطع الأنابيب الآتية من المبيضين ثم ربطهما وبالنسبة للرجل تقطع الأنابيب من الخصيتين ثم تعقد.
الظروف المخففة : نص المشرع في المواد من 277 إلى 281 على خمسة أعذار مخففة وهي :
1- يعذر مرتكب جريمة الضرب والجرح العمدي إذا أستفز بضرب أو عنف شديد.
2- يعذر مرتكب جريمة الضرب والجرح العمدي إذا ارتكبه لدفع تسلق أو كسر الاسياج أو الحيطان أو مدخل المنازل أو الشقق المسكونة أو توابعها إذا وقع ذلك أثناء النهار.
3- إذا ارتكب الضرب والجرح العمدي أحد الزوجين إذا فاجأ زوجه في حالة تلبس بالزنا ( وقد يقع العنف على الشريك).
4- يعذر مرتكب جناية الخصاء إذا استفز فورا باعتداء على العرض بالعنف.
5- يعذر مرتكب الضرب والجرح العمدي إذا ارتكبه ضد شخص بالغ يفاجأ في حالة تلبس بجريمة اعتداء على عرض قاصر لا يتجاوز السادسة عشر من عمره سواء تم الاعتداء بالعنف أو بدون عنف.
Share: