ضوابط سلطة المستخدم في إجراء التعديل غير الجوهري لعقد العمل

0

: ضوابط سلطة المستخدم في إجراء التعديل غير الجوهري لعقد العمل

    الفرع الأول: عدم الإضرار بالعامل

    إن سلطة المستخدم في تعديل عقد العمل تعديلا غير جوهري مقيدة بعدم إلحاق أي ضرر مادي أو معنوي أو جسماني بالعامل، و الضرر المادي هو الانتقاص من اجر العامل إذ أن التغيير الذي يمس التعيين داخل المؤسسة باستبدال المنصب الذي يمارس فيه العامل نشاطه بمنصب مماثل دون التأثير على الآجر لا يشكل مساسا بعنصر جوهري في العقد ويعتبر داخلا ضمن السلطات الممنوحة لصاحب العمل في إطار تسيير مؤسسته بالكيفية التي يراها المثلى (1).

     في حين أن المشرع الجزائري لم يورد أحكاما خاصة تتعلق بمدى مشروعية التخفيض في الأجر، غير أنه ومن خلال استقراء المادة 63 من قانون علاقات العمل90/11 والمادة 106 من القانون المدني يتضح أنه لا يجوز للمستخدم تخفيض الأجر بإرادته المنفردة، وعلى هذا الأساس فإنه في حالة قيام المستخدم بتعديل الأجر بإرادته المنفردة ورفض العامل هذا التعديل وقطع علاقة العمل، فإن هذا الإنهاء ينسب للمستخدم، غير أنه يمكن تعديل الأجر بمقتضى إتفاق الطرفين أو بمقتضي الأسباب التي يقدرها القانون و المتعلقة بتقليص عدد العمال لأسباب اقتصادية، أو المتعلقة بنقل العامل من منصبه إلى منصب جديد على أساس قرار طبي (2)

    كما يجب ألا يترتب على هذا التعديل ضرر أدبي للعامل، باعتبار أن نقل العامل إلى منصب أقل من الناحية الأدبية عمل تعسفي إذا قصد به الإساءة إليه، ويعد تعديلا جوهريا للعقد ويسبب أضرار العامل إلا إذا كان بصفة مؤقتة ودعت إليه ضرورة ملحة(3)

    غير أن قانون العمل الجزائري لم يتناول نقل العامل من مكان إلى آخر، غير أنه أورد عبارة عامة في نص المادة 62 من قانون علاقات العمل 90/11 يفهم منها أن التعديل الذي يملي قواعد أكثر نفعا من تلك التي نص عليها عقد العمل يكون مشروعا،أما التعديل الذي يسبب ضررا للعامل فهو مـرفوض،وقد كرسـت المحكمـة العليـا هذا مـن خلال قـرارها رقم 101448 الصـادر بتـاريخ 24/11/1993 واعتـبرت أن النقـل الذي لا يجد سنـدا له في العقـد أو النظـام الداخلـي





1- عبد السلام ذيب – قانون العمل الجزائري و التحولات الاقتصادية – دار القصبة الجزائر 2003 ص 61

2- Nasri hafnaoui :de la modification de certains élément du contrat du travail Revue el djeich : N°414 janvier 1998 p 22               

3- سعيد أحمد شعلة – المرجع السابق ص 55.

لا يمكن اعتباره مشروعا ولو برر بالصالح العام (1)

   بينما كان التشريع السابق ينص في المادة 49 من القانون 78/12 المؤرخ في 05/08/1978 و المادة

22 من المرسوم 82-302 المؤرخ في 11/09/1982 على أنه يجوز للمستخدم أن يعين العامل في أي منصب غير منصبه الأصلي يتفق ومؤهلاته و في أي مكان يجرى فيه نشاطه إذا دعى تنظيم هذا النشاط إلى ذلك أو لضرورة المصلحة ويتحتم على العامل أن يقبل بالمنصب الجديد على أن يتم ذلك التغيير في ظل احترام الإجراءات القانونية و التنظيمية، غير أنه يمنع أن يكون هذا التعيين بمثابة العقوبة المقنعة أو أن يؤثر على قدرة العامل الشرائية (2).

     أما الضرر الجسماني فيتحقق متى كان التعديل يقتضي من العامل أن يبذل جهدا أكبر من الجهد الذي كان يبذله قبل التعديل، وقد قضت محكمة استئناف القاهرة بأن تكليف رئيس العمال بالعمل كعامل تعديل جوهري لكون أن الفرق شاسع بين الرئيس الذي يعمل في الإشراف و التوجيه و العامل الذي يبذل جهدا جسما نيا و عقليا طول اليوم (3).

     كما جاء في القرار رقم 205032 المؤرخ في 11/07/2000 الصادر في المحكمة العليا أن قضاء مجلس تيزي وزو لم يتفحصوا بطريقة معمقة الشهادات الطبية الصادرة عن مختصين في طب العمل و التي مفادها أن المدعى غير قادر جسديا وفكريا على ممارسة عمل ليلي (4).مما يفيد أن تغير زمن العمل إلى الليل بالنسبة لهذا العامل سوف يلحق به ضرر جسديا .

   وإذا لم يسبب التغير أي أضرار جسما نية أو مادية أو أدبية للعامل، ففي هذه الحالة يعتبر التعديل غير جوهري ولا يكمن للعامل الإعتراض عليه ،و لقاضي الموضوع أن يتأكد من مدى جوهرية التعديل مستعينا بكافة الطرق و العوامل المؤثرة في أداء العمل بالنسبة للعامل .


الفرع الثاني : ألا يترتب على التعديل غير الجوهري تعديل جوهري

    هناك عناصر لايمكن أن تكون إلا جوهرية كالأجر و الدرجة الوظيفة،وكل تعديل يمس هاتين العنصرين فهو تعديل جوهري،حتى ولو وجد إتفاق مسبق يقضي بإمكانية التعديل .





 1- انظر قرار المحكمة كالعليا رقم 10448 مرفق رقم 1

2- ذيب عبد السلام – المرجع السابق – ص 62

3- د/محمد حسين منصور – قانون العمل – مصر – 1997- ص 472

 4- قرار أورده – ذيب عبد السلام – المرجع السابق ص-  175

     و هناك عناصر أخرى يمكن أن تكون جوهرية او غير جوهرية بحسب وجود إتفاق من عدمه على إمكانية تعديلها، كمكان العمل وزمانه واختصاص العامل، فهذه العناصر غير جوهرية بطبيعتها مالم يتفق الطرفان على غير ذلك (1).

     لكن مهما يكن لا يمكن أن يترتب على تغيير مكان العمل تعديل جوهري في نوعية العمل المسند إلى العامل أو الإنقاص من الحقوق و المزايا التي كان يحصل عليها في المكان الأصلي، أو يترتب على هذا النقل تنزيل العامل إلى مركز أقل من المركز الذي كان يشغله، وقد جاء في قرار المحكمة العليا رقم 170677 المؤرخ في 09/03/1999 لكن حيث يتبين من الحكم المطعون فيه ووثائق الدعوة أن المطعون ضده رسم بموجب قرار تثبيث رقم 805/90 في منصب سائق آلة حفر إبتداءا من تاريخ 21/02/1990 وتم تحويله إلى ورشة عمل أخرى كعامل يدوي بسيط إبتداءا من 29/05/1995 حيث رفض ذلك وحيث أنه تابث فقها وقضاءا أن التغيير في وظيفة العامل لا يتم إلا بناءا على الإرادة المشتركة للطرفين، و الدي يدخل في إطار هذا التحويل مقترنا بالتنزيل، ومن ثم فإن تطبيق قاضي الموضوع للمادة 63 من قانون 90/11 في محله (2)

   ويفهم من هذا القرار أن رب العمل (المستخدم ) بتحويله للعامل فإن هذا تعديل غير جوهري ولكنه بإقتران التنزيل بهذا التحويل أصبح التعديل جوهريا و بالتالي يتطلب موافقة العامل .













1- د/ عبد العزيز المرسى حمود – السائق-ص46

2- قرار أورده ذيب عبد السلام :المرجع السابق-ص65

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه