مفهوم
غرفة قاضي التحقيق
قاضي التحقيق هو أحد
أعضاء الهيئة القضائية ، أي هو أحد قضاة الحكم أصلا ، حيث يجمع صفتين متلازمتين ،
فهو من جهة يقوم بأعمال الشرطة القضائية من تحقيق وبحث و تحري .
كما يصدر أثناء
التحقيق من جهة أخرى أوامر و قرارات لها صفة قضائية ، وتنص المادة ( 39/1 ) من
قانون الإجراءات الجزائية على أن يعين قاضي التحقيق المختار من بين قضاة المحكمة
بمقتضى قرار من وزير العدل حامل الأختام لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد .
و يجوز أن يندب في
حالة الضرورة قاضي تحقيق واحد أو أكثر ، كما يجوز أن يقوم قاضي تحقيق واحد بالعمل
في أكثر من محكمة ، فقد يقوم بتحقيق قضايا في محكمتين مختلفتين أو أكثر عند
الضرورة .
و تنص المادة ( 39/2
) من ( ق.إ.ج ) على أنه يجوز إعفاؤه من مهام وظيفته طبقا للأوضاع نفسها أي بنفس
الطريقة التي عين بها .
كما لا يجوز لقاضي
التحقيق أن يمنع عن التحقيق بدون مبرر ، كما يجب أن تدخل القضية في حدود اختصاصه و
إلا كانت إجراءات التحقيق باطلة طبقا للقواعد العامة ، و يتميز نظام قاضي التحقيق
بخصائص مستوحاة من مبدأ الشرعية الإجرائية بهدف إقامة التوازن بين مصلحة المجتمع و
مصلحة المتهم .
ونتيجة لما أخص
المشرع كل من قاضي التحقيق و عمليات التحقيق من ضمانات، و هذه الخصائص هي :
– حيدة قاضي التحقيق –
عدم مساءلة قاضي التحقيق – عدم خضوع قضاة التحقيق للتبعية التدريجية – القابلية
لردّ قاضي التحقيق – ازدواجية دور قاضي التحقيق .
1 – حيدة قاضي
التحقيق :
إن حياد المحقق في
الفصل في النزاع القائم من أهم الضمانات في التحقيق ، حيث تضمنت نزاهة التحقيق و
عدم ميله إلى جانب أحد الخصوم كجهة الاتهام ، و هذا لا يكون إلا إذا كان هناك فصل
بين سلطة الاتهام و سلطة التحقيق و سلطة الحكم على النحو التالي :
أ – استقلالية سلطة
التحقيق عن سلطة الاتهام :
إن قاضي التحقيق هو
المكلف بمباشرة التحقيق من بحث و تحري و الفصل في كفاءة الأدلة أو عدم كفايتها ، و
هذا بعد مباشرة التحقيق في ادعاء النيابة العامة باعتبارها سلطة الاتهام ، هذا
الادعاء يجعل النيابة العامة في مرتبة الخصوم حيث يستقل كل واحد عن الآخر ، فلا يمكن
للنيابة أن تحرك الدعوى ثم تباشرها بنفسها مراعاة للعدالة و تأمينا للحياد ، فهي
مكلفة بتحريك الدعوى و مباشرتها أمام الجهة القضائية .
و قاضي التحقيق يقوم
بمباشرة التحقيق بصفة مستقلة ، و قد أكد المشرع الجزائري على الفصل بين سلطة
التحقيق فإنه يقوم بعمله دون التقيد بأنه طلبات حتى طلبات وكيل الجمهورية .
و قد نصت المادة (
69/3 ) من ( ق.إ.ج ) أنه " إذا رأى قاضي التحقيق بأنه لا موجب لاتخاذ
الإجراءات المطلوبة من وكيل الجمهورية فيتعين عليه أن يصدر أمرا مسببا خلال الخمسة
أيام الموالية لطلب وكيل الجمهورية " ([1])
و
الحكمة من ذلك أن جمع النيابة لسلطة التحقيق و الاتهام يجعل منها خصما و حكما في
نفس الوقت ، ما يجعلها متشددة مع المتهم و غير معنية بدفاعه .
إلا أن هذا الاستقلال
لا ينفي وجود اتصال وثيق بينهما ، إذ أن قاضي التحقيق يختص بالتحقيق بناء على طلب
وكيل لجمهورية ، فهو الذي يعهد إلى أحد القضاة المكلفين بالتحقيق ، و يحضر
التحقيقات و يقوم بدور إيجابي في متابعة الدعوى العمومية، و يستطيع أن يطعن في
قراراته إذا دعت الضرورة لذلك في النهاية . ([2])
ب / الفصل بين وظيفتي
التحقيق و الحكم :
تنص المادة ( 38 ) من
( ق.إ.ج ) على أنه " نشاط بقاضي التحقيق إجراءات البحث و التحري ، و لا يجوز
له أن يشرك في قضايا تميزها بصفته قاضيا للتحقيق و إلا كان ذلك الحكم باطلا "
.
و عليه لا يجوز لقاضي
التحقيق الفصل في القضايا التي تحقق فيها و الحكم فيها ، و مرد ذلك إلى الخوف من
أن يؤثر قاضي التحقيق في قاضي الحكم و بما قام به القاضي أثناء تحقيقه من تحقيقات
وفقا لرأيه و قناعته التي تتكون لديه عند التحقيق .
2 – عدم مساءلة قاضي
التحقيق :
باعتبار قضاة التحقيق
يمارسون سلطة الوظيفة العامة ، فهم لا يسألون جنائيا و لا مدنيا عما يترتب عن
عملها من أخطار أثناء مباشرة وظائفهم ، غير أنهم يسألون عندما يتجاوزون حدود
ممارسة السلطة بأن ارتبكوا غشا أو تدليسا
أو
غلطا أو خطأ مهنيا جسيما.
3 – عدم خضوع قضاة
التحقيق للتبعية التدرجية :
أي أنه لا يخضع
للنظام التدرجي في التبعية لرؤسائه في السلم الوظيفي ، و عليه لا يملك رؤساء قاضي
التحقيق أن يصدروا إليه أمرا شفويا أو كتابيا باتخاذ أي إجراء فني من إجراءات
التحقيق أو الامتناع عن القيام بأي إجراء منها .
على أنه " يجوز
أن يطلب المتهم أو المدعي المدني من وكيل الجمهورية لحسن سير العدالة تنحية قاضي
التحقيق عن الدعوى لقاضي آخر من قضاة التحقيق ، و على وكيل الجمهورية أن يبت في
الطلب خلال ثمانية أيام، ويكون قراره غير قابل لأي طعن " و هذا حماية للعدالة
من انحراف القضاة عن مبدأ الحياد الواجب احترامه .
كما يكون لقاضي
التحقيق في حالة قيام سبب من أسباب التنحية أو الردّ بحيث تؤثر على قدرته في نظر
الدعوى بالحياد المطلوب يكون له طلب بديل عنه في هذه القضية و يصرح بذلك لرئيس
المجلس القضائي بدائرة الاختصاص حيث يزاول مهنته ، و لرئيس المجلس القضائي أن
يقررها إذا كان ينبغي عليه التنحي عن نظر الدعوى . ([3])
4 – ازدواجية دور
قاضي التحقيق :
إن دور قاضي التحقيق
يتسم بالازدواجية سواء من حيث تنوع مهامه أو من حيث أدائه لهذه المهام ، فمن حيث
تنوع مهامه و سلطاته فهي تنقسم إلى قسمين :
* سلطات يمارسها
بصفته محققا و المتمثلة في إجراءات التحقيق التي يمارسها من بحث عن الأدلة و جمعها
و فحصها و غيرها من المهام المتعلقة بالتحقيق .
* و الثانية هي التي
يمارسها في إطار سلطاته القضائية سواء عند فتح التحقيق أو أثناء مباشرته أو بعد
إقفاله .
أما من حيث أدائه
لهذه المهام و السلطات فنجده رغم ما له من مجالات في إطار ما ضمنه له القانون
كإجراءات البحث و التحري إلا أن القانون فرض عليه قيودا وواجبات عليه التقيد بها
أثناء مباشرة مهامه كالحفاظ على السر المهني و فرض عقوبات عليه في حالة عدم
احترامها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق