الاشتراط في عقد الزواج بين الحظر والإباحة

0
الاشتراط في عقد الزواج بين الحظر والإباحة
       إن الخلاف حول حرية الاشتراط عند التعاقد هو جزء من الخلاف في حرية التعاقد نفسها،[1] ولا شك أن حرية الاشتراط تابعة لحرية التعاقد، فإذا كانت العقود متوقفة على ما نص عليه الشارع، فإن الشروط المتعلقة بهذه العقود تكون هي الأخرى متوقفة على ما نص عليه الشارع.
      وعلى العكس من ذلك، فإذا كانت العقود مطلقة من قيد الشارع ومتحررة من مبدأ شرعية الآثار؛ بحيث يستطيع العاقد إبرام ما يشاء من العقود، فإن هذا يؤدي إلى القول بحرية الاشتراط.[2] ولذلك فإن علاقة الشروط بالعقود هي علاقة تبعية، وهذا لأن العقد هو الوعاء الذي تصب فيه الشروط.     
    إن أغلب مواضيع الأحوال الشخصية من النظام العام وهي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع، ومن ثمة لا يجوز للأفراد تعديلها باتفاقات فيما بينهم، ولا يجوز للزوجين الاتفاق على تعديل الحالة المدنية لأحدهما، أو التنازل عن أبوتهما لإبنهما، وليس لأي شخص أن يتنازل عن أهليته[3] ، لأن كل هذه الحقوق الشخصية تعتبر من النظام العام، كما أنه ليس للزوجين الاتفاق على تعديل ما للزوج من حقوق على زوجته في الطاعة والقوامة والأمانة الزوجية بالتنازل عنها مثلاً، أو تعديل ما للزوجة من حقوق على زوجها.[4]
      وتتمثل الحكمة في جعل آثار عقد الزواج من عمل الشارع في الحفاظ على قدسية ميثاق الزوجية، وصوناً لها من أن تتعرض لشروط تتنافى مع مقصد الشارع ومقتضى عقد الزواج.[5] إذ يقتصر عمل المتعاقدين على إبداء رضاهما المتبادل لإبرام عقد الزواج دون أن يكون لهما حق الاعتراض على هذه الآثار أو رفض بعضها. واستثناءا من هذا الأصل العام فقد أباح الشارع للزوجين الاتفاق على شروط قد تؤكد مقتضى عقد الزواج أو تحقق منفعة مقصودة لأحد الزوجين. ومن هنا يثور التساؤل حول مدى حرية الزوجين في تحديد الشروط المقترنة بعقد الزواج التي من شأنها أن تؤثر في آثار عقد الزواج، إما بالنقص منها، وإما بإضافة التزامات جديدة على أحد الزوجين لا يستلزمها أصل عقد الزواج؟
     إن حرية الاشتراط في عقد الزواج تابعة لحرية التعاقد. بدليل أن من يقولون بمبدأ حرية التعاقد يفتحون باب الشروط في العقود؛ فيجعلون للعاقد أن يشترط عند إنشاء العقد ما شاء من الشروط.
    وعلى العكس من ذلك، فإن الذين يقولون بأن الأصل في العقود المنع ويتمسكون بمقتضيات العقود التي أقرها الشارع والآثار التي اعتبرها؛ لا يحترمون من الشروط إلا ما يتفق مع مقتضيات العقود.[6]
    وتفريعاً لذلك فقد اختلف الفقهاء المسلمون مابين مضيق وموسع فيما يتعلق بحرية التعاقد، وبالتالي حرية الاشتراط، حيث ذهب جانب من الفقهاء إلى أن الأصل في الاشتراط الحظر، وذهب رأي آخر إلى أن الأصل في الاشتراط الإباحة، وسنتولى دراسة الأسس والحجج التي استند إليها كل من الرأيين فيما يلي:
المطلب الأول: الرأي القائل بأن الأصل في الاشتراط الحظر
      يتمثل أصحاب هذا الرأي في مذهب الظاهرية أساساً المتمثلون في أتباع داوود بن علي وابن حزم الأندلسي، ويتمثل أيضاً في رأي كل من الحنفية والمالكية والشافعية الدين يتمسكون بظاهر النصوص ويقفون عندها. وهؤلاء جميعاً يقيدون إرادة الإنسان ويضيقون عليها المجال في باب العقود والشروط، فإرادة الإنسان حسب هذا الرأي لا تنشئ من العقود والشروط إلا ما نص الشارع على إباحته، أما ما وراء ذلك فهي لا تملك إنشاءه، وإن فعلته كان باطلاً، فهذه المذاهب تتفق مبدئيا على أن الأصل في الاشتراط الحظر ويتمسك أصحابها جميعاً بهذا المبدأ إجمالاً، وإن اختلفوا في التفصيلات.[7]
       ويتمسك أصحاب هذا الرأي بنظرية مقتضى العقـد؛ التي تعتبر أن الأحـكام والالتزامات التي يكون العاقد مكلفًا بها هي محددة من قبل الشارع دون حاجة إلى اشتراطها من قبل العاقد الآخر، وذلك كالتزام الزوجة بتسليم نفسها، والتزام الزوج بدفع المهر والنفقة.[8] وسنتطرق إلى دراسة مضمون وأدلة هذا الرأي بصفة مفصلة في الفرعيين المواليين:
الفرع الأول: مضمون هذا الرأي
     يرى أصحاب هذا الرأي بأن الأصل في العقود والشروط هو الحظر لا الإباحة حتى يقوم الدليل من كتاب الله أو السنة الصحيحة أو الإجماع أو القياس أو الاستحسان على الإباحة، ولهذا أبطلوا كل عقد أو تصرف لم يرد من الشارع ما يدل على جوازه وصحته.[9] فالشروط الجائزة هي التي توافق مقتضى العقد وتلائم حكمه، أو التي يدل على مشروعيتها دليل معين من الأدلة المعتبرة في إثبات الأحكام الشرعية.
    وتقوم نظرية مقتضى العقد على أساس أن إرادة الزوجين لا تنشأ عقداً بقدر ما تحقق انضمامهما إلى نظام قانوني؛ بحيث تقتصر إرادتهما في الرغبة والاتجاه نحو إبرام عقد الزواج وليس لهما مناقشة أو تعديل آثاره، وفي هذا تغليب لمصلحة المجتمع على المصالح الخاصة للأفراد وتحقيق استقرار النظام العام.[10]
    لقد أغلق أصحاب هذا الرأي باب الشروط، ولم يفتحوه إلا بقدر معلوم يختلف سعة وضيقاً تبعاً لاختلاف نظرتهم في الأخذ بالأدلة الشرعية، وتبعاً لاختلاف نظرتهم في مدى موافقة الشرط لمقتضى العقد وملاءمته لحكمته وانتفاء ذلك.[11] وسنعرض فيما يلي الحجج والأدلة الشرعية التي استند إليها أصحاب هذا الرأي:
الفرع الثاني: أدلة هذا الرأي
     استدل أتباع ابن حزم الظاهري بجملة أدلة من الكتاب والسنة والمعقول نشير إليها فيما يلي:
البند الأول: من الكتاب
1) إن الشريعة الإسلامية جاءت شاملة لكل شيء، وقد تكلفت بيان ما يحقق مصالح الأمة، ومنها العقود على أساس من العدل.
    وعلى هذا فليس من العدل ترك الحرية للناس في عقد ما يريدون من العقود، وإلا أدى ذلك إلى هدم نظام الشريعة، ويكون ذلك من باب التعدي لحدود الله والزيادة في دينه.[12] لأن الله تعالى يقول: " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون"[13]، وفي آية أخرى:" ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه "[14] ، واستدلوا أيضاً بقوله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم".[15]
     ووجه الدلالة من هذه الآيات الكريمة أن الله سبحانه وتعالى بين لنا الحدود التي لا يصح لعباده أن يتجاوزوها، ومن ثمة فإن كل شرط لم يرد به دليل معين يكون تعدياً لحدود الشريعة لا يجب الوفاء به.[16]
     كما أن الله سبحانه وتعالى أكمل الدين وأتم الشريعة فجاءت شاملة لكل ما يحتاجه العباد في الدنيا والآخرة؛ ولهذا فإن إحداث أي عقد أو تصرف أو إضافة شروط إلى عقد الزواج يكون زيادة على الدين وخروجاً عنه فلا يصح ذلك.
     ويقول ابن حزم الظاهري:"... إن الله تعالى إذا حرم بالنص شيئاً فحرم إنسان شيئاً غير ذلك، قياساً على ما حرم الله تعالى، أو أحل بعض ما حرم الله قياساً، أو أوجب غير ما أوجب الله تعالى قياسا، أو أسقط بعض ما أوجب الله تعالى قياساً، فقد تعدّ حدود الله تعالى فهو ظالم بشهادة الله تعالى عليه بذلك ". [17]
     ويقول الظاهرية أيضاً:" إنه لا يعتبر من الشروط إلا ما ورد النص بإثباته وقام الدليل على وجوب الوفاء به، لأن الالتزامات الشرعية لا تأخذ قوتها من أقوال العاقدين وإرادتهما، ولكن مما يرتبه الشارع على أقوالهم، ويحكم بأنه أثر لتصرفاتهم، فما لم يرد من الشارع دليل على اعتبار الشروط التي يشترطها العاقدان، لا يلتفت إليها ولا يحكم لها بأثر، ولا تنال قوة التنفيذ تحت سلطانه ".[18]
2) واستدل الظاهرية أيضاً بقوله تعالى: " يآيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود "[19]، وبقوله تعالى: " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ". [20]
    ووجه الدلالة من هاتين الآيتين أن الله سبحانه وتعالى أمر بالوفاء بالعقود، ولكن هذا ليس على عمومه، ولا يأخذ على ظاهره؛ فالقرآن قد أمرنا باجتناب نواهي الله تعالى ومعاصيه، فمن عقد على معصية فحرام عليه الوفاء بها، كما أنه لا يعلم ماهو عهد الله إلا بنص وارد فيه، ومن ثمة فإن الالتزام بالعقود عامة قد يؤدي إلى إحلال محرم أو تحريم ما أحل الله.[21]  
     ولقد رد أصحاب الرأي الثاني القائل بأن الأصل في الاشتراط الإباحة على الأدلة التي قدمها أصحاب الرأي الأول كما يلي:
     إنه بالنسبة للآيتين الكريمتين اللتين استدل بهما المانعين للاشتراط ليس فيهما ما يدل على ما ذهبتم إليه، إذ هما واردتان في شأن من يخالف ما شرعه الله تعالى، فيترك ما أمره بفعله ويرتكب ما نهاه عنه؛ ثم إن الآية الأولى جاءت مسبوقة بذكر أحكام حددها الله سبحانه وتعالى لعباده وبينها لهم من اليمين بالله تعالى والإيلاء والطلاق بمال وبغير مال، ثم أعقب الله تعالى ذلك بقوله: " تلك حدود الله"؛ أي قوانينه وأحكامه فلا تعتدوها بفعل ما يخالفها.
    وجاءت الآية الثانية مسبوقة بأحكام شرعها الله لعباده وألزمهم بها من تطليق     النساء في عدتهن وإحصاء العدة، ومن نهي المطلقين أن يخرجـوا مطلقاتهم من بيوتهن، وبعد تبيـان هذه الأحكام جـاء قوله تعالى: " ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ".[22] ومن ثمة فإن استدلال الظاهرية بهذه الآيات استدلال ليس في محله، لأنها لا تدل على النهي عن الاشتراط في العقود؛ وإنما دلت على بيان حكم المتعدي لحدود الله وشريعته ردعاً للناس وزجراً لهم عن مخالفة شرع الله ودينه.[23]
    ورد أصحاب الرأي الثاني المجيزون للاشتراط على ما ذهب إليه الظاهرية في رفضهم الأخذ بالقياس، بأنه يمكن استنباط أحكام ووقائع جديدة بواسطة قياسها على الوقائع التي ورد النص بشأنها؛ وتبعاً لذلك إذا دعت الحاجة إلى إنشاء عقود ومشارطات جديدة لم يرد بها أمر أو نهي وأمكن قياسها على عقد من العقود المشروعة، فإن هذا لا يعد زيادة في الدين ولا يناقض قوله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم "[24]، ولا يقتصر الأمر على القياس بل يمكن الاستناد إلى بقية مصادر التشريع الإسلامي الأخرى، كالاستحسان والمصالح المرسلة دون التقيد بحرفية نصوص الكتاب والسنة.[25]
     وفي رأينا أن ما ذهب إليه الظاهرية يناقض ميزة أساسية تتصف بها الشريعة الإسلامية وهي صلاحيتها لكل زمان ومكان، ثم إنه لا يمكن حصر جميـع أنواع العقود والشروط؛ لأن البشرية في تطور دائم ومستمر، وكل ما يجب فعله هو مراعاة مدى توافق هذه العقود والشروط مع أحكام الشريعة الإسلامية وعندها وجب إجازتها والوفاء بها ما لم تحرم حلالاً أو تحلل حراماً.
     كما أن استدلال ابن حزم بقوله أن الآيات الموجبة للوفاء بالعقود والشروط ليست على عمومها ولا على ظاهرها، وأن القول بخلاف ذلك يؤدي حسبه إلى التعاقد على المعاصي استدلال غير صحيح، لأن المفسرين متفقين على أن ورود الآيات الخاصة بوجوب الوفاء بالعقود والشروط جاءت على عمومها وظاهرها بإباحة كافة أنواع العقود مالم يثبت حظر ذلك بنص خاص، ثم إنه من البداهة أن الاتفاق على المعاصي يقع باطلاً ولا يجب الوفاء به.[26]

البند الثاني: من السنة
 1) يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
      ووجه الدلالة من هذا الحديث أن من يعقد عقداً أو شرطاً لم يرد به النص الشرعي يكون خارجاً عن أمر الشرع فيقع باطلاً، لأنه إذا تعاقد الناس بعقد أو شرط لم يرد في الشريعة يكونون قد أحلوا أو حرموا غير ما شرعه الله وليس لأحد من المؤمنين سلطة التشريع.
      ويقول ابن حزم بخصوص هذا الحديث " فصح بهذا النص بطلان كل عقد عقده الإنسان والتزمه، إلا ماصح أن يكون عقداً جاء النص أو الإجماع بإلزامه باسمه أو بإباحة التزامه بعينه".[27]
2) روي عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " ... أما بعد فما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ماكان من شرط ليس في كتاب الله عز وجـل فهو باطل وإن كـان مائة شرط. كتاب الله أحق وشرط الله أوثـق، ما بَالُ رجال منكم يقول أحدهم: أعتق فلانا والولاء لي، إنما الولاء لمن أعتق".[28] 
     ووجه الدلالة من هذا الحديث أن كل شرط لم يرد دليل معين على صحته في كتاب الله فهو باطل ولا أثر له، لأنه خارج عن حكم الله وشرعه فلا يجوز اشتراطه ولا يحل الوفاء به.[29]  
     وقد رُدّ على أدلة المانعين للاشتراط بأن أكثر الأحكام الشرعية مستقاة من أدلة أخرى غير الكتاب والسنة مادامت لا تتنافى مع روح الشريعة الإسلامية وقواعدها العامة، وعلى هذا يكون المدلول الصحيح للحديث الأول هو بطلان كل عقد أو تصرف تضمن أمراً من الأمور المنهي عنها شرعاً.[30]
     أما الاستدلال بالحديث الثاني فهو كذلك في غير موضعه، لأنهم حملوا الشرط الذي نفاه نص الحديث وحكم ببطلانه على الشرط الذي لم يرد به دليل في القرآن الكريم وهذا غير صحيح، لأنه ليس المراد بكتاب الله القرآن قطعاً فإن أكثر الشروط الصحيحة ليست في القرآن بل علمت من السنة، َفدّل هذا على أن المراد من كتاب الله حكمه كقوله تعالى" كتاب الله عليكم"[31]، وقول النبي صلى عليه وسلم: " كتاب الله القصاص". ومن ثم فإن كتاب الله يطلق على كلامه وعلى حكمه.[32]
     إن المقصود الصحيـح من الحديث هو بطـلان الشرط المخـالف لحكـم الله وشرعه، كما لو اشترطت الزوجة على زوجها طلاق ضرتها لورود النهي عن ذلك.[33] أو كشرط الولاء لغير المعتق فهو باطل والذي كان سبب ورود هذا الحديث، وليس هذا تخصيصاً لـه بسبب وروده؛ لأن لفظ الحديث في بدايته جـاء عاماً "... ما كان من شرط ليس في كتاب الله..."[34].
البند الثالث: من المعقول:
1) إن العقود والتصرفات الشرعية لها مقتضيات وأحكام تترتب عليها بوضع الشارع وجعله، فليس للإرادة الإنسانية أن تتصرف في تغيير هذه الحدود والأحكام زيادة أو نقصان إلا بما يجيزه الشارع بدليل من عنده، نفياً لما قد يترتب على التوسع في وضع الشروط من ظلم وغبن للمتعاقدين، وتجاوز حدود الحق ونقض المقصد والغاية من العقد.[35]
2) يرى ابن حزم أن كل شرط لم يرد من الشارع ما يدل على إباحته والإذن به لا يخلو من أحد الأمور التالية:
أ ) إجازة مالم يجب في العقد وبالتالي إجازة مالم يجزه الله تعالى.
ب) التزام عمل يترتب عليه إباحة ما حرمه الله.
ج) المنع من عمل يترتب عليه تحريم ما أحله الله،[36] أو الالتزام بإسقاط ما أوجبه الله تعالى .
    وتفادياً لهذه الآثار السلبية يجب رفض الأخذ بالشروط عامة والاقتصار على ما ورد النص من القرآن أو السنة بإباحته.[37]
    ولقد تم الرد على هذه الأدلة العقلية بأنه، إذا سلمنا بأن مقتضيات العقود وأحكامها ثابتة بحكم من الشارع وجعله، فإن هذا لا يعني ألا يملك العاقد تغيير حكم من هذه الأحكام أو أثر من آثارها إلا بدليل معين يبيح له ذلك، وهذا لأن الشارع كما يقول المبيحون للاشتراط أعطى للمتعاقد سلطاناً كبيراً وحرية واسعة في إنشاء تلك الأسباب عن طريق إبرام العقود وترتيب ما يشاء من آثار، واستندوا في ذلك إلى الآيات القرآنية الدالة على وجوب الوفاء بالعقود عامة، وبجعله سبحانه وتعالى الرضا أساساً لنقل الحقوق وإسقاطها، فآثار العقد هي نتيجة لما يتراضى عليه العاقدان ويلزمان به أنفسهما بشرط ألا يخالفا في ذلك أحكام الشريعة الإسلامية.
     وعلى هذا الأساس فإن الواجب عمله هو معرفة مدى موافقة الشروط لأحكام الشرع وقواعده الكلية، فما كان مخالفاً لها حكمنا ببطلانه وعدم صحته، وما لم يخالفها فهو صحيح ويجب الوفاء به. [38]
     أما بالنسبة للمعقول الثاني وما قاله ابن حزم فرد عليه المجيزون للشروط وعلى رأسهم ابن القيم بقوله: "... من أن الله أباح للمكلف تنويع أحكامه بالأسباب التي ملكه إياها، فيباشر من الأسباب ما يحل له بعد أن كان حراماً عليه، أو يحرمه عليه بعد أن كان حلالاً له، أو يوجبه بعد أن لم يكن واجباً، أو يسقطه بعد وجوبه، وليس في ذلك تغيير لأحكامه، بل كل ذلك من أحـكامه سبحانه، فهو الذي أحل وحرم، وأوجب وأسقط، وإنما إلى العبد الأسباب المقتضية لتلك الأحكام ليس إلا".[39]  
     واستدل ابن القيم على ذلك ببعض الأمثلة، فكما أن نكاح المرأة يحل للمكلف ما كان حراماً عليه قبل أن يتزوج، وطلاقها يحرمها عليه بل ويسقط ما كان واجباً عليه من حقوقها فكذلك التزامه بالعقد والشرط؛ وهذا يعني أن العاقد يملك تغيير آثار العقد بالشرط الذي هو تابع له.[40] وهنا يبرز وجه الخلاف بين الرأيين، إذ أن المانعين للاشتراط يحصرون الشروط فيما ورد من الشارع ما يدل على إباحتها، بينما يرى المجيزون للشروط أن الأصل في الشروط الإباحة والجواز بشرط أن يكون استعمال   الشرط موافقاً للشرع.
     وعلى هذا فإن العاقد لا يملك الخيارات السابقة التي ذكـرها ابن حزم، بل إنه يملك ما أبـاح الله للمكلف فعله وتركـه كالانتقال من بلد لآخر، وكالتزوج بأكثر من امرأة ...وغيرها من الأمور التي يملك المكلف مطلق الحرية في فعلها أوتركها. وفي هذه المساحات يباح للمكلف اشتراط الشروط، كأن تشترط المرأة في عقد النكاح على زوجها ألا ينقلها من بلدها، وليس في التزام الزوج بهذا الشرط أي مانع في الشرع.[41]

الفرع الثالث: تقييم هذا الرأي
     يتبين لنا مما سبق أن الظاهرية في مقدمة المانعين للشروط في عقد الزواج والعقود عامة، فهم يتمسكون فقط بإجازة الشروط التي ورد من الشارع دليل عليها. ويرفضون إحداث عقود أو تصرفات جديدة لأنهم يعتبرون ذلك زيادة على الدين وخروجاً عنه.
     وبهذا فهم يرفضون إفساح المجال للإرادة في اشتراط الشروط، ولا فرق عندهم في ذلك بين عقود المعاوضات المالية ولا عقود الزواج، ولا غرابة في ذلك ما دام أن الظاهرية لم يتوسعوا في الأخذ بالأدلة المثبتة لجواز العقود والشروط كالاستحسان والمصالح المرسلة والعرف، بل أكتفوا بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة والإجماع. [42]
     وهذا يعني أنه، كلما توسعنا في الأخذ بالأدلة كلما فتحنا الباب أمام حرية الاشتراط واقتربنا من الرأي الثاني القائل بحرية الاشتراط، ولهذا نجد الحنفية والشافعية يخففون من أصل الحظر والتقييد، ويطلقون الحرية في بعض الحالات خصوصاً الحنفية الذين يأخذون بقاعدة العرف وأثبتوا صحة كل شرط ليس من مقتضى العقد، ولم يرد به أثر من الشرع، ويحقق منفعة لأحد العاقدين وجرى به العرف، كما أخذوا بقاعدة الاستحسان، وكذا المصالح المرسلة بخلاف الشافعية الذين لم يأخذوا بالاستحسان والعرف.[43]
      أما المالكية فقد توسعوا في تصحيح الشروط على نحوٍ يقربهم من الحنابلة، فلم يشرطوا إلا عدم المنافاة للحكم الأصلي للعقد، كما اعتمدوا الاستحسان والمصالح المرسلة دليلاً شرعياً فضلاً عن النص والإجماع.[44] 
      والجدير بالذكـر، أن الحنابلة بالرغـم من أنهم يعتبرون من أنصار الرأي الثـاني القائل بحرية الاشتراط فإن لهم موقفاً من نظرية مقتضى العقد، إذ نجدهم يمنعون بعض الشروط لمخالفتها لمقتضى العقد، ولأن اشتراطها يؤدي إلى تعطيل الغاية المشروعة من العقد؛ ولهذا قالوا ببطلان عقد الزواج إذا ورد به شرط ينفي الاستمتاع بين الزوجين.[45]
     إن القول بحظر الاشتراط يجعل من الشريعة الإسلامية جامدة وعاجزة عن مواجهة ما يستجد في شؤون المعاملات والزواج ومواجهة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وتأثيراتها على الأسرة[46]، وبالتالي عدم قضاء منافع وحاجيات الأفراد والأزواج الضرورية، بسبب عدم تقبل الظاهرية الأخذ بالشروط المستجدة واكتفاءهم بالشروط التي ورد النص عليها، وبرفضهم هذا يصير الناس في حرج وضيق، وهذا يناقض ميزة أساسية تتمتع بها الشريعة الإسلامية؛ وهي صلاحيتها لكل زمان ومكان.[47]
         وفي الحقيقة، فإن الفقه الإسلامي ليس قاصراً على مذهب الظاهرية وبقية أنصار هذا الرأي، بل يشمل أيضاً ما يعبر عن شمولية الفقه الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان بما يحمل من آراء وأفكار وحلول ناجعة، وهذا ما سيتضح لنا جلياً من خلال آراء وأدلة الرأي الثاني المتمسك بحرية الاشتراط.

المطلب الثاني: الرأي القائل بأن الأصل في الاشتراط الإباحة   
     يتمثل أصحاب هذا الرأي أساساً في مذهب الحنابلة، وعلى رأسهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم[48] وطائفة من فقهاء المالكية[49]، وهو الرأي ذاته القائل بحرية التعاقد في الفقه الإسلامي؛ لأن حرية الاشتراط تابعة لحرية التعاقد والعقود مركبة على الشروط.                      وحسب أنصار هذا الرأي، فإن للأفراد أن يبتدعوا صوراً جديدة من العقود والشروط على أن يكون ذلك في دائرة معينة هي دائرة الحلال والمباح ولا تمتد هذه الحرية إلى دائرة الحرام. لأن الإرادة في نظرهم كافية وحدها لتحقيق الالتزامات؛ فالله تعالى أمر بالوفاء بالعقود والنذور والعهود على وجه العموم ولم يستثني منها إلا ما كان محرماً بنصوص الكتاب والسنة، بل إن الله تعالى أمر المسلمين بالوفاء بعهودهم  حتى مع المشركين، وهذا كله دليل على أن إرادة الإنسان في الشرع الإسلامي حرة في تصرفاتها.[50]
      وسنتعرف على نظرة أصحاب هذا الرأي للاشتراط في عقد الزواج بصفة مفصلة والأدلة التي استندوا إليها، لنصل في الأخير إلى تقييم هذا الرأي، وذلك من خلال الفروع الثلاثة الموالية:
الفرع الأول: مضمون هذا الرأي
     ذهب أصحاب هـذا الرأي إلى القول بأن الأصل في العقود والشروط الصحة والإباحة، فهم يطلقون إرادة الإنسان في العقود والشروط ويعطونه حرية واسعة في هذا الباب. ولا يحرم ويبطل من الشروط عندهم إلا ما دل على تحريمه وإبطاله نص في الكتاب أو في السنة أو إجماع صحيح أو قياس معتبر. فإن لم يوجد مثل هذا النص المحرم كان للمتعاقد مطلق الحرية في إنشاء ما يريد من عقود أو شروط، بخلاف أصحاب الرأي الأول الذين يشترطون ورود النص على إباحة العقد أو الشرط.[51] وبهذا يكون الحنابلة قد توسعوا في الأخذ بمبدأ حرية التعاقد وإنشاء الشروط التي تحقق مصالح الناس وتفي بأغراضهم، إلا إذا قام الدليل على المنع فعندئذ لا يلزم الوفاء بها.[52]
     إن الاجتهاد الحنبلي لم يفرق بين عقد الزواج وغيره من العقود فيما يتعلق بحرية إنشاء الشروط متى تم ذلك ضمن الحدود الشرعية، فأجاز للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج كل الشروط التي من شأنها أن تحقق مصلحة أو منفعة لكلا الزوجين أو لأحدهما بشرط ألا يتنافى ذلك مع مقاصد الشريعة الإسلامية من عقد الزواج. ومن أمثلة الشروط الجائزة عند الحنابلة اشتراط الزوجة على زوجها ألا يتزوج عليها، أو ألا يخرجها من بلدها، أو اشتراط أحد الزوجين في الآخر صفة مقصودة كالجمال أو البكارة[53]. زيادة على هذه الشروط أجاز الحنابلة للمتعاقد المشترط فسخ النكاح متى خالف الزوج الآخر الشرط المتفق عليه.[54]
    على أن الحنابلة يمنعون من الشروط في النكاح ما يمنعه الشرع بنص خاص، أو ما ينقص الحقوق والواجبات التي تعد من النظام الشرعي في النكاح، كما لو اشترط الزوج تأقيت النكاح، أو عدم المهر، أو عدم النفقة الزوجية، أو اشترطت الزوجة عدم استمتاع الزوج بها.[55]
الفرع الثاني: أدلة هذا الرأي
    بعد تعرفنا على مضمون رأي المبيحين للشروط في عقد الزواج، سنبين فيما يلي الحجج والأدلة التي استندوا إليها في إثبات رأيهم ودعم مذهبهم سواء من الكتاب، أو من السنة، أومن الأثر، أومن المعقول.
البند الأول: من الكتاب
1) لقد استند أصحاب هذا الرأي فيما ذهبوا إليه من أن الأصل في الاشتراط الإباحة إلى الآية الكريمة التي أوجبت الوفاء بالعقود، وهي قوله تعالى: " يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود".[56]
    ووجه الدلالة من هذه الآية أنها توجب الوفاء بما أحل الله من عقود وعهود[57]؛ فيأيها الذين التزمتم بإيمانكم أوفوا بأنواع العقود والعهود؛ لأن في القيام بذلك إظهار لطاعة الله. وحاصل الكلام في هذه الآية أن الله أمر بأداء التكاليف فعلاً وتركاً[58]، وجاء الخطاب في هذه الآية بلفظ الإيمان والتكريم والتعظيم على وجوب الوفاء بكل عقد وعهد سواء كان بين الإنسان وربه، أو بين الناس فيما بينهم.[59] بشرط أن تتوافق أحكام العقد مع كتاب الله وسنة رسوله[60]. وكل ما يصدق عليه اسم العقد فهو واجب الوفاء به حتى يقوم الدليل على التحريم والبطلان.[61]
    كما أن أمر الله تعالى الوفاء بالعقود دليل على جوازها، فالله لا يأمرنا بالوفاء بما لا يجوز الإقدام عليه. ولو كان الأصل في العقـود والشروط الحظر والمنع إلا ما أجازه
الشارع كما قال بذلك الظاهرية لما وجب أن يؤمر بالوفاء بها مطلقاً وبصفة عامة لا تخصيص فيها ولا قيود عليها. فلا فرق في الوفاء بالشروط من أن يكـون العقد باتاً منجزاً، أو أن يكـون مضافاً، أو عقداً معلقاً طالما أن مضمون العقد لا يتنافى مع مقاصد وأحكام الشريعة الإسلامية.[62]
2) واستدل المجيزون للاشتراط بجملة آيات أخرى توجب الوفاء بالعهود وتحرم الغدر فيها.
   ومن أمثلة هذه الآيات قوله تعالى:
1)   " وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا".[63]
2)   " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون".[64]
3)   " يأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون".[65]
4)   " ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنوتيه أجراً عظيما".[66]
    ووجه الدلالة من هذه الآيات الكريمة أن الله سبحانه وتعالى أوجب الوفاء بالعهد والوعد وحـرم الغدر فيهما[67]. والشرط بيـن المتعـاقدين عهد قيدت به ذمتهما فيجب الوفاء به، وليس العقد بين العاقدين إلا عهداً قد قيدت بأحكامه ذمتهما، ولهذا فالوفاء به نوع من الوفاء بالعهد.[68]      
    وقد ناقش أصحاب الرأي الأول المانعون للاشتراط هذه الأدلة وردوا عليها بأن ورود هذه الآيات القرآنية ليس على عمومه؛ أي لا يمكن تطبيقها على جميع أنواع العقود والشروط، وهذا لورودها في بعض العقود والشروط التي نص الشارع على إباحتها، وما عدا ذلك من الشروط والعقود يعتبر باطلاً ولا يجب الوفاء به. واستدل ابن حزم على ذلك بالحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل".[69]  
    وقد ردّ المبيحون للشروط على ابن حزم بأن ما ذهب إليه غير صحيح؛ لأنه ليس المراد من الحديث الذي استدل به وجوب ورود الأدلة الشرعية المبيحة للشروط، وإنما المراد الصحيح من الحديث هو بطلان كل شرط مخالف لحكم الله وشريعته، وعندئذ تكون الآية الكريمة دالة على وجوب الوفاء بكل ما يصدق عليه اسم العقد حتى ولو لم يرد به نص خاص من الشريـعة، بشرط ألا يخـالف في ذلك أصلاً من أصول الشرع، ولا قاعدة من قواعده المقررة.[70]
البند الثاني: من السنة
    استدل المبيحون للاشتراط بجملة أحاديث واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم  نذكر من بينها مايلي:
1)    قوله صلى الله عليه وسلم: " أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ".[71]
2)  قوله صلى الله عليه وسلم: " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".[72] 
3)    قوله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون عند شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً ".[73]
     ووجه الدلالة من الحديث الأول: أن الشروط في عقد الزواج هي أحق بالوفـاء من غيرها، ولا فرق في ذلك من أن تكون هذه الشروط مرتبطة بالآثار المالية للزواج كالمهر أو النفقة، أو غيرها من الشروط التي تحقق مصالح الزوجين المشروعة، وهذا لأن المشترط في عقد الزواج لم يكن ليقبل بهذا الزواج إذا لم يوفى بشرطه.[74]
    أما دلالة الحديث الثاني فهي قاطعة بوجوب الوفاء بالعهد والنهي عن الخيانة والغدر، وعلى هذا فلو كان الأصل في العقود والشروط الحظر كما يقول الظاهرية لما صح أن يؤمر بالوفاء بالعهود والعقود مطلقاً، وأن يذم من غدرها ونقضها مطلقاً.[75]
    وبالنسبة للحديث الثالث الذي استند إليه المبيحون الشروط فهو يدل على أن المشترط يقف ويلتزم بشرطه مـا لم يكن فيه إبطال لحـكم الله أو إسقاط لما أوجبه الله، كما دل الحديث على صحة جميع أنواع الشروط ما لم يرد من الشرع ما يدل على تحريم شرط منها وبطلانه.[76] 
    ولقد ناقش أصحاب الرأي الأول وهم المانعون للشروط أدلة أصحاب الـرأي الثاني المتمثلة في الأحاديث السابقة الذكـر وأبـدوا معارضتهم لها، فبالنسبة للحديث الأول: "... إن أحق الشروط أن توفوا به..." قالوا إن كلمة أحق لا تؤخذ على إطـلاقها، وإنما يقصد بها ما هو حق في نفسه وليس بباطل.
    وقالوا أيضاً بأن المقصود بالشروط في الحديث: الشروط التي تجب في النكاح كالمهر والنفقة، لأنها هي التي تستحل بها فروج النساء، وبالتالي رفضوا الأخذ بالحديث للدلالة على لزوم الوفاء بكافة أنواع العقود والشروط.
    ولكن رُدّ عليهم بأن كلمة أحق جاءت لتبين في هذا الحديث بأنه يجب الوفاء بجميع الشروط، ولكن الشروط التي ترد في عقد الزواج يكون الوفاء بها أولى وأوثق، وأما حصرهم المراد بالشروط الواردة في الحديث بالشروط التي تجب في الزواج من مهر ونفقة فهذا كلام غير صحيح، لأن هذه الأمور تترتب على عقد الزواج ولو لم يشترطها الزوجان.[77]
      كمـا اعترض المانعـون للشروط على حديث رسـول الله صلى الله عليـه وسلم: " المسلمون عند شروطهم ..." وقالوا بأنه حديث ضعيف، وبأنه جاءت زيادة في بعض رواياته؛ ففي رواية ورد الحديث بعبارة: "... إلا شرطاً أحل حراماً أوحرم حلالاً "، وفي رواية أخرى ورد بعبارة: "... ما وافقت الحق ". واعتبروا أن الرواية الأولى تفيد بطلان كل شرط يتضمن تحريم ما أباحه الله تعالى لعباده، أو إجازة ما حرمه عليهم. ثم إن الشروط التي يشترطها الناس في عقودهم منها ما يحرم الحلال كمن يشترط على نفسه في عقد الزواج بألا يتزوج على زوجته، فإنه يحرم على نفسه تعدد الزوجات الذي أباحه الله تعالى بقوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ".[78] ونفس الأمر ينطبق مع الزوجة التي تشترط على زوجها ألا ينقلها من بلدها فإنها تناقض قوله تعالى: " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"[79]؛ وقوله أيضاً: " أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم".[80]
     وأما الأخذ بالرواية الثانية للحديث السابق: " أو ما وافقت الحق " فيبطل به كل شرط لم يرد في نصوص القرآن أو السنة.[81]
    بيد أن المبيحون للاشتراط ردوا على هذه الاعتراضـات بأن هذا الحـديث صحيح. وبالنسبة لما ذكره المانعون للاشتراط فيما يتعلق بمعنى الحلال والحرام هو قول غير سديد، لأن الشروط الباطلة حسب الحديث هي التي توجب إبطال ما شرعه الله تعالى، أو اقتراف ما حرمه على عباده، كشرط عدم النفقة على الزوجة فهذا إبطال لما أوجبه الله، أو كشرط عدم الإرث، أو كشرط نفي النسب وغيرها من الحقوق التي أوجبها الله.
    وأما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: " أو ما وافقت الحق " فليس المقصود به حصر ورود الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على إجـازة الشرط، وإنما يعني عــدم مخالفة الشرط لأحكام الشريعة الإسلامية.[82] 
البند الثالث: من الأثر
     استدل الحنابلة على جواز الشروط بما ورد في قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً تزوج امرأة وشرط لها السكنى في دارها ثم أراد نقلها، فتقاضيا إلى عمر، فقال لها شرطها، فقال الرجل إذن يطلقنا فأجابه عمر بقوله: " مقاطع الحقوق  عند الشروط ".[83] وفي رواية أخرى: " المؤمنون على شروطهم عند مقاطع حقوقهم ".
     فدل قضاء عمر بصحة شرط الزوجة بألا ينقلها زوجها من بلدها على صحة مثل هذه الشروط في النكاح، على الرغم من أنها ليست من مقتضى العقد. ولهذا يجب الوفاء بكل الشروط التي تحقق منفعة للزوجين بشرط عدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية.[84]
   ولقد ناقش المانعون للشروط في عقد الزواج هذا الدليل الذي ساقه الحنابلة بقولهم أن علي ابن أبي طالب خالف ما قضى به عمر وقال: " شرط الله قبل شرطها".[85] كما خالف فيه أيضاً بعض التابعين كسعيد بن المسيب الذي سُئل عن المرأة تشترط على زوجها ألا يخرجها من بلدها فقال يخرج بها إن شاء.[86]
    وقالوا أيضاً بأنه رُوي عن عمر بن الخطاب في رواية أخرى، أنه قضى بإلغاء الشرط الذي اشترطته امرأة على زوجها بألا يخرجها من دارها، ثم قال المرأة مع زوجها. وبالتالي فلا يجوز التمسك بأحد الأثرين الواردين دون الآخر.[87]
البند الرابع: من المعقول
   يرى المبيحون للشروط بأن العقود تعتبر من الأفعال العادية، والأصل فيها عدم التحريم. ولقد بين لنا القرآن الكريم ما هو محرم علينا حيث قال تعالى : " وقد فصل لكم ما حرم عليكم "[88]، ثم أنه لا يوجد في القرآن الكريم ما يدل على تحريم إنشاء الشروط في عقد الزواج.[89]
   إن العقود والشروط هي من الأفعال التي تسمى في اصطلاح الفقهاء بالعادات وليست من العبادات، والعادات ينظر فيها إلى عللها ومعانيها لا إلى النصوص، لأنها ليست عبادة يتعبد بها، فيكفي في صحتها ألا تحرمها الشريعة الإسلامية استصحابا للمبدأ الأصولي القاضي بأن الأصل في الأفعال والأقوال والأشياء هو الإباحة، بخلاف العبادات التي الأصل فيها التوقف عند النص القرآني الثابت، أما العقود والشروط فالغرض منها رعاية مصالح الناس وتحقيق أغراضهم.
    كما أن الشارع أجاز نقل الحقوق وإسقاطها بالرضا، فكل عقد أو شرط يتحقق فيه الرضا فهو واجب الوفاء ولو لم يرد به نص صريح يبيح ذلك.[90] 
   إن الضرورة أو المصلحة هي التي قد تدفع بالزوجين إلى الاتفاق على شروط معينة في عقد الزواج، ولهذا فإن إباحة الاشتراط يتفق مع خاصية أساسية تتميز بها الشريعة الإسلامية وهي قيامها على جلب المصالح ودرء المفاسد، فالشريعة ما جاءت إلا لتحقق مصالح العباد في العاجل والآجل ودرء المفاسد عنهم، ثم إن تحقيق المصالح هو مقصود الشارع وفي هذا يقول المولى عـز وجـل: " وما أرسلناك إلا رحمـة للعالمين "[91]، والرحمة تتضمن رعاية مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم.[92] 
    إن القول بحظر الاشتراط يترتب عليه وقوع الناس في الضيق والحرج، وهذا ما رفعه الله عن عباده إذ قال: " يريد الله بكـم اليسر ولا يريد بكـم العسر".[93] وقال أيضـاً: " وما جعل عليكم في الدين من حرج ".[94] و قد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى حيث قال: " إن الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحداً إلا غلبة ". وقـال أيضاً: " لا ضرر ولا ضرار". والنتيجة من هذا كله، هي وجوب القول بإباحة الشروط في العقود عامة والزواج خاصة، ولا يبطل من الشروط إلا ما خالف منها أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية.[95]
الفرع الثالث: تقييم هذا الرأي
     يتبين لنا من خلال الأدلة السابقة التي استند إليها أصحاب الرأي القائل بأن الأصل في الاشتراط الإباحة مدى وجاهة هذا الرأي ورجاحته؛ لأنه يؤدي إلى التوسعة على الناس ورفع الحرج والضيق عنهم بإباحة الاشتراط سواء في عقد الزواج أو باقي أنواع العقود والمعاملات.
    ومما يزيد في وجاهة هذا الرأي أن أصحابه لم يفتحوا باب الشروط على مصراعيه فالأمر مقصور على دائرة الشروط الصحيحة، إذ يتعين قبل الحكم بصحة الشرط من عدمه مراعاة ما إذا كان هناك نص شرعي خاص يحرم هذا الشرط أم لا ؟[96] وهذا ما يتطلب من المفتي أن يكون مستوعباً للأدلة المعارضة لتلك الأدلة العامة التي جاءت بإباحة الشروط حتى يكون حكمه صحيحاً، فإن وجد تعارض معها أبطل الشرط، وإن لم يجد أي تعارض حَكم بإباحة الشرط وصحته.
    ويقـول في ذلك ابن تيمية: " وإذا ظهـر أن لعدم تـحريم الشروط وصحتها أصلين: الأدلة الشرعيـة العامة، والأدلة العقلية التي هي الاستصحاب، وانتفاء المحرم، فلا يجوز القول بموجب هذه القاعدة في أنواع المسائل، وأعيانها إلا بعد الاجتهاد في خصوص ذلك النوع والمسألة. هل ورد من الأدلة الشرعية ما يقتضي التحريم فإن الأدلة النافية لتحريم الشروط والمبينة لحلها مخصوصة بجميع ما حرمه الله ورسوله منها،... فمن غلب على ظنه من الفقهاء انتفاء المعارض في خلافية أو حادثة انتفع بهذه القاعدة. فيذكر من أنواعها قواعد حكمية مطلقة ".[97]
     إن ما ذهب إليه الحنابلة من أن الأصل في العقود الإباحة لا الحظر مسلك سليم لتوافقه مع تحقيق مصالح الأفراد مـا لـم يتعارض ذلك مع أحـكام الشريعة الإسلامية، فتطور الحياة قد اقتضى ضروباً وأنواعاً من التعامل لم تكن معروفة من قبل ولم يرد بشأنها نص في الشرع، فيكون من الحكمة إباحتها والوفاء بها ما لم تحرم حلالاً أو تحلل حرامًا[98]؛ أي أنه يجب أن تكون حرية التعاقد في دائرة معينة هي دائرة الحلال والمباح ولا تمتد هذه الحرية إلى دائرة الحرام.[99]
     وعلى العكس من ذلك يرى الدكتور وهبة الزحيلي بأنه يجب الأخذ برأي المانعين للاشتراط في عقود الزواج حرصاً على ما للزواج من حرمة وقداسة، ولما تتطلبه الأسرة من استقرار ودوام؛ ينبغي من أجله عدم إفساح المجال لحرية الاشتراط التي تتأثر بالأهواء والنزوات وتعصف بأغراض الزواج السامية، مستنداً في ما ذهب إليه إلى أن الأصل في الأبضاع- المتعة الجنسية- التحريم، على أن يؤخذ برأي الحنابلة في إطلاق حرية الاشتراط للعاقدين في العقود المالية تحقيقاً لمصالح الناس وأغراضهم في إبرام العقود لأغراض مشروعة.[100] 
     وحسب رأينا، فإن الشروط المقترنة بعقد الزواج قد تكون عاملاً مساعداً على تحقيق التوافق بين الزوجين ورسم المسار الصحيح لحياتهما المستقبلية، بما يحقـق الاسـتقرار دون أن يتنافى ذلك مع قدسية عقد الزواج، كما أن حرية الاشتراط ليست بالمطلقة بل هي مقيدة بعدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية، فالأصل هو إباحة الاشتراط ما لم يرد الدليل الشرعي على تحريمه، هذا فضلاً عن إمكانية مراقبة صحة الشروط المقترنة بعقد الزواج، إما عن طريق الموظف المختص بإبرام عقد الزواج، أو عن طريق القضاء.
     وعلى هذا فإن الأخذ برأي الحنابلة في حرية الاشتراط في عقد الزواج يكون هو الرأي الأرجح، بشرط ألا يتنافى ذلك مع مقتضى عقد الزواج.
     وهكذا نجد أن حرية الإرادة في اشتراط الشروط في عقد الزواج تنعدم عند مذهب الظاهرية، فالأصل عندهم هو الحظر والمنع التام؛ لأنهم حصروا الاستدلال بالأدلة الشرعية في الكتاب والسنة، ثم تخف درجة التقييد من حرية الإرادة عند كل من فقهاء المذهب الحنفي والشافعي والمالكي، وهذا لإقرارهم الأخذ ببعض الأدلة الشرعية كالمصالح المرسلة والاستحسان والعرف[101]، إلى أن تتسع دائرة الإباحة عند جمهور الحنابلة وعلى رأسهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، حيث أجاز الحنابلة للزوجين اشتراط   الشروط التي تحقق منفعة مقصودة، ولا تتعارض مع مقتضى عقد الزواج ونصوص الشريعة؛ كاشتراط الزوجة ألا يسافر بها زوجها من بلدها، أو ألا يتزوج عليها، أو اشتراط أحد الزوجين كون الآخر موسراً وغير ذلك من الشروط. وراعى الحنابلة في إباحة هذه الشروط ما للزواج من جانب كبير من القدسية، وكذلك الدور الذي تقوم به هذه الشروط في الحفاظ على استقرار الأسرة؛ لذلك كانت رعايـة الشروط التي ترد في عقـد الزواج وفيها منفعة للزوجين أو أحدهما أوجب وألزم من العقود الأخرى.[102] 
    وأخيراً يجمل بنا أن نشير إلى أن الرأي الثاني الذي يقضي بأن الأصل في الاشتراط الإباحة يمتـاز بالمرونة والملاءمـة مع واقع النـاس ومتطلباتهم وروابطهـم العقديـة، وهو اتجاه سليم إذ الأصل في الأشياء الإباحة حتى يقوم الدليل على الحرمة. كما أنه يسمح للزوجين باشتراط شروط تهدف إلى ضمان مستقبلهم وحماية مصالحهم المشتركة وتقوية أواصر المودة والرحمة بينهما.
    وهكذا نجد أن الفقه الإسلامي قد اعترف بحرية الإرادة منذ نشأته وبدايـة تطـوره، بخلاف القوانين الغربية التي تحولت من الأخذ بالعقود الشكلية إلى إطلاق سلطان الإرادة.[103] فحسب فقهاء المذهب الحنبلي فإن الشريعة الإسلامية فوضت لإرادة العاقدين تحديد مقتضيات العقود أو آثارها ضمن نطاق حقوقهما ومصالحهما في كل ما
لا يناقض نصوص الشريعة وأصولها الثابتة، وهو عين ما استقرت عليه النظريات القانونية في التشريعات الحديثة فيما اصطلح على تسميته بمبدأ سلطان الإرادة الذي يمنح العاقدين الحرية في اشتراط أي شرط لا يخالف قواعد النظام العام والآداب العامة[104]، ولا أدل على ذلك تلك العبارة الخالدة لشيخ الإسلام ابن تيمية التي تعتبر بحق دستور الفقه الإسلامي في مـبدأ سلطان الإرادة العقدية، وهي قـوله: " والأصل في العقود رضا المتعاقـدين، ونتيجتها هو ما أوجباه على أنفسهما بالتعاقد "؛ وهو المبدأ ذاته الذي عبرت عنه القوانين الحديثة بقاعدة " العقد شريعة المتعاقدين ".[105]
     وفي الأخير نشير إلى أن موقف قانون الأسرة الجزائري وبقية قوانين الأحوال الشخصية العربية من حرية الإرادة في اشتراط الشروط في عقد الزواج، لا يختلف عما ذهب إليه الفقه الحنبلي من أن الأصل في الاشتراط الإباحة ما لم يقم الدليل على المنع؛ وهذا ما يبـدو واضحا من أحكـام نص المادة 19 من قانون الأسرة الجزائـري، والتي تنص على أنه: " للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج كل الشروط التي يريانها ضرورية، ولا سيما شرط عدم تعدد الزوجات وعمل المرأة ما لم تتنافى هذه الشروط مع أحكام هذا القانون ".
     وبهذا يكون المشرع الجزائري قد أطلق السلطان لإرادة الزوجين في اشتراط الشروط التي تحقق مصالحـهما، ما لم تتعارض هذه الشروط مـع أحكام قانون الأسـرة، وإلى هذا الموقف ذهبت أغلب تشريعات الأحوال الشخصية العربية كالقانون السوري[106]، ومدونة الأسرة المغربية.[107]



[1]- محمد أبو زهرة، المرجع السابق، ص236.
[2]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، ص92.
[3]- وفي هذا الإطار نجد نص المادة 45 من القانون المدني الجزائري ينص على أنه: " ليس لأحد التنازل عن أهليته ولا لتغيير أحكامها ".
[4]- ياسين محمد الجبوري، المرجع السابق، ص550.
[5]- أحمد فراج حسين، أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية، دار المطبوعات الجديدة، الإسكندرية، 2004، ص199.
[6]- محي الدين إسماعيل، نظرية العقد، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة، 1994، ص103.
[7]- عبد الكريم زيدان، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، الطبعة السادسة، بدون سنة، ص393.
[8]- عدنان خالد التركماني، المرجع السابق، ص228.  
[9]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص18.
[10]- محمد كمال الدين إمام، الزواج في الفقه الإسلامي، منشأة المعارف، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 1998، ص72.  
[11]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص61، ص62.
[12]- عبد الكريم زيدان، المرجع السابق، ص393.
[13]- سورة البقرة، الآية 227.
[14]- سورة الطلاق، الآية 1.
[15]- سورة المائدة، الآية 3.
[16]- نشوة العلواني، المرجع السابق، ص95.
[17]- ا بن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، المجلد الثاني، دار الحديث، مصر، 1984، ص500.
[18]- محمد أبو زهرة، المرجع السابق، ص236.
[19]- سورة المائدة، الاية1.
[20]- سورة النحل، الآية91.
[21]- لمطاعي نور الدين، المرجع السابق، ص 104.
[22]- سورة الطلاق، الآية 1.
[23]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص 73.
[24]- سورة المائدة، الآية 3.
[25]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص31.
[26]- لمطاعي نور الدين، المرجع السابق، ص 106.
[27]- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، الجزء الرابع، دار الفكر، 1992، ص199.
[28]- الباجي، المنتقى، المجلد السادس، دار الكتاب العربي، الطبعة الرابعة، بيروت، 1984، ص279.
[29]- نشوة العلواني، المرجع السابق، ص96.
[30]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص 31.
[31]- سورة النساء، الآية 4.
[32]- نشوة العلواني، المرجع سابق، ص 97.
[33]- سالم بن عبد الغني، أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب، دار ابن حزم، 2002، ص463.
[34]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص74، ص75.
[35]- عبد المجيد طيبي، المرجع السابق، ص21، ص22.
[36]- ومن أمثلة ذلك ما جرى عليه العمل في معاهد تكوين المدرسين بمصر من الاشتراط على الطالبات بألا يتزوجن بدون إذن الوزارة لمدة 5 سنوات عقب تخرجهن؛ وهـو شرط في الحقيقة مخالف لمقصد الشـارع من تنظيم الزواج المتمثل في صيانة المجتمع وحفظ كيـان الأسرة فالزواج أمر طبيعي تدعو إليه الفطرة والغريزة الإنسانية، ولهذا فلا يجوز تقييد الزواج بشروط لا يقضي بها الشرع ولا العدالة. محمد سمير البيومي، الشرط التعاقدي بتقييد حرية الزواج، مجلة إدارة قضايا الحكومة، 1958، العدد الثالث، ص115، ص 116. 
[37]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، ص124، ص125.
[38]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص78، ص80.
[39]- نشوة العلواني، المرجع السابق، ص98.
[40]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، ص140.
[41]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص77.
[42]- محي الدين إسماعيل، المرجع السابق، ص101.
[43]-  محيي الدين إسماعيل، المرجع السابق، ص102، ص103
[44]- عبد المجيد طيبي، المرجع السابق، ص24.
[45]- نشوة العلواني، المرجع السابق، ص67، ص68.
[46]- فمن الناحية الاقتصادية ترتبط الأسرة عن طريق الاعتماد المتبادل بين أفرادها لإشباع حاجاتهم المادية، ومن الناحية الاجتماعية  تخضع الأسرة للتغير والتطور، فهي وحدة مرنة تتلاءم في سهولة ويسر مع المؤثرات المختلفة والقوى الخارجية والداخلية. محمود حسن، الأسرة ومشكلاتها، دار النهضة العربية، بيروت، بدون سنة، ص89.
[47]- محي الدين إسماعيل، مرجع سابق، ص99، ص100.
[48]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، 94.
[49]- مصطفى الزرقاء، المرجع السابق، ص480.
[50]- محي الدين إسماعيل، المرجع السابق، ص97، ص106.
[51]- عبد الكريم زيدان، المرجع السابق، ص 394.
[52]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، 28.
[53]- وبخصوص هذا الشرط فقد سئل الشيخ أحمد حماني عن حكم الشريعة في الرجل الذي يتزوج بامرأة على أساس أنها بكر وأثناء الزفاف يجدها خلاف ذلك، فأجاب بأنه إذا كان الزوج قد شرط لها أن تكون عذراء فوجدها غير عذراء ثبت له الخيار بشرطه. أحمد حماني، فتاوى الشيخ أحمد حماني، الجزء الأول، منشورات قصر الكتاب، بدون سنة، ص359. 
[54]- عدنان خالد التركماني، المرجع السابق، ص237.
[55] - مصطفى الزرقاء، المرجع السابق، ص488.
[56]- سورة المائدة، الآية1.
[57]- محمد جمال الدين القاسمي، محاسن التأويل، المجلد الرابع، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997، ص5.
[58]- عبد الله محمود، حاشية القونوي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001، ص378.
[59]- محمد علي الصابوني، صفوة التفاسير، الجزء الأول، شركة الشهاب، الجزائر، بدون سنة، ص226.
[60]- الشوكاني، فتح القدير، الجزء الثاني، دار الأرقم، بيروت، بدون سنة، ص6.
[61]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص 63.
[62]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، ص96، ص97.
[63]- سورة الإسراء، الآية34.
[64]- سورة المؤمنون، الآية 8.
[65]- سورة الصف، الآية 3 .
[66]- سورة الفتح، الآية 10.
[67]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص49.
[68]- محي الدين إسماعيل، المرجع السابق، 98.
[69]- نشوة العلواني،المرجع السابق، ص99.
[70]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص83.
[71]- البخاري، صحيح  البخاري، باب الشروط في النكاح، الجزء السادس، دار الفكر ، بيروت، 1981،ص 138.
[72]- النووي، رياض الصالحين،  باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد، دار الإمام مالك، الطبعة الثانية، الجزائر، 2004، ص212؛ أبو محمد عبد الله، سنن الدارمي، باب الشرط في النكاح، دار إحياء السنة النبوية، بدون سنة، ص143.
[73]- نشوة العلواني، المرجع السابق، ص101.
[74]- مصطفى الزرقاء، المرجع السابق، ص488.
[75]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص33.
[76]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، ص107.
[77]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص89، ص90
[78]- سورة النساء، الآية 3.
[79]- سورة الملك، الآية 15.
[80]- سورة الطلاق، الآية 6.
[81]- نشوة العلواني، المرجع السابق، ص102، ص103.
[82]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص53، ص54.
[83]- البخاري، المرجع السابق، ص138.
[84]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص66.
[85]- زكي الدين شعبان، نفس المرجع، ص90.
[86]- الإمام مالك، موطأ الإمام مالك، دار الكتب، الجزائر، بدون سنة، ص286.
[87]- زكي الدين شعبان، المرجع سابق، ص90.
[88]- سورة الأنبياء، الآية 107.
[89]- عبد الحميد محمود، المرجع السابق، ص32.
[90]- محمد أبو زهرة، المرجع السابق، ص226.
[91]- سورة  الأنبياء، الآية 107.
[92]- عبد الكريم زيدان، المرجع السابق، ص46.
[93]- سورة البقرة، الآية 18.
[94]- سورة الحج، الآية 78.
[95]- رشدي شحاتة، المرجع السابق، ص113، ص114.
[96]- رشدي شحاتة، نفس المرجع ، ص148.
[97]- زكي الدين شعبان، المرجع السابق، ص91.
[98]- كوثر كامل علي، المرجع السابق، ص33.
[99]- محي الدين إسماعيل، المرجع السابق، ص97.
[100]- وهبة الزحيلي، المرجع السابق، ص202.
[101]-  محمد أبو زهرة، المرجع السابق، ص282.
[102]- وهبة الزحيلي، المرجع السابق، ص210.
[103]- محمد أحمد سراج، المرجع السابق، ص88.
[104]- وهبة الزحيلي، المرجع السابق، ص209.
[105]- مصطفى الزرقاء، المرجع السابق، ص499، ص500.
[106]حيث نجد أن القانون السوري قد استوحى نظريته في الشروط الجائزة من مبادئ مذهب الإمام أحمد بن حنبل. مصطفى السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، المجلد الأول،(الزواج والطلاق)، المكتب الإسلامي، الطبعة السا بعة، 1997، ص114.
[107]- ونصت  المادة 47 من  مدونة الأسرة المغربية على أن : " الشروط كلها ملزمة إلا ما خالف منها أحكـام العقد ومقاصده، ومـا خـالف القواعـد الآمرة للقانون فيعتبر باطلا والعقد صحيحا ". مدونة الأسرة المغربية ، ظهير شريف رقم 22 -  04- 1 بتنفيذ قانـون رقــم 03- 70 (3 فبراير 2004).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه