القانون
قواعد إجتماعية:
يخاطب القانون الاشخاص فينظم سلوكهم,وهو في
تنظيمه لسلوك الأشخاص لا يعبأ بغير سلوكهم الاجتماعي .فسلوك الانسان مع نفسه اومع
ربه لا ينظمه القانون في الأصل .وانما تنظمه قواعد الدين والأخلاق وعادات الناس
...فالقانون مثلا لا يفرض على أي انسان نظاما خاصا لطريقة أكله أو لبسه أو
نومه,كما لايضع نظاما لعبادة الانسان لربه. وليس هناك ما يمنع ان يتعرض القانون
لتنظيم شيئ من سلوك الانسان مع نفسه أو مع ربه طالما أتصل ذلك بالمجتمع,فمن يخرج
للشارع عاريا يعاقبه القانون ويمكن أن يعاقب القانون من يفطر جهرا في رمضان ,لأنه
بذلك يجرح شعور المسلمين ويتعرض القانون لتنظيم معظم السلوك الاجتماعي للشخص فزواج
الانسان وطلاقه ووصيته وميراثه وبيعه وهبته ووكالته ورهنه وايجاره ونشاطه السياسي
وصلته بزملائه ورؤسائه في العمل...وغير
ذلك من أنماط السلوك الاجتماعي ,يتعرض له القانون وينظمه مما يجعل قواعده قواعد
اجتماعية والقانون ينظم كثيرا من أوضاع الحياة الاجتماعية ويقف غالبا عند السلوك
الاجتماعي الظاهر, فالقواعد التكليفية تقترب من الحكم التكليفي وهو خطاب الشارع
المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاء او تخييرا وهو يتضمن التكليف بفعل او بترك
اوالخيار بين الفعل والترك .والقواعد الوضعية تقترب من الحكم الوضعي ,وهو ربط
الشارع فيه بين امرين يجعل احدهما سببا او شرطا او مانعا.وانظر محاولة عن البحث عن
الحكم التكليفي والحكم الوضعي في القانون باقسامهما المختلفة في بحث محمد عبد البر
بعنوان الحكم الشرعي والقاعدة القانونية بمجلة ادارة قضايا الحكومة ص18ع1ص136وهي
محاولةبدأها عبدالوهاب خلاف في كتابه علم اصول الفقه ط1ص61والامثلة التي ساقها من
القانون في مواضع متفرقة. اما ما يدور في
نفوس الافراد من نوايا فلا يعني القانون غالبا .فمثلا-عندما اجاز القانون البيع
,لم يجعل لنية البائع اثرا في إنعقاد البيع او صحتهاو نفاذه ,فسواء قصد البائع
الخيرا او شرا من وراء تصرفه بالبيع فإن القانون لايتعرض له,إذااذ يستوي امام
القانونان ينوي البائع إنفاق ثمن البيع على عياله او في شراء سلعة اخرىاو ينوي
التصدق بثمن المبيع او ينوي إنفاقه في لعب الميسر...لان هذه النوايا للبائع لااثر
لها في المجتمع الذي ينظر إلى البيع بإتباره عقدا يتم فيه مبادلة شيءمقابل ثمن
بصرف النظر عن نوايا البائع ونوايا المشتري ,ولكن القانون يتدخل احيانا في بعض
النوايا ,فمثلا اذا كان البائع مريضا مرض الموت أي مرضا يغلب فيه الهلاك ويعقبه الموت
احيانا فانه اذا باع امواله بثمن يقل عن ثمن مثلها في الاسواق باكثر من ثلث
تركته,فان البيع يدل وان البائع الذى اشرف على الهلاك إتجهت نيته الى حرمان ورثته
من حقوقهم,هنا نجدالقانون يعتبر البيع في حكم الوصية أي يعتبر المشتري في حكم
موصيا له قي حدود ثلث التركة .ويتعين على المشتري ان يكمل الثمن فيما يزيد عن ذلك
اذا اراد الاحتفاظ بالشيء المبيع.وهكذا نجد القانون لايتدخل في نوايا البائع طالما
كان غير مريض مرض الموت ,ولو قصد ببيعه حرمان ورثته من كل امواله ,اذا كان عاقلا
بالغا رشيدا ,لانه اولى بامواله ممن سيكون وارثا له ,بخلاف ما اذا كان البائع
مريضا مرض الموت حيث تتعلق حقوق ورثه بامواله في مرض الموت,فلا يجوز له ان يمس هذه
الحقوق .
والقانون عندما يراعي النوايا قد يتفاوت حكمه بتفاوت هذه النوايا ,فمن يضرب إنسانا
يعاقب ,غير ان هذه العقوبة تختلف باختلاف النية أي القصد الجنائي وبإختلاف النتيجة
,فهو يعاقب بالحبس والغرامة إن قصد الضرب ولم تتجاوز نتيجة ذلك, ويعاقب بالاشغال
الشاقة او الاعدام إن قصد بالضرب قتل المجني عليه ومات المجني عليه بالفعل.
والقانون باعتباره قواعد إجتماعية ,يخضع
للتطور والتغيير شأن سائر الظواهر الاجتماعية,فهو يتطور بتطورالمجتمع ويتغير بتغير
الظروف الاجتماعية السائدة فهناك عوامل كثيرة تؤثر في المجتمع دينية وإقتصادية
وسياسية ...إلخ.وهذه العوامل تؤثر بدورها في واضع القانون ,ولهذا يحدث تبديل
وتعديل وتغيير في كثير من القوانين,ذلكان يضعه الانسان لتنظيم سلوك الاشخاص في
المجتمع ولا يوجد إنسان توافرت لديه مقدرة على الاحاطة بكافةمظاهرسلوك الاشخاص في
المجتمع ,فضلاعن ان سلوك الاشخاص يتغير من مجتمع إلى اخر كما يتغير الواحد من زمان
الى اخر الامر الذي ياتي القانون معه ناقصا , يحتاج الى التعديل والتغيير والتطوير
فالقانون المصري غيرالقانون الفرنسي غير القانون السوفياتي...ولا يعني هذا عدم
إمكان توحيد القواعد او النظم القانونية في العديد من المجتمعات التي تتشابه
ظروفها,ذلك ان هذا التوحيد ممكن ولكنه سيتاثر حتما بالظروف الاجتماعية السائدة في
كل مجتمع ومدى تغيرها وتطورها.
واعتبار القانون قواعد اجتماعية,يعني انه
لايطبق الا في مكان معين.فقواعد القانون لاتطبق-في الاصل-الا على إقليم الدولة
التي ينفذ فيها,وهي تتغير غالبا بتغير الاوضاع الاجتماعية مما يجعل لتطبيقها امدا
محدودا.بل هناك من القواعد القانونية ما يقتصر على بعض الاماكن في اقليم الدولة
كالقواعد التي تنص على الاقامة في بعض البلاد,ومنها يقتصر على فترة زمنية محددة
كقوانين التسعيرة ويؤخذ من ذلك كله ان قواعد القانون ليست عالمية التطبيق ولاتصلح
لكل زمان ومكان .
وتنظيم القانون لسلوك الاشخاص في المجتمع يجعل
القانون احد العلوم الإجتماعية بل هو خلاصتها التي ينبغي ان تاخذ منها اصلح
القواعد للتطبيق.فالقانون يتصل بعلوم السياسة وتنظيم الدولة سلطاتها هيئاتهاوينبغي
الاخذ بامثل النظم السياسية وافضل طرق الحكم المناسبة.ويتصل كذلك بعلوم الاقتصاد
عند تنظيمه لتداول الاموال وينبغي الاخذ باحسن الطرق لتبادل الاموال وتوزيع
الثروات .
ويتصل
بعلوم النفس والاخلاق والاجتماع عندمايهتم ببواعث السلوك الاجتماعي ومظاهره...إلخ