أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

نمودج مقدمة و خاتمة لبحث قانون الإجراءات الجزائيـة

     السلام عليكم
مدونة القانون والتعليم
قسم البحوث 
نمودج مقدمة و خاتمة لبحث قانون الإجراءات الجزائيـة   

    مقدمة

   صاحبت ظاهرة الإجرام  الإنسان منذ أن وجد في هـذا الكون و لقد حاول المجتمع عبر القرون التي مضت القضاء على هـذه الظاهـرة  أو على الأقل الحد منها فأتخـذ  سلاح الأخلاق لتحقيق هذه الغايـة ثم ظهرت القوانيــن الوضعيـة التي نصت على أنواع معينة من السلوك باعتبارها جرائم يسأل عنها مرتكبها بتوقيع العقاب عليه ، فتنوعت العقوبـات تبعــا لتنــوع أساليب ارتكاب الجرائم ، فاشتدت و طالت حتى بلغت من الشدة و القسوة قدرا كبيرا من الوحشيـة . 

ولما أصبحت الدولة هي صاحبة الحق في المحاكمة و العقاب كان عليها أن ترسم الطريق الذي تحقق به عدالة القضاء و العقاب في أن واحد ، فنصت في قوانينها على العقاب الذي يجب إنزالـه على مرتكب الجريمة و الأحوال التي تستحق فيها هـذه الأخيرة العقاب ، ثم نصت على المراحل التي يجب أن تمر بها الدعوى العموميـة ، كما نصت على مراحل وقوع الجريمة إلى حين صدور حكم نهائي و بات في الدعوى العموميــة . 


خاتمة

          مبدأ الشرعية يقوم على أساس  التوازن بين مصلحتين متعارضتين هما : مصلحة الفرد و مصلحة المجتمع بواسطة تنظيم قانوني يمثل الدولة  في مخاطبة الأفراد و يكفل حقوقهم في مواجهتها ، لذلك تأتي القواعد الجنائية لكبح جماح جهات  المتابعة بتحديدها الإطار القانوني الذي تمارس فيه نقاط اختصاصها محاطا بسياج من الشكليات تهدف الى حماية حقوق و حرية الفرد باعتبارها من المصالح الأساسية للمجتمع و تنظم أسلوب المساس بها في حالة مخالفته للقوانين كما أنها حددت له حقوق الدفاع كضمان لحريتـه .

         يقوم مبدأ الشرعية للقواعد الجنائية الموضوعية على أساس نص المادة 1 من قانون العقوبات " لا جريمة و لا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون " وقد دعم هذا المبدأ الفقه ليضع حد لتحكم السلطة و تعسفها اتجاه الأفراد ، حيث أنه إذا كان مبدأ الأصل في المتهم البراءة جديد بالنسبة للتشريعات الوضعية ، فان الشريعة الإسلامية جاءت بمبدأ الشرعية الجنائية منذ نزول الوحي على النبي الكريم (ص) فقد حددت الجرائم و الجزاءات و نادت باحترام حرية الفرد و قررت أن الأصل في المتهم البراءة ، حيث جاء  في الحديث الشريف  ( ادرءوا الحدود بالشبهات )  و في درء الحدود بالشبهات الرجوع إلى الأصل في المتهم البراءة .

          كما يندرج هذا المبدأ في صورة لا جزاء بدون دعوى جنائية يفصل فيها بحكم قضائي يستند الواقعة المرتكبة إسنادا ماديا و معنويا إلى المتهم مع مراعاة الإجراءات التي تكفل له حقوق الدفاع أثناء مباشرة الإجراءات ضده، حيث تضع المحاكمة لمبادئ عامة أساسية مستوحاة من مبدأ الشرعية الإجرائية .

         إن عدم مراعاة الأحكام التي تنطوي عليها قواعد الجنائية تجعل الإجراءات في قفص البطلان ، حيث أن المشرع الجزائري و حفاظا على مبدأ الشرعية اعتمد نظرية البطلان الذاتي و نظرية البطلان القانوني ، و بما أن مظهر البطلان القانوني يعتمد على وجود نص قانوني يقضي بذلك فان مظهر البطلان الذاتي يكون أساسا على انتهاكات الماسة بضمانات الدفاع و الحرية الشخصية للمتهم و التي أعطاها المشرع له عبر مراحل التحقيق سواء خلال التحقيق الأولي أو القضائي أو مرحلة المحاكمة .

         بما أن مرحلة التحقيق الأولي و التي تنطوي عليها مرحلة التحري       و جمع الاستدلالات تعد من بين أعمال الشرطة ، فان مبدأ الشرعية يضعها في إطار و سياج يحدده القانون و مخالفته يعد انتهاك مبدأ الشرعية و الذي يضع إجراءات التحري و جمع الاستدلالات في مأزق البطلان و يمكن أن ينجم عليه الجزاء ، حيث انه إذا تطرقنا إلى محتوى النصوص التشريعية لقانون الإجراءات الجزائية يتضح لنا أنه بالرغم من أن عمل الضبطية القضائية  يؤخذ على سبيل الاستدلال  بناء ا على نص المادة 215 من ق ا ج  إلا أن أعمالها  يمكن أن يدخل في إطار مظاهر البطلان القانوني و قد حددته المادة 48 من ق ا ج       أما مخالفة الإجراءات الأخرى لأعمال الشرطة الذي يسيرها مبدأ الشرعية يعد من مظهر البطلان الذاتي و الذي يعتمد على إجراءات جوهرية  الخاصة بضمانات المشتبه فيه في الوضع تحت النظر ، استنادا لنص المادة 51 ق ا ج المتعلقة بحقوق المشتبه فيه  بإخطاره بالوضع تحت النظر و كذا  حقوقه في الاتصال العائلي و زيارتهم له(المادة 51 مكرر، المادة 51 مكرر1 ق ا ج ) ، كما أن مبدأ الشرعية يضمن للأشخاص حق حماية أسرارهم الخاصة التي قد تهدر نتيجة الإجراءات الماسة بها مثل التفتيش ( المادة:85 ق إ ج )           و التصنت على المكالمات الهاتفية و التجسس بوسائل التسجيل .

         إن مخالفة مبدأ الشرعية في إطار أعمال الشرطة المتعلقة بالقيام بإجراءات البحث و التحري وجمع الإستدلالات عن الجرائم ، إذا مست مصلحة المتهم كالشهادة و الخبرة فينجر عنها بطلان نسبي أما إذا تعلقت هذه الإجراءات البطالة بمصلحة النظام العام و لا سيما الإجراءات الماسة بحرية المتهم  و أمنه فينجر عنها بطلان مطلق .

         بالرغم من أن مبدأ الشرعية هدفه الأساسي هو التوازن بين مصلحة المجتمع و حقوق الفرد عبر مراحل التحقيق بدءا من مرحلة الاستدلال إلى غاية مرحلة المحاكمة فإنه لا يستطيع التحكم في هذا التوازن ، نتيجـة تعرض مصلحة المجتمع للخطر و نظرا لمتطلبات الحماية الاجتماعية تتخذ إجراءات تحفظية اتجاه المتهم و هنا نصطدم بقرينة البراءة ، لذا فكيف يمكن أن نصل إلى اقرب اتزان ما بين مصلحة المجتمع و حرية الفرد ؟ هذا ما ستذهب إليه جميع المجتمعات لتطوير قوانينها التشريعية عبر العصور. 



تعليقات