أصل الدولة و نشأتها

0

أصل الدولة و نشأتها: نشأت الدولة بعد تطوير إجتماعي و سياسي          و تاريخي و إقتصادي طويل. و قد إختلفت وجهات النظر في نشأتها و تكوينها فمن الكتاب من يرى أن هذا التطور منبعه العائلة، كون أن العائلات قد إجتمعت         و إتحدت مكونة القبائل ثم المدنية ثم إتخذت تلك المدن مكونة الأقاليم أو المقاطعات ثم إنضمت الأقاليم مكونة بذلك الدولة. و قد تنقسم الدولة بعد تكوينها إلى عدة دول أو دويلات نتيجة ثورة داخلية أو حرب أهلية أو حرب خارجية، كما قد يتم ذلك بالإتفاق لتتكون بذلك موحدة، و كلمة دولة لاتنية و تعني الحالة المستقرة، غير أن الكلمة أخذت مدلولا سياسيا آخر في العصور الرومانية عندما أصبحت تعرف بالجمهورية.

و في القرن 16 م إستعمل مكيافيلي في كتابه الأمير كلمة الدولة حين قال       (كل هيئة لها سلطة على الشعوب هي دول، و هي إما جمهوريات أو إمارات، و قد إستعمل لويس 14 كلمة دولة على كلمة جمهورية معبرا بذلك بقوله الشهير (أنا الدولة)، و يقول عنها أندي هنويو ( الدولة هي مجتمع منظم قائم على أرض محددة يستأثر بسلطة إصدار القواعد القانونية و معاقبة مخالفتها).

فالدولة هي مجموعة الأفراد المنتظمة في وسط إجتماعي تسيطر عليه سلطة سياسية منبثقة عن هذا المجتمع تتميز بقدرة إصدار القوانين و إتخاذ القرارات التي من شأنها تنظيم حياة المجموعة و تنفيذ القواعد القانونية و إحترامها.

و قد كانت السلطة هي الدائرة الإجتماعية الأولى التي تظهر في أي مجتمع بشري، فقد إنقسمت المجتمعات في العصور الأولى الى طبقة حاكمة و أخرى محكومة، و قد ظلت هذه سمة أي مجتمع في مجتمعنا المعاصر بداية بالعائلة فالقبيلة فالمدينة و الأقاليم و المقطعات ، و كان لهذه الظاهرة أن تستمر على مستوى الدولة ذلك أنه لا يمكن للنظام أن يفرض إلا بواسطة سلطة عامة يخضع لها الجميع، و هذا النظام بطبيعته هو القانون الذي ينشأ مع الجماعة و يتطور معها، و تقوم السلطة على تجسيده و وضعه موضع التنفيذ و من هناك كان لا بد من الربط بين فكرة السلطة و فكرة القانون.

و فيما يخص النظريات التي قيلت في النشأة التاريخية للدولة فسنذكر نظرية الدولة في نطاق القانون الدستوري.

النظريات:
1- النظرية التيوقراطية: و هي المذاهب التي يطلق عليها بعض رجال الفقه إسم المذاهب الدينية و هي أقدم الأفكار السياسية و فحواها أن الدولة نظام إلهي       ( الفراعنة في مصر) و أن الحكام هم ظل الله في أرضيه فلا يسألون أمام سواه     و على المحكمين طاعته.

2- نظرية العائلة: و فحواها أن الدولة قد تطورت من الجماعة البدائية الأولى ( العائلة) لتتحد فيما بينها مكونة العشيرة فالقبيلة فالقرى لتتحد هذه الأخيرة مكونة المدينة و يعد أرسطو مؤسس هذه النظرية، فيرى أن الدولة نظام طبيعي ينمو تبعا لسنه التطور.

3- النظرية الديمقراطية: ترى هذه النظرية أن الدولة و سيادتها نصدرهما إدارة الشعب و سيادتها، و قد ناد بهذه النظرية جون جاك روسو و هوبر في القرن17 و18( نظرية العقد الإجتماعي)، و قد ذهب هوبز في تحليله أن الإنسان كان يعيش على الفطرة في مجتمع تسوده الفوضى، فكانت حياته اليومية غير مستقرة أو مطمئنة، فكان على الإنسان آنذاك أن يتخلى عن جميع حقوقه لرئيس يتولى السلطة و يقوم بتدبير شئونه.

4- نظرية القوة و الغلبة: و محتوى هذه النظرية هو أن نشوء الدولة كان نتيجة القوى و العنف و يرى مؤيدي هذه النظرية أن التاريخ يؤيدها بدوره بحيث يغلب عنصر القوة في إنشاء الدولة على عنصر الرضا و الإتفاق، فالتاريخ حافل بالأمثلة على سيطرة قانون الغزو و الحرب و يرى بعض الكتاب أن نظام البيعة الحقيقي لم يتم إلا للحلفاء الراشدين.

 و يقول إبن خلدون في مقدمته (غنما الملك و السلطان بالعصبية و القبيل).

و يقول إبن خلدون كذلك ( صار الأمر إلى الملك و بقيت معاني الخلافة من تحري الدين و مذاهبه الجري على منهج الحق و لم يظهر تغيير في الوازع الذي كان دينيا ثم إنقلب عصبية وسيفا و هكذا كان في العهد لمعاوية و مروان و إبنه عبد المالك و الصدر من بني العباس).

فهذه النظرية لا تخلو من الصحة و إن كانت فيها نوعا من المبالغة بأن القوة      و الغلبة هما مصدرا تكوين الدولة، فهناك مزيج من العوامل و الظروف التي ساهمت في تكوين الدول كالعوامل الدينية و الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية.

5- نظرية التطور التاريخي: و ترى هذه النظرية أن الدولة لم تنشأ نتيجة لعامل واحد فهناك عدة عوامل تاريخية، فمنها ما هو ديني و ما هو إجتماعي        و سياسي و إقتصادي و عائلي و من مؤيدي هذه النظرية الفقيه دوجي و كثير من الكتاب من العصر الحديث.

تعريف الدولة: ذهب كثير من الكتاب في القانون في تعريفهم للدولة الى مذاهب شتى، حيث إختلفوا إختلافا متباينا، غير أن التعريف الأمثل للدولة هو أنها     ( مجموعة من الأفراد يعيشون بصفة مستمرة على أرض معينة تحت تنظيم سياسي معين يتيح لبعضهم القيام بمسؤولية الحكم).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه