أنواع الأحزاب السياسية دورها في الجزائر

0
 أنواع الأحزاب السياسية دورها 
المطلب الأول :أنواع الأحزاب السياسية
لقد كانت السلطة و الحرية والصراع بينهما المصدر الأساسي لنشاط الأحزاب و هي لا تزال حتى الآن حتى الآن 
فكل التنظيمات السياسية الحزبية أنشئت للدفاع عن الحرية ضد السلطة الاستبدادية , ومن اجل الوصول الى السلطة او الحفاظ عليها و نجد بادرة الأحزاب في الدولة الاسلامية خاصة بعد حكم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
مع فارق في المفهوم و الايديولولجية مع الأحزاب الحديثة و ثم في أوروبا خاصة في بريطانيا و فرنسا بظهور اللجان البرلمانية و الجمعيات الفكرية و ثم الخلايا السرية القائمة على التنظيم المحكم في الأحزاب الشيوعية .
و عليه فإن للأحزاب السياسية نوعان و يمكن تقسيمهما من حيث القاعدة البشرية الى جماهيرية و طلائعية او من حيث الفلسفة الى محافظة و اشتراكية .
1- الأحزاب المحافظة :les partis conservateurs
ظهرت في اوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية و تتميز باهتمامها بنوعية وليس عدد المنتمين سواءا بانتماءاتهم العائلية أو بثروتهم لسد نفقات الحملات الانتخابية .
كما انها لا تتطلع للجماهير لمل يتمتع أعضاؤها من امتيزات خاصة و ارتباطهم بالأفكار التقليدية , فضلا عن افتقارها لإيديولوجية واضحة و قيام ميزانياتها على المنح و الهبات .
اما هيكلتها القاعدية فتعتمد على اللجان المحلية المشكلة من أعضاء معنيين او مرشحين وتتمتع باستقلالية كبيرة عن الهيئات المركزية إلا ان التنظيم المحكم لطريقة الانتخابات قد أثر على هذه الاستقلالية ..
2- الأحزاب الاشتراكية les partis socialistes 
لقد ظهرت هذه الأحزاب أثناء الحكم البرجوا زي و تطورت واتسع نطاقها نتيجة مساوئ النظام الرأسمالي غير أنها انقسمت على نفسها فظهرت أنواع جديدة من الأحزاب تستمد بعض مبادئها من الاشتراكية إلا ان أغلبيتها لا صلة لها على الإطلاق بالإشتراكية كالأحزاب الفاشية و الأحزاب العمالية أو الاشتراكية في بعض الدول .
نوعا الأحزاب الإشتراكية:
تنقسم الأحزاب الاشتراكية الى أحزاب جماهيرية و أحزاب طلائعية .
فالأحزاب الاشتراكية الجماهيرية تعتمد على العمال و هي مفتوحة للجماهير و تتكون ميزانيتها من الاشتراكات التي يدفعها المنخرطون كما تتميز عن غيرها من حيث الهيكلة القاعدية فهي تقوم على التنظيم القاعدي الممثل في القسم ولها إيديولوجية معتدلة تهدف في مرحلة أولية الى حماية الأغلبية من إستغلال الأقلية و أخيرا تحقيق رفاهية المجتمع في جانبها النظري غير أنها من حيث الممارسة كانت ادوات في يد أولغاشية سياسية مشكلة من قادة الحزب و البيروقراطيين و التكنوقراطيين .
و تجدر الأشارة الى ان هناك أحزاب تدعي بأنها اشتراكية إلا انها في حقيقة المر لا صلة لها بالاشتراكية و مثل ذلك الحزب العمالي البريطاني أو الحزب الاشتراكي الفرنسي اللذين كثيرا ما دفعا عن مصالح البرجوازية و استغلال شعوبا بأكملها .
اما الأحزاب الشيوعية فشأنها شأن الأحزاب اى لاشتراكية الغرض منها هو توسيع فكرة الديمقراطية و هي وليدة الانقسام الذي حدث في الأحزاب الاشتراكية غير أنها و إن كانت تعتمد على قاعدة عريضة من الجماهير الا أنها تتميز ممن ناحية اعتناقها لإيديولوجية أكثر وضوحا و لو منم الناحية النظرية فضلا عن اقتصار الانخراط فيها على الأفراد الذين يمثلون طليعة الطبقة العاملة الواعية و قيام تنظيمها وهيكلتها على خلية المؤسسة المشكلة من عدد قليل من المناضلين و السبب في ذلك يعود الى ان المصالح المادية للعمال حسب وجهة النظر الماركسية تحتل الأولوية على مصالح الحي و المصالح السياسية كما تتميز هذه الأحزاب بقيامها على المركزية الديمقراطية التي تعني انتخاب هيئات الحزب من القاعدة الى القمة و التزام الهيئات الأدنى بتنفيذ قرارات الهيئات العليا و ضرورة التقارير الدورية عن نشاط الهيئات امام منتخبيها و الهيئات الأعلى منها و كذلك تميزها بالانضباط الصارم الذي كان من الأسباب الرئيسية في ظهور أنظمة شمولية يطغى عليها الطابع الدكتاتوري .
و ما تتميز به هذه الأحزاب كقاعدة عامة خاصة في الأنظمة الاشتراكية هو احتكارها السلطة دون منافس لها بل انها لا تعترف بأي حزب ينافسها السلطة وان وجدت أحزاب في اوربا الشرقية سابقا بجانب الأحزاب الشيوعية فان ذلك لم يكن يعني انها أحزاب منافسة للحزب الحاكم بل انها مجرد منظمات تابعة ومنقادة.
اما الأحزاب الفاشية فقد ظهرت بعد الحرب العالمية الاولى وتتميز بكونها ايضا أحزاب جماهيرية لكنها تقسم أعضائها الى قسمين المليشيا الرسمية وتتشكل من العناصر الأساسية و المليشيا الاحتياطية وهذان النوعان عبارة عن جيش مدني معد إعدادا عسكريا و يرتدي لباسا كلباس الجيش يتميز بالعنف و الانضباط الصارم قاعدة تنظيمه الخلية المتضمنة عددا قليلا من الأشخاص غالبا ما يقطنون عمارة واحدة او حيا واحدا حتى يسهل جمعهم لمواجهة ما يمكن ان يهدد النظام الفاشي.
بعد هذا السرد والتعداد المختصر جدا للأحزاب السياسية لنا ان نتساءل عن مدى تماشي النظام تعدد الأحزاب مع أنظمة الدول النامية.
الحقيقة انه اذا كانت الأحزاب ضرورية لممارسة الديمقراطية في الدول المتقدمة فان الوضع بالنسبة للدول النامية يختلف بشكل واسع جدا بسبب مظاهر التخلف التي تعرقل نمو الأفكار الديمقراطية ولعل اهم هذه المظاهر تتمثل في عدم توافر الحاجيات الأساسية للعيش مما يحول الحياة بين الأفراد الى صراع من أجل البقاء و اقتناء الأشياء دون الاهتمام بالوسيلة المستعملة فضلا عن تفشي الجهل و الأمية و انعدام الوحدة بين أفراد المجتمع التي من شانها المساهمة في قيام الدولة و الأمة القوية با أننا نجد معظم هذه الشعوب قائمة على العصبية و العشائرية مما يقضي بالتالي على إمكانية قيام تنافس سياسيي ديمقراطي في تلك المجتمعات وقد حاولت بعض الدول النامية تقليد الدول المتقدمة بان أنشأت أحزابا متعددة أو شيوعية ماركسية إلا أنها فشلت في ذلك بسب كثرة عوامل الفرقة و قلة عوامل الوحدة و الوعي السياسي و هو ما يؤدي الى ظهور خلافات و صراعات بل و حروب بين الفئات المنتمية لتلك الأحزاب كما ان اتباع أسلوب الحزب الواحد الماركسي اللينيني نشأت عنه مشاكل أيضا بسبب التخلف المتمثل أساسا في انعدام القاعدة البشرية( الطبقة) و المادية (الصناعة) و المعنوية ( الوعي ) تتمثل أساسا في عدم وجود ترابط متكامل بين الشعب و الحكام ووجود جهاز بيروقراطي مانع لقيام ذلك الارتباط بين القاعدة و القمة بل أن مثل هذه الأحزاب يمكن أن تؤدي الى تمزيق ما هو موجود قبل ظهور تلك الأحزاب لانسلاخ فلسفتها عن ثقافة تلك المجتمعات.
و نتيجة للعيوب التي سبق ذكرها و غيرها نجد بعض الدول رغم اعتناقها التنظيم الحزبي الا أنها خرجت عن النظرية العربية و الشيوعية و ذلك بتجنب مساوئ الاتجاهين المتعارضين فأقامت أحزابا اشتراكية قاعدتها الايديولوجية الاشتراكية المعتدلة معتمدة على كل الفئات المشكلة للمجتمع و عدم الاقتصار على نشاط معين أنها تهتم بالصناعة و الفلاحة هدفها التوفيق بين مصالح مختلف مصالح فئات الشعب المجندة وراء شخص واحد يعتبر رمزا للوحدة الوطنية غير أن قادة تلك الأحزاب بسبب تأثرهم بثقافة غربية للمجتمع ومحاولتهم فرضها على الشعب حالت دون ذلك ففشلت هي الأخرى في احتواء الشعب و تجنيدها مما يتسبب في انفصال بين القاعدة والقمة وظهور طبقة سياسية بجانبها بيروقراطية سلبية لم تزد في أوضاع المجتمع إلا تدهورا و تخلفا لانغلاق ممارسي السلطة على أنفسهم و رفضهم قبول التداول على السلطة مختفين إما وراء مشروعية ثورية او تاريخية معتمدين أصلا على الجيش و الشرطة ( القمع ) للبقاء في السلطة و مهما يكن فالأحزاب السياسية ضرورية , إذ بدونها لا توجد ديمقراطية و هذه الديمقراطية لا يمكن أن تجد عالمها إلا حيث يكون الفرد غير جائع و يتمتع بحرية في ظل نظام لا قيد الحرية إلا بالقدر الذي يحقق ممارستها في إطار سلمي منظم .
المطلب الثاني : دور الأحزاب السياسية
تقوم الأحزاب السياسية بدور أساسي في التمثيل السياسي و يتمثل ذلك في قيامها بدور الوسيط بين الناخبين و المنتخبين.


01- دور الأحزاب السياسية إتجاه الناخبين:
إن الأحزاب السياسية تتولى مهمة التوعية حول السياسة المتبعة من طرف الحكام و موقفها منها ، كما توضح إيديولوجيتها للشعب و برامجها قصد زيادة عدد المنخرطين فيها و بالتالي االفوز على غيرها. فمن المعروف أنه لكي يستمر بقاؤها يجب أن تكون معبرة عن مشاعر و مطامح و آمال طبقة أو فئة أو مجموعة من الفئات مما يعزز قاعدتها و يضمن بقاءها و يدعم نجاحها و ينمي و يطور ايديولوجياتها بما يتماشى و التطور.
و من هنا نجد الأحزاب تضمن بقاءها طالما بقيت معبرة و موجهة لرأي المجموعة التي تمثلها و هي بذلك تمكن أعضاؤها و حتى غيرهم من التعرف على المترشحين و توجيه إختياراتهم و يمكن القول بان البادرة الأولى للحملات الإنتخابية في إطار حزب معين ظهرت بوضوح عند قيام الأحزاب الإشتراكية في القرن التاسع عشر حيث كانت تتبنى حملات ضد الطبقة الأرستقراطية المعروف ممثلوها مبينة عيوبها .كما أنها تتولى اختيار المترشحين باستثناء الترشيحات الحرة.
فالترشيحات في الأحزاب المحافظة يكون بواسطة اللجان ثم تطور هذا الأسلوب بواسطة الإنتخابات الأولية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية . أما الأحزاب الاشتراكية فتختار مرشحيها بواسطة المؤتمر الذي يشارك فيه مناضلو الحزب او ممثل عن مجموعة من المناضلين في الأقسام و هو ما يتماشى و يحقق الديمقراطية .
02- دور الأحزاب السياسية إتجاه النواب (الممثلين):
تلعب الأحزاب دور الوسيط بين النواب و المنتخبين بواسطة وسائلها و مناضليها في الدائرة فهي تحيط النائب علما بكل ما يجري داخل الدائرة و مطامح و شعور السكان. كما أنها تقوم بتعزيز العلاقة بين النائب و ناخبيه بإخطارهم بنشاطات النائب رغم أنه يقضي غالبا أيام الراحة في دائرته الإنتخابية .
و من المعروف أنه كلما كانت العلاقة بين الحزب و النائب متينة كلما كان ذلك في صالحها حفاظا على سمعة الحزب و تأكيد حسن إختياره و إمكانية تجديد إنتخاب النائب . و حفاظا على هذه الثقة و تدعيمها ظهرت المجموعات البرلمانية التي توزع أعضاءها على اللجان البرلمانية لمعرفة كل ما يجري داخله من مناقشات و آراء المعارضة قصد وضع الخطة المناسبة . إلا أنه تجب الملاحظة بأن هناك فرقا بين الأحزاب المرنة حيث يكون النائب حرا في إنتخابه و الأحزاب الجامدة التي يكون الأعضاء مقيدين بالتصويت لصالح مشروع الحزب الذي ينتمون إليه خاصة بعد إقرار التصويت برفع اليد.
و رغم ما تتمتع به الأحزاب من تأثير على الناخبين و المنتخبين فإنها ليست الجهة الوحيدة الممارسة لذلك التأثير فوسائل الإعلام تلعب دورا هاما في أداء تلك المهمة كما أن أصحاب رؤوس الأموال يؤثرون على الناخبين و المنتخبين بسبب ما يقدمونه من أموال للأحزاب المحافظة، كذلك نجد هناك جهة أخرى تمارس تأثيرا بالغ الأهمية في عصرنا الحاضر على الناخبين و النواب و المناضلين، أنها إدارة الأحزاب الجماهيرية القوية التي تتكون من إدارتين و إطارات مسيرين للجهاز الإداري و السياسي للحزب و هو ما ينتج عنه صراع بين منتخبي إطارات الحزب و بين منتخبي الشعب (النواب) و هذا الوضع يؤدي نتيجة قوة الحزب، إلى تبعية النواب لإطارات الحزب المنتخبين من طرف المناضلين للقيام بمسؤوليات إدارية و سياسية فتتحول بذلك النيابة التي يمنحها الناخبون للنائب إلى الحزب.
و رغم ذلك فإن الحزب و النواب متيقنون من أن الحفاظ على العلاقة بينهم و بين الناخبين و تدعيمها هو الكفيل بالحفاظ على بقاء الحزب و أمل تجديد إنتخاب النواب، و هذا من شأنه أن يخفف من حدة الصراع.
المبحث الثالث: التأثير المتبادل بين الأحزاب و النظم الديمقراطية و علاقتها بالجماعات الضاغطة
المطلب الأول :التأثير المتبادل بين الأحزاب و النظم الديمقراطية:

أ/- تأثير النظم الإنتخابية في تكوين الأحزاب السياسية:
01- تؤدي طريقة التمثيل النسبي إلى تعدد الأحزاب و ميلها لأن تصبح أحزابا جامدة ، و ذلك لأن مبدأ التمثيل يقتضي كما رأينا أن تنال الأقليات عددا من المقاعد يتناسب مع ما خاناته قوائمها من أصوات و هذا بدوره يشجع على تكوين أحزاب جديدة و إنقسام الأحزاب القائمة. أما جهود تلك الأحزاب ( و نفي به خضوع النواب لتوجيهات الحزب و لو لم تتفق مع آرائهم الشخصية) فيرجع إلى أن النائب يعينه حزبه في الحقيقة لا الناخبون، و لا سيما إذا ما قام التمثيل النسبي على القوائم المغلقة التي ليس للناخب إزاءها إلا ان يقبل كل قائمة أو يرفضها كما هي يضاف إلى هذا أن كثرة الأحزاب و تقاربها في المبادئ يؤدي إلى تمسك كل حزب بآرائه إظهارا لشخصيته و تمييزا له عن باقي الأحزاب و هذا يستلزم خضوع النواب لنوع من النظام الحزبي الدقيق، و لقد تجلى صدق هذه الملاحظة فما يتعلق بأحزاب فرنسا منذ سنة 1945 حين طبقت هذا النظام .
02- الأخذ بفكرة الأغلبية المطلقة (أكثر من نصف الأصوات في الدور الأول، و إلا فالأغلبية النسبية في الدور الثاني) يؤدي إلى تعدد الأحزاب و مرونتها، فإشتراط الأغلبية المطلقة يؤدي كثيرا إلى إعادة الإنتخاب، و بذلك يوجد دوران إنتخابيان تجرب فيها الأحزاب حظها ، ففي الدور الأول يتقدم كل حزب مستقلا فإذا ما جاء دور الإعادة يكون كل حزب قد عرف مركزه في الدائرة الإنتخابية ، فتتكتل الأحزاب المتقاربة في الميول للظفر بالمتقاعد المتخلفة.
وهكذا نرى ان هذا النظام يسمح بتعدد الأحزاب ، لأن كلا منها سيحاول الظفر بعدد من المقاعد في الدور الأول، ثم ستقسم الأحزاب المتقاربة باقي المقاعد التي ترى أنه من الممكن الظفر بها فيما لو نظمت صفوفها و مصداق هذه الملاحظة حالة الأحزاب في فرنسا في ظل الجمهورية الثالثة و الأحزاب في مصر في ظل الإنتخاب الفردي.
أما مرونة هذه الأحزاب فلأن هذه الطريقة تقوم غالبا على أساس نظام الإنتخاب الفردي، حيث يستمر النائب مركزه من شخصيته و ثمة الناس فيه و لهذا فإن خضوعه لحزبه يكون هنا أقل منه في حالة الأحزاب الجامدة.
03- فكرة الأغلبية النسبية (التي يفوز فيها الحاصل على أكثر نسبة من الأصوات) يؤدي إلى نظام الحزبين: و هذا هو الملاحظ في إنجليترا و أمريكا، فوجود دور واحد للإنتخابات سيرغم الإتجاهات المتقاربة على التكتل من أول الأمر، و لن يسمح بتعدد الأحزاب لأن الأقليات سيهمل أمرها، و خاصة لأن هذا النظام يقوم عادة على أساس طريقة الإنتخاب الفردي و لا أدل على ذلك من أن كل محاولة لإيجاد حزب ثالث في الولايات المتحدة الأمريكية قد باءت بالفشل، كما أن حزب العمال في إنجليترا لم يصبح حزبا رئيسيا ألا على حساب حزب الأحرار الذي اضمحل بالتدريج.
ب/- أثر الأحزاب في النظم الديمقراطية:
01- نظام الحزب الواحد: هو التجديد الذي جاء به القرن العشرين في وسائل الحكم و بمقتضاه تحتكر حزب واحد تمثيل الشعب و لا يسمح بقيام أحزاب معارضة بجواره، و هو تجمع كما رأينا في الحزبين الشيوعي الروسي و الفاشستي ، العناصر المخلصة في الدولة لنظام الحكم القائم ، و الذين تمكن الإعتماد عليهم و لهذا كان الانضمام إلى الحزب منظما تنظيما دقيقا و مقصورا على من يثبت بصفة قاطعة اخلاصهم وولائهم لمبادئه، و يوضح الحزب من ناحية للمحكومين قرارات الحكومة و حكمة اتخاذها حتى يتقبلوها بقبول حسن و من ناحية أخرى يبين للحاكمين رغبة المحكومين و إتجاههم . 
و نظام هذا شأنه لا يتفق مع مبادئ الديمقراطية و لو أ خذ بمظاهرها لأن وحدة الحزب معناها وحدة المرشح وبالتالي انعدام حرية الناخب في الإختيار كما أن وحدة الحزب تتبع تركيز السلطة في أيدي الهيئات الرئاسية فيه ،وكل هذا مناف لروح الديمقراطية .
03- نظام الحزبين:
يوجد هذا النظام كما رأينا في الدول الإنجلوسكسونية (إنجلترا، أمريكا) و قد علمنا سر قيامه، و يقوم على أساس وجود حزبين قويين منظمين يمثل كل منها إتجاها مختلفا (حزب العمال الإنجليزي اليساري، و حزب المحافظين الرجعي) أما في أمريكا فبرغم من وجود الحزبين الديمقراطي و الجمهوري إلا أنه من العسير وجود معيار واضح من مبادئ التفرقة بينها و يستعمل الحزب الذي يضفر بالأغلبية بالحكم ، فتشكل وزارة (كقاعدة عامة) من بين أعضائه أن تقتصر مهمة الحزب الآخر على معارضة داخل البرلمان و خارجه وهي معارضة لا يقصد بها إلا للصالح العام، و لا تباشر إلا بوسائل الديمقراطية التي تقوم على الحاجة و الإقناع و هي بهذا تمهد الأذهان و تعدها للإنتخابات المقبلة بقصد الظفر بالأغلبية ثم العودة إلى الحكم و هذا ما يتم بصفة تكاد تكون دورية لأن الحكومات في ظل هذا النظام حكومات مستقرة تبقى في الحكم فترة طويلة هي عادة مدة الفصل التشريعي إذا لم ترى الحكومة حل البرلمان قبل ذلك و تسفر الأغلبية الجديدة عن هزيمتها فتستقيل .
ونجاح هذا النظام مرهون بإيمان الحزبين القائمين في الدولة بمبادئ حرة إذا ولى أيهما الحكم لا تحاول من قريب أو بعيد أن يقيموا حرية الحزب الآخر أو يعمل على خذلانه في الإنتخابات بطرق مصطنعة ، كما لو كان برنامج الحزب الحاكم يستهدف إقامة دكتاتورية معينة(كدكتاتورية الطبقة العاملة مثلا) و منع الأحزاب الأخرى من مزاولة نشاطها لأن شل هذا الحزب (و يسمى إذا ظفر بالسلطة مرة فلن يمكن إبعاده عن الحكم إلا بثورة إراقة الدماء).
ولهذا فإن الفقهاء الذين أعجبوا بنظام الحزبين في فرنسا ، وتمنو أحزابه ، نادوا بإلغاء الحزب الشيوعي الفرنسي خوفا من النتيجة التي أشرنا إليها.
و الحقيقة أن نظام الحزبين قد نجح في إنجلترا و الولايات المتحدة الأمريكية أدى إلى الإستقرار السياسي أفاد الدولتين بتقدمهما الإجتماعي و ساعد على تأصيل النظم الديمقراطية و تربية الشعبين تربية سياسية و رياضية عالية.
03- نظام الأحزاب المتعددة:
و تتعدد فيه الأحزاب و يزيد عددها او ينقص حسب الأحوال و ما يساعد على زيادتها الأخذ بنظام التمثيل النسبي كما قلنا و يمتاز هذا النظام عادة بطابعين:
أ/- ضعف الحكومات و قصر عمرها:
فتتعدد الأحزاب يتعذر معه ظفر أيها بالأغلبية في البرلمان و بالتالي لا يمكن لأي حزب أن يكون الوزارة بنفسه و لهذا تكون الوزارات عادة وزارات إتلافية تتكون فيها الوزارة من عدة أحزاب متقاربة في المبادئ، تتفق عادة على برنامج معين لتنفيذه و تظل في الحكم طالما ساندتها الأغلبية البرلمانية، و لكن الملاحظ عادة أن هذه الحكومات قصيرة العمر، لعدم الإنسجام بين أعضائها كما انها حكومات ضعيفة بعكس الحكومة الحزبية المتجانسة القوية في ظل نظام الحزبين و التي تستند إلى أغلبية برلمانية مستقرة تؤيدها ، حيث نجد رئيس الحكومة عادة هو رئيس الأغلبية البرلمانية و بهذا يكون الإنسجام متحققا كذلك بين البرلمان و السلطة التنفيذية.
و لقد تجلى عيب تعدد الأحزاب بصورة واضحة في فرنسا في ظل الجمهوريتين الثالثة و الرابعة، حيث لم تكن الوزارات تملك في الحكم إلا شهورا و لا يمكنها إتخاذ قرار هام إلا بعد مشاورات متعددة بل و شاقة و مملة في كثير من الحيان مما جعل الجنرال يجول يلح في طلب الإصلاح الدستوري و تعديل نظام الإنتخاب، و نجح في إسقاط الجمهورية الرابعة و إقامة الجمهورية الخامسة (دستور سنة 1958) الذي عمل على تقوية السلطة التنفيذية، و كبح جماع الأحزاب السياسية و ماتزال دول أوربا الغربية لا سيما إيطاليا تعاني من تعدد الأحزاب و تفتتها مما أدى إلى عدم الإستقرار السياسي .
ب/ ميل الأحزاب هنا لأن تصبح أحزابا جامدة: 
أي إلى عدم خضوع النائب لإقتناعه الشخصي و ضميره بل للحزب، و هذا ينقل عمل البرلمان إلى اللجان العليا للأحزاب، و هي هيئات غير مسؤولة كما أن عملها يتم بصفة سرية و لا يطلع عليه الجمهور و لا يقتصر هذا الخضوع على النواب بل أنه يمتد إلى الوزراء أنفسهم فهم إذا ما ولى أحدهم الحكم التزم بتنفيذ ارادة حزبه و سارع إلى ملء المناصب الرئيسية في وزارته من أنصار هذا الحزب مما أدى إلى تنازع الأحزاب على الوزارات الرئيسية و كثيرا ما نجم عنه تعطيل تشكيل الوزارات مددا طويلة، و كان لهذا أسوأ الآثار في نظام الحكم.
و جملة القول أن النظام الحزبي ، ككل نظام ديمقراطي لا يمكن الحكم مجردا و أن نجاحه يتوقف إلى حد كبير إلى ميزاج الشعوب و درجة ثقافتها و نضجها السياسي و لكن من المسلمات أن الحزب الواحد او التنظيم السياسي الواحد ينتهي إلى إقامة نظام حكم مطلق كثيرا ما تدفع الشعوب ثمنه غاليا ، مما أثبتته التجارب في مختلف دول العالم
المطلب الثاني:العلاقة بين الجماعات الضاغطة و الأحزاب السياسية : 
إختلف الفقهاء في هذه التسمية للجماعات الضاغطة فهذا الإصطلاح هو ترجمة الكلمة الإنجليزية " pressur groupes " وهي تسمية غير دقيقة كما يرى البعض ، أن الجماعة الضاغطة إذا كانت تمارس ضغطا فهي بدورها تخضع لضغوط أخرى مختلفة و من بينها ضغط السلطة التي تحاول الجماعة التأثير عليها ، فالسلطة تؤيد الجماعة و تساعدها إذا هي عملت وفق منهجها، أما إذا عارضته فإن السلطة تعمل على الحد من نشاطها و تقييده. و لذلك يرون بأن تسميتها بجماعات المصالح يكون أقرب إلى الصواب نظرا لأن لكل جماعة مصالحها تسعى لحمايتها و الدفاع عنها.
ويرى بعض الفقهاء أن الجماعة الضاغطة هي جماعة منظمة تسعى لحماية مصالح أعضائها عن طريق ممارسة التأثير و الضغط على قرارات السلطة، و حتى نستطيع تمييز الجماعة الضاغطة عن غيرها من الجماعات يجب مراعاة عدة جوانب:
- طبيعة المصلحة المراد حمايتها .
- مكانة العمل السياسي في نشاط الجماعة.
- الأسلوب الذي تتبعه الجماعة في نشاطها.
- تكوين الجماعة او تركيبها.
فالجماعة الضاغطة هي مجموعة أفراد لهم مصالح مشتركة و تجمعهم علاقات ثابتة و شعور مشترك يوحدهم ضد غيرهم من الجماعات و خطة تضمن إستقرار تلك الجماعة و إستمرار عملها في حماية مصالحها الخاصة.
و هكذا نستخلص من تعريف الجماعة الضاغطة و الحزب السياسي بعض أوجه الشبه و الإختلاف.
و يمكن حصر أوجه الشبه فيما يلي: 
- ان كلا من الأحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة تمثل قوى سياسية في النظام السياسي فهي تعتبر جزءا من النظام .
- كذلك كلاهما يمثل النموذجين الشائعين للجماعات المنظمة التي تقدم طلبات للحكومة و ترافع عن هذه الطلبات.
- كلاهما عبارة عن جماعة منظمة لها مصالح و أهداف (مع إختلاف هذه الأهداف لدى كل منهما) تدافع عنها.
لكن مع هذا تبقى فروق جوهرية بينهما تتلخص فيما يلي:
01- من حيث الهدف:
إن الأحزاب السياسية تسعى عمليا و نظريا إلى السلطة و ترغب في الحصول عليها و ممارستها كليا أو جزئيا عن طريق المشاركة، في حين ان الجماعات الضاغطة ترغب في السلطة و لكن ليس بصورة مباشرة، بل أن هذه الجماعات الضاغطة ترفع إلى السلطة شخصا يرتبط بها إرتباطا مصلحيا و من تم تؤثر عليه بالضغط ، رغم أن قادة هذه الجماعات يعلنون من حيث الآخر أفهم لا يمارسون السياسة، و يعلنون عن عدم رغبتهم في التدخل في شؤون السياسة مع أن نشاطاتهم و تدخلاتهم تكون مع أجهزة السلطة.
- و قد وجه إنتقادا كبيرا للأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين لأنه يمارس السياسة ، و يعمل على تسييس المركزية النقابية من خلال نشاطاته خاصة بعد الأحداث التي عرفتها الجزائر منذ جانفي 1991 كما ثارت مناقشات حادة حول تسييس الإتحاد و ذلك داخل أشغال لجنة التنظيم و القانون الأساسي أثناء إنعقاد المؤتمر التاسع للإتحاد العام للعمال الجزائريين الذي إنعقد في أواخر شهر ديسمبر 1994 ، حيث كانت هناك تيارين :
- التيار الأول:ضد ممارسة الإتحاد للسياسة و الإكتفاء بالدفاع عن حقوق العمال الإجتماعية.
-التيار التاني: مؤيد لتسييس الإتحاد على إعتبار أنه لا يمكن الفصل بين النشاط السياسي و الإجتماعي لترابطهما .
و قد حسمت اللائحة النظامية التي صدرت عن المؤتمر ، هذا الخلاف بقولها " بأن الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، تحمل اتحاد مسؤوليات تاريخية تملئ عليه الحفاظ على موقعه كقوة وطنية هدفها تحقيق توازن و استقرار المجتمع. و لا يسعى بشكل من الأشكال إلى الحصول على السلطة في الوقت الراهن "
و تضيف اللائحة " و هذا الموقف لا ينبغي أبدا ان يفسر على أنه يمنع الإتحاد العام للعمال الجزائريين من ممارسة السياسة ، بل أن وزن الطبقة العاملة الجزائرية التي يمثلها تمنحه دورا مؤثرا في توجيه سياسة البلاد، السياسة التي تخدم مصالح العمال و مكانتهم من مشروع المجتمع"
كما عرفت اللائحة الإتحاد العام للعمال الجزائريين بأنه منظمة عمالية نقابية مطلبيه مستقلة عن السلطة و عن الأحزاب السياسية مهمتها الأساسية و الجوهرية الدفاع عن الحقوق المادية و المعنوية للعمال و الحفاظ عن المصالح الحيوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه