أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

مفهوم النظام الرئاسي

النظام الرئاسي:
       1 مفهوم النظام الرئاسي: أنشئ النظام الرئاسي بمقتضى الدستور الأمريكي الصادر سنة 1787 و الذي أصبح نافذا سنة 1789 و الذي لازال معمولا به إلى يومنا هذا مع بعض التعديلات البسيطة.

       و رغم أن النظام البرلماني عريق إلا أن قواعده لم تتأصل ولم تستقر أوضاعه الأساسية في بريطانيا و فرنسا و بلجيكا إلا بعد سنة 1830، أي بعد وضع الدستور الأمريكي بـ 50 سنة تقريبا و بمعنى أخر أن نشأة النظام الرئاسي كانت قبل نشأة النظام البرلماني العصري في العالم.

       و يتميز النظام الرئاسي بالخصائص الأتية:
       أ حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية.
       ب فصل السلطات في الدولة إلى أقصى حد ممكن.
       ج رجحان كفة مجلس الشيوخ.
       و قد أخذت بهذا النظام الولايات المتحدة الأمريكية كما تبنته معظم دول أمريكا اللاتينية و بعض الدول الأفريقية، و نأخذ الولايات المتحدة الأمريكية كمثال بإعتبارها أم هذا النظام.

       2 أركان النظام الرئاسي:
       أ حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية: إن السلطة التنفيذية في يد رئيس منتخب، و يشترط فيمن يتقدم للترشيح لمنصب الرئاسة:
       - أن يكون مولودا في الولايات المتحدة الأمريكية.
       - أن يكون قد بلغ الخامسة و الثلاثين ( 35 ) من العمر.
       - أن يكون قد أقام في الولايات المتحدة أربعة عشر ( 14 ) سنة.

       و في التعديل الثاني و العشرين سنة 1947 الذي أصبح قانونا نافذا سنة 1951 عاد الأمر يكيون إلى التقليد السابق و قصروا التجديد على مرة واحدة بحيث لا يبقى الرئيس أكثر من ثمانية ( 08 ) سنوات في الرئاسة، و للعلم فإن أول رئيس الجمهورية جورج واشنطن رفض أن تجدد له الولاية بعد 8 سنوات من الحكم في سنة 1797 ثم جاء الرئيس روزفلت سنة 1932 و الذي إنتخب للمرة الرابعة عام 1944 و توفي و هو في الرئاسة وبلاده وسط الحرب العالمية الثانية.

       ب رئيس الجمهورية يجمع بين رئاسة الدولة و رئاسة الحكومة:
       إن رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي يجمع بين رئاسة الدولة و رئاسة الحكومة، فهو الذي يرسم خطوط السياسية العامة للحكومة، و الوزراء لا يعدون إلا مجرد مساعدين أو تابعين للرئيس فليست لهم سياسة شخصية، و لذالك يطلق عليهم تسمية الأمناء " SECRETARIES " إشارة إلى أنهم ليسوا سوى منفذين لتعليمات    و سياسة الرئيس، و الوزارات عبارة عن مصالح فهو غير مقيد بأراء الوزراء حتى ولو أجمعوا على رأي واحد. و يجتمع بهم كل أسبوع ليعرف أراءهم.

       و لكن هو وحده يتخذ القرارات و أغلب الأمناء ليسو رجال سياسة إنما هم فنيون ولقد عرف عن بعض رؤساء الجمهوريات عدم إستشارة الأمناء بل إستشارة جماعات من رجال العلم أو من الأصدقاء، كما كان الشأن عند فرانكلين روزفلت الذي كان يستشير بالأساتذة الجامعيين و رجال الفكر كان يطلق عليهم " مؤسسة الأدمغة " أو الرئيس جاكسون الذي جرت عادته على إستشارة جماعة من أصدقائه كان يطلق عليهم " وزارة المطبخ ".

       ج عدم وجود مجلس الوزراء: إن الأمناء أو السكرتاريين أو الوزراء لا يكونون هيئة أو مجلسا له إرادة جماعية وله سلطة إصدار قرارات بإسمه و له إختصاصات معينة فيما يتعلق بتوجيه سياسة و إدارة مصالح الدولة كما هو الشأن في النظام البرلماني، ففي النظام الأمريكي لا يوجد مجلس الوزراء ولا رئيس مجلس الوزراء كما لا يوجد مبدأ التضامن الوزاري عن السياسة العامة للحكومة كما هو مقرر في النظام البرلماني.

       د السلطات ( أو الإختصاصات ) الواسعة لرئيس الجمهورية:
       يملك رئيس الجمهورية إختصاصات واسعة يمكن تلخيصها فيما يلي:

       لرئيس الجمهورية حق تعيين السكرتيرين (ممن تتوافر فيهم القدرة على تنفيذ سياسته) و عزلهم متى شاء إذا قدر أن أحدهم أو بعضهم غير قادرين على تنفيذ سياسته ( لأنهم مسؤولون أمامه و ليس أمام البرلمان ) .
       إن الرئيس يملك وحده إختصاصات السلطة التنفيذية فالأمناء (السكرتيرين) لا يشتركون معه في السلطة التنفيذية كما هو الشأن في النظام البرلماني فهم كما قدمناه مجرد مساعدين.

       الناحية الإدارية: يصدر الرئيس اللوائح و هو رئيس الإدارة الفيدرالية           ( الإدارات و المصالح التابعة للحكومة المركزية و مقرها واشنطن دي- سي) فهو الذي يعين كبار الموظفين ( و إن كان يشترط لتعينهم موافقة مجلس الشيوخ )       و عزلهم ( دون موافقة مجلس الشيوخ ).

       الناحية العسكرية: رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة،      و ليس ثمة ما يمنع الرئيس من الناحية القانونية من قيادة القوات المسلحة شخصيا    و إن لم توجد لذلك سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

       أما في وقت الحرب، فالرئيس له سلطات ذات صبغة دكتاتورية سواء على أشخاص المواطنين أو على ممتلكاتهم. كما أن له سيطرة كاملة على إدارة الحرب، بحيث له أن يأمر بإرسال القوات المسلحة حيث يشاء و أن يشترك في وضع الخطط الحربية و أن يأمر بوقف القتال، و أن يقيم حكومات عسكرية في المناطق المحتلة.

       السياسة الخارجية: الرئيس هو الممثل القانوني الوحيد لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها مع الدول الأخرى.

       الرئيس هو الذي يدير العلاقات الدبلوماسية و يعين و يعزل السفراء        (و غيرهم من الممثلين السياسيين) و القناصل، و الرئيس هو الذي يقوم بالمفاوضات و عقد المعاهدات (مع ملاحظة إشتراط موافقة مجلس الشيوخ على التعيين دون العزل كما يشترط موافقة المجلس على المعاهدات). و هو المختص وحده بالإعتراف بالدول  أو بالنظم الأجنبية الجديدة.

       التشريع: للرئيس إستثناء من مبدأ الفصل ما بين السلطات، و للرئيس دور في التشريع يتجلى في:

       - إصدار اللوائح التي يطلق عليها Executive Orders .
       - حق الإعتراض على القانون الذي يوافق عليه البرلمان ( مدة عشر (10) أيام من موافقة البرلمان على القانون) ورده إلى البرلمان لإعادة النظر فيه، فإذا وافق عليه البرلمان مرة أخرى بأغلبية 2/3 من الأعضاء في كل من المجلسين صدر القانون و إلا سقط إذا لم تتوافر فيه تلك الأغلبية.

       و الحكمة من ذالك هو أن يكون حق الإعتراض بمثابة سلاح في يد الرئيس ليحول دون ما قد يأتيه البرلمان من إستبداد و طغيان أو تصرف صادر عن تسرع.

       هـ فصل السلطات في الدولة إلى أقصى حد ممكن:   لقد تأثر واضعوا الدستور الأمريكي بكتابات و أفكار لوك و مونتسكيو في الفصل ما بين السلطات،   و كان هذا المبدأ بمثابة عقيدة يدينون بها بإعتبارها سياجا للحريات و سلاحا من الإستبداد و الطغيان. فالسلطات وزعت بين هيئات ثلاث هي السلطة التشريعية، التنفيذية، القضائية، و قد عمل واضعوا الدستور الأمريكي على إقامة الفصل بين السلطتين التشريعية و التنفيذية إلى أقصى حد ممكن مع كفالة التوازن بينهما بحيث لا تستطيع إحداهما أن تسيطر على الأخرى و تخضعها لإرادتها بل جعلهما على قدم المساواة. أما السلطة القضائية فهي مستقلة إستقلالا تاما عن السلطتين التشريعية      و التنفيذية و تعتبر بمثابة حامية للدستور.

       - مظاهر الفصل (الإستقلال) بين السلطات: أهم مظاهر الفصل بين السلطات هي:
       لا يملك البرلمان حيال الوزراء (الأمناء) أي سلطة، فلا يجوز إستجواب الوزير  أو مناقشته أو سؤاله.
       لا يجوز الجمع بين عضوية البرلمان و الوزراة، و من ثم فلا يجوز للوزراء ولا لرئيس الجمهورية حضور جلسات البرلمان كما هو الشأن في النظام البرلماني.
       ليس لرئيس الجمهورية أن يدعو الكونغرس أو أحد مجلسيه للإنعقاد كما ليس له أن يفض دوراته ، فالكونغرس ينعقد تلقائيا في مواعيد حددها الدستور        و المجلس هو الذي يؤجل دوراته و هو الذي يفض دوراته دون تدخل من أحد.
       ليس للسلطة التنفيذية حل أي مجلس من مجلسي الكونغرس.
       لا يجوز للسلطة التنفيذية إقتراح القوانين.
       إن القضاة ينتخبون من الشعب مباشرة.
       لا يستطيع البرلمان الأمريكي أن يعدل نظام المحكمة العليا الإتحادية     إلا بعد إتباع الطريقة الخاصة بتعديل الدستور الإتحادي.
       للقضاء حق مراقبة دستورية القوانين و مراقبة تصرفات السلطة التنفيذية.

مظاهر الإتصال و التعاون بين السلطات:
       من جانب السلطة التشريعية: إختصاص مجلس الشيوخ في التصديق على تعيين كبار الموظفين، إذ يعطي الدستور الأمريكي رئيس الجمهورية حق تعيين كبار الموظفين كالوزراء و السفراء و القناصل و قضاة المحكمة العليا وسائر كبار موظفي دولة الإتحاد، و ذلك بعد موافقة مجلس الشيوخ.
       إختصاص مجلس الشيوخ بالموافقة على المعاهدات، و يختص رئيس الجمهورية بعقد المعاهدات، إلا أن هذا الحق مقيد بشرط مشورة مجلس الشيوخ، ثم إن المعاهدة لا تصير نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الشيوخ بأغلبية 2/3 من الأعضاء الحاضرين.

       إختصاص مجلس البرلمان بالإتهام الجنائي، خول الدستور مجلس النواب الحق في إتهام أي رجل من رجال السلطة التنفيذية بمن فيهم رئيس الجمهورية إذا إرتكب أحد الجرائم المنصوص عليها في الدستور، و إذا إتهم مجلس النواب رجل السلطة التنفيذية، فإن مجلس الشيوخ يقوم بمحاكمته، و يشترط الدستور للإدانة موافقة ( 2/3 ) من أعضاء مجلس الشيوخ.

       من جانب الرئيس: لقد منح الدستور الأمريكي خروجا على إستقلال السلطة التشريعية بالوظيفة التشريعية إختصاصات تشريعية، و أهم هذه الإختصاصات:
       - حق الرئيس في إصدار اللوائح التنفيذية.
       - حق التوصية التشريعية.
       - حق الإعتراض على القوانين.

رجحان كفة مجلس الشيوخ: إن مجلس الشيوخ يمثل الولايات على قدم المساواة بمعدل عضوين (02) لكل ولاية و فضلا عن كونه يشترك مع مجلس النواب في التشريع بحيث لا يصدر قانون إلا بموافقة المجلسين، و في تعديل الدستور بالإضافة إلى تقاسم محاسبة أي رجل من رجال السلطة التنفيذية عند إرتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الدستور ( بحيث يتولى مجلس النواب الإتهام و مجلس الشيوخ يتولى المحاكمة ). كما يقوم مجلس الشيوخ بما يلي:

       - يختص دون مجلس النواب بدور الرقيب على رئيس الجمهورية.
       - يشترك مع الرئيس في تعيين الوزراء و السفراء و القناصل و قضاة المحكمة العليا و كبار الموظفين بحيث يرشحهم الرئيس لشغل هذه المناصب بينما يشترط الدستور موافقة مجلس الشيوخ على ذالك.
       - يشترط الدستور موافقة مجلس الشيوخ على المعاهدات التي يبرمها الرئيس مع الدول الأجنبية بأغلبية الثلثين، و هذا ما يشكل أحيانا عقبة أمام سياسة الرئيس الدولية.
                              
ملاحظة: عضو مجلس الشيوخ ينتخب لمدة ستة (06) سنوات، بينما ينتخب عضو مجلس النواب لمدة سنتين (02).

       - تقييم النظام الرئاسي: إن الإستقلال الذي يتمتع به كل من رئيس الجمهورية و البرلمان بمقتضى حكم الدستور يؤدي إلى وقوف كل منهما على نقيض الأخر.

       إن منع الدستور و سحب الثقة من الرئيس خلال رئاسته يجعله محصنا من التهديد بإسقاطه. و هذه الحصانة تجعل رئيس الدولة غير مسؤول عن تصرفاته الإدارية أو غيرها.

       إن جمع الرئيس بين السلطة الواسعة القوية مع الإستقلال في الوقت نفسه يصل بهذا الوضع إلى الديكتاتورية
تعليقات