أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان

المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان: ترتكز حقوق الإنسان على مجموعة من المبادئ القانونية السامية التي تشكل في مجموعها تراثا حضريا أنسانيا مجيدا يحق للبشرية جمعاء أن تفخر به و قد أجمع القانونيون على شرعيتها و مشروعيتها، وتسعى مختلف المواثيق و الإتفاقيات الدولية المكرسة لحقوق الإنسان على وضعها في مرتبة القواعد الملزمة وليس التوصيات العادية.

تتخلص المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان فيما يلي:
       - الحق في الحرية، و تقرير المصير.
       - الحق في العدل و المساواة.
       - الحق في عدم التمييز العنصري.
       - الحق في التنمية.
       - الحق في الكرامة الإنسانية.

       1- الحق في الحرية و تقرير المصير: تتجسد حرية الإنسان في ممارسة الإختيار و تقرير المصير بموجب سلطان إرادته الحرة التي لا يشوبها عيب،       و حرية المواطن تتجسد عمليا في الميدان الإجتماعي بإقرار حقه في المشاركة في عملية اتخاذ القرار ورسم معالم النظام السياسي الذي يسمح له برعاية هذه الحرية الفطرية.

       لقد شكل موضوع الحرية الشغل الشاغل للإنسان منذ بداية التاريخ وبفضل التضحيات الجسام استطاع الإنسان أخيرا أن يفتك اعتراف الدول و الشعوب          و الأجناس بقداسة وشرعية حقه في العيش حرا كريما أنظر ديباجة الدستور الجزائر 1996.

       إن الحق في تقرير المصير هو تتويج لسلسلة من البطولات و الأمجاد سجلها الإنسان و كتبها بدمائه على عرض صفحات التاريخ.

       و قد لا يتفق الفلاسفة و المفكرون حول معنى واحد محدد للحرية و لكنهم مجمعون على كونها قيمة أساسية في جوهر الإنسان ذاته، فلا تكتمل في الإنسان الكرامة إلا إذا كان حرا، ولا يمكن لشخصيته أن تبرز إذا كان الإنسان مقيدا تابعا لغيره خاضعا، لنفوذه، بل الفقهاء ذهبوا إلى حد استثناء عديم الإرادة سواء كان عبدا       أو مريضا، أو معتوها غافلا أو مجنونا أعفوه من المسؤولية التي لا تقوم إلا بشرط الحرية.

       و يحق لنا نتساءل و نحن بصدد البحث في حقوق الإنسان، هل للحرية     حدود ؟.

هل حق تقرير المصير يعمل لصالح الإنسان أم ضده ؟.

       يعود تاريخ تكريس الحق في تقرير المصير إلى نضال الإنسان و الشعوب من أجل التحر و تصفية الإستعمار، و تعتبر نقطة البداية هي إعلان الرئيس الأمريكي و ولسون عن المبادئ الأربعة عشر.
       فعلا إن من يتمعن بدقة في مضمون الحق في تقرير المصير لا يملك سوى أن يتساءل باندهاش عن معنى الحرية المطلقة التي ينشدها الإنسان... و التي كما لاحظ ذلك الأستاذ شومون هي في الوقت نفسه حق و نفي لذلك الحق، وللتقليل من حدة التناقض في طبيعة الحق في تقرير المصير، يقترح علينا الأستاذ شومون أن نميز بين السيادة التي يريدها الإنسان لكي يعيش حرا، و هي سيادة وجود          و المحافظة على الذات و بين سيادة تسلط تطمح في التوسع غير المنقطع على حساب الغير، و هي سيادة الهيمنة و الفتوحات.

       حقيقة يصعب علينا تحديد معنى واصح للحق في تقرير المصير، فهو ظاهرة سياسية ترفع كشعار و تستند إلى حق أكيد، و لكنها تبقى محطة لأطماع الدول والأنظمة، و تظل لعبة سياسية شعبية سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.

       2- الحق في العدل و المساواة: يندرج هذا الحق من الأمور الثابته لترغيب الإنسان للإنسجام مع الوسط الطبيعي الذي يعيش فيه ومن ثقته في قواعد العدالة الطبيعية التي صوت بين الناس جميعا واعتبرتهم سواسية في نظرا القانون، الناس سواسية كأسنان المشطة، و لا فرق بين عربي و أعجمي ولا بين أسود و أبيض إلا بالتقوى، إن إقرار مبدأ المساواة بين الناس هو انتصار على العبودية و التمييز العنصري، و هو إرتقاء بالفكر البشري نحو و العزة و الكرامة و تصالح مع الذات   و الجماعة و مع الإنسانية.

       و لقد كرس الإعلان الدولي لحقوق الإنسان في مادته الأولى هذا المبدأ،       و نص على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوون في الحقوق و الكرامة،     و من ثم، فلا مجال اليوم للاقتناع بسمو القانون الجميع إذا لم ترسخ في الأذهان مبدأ بين جميع الناس و إذا لم نؤمن بصدق بأن العدل هو أساس الملك و الحكم و لا يكفي للعدل و الإنصاف أن ينحصر في بنود و قواعد نظرية نزين بها المواثيق الدولية و نرفعها في المناسبات كشعارات رنانة، بل يجب أن نسعى جميعا إلى ترجمة هذه القواعد و النوايا الحسنة في الميدان و نفتح المجال لتغيير الواقع الذي هو في الغالب واقع يميل لترجيح كفة القوى على حساب الضعيف، فمثلا ماذا تعني المساواة بين الدول المكرية في النصوص بالنسبة للواقع فأين نضع دولة بنما مثلا ؟  من الولايات المتحدة أو غينيا ؟. من فرنسا...إن المساواة النظرية لا تعني الكثير بالنسبة للدول إذا لم تترجم إلى آليات فنية وقواعد قانونية تسمح للدول الفقيرة من الإستفادة الواقعية و تكافؤ الفرص في مجال التنمية الإقتصادية.

       إن العمولمة لن تستطيع تجنيد شعوب العالم و دوله إذا هي لم تقدم لهم الضمانات الملموسة بأن مجهوداتهم التنموية سوف تؤتي ثمارها و لن تصطدم بحواجز اصطناعية و بيروقراطية تنسفها.

3- الحق في عدم التمييز العنصري: إذا كان هناك إنجاز حضاري يمكن الإنسانية أن تفتخر به، فذلك هو القضاء على التمييز العنصري و مختلف النظم العنصرية التي انتشرت عبر العالم و التي تعتمد على ايديولوجيات فاشية و قاهرة، إن إلغاء نظام التمييز العنصري بجنوب إفريقيا كان بمثابة الضربة القاضية لتحرير الإنسان من قيود العبودية، و تطهير القارة الإفريقية من جرائم الإستعباد.

       إن معركة التحرير مازالت متواصلة للقضاء على مختلف أشكال التمييز العنصري المتفشية هنا وهناك... و التي تنصب أساسا على الجنس و اللون و الدين و اللغة و العرق...إلخ.

       فعلى المستوى العقائدي ... مازال المجتمع البشري يعاني من حملات عدوانية تستهدف تشويه القيم الروحية و العقدية على اساس الدين و العقدية، وما من أحد يمكنه اليوم نكران الحملة الإعلامية المكثفة التي تهدف الدين الإسلامي و تحاول إبرازه كدين عنف مصدرا للإرهاب و التقتيل... إن الحركة الإسلاموية المتطرفة التي اجتاحت العالم انطلاقا من حرب افغانستان ضد روسيا الشيوعية وانفجار الثورة الإسلامية في إيران ثم محاولة تصدير هذه الثورة إلى باقي دول العالم العربي       و الإسلامي كالسودان و مصر و الجزائر و سوريا و لبنان...كل هذه المخططات الصهيونية هي تدابير تندرج ضمن مؤامرة و مكيدة تستهدف النيل من الدين الإسلامي الحنيف و من قيمه الروحية التي تقف حاجزا في وجه الثقافة المادية       و النزعات الإستهلاكية المفرطة التي تحاول العولمة التجارية فرضها على كافة دول وشعوب العالم.

       لعل من المسائل الحساسة التي تثيرها العولمة التقدمية هي قضية المرأة       و تحريرها... فلا يجب أن ننساق وراء هذه الخدعة المكشوفة ...لأن المصير الذي ترسمه العولمة للمرأة، و المكانة الدنيئة التي تحولها إلى جسد للإغراء و سلعة للإستهلاك تنذر بمستقبل بشع و نظرة ملؤها الحقد و الإحتقار...و نفس الإنطباع يمكن الإعلان عليه عندما يتعلق الأمر بإستغلال الطفولة في بلدان أسيا و أمريكا اللاتينية و إفريقيا في مجال الشغل الإحتكاري و المتاجرة بالمخدرات و تشكيل عصابات المافيا.

       4- الحق في التنمية: إن الصراع الدائر بين الدول الغنية و الفقيرة يحتدم بشكل ملحوظ عندما يقتضي الحال تعريف هذا الحق و مضمونه، فبالنسبة للدول الغنية، الحق في التنمية هو أساسا حق للمواطن و لا يمكن أن يكون حق للدول، لأن التنمية مشروع حضاري إرادي... بينما تدفع الدول الفقيرة بأن الحق في التنمية هو أولا حق الشعوب الفقيرة التي تحاول جاهدة توفير الحاجيات الأساسية لموطنيه،     و على كل فبعد نقاش جاد و مناظرات ساخنة انتهى الأمر بدول العالم إلى تبني الإعلان عن الحق في التنمية و لقد تبني هذا الإعلان موقفا هو عبارة عن حل وسط حيث أقر في مادته الأولى: الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان، و في نفس الوقت أضاف في الفقرة الثانية أن الحق في التنمية ينطوي أيضا على حق الشعوب في تقرير مصيرها و يعترف لها بالسيادة التامة على جميع ثرواتها و مواردها الطبيعية.

       و من المفيد لا بأس من التذكير بأن الحق في التنمية هو من المبادئ الأساسية الشاملة في القانون الذي يرسي الأرضية الدستورية و الشرعية لحقوق الإنسان.

       و في هذا الصدد، فإن المادة العاشرة من الإعلان تنص صراحة بأن جميع جوانب الحق في التنمية متلاحمة مترابطة ينبغي النظر إليها في إطار شمولي.

       5- الحق في الكرامة الإنسانية: لم تتبين الإنسانية جمعاء بوضوح معني هذا الحق إلا في السنوات الأخيرة، وبعد أن كشفت لها التجارب و المحن بأن المصدر الحقيق للقيمة هو الإنسان وبأن كل المشاريع الحضارية و البرامج الإقتصادية       و الإجتماعية إنما تستهدف سعادة الإنسان ورفاهيته، وهل يعقل أن يعرف الإنسان طعما للسعادة و الرفاهية إذا لم يكتمل لديه الإحساس بالعزة و كرامة النفس و إذا لم يترسخ لديه الإقتناع بأنه إنسان متميز من بين الكائنات و محمل برسالة حضارية، إن كرامة الإنسان اليوم لا تتوقف على نظرة أحادية مختزلة للجوانب المتعددة التي تشكل شخصية الإنسان و بعبارة أوضح، فإن إنسان الألفية الثالثة إنسان متعدد الأبعاد منفتح على الحضارات و القيم، يطمح إلى عقلانية مستنصرة و نفعية كونية تتجاوز الأفاق و الأفكار.

       فالكرامة الإنسانية ليس معناها أن يكون الإنسان غنيا و لا أن يحتكر الموارد و الطاقات، و لا أن يرتقي إلى مراتب التصوف و الروحيات...و إنما أن تلتقي عنده الخصال الحميدة مع الأفعال و الإنجازات المجيدة بحيث تستغني حياته و يثرى فكره و يتضح منهجه في الوجود، فيؤدي رسالته الحضارية على أحسن وجه و عن قناعة تامة فيدافع عن الأمن و الأمان.

أما مبدأ الحرية فيعد هذا المبدأ المرجع الأساسي لحقوق الإنسان بحيث أنه الشرط الذي بدونه تنعدم هذه الحقوق و لا يكون معنى للحقوق إذا لم يكن الإنسان حرا.

الإعلان الدولي لحقوق الإنسان في: 10/12/1948م: وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في إجتماعها المنعقد بباريس على الإعلان الدولي لحقوق الإنسان      و يعد هذا الإعلان بمثابة الإنجاز الهام التي تحققه البشرية بعد مسيرة تاريخية طويلة و من أهم مميزاته:

أ)- أنه يضفي طابع العالمية على حقوق الإنسان و يكرس دوليا سمو الإنسان كمخلوق و يعترف له بالكرامة.
ب)- يعد بمثابة الهدف السامي التي تصبوا الى تحقيقه كل المجتمعات البشرية عبر دساتيرها و مواثيقها التنظيمية.
ج)- يرمز هذا الإعلان الى أن المجتمعات البشرية بعد تاريخ طويل من الحرب و التضامن إهتدت أخيرا الى مركزية الإنسان في تقييم الحضارات         و الأمجاد التي تشيدها المجتمعات البشرية.

و يتكون الإعلان من 30 مادة تتقدمها ديباجة تنص على ضرورة الإعتراف بكرامة الإنسان و حقوقه المبنية على اساس الحرية و العدل و السلم في العالم      و تؤكد المادة الأولى على أن جميع الناس متساوون في الكرامة و يولدون أحرار يتمتعون بعقول. و ضمائر و أفئدة تقتضي منهم الأخوة و التسامح في المعاملات بينما تقر المادة الثانية بأن كل إنسان له الحق في التمتع بكافة الحقوق و الحريات دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي    و دون أي تفرقة بين الرجال و النساء.

تعليقات