أركان وأساليب جريمة التزوير
لا يوجد اختلاف أو حياد عن القاعدة العامة
لأركان الجريمة، فبالنسبة لجريمة التزوير هي تحتوي على ثلاثــة أركان كغيرها من
الجرائم على عكس ما يراه بعض الفقهاء الذين ينظرون إلى أن جريمة التزوير لا تحتوي
إلا على ركنين وهما الركن المادي والركن المعنوي، دون التطـــرق للركن الشرعــي أو
ما يسمى الركن المفترض وذلك لأنهم لا يعطـــونه أهمية بسبب تغيــره عبر الزمان والمكان.
أما بالنسبة لأساليب لارتكاب
جريمة التزوير فقد بينها المشرع الجزائري في عدة أوجه، في مواد قانون العقوبات
الجزائري والتي تنص على أنواع وأساليب التزوير والتي سيأتي الذكر عليها لاحقا في
هذا المبحث.
أركان جريمة التزوير
الركن الشرعي(المفترض):
ويتعلق بنظرة المشرع الجزائري لماهية هذه
الجريمة فيعرفها ويبين صفة الجاني أو الفاعل في مدلول نص المادة ويضفي على العقوبة
مبدأ الشرعية بسبب تجريم الفعل وجناية الفاعل. حيث عرفه الفقهاء على أنه:"نص
التجريم الواجب تطبيقه على الفعل". (1)
أو بعبارة أخرى:"هو ذلك النص القانوني الذي يبين الفعل المكون
للجريمة، ويحدد العقاب الذي يفرضه على مرتكبيها استنادا إلى أن العمل الضار
بالمصالح الإجتماعية، لا يعتبر جريمة إلا إذا اعتبر نصا في قانون العقوبات ويتطابق
معه ويعطيه صفة عدم المشروعية".(2)
بهذا المعنى فإن النص الذي ينص على التجريم يصبح أمرا ضروريا لقيام الجريمة،
إذ أن بانتفائه تنتفي الجريمة، ولهذا فهو ركن من أركان الجريمة كما ورد في قانون
العقوبات الجزائري في نص المادة الأولى منه على أنه "لا جريمــة
ولا عقوبة ولا تدابير أمن إلا بقانون".
وهذا ما يجعل القانون
الأساس الأول لتجريم الفعل من عدمه وهو الذي يحدد العقوبة
وعليه فإن الركن الشرعي لجريمة
التزوير حدده المشرع الجزائري في فصل كامل يحتوي على 56 نص قانوني"
مادة " من مواد قانون العقوبات الجزائري والتي إشتملت صفة الجاني ونوع
الجرم الذي اقترفه، كما حددت نوع العقوبة المسلطة على ذلك الفعل. وعبر على ذلك بنص
المادة 197:"يعاقب بالسجن المؤبد كل من قلد أو زور أو زيف...."
في مثال نأخذه لاستنباط الركن الشرعي من هذه الجملة فنقول: بان النص الشرعي قد حدد
لنا الفعل المجرم وصفة الجاني التي نعتها المشرع في هذه المادة بقوله:"كل
من قلد أو زور أو زيف...".
وفي مواد أخرى على سبيل المثال أيضا كالمادة 214:"كل قاض أو
موظف أو قائم بوظيفة عمومية أرتكب تزويرا...."، المادة 223:"كل
من تحصل بغير وجه حق على إحدى الوثائق المزورة المبينة في المادة222....".
وعلى غرار هذه المواد التي أوردناها على سبيل
المثال فان الركن الشرعي لجريمة التزوير يتمثل في 56 نص شرعي من مواد العقوبات
الجزائري.
الركن المادي:
إن الركن المادي لجريمة التزوير
لا يتحقق إلا بوجود الفعل الضار أي التزوير أو التقليد أو التزييف المؤدي إلى
إنتاج ضرر بالغير وعلى حسب ما نص به القانون وهو تغيير الحقيقة بطريقة أو بأخرى.
واتفق الفقهاء على أن الركن المادي لكل جريمة يحتوي على ثلاثة عناصر يقوم
عليها وهي: السلوك الإجرامي، النتيجة و العلاقة السببية الرابطة بينهمــا والسلوك عندنا هو تغيير الحقيقة، أما
النتيجة فهي الضرر المترتب عن التزوير، و أما العلاقة السببية تكون مستخلصة في
حقيقة هل وقع الضرر نتيجة لقيــام فعل التزوير أم لا.
السلـوك:
هو ذلك الفعل المجرم قانونا و الذي يترتب عنه
الإضرار بالغير و لزوم معاقبة مرتكب هذا الفعل ، و قد يكون هذا الفعل ماديا كما قد
يكون معنويا حيث أن
الفعل في جريمة التزوير قد يكون ماديا مثلما هو
على الورق، ومعنويا كشهــادة الزور أو انتحال شخصية مثلا، أو كلاهما يفيد تغيير
الحقيقة التي نقصد بها إنشـاء حقيقة أخرى مخالفة أو تحريف حقيقة قائمة، بحيث لا
تقوم الجريمة إلا إذا حدث هذا التغيير الذي يستوجب العقاب بعدما تبين بأنه أنتج
ضررا للغير.
النتيجة:
و تتمثل فيما يسببه الجاني من ضرر أو خطر يصيب أو
يهدد مصلحة محمية قانونا. و على هذا الأساس تكــون النتيجة في جريمة التزوير هي
التعـدي على حق الغير في ملكية أو حلول أو مصلحة شخص آ خر....إلخ . و يؤدي الأخذ
بهذا المفهوم إلى القول بأن النتيجة هي حتمية تجريم الفعل من عدمه ، ومثال ذلـك فـي
جريمـة التزوير الكثير غير أننا سنأخذ على سبيل الاستشهاد المادة 255
:"...و ذلك بقصد أن يعفي نفسه ،أو يعفي الغير من أية خدمة عمومية
كانت...".
والنتيجة كانت هي الإعفاء من أية خدمة
عمومية مهما كانت بسبب تزوير وثائق طبية في سياق الإستدلال بهذا النص القانوني.
العلاقة السببية:
وهي الصلة التي تربط بين الفعل
المجرم قانونا (السلوك) والنتيجة المترتبة عنه(الضرر) بمعنى أن تكون
النتيجة مرتبطة بالفعل الإجرامي وناتجة عنه،فإن لم تنتج عنه انتفى الرابط بينهما
حتى وإن كان الفعل المجرم قد وقع فعلا.
ونستنتج بأن الركن المادي يتحقق
بوقوع الفعل الإجرامي، مترتبا عنه وجود نتيجة بصلة تربط بينهما وهي العلاقة
السببية.
الركن المعنوي:
يقصد بالركن المعنوي الجانب الشخصي
والنفسي للجريمة فلا تقوم الجريمة بمجرد الواقعة المادية التي تخضع لنفس التجريم،
بل لابد من أن تصــدر هذه الواقعة من إرادة فاعلها أو ترتبط بها ارتباطـا معنويا. فالركن
المعنــوي هو الرابطة المعنوية أو الصلة النفسية أو العلاقة الأدبية التي تربط بين
ماديات الجريمة ونفسية الفاعل بحيث يمكن أن
يقال بأن الجريمة نتيجة إرادة الفاعل .
و بالتالي فإن قيام هذه الرابطة هي التي تعطي
الواقعة وصفها القانوني و تكتمل صورتها وتوصف بالجريمة ويعتبر هذا الركن شرطا هاما
لقيام الجريمة و مفاده التمييز بينما يمكن المساءلة عنه و ما لا يمكن أي بين أفعال
الإنسان التي لا ترتبط به ففي الأولى لا يكون مسؤولا و في الثانية لا يسأل حيث تنعدم
الرابطة النفسية و بالتالي فلا قيام للجريمة أصلا. و تتخذ إرادة
الفرد في اتجاهها لتحقيق الجريمة صورة من الصوتين الأتيتين:
الصورة 1:
و هي صورة الإرادة الفاعلة التي تقصد تحديد
إحداث النتيجة على النحو المنصوص عليه وتسمى بالقصد الجنائي.(1)
الصورة 2:
و هي صورة الإرادة المهملة التي تقوم
بالفعل فتقع النتيجة عن غير قصد و تسمى النتيجة بالخطأ. (2)
غير أن جريمة التزوير هي من الجرائم العمدية بحيث
تتجه إرادة الجاني إلى إحداث السلوك الإجرامي المنحرف بتغيير الحقيقة في محل
التزوير مما يوضح لنا بأن الصورة الأولى تتجلى في هذه الجريمة فيتوضح لنا القصد
الجنائي جليا عن إرادة فاعلة مسبقة.