و عرفه الدكتور / يوسف الأبيض بأنه:
"تغيير الحقيقة أو تزيين الكذب أو إلباس الباطل ثوب الحق"، في
كتابه :"بحوث التزييف و التزوير بين الحقيقة و القانون".(2)
و إستند الدكتور/ عبد
المنعم سليمان في تعريفه لجريمة التزوير على تعريف الفقيه الفرنسي إميل غارسون
حيث قال : "التزوير هو تغيير الحقيقة بقصد الغش في محرر بإحدى الطرق التي
نص عليها القانون تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا".(3)
كما نستخلص بأن جريمة التزوير تقع عن طريق
التقليد و التزييف و التحريف و تزيين الكذب بقصد الغش، والقيام بهذه الأفعال تغيير
للحقيقة أو إخلال أمر تصحيح محل أمر صحيح، أو إدخال إضافات أو حذف أو تعديل شيء
صحيح في الأصل من شأنه أن يسبب ضررا.
خصائصها:
تتميز جريمة التزوير بخصائص تميزها
عن غيرها من الجرائم الأخرى و يظهر ذلك من خلال إخلالها بالثقة العامة،و مساسها
بأمن الدولة واقتصادها و أهدافها و مخططاتها،كما يظهر تأثيرها كذلك على الأفراد و
ممتلكاتهم،حقوقهم و معاملاتهم القانونية و الإدارية سواء كانوا أشخاصا ماديين أو
أشخاصا معنويين.
وسنتطرق لهذه الخصائص من خلال:
الخاصية 1: جريمة ذات طابع دولي:
لعل ما يميز جريمة التزوير عن غيرها
من الجرائم هو طابعها الدولي ،بسبب الإتصالات السريعة بين أقطار العالم و
المبادلات الإقتصادية و الإتفاقيات الإجتماعية و الثقافية بين الدول،و مع إنتشار
المعلومة العلمية بشكل سريع على مستوى العالم الحديث. ومن خصائص العولمة ما يستوجب
أن تنظر إليها السلطات
ــــــــــــــــــــــــ
1.2.3/ الأستاذ فوضيل
العيش: قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات وفقا لتعديلات20 /12/2006 كلية
الحقوق –الجزائر-2007
المعنية في كل دولة نظرة ذات أهمية خاصة
في سبيل مكافحتها و العقاب عليها و ملاحقة مرتكبيها و يبدو ذلك من خلال النقاط الآتية:
أ/ إنتشار طرق
المواصلات و سرعتها بشكل يربط دول العالم بعضها ببعض إقتصاديا و إجتماعيا.
ب/ أن عملة كل دولة
أصبحت حاليا وسيلة مبادلة دولية لها أسعار محددة في الأسواق،و الوظيفة الإقتصادية
للنقود من حيث كونها وسيلة مبادلة بين الدول تتعدى حدود الدولة نفسها.
ج/ عملية التزوير
غالبا ما تتم في بلاد أخرى،حتى يبعد المزيفون الشبهات عن أنفسهم و يكونوا في مأمن
من إكتشاف مصدر إنتاجهم الرئيسي بسهولة.
د/ عصابات التزوير و
التزييف تتكون من أفراد ينتمون إلى جنسيات مختلفة و قد إنتشرت هذه العصابات التي
إهتمت بتزوير العملة ذات القدرة الشرائية العالمية مثل العملات الأمريكية التي يتم
تزويرها في بلد آخر كإيطاليا،ثم تروج إلى بلد آخر يكون التعامل فيه بالنقد الأجنبي
ممنوعا.(1)
هـ/
إن جرائم التزوير و التزييف لا تشكل خطرا إلا على
الدولة التي تم التزوير أو التزييف في أحد محرراتها أو عملتها فحسب، بل إن أثرها
يمتد ليشمل الدول التي وقع التزييف و التزوير على أرضها و أيضا يشمل الدولة التي
يتم الترويج فيها و هذا ما يزعزع الثقة في أداء المبادلات التي تمثلها العملة كما
تكون مشكلة خطر على العلاقات الإقتصادية بين الدول.
الخاصية 2: جريمة التزوير
إقتصادية :
تمس جريمة التزوير الإقتصاد الوطني
بدرجة كبيرة،و تظهـــــر هذه الجريمة في تزوير النقود بحيث إذا إنتشرت النقود
المزورة بإحدى الدول يترتب عن ذلك ظهور أزمة إقتصادية ،كما تفقد هذه الدولة الثقة
في عملتهـــا سواء داخليا في التعامل بين الأفراد،أو خارجيا في التعامل مع
الدول،علاوة على ذلك فإنها تعتبر إعتداء على سيادة الدولة و حقها في إصدار
النقود،كما تشكل إعتداء على حق الأفراد، وبالتالي فإنها تمثل إهدارا للموارد
المالية للأفراد والدخل الوطني (2)
ــــــــــــــــــــــ
1/ د. عبد الفتاح
مراد: التحقيق الجنائي الفني والبحث الجنائي.دار النشر الإسكندرية-مصر-2006 ص142
2/ د.فرح علواني
هليل: جرائم التزييف والتزوير والطعن بالتزوير وإجراءاته.د م ج-مصر-2006ص58
بالإضافة إلى أنها تعتبر جريمة
مساهمة، ذلك لأنها ترتكب بمعرفة و مساعدة عصابات منظمة، لأن تنفيذها يحتاج إلى
إستخدام عدد كبير من الأفراد ذوي الخبرة الفنية و العلمية.
الخاصية 3:جريمة التزوير ذات طابع ذهني علمي.
إن جريمة التزوير تعتمد على المعلومات
والمعارف الفنية و التكنولوجية التي فرضتها الحضارة والمدنية الحديثة، و يتطلب
إرتكابها تجنيد مختلف العلوم التقنية و الفنية والصناعية،فهي تستلزم تخصص وتفنن
المصور و الرسام والحفار والسباك،و غيرهم من ذوي المهارات الفنية المتخصصة والحرف
كما أنها تحتاج لعمليات وحسابات ذهنية معقدة.
أهميتهــــا:
تعد جريمة التزوير من الجرائم ذات الأهمية
البالغة من حيث درجة خطورتها على كل دولة و لهذا خصصت الدولـــــــة كل الإمكانيات
العلمية والتقنية والأمنية من أجل مكافحتها والقضاء عليهـــا و يظهر ذلك من خلال
تخصيص خبــــراء لفحص هذه المستنـــدات والعملات المزورة وتخصيص رجال أمن مكلفين
بمتابعة الجناة والقضاء عليهم وتظهر أهمية هذه الجريمة من خلال:
أ/ تعد جريمة التزوير
إعتداء على سيادة الدولة صاحبــة الحق لأنها تعتبر الجهة الوحيدة المختصة في إصدار
العملات و لا ينازعها في ذلك أي سلطة، كما أن تزوير المستندات و المحررات و الدمغات
و أختام الدولة يعد إعتداء على الدولة ومصالحها السياسية و الإقتصادية و الإدارية
و الأمنية.تحدث عملية تزوير النقود إخلالا بالذمة المالية للدولة صاحبة الحق و
تضيع عليها فرص الربح و فوائد الإصدار وكذلك الإخلال بالثقة العامة المفروض
توافرها في العملة المتداولة.
ب/ كما تعد عملية
التزوير إعتداءا على الذمة المالية الخاصة بالأفراد الذين يتقبلون العملة المزورة
بحسن نية و من ثمة تسبب لهم خسائـــر ماديــة نتيجة لذلك، و ما تحدثه هذه العملات
من إضطراب في المعاملات بين الناس فيمــا يخص العملات المزورة.و كذلك زعزعة الثقـة في المستنـــدات و
المحررات التي تلحق ضررا بمصالح الدولة و الأفراد.
ج/
ومن جهة أخرى فإن ما
يتطلبه إرتكاب هذه الجريمة من خطوات ومراحل متعددة ومهارات فنية أو صناعية معينة في
من يرتكبها و خطورة خاصة قد لا تتوفر في الجرائم الأخرى وقد يمتد أثر هذه الجريمة
إلى أكثر من دولة بقصد الإساءة أو الانتقام كنوع من أنواع الحرب الإقتصادية