عناصر جريمة
التزوير
باعتبار التزوير هو تغيير الحقيقة في المحرر ،
ويمثل تغيير الحقيقة السلوك الإجرامي المكون للركن المادي الذي من شأنــــه أن يسبب
ضررا. فلم يختلف الفقهــاء في شأن التزوير مثلما اختلفـــوا حول المقصود بالمزور وطبيعته،
وهل يعتبر عنصرا من عناصر القصد الجنائي لدى الجاني ؟
ومن هذا المنطلق سنتطرق لدراسة العناصر الثلاثة
المكونة لجريمة التزوير والمتمثلة في المحرر باعتباره محلا للجريمة، تغيير الحقيقة
باعتبارها النشاط الإجرامي وأخيرا الضرر باعتباره النتيجة المترتبة عن هذه
الجريمة.
المحـــرر:
لم يتطرق المشرع الجزائري إلى
تعريف صريح عن المحرر الذي ينصب عليه الفعل الإجرامي لذا عرفه الفقه على
أنه:"كل مسطور يتضمن أفكارا أو معاني معينة أو محددة مترابطة فيما بينها
تتكشف عن شخصية محررها وتفيد ارتباطه بما تدل عليه هذه الأفكار التي تنتقل من شخص
إلى آخر عند مطالعة المحرر أو النظر إليه".
كما عرف أيضا على أنه كل محرر مكتوب
يفصح عن الشخص الذي صدر عنه ويتضمن ذكر واقعة أو تعبير عن إرادة من شأنها أن تنشأ
مركز قانوني أو تعدله أو تنهيه سواء أ عد هذا المحرر لذلك أو ترتب عليه هذا الأثر
بقوة القانون.
وأهم ما يمكن أن نستخلصه هو أن المحرر المكتوب
يكون محلا لتغيير الحقيقة كما أنه هو الذي يكشف عن حقيقة شخص
تغيير الحقيقة:
يمثل
عنصر تغيير الحقيقة السلوك الإجرامي المكتوب والمدعم للركن المادي لجريمة التزوير
والذي يتم بإحداث أحدث الطرق التي وضحها القانــون
الجزائري فبعضها يعتبر هذا التزوير ماديا و
البعض الآخر يعتبـــــر تزويرا معنويا.
و نقصد بتغيير الحقيقة إبدالها بما يغيرها و بالتالي فلا يعتبر تغييرا لها
أي إضافة لمضمون المحرر أو الحذف منه طالما كانت الحقيقة المستنبطة منه بنفس
حالتها قبل الإضافة أو الحذف.
و هذا يعني أننا نكون أمام تغيير
الحقيقة إذا ترتب عليه ظهور حقيقة جديدة أو تضخيم الحقيقة التي كانت موجودة أو تحريفها.
(1)
استخلاصا لما سبق نستنتج أن تغيير الحقيقة هو
قوام الركن المادي لجريمة التزوير الذي من شأنه أن يسبب ضررا جراء هذا الفعل
المجرم قانونا.
الـضـــــرر:
يمكن تعريف الضرر على أنه:" ذلك الإخلال
بحق أو بمصلحة يحميها القانون و له صور متعددة".
وقد انقسمت آراء
الفقهاء حول تكييف عنصر الضرر في هذه الجريمة. فمنهم من قال: بان الضرر ركن
مستقل بذاته في جريمة التزوير.
كما
قال البعض الآخر بعكس ذلك وبأنه: ليس إلا عنصرا من عناصر الركن المادي باعتباره
وصفا لنتيجة تغيير الحقيقة الذي لا يجرمه القانون بوصفه تزويرا إلا إذا كان ضارا.(2)
و الواقع أن اعتبار العنصر ركنا على حدا عن أركان التزوير أو إدراجه ضمن
الركن المادي ليس من شانه ترتيب أية آثار مختلفة، فموقع الضرر في جريمة التزوير
ضروري لقيام الجريمة باعتباره عنصرا جوهريا من عناصر هذه الجريمة، فإذا تخلف الضرر
انتفى التزوير بمعنى أن الضرر ينتفي إذا لم يكن ممكننا أن يمس بالحق المشروع
للأفراد.
وتطبيقا لذلك لا يرتكب تزويرا من
يصطنع محررا يدعي فيه لنفسه حقا في ذمة شخص وهمي ولا يتصور أيضا حدوث الضرر لعدم
وجود الحق أو المصلحة التي يحميها القانون إذا كان المتهم بالتزوير قد انشأ لنفسه
سندا للإثبات متركزا على
حق قانوني ثابت و حقيقي وقت العمل .
وخلاصة القول يمكن أن نقول بأن الضرر
المتطلب لقيام جريمة التزوير له صور متعددة وتحقق أي صورة يكفي لقيام هذه الجريمة.
ومفهوم جريمة التزوير أوسع من أن نحصره في بضع
جمل أو صفحات إذ أنه وعلى حسب المصطلحات التي استعملها المشرع الجزائري تتمتع
بالتحول والاتساع في الفعل وصفة الفاعل ونوع الضرر الناتج عن هذه الجريمة التي
تنتقل من جناية إلى جنحة على حسب الضرر الناتج عنها في بعض الحالات، وعلى حسب صفة
الجاني في الحالات الأخرى. وهذا ما سنلاحظه فيما سيأتي لاحقا.
وعليه كيفما كان التزوير وكيفما كانت
أساليبه فإنه يخلف ضررا في كل الأحوال.