مشاكل الإستدلال و التحقيق و الإثبات في الجريمة الإلكترونية

0
مشاكل الإستدلال و التحقيق و الإثبات في الجريمة الإلكترونية
                 
إن إثبات الجريمة من العقبات التي يعمل الخبراء على كسرها من أجل إيجاد وسائل لإثباتها و بالتالي فهي تتطلب خبرة فنية عالية و اعتماد أسلوب واضح لتحقيق و لا كن قبل هذا يجب أن نبين نوعية الدليل في هذه الجرائم (1).


المطلب الأول: الأدلة في الجريمة الإلكترونية

لا يترك المجرم المعلوماتي أو الإلكتروني في الكثير من الأحيان آثار تقودنا إليه من أجل معاقبته، و هذا راجع لكون أن الجريمة مسرحها الشبكة العنكبوتية التي توصف بأنها عالم افتراضي، فكيف لعالم افتراضي أن يبقى على الأثر لحين اكتشافه (2) .
           فبدون أي شعور قد تتعرض للسرقة أو تخترق المواضع دون ترك أي دليل مادي.


الفرع الأول: عدم ظهور الدليل المادي

كما وضحنا سابقا أن الجريمة المعلوماتية تتم ببيئة لا علاقة لها بالورق أو المحررات فعن طريق "كليك" ((clique بسيط يمكن تغيير الكير من المعلومات في وقت قصير، فيصعب استخلاص الدليل المادي لهذه الجريمة، لأنه في عالم غير واقعي.
فهناك الكثير من المواقع التي تحث على الإرهاب و الانتحار و لا يعرف حتي مالكها الحقيقي، لذا فإنع لابد من وضع أجهزة مراقبة و برامج من أجل تفادي الاختراق القرصنة، و تأهيا المحققين لتعامل مع المجرمين الذين يتمتعون بمؤهلات عالية.








ــــــــــــــــــــــــ

1-أستاذ -محمد أمين الرومي – المرجع السابق ص 141
2-دكتور –محمد عادل ريان- المرجع السابق ص 82
و من مبررات عدم ظهور الدليل المادي هو أننا نتعامل مع معلومة-هذه المعلومة-هي الوسيلة لاقتراف الجريمة (1) المعلومة التي كانت في أصل فكرة، جسدت في قالب فني و قد أكدت إحصائيات أمريكية ان الموظفين العاملين بالمؤسسات التي تعتمد على نظام المعلوماتية هم انفيهم الذين يقومون باختراق أجهزة المؤسسات و الإختلاص لدرايتهم بالثغرات الأمنية الموجودة و التعامل معها و بالتالي عدم إمكانية ظهور الدليل المادي و يعمل المجرم المعلوماتي على التخطيط الجيد من أجل عدم ترك دليل مادي، حتي و إن تركه فإنه بإمكانه العودة و محوه قبل وصول أيدي العدالة إليه.

الفرع الثاني: عدم رؤية الدليــــــل .

                لكل جريمة طريقة لاقترافها وكيفبية معينة يستخلص منها الدليل لادانة المجرم .فمثلا انتحال الشخصية في بطاقة الائتمان تتم عن طريق معرفة كلمة السر ، وتدمير معلومات أو العبث فيه يتم عن طريق الخرق الآلي .

فكل هذه الأفعال غير المشروعة ، الدليل فيها غير مرئي فقط لأن هؤلاء المجرمين يستخدمون أساليب و تقنيات عالية ، فقد تحولت اساليب النقل المعلوماتي من التمثيلي الى الرقمي و اصبحت المعلومة عبارة عن نبضات الكترونية غير مرئية تجوب شبكات مشفرة(2).
وقد وصلت ببعض العصابات الإيطالية من محترفي خرق الشبكة  إلى تصميبم برنامج للمحو التلقائي لأي أثر ناتج عن إختراقهم مما يؤدي بالضرورة إلى إستحالة رؤية الدليل . ومما يزيد من صعوبة عدم رؤية الدليل التالي :
·       عندما تراجع الشركات التجارية معاملاتها فهي لا تهتم كثيرا بإختراقات البسيطة لأنظمتها الموجودة على الشبكة .
·       في بعض الحيان النادرة قد يرى الدليل و لكن لا تقوم معظم الشركات التجاريةة بالتبليغ و هذا خوفا على سمعتها التجارية .
·       ذكاء المجرم و تنوع أساليب الاحتيال و عدم الاهتمام بالوسائل الوقائية الأمنية ، يجعل من الصعب رؤية الدليل من أجل ادانة المجرم وسط هذا الكم المعلوماتي .

ــــــــــــــــــــــــــ
-1- د عبد الفتاح بيومي حجازي : المرجع السابق ص34.
-2- لا يستطيع الإنسان قراءتها بل الألة هي التي تقوم بذلك

الفرع الثالث : عدم ترك الأدلـــة
       
 في الجريمة العادية عادة  يترك السارق المختلس أو القاتل آثار مادية يمكن ان تستدل بها سلطات التحقيق من أجل إدانة المجرم .

وبما أن الجريمة الالكترونية هي جريمة متخصصة فحتى المجرم المعلوماتي أو الالكتروني له طبيعة خاصة ففي الكثير من الأحيان يمكنه محو ما قام به أو مسح آثار الجريمة سواء عند نشر الفيروس أو الاختلاس أو الخرق الآلي أو التسلل الى الموقع .

ونقصد بالأدلة و عدم رؤيتها وعدم تركها للأثر هي تلك الأدلة التي تقودنا الى الجاني لمعاقبته و ليس الاثار التي يفهم منها التأثيرات الانحلال الخلقي للشباب .

مثلا عند نشر الفيروس فآثاره مدمرة بينها تعطيل الأجهزة و عند تشويه المعلومات على الموقع فلذلك آثاره و لكن ليست هي الآثار المقصودة بل المقصود هو الدليل الذي يقودنا الى المجرم ، وتعزى صعوبة ترك الأثر في هذه الجرائم إلى ما يلي :

01-      ذكاء مرتكبي الجرائم في محو الآثار .
02-      ضعف طرق الاستدلال حتى بالنسبة للآثار البسيطة التي تخلفها الجريمة .
03-      التعقيد الذي يتميز به الكمبيوتر وشبكة الانترنيت .
04-       لاحدودية الشبكة حيث لا يمكن تقفي آثاره و لو وجدت .
05-       في الأخير قد يرجع المجرم عند اكتشاف أثر هذه الجريمة الى خطأ في الحاسب الآلي أو الشبكة أو الأجهزة (1) .










                     ــــــــــــــــــــــ

 -1- د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، المرجع السابق .. ص 46 .
المطلب الثاني : مشاكـــل الاستـــــدلال

كما ذكرنا سابقا فإن مشاكل اثبات الجرا\م الالكترونية أنها تترك أثر كما أنه يصعب الاحتفاظ بالآثار ، بحيث تعتمد على التقنيات العالية حيث يصعب الاستدلال فيها و مع صعوبة إثباتها ، إلا أن ما يزيد الوضع سوءا هو الاحجام على الابلاغ و نقص الخبرة ، و هو ما سنحاول تبيانه في هذا المطلب .


الفرع الأول : عــــدم الإبـــــلاغ .

                إن عدم الإبلاغ من طرف الأشخاص الذين شاهدوا المجرم عند قيامه بالجريمة هو ما زاد الوءا في عدم اكتشاف الجريمة . ومن أسبابه نجد :

·       عدم ابلاغ الشركات وخصوصا التجارية منها بعمليات الخرق التي يقوم بها المجرم المعلوماتي و هذا خوفا على سمعتها التجارية ، وهروب الزبائن من التعامل معها .
·       إن هذا الإبلاغ يتسرب الى المجرم المعلوماتي و بالتالي تكشف الثغرات الأمنية في النظام المعلوماتي .
·       نقص الغطاء تشريعي لهذه السلوكيات .

وقد يحدث أن يبلغ عن سلوكيات مشبوهة للمجرمين المعلوماتيين و لكن في الكثير من الأحيان لا يمكن اكتشاف الشخص الذي قام بالسلوك الإجرامي .، فمثلا جريمة نشر فيروس في الكثير من الأحيان لا يمكن اكتشاف الشخص الذي قام بنشره ومما يزيد من مشكل عدم الابلاغ ما يلي :
·       المعرفة المتأخر من أن الجهاز  أصيب بفيروس عن طريق الشبكة
·       ضخامة الأضرار حيث أن الفيروس ليس مقيد برقعة جغرافية معينة
·       تحويل الشبكة لساحة من المعارك بين الدول مما أصبحت المعاملات التجارية غنيمة سهلة للإختراق.

و على ضوء هذه الصعوبات عرضت بعض الإقتراحات على لجنة خبراء مجلس أوربا و لكن قوبل هذا الإقتراح بالرفض لأن الشركة التي تم التسلل لموقعها تصبح هي الجانية و ليست المجني عليها .

و من الصعوبات التي تواجه الإبلاغ أيضا هو عدم وجود شبكة دولية فعلية للتابدل المعلوماتي .

الفرع الثانـــي : نقص الخبـــرة

               
                إن صعوبة إكتشاف الجريمة بالدرجة الأولي مرده الى نقص خبرة المحققين مما يضعنا أمام معادلة غير متكافئة طرفها أجهزة التحقيق بنقص خبرتها في مجال الكمبيوتر و الأنترنت و الطرف الآخر قراصنة محتلون و منحلون أخلاقيا يتمتعون بمهارات عالية يواكبون كل جديد في عالم المعلوماتية .

                و قد وصل بعض المجرمون المعلوماتيين الإطلاق على أنفسهم إسم النخبة أما رجال الشرطة فقد أطلقوا عليهم إسم الضعفاء و نلاحظ أن عملية سن التشريعات أبطأ من عملية الإجرام و هذا في العالم كله دون إستثناء و من العوامل المساعدة في نقص الخبرة في الجرائم المعلوماتية هي :
- عدم تخصيص أموال من أجل التأهيل الجيد للمحققين.
- حداثة الجريمة و خصوصيتها التي لم يعتد عليها رجال الشرطة. مما جعلهم قاصرين في مواجهتها
- ضخامة المعلومات الموجودة على الشبكة و إنتشار أجهزة الكمبيوتر مما يصعب عملية التحقيق .
- الأنترنت بيئة خصبة للسلوك الإجرامي .
- التطور السريع للتقنية الحديثة .
- عدم وجود هيئات قضائية مختصة .
- وجود مواقع على الشبكة تسهل عملية إرسال البريد الألكتروني دون الحاجة الى ذكر البياتات اللازمة مثل معرفة المرسل .

و يميل الفقه الجنائي الى القول بضرورة تنتمية الخبرة و المهارات للأشخاص المتخصصين لوضع مناهج مدروسة للتدريب على التحقيق إثباتها  مراعين في ذلك خصوصية التطور التقني السريع دون إهمال التعاون الدولي في مثل هذه الحالات .











الفرع الثالـث: عدم وجود تعاون دولي

في ظل الصراعات التس أصبحت سمات هذا العالم ، يعصب إيجاد تعاون دولي حقيقي من أجل مكافحة الجريمةالإلكترونية أو حتي التعاون من أجل كشف الجريمة .
                فكما بينا سابقا قد يتم السلوك الإجرامي في بلد معين و لكن النتيجة تحدث في بلد أخر ، كأن تقوم مجموعة من المجرمين بتشويه معلومات معينة  و ليس بالضرورة أن ينتج هذاالسلوك وأثاره في بلد المجرمين .

-         فتضارب الصالح .
-         و إختلاف النظم القانونية
-         و عدم الإتفاق على تعريف جامع مانع لهذه الجريمة ، فما هو محضور في الجزائر من الناحية الأخلاقية مباح في غيرها من الدول .

التطور السريع للجريمة و المعالجة البطيئة للحالات ، ساعد المجرم المجرم المعلومات يعلى الإستفادة من هذه العقبات للعبث و التخريب و القيام بالجريمة و بالتالي فإن التعاون الدولي مهم عند التعامل مع هذه الجرائم ، لأنه سوف يطور أساليب متماثلة للتحقيق و يوجد قانون جنائي و إجرامي لحماية شبكة المعلومات الدولية .



















المطلب الثاني : إعتماد الخبرة و المعاينة في إثبات الجريمة

               الطابع الخاص الذي تتسم به الجريمة أدى ببعض التشريعات الى تتبنى الخبرة و المعاينة كأسلوبين للإثبات و التحقيق في الجريمة .

الفرع الأول : الخبـــــرة

              قد تعتمد الخبرة من أجل كشف الجريمة الإلكترونية و هذا ما تحاول تطويره بعض الدول  التي سنت تشريعات لمكافحة الجريمة الإلكترونية.

و لكن أي نوع من الخبرة ؟

             إن الخبرة المطلوبة من أجل إثبات هذه الجريمة يجب أن تكون من نوع خاص يتماشى و خصوصية الجريمة و قد تعمل بعض البلدان على إعادة تأهيل بعض ما يسمى بالمجرمين المعلوماتيين من أجل الإستفادة من خبراتهم في الإختراق و القرصنة(1) .

             و كما ذكرنا يجب أن يتوفر الخبير على مؤهلات عالية و مقدرة فنية و خصوصا :
* يجب أن يعرف تركيب الكمبيوتر .
*معرفة شاملة لشبكة الأنترنت .
* التعامل مع الجريمة التي خلفتها الجريمة .
* كيفية عزل النظام المعلوماتي و الحفاظ على الأدلة دون تلف .











ـــــــــــــــــــــــــ

 -1-د- أسامة أبو الحجاج –دليلك الشخصي الى الأنترنت –نهضة مصر –القاهرة -1998 –ص-20



الفرع الأول : المعاينـــــة

             قد يكون الحل في بعض أنواع الجرائم اللإكترونية ، و لتكون المعاينة لا بد من وجود مسرح الجريمة ، و هذا ما يصعب تحديده و بالتالي صعوبة الحفاظ عل الآثار المادية هذا إن وجدت و قد يكون الفارق الزمني بين حدوث الجريمة و إكتشافها أو التحقيق فيها كبير و من أجل المعاينة لا بد من التبليغ و الشخص المبلغ له يجب أن يكون عالما بالتقنية من أجل التحفظ على الأدلة إن وجدت .

و أن يأخذ عدة إحتياطات كأن:

- يضمن عدم إنقطاع التيار الكهربائي للحفاظ على المعلومات .
- العمل ضمن فريق و خطة مدروسة للإستدلال عن طريق معاينة الآثار التي يمكن تركها.
و من بين المداهمات التي قامت بها الشرطة المعلوماتية في فرنسا مداهمة منزل شخص كا يستغل الأطفال جنسيا عن طريق الأنترنت و نشر الصور الإباحية (1)

              فتمت المعاينة و القبض عليه و حجز مختلف الأجهزة المتصلة بالأنترنت و يعرف عنوان هذا الشخص عن طريق -IP- أي هوية الجهاز .فبمجرد الإتصال بشبكة الأنترنت هناك عنوان و رقم معين للجهاز الذي يستخدمه الشخص.

              كما أن هناك بعض البرامج الحديثة تمكن المحققين من كشف كلمة السر من أجل معاينة المواقع و لكن في الكثير من الأحيان يساء إستخدامها و التلاعب بها ، من طرف المجرمين و بالتالي فإن تأهيل الضبطية القضائية و إعادت النظر في التشريع الذي ينظمها أضحى ضرورة لا بد منها من أجل فتح المجال للعمل الإستدلالي .










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه