ملخص بحث المسؤولية الجنائية للشخصية المعنوية العامة في القانون السعودي

0
، فهي تعني تحميل الإنسان نتيجة عمله، فالإنسان يسأل عما يقع منه من مخالفة في أفعاله وتصرفاته سواء أكانت سلبية أم إيجابية.
المطلب الثاني: التعريف بالجنائية ، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: تعريف الجنائية في اللغة، فالجناية تطلق على الذنب وعلى الجرم والجريمة في اللغة من الجرم وهو القطع، والجرم التعدي، والجرم الذنب، والجمع أجرام وجروم .
الفرع الثاني: تعريف الجنائية فقهاً ، قيل أن الجناية في الشرع خص بفعل محرم حل بالنفوس والأطراف، فالأول يسمى قتلاً، والثاني يسمى قطعاً.
وقيل الجناية: اسم لما يجنيه المرء من شر اكتسبه، تسمية للمصدر من جنى عليه شراً وهو عام إلا أنه خص بما يحرم من الفعل وهو في الشرع اسم لفعل محرم سواء كان في مال أو نفس.
الفرع الثالث: تعريف الجنائية نظاماً. ويراد بها أحد أمرين، الأمر الأول: المسئولية بالقوة ، ويراد به صلاحية الشخص لأن يتحمل تبعة أفعاله.
والأمر الثاني: المسئولية بالفعل ، ويراد به تحميل الشخص تبعة أفعاله الصادرة منه حقيقة ، فتكون بهذا المعنى جزاءً وعقوبة .
المبحث الثاني: التعريف بالشخصية المعنوية، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: التعريف بالشخصية ، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: تعريف الشخصية لغة ، فالشخص كل جسم لـه ارتفاع وظهور، والمراد به إثبات الذات ، فاستعير لها لفظ الشخص .
الفرع الثاني: تعريف الشخصية في الفقه ، ذهب كثير من الباحثين في الفقه الإسلامي إلى أن الشريعة الإسلامية اعترفت بفكرة الشخص المعنوي، وإن لم تسمه بهذه التسمية ، والواقع أن وصف الشركة أو المؤسسة وغيرها بأنها شخص معنوي أمر جائز ، ما دام دالاً على مقصود لا يتعارض مع الشريعة ولم يرد نصاً بتحريمه.
الفرع الثالث: تعريف الشخصية في النظام . الشخص في نظر النظام هو صاحب الحق والالتزام، فالشخصية القانونية تعني الصلاحية لاكتساب الحقوق والتحمل بالواجبات ، وقيل أن الشخص المعنوي، هو صاحب الحق ولكنه ليس بكائن إنساني، أي ليس شخصاً طبيعياً .
المطلب الثاني: التعريف بالمعنوية ، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: تعريف المعنوية في اللغة. لم أجد تعريفاً خاصاً بالمعنوية في اللغة وإنما عرف أصحاب اللغة "الاعتبارية" وهي تؤدي نفس المعنى .
فالاعتبارية هي أصل العبر وهو التجاوز من حال إلى حال ، والعبرة هي : الاعتبار بما مضى وجمعها عبر ، والاعتبار والعبرة ، هي الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بشاهد.
الفرع الثاني: تعريف المعنوية في الفقه . ذهب كثيرون إلى معرفة الفقه الإسلامي للشخصية المعنوية ، وتتجلى أحكامها في كثير من النصوص الفقهية الإسلامية، فقد اعترف لبعض المؤسسات السياسية والدينية والمالية وغيرهما، بشخصية معنوية تتميز من شخصية أعضائها ، وهي أكثر جلاء ووضوحاً في بيت المال، والدولة، والوقف وغيرها .
الفرع الثالث: تعريف المعنوية في النظام. معنوية فيه إشارة إلى أن هذه الأشخاص لا تخرج عن كونها معاني تقوم في الذهن؛ لأنه ليس لها كيان مادي ملموس فيقال: الأشخاص المعنوية ، وقيل أن الشخص المعنوي هو : مجموعة من الأشخاص أو الأموال ترمي إلى تحقيق غرض معين.
الفصل الأول: مشروعية المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: مساءلة الشخص المعنوي جنائياً في النظام.
يوجد في هذا الشأن اتجاهان: الأول يرى عدم إمكان مساءلة الأشخاص المعنوية جنائياً، حيث يرفض أنصار هذا الرأي مساءلة الشخص المعنوي جنائياً عن الجرائم التي ترتكب باسمه ولحسابه من ممثليه أثناء قيامهم بأعماله ويرون أن الذي يعاقب فقط في هذه الحالة هو ممثل الشخص المعنوي عن الجريمة التي يرتكبها، وممن أخذ بهذا المبدأ القانون الألماني والإيطالي والبلجيكي واستثنى أنصار هذا الرأي من ذلك الحالات التي يقرر فيها المنظم بنص صريح مسئولية هذا الشخص جنائياً عن جريمة أو جرائم معينة.
أما الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الحديث فيرى ضرورة إقرار هذه المسئولية وذلك لأن الشخص المعنوي يمثل حقيقة قانونية ، وله إرادة مستقلة، ويمكن أن يرتكب الجريمة ، وبالتالي أصبح يشكل حقيقة إجرامية، فنجد أن العديد من التنظيمات الجنائية قد أخذت بمبدأ معاقبة هذا الشخص، لكي تكفل للمجتمع حماية أكثر فعالية ضد الإجرام.
وممن أخذ بهذا الاتجاه القانون الإنجليزي والهولندي وكذلك القانون الفرنسي وبعض التنظيمات العربية كمصر في بعض الحالات، وكذلك المنظم السعودي، حيث نصت بعض الأنظمة الصادرة في المملكة العربية السعودية على مساءلة الشخص المعنوي جنائياً .
وقد ذكر أصحاب هذا الاتجاه حجج وأدلة قوية ترجح ما ذهبوا إليه وهذا هو الرأي الذي يميل إليه الباحث في هذه المسألة .
المبحث الثاني: موقف الفقه من مساءلة الشخص المعنوي جنائياً.
يرى بعض الفقهاء المعصارين أن الشريعة الإسلامية عرفت من يوم وجودها الشخصيات المعنوية وأطلقت عليها تعبير "الجهات" فاعتبر الفقهاء بيت المال جهة والوقف جهة وكذلك المدارس والملاجئ والمستشفيات ونحوها. وهذه الجهات أو الشخصيات المعنوية كانت أهلاً لتملك الحقوق والتصرف فيها وهناك سوابق فقهية حكم فيها بإثبات المسئولية الجنائية على الشخص المعنوي ، مما يدل على أن الفقه يسأل الشخص المعنوي جنائياً، وهذا الرأي هو الذي يميل إليه الباحث وهو الجاري عليه العمل في المملكة العربية السعودية؛ لأن هناك أحكام قضائية صادرة من محاكم المملكة تقرر مثل هذه المسئولية .
المبحث الثالث: مراحل مساءلة الأشخاص المعنوية الخاضعة للمسئولية الجنائية ، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: المركز النظامي للشخص المعنوي في مرحلة تكوينه.
بالنسبة للشركات التجارية فهي تتكون بعد استيفاء إجراءات معينة مردها القانون فهي تبدأ بمجرد انعقاد العقد وتتمتع بالشخصية المعنوية بدءاً من التاريخ الذي تتم فيه إجراءات التأسيس التي حددها القانون، وهذا الشرط غير مشروط بالنسبة للشركات المدنية، ويعتبر النشر الذي يتطلبه القانون بمثابة ميلاد لهذا الشخص الجديد أمام الغير، وإن من المراحل التي يمر بها الشخص المعنوي مرحلة الانقضاء ، فقد يكون سبب الانقضاء انتهاء الغرض الذي أسس الشخص المعنوي من أجله أو انقضاء المدة المضروبة للقيام به .
المطلب الثاني: المركز النظامي للشخص المعنوي في مرحلة انتهائه .
تنقضي الحياة القانونية للشخص المعنوي وتبدأ في الانتهاء عندما يحل به سبب من الأسباب المؤدية إلى زواله واختفائه اختياراً أو جبراً في بعض الأحوال ولقد تساءل البعض حول تمديد مرحلة الانقضاء وتكييف الأعمال والتصرفات التي تبرم في هذه المرحلة وعما إذا كانت الشخصية القانونية تظل لاصقة ومواكبة للشخص المعنوي وهو يدلف إلى نهايته ، فقد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن حياة الشخص المعنوي تظل قائمة حتى يفرغ من أداء ديونه بواسطة المصفي، بينما ذهب رأي آخر إلى استطالة حياة الشخص المعنوي حتى يتم اقتسام أمواله نهائياً.
وذهب رأي ثالث إلى القول بأن الشخصية القانونية تظل قائمة حتى تمام الوفاء بالديون المطلوبة برمتها .
المبحث الرابع: أساس المسئولية الجنائية للشخص المعنوي، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أساس المسئولية في النظام ، وفيه أربعة فروع:
الفروع الأول: تحمل التبعة ، قد يسأل الشخص جنائياً عن فعل ضار لم يصدر منه شخصياً ، ولكنه صدر من غيره، وعلاقة التبعة علاقة تنشئ سلطة لشخص يسمى المتبوع في أن يصدر أوامر لشخص آخر يسمى التابع لتوجيهه بالنسبة لأعمال يقوم بها لحساب المتبوع .
الفرع الثاني: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة .
اختلفت الآراء حول تحديد الأساس الذي تقوم عليه مسئولية المتبوع ، فبعض الفقهاء يبني هذه المسئولية على أساس فكرة النيابة والحلول ذلك باعتبار أن التابع نائباً عن المتبوع، والبعض يبني هذا الأساس على فكرة تحمل التبعة على أساس أن المتبوع يجني المغانم باستخدامه التابع فلابد أن يتحمل المغارم أيضاً. وهناك من يبني هذا الأساس على فكرة الضمان.
الفرع الثالث: المسئولية على أساس المخاطر . فالمسئولية تطورت تحت تأثير تغير الظروف ولم تعد المسئولية مجرد جزاء على خطأ ، وإنما أصبح ينظر إليها كنظام تعويض عن مخاطر تمثل جزءاً عادياً من نفقات الانتاج الحديث ، فزيادة الإنتاج تمت بنفقة جديدة في زيادة المخاطر التي يتعرض لها الأفراد ، وهذه المخاطر الجديدة يصعب تحديد المسئول عنها بشكل دقيق .
الفرع الرابع : المسئولية المشتركة . تقوم هذه المسئولية على أساس المساواة الكاملة بين الفاعلين والشركاء في العقوبة التي يقررها القانون، ولكن للقاضي سلطة تقديرية في التميز بين الفاعل والشريك فيجعل عقوبة أحدهما مختلفة عن الآخر.
المطلب الثاني: أساس المسئولية الجنائية في الفقه ، وفيه أربعة فروع:
الفرع الأول: تحمل التبعة.
يسأل كل إنسان عن عمله في الشريعة الإسلامية، ولا يسأل عن خطأ غيره إلا إذا كان مسئولاً عن المحافظة على هذا الغير. وقد نص الفقهاء رحمهم الله على ذلك وقد ذكروا عدة أمثلة على ذلك . فقالوا : "إذا كان هناك صبي ابن ثلاث سنين، وحق الحضانة للأم فخرجت وتركت الصبي فوقع في النار تضمن الأم" .
الفرع الثاني: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
إن القاعدة المقررة في الشريعة الإسلامية تقضي بأن كل فرد مسئولاً عن نتائج أعماله الضارة، فإذا أتلف أحد مالاً لغيره كان ضمانه عليه، إذ لا يجوز أن يتحمل شخص ما وزر عمل صدر عن غيره، فالشريعة الإسلامية عرفت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ، وذلك استثناء من مبدأ التبعة الفردية بحيث أصبح المرء مسئولاً عن عمل غيره في بعض الأحوال.
الفرع الثالث: المسئولية المشتركة :
والاشتراك هو: تعدد الجناة في فعل محظور واحد زجر الله عنه بحد أو تعزير مع اتجاه أدواتهم إلى إحداث النتيجة المعاقب عليها شرعاً، والأصل في الشريعة الإسلامية أن كلاً من المباشر والمتسبب يعد مسئولاً عن فعله جنائياً ولكن المساواة في المسئولية لا تستوجب المساواة في العقوبة ، فنجد أنه في جرائم الحدود تختلف عن جرائم القصاص وهكذا .
الفرع الرابع: المسئولية الموضوعية: إن من القواعد الأولية في الشريعة الإسلامية أن المسئولية الجنائية الموضوعية مسئولية شخصية، فلا يسأل عن الجرم إلا فاعله ولا يؤاخذ امرؤ بجريرة غيره مهما كانت درجة القرابة أو الصداقة بينهما . وقد قرر القرآن ذلك في أكثر من موضع، قال تعالى:]وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا[ [الأنعام: من الآية164].
المبحث الخامس: تأصيل اعتبار الشخص المعنوي شخصاً في نظر النظام الجنائي إن المراد بالشخص المعنوي في نظر القانون هو ذلك الذي يتمتع بالأهلية لتحمل التبعة الجنائية وهو لا يحظى بها إلا إذا كان متمتعاً بملكتي الإدراك والتميز على السواء ، ويمكن أن يضف في هذا المقام من أن الخطأ لا يعدو كونه أحد مظاهر الشخصية المعنوية.
الفصل الثاني: أركان المسئولية الجنائية وعقوبتها ، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أركان المسئولية الجنائية للشخص المعنوي، وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: الركن المادي ، فإن القانون الجنائي لا يعاقب على النية وما يضمره الشخص من أفكار ؛ لأن أساس التجريم هو ما تحدثه الجريمة من اضطراب اجتماعي والركن المادي في صورته العادية هو نشاط يقوم به الجاني ويؤدي إلى تحقيق النتيجة الإجرامية .
المطلب الثاني: الركن المعنوي، لا يكفي الركن المادي وحده لقيام الجريمة، سواء كان هذا الركن سلوكاً مجرداً أو سلوكاً أفضى إلى نتيجة إجرامية، وإنما تكتمل الجريمة حين يقترن هذا الركن بركن آخر يطلق عليه اسم الركن المعنوي، وهو تعبير عن علاقة نفسية معينة تربط بين السلوك وصاحبه .
وقيل الركن المعنوي، مجموعة العناصر النفسية والذهنية التي يسهم بها الشخص في ارتكاب الجريمة، أي في مقارنة السلوك الممنوع شرعاً.
المطلب الثالث: علاقة السببية، لا يكفي لاكتمال أركان المسئولية الجنائية أن تصدر عن الشخص سلوكاً ، سواء كان هذا السلوك بالإيجاب أو السلب، يحظره المنظم، وأن يترتب على هذا السلوك واقعة لا يرتضيها، بل يلزم أن تقوم علاقة خاصة تربط بين الفعل الإجرامي والنتيجة اللذان هما عنصرا الركن المادي، والخطأ المقصود وغير المقصود اللذان هما عنصرا الركن المعنوي علاقة تسمى علاقة السببية وهي التي تقوم بالربط بين عناصر الركنين ، وتجعل منهما كياناً قانونياً واحداً .
المطلب الرابع: أركان المسئولية الجنائية في الفقه ، وفيه فرعان:
الفرع الأول: وقوع الضرر ، والضرر هو : كل أذى يلحق الشخص سواء أكان في مال متقوم محترم أو جسم معصوم أعرض مصون، ومنع الضرر مشروع ، فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على منعه، فالشريعة الإسلامية تمنع من وقوع مثل هذه الأضرار على الآخرين ، فإذا وقع الضرر بالشروط التي نص عليها الفقهاء فإنه يحب دفع ذلك الضرر وذلك إما عن طريق التعويض أو الضمان .
الفرع الثاني : علاقة المباشرة أو السبب .
الأفعال المتصلة بالجريمة لا تعدو أن تكون فعلاً من ثلاثة فهي إما مباشرة وإما سبب وإما شرط ، فالمباشرة هي ما أحدث الجريمة بذاتها دون واسطة وكان علة للجريمة. وأما السبب فهو ما أحدث الجريمة لا بذاته بل بواسطة وكان علة للجريمة .
ونستطيع أن نفرق بين المباشرة والسبب، بأن المباشرة تولد الجريمة بدون واسطة وأن السبب يولد المباشرة .
المبحث الثاني: عقوبة الأشخاص المعنوية ، وفيه أربعة مطالب .
المطلب الأول: العقوبات الأصلية .
العقوبات الأصلية في الشريعة الإسلامية ، هي العقوبة المقررة أصلاً للجريمة كالقصاص للقتل، والرجم للزنا ، والقطع للسرقة .
أما العقوبات الأصلية في الأنظمة الوضعية ، فهي العقوبة المقررة أصلاً للجريمة كالإعدام والاشغال الشاقة المؤبدة، والأشغال الشاقة المؤقتة، والسجن والحبس والغرامة.
المطلب الثاني: العقوبات التبعية.
العقوبات التبعية في الشريعة الإسلامية ، هي العقوبة التي تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة الأصلية ، دون الحاجة للحكم بها ، مثل حرمان القاتل من الميراث والوصية .
أما العقوبات التبعية في القوانين الوضعية هي العقوبة التي تلحق ضمناً وبحكم القانون كنتيجة لازمة للحكم بالعقوبة الأصلية دون الحاجة لأن ينص عليها القاضي في حكمه، فمثلاً عقوبة مراقبة البوليس هي عقوبة تبعية للحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة أو السجن في القانون الجنائي المصري.
المطلب الثالث: العقوبات التكميلية.
العقوبات التكميلية في الشريعة الإسلامية هي العقوبة التي تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة الأصلية بشرط أن يحكم بها القاضي، مثل تعليق يد السارق في رقبته بعد قطعها حتى يطرق سراحه، فتعليق اليد ترتب على القطع ولكنه لا يجوز إلا بحكم .
والعقوبة التكميلية في الأنظمة الوضعية ، هي عقوبة ملحقة بالعقوبة الأصلية ولكن يجب أن ينطق بها القاضي في حكمه .
المطلب الرابع: موقف الفقه من عقوبة الشخص الحكمي.
الحقيقة أن تصور وقوع العقوبات على الشخص المعنوي ينبني على تصور نوع العقاب الذي يمكن إيقاعه ، والذي يمكن أن يقسم إلى ثلاثة أنواع:
1 - العقوبات البدنية، مثل الحدود والقصاص والتعازير البدنية، فهذه لا يمكن إيقاعها إلا على الشخص الطبيعي فقط .
2 - التي يمكن أن توقع على الشخص المعنوي ، مثل الحل والهدم والإزالة والحد من النشاط والإنذار والإغلاق، فهذه لا إشكال في إيقاعها على الشخص المعنوي.
3 - العقوبات التي يمكن إيقاعها معاً أي على الشخص الطبيعي والمعنوي، وهي العقوبات المالية، كالأرش والدية، فهذه محل نظر فقد وقع فيه اختلاف ولكن موقف الفقه من ذلك هو جواز تطبيق تلك العقوبات المالية على الشخص المعنوي .
وفي النهاية نخلص إلى أهم النتائج والتوصيات التي خرجنا بها من هذه الدراسة:
أولاً: أهم النتائج :
1- اتضح لي من خلال هذا البحث في هذا الموضوع تغلب الاتجاه الحديث الذي يرى ضرورة إقرار المسئولية الجنائية للشخصية المعنوية، على الاتجاه التقليدي المعارض لها ، وأن عدد المؤيدين في تزايد مستمر ، خاصة وأن حجج المعارضين في مجموعها لم تعد حاسمة ، ثم إن الأخذ بهذه المسئولية يجعل السياسة الجنائية التي يتبعها المنظم في مكافحة الجرائم أكثر فعالية، وتحقق قواعد العدالة.
2- اتضح لي بأن المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية ، من الأمور الحديثة المستجدة التي فرضت نفسها فهي في أصلها ونشأتها راجعة إلى نظم القوانين الوضعية الغربية ولم تدخل في البلاد العربية إلا عندما استوردت هذه القوانين من الغرب ، وإن كان أصل هذه المساءلة معروفاً في الفقه الإسلامي.
3- كشفت الدراسة أن المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية قد تجاوزت مرحلة الجدل الفقهي حول مدى ملاءمة الأخذ بها من عدمه، وأصبحت تمثل واقعاً حقيقياً ، فأقرتها الكثير من التنظيمات الحديثة ، سواء الأجنبية منها أو العربية ومنها المملكة العربية السعودية، وأن بعض التنظيمات التي ما زالت تأخذ بالاتجاه التقليدي تتجه إلى العدول عنه .
4- أن الجزاءات التي يمكن توقيعها على الشخص المعنوي لابد وأن تتفق وتنسجم مع طبيعته الذاتية ، فليس بالضرورة تطبيق العقوبات التي يمكن تطبيقها على الشخص الطبيعي ، وليس هناك ما يمنع من تفريد العقاب وتحقيق مبدأ الملاءمة والردع العام والخاص كهدف منشود من عقاب الجاني في مجمله .
5-   أن الشخصية المعنوية معتبرة في الفقه الإسلامي.
6-   أن الراجح عند الفقهاء هو جواز مساءلة الأشخاص المعنوية جنائياً .
7-   أن الراجح عند الباحث هو مساءلة الشخص المعنوي جنائياً.
8-   ما ينبني على مساءلة الشخص المعنوي جنائياً من آثار .
9-   أن القضاء والأنظمة في المملكة العربية السعودية تسأل الشخص المعنوي جنائياً؛ كما تسائله مدنياً.
ثانياً: التوصيات :
1- أن الحاجة باتت ملحة للتدخل بتقرير مسئولية الشخص المعنوي جنائياً بالنسبة للتنظيمات التي لم تقرر عقاب الشخص المعنوي، على الرغم من أنها نصت على وجود الشخص المعنوي وحددت معالمه وخصائصه ومميزاته ونظمته تنظيماً متكاملاً إلى حدما ، ولكن لم تنظم إمكانية مساءلته جنائياً.
2- تحديد الأشخاص الطبيعيين الذين تعتبر أفعالهم صادرة عن الشخص المعنوي، وبالتالي يمكن أن يسأل عنها جنائياً. وهنا ينبغي أن تقتصر مسئولية الشخص المعنوي على الجرائم المرتكبة بواسطة أحد أجهزه أو ممثليه. ولا يجوز أن يسأل عن الجرائم المرتكبة من أحد العاملين لديه، إلا إذا كان هذا العامل يتمتع بتفويض خاص من الشخص المعنوي للتصرف باسمه .
3- يجب أن ترتكب الجريمة باسم الشخص المعنوي ولحسابه .
4- أننا نهيب بالمنظم السعودي، وخصوصاً في هذه الأيام التي تشهد تنظيم كثير من الأمور أن يتدخل وينظم صراحة الشخص المعنوي، ويحدد العقوبات التي يمكن تطبيقها عليه بدلاً من ترك هذا الأمر متداخلاً بين ثنايا الأنظمة المختلفة التي تقرر عقاب الشخص المعنوي ، وإن كانت لم تنشأ في الأصل لمثل هذا الأمر وإنما كان تقرير العقاب بمثابة مناسبة أو ظرف للنص على أمور معينة .

5- لابد أن يتدخل فقهاء الشريعة وعلماءها بتحديد موقفهم في مثل هذا الأمر ويكون أكثر صراحة ووضوحاً، لكي تجد الدول الإسلامية البديل التنظيمي وفق أحكام الشريعة الإسلامية بدلاً من استيراد القوانين الغربية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه