تعريف الدفاع الشرعي في القانون الجزائري

0
المبدأ العام في القانون انه لا يجوز لشخص أن ينتصف لنفسه بنفسه، فإذا ما وقع عليه اعتداء وجب عليه رفع الأمر إلى السلطات المختصة لإنصافه، ولكن هل يستقيم هذا المبدأ لو أن الشخص تعرض لخطر مصدره فعل على وشك الوقوع في ظروف لا تسمح له بمراجعة السلطات المختصة في الوقت المناسب، فهل يترك الأمر حتى تتحقق الجريمة أم يرد الاعتداء على نفسه وماله؟
الإجابة على هذا السؤال تقول انه من المنطقي له في مثل هذه الظروف أن يرد الاعتداء قبل أن تتحقق الجريمة(1).
وعليه فالمقصود بالدفاع الشرعي هو تمتع المدافع بحق ينطوي على طبيعة خاصة يؤهله في لحظة حصول خطر حال يهدد مصلحة يحميها القانون أي بدرء هذا الخطر عن نفسه أو ماله أو نفس أو مال الغير ذلك لان كل شخص معرض في أي لحظة أو وقت لخطر اعتداء غير مشروع مما يضطره إلى الدفاع عن نفس أو مال هذا الغير، ففي كل الحالات اعترف المشرع بحق الدفاع الشرعي لصالح الشخص المعتدي عليه، أو الواقع في خطر حال وغير مشروع، ويترتب على ممارسة هذا الحق نزع الصفة الجرمية عن الأفعال التي تتم خلال هذه الممارسة والتي تشكل عادة جرائم غير معاقب عليها قانونا، ونزع الصفة الجرمية عن هذه الأفعال بحكم القانون يجعل فاعلها غير مسؤول عن ارتكابها لأنه في الواقع ممارس حقا منحه إياه القانون(2).
أما الدفاع الشرعي في القانون الجنائي الجزائري هو استعمال القوة اللازمة لصد خطر اعتداء غير مشروع, و قد إعتبره المشرع سببا من أسباب الإباحة وذلك في الماديتين 39 و 40 من قانون العقوبات الجزائري.
اللتان اقتبسهما من المادتين 328 و 329 قانون عقوبات فرنسي بمعنى أن القانون يقرر الحق في صد العدوان متى كان غير مشروع بصرف النظر عن الحق المعتدى عليهن غير أن هذه الإباحة لا تتقرر إلا بتوافر شروط معينة وذلك حتى لا تباح الجريمة كوسيلة لمواجهة الجريمة إلا إذا كانت لازمة.
وقد نصت الفقرة 2 من المادة 39 من قانون العقوبات الجزائري على الحالات الممتازة للدفاع الشرعي بقولها " يدخل ضمن حالات الضرورة حالة للدفاع الشرعي قتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفع اعتداء على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو لمنع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل.
الفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس آو الغير ضمن مرتكبي السرقات أو النهب بالقوة".
والجدير بالذكر أن المشرع الجزائي الجزائري لم ينقل هاتين المادتين نقلا حرفيا عن ماهو موجود في التشريع العقابي الفرنسي بل إنه أخد فقط ما يتناسب مع مجتمعه, و الدليل على ذلك أن المشرع الجزائري جعل المادة 1 من القانون المدني  الشريعة الإسلامية مصدرا ثانيا من مصادر القانون و التي جاء فيها :" و إذا لم يوجد نص تشريعي حكم القاضي بمقتضى مبادىء الشريعة الإسلامية " و هذا يعد دليلا قاطعا على عدم إعتماد المشرع الجزائري كنية على القانون الفرنسي . و سوف نتعرض إلى مضمون المادتين 39/ف2 و40 من قانون العقوبات الجزائري بالتفصيل لاحقا.




(1) عبد الله سليمان، المرجع السابق، ص 106.
(2) مصطفى العوجي، القانون العام، الجزء الثاني، المسؤولية الجنائية، مؤسسة نوفل، بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1985 ص 348.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه