تجليات حقوق الإنسان في قانون 22.01.

0
: تجليات حقوق الإنسان في قانون 22.01.
يرتكز قانون المسطرة الجنائية على مبادئ و أحكام أساسية في مجال حقوق الإنسان، تعزز و تقوي ضمانات المحاكمة العادلة سواء قبل المحاكمة (المطلب الأول) أو أثناء مرحلة المحاكمة (المطلب الثاني)
        المطلب الأول: مرحلة ما قبل المحاكمة
             تتضمن هده المرحلة عدة حقوق خاصة حقوق خاصة بالمتهم لا يمكن لأية    محاكمة تنتظرهم أن توصف بالعادلة دون احترامها و هي كالتالي:
·                 أولا:  الحق في الحرية
   ذلك أنه لا يجوز إلقاء القبض على شخص إلا طبقا لأحام القانون بعيدا عن أي تعسف أو شطط. ويفتح الحق في الحرية الشخصية الباب الواسع أمام عدم اشتراط بالضرورة احتجاز المشتبه فيهم طيلة الفترة التي تفصلهم عن تاريخ تقديمهم للمحاكمة[1]. و هدا ما كرسه الدستور المغربي الحالي في الفصل، العاشر "لا يلقى القبض على أحد و لا يعتقل و لا يعاقب إلا في في الأحوال و حسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون"
و يدخل ضمن القانون المنصوص عليه في هدا الفصل. قانون المسطرة الجنائية:
·                  ثانيا: الحق في الاطلاع على المعلومات الخاصة بالمشتبه فيه.
   يعني هدا الحق بإبلاغ من يقبض عليه بأسباب دلك، كما تتلى عليه كافة الحقوق الموكولة له. كحقه في الاستعانة بمحامي للدفاع عنه، و حقه في معرفة التهمة المنسوبة إليه ليمكنه على الأقل من التأكد من مدى صحة أسباب الحجز و تمكينه من مباشرة إجراءات الطعن إزاء.
و من بين الحقوق أيضا نجد الحق في الصمت التي تنص عليه بعض الأنظمة المقارنة كالقانون الأمريكي. إلا أن المشرع المغربي لم ينص على هدا الحق صراحة. و لكن نجده ينص في الفصل 149 من قانون المسطرة الجنائية.على أن "قاضي النيابة العامة يسأل المتهم عن هويته و يتلقى تصريحاته بعد إشعاره أنه حر في عدم الإدلاء بها".
 و هذا في حالة ما صدر أمر إحضار شخص من طرف قاضي التحقيق و يوجد خارج دائرة نفوذ القاضي.
·                  ثالثا: الحق في الاستعانة بمحام
اعتبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في إطار تعليقاتها العامة المتعلقة بتفسير أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية "يجب أن يعطى المتهم من الوقت و التسهيلات ما يكفيه للاتصال بمحام يختاره بنفسه، و الوقت الكافي يتوقف على ظروف كل قضية و على التسهيلات أن تشمل الوصول إلى الوثائق و غيرها من الإثباتات التي يطلبها المتهم لتعيين المحامي و فرصة تعيينه ة الاتصال به"[2].
أما المشرع المغربي فينص في المواد من 134 لإلى 141 م.ج. على استنطاق المتهم و مواجهته مع الغير في التحقيق الإعدادي، و نظرا لخطورة هدا الإجراء و ما يترتب عليه من آثار على حقوق المتهم. نص المشرع على ضمانات تكفل حقوق الدفاع تخص المتهم الذي طلب الاستعانة بمحامي و تتمثل هده الضمانات فيما يلي:
* حق المحامي بأن يحضر الاستنطاق المتعلق بالتحقيق في هوية المتهم
(م 134فق3)
* حق المتهم في الاتصال بمحاميه (م 136 م ج)
* حق المتهم في استجوابه في حضور محاميه بعد دعوته قانونا
(فق1و2 م 139ج)
*وضع ملف لقضية رهن إشارة محامي المتهم (فق3م 139م ج)[3]
·                  رابعا: الحق في الاتصال بالعالم الخارجي
    يشتمل هدا الحق على:
-                   السماح لأشخاص المحتجزين و على وجه السرعة بالاتصال بالعالم الخارجي من خلال تلقي الزيارات.
-                   الحق في إبلاغ الشخص المحتجز في إبلاغ أسرهم بأمر القبض عليهم و مكان الاحتجاز.
-                   الحق في بلوغ الخدمات الصحية عبر الاستعانة بطبيب.
  فالمبدأ 19 من مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الدين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن يشي إلى هدا الحق عندما نص على أن "يكون للشخص المحتجز أو المسجون الحق في أن يزوره أفراد أسرته بصورة خاصة و أن يتراسل معهم، و تتاح له فرصة كافية الاتصال بالعالم الخارجي".
  و بالرجوع إلى ق.م.ج نجد بدوره ينص في الفقرة الثالثة من المادة 67 على أنه يقوم ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتجز، فور اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية بأية وسيلة من الوسائل و يشير إلى دلك في المحضر.
·                  خامسا: الحف في المثول أمام مسؤول قضائي أو قاضي و تقديمه للمحاكمة على وجه السرعة
 و هنا يجب الإشارة إن المقصود بالسرعة هنا أي إعطاء وقت معقول و مناسب حماية حقوق المتهم، و لبس الشرع الذي كثيرا ما يقع في بعض القضايا كقضايا كالإرهاب أو الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي و الخارجي.
  و كل هدا بهدف تفادي تطويل مدة الحراسة النظرية و حماية المحتجز الموجود عند قوة الضبط الأمني من أي تعسفات أو إرهاق قد يؤدي به إلى تأسيس ملفه المز.. مع عرضه على القضاء بشكل يخرق حقه في المحاكمة العادلة. أو تعرضه إلى المس بحريته الشخصية كأن يفضي الأمر لإلى الاختفاء عوض الحراسة النظرية التي يستوجبها إجراءات البحث [4].
و لهدا نجد المشرع المغربي قج حدد بدقة الاحتجاز سواء في الاعتقال الاحتياطي أو الوضع تحت الحراسة النظرية. مما يؤدي بالمحتجز المتهم أو المشتبه فيه في ارتكاب جريمة أن يقدم للمحاكمة على وجه السرعة أو اّلإفراج عنه بقوة القانون.
·                  سادسا: الحق في الطعن في مشروعية الاحتجاز
و هو حق لا يمكن المساس به لإ وفق إجراءات منصوص عليها قانونا بعد أن يكون المشتبه فيه قد سارت عليه شروط تطبيق تلك الإجراءات التي تنتهي بتجريده من حريته.
 و عندما يتضح أن تلك الشروط غير متوفرة و غداة تجريد الشخص من حريته بإلقاء القبض عليه فإن له الحق مباشرة في الطعن لمواجهة عدم مشروعية الاحتجاز التي لا توافق القانون.
و هكذا نص المشرع الجنائي المغربي المادة 148  ج على أنه" كل متهم ألقي عليه القبض بناءا على أمرا بالإحضار و احتفظ به في مؤسسة سجنية أكثر من 24 ساعة دون أن يستنطق يعتبر معتقلا اعتقالا تعسفيا.
كل قاض ّأو موظف أمر بإبقاء المتهم في السجن، أو السمح بإبقائه فيه عن قصد يتعرض للعقوبة المقررة للزجر عن الاعتقال التعسفي"
     إدا كانت هده هي أهم الحقوق و الضمانات التي تتمتع بها الشخص المحتجز قبل المحاكمة. فما هي أهم الحقوق التي خولها المشرع الجنائي المغربي من خلال قانون المسطرة الجنائية للمتهم خلال مرحلة المحاكمة؟
        المطلب الثاني: مرحلة المحاكمة
 إن المتهم في هده المرحلة يواجه ممثل الحق العام المتمثل في النيابة العامة، خول لها المشرع عدة صلاحيات و ضمانات للدفاع عن المجتمع. فكيف تعامل المشرع في هده المرحلة مع المتهم و ما هي أهم الضمانات و الحقوق التي خولها للمتهم؟
·                  أولا: الحق في المساواة أمام القانون و المحاكم و أمام محكمة مختصة و مستقلة و مشكلة وفق أحكام القانون
إن أول ما ينبغي أن يتوفر للمتهم هو تسيير إجراءات بلوغ المحاكم و اللجوء إليها كجهة قضائية قصد ابتغاء الإنصاف، و حقه في المساواة أمام القانون و أن يعامل على عدم احترام، النصاب القانوني بطلان الإجراءات و المسطرة، و أن تتوفر في هده المحكمة الاستقلالية و الحياد و النزاهة. و يجب أن تكون إجراءات البحث و المناقشة علنية(م 300 م ج).
و من بين الصفات التي ينبغي لقواعد المسطرة الجنائية أن تتصف بها أيضا. سمة الإنصاف و العدالة، والمقصود بدلك، تقوية ضمانات حقوق الدفاع، مع الحفاظ على حق
الدولة في العقاب. و لا يأتي دلك، إلا بتأمين استقلال القضاء. و توفير ظروف العيش للقاضي[5]...
و في نفس السياق تنص المادة 169 من الدستور المصري علة أن"جلسات المحاكم علنية إلا إدا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب. و في جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية"[6]
·                  ثانيا:افتراض براءة المتهم
              المتهم يعتبر بريء إلى أن تنبث إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناءا على محاكمة عادلة. فالمتهم يجب أن يعامل على هدا الأساس أي المحكمة يجب أن تتعامل معه على أساس متهم و ليس فاعل أو جرم لأن البراءة هي الأصل و هدا ما كرسته المادة الأولى من قانون 01.22.
             فهذه المادة وردت متشابهة مع مقتضيات المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و قد أحاطها المشرع بعدة تدابير عملية لتعزيزها و تقويتها و منها:
-                   اعتبار الاعتقال الاحتياطي و المراقبة القضائية تدبيران استثناءين
               (م 159 م ج )
-                   تحسين ظروف الحراسة النظرية و الاعتقال الاحتياطي و إحاطتها بإجراءات مراقبة صارمة من طرف السلطة القضائية[7]
·                  ثالثا: الحق في عدم الإكراه على الاعتراف بالذنب و استبعاد الأدلة المنتزعة بالعنف و الإكراه
        و هدا يقتضي عدم جواز إكراه أي شخ منهم فعل جنائي بالشهادة على النفس أو الإقرار بالذنب و يمنع هدا المبدأ السلطات المشرفة على البحث مع المتهم من القيام بأي شكل من أشكال الإكراه بشكل مباشر أو غير مباشر جسمانيا أو نفسيا.
 انتزاع شهادة المتهم بالعنف ضد نفسه و تقديمها أدلة و حجة للقضاء لضمان إدانته هو عمل منافي لمعايير الحاكمة العادلة. بل يجب لبلوغ هده الأخيرة ا استبعاد تلك الاعترافات من ملف القضية سواء من طرف ممثل الحق العام أو أمام قضاء الحكم[8].
          حيث نصت المادة 293 فقرة 2 من ق م.ج على أنه"لايعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه"
و نفس الشيء في القانون المصري حيث نصت المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية "... كل اعتراف يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت و طأة الإكراه أو التهديد به يهدر و لا يعول عليه"
·                  رابعا: حظر تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي و عدم محاكمة المتهم على نفس الفعل مرتين
  إن قواعد المسطرة الجنائية تطبق بأثر فوري و قواعد القانون الجنائي يطبق بأثر رجعي فقط القوانين الأصلح بالمتهم.
 لأن قواعد الشكل تكون دائما في صالح المتهم، لكونها شرعت من أجل السير الحسن للعدالة الجنائية.
  كما أنه لا يجوز محاكمة أو عقاب المتهم عن جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي  وفقا للقانون و الإجراءات الجنائية و هدا ما هو مكرس في المادة 369 م.ج.
·                   خامسا: بعض الحقوق الأخرى التي جاء بها قانون 01.22
و من جملة هذه الحقوق:
+ الحق في الاستعانة بمترجم أو شخص اعتاد التخاطب معه
+ الحق في حضور المحاكمات بكل درجاتها و حقه (المتهم) في الطعن فيها بجميع أنواع الطعن العادية و الاستثنائية.
+ الحق في استدعاء الشهود و مناقشتهم.
+ الحق في الاستعانة بمحامي أثناء المحاكمة.سواء على نفقته أو في إطار المساعدة القضائية.
إضافة إلى هذه الحقوق نجد المشرع الجنائي قد أحاط فئة من الأشخاص بعناية خاصة و يتعلق الأمر بالأحداث. و ذلك خلال 4 مراحل:
1-             مرحلة ما قبل ارتكاب الجريمة أو أن ترتكب ضده (الأطفال في وضعية صعبة)
2-             مرحلة ما قبل المحاكمة
3-             مرحلة المحاكمة
4-             مرحلة تنفيذ العقوبة و بعد انقضاء العقوبة (إعادة إدماجهم في المجتمع)
 فالضمانات المخولة للأحداث هي أكبر بكثير من تلك المخولة للكبار. حيث نجد المشرع خصص الكتاب الثالث من قانون المسطرة الجنائية للأحداث.
    و ما يمكن الإشارة إليه في الأخير هو أن المشرع الجنائي لم ينص فقط على حقوق المتهم أثناء المحاكمة أو قبلها و إنما نص على حقوق هذا الأخير حتى بعد النطق بالحكم.
   أي عند تطبيق العقوبة. و ذلك بالنص لأول مرة على مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبة.
     إذا كانت هذه هي مجمل الضمانات و الحقوق التي أتى بها قانون 22.01 حماية للأفراد. فما هي العراقيل التي تقف حاجزا ضدها؟ سواء من الناحية القانونية  أو الواقعية؟ و ما هي النواقص التي تعتري نصوص المسطرة الجنائية و تحد من تفعيل هذه الحقوق على أرض الواقع؟

 







[1] علي عمار"المعايير الدولية للمحاكمة العادلة في المجال الزجري و مقاربة مشروع قانون المسطرة الجنائية على ضوئها" مجلة المحاماة العدد46 ماي 2002 ص 79
[2] و ثيقة الأمم المتحدة رقم 3- 15 غشت. وردت عند. أحمد شوقي بنيوب "دليل حول الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة" منشورات مركز التوثيق ة الإعلام و التكوين في مجل حقوق الإنسان. طبعة أولى ماي 2004 ص 39
[3]  محمد محبوبي "مؤسسة قاضي التحقيق قانون المسطرة الجنائية الجديد" قانون المسطرة الجنائية مع دراسة حول سلطات النيابة العامة. قاضي التحقيق إعداد و تقديم امحمد لمروجي الطبعة الثانية 2007 ص 248
[4] علي عمار مرجع سابق ص 82
[5] الحبيب بيهي "شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد" الجزء الأول، دار النشر المغربية ط الثانية 2006 ص 14
[6] محمد محيي الدين عوض"حقوق الإنسان و الإجراءات الجنائية" بدو دار النشر 1989ص458
[7] حسن بويبلون "قرينة البراءة" مجلة المحامي عدد46 سنة 2005 ص 296
[8] علي عمار مرجع سابق 86

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه