الفرق بين الدية والتعويض

0

المطلب الثاني
الفرق بين الدية والتعويض

ذهب فريق من الباحثين إلى القول بأن الدية تعويض مدني([1])، معللين رأيهم بما يلي:
1- أن الدية لا تدخل في الخزانة العامة كمال الغرامات.
2- يختلف مقدارها تبعاً لجسامة الإصابات ويختلف كذلك بحسب تعمد الجاني للجريمة وعدم تعمده لها.
3- إنها مال خالص للمجني عليه لقوله تعالى: ﴿ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ([2]) وفي التعويض المدني يحكم وينفذ ويسلم إلى أهل القتيل يداً بيد عوضاً عن دمه أو حقهم فيه.
4- إن الدية في الغالب يتحملها عاقلة الجاني، ولذلك لا يمكن اعتبارها عقوبة لمخالفة ذلك للآية الكريمة ﴿ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ([3]).
إلا أنه وبالرغم من وجود تشابه بينهما إلا أنهما يفترقان في عدة أمور:
أولاً: أن الدية تجب على الجاني لمجرد المساس بالحق في السلامة الجسدية دون حاجة لإثبات ضرر آخر([4]).
ثانياً: إن الدية ترجع إلى إطفاء الألم والغيظ في نفس المجني عليه وذويه فهي ترضيه لهم بشكل محدود وفيها تعويض للآلام النفسية التي تصيب المجني عليه، فهي تعويض عن الضرر المعنوي، الأدبي.
أما التعويض المدني فهو يشمل رفع ما أصاب الإنسان عن ضرر أياً كان مادياً أو معنوياً([5]).
ويرى الأستاذ الزرقا([6]) أن الدية عوض قدرته الشريعة عن الضرر الذي يلحق أولياء القتيل وورثته، ومن العسير التسليم بأنه ضرر أدبي بل الأوجه أن يوصف بأنه ضرر مادي ومالي.
ثالثاً: أن الدية والأرش تعويض موضوعي، فمنطق الشريعة في جنايات النفس هو التسعير الشرعي للوحدة الأساسية في حساب الضمان أو التعويض المالي. فهما لا تتأثران بمنزلة الجاني أو المجني عليه ولا بالرغبة في الانتقام أو التشفي ولا بمدى جسامة الفعل الموجب للدية([7]).
رابعاً: أن الدية توزع وفق أحكام الأرث فيما يوزع التعويض على أحظ أفراد العائلة من الحزن والفجيعة([8]). فيشمل التعويض شخص أو أسرة لا قرابة بينه وبينهم حتى لو كان يعول أشخاصاً على سبيل الإحسان أو الصدقة وحرموا من النفقة بالجناية عليه وهذا لا حدود له يقف عندها الضمان أو التعويض([9]).
خامساً: أن الشارع قد توصل إلى تقرير الدية لا لأنها تصلح كمماثلة للآدمي وإنما لصون الدم عن الهدر، فيجد في تحملها المصيب زاجراً له ويجد فيها المصاب ما يعوضه عما قاس بسبب الجريمة.
والدية على هذا الاعتبار تشبه الغرامة من جهة والتعويض من جهة أخرى.
تشبه الغرامة لأنها فيها معنى الزجر للجاني بحرمانه من جزء من ماله، ولأن قيمتها قد قدرها الشارع لكل حالة كما هو الحال في الغرامات.
وتشبه التعويض لأنها ترمي إلى أن تعوض إلى حد ما المجني عليه عما أصابه من الجريمة. ولكنها مع ذلك تختلف كثيراً عن كل من هذين([10]).
سادساً: إن الدية محددة ويتساوى فيها الجميع أما التعويض المدني فتدخله الشخصية والاعتبارات التي تزيد منه وتجعله متفاوتاً من شخص إلى آخر.

 

 

 

 



([1]) أنظر في ذلك: الدية بين العقوبة والتعويض، د. عوض إدريس، (ص 551).
([2]) سورة النساء/ آية 92.
([3]) سورة الأنعام/164 آية.
([4]) الدية بين العقوبة والتعويض، د. عوض إدريس، (ص 552).
([5]) الدية في الشريعة الإسلامية، أحمد فتحي بهنسي (ص 12) وما بعدها، وانظر الدية بين العقوبة والتعويض د. عوض إدريس، (ص 552).
([6]) الفعل الضار، (ص 125).
([7]) الفعل الضار، للزرقا، (ص136) وما بعدها، الدية بين العقوبة والتعويض، لإدريس (ص 552).
([8]) الفعل الضار، للزرقا، (ص 127).
([9]) الفعل الضار، للزرقا (ص 137).
([10]) الدية في الشريعة الإسلامية، أحمد فتحي بهبشي، (ص 13) وما بعدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه