شعبة اداب وفلسلفة وقفة مع نص أحزان الغربة لعبد الرحمن جيلي في اللغة العربية للسنة الثالثة ثانوي
وقفة مع نص أحزان الغربة لعبد الرحمن جيلي
إكتشاف معطيات النص.
التقى الشاعر بصديقه في بالد الغربة (في المدينة )في شارع مكتظ بالھموم ومشاق الحياة. فكانت ردة فعله انفعالية
مثيرة.فھذا وجه مألوف .فاعترته الدھشة بل الفرحة الكبرى(أھذا أنت ؟). كان اللقاء بين الصديقين.ووجد الشاعر متنفسا يفرغ عنده ھمومه .فھو يعيش بين أناس غرباء ،يراھم أكداسا من الوجوه ال تحمل مالمح إنسانية (وجوھھم أشياء)(عيونھا حزينة) ( نظراتھا باھتة ال لون فيھا)، عروقھا جافة تحتاج لمن يحييھا ( قطرات مزن) يرسم األلوان فيھا. انه يعيش مع أناس شغلتھم اللھفة عن الحياة الحقة. لھذا فھو يعاني بين ھؤالء الناس ( بل األشياء) وجيب الغربة القاسي، فيرى نفسه قزما تطحنه خطاه في خضم تقدمھم السريع بحثا عن حاجياتھم المادية. الشاعر متشائم، يعيش في عصر ملول ، يمقت الشعر ال يعرف العفة، ال يود غيره ( إن سوق الود ال يشرى بھا الود) فھو يضرع إلى الله ليجد من يعانقه بال زيف . القصيدة مليئة بقاموس األحزان : حزن على حال شوارع المدينة على وجوه عطشى عالھا الجفاف ، شوق إلى األحبة والخالن حزن علتى عصر ملول يمقت الشعر عصر نبذ العفة وطلق الود،شوق إلى األصل إلى القرية ( شجر اللوب) شوق إلى ثرى الوديان ووجه الخالن . في ھذا النص الشعري نفس واحد( او يكاد) تتخلله وقفات ارتياح ال بد منھا للمتابعة: اللھفة , الوقفه , العفة ‘ الرفه. ھذه الوقفات ترتبط بالعامل النفسي لدى الشاعر فالنفس المتردد بين الشھيق والزفير له قدرة محدودة على االمتداد لينتھي عند ھذه الوقفات التي نسميه قوافي. وقد وفق الشاعر الختيار أماكنھا تبعا للدفقة الشعورية التي تتعدى بعض األحيان إلى سطور متباعدة فاذا كانت الحاالت الشعورية معقدة مركبة فتمتد لتعبر عن ھذا التدفق الشعوري. ينتھي السطر مع الدفقة فان كانت قصيرة قصر وان كانت ممتدة كما ھو حال الشاعر ھنا امتد. تتشكل القصيدة من جمل شعرية ترتكز على نفس واحد يمتد مشكال أكثر من سطر . مثل أھـذا أنت ؟ شارعنا زجاج فاقع الضوء وعمياء من اللھفة فھذه األسطر الخمسة شكل جملة فعلية واحدة متصلة تتكون من مجموعة من التفعيالت فان توقفنا عند ( لقطرة مزن) نحس بعدم االرتياح ويقطع نفس الشاعر, فال تستطيع إال أن تمتد بالقراءة إلى السطر الثاني لتنتھي عند الدفقة الشعورية ثم تتوالى األسطر الموالية لتسجل وقفة جديدة عند ( الوقفه)
مناقشة المعطيات:
معاناة الشاعر كانت ذات بعد فلسفي و حضاري فھو يعيش في مدينة كبيرة شارعھا زجاج فاقع الضوء لكنھا موحشة سكانھا أناس نكرة مجھولون ال تربطھم باإلنسانية سوى صورھم من ابرز ما في حياة ھذه المدينة الزمن الذي يشكل عامال جوھريا في حياة الناس الذين يعيشون في حدود مشاغلھم الخاصة فالزمن سيف مسلط على رقاب الجميع. من ھنا سجل الشاعر أساه ونقمته على ھذه الحياة فھو مجبور أن يعيش في إطارھا فھو مجرد شبح من األشباح المتحركة فيه. يشعر الشاعر بالوحدة فيھا ويشتد أساه حين يفقد الشاعر من يحب فعند ذل يتمثل ھذا الشعور بالوحدة قويا رغم زحمة المدينة بالناس واألشياء ومادام ھناك بعد لألحباب والخالن تصبح المدينة وكأنھا ليس بھا إنسان ,تضيق رغم اتساعھا قزمان: لفظة ترمز إلى الضياع في زحمة المدينة كما توحي بالشعور بالتھميش في عصر ضاعت فيه القيم الروحية تطحن : تعبير عن العالقات بين الناس ، عالقة السباق بينھم فكل فرد حريص على أن يكون وحده مندفعا فھو يخوض مع اآلخرين ( الناس) سباقا في التدمير من اجل مصلحة الذات وھكذا يحاول كل فرد أن ينال من اآلخرين ليسلم حتى يكون وحده صاحب الكلمة والنفوذ.
تحديد بناء النص
اختار الشاعر النمط الوصفي ليصف واقع الغربة الحزين وھو النمط الغالب وقد تداخل مع ھذا النمط كل من االمري واإلخباري وھذا ما نقف عليه في المقطع األول. خصائص الوصف شارعنا زجاج فاقع الضوء أكداس من األوجه تبحث عن صدى شيء عروقھا عطشى نسمات رطبات وجيب الغربة القاسي، قزمان تطحننا خطى الناس االمري : ممثل بضمير المخاطب "أنت" : أھذا أنت ، قل شيئا ، تعال نشم ............... إضافة إلى فعل األمر قل ، تعال اإلخباري: ھو الذي ينقل للمتلقي معلومات يجھلھا لذا فدوره معرفي والشاعر في نصه يخبرنا عن قضية نفسية يعانيھا جل الشعراء المعاصرين إنھا قضية الحضارة الحديثة وما أحدثته من غربة نفسية , ويظھر اإلخبار في المقطع األول: أكداس من األوجه تبحث عن صدى شيء ، تھوم في محاجرھا وھاد الحزن، عروقھا عطشى لقطرة مزن، وعمياء من اللھفة
الاتساق واالنسجام :
توفرت الوحدة العضوية بين اسطر القصيدة مما جعلھا بناء متكامال مترابط االعضاء ( األسطر) فعند القراءة نلمس خيطا شعوريا واحدا يبدأ بلحظة اللقاء ونبرات الشكوى ثم يتطور عبر األسطر حتى ينتھي إلى آخر السطر بإفراغ عاطفي ملموس. القصيدة تمثل إطارا بنائيا محكما يجعل النص دائرة مغلقة تنتھي حيث تبدأ.
أين التلخيص
ردحذف