مدخـل إلى قانـون العـقـوبات الجزائري

0
مدخـل إلى قانـون العـقـوبات
 
مـقـدمـة : يعتبر قانون العقوبات من أهم فروع القانون باعتبار أنه يحمي المصالح الاجتماعية ويحقق الأمن واستقرار وسكينة الجماعة وإقامة العدل بين أفرادها عن طريق ما يقرره قانون العقوبات ومجموع القواعد التي تكمله من وسائل قهر وإلزام بتجريم الأفعال التي يراها إخلالا بأمن الجماعة واستقرارها وتقرير جزاءات جنائية تتناسب مع جسامة الجريمة.
 
وينتمي جهاز الشرطة للسلطة التنفيذية ويقع على عاتقه مهمة الحفاظ على النظام العام وحماية الأفراد وممتلكاتهم فهو يختص بالمهام التــاليــة:
 
أ)- مهمة الضبـط الإداري :  أي العمل على تحقيق الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة و الآداب العامة.
 
ب)- مهمة الضـبط القضائـي : أي العمل على ضبط آثار الجريمة ومرتكبيها والحيلولة دون انتشار الاضطراب وقد أوكلت هذه المهمة للشرطة القضائية.
 
ج)- الضبـط الاجتماعـي : أي العمل مع الإصلاح الاجتماعي والديني والعمراني والاقتصادي والسياسي.
مفهوم قانون العقوبات :  هو مجموعة من القواعد القانونية المكتوبة المحددة للأفعال المجرمة والعقوبات
                             المقررة لها (م 1 ق.ع).
 
وقد اختلفت التشريعات في تعريف قانون العقوبات فمنهم من يسميه بهذه التسمية مثل المشرع المصري وتسمية القانون الجنائي مثل المشرع المغربي والقانون الجزائي مثل المشرع الكويتي والسوري والأردني واللبناني أما المشرع التونسي فيطلق عليه المجلة الجنائية.
 
أما المشرع الجزائري لم يستقر على تسمية واحدة ففي دستور 1989 كان يسمي في المادة 115 القواعد العامة للقانون الجزائي وفي المادة 122 من دستور 1996 سماه قواعد قانون العقوبات أما في الأمر 66- 156 فيعطيه تسمية قانون العقوبات، في الحين الذي نجد فيه أن المشرع الجزائري يستعمل مصطلحات أخرى مشتقة من الجزاء مثل المسؤولية الجزائية (ق .ع) قانون الإجراءات الجزائية (د) التحريات الجزائية (د) العقوبات الجزائية (د) الدفاع عن القضايا الجزائية (د).
 
طبيعة قانون العقوبات :  يطرح السؤال حول طبيعة قانون العقوبات هي تنتمي لفروع القانون العام أم لفروع القانون الخاص.
 
الاتجاه الأول : يرى أنه ينتمي لفروع القانون العام رغم أن أغلب نصوصه تتضمن العقاب على جرائم تمس بالمصالح الفردية ويستندون بالحجج التالية.
1)- الجريمة رغم أنها تمس المجني عليه تعتبر موجهة ضد الجماعة فهي تهدم النظام وقيم المجتمع ومؤسساته.
2)- النيابة العامة هي المختصة في تحريك الدعوى العمومية فهي ممثلة السلطة العامة (م 29 ق أ ج) ( م 36).
3)- إن تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة بناءا على شكوى ليس قاعدة عامة فهو محصور في جرائم
      معينة فقط (339 -326-373  369-377-164) ق. ع.
4)- العقاب من صلاحية السلطة العامة وليس من صلاحية المجني عليه.
 
  
الاتجاه الثاني : يرى أنه ينتمي لفروع القانون الخاص لأن أغلب نصوصه تحمي المصالح الخاصة للأفراد.
 
الاتجاه الثالـث : يرى أن قانون العقوبات يكتسي طابعا مختلطا استندوا في ذلك إلى الحجج التالية.
 
1)- إن تحريك الدعوى العمومية في طرف النيابة يجب أن يكون مسبوقا بشكوى من طرف المتضرر في الجرائم المنصوص عليها من المواد 339-326-373-379-377- ق ع.
2)- إن أغلب النصوص الواردة في قانون العقوبات تعاقب على السلوك الفردي ويحمي المصلحة الفردية.
3)- تحريك الدعوى ليس حكرا على السلطة العامة فيجوز للمتضرر تحريك الدعوى العمومية  (م1/ 2ق.ا .ج).
 
أقسام قانون العقوبات :  يـنـقـسم إلـى قسـمين :
  
                               عــــــام- وخــــــاص
أولا : القســم العــــام :
 
 يتضمن أحكام تسري على جميع الجرائم والعقوبات ومحددة من المادة الأولى إلى المادة 59 إضافة للمادة 468 حيث يتضمن ما يـلي :
 
-                مبادئ عامة م1-2-3.
-                العقوبات وتدابير الأمن
-                الأشخاص الخاضعون للعقوبة.
-                المحاولة أو المشروع.
-                الأفعال المبررة.
-                مرتكبوا الجرائم
-                المسؤولية الجزائية.
-                شخصية العقوبة.
-                الأعذار القانونية.
-                الظروف المشددة والمخففة للعقوبة.
-                قواعد سريان قانون العقوبات من حيث الأشخاص والزمان والمكان.
 
ثانيا القسـم الخــاص :  هو القسم الذي يتضمن القواعد المطبقة على كل جريمة على حد ى و العقوبة المقررة لها ويبدأ من المادة 61 إلى 466 ق ع ويتميز هذا القسم أنه الأكثر تغيير وتعديل من القسم العام.
 
هـدف قانـون العـقـوبــات :
 
                                                         - محاربة الشر ومقترفيه.
                                                         - إنزال العقاب على المجرمين.
                                                         - إعادة تربية المجرمين لإدماجهم في المجتمع.
 
علاقات قانون العقوبات بقانون الإجراءات الجزائية : قانون العقوبات يتضمن مجموعة القواعد القانونية التي تجرم الأفعال وتحدد لها العقوبات ، يستدعي بالضرورة استعمال القواعد الشكلية والإجرائية التي يجب إتباعها في تطبيق هذا القانون من طرف السلطات المختصة بذلك كالشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاة التحقيق والحكم ، هذه القواعد تهدف إلى تطبيق قانون العقوبات على وجه سليم حفاظا للمصلحة العامة محددة جميعها في قانون الإجراءات الجزائية.
 
 
 
كما يحتوى قانون الإجراءات الجزائية على نصوص تحرم بعض الأفعال وتقرر لها بعض الجزاءات العقابية كعقاب الشاهد على عدم الحضور أو حلف اليمين والامتناع عن أداء الشهادة أمام قاضي التحقيق (97-98-223-299-ق. ا. ج) والحبس التعسفي (م51 ق. ا. ج).
 
عـلا قـا تـة بـالـدسـتــور: يحمي النظام الدستوري للدولة كالنظام الجمهوري ويحمي الحقوق والحريات والأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة ونظام الحكم الجمهوري (م61-107-ق ع).
 
عـلا قـاتـه بـالقـانــون الإداري : يحمي النظام الإداري حيث يعاقب على الجرائم التي يقترفها المواظفون العموميين كالرشوة (126) استغلال النفوذ(128)   تواطؤ المواظفيين (115)، تجاوز السلطات الإدارية والفضائية لحدودها(118).
 
عـلا قـا تـه بالقــانون المـدني والتــجــاري : يحمي الحقوق المالية المقررة في القانون المدني والتجاري مثل الاعتداء حق الملكية(386) والسرقة (350) والإخلال بقواعد التعامل التجاري مثل إصدار شيك بدون رصيد (374) الإفلاس التدليسي (383).
 
عـلا قا تـه بقــانـون الأســرة :  يتدخل في تقويم الروابط الأسرية مثل عقوبة الإهمال العائلي 330 وتحريض القصر على الفسق والدعارة، وترك الأولاد.........الخ.
 
علا قا تـه بعـلـم الإجـرام :  يدرس علم الإجرام أسباب الجريمة وأسبابها ومصادرها "ودوافعها ويدرس الجريمة كظاهرة سلوكية إجرامية اجتماعية عن طريق الإستقراء والملاحظة والتجربة ويعتمد في ذلك على علم طبائع المجرم وعلم الاجتماع الجنائي والطب العقلي الجنائي وعلم البيولوجيا لجنائية وعلم النفس الجنائي.
 
القوانين المكملة لقانون العقوبات : قد يتخلى المشرع أحيانا على تجريم بعض الأفعال في قانون العقوبات لأن السياسة الجنائية تتطلب ذلك وتتضمنها قواعد خاصة.
 
كتشريع حيازة الأسلحة وضمنها مرسوم 63-85 من 16-05-1936 ومرسوم 74-155-في 12/06/1974.
 
- الجرائم الجمركية الصادرة بقانون 79-07- من 21-06-1979.
 
قانون متعلق بقمع مخالفات التشريع والتنظيم الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال الصادر بالأمر96-22- في 09- جوان 1996.
 
- حقوق المؤلف والحقوق المجاورة الأمر97-10- من 06-03-1997.
 
نشـأة قـانـون العـقـوبـات : تسبق الشريعة الإسلامية النظرة إلى تطور الفكر العقابي قبل أي فكر غربي بعشرة قرون حيث عرفت نظما خاصة مثل جرائم الحدود والقصاص والديه والجرائم التعزيرية ، وترتبط نشأة القانون الجنائي بالجريمة التي ظهرت مع ظهور الإنسان (آيه 27 سورة المائدة) وبظهور فكرة العقوبة وتطورها، وبالتالي يعتبر القانون الجنائي أقدم القوانين حيث مر بالمراحل التــاليـــة :
 
أولا مرحلــة الانتـقـام الفـــردي :  هو أقدم صور العقوبة نظر الافتقار السلطة المهيمنة إلا أن الانتقام الفردي تقلص بظهور القبائل، العشائر وأخذ مفهوم القصاص ، إلى أن برزت فكرة المصلحة المشتركة للعشيرة وأصبح ينظر للجريمة على أنها اعتداء على العشيرة وبالتالي أصبح الانتقام الفردي انتقام جماعي.
 
ثـانيـا مرحــلـة التـكفــير الديـــني :  أسهم الدين في تطور مفهوم القانون الجنائي مثلما أسهم في وحدة الجماعات التي تحكمها عقيدة واحدة، لذلك أصبحت العقوبة تهدف إلى التكفير عن الجريمة التي أغضبت الآلهة وبالتالي يكون العقاب تكفيرا عن الذنب أو الخطيئة.
 
ثـالثـا مرحـلـة الـعـصر الـحـديـث : بظهور مفهوم الدولة الحديثة وبسط سيطرتها على المجتمع تطور مفهوم العقاب باعتبار أن الجريمة خلل يصيب المجتمع فيعرض سيادة الدولة، مصالحها وأمنها وباستقرارها.
 
نشأة قانون العقوبات في الجزائر : تطور القانون الجنائي في الجزائر مثل بقية الدول، إلا أنه تميز هذا التطور وجود التشريعات الإسلامية و تطبيقها في فترة من الزمن، وعلى العموم فإن الفكر العقابي في الجزائر مر بثـلاثــة مراحـــل هــــي :
 
1)- مرحلـة تطـبيق الشـريعـة الإســلاميــة : وهي المرحلة التي تم فيها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع نواحي الحياة، ومنها الجانب الجنائي سواء في جرائم الحدود، والزنا، والسرقة، والقذف، والبغي، والقتل، والجرائم التعزيرية.
 
2)- المـرحـلة الاستعمارية : بدأت هذه المرحلة بدخول الاستعمار الفرنسي للجزائر، حيث طبق القانون الفرنسي في المسائل الجزائية، واختص القضاء الفرنسي للنظر فيها مع الميل إلى التميز بين الجزائريين والفرنسيين.
 
إلا أنه في سنة 1944 ألغى المشرع الفرنسي القوانين التمييزية والعنصرية ليعود إليها سنة 1954 بعد اندلاع الثورة أين أضاف عقوبة الاعتقال والمراقبة البوليسية والعقوبات الجماعية، إقامة المحاكم الاستثنائية والعسكرية.
 
 
3)- مرحـلـة الـتشـريعــات الـوطـنـيـــة : -  وهـي مـرحـلة مـا بعـد الاستـقلال والتـي عـرفـت فتـرتـيـن :
 
- الأولــى : من سنة 1962 إلى نهاية 1966 حيث تم الإبقاء على التشريعات الفرنسية إلا ما كان يتعارض مع السيادة الوطنية.
 
- الثــانيـة : من سنة 1966 إلى اليوم أين تدخل المشرع في مجالات الجانب التجريمي والإجرائي ووضع مجموعة من التشريعات المختلفة وبالتالي عرفت البلاد الاستقلال القانوني، حيث صدر قانون الإجراءات الجزائية بموجب الأمر66 - 155- وقانون الإجراءات المدنية بموجب الأمر66-154 وقانون العقوبات بموجب الأمر 66-156 ثم بقية القوانين اللاحقة.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه