المساهـمـة فـي الجريمـة في القانون الجزائري

1
المساهـمـة فـي الجريمـة
 
 
مـقـدمـة : عندما يرتكب شخص بمفرده جريمة، فيكون فاعلا ماديا وقد يساهم عدة أشخاص في ارتكاب نفس الجريمة فتكون بصد23د المساهمة.
 
تعريـف المسـاهمـة : هي حالة وقوع الجريمة من أشخاص عديدين لكل واحد منهم دور معين يساهم به في تنفيذها فتصبح الجريمة نتاج تعاون بين أشخاص متعددين لكل منهم دوره المادي وإرادته الإجرامية نحو تحقيقها.
 
صـور المسـاهمـة :
1- المساهمة بدون اتفاق مسبق : مساهمة عدة أشخاص في مشروع جنائي دون أن يكون بينهم اتفاق مسبق مثال : جريمة النهب والسرقة التي يرتكبها متظاهرون أو المشاركون في أعمال الشغب.
في هذه الحالة يعاقب كل مشارك عن مساهمته وبتقدير مسؤولياته الفردية.
 
2- المساهمة نتيجة لاتفاق مسبق : تكون الجريمة من صنع شخصين أو أكثر لممارسة نشاط جنائي مثال : تشكيل جمعية أشرار م. 176. ق.ع.
 
3- المساهمة مظهر لاتفاق مؤقت بين شخصين أو أكثر لارتكاب جريمة معينة ، وهذه الصورة هي التي تهمنا فكل من ساهم بصفة رئيسية ومباشرة في التنفيذ المادي للجريمة يكون فاعلا أصليا (ماديا).
 
أما الشريك فيقتصر دوره على مساعدة أو معاونة الفاعل في التحضير للجريمة أو تسهيلها أو في تنفيذها.
 
I) - الفاعـل الأصلـي :
تعـريـف : تعرف المادة 41 ق.ع.ج الفاعل الأصلي كما يلــي :
 
"كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الولاية أو التدليس الإجرامي."
 
بناءا على هذا التعريف يأخذ الفاعل الأصلي صورتين : الفاعل المادي والمحرض (الفاعل المعنوي).
 
1-   الفاعـل المـادي : هو الشخص الذي قام بشخصه بتنفيذ الأعمال المادية التي تدخل في تكوين الجريمة وقد يرتكبها بمفرده أو يرتكبها عدد من الأشخاص.
 
أ)- الفاعـل المـادي فـي حـد ذاتـه : هو من قام بالعمل المادي للجريمة مثال : كالشخص الذي يطلق النار على المجني عليه  أو الشخص الذي يضع يده في جيب آخر ويختلس من مبلغ مالـي.
 
ب)- الفاعـل المـادي المساعـد : (Coauteur) : هو كل من قام شخصيا بالأعمال المادية المشكلة للجريمة إلا أنه لم يرتكب هذه الأفعال بمفرده وإنما أرتكبها رفقة شخص آخر أو أكثر ويكون كلهم فاعلين مادين لنفس الجريمة مثال : إذا قام شخصان باختلاس مال الغير، يعد كلاهما فاعلا أصليا مساعد، أما إذا لم يقم أحدهما بالفعل المادي المتمثل في الاستيلاء على مال الغير واختصر دوره على مساعدة غيره الذي اختلس المال، ففي هذه الحالة يعد مساعدا أو شريكا مثال : كمن يتولى مراقبة الطريق.
 
2-الفاعـل المعنـوي : هو الدماغ المفكر الذي يعمل في الخفاء فيدبر حيل يدفع بها أشخاص آخرين لارتكاب الجرائم، يأخذ الفاعل المعنوي صور منها المحرض أشار إليها المشرع صراحة في المادة 41/2 ق.ع.ج وصورا أخرى مذكورة في المادة 45 ق.ع.ج.
 
أ)- المـحـرض : هو الشخص الذي يدفع بالجاني إلى ارتكاب جريمة وذلك بالتأثير على إرادته أو توجيهها الوجهة التي يريدها المحرض بالوسائل التاليـة :
 
الهبـة : أن يقدم المحرض للجاني شيئا ذا قيمة، مقابل قيامه بجريمة يصفها له مسبقا.
 
الـوعـد : أن يعد المحرض الجاني مكافأة أو حل قضية مستعصية عليه بعد أن يرتكب الجريمة.
 
إسـاءة استعمـال السلطـة : هذه الحالة تتحقق عندما يكون للمحرض سلطة على الجاني كالرئيس على مرؤوس.
 
التـحـايـل : أن يدخل المحرض في روح الجاني أمرا خلافا للحقيقة، كأن يقول للجاني الشخص الذي تسبب في قتل والده أو الذي تسبب في فصله عن العمل.
 
التـدليـس الإجـرامـي : المحرض الذي يهيج شعور الفاعل مستغلا في ذلك طيشه وسذاجته فيدفعه إلى ارتكاب الفعل الإجرامي مثال : كأن يدعي كذبا أمام الابن بأن والده تعرض إلى الضرب من قبل شخص معين وأن الشخص الذي لا يثأر غير جدير بالاحترام.
 
الـولايــة :هو كل شخص يتصرف في أمور غيره بحكم الأبوة أن سند قانوني أي الولاية على المال والنفس.
 
ب)- صـور أخـرى للفـاعـل المعنـوي :
لقد ورد في المادة 45 ق.ع.ج على أن كل من يدفع مجنونا أو صبيا غير مميز إلى ارتكاب الجريمة يعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة ويعد فاعلا أصليا.
 
- (II الشــريــك :
      1-تـعـريـف : عرفت المادة 42 ق.ع.ج الشريك كما يلي : "يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا ولكنه ساعد بكل الطرق وعاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك."
 
ويأخذ وفقا لنص المادة 43 ق.ع.ج حكم الشريك كل من اعتاد أن يقدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكه الإجرامي."
 
2-       مسـؤوليـة الشريـك : أختلف الفقه حول مسألة الشريك مقارنة بالفاعل الأصلي.
 
الفريـق الأول :  يرى باستقلالية مسؤولية الشريك عن مسؤولية الفاعل الأصلي  ويترتب عن ذلك :
1-  يسأل الشريك جزائيا حسب خطورته الخاصة بصرف النظر عن خطورة   
    الفاعل الأصلي .
2- لا يتأثر الشريك بموانع المسؤولية والعقاب.
3- لا يتأثر بالأحوال الشخصية المتصلة بالفاعل الأصلي.
 
الفـريـق الثانـي : يرى بتبعية مسؤولية الشريك لمسؤولية  الفاعل الأصلي : يرى هذا الفريق أن عمل الشريك مرتبط بمصير سلوك الفاعل الأصلي من حيث التجريم والجزاء ويطلق عليه مصطلح استعارة التجريم ويتركب عليه :
 
1- يسأل الشريك حسب الخطورة الإجرامية للفاعل الأصلي.
2- يتأثر الشريك بموانع المسؤولية والعقاب التي يستفيد منها الفاعل الأصلي.
3- يتأثر الشريك بالظروف المشددة والمخففة المتصلة بالجريمة.
 
مـوقـف المشـرع الـجـزائـري : أخذ المشرع الجزائري بتبعية الشريك للفاعل الأصلي تبعية كاملة من حيث التجريم وتبعية نسبية من حيث العقاب.
 
وهذا ما تؤكد المادة 44/2 ق.ع.ج على أن الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها أو الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة لا تؤثر إلا على من تتصل به من  الفاعل الأصلي أو الشريك.
 
إذا كان الحكم على الفاعل الأصلي يتطلب إثبات الأركان المشكلة للجريمة فإن الحكم يقتضي إثبات توافر الأركان المكونة للاشتراك.
 
3-أركـان الاشـتـراك :
      أ)- الـركـن الشرعـي :
وقوع فعل رئيسي يعاقب عليه القانون وهذا الركن يظهر في المادتين 42 و43 ق.ع.ج، التي بينت الأفعال التي تعتبر اشتراكا في الجريمة والعقوبة المقررة لها.
 
ومن ثم لا يسأل على الاشتراك إذا كان الفعل الأصلي غير مجرم ويستثني من ذلك ما  نصت عليه المادة 273 ق.ع على تجريم الاشتراك في الانتحار رغم عدم تجريم الفعل الأصلي ولا يسأل على الاشتراك إلا إذا نفذت الجريمة.
 
ب) -الـركـن المــادي :  يتمثل هذا الركن في العمل المادي المتمثل في المساعدة أو المعاونة في العمل المادي سواء كان سلوكا ماديا أو سلوكا معنويا.
- وهذا العمل قد يكون سابقا أو معاصرا أو لاحقا للجريمة.
 
1-المسـاهـمة السـابقـة للجـريمـة : مثـال : المساعدة للأفعال التحضيرية أو المسهلة للجريمة كالشخص الذي ينقل الجاني إلى مكان ارتكاب الجريمة : أو ترك باب المسكن مفتوحا.
 
2-المساهـمـة المعـاصـرة للـجريمـة : مثـال : مراقبة الطريق أثناء قيام الفاعل أو الفاعلين بتنفيذ الجريمة-أو إشغال الحارس بالكلام أثناء قيام الفاعلين بتنفيذ الجريمة.
 
3- المسـاهـمـة اللاحـقـة للجـريمـة : مثـال : إخفاء الجناة بعد تنفيذ الجريمة أو إخفاء الأشياء المسروقة أو الوسائل المستعملة في الجريمة.
 
ج-الـركـن المـعنـوي :  هو مساعدة الفاعل الرئيسي على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة مع علمه بذلك كما عبرت عليها المادة 42 ق.ع.ج أي علم الشريك بالجريمة التي يشترك فيها.
 
جــزاء الشريـك : كنص المادة 44 ق.ع.ج في فقرتها الأولى على ما يأتي " يعاقب الشريك في الجناية أو الجنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة".
 
ولا يعاقب على الاشتراك في المخالفة على الإطلاق.
 
لا كن رغم إصرار المشرع على عدم العقاب صراحة على المشاركة في المخالفات إلا أنه قضى في مواد أخرى بإمكانية ثبوت المشاركة في المخالفات مثل المادتان : 442/1 و442 مكرر المتعلقة بالضرب والجروح العمدية والمشاجرة وأعمال العنف الأخرى." 
 
 

التعليقات

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه