الأحكام الإجرائية المتعلقة بمكافحة الفساد في القانون الجزائري

0

الأحكام الإجرائية المتعلقة بمكافحة الفساد

 إن جميع  الأحكام  الموضوعية و مهما  تغير  التشريع سواء ا الجزائي أو المدني  تبقى  جسما قانونيا  غير قادر  على إنتاج أثاره القانونية  التي شرع  من اجلها  و غالب  ما يتعلق  فقهاء القانون  على  الأحكام الموضوعية التي لم يشرع لها  أحكام  إجرائية  لتفعيلها بالقول  أن النص  أو القعدة  القانونية  ولدت ميتة فلا يمكن لها أن تنتج أثرها القانوني  أو أنها مادة قانونية  تختزن الطاقة  الكامنة  لقاعدة  قانونية ما  و لهذا الغرض أرفق المشرع الجزائري  مشروع  القانون بجملة  منالقواعد الإجرائية المختلفة التي نتطرق لها  وفق لمنطق بسيط و بإجراء  قراءات مشتركة  بينها و بين قواعد إجرائية  منها ما هو  موجود وراسخ في التشريع الجزائري  و منها ما هو  غير  معروف إطلاقا.

 المطلب الأول:  أساليب   البحث و التحري ( التسليم المراقب و التسرب)

تنص المادة 56 من مشروع القانون على  إمكانية  اللجوء إلى  التسليم المراقب أو إتباع  أساليب  تحر خاصة  كالترصد الالكتروني  و الاختراق بإذن  من السلطة القضائية  مع  صبغ هذه الأدلة  المتوصل إليها  بهذه الطرق  بالحجية  و كما تم  التطرق إليه في الفصل الأول هو شرعية  الدليل المتوصل إليه   بهذه الطرق  إن المشرع في هذه المرة جاء  بقواعد إجرائية  غير  معروفة  إطلاقا في  المنظومة   القانونية القديمة إلا بعض الإشارات  التي وردت  في باب  الجرائم  الماسة بالأمن  و السلامة  الوطنية  حيث  يمكن تخفيض  العقوبة  للمبلغ  إذا ما بلغ عن الجرائم قبل و وقوعها.

 تطرق مشروع  القانون  التسليم المراقب  وهو ما نصت عليه الاتفاقية في نص المادة 50 منها و كذلك الترصد الالكتروني و الاختراق غير أن النص باللغة الفرنسية  تكلم عل مصطلح "L’infiltration        "

 و التي اتفق  على  ترجمتها بالتسرب فإذا  كان مفهوم  التسليم المراقب  و الترصد الالكتروني  و الاختراق كما تطرق إليه النص يثير إشكالات يمكن مناقشتها لكن السؤال الذي يطرح قبل ذلك  ماهية  الطبيعة  القانونية  لهذه الإجراءات  هل  وردت  على سبيل الحصر أم  على سبيل  المثال لان النص يشير  إلى  إتباع أساليب تحر  خاصة  لايمكن حل  هذا اللغز اا بالتطرق الالى المشروع التمهيدي  المعدل  والمتمم لقانون الإجراءات  الجزائية  الذي  أشار  إلى  تعريف التسرب على انه قيام ضباط أو عون من الشرطة القضائية  تحت مسؤولية  ضباط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية  محل الإجراء  بمراقبة  الأشخاص  المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة  بهامهم انه  فاعل  معهم  أو شريك لهم يوفر لهم  الإخفاء  وليكن اعتبار  هذه الأفعال على أنها  تحريضا على ارتكاب الجرائم شريطة  أن يكون ذلك بإذن من القضاء مكتوبا و مسببا و يأذن به قاضي التحقيق بطلب من وكيل الجمهورية.

 و يمكن  الترخيص  لشخص المرخص له ب:

* اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتجات أو وثائق أو معلومات محصلة من ارتكاب الجرائم أو تستعمل في ارتكابها.                       

  *  استعمال أو وضع  تحت تصرف مرتكبي هذه الجريمة  الوسائل  ذات الطابع القانوني و المالي و كذا  وسائل التخزين أو الإيواء أو الحفظ أو الاتصال.

و هو ما فعلا كل ما يمكن القيام به الفعل الأصلي في هذه الجريمة.

 يمكن القول أن الصورة  الجديدة  للتجريم الحديث دفعت المشرع إلى توسيع مضلة الحصانة من المتابعات في إطار ارتكاب الجرائم من طرف أشخاص  رخص لهم بارتكاب الجريمة طرف الاطة القضائية.

طالما أن الحصانة  من المتابعة كانت بنص قانوني لأشخاص معينين بصفاتهم  الايمكن القول انه بمثابة فتح الباب للقضاء  بسن اسليب تحر  على الجرائم سواء بحجة تعقيدها أو الإيمان السبق  من  المشرع بعدم نجاعة الطرق الكلاسيكية  لمكافحة  الجريمة  المنظمة  سيما و أن مشروع القانون المشار إليه الاه لم يترتب جزاءات جنائية  في حالة  استعمال رخص التسرب في غير  محلها أو بالأحرى لم  يضع ضوابط دقيقة  تحكم هذا الإجراء فكان على المشرع أن ينص في ذات المادة  على أن اسليب التحري المذكورة  لايمكن اللجوء إليها إلا بشروط محددة تحديدا دقيقا و ذلك لما فيها من مساس بالحق في خصوصية  حياة  الإنسان الشخصية  و حقوقه التي طالما اعتبرت أساسية  سيما و أن الدستور و واضح في مثل هذه الأمور فتنص المادة 39 منه انه لايجوز انتهاك حرمة  حياة المواطن  الخاصة  و حرمة  شرفه سرية  المراسلات و الاتصالات الخاصة  بكل أشكالها مضمونة و يحميهما  القانون وفي هذا  الصدد تنص المادة 40 بان الدولة  تضمن عدم انتهاك حرمة  المسكن فلا تفتيش إلا بمقتض القانون

و في إطار احترامه ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة  القضائية  المختصة.

من خلال هذا الايمكن القول أن حقوق الإنسان الأساسية  بدأت في التراجع أمام أشكال التجريم الحديثة*

المطلب الثاني : الطبيعة القانونية  هيئة مكافحة  الفساد ودورها.

  انه من الضروري  ااتطق للطبيعة  القانون للهيئة  ثم التطرق إلى مهامها و ذلك من قبيل  احترام المنهجية  لأنه من غير  الممكن التطرق إلى  مهام الهيئة دونما تعريفها.

 تطرق  مشروع القانون إلى إنشاء  هيئة  و وطنية  مكلفة  بالوقاية  من الفساد و مكافحته و ذلك  بمقتضى  نص  المادة 17 من مشروع القانون و كما تم التطرق  إليه في الفصل الأول  المشرع تحاشى  إنشاء الهيئة  بموجب القانون لما في ذلك من أثار لاحقة  فالهيئات القانونية  طالما  اعتبرت عقبة أمام السلطة التنفيذية  في السير  في سياسات  معينة وذا  أمر معروف على المستوى الدولي المشرع ذهب  هذه المرة في  الاتجاه المعاكس الذي  كان من الضروري التوجه نحوه بالقول أن الهيئة  سلطة  إدارية و حدد مهامها بمقتضى المادة 20 من القانون على أن تضطلع هذه  الأخيرة بمهام استشارية و توجيه سياسة  مكافحة  الفساد لكن المثير  للتساؤل هو البند7 من نص المادة  المذكورة  أعلاه حيث تنص على  أن الهيئة  تستعين بالنيابة العامة لجمع  الأدلة و التحري  في وقائع ذات علاقة  بالفساد في الحقيقة هذا البند  لا يمكن استساغته بسهولة و ذلك لأسباب نطرح بشأنها الأسئلة التالية  هل  الهيئة جهة  تحقيق أم  تحري أم سلطة  جديدة  فوق سلطة النيابة العامة  بمناسبة  مكافحة  الفساد طالما النص في السبق ذكر  أنها  هيئة  إدارية  لتضيف في نص المادة 22 انه عندما  تتوصل  الهيئة  إلى  وقائع ذات و صف  جزائي  تحول الملف  إلى و زير  العدل حافظ الأختام الذي  بدوره  يخطر  النائب العام المختص  لتحريك  الدعوى العمومية  عند الاقتضاء و الملاحظة المطروحة  بهذا الصدد كيف يمكن القول أن الهيئة  تستعين  بالنيابة العامة  لجمع  الأدلة  و التحري غفي وقائع ذات علاقة بالفساد ثم تقوم  بتكيف هذه الوقائع  على  أن  لها  وصف  جزائي مع  العلم أن سلطة  التكييف  لا تكون إلا للقضاء  سواء  النيابة أو الحكم أو التحقيق لتحولها  بعد هذه العمليات الو وزير العدل حافظ الأختام و الذي هو المشرف على النيابة العامة  التي  كانت قد سلمت المعلومات سلفا الذي يخطر  النائب العام المختص لتحريك  الدعوى  العمومية  من  المتفق عليه أن المنظومة القانونية  الجزائرية  جعلت  النيابة  العامة  هي التي تستأثر  بتحريك الدعوى العمومية  و مباشرة  أمام القضاء  طبقا لمبداء ملائمة  التابعة  الجزائية  كقاعدة  عامة و الستثناء شرعية  المتابعة  في  فئة من الجرائم

 فالسؤال  المطروح ما طبيعة  اخطاراتالهيئة * طالما أن المشرع هذه المرة  لم يعطيها صفة الضبطية  القضائية  و كذلك الأمر  أن البحث  و التحري  عن الجرائم من صميم عمل الضبطية القضائية هل هي مجرد بلاغات أم  يمكن التوسع بالقول أنها  قدمت أدلة  عن  جرائم الفساد و هذا  طبقا للبند 7 المذكور  أعلاه .

كيف يمكن تكييف محاضرها إن صح التعبير طالما أن المنظومة الإجرائية الجزائية جعلت المحضر وسيلة العمل في هذا الباب.

 أو لم يكن على المشرع إعطائها صفة الضبطية القضائية و جعل انسجام في مهامها مع النيابة العامة.                 

 

دورها:

 تضطلع الهيئة  أساسا بالمهام الآتية:

1- اقتراح  سياسة  شاملة  للوقاية  من  الفساد تجسد مبادئ دولة  القانون  و تعكس  النزاهة  و الشفاهية  و المسؤولية  في تسيير الشؤون  و الأموال  العمومية .

2- تقديم توجيهات  تخص الوقاية  من الفساد ، لكل شخص أو هيئة عمومية  أو خاصة  واقتراح تدابير خاصة  منها ذات  الطابع  التشريع  و التنظيمي للوقاية  من الفساد، وكذا  التعاون مع القطاعات المعينة العمومية و الخاصة  في إعداد قواعد  أخلاقيات  المهنية .

3-إعداد برامج تسمح بتوعية و تحسيس المواطنين بالآثار الضارة  الناجمة عن الفساد .

4- جمع و مركزة  و استغلال كل المعلومات التي يمكن أن تساهم في الكشف عن أعمال الفساد و الوقاية منها،لاسيما البحث في التشريع  والتنظيم  و الإجراءات و الممارسات الإدارية،عن عوامل الفساد لأجل تقديم توصيات لإزالتها.

5-التقييم الدوري للأدوات القانونية  و الإجراءات الإدارية الرامية إلى الوقاية من الفساد و مكافحته،و النظر في مدى فعاليتها.

6-تلقي التصريحات بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين بصفة دورية ودراسة و استغلال المعلومات الواردة  فيها و السهر  على حفظها.

7-الاستعانة بالنيابة العامة لجمع الأدلة و التحري في وقائع ذات علاقة بالفساد.

8- ضمان تنسيق و متابعة النشاطات و الأعمال المباشرة ميدانيا على أساس التقارير الدورية و المنظمة المدعمة بإحصائيات و تحاليل متصلة بمجال الوقاية و مكافحته، التي ترد إليها من القطاعات و المتدخلين المعنيين.

9-السهر على تعزيز التنسيق مابين القطاعات، وعلى التعاون مع هيئات مكافحة الفساد على الصعيدين الوطني و الدولي.

10-الحث على كل نشاط يتعلق بالبحث و تقييم الأعمال المباشرة في مجال الوقاية  و مكافحته.      

 المطلب الثالث : تجميد  و حجز الأموال و استرداد الممتلكات عن  طريق إجراءات  المصادرة الدولية .

    تطرق مشروع القانون إلى  إجراءات  مختلفة  في هذا الباب و هو ما جاء به في إطار التعاون الدولي  طبقا  لمقتضيات  المادة 63 و مايليها من مشروع  القانون.

 إذا  يعتبر  التجميد و الحجز من قبيل إجراءات  المؤقتة  أثناء  سير  الخصومة  الجزائية  فان المصادرة  تعتبر  بمثابة  أثار  الحكم الصادر  في  الموضوع مع العلم  أن المشرع الجزائري  كان قد نص  عليها في  عدة  مناسبات.

و هو ما نص عليه بمقتضيات المادة 9 فقرة 4 من قانون العقوبات بعنوان العقوبات التكميلية و عرفت المصادرة كعقوبة بموجب نص المادة 15 من قانون العقوبات.

 بالقول أن المصادرة هي الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة مع إشارة إلى ملا يمكن مصادرته و هو عبارة عن استثناء.

 كذلك ما ورد في مقتضيات السطر الخامس الفقرة 2 من المادة 18 مكرر من قانون العقوبات المعدل و المتمم بموجب القانون 15/04 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 و كذا المادة 389 مكرر 7.3 من قانون  العقوبات و المتعلقة بجرائم تبيض الأموال.

 ثم أضاف بموجب المادتين 25 20 من ذات القانون أن المصادرة عبارة عن تدبير من تدابير الأمن غير أن إجراء الحجز لم يشر إليه المشرع في القواعد الإجرائية السالفة.

 بمفهوم هذا القانون  إذ يمكن للجهات القضائية  أو  للسلطات المختصة  بناء على  طلب  إحدى  الدول  الأعضاء في الاتفاقية  التي  تكون محاكمها أو سلطتها قد أمرت  بتجميد  أو حجز  عائدات جرائم  الفساد إن  يؤكد أوامر  الحجز أو التجميد الصادرة  عن السلطة  القضائية  أو السلطة  المختصة  الأجنبية  إذ تتلقى  النيابة  العامة  هذه الطلبات المتعلقة   بالحجز أو التجميد و تحيله عل  المحكمة  المختصة  التي  تفصل فيها   طبقا الإجراءات القضاء لاستعجالي

 و هذا الإجراءات القضائية الاستعجا لي .

 وهذا الإجراء أيضا بالغ الأهمية لأنه يمكن الدولة ضحية جرائم الفساد من الإسراع بوضع يدها على   الأموال المهربة و الناتجة عن جرائم الفساد إلى غاية البت فيها بصفة نهائية من طرف القضاء.

 أما التعاون الدولي في مجال المصادرة فانه يمكن للدولة العضو في الاتفاقية أن توجه طلب مصادرة العائدات الإجرامية المتواجدة في الإقليم الوطني مباشرة للمصالح المؤهلة بوزارة العدل

التي تحول إلى النائب العام لدى الجهة القضائية المختصة الذي يرسله بدوره إلى المحكمة المختصة مشفوعا بطلباته و يكون حكم المحكمة عندئذ قابلا للاستئناف و الطعن بالنقض وفقا للقانون و تنفد أحكام المصادرة بمعرفة النيابة العامة و بكافة الطرق القانونية.

 

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه