تصنيف حالات التحرش الجنســـي

0
             تصنيف حالات التحرش الجنســـي

نظرا لتعدد أوجه ممارسة التحرش الجنسي في الأوساط المهنة أو التي تقتضي وجود علاقة سلطة أو وصاية أو مسؤولية و كذا تعدد السلوكات الموصوفة بالتحرش باعتبارها جملة التصرفات المتكررة و الملحة قولا أو فعلا، تصريحا أو تلميحا تستهدف سمعة الشخص أو علاقاته أو حقوقه و تهدد مستقبله المهني.

إضافة إلى تعدد أوجه ممارسة السلطة و تنوع الألفاظ و الحركات التي قد توصف بالتحرش الجنسي بأنه من الجدير و الحري بنا تقسيمها إلى حالات و صور نوردها فيما يلي:

المطلب الأول           
                        حالات متعلقة بصفة وجنس الضحية و المتحرش

01- التحرش الجنسي على النساء

إن التحرش الجنسي على النساء هو استثارة الأنثى جنسيا بدون رغبتها و يشمل عدة وسائل مثل الكلام و المحادثات و المعاكسات أو المجاملات غير البريئة و يحدث عادة من طرف الجنس الأخر في موقع سلطة و قوة بالنسبة للأنثى مثل ما هو للمدرس و التلميذ أو الطبيب و المريض، إذ قد تكون هذه المضايقات على شكل نظرة خبيثة و ألفاظ ذات معنى جنسي.

فأنواع هذه السلوكات تشمل مدى واسع يزعج و يضايق و يسبب الأذى للأنثى حيث ترغب بعض الضحايا من النساء الستر و حماية عائلتها و ذاتها من العار و النبذ الاجتماعي و الأمر ليس بالسهل للمرأة، لان الخوف يمتلكها من أن تفقد منصب عملها ، الذي هو مصدر رزقها أو تواجه نظرة العائلة و المجتمع إليها، و هو ما يفسر أن كثيرا من النساء يجدن صعوبة في التعبير عن هذه المسألة.
02- التحرش الجنسي على الأطفال

لقد ورد في اتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الطفل ضمن المادة 19 “ تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية و الإدارية و الاجتماعية و التعليمية الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال و الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، و هو في رعاية الوالدين أو الوصي القانوني عليه“.

و قد بنت الإحصائيات أن أكثر من 75 % من المعتدين هم أشخاص معروفين للضحية، تربطهم بالطفل علاقة قرابة أو صداقة أو من الذين يستغلونهم في الأعمال،        و تترتب رواسب سلبية تنمو مع الطفل الذي يتعرض للتحرش الجنسي، فالتحرش الجنسي بالطفل شكله شكل سلوك إدماني آخر له طابع تصاعدي، يبدأ بالمداعبة ثم يتحول إلى ممارسات أخرى، و بعض المحاولات التي تصدر من طرف الأقارب و الأشخاص الذين لهم صلة بالطفل قد تقابل بالاستجابة لها لان الأطفال يميلون إلى الرضوخ لسلطة البالغين و تبقى المشاكل النفسية التي يعيشها الطفل في كبره هي تجارب الطفولة الأليمة التي عاشها و قام بدفنها و نسيانها.

و يعد من قبيل التحرش بالطفل جنسيا، تعريضه عن عمد لمشاهد فاضحة أو صور عارية أو تعمد إثارته بأي شكل من الأشكال، كتعمد ملامسة جسده من غير ضرورة مما يؤدي إلى إفاقة جنسية مبكرة للطفل، و بصفة أكثر تجسيدا، يعد تحرشا جنسيا بالطفل في إطار علاقة الأستاذ أو المعلم بالتلميذ:

* كل ملامسة جسدية غير ضرورية.
* التقارب الجسدي أو الجسمي الواضح و الجلي.
* الدخول إلى دورة مياه الجنس الآخر - ما عدا حالات الخطأ غير المتعمد -.
* أن يوجه نظره بصفة مباشرة و متعمدة إلى دورة مياه الجنس الأخر.

و قد ذهبت بعض التشريعات خاصة التي فصلت جريمة التحرش الجنسي عن غيرها إلى تعديد و تفصيل كل السلوكات التي تقع تحت طائلة ذلك لتمييزها عن باقي  جرائم الآداب في حق الطفل و القاصر.

03- التحرش الجنسي بالرجـــل

لم يستثني المشرع الجزائري من خلال نص المادة 341 مكرر كلا الجنسين ذكرا كان أو أنثى من خلال صفة الفاعل أو الموظف الذي يمارس السلطة على الضحية، و قد تكون الأنثى تمارس السلطة في منصب من المسؤولية، تستعمل فيه نفس الضغوطات        و المضايقات لغرض إشباع رغبتها الجنسية، إلا أننا نادرا ما نصادف هذه الحالة أو الظاهرة نظرا لمكونات مجتمعنا، إلا أن ذلك لا ينفي إمكانية حدوثها.

و تفسر ندرة هذه الحالة لصعوبة تصور حالات التحرش الجنسي بالرجل خارج الحالات التي تكون فيها ممارسة سلطة الوظيفة تحت وصاية المرأة لاعتبارات تتصل بالتكوين البيولوجي و الفيزيولوجي للرجل -القوة البدنية-، و فضل القوامة الذي  خص به خاصة في المجتمعات المحافظة.

المطلب الثاني           
                            الحالات المتعلقات بطبيعة علاقة السلطـــة

إن المادة القانونية التي اعتمدها المشرع الجزائري جرمت التحرش الجنسي في إطار استغلال سلطة وظيفة أو مهنة عن طريق إصدار الأوامر و غيرها و عليه فان أشكال و أوجه استغلال هذه السلطة و طبيعتها متعددة.

فقد يكون استغلال سلطة الوظيفة في إطار ممارسة وظيفة عمومية في مؤسسة أو شركة تابعة للقطاع العام أو إدارة أو مصلحة أو مرفق عمومي، كما قد تمارس في المؤسسات و المرافق التابعة للقطاع الخاص من طرف أرباب العمل و المستخدمين مع الإشارة إلى أن المشرع الجزائري ربط التحرش بقيام علاقة السلطة بين الفاعل و الضحية متزامنا، فلا يعتد بحالات التحرش الجنسي إذا تعلق الأمر بسلوكات وقعت خارج أوقات العمل أو مقراته.

للإشارة فان بعض التشريعات ذهبت إلى تصور حالات معاكسة تماما تتعلق بتحرش الموظف بمسئوله جنسيا أو الزبون بمقدم الخدمة و هو حال التشريع الفرنسي       و الكثير من التشريعات الغربية.
إن ممارسة السلطة على الغير لا يقتصر على مفهوم السلطة بين رب العمل أو المستخدم على الموظف، فقد تكون السلطة سياسية يمارسها مسئول أعلى في السلم الهرمي       و حتى في أعلى مستوياتها فلا يشترط أن تكون السلطة مباشرة.

و قد تكون السلطة معرفية و بالتالي فالطبيب يمارس  نوع من السلطة على المريض بناء لتفوقه المعرفي و مرجعيته في مجال تشخيص الداء و وصف الدواء و تحديد بروتوكول استشفائي، فالمريض يشعر بشيء من الخضوع للطبيب مما قد يعرض هذه العلاقة لسوء الاستعمال و التعسف، فقد يتعرض المريض لممارسات طبية معينة كالملامسة المشبوهة و المتكررة لمواضع حميمية من جسد المريض دون وجه ضرورة، مما يجعل الأمر يلتبس في نظر المريض و يجعله عاجزا عن رفض هذه الملامسات رغم اعتقاده بعدم براءتها و سوء نية الطبيب، مخافة أن يتعرض لسوء التكفل و الإهمال و الرعاية الطبية، مع الاشارة إلى أن ما سبق من الصعوبة بمكان معاينته خاصة في إطار ما يسمى نظام الخدمة    و الممارسة الطبية.

و قد تكون السلطة تربوية تعليمية، يمارسها المعلم على التلميذ و الأستاذ على الطالب و المؤطر على الباحث - في الأوساط الجامعية خاصة -، إذ أن فكرة الولاء للمعلم أو المربي و النهل من فكر الأستاذ يجعل هذا الأخير يمارس سلطة فكرية تفرض على المتلقي الخضوع لحد ما، و تشهد الأوساط الجامعية و الثانوية حالات عديدة للتحرش الجنسي في ظل تخوف الطالب من الرسوب أو الطرد أو تنزيل الشعبة، و ليس بالضرورة أن يكون الأستاذ هو المتحرش فقد يتورط مدير المؤسسة التعليمية أو المؤطرين و المراقبين في ذلك، و قد شهدت في الأيام الأخيرة إحدى الثانويات حالة تحرش للمدير بالطالبات تناولتها الصحف اليومية بإسهاب.

و فضلا عن ذلك فهناك سلطة روحية يمارسها رجال الدين و شيوخ الزوايا على المخلصين و المنتمين الذين يبرزون ولاء لفكر معين أو مذهب ما و قد شهدت الجزائر حالات تحرش في بعض الأحيان مارسها رجال الدين.


المطلب الثالث               
                               الحالات المتعلقة بالسلوك المادي للمتحرش

تصنف هذه الحالات بكونها مباشرة أو غير مباشرة، بالتصريح أو بالتلميح، حركية أو لفظية أو كتابية

01- الطــرق اللفظيــــة

اللفظ هنا يختلف عن ألفاظ الغزل الرقيقة و المتوددة فهو يميل إلى الفجاجة       و الصراحة الجارحة، و يميل إلى الدلالات الجنسية و أحيانا يستخدم المتحرش ألفاظا سوقية يعبر بها عن أطماعه في الضحية و أحيانا أخرى تأخذ معنى المراودة بما يتضمنه من إغواء و إغراء و إثارة.

02- الطـرق الجسديــة

عبارة جسدية في هذا الموضع تتضمن النظرة الفاحصة المتفحصة أو الإيماءة الفاضحة الجارحة أو استعراض بعض أعضاء الجسم و خاصة الأعضاء الجنسية أو أخذ وضعيات معينة ذات دلالات جنسية أو اللمس أو التحكك أو الضغط أو محاولة الإمساك بالضحية أو ضمها و تقبيلها عنوة أو اقتحام حميميتها و قد يكون التحرش عن طريق الهاتف إذا كان قرينا بالإلحاح و الإزعاج و المضايقة.

على العموم فان تصنيف سلوكات  المتحرش جنسيا، يشمل كل الأفعال           و الحركات  التي من شأنها أن تكون قاعدة و مطية لقرارات ماسة بالشخص المتحرش به،  و التي تهدف إلى إضعاف إرادة الضحية و تقليل مردودها الشخصي و كل ما من شأنه أن يخلق جوا مرهبا و مخوفا أو عدوانيا و مهينا و قادحا، و نذكر ها هنا على سبيل المثال لا الحصر بعض هذه الممارسات المتحرشة جنسيا:

·                                           الحك أو اللمس المغري و كذا الملامسات - من مجرد التربيت الودي على الكتف إلى غاية القبلة المباغتة و التهجم-.

·                                           الوعود بالتفضيل و التعويض و كذا التهديدات بالانتقام و الاقتصاص المرتبطة بإطار السلطة أو الوصاية الممارسة.

·                                           تقديم دعوات حميمية متكررة من كل نوع، أو تقديم و عرض تذاكر سينما.

·                                           الملاحظات الخاصة بالشكل الظاهري للجسد و استعمال المناداة بأسماء مستعارة عاطفية و حميمية.

·                                           النكت  ذات الطابع الجنسي التي يكون الغرض منها إحراج و إرباك الضحية   و صدمها.

·                                           الرسوم المتهجمة، و كذا الملصقات و الصور الحائطية ذات الطابع الجنسي.

·                                           التواجد الدائم للشخص المتحرش بالقرب من الضحية بما يسبب إزعاجا          و مضايقة.

·                                           فرض الاختلاء داخل مكتب أو غرفة بمستخدم من الجنس الآخر دون حاجة أو ضرورة لذلك.

·                                           النظر بصفة مباشرة و متعمدة إلى دورة مياه الجنس الآخر أو الدخول إليها ما عدا حالات الخطأ غير المتعمد.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه