الصعوبات الميدانية لإثبات جريمة التحرش الجنسي في الجزائر

0
                   الصعوبات الميدانية لإثبات جريمة التحرش الجنسي

إن مسألة الإثبات في جريمة التحرش الجنسي تبقى من أصعب المسائل على الإطلاق حيث يواجه إثبات هذه الجريمة عدة إشكاليات ، و قد أبدى القضاء الفرنسي تشددا في تقدير الدليل إذ لا تكفي تصريحات المجني عليه لإقامة الدليل إن لم  تكن هذه التصريحات مصحوبة بشهادة الشهود، تؤيدها معاينات موضوعية.

و هكذا يجد القاضي الجزائي نفسه أمام وقائع مادية، غالبا ينبغي عليه أن يستنتج منها قرائن قضائية و هي أهم دليل يستند عليه القاضي في حكمه من خلال تكوين قناعته  و لعله من المفارقات العجيبة أن القانون الجزائي الجزائري بشقيه الإجرائي و الموضوعي لا يشير إلى القرائن القضائية إلا نادرا و ذلك بصفة ضمنية رغم الدور المهم الذي تكتسيه القرائن القضائية في القانون الجزائي في مجال الإثبات و خطورة النتائج المترتبة عن ذلك لان الأحكام الجزائية يترتب عنها مساس بحريات  الأفراد و حقوقهم الخاصة.
و يتساءل بعض الفقهاء حول ما إذا كانت هذه الجريمة من جرائم الاعتياد بدعوى أن المشرع استعمل مصطلح التحرش الذي ينطوي على فكرة التكرار و المعاودة، و أن مختلف أساليب إساءة استعمال السلطة سواء بالأوامر ، التهديد، الإكراه أو الضغط تتجلى في قانون العقوبات الجزائري غير أننا نميل إلى الاعتقاد أن نية المشرع هي ردع جريمة التحرش الجنسي و لو تمثل في عمل منفرد أو معزول.

و من ضمن إشكاليات إثبات جريمة التحرش الجنسي صعوبة الحصول على أدلة التي تثبت الجريمة مما يجعل المتهم يفلت في كثير من الحالات من العقاب، بحيث أن دليل الاعتراف، الشهادة و المحررات الذي اعتمده المشرع الجزائري في هذه الجريمة و التي يبقى عبء إثباتها على عاتق المجني عليه دون اشتراك المتهم عن طريق الدفوع  يتناقض و أخلاقيات المجتمع الجزائري الذي يرى في هذا الفعل مساس  بشرف المرأة خاصة     و العائلة بصفة عامة.

 إن البحث داخل الأسرة الجزائرية في هذه الجريمة يبقى جد صعب، كون عدد الذين تعرضوا لهذه الظاهرة سواء من النساء في أماكن العمل أو في الأسرة يبقى سريا نظرا لتكتم الأطراف المعنية على هذه الجريمة خوفا من الفضيحة و ما يتهدد المستقبل المهني للنساء العاملات اللاتي تعرضن للتحرش الجنسـي.











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه