مدكرة البيع العقاري

0
&
مقدمة :
لقد أولى التشريع الجزائري على غرار مختلف التشريعات الأخرى أهمية قصوى لحماية الملكية العقارية وذلك بوضع ترسانة من النصوص القانونية التي تحكم العقار من عدة جوانب.
وهناك عدة طرق لانتقال الملكية العقارية في التشريع الجزائري تتمثل في :
التصرف القانوني، الواقعة المادية، الحكم القضائي، القرار الإداري والعقد الإداري. ويعد البيع العقاري أهم تصرف قانوني وأكثرها شيوعا في نقل الملكية العقارية.
ولقد حصرنا موضوع الدراسة في البيع العقاري باعتباره عقدا يبرم بين البائع والمشتري دون البيوع الجبرية تفاديا لتشعب الموضوع لذلك أوردنا عنوان البحث بصيغة المفرد ولما كان البيع العقاري شأنه شأن التصرفات العينية العقارية بصفة عامة يمتاز بخاصية تميزه عن باقي العقود إذ أنه يستلزم ركنا رابعا لانعقاده إلى جانب الأركان العامة  فإنه من جهة يخضع لشكلية أوجبها المشرع فلماذا هذه الشكلية ؟ وما هي الآثار المترتبة عن تخلفها ؟ وما هو موقف الاجتهاد القضائي من ذلك ؟
كل هذه التساؤلات تستدعي تحليل أركان العقد عامة (التراضي، المحل، السبب) وركن الشكلية خاصة للتوصل إلى الإجابة عن هذه التساؤلات.
ومن جهة أخرى نجد أن البيع العقاري لا يكتفي بتوافر أركانه الأربعة ليرتب الآثار التي يرتبها عقد البيع بصفة عامة، ولكي يكون حجة على الغير. فبالإضافة إلى توافر الأركان فإن المشرع الجزائري وضع إجراءا خاصا لإنتقال الملكية العقارية بإلزام الطرفين باللجوء إلى شهر عقد البيع العقاري بالمحافظة العقارية. ونظرا لخضوع هذه العملية لإجراءات دقيقة تستجيب لقواعد وشروط قانونية محددة، وللتعرف على مختلف هذه النقاط يستدعي الأمر الإجابة على مجموعة من التساؤلات المتعلقة بتعريف هذا الإجراء وما هو موقف المشرع الجزائري من نظامي الشهر العقاري المعروفين ؟ وما هو النظام الذي تبناه المشرع الجزائري ؟ ونظرا لتعدد إجراءات العملية بحد ذاتها، ما هي الحلول القانونية التي وضعها المشرع للاستجابة وحل النزاعات التي قد تنشأ أثناء سيران العملية إلى غاية صدور قرار المحافظ العقاري الذي يدير ويشرف على المحافظة العقارية ومن يتحمل تبعة المسؤولية الناشئة عن هذه النزاعات ؟
ولمعالجة هذا الموضوع والإلمام بمختلف جوانبه والنقاط القانونية التي يثيرها ارتأينا اقتراح خطة مقسمة إلى فصلين نظرا لأن كلا من عمليتي انعقاد البيع العقاري وانتقال ملكيته مستقلتين عن بعضهما البعض لاختلاف أحكامهما والآثار المترتبة عن تخلف كل واحدة منهما.
الفصل الأول : انعقاد البيع العقاري، نتناول فيه مختلف الأركان اللازمة لذلك الانعقاد مع التركيز على الشكلية التي استوجبها المشرع بإفرادها بمبحث مستقل للإحاطة بمختلف أحكامها، ومحاولة الإجابة عن الجدل الذي أثارته الرسمية لمدة طويلة حتى على مستوى اجتهاد المحكمة العليا.
الفصل الثاني : انتقال الملكية في البيع العقاري، هذا الفصل يستوجب التطرق إلى نظام الشهر العقاري الذي تبناه المشرع الجزائري منذ صدور أمر 75/74 وما ترتبه عملية الشهر من تجسيد و تكريس للحقوق ومختلف المنازعات التي تثور عن هذه العملية التقنية والقانونية في آن واحد.



الفصل الأول: إنعقاد البيع العقاري

عرفت المادة 351 من القانون المدني الجزائري عقد البيع بنصها : "البيع عقد يلتزم بمقتضاه، البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي".
يستخلص من هذا التعريف أن البيع عقد ملزم للجانبين، إذ هو يلزم البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر ويلزم المشتري أن يدفع للبائع مقابل ذلك ثمنا نقديا.
وعرّفت المادة 683 من القانون المدني العقار بأنه "كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه ولا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار، وكل ما عدا ذلك فهو منقول".
ولا ينعقد البيع العقاري شأنه شأن أي عقد آخر إلاّ إذا توافرت فيه ثلاثة أركان هي: التراضي المحل والسبب والتي سنتناولها في المبحث الأول لكن بالإضافة إلى هذه الأركان العامة وبإعتبار البيع العقاري من العقود التي أخضعها المشرع لشكلية معينة لإبرامها هذه الشكلية المتمثلة في إلزامية تحرير العقد في ورقة رسمية يتعيّن علينا إفرادها بمبحث مستقل للتطرق إلى أحكامها.

المبحث الأول: الأركان العامة في البيع العقاري
إن الأركان العامة للعقد المتمثلة في التراضي، المحل والسبب تخضع في أحكامها إلى القواعد العامة سواء من حيث وجودها، شروطها والآثار المترتبة عنها.

المطلب الأول: التراضي:
إن انعقاد البيع يقتضي أن يتبادل طرفا العقد التعبير عن إرادتيهما ، وذلك على حدّ تعبير المشرع في المادة 59 من القانون المدني "...أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين"، فلا ينعقد البيع إلا إذا اقترن الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول مطابق له صادر من المتعاقد الآخر.
ولصحة التراضي وبالتالي صحة البيع يشترط أن تكون الإرادة خالية من عيوب  الرضا بالإضافة إلى صدورها من شخص ذي أهلية.

الفرع الأول: تطابق الإيجاب والقبول:
الإيجاب هو التعبير عن الإرادة المتضمن إقتراح إبرام عقد معين وفقا لشروط معينة.
والقبول هو التعبير عن الإرادة التالي للإيجاب والصادر ممن وجه إليه والذي يتضمن إرادة مطابقة لإرادة الموجب.
ويتضمن تطابق الإيجاب والقبول على عناصره الأساسية والتي هي المبيع والثمن، وإذا كان اتفاق المتبايعين على البيع والمبيع والثمن ضروريا ليتم البيع، فهو أيضا كاف ولا ضرورة لتمام البيع أن يتفقا على أكثر من ذلك(1).

الفرع الثاني: صحة التراضي:
طبقا للقواعد العامة فإن صحة التراضي تتحقق من خلال اشتراط أن يكون المتعاقد أهلا لإبرام العقد من ناحية، وأن تكون إرادته خالية من العيوب من ناحية أخرى.
أولا: الأهلية:
الأهلية المقصودة هي أهلية الأداء أي أهلية الشخص للقيام بتصرفات قانونية (أهلية التصرف)، وأهلية الأداء (التصرف) في القانون الجزائري هي بلوغ 19 سنة حسب م 40 من القانون المدني.
ويعتبر عقد البيع من بين التصرفات الدائرة بين النفع والضرر، لذا يكفي للمتعاقدين أن يبلغا سن التمييز والذي هو 13 سنة حسب المادة 42 من القانون المدني كي يبرما عقد البيع مع احتفاظ هذا الأخير بحقه في إبطال العقد إلا إذا أجازه بعد بلوغه سن الرشد.


ثانيا: عيوب الرضا:
عيوب الرضا في عقد البيع هي عيوبه في أي عقد آخر، فيعيب إرادة أي من البائع والمشتري أن تكون مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، فإذا شاب الإرادة عيب من هذه العيوب كان البيع قابلا للإبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب([1]) .
وبالتالي تطبق الأحكام العامة للعقود بالنسبة لهذه العيوب مع تطرقنا في الموضوع إلى كل من الغلط والتدليس لارتباط الأول بحق العلم بالمبيع وارتباط الثاني بمحل عقد البيع بالخصوص الغبن في البيع العقاري.
1. علم المشتري بالمبيع
وهو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي خيار الرؤية وقد نص عليه المشرع الجزائري في المادة 352/2 من القانون المدني.
لقد أراد المشرع بهذا النص إضفاء قدرا أكبر من الحماية لرضاء المشتري بالبيع فلم يكتفي بالحماية التي تقررها القواعد العامة بشأن عيوب الإرادة وإنما أضاف إليها اشتراط علم المشتري علما كافيا بالمبيع وإلاّ كان له حق طلب إبطال البيع.
وتشترط المادة 352 من القانون المدني أن يكون علم المشتري بالعين المبيعة علما كافيا، ويتحقق هذا الشرط إذا علم المشتري بذات المبيع وأوصافه الأساسية، وذلك لأن من الأوصاف ما لا يتحقق الرضا إلاّ بها، حيث يعول عليها معرفة ما إذا كان المبيع ملائما للغرض المطلوب له والذي أراد تحقيقه المشتري أم لا([2]).
ولا يظهر إذن خيار الرؤية إلاّ في الغرض النادر الآتي: تكون العين المبيعة معينة تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة ولكنها لا توصف الوصف المميز الذي يمكن من تعرفها، وفي الوقت ذاته لا يقر المشتري في عقد البيع أنه علم بالمبيع، ولم يكن قد سبقت له رؤيتها، ففي هذه الحالة وحدها يثبت للمشتري خيار الرؤية([3]).



المطلب الثاني: المحل:
عقد البيع هو عقد ملزم لجانبين يرتب إلتزامات متقابلة في ذمة البائع والمشتري فإلتزام البائع محله المبيع أما المشتري فيلتزم أساسا بدفع الثمن.

الفرع الأول: المبيع
يقصد بالمبيع الحق الذي يرد على شيء من الأشياء كحق الملكية الواردة على العقار والذي هو حق عيني أصلي، أو قد يكون حقا شخصيا، وقد يكون حقا أدبيا.
ويجب أن تتوافر في المبيع الشروط الواجب توافرها في محل الإلتزام بوجه عام، هذه الشروط التي سنوضحها في النقاط التالية:
أولا: أن يكون المبيع موجودا أو ممكنا:
بالرجوع إلى المادة 93 من القانون المدني فإنه يجب أن يكون المبيع موجودا وقت إبرام عقد البيع أو يكون ممكن الوجود بعد ذلك.
فإذا تعاقد الطرفان على اعتبار أن المبيع موجود وقت إبرام عقد البيع ثم تبين أن المبيع هلك قبل التعاقد فإن العقد يكون باطلا بطلانا مطلقا، كما في بيع منزل تبين هلاكه قبل إبرام العقد.
والمشرع الجزائري لا يلزم أن يكون المبيع موجودا وقت التعاقد، بل يجوز أن يكون المبيع شيئا مستقبلا طبقا لنص المادة 92 من ق المدني الجزائري: "يجوز أن يكون محل الإلتزام شيئا مستقبلا ومحققا" النص أورد لفظ محقق بعد مستقبل، وهنا ينقض الحقيقة بالواقع، فلا يمكن مطلق الجزم على أن الشيء المستقبل سيتحقق فعلا أو لا يتحقق لاحتمالية وجوده(1).
ومن أمثلة الأشياء المستقبلية: بيع شخص محصول أرضه التي لم تنبت بعد.
أما بالنسبة للعقار: بيع بناية قبل إتمام الإنجاز أو ما يعرف بالبيع بناءا على التصاميم والمعلقة على شرط تقديم ضمانات تقنية ومالية كافية لذلك بناءا على نص المواد 10/11/17/18 من المرسوم التشريعي رقم 93/03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري.
لكن هناك الشيء المستقبل المحتمل الوجود كبيع نتاج المواشي التي قد توجد أو لا توجد، وعليه يكون البيع معلقا على شرط واقف هو تحقيق نتاج الحيوان(1).
وإذا كان المشرع الجزائري أباح التعامل في الأشياء المستقبلية، إلا أنه أدرج عدة استثناءات من ذلك التعامل بنص المادة 92 الفقرة الثانية من القانون المدني: "غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضاه إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون".
والتركة يقصد بها مجموع ما للإنسان من أموال وما عليه من ديون وقت وفاته، فإذا جرى تعامل في التركة ككل أو جزء منها أثناء حياة الشخص، فهنا نفرق بين حالتين:
1. التصرف الصادر من الوارث
التصرفات التي تصدر من أحد الورثة لوارث آخر أو من موصى له لوارث، أو من لموصى له آخر أو لأجنبي عن الورثة سواء وقع التصرف على التركة كلها أو جزء منها، شائعا أو على عين معينة تدخل ضمن أموال التركة، فإن هذا التصرف يعد باطلا بطلانا مطلقا.
لكن في حالة وقوع التصرف على عين من أعيان التركة المملوكة للمورث لمشتري حسن النية اعتقد أن المبيع مملوك للوارث البائع، فإن التصرف يكون باطلا بطلانا نسبيا باعتباره بيع ملك الغير، لكن إذا كان المشتري يعلم أن المبيع من ممتلكات المورث غير أنه اتفق مع الوارث البائع على تسليمه العين بعد وفاة المورث، فهنا البيع باطل بطلانا مطلقا يعد تعامل في تركة مستقبلية حتى ولو كان برضا المورث مما ينتجه من آثار تعتبر مضاربة على حياة المورث والحث على استعجال موته(2).
2. التصرف الصادر عن المورث
القاعدة العامة أن المورث في حياته له كامل حرية التصرف في أمواله المنقولة والعقارية، لكن استثناءا يمكن أن يتصرف المورث نفسه في أموال التركة المستقبلية فيعتبر تصرفه باطلا وعلة البطلان هو تصرف المورث من شأن الإخلال بأحكام الميراث المتعلقة بالنظام العام(1). ومثال ذلك أن يتفق المورث مع الوارث أن يتنازل عن نصيبه في التركة مقابل مبلغ مالي على اعتبار أنه وارث له في اعتبار ما سيكون مستقبلا.
والحالة التي أجازها القانون للمورث هي التصرف بالوصية بما لا يزيد عن الثلث وما زاد عنه يتوقف على إجازة الورثة، غير أن الوصية يمكن الرجوع فيها قبل وفاته(2) طبقا لنص المادة 192 من قانون الأسرة الجزائري.
ثانيا: أن يكون المبيع معينا أو قابلا للتعيين
محل عقد البيع لابد أن يكون معينا أو قابلا للتعيين، فإذا لم يكن معينا كان العقد باطلا، والمادة 94 من القانون المدني الجزائري نصت على: "إذا لم يكن محل الإلتزام معينا بذاته وجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره وإلا كان العقد باطلا".
المبيع لابد أن يكون محددا تحديدا نافيا للجهالة من قبل البائع، فإذا وقع البيع على شيء معين بذاته وجب وصف المبيع وصفا دقيقا واضحا لا يثير أي لبس، وأمثلة ذلك:
1. إذا كان المبيع سيارة: وجب ذكر أوصافها التي تميزها عن غيرها كسنة صنعها، نوعها، رقمها، قوة محركها وسعتها.
2. إذا كان المبيع عقارا كمنزل أو بناية: وجب تعيين موقعها، بيان أوصافها الأساسية ومشتملاتها، ففي حالة البيع على تصاميم نصت المادة 10 الفقرة الثانية من المرسوم التشريعي رقم: 93/03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري على: "وصف البناية المبيعة أو جزء البناية المبيع ومشتملات ذلك".
ثالثا: أن يكون المبيع مشروعا وقابلا للتعامل فيه
مناط مشروعية المبيع أو عدم مشروعيته هو اتساقه أو مخالفته للنظام العام والآداب العامة وفكرة النظام العام والآداب العامة هي فكرة نسبية تختلف من دولة إلى أخرى حسب ثقافة ومفهوم الأخلاق لكل مجتمع، فما يكون غير مشروع في المجتمعات المحافظة يكون مباحا في مجتمع آخر.
نصت المادة 93 من القانون المدني المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 05/10: "إذا كان محل الإلتزام مستحيلا في ذاته أو مخالفا للنظام العام كان باطلا بطلانا مطلقا".
كما نصت المادة 682 من القانون المدني الجزائري "كل شيء خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصلح أن يكون محلا للحقوق المالية والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها، وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلا للحقوق المالية".
يفهم من سياق هذين النصين أن المشرع الجزائري أوجد شرطا ثالثا للمبيع يتمثل في وجوب مشروعيته وعدم مخالفه للنظام العام والآداب العامة وإلا كان باطلا بطلانا مطلقا.
كما فرق بين المال والشيء، فالمال يقصد به الدلالة على الحق ذي القيمة المالية كالحق العيني والحق الشخصي، أما الشيء فهو كل ماله وجود مستقل عن ذات الشخص طبيعيا أو معنويا سواء كان الشيء ماديا كالأرض والبناء، أو معنويا كالحق الذهني للمؤلف والاختراعات.
هناك نوعين من الأشياء لا تصح أن تكون محلا لعقد البيع إما بحكم طبيعتها أو كان التعامل فيها مخالفا للقانون والنظام العام، لذلك سنوضحها في النقطتين التاليين:
1. الأشياء الخارجة عن التعامل بطبيعتها
الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم طبيعتها هي التي تكون محل انتفاع لكل الأشخاص على حد السواء دون استئثار أحدهم بحيازتها، وهي الأشياء ذات الإستحالة الطبيعية كالهواء والشمس وماء البحر فهي لا تصح أن تكون محلا لعقد البيع لعدم قابليتها للتملك. والسؤال المطروح في حالة انعدام هذه الإستحالة هل يمكن التعامل بها كمحل للبيع؟ في حالة ما إذا استخدمت الأشياء الطبيعية بطريقة عملية كضغط الهواء بأنابيب معينة مخصصة أو إحراز مياه البحر في قارورات معينة فهنا تصبح الإستحالة ممكنة ويصح أن تكون محلا لعقد البيع.
2. الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون
هي أشياء غير قابلة للتعامل فيها بحكم القانون تقديرا للغرض الذي خصصت له بحكم القانون سواء باعتبارها أموالا عامة أو بتجريمها لإخلالها بالنظام العام، ونفرق بين نوعين:
أولا: الأشياء التي خرجت عن التعامل بها بحكم القانون تقديرا للغرض الذي خصصت له، وتتمثل في الأموال المملوكة للدولة من عقارات ومنقولات المخصصة لمصلحة إدارة عامة أو الإدارة أو مؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري.
أموال الدولة لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم طبقا لنص المواد 688-689 من القانون المدني الجزائري، كذلك بالنسبة للمال الموقوف يقتضي الغرض الذي خصص له عدم جواز التصرف فيه(1).
ثانيا: أشياء خرجت من دائرة التعامل بها بحكم القانون لعدم مشروعيتها ومخالفتها للنظام العام، ومن أمثلة ذلك: بيع المخدرات، تجارة الأسلحة والسموم، بيع الحقوق السياسية والحقوق الشخصية.
كما يوجد نوع آخر من المعاملات التي حرمها القانون نذكر منها:
1.    بيع التركة المستقبلية: قد سبق ذكر تفاصيلها سابقا.
2.    بيع ملك الغير: وهو بيع شخص لشخص آخر شيئا معينا بذاته لا يملكه.
3.   بيع الحقوق المتنازع عليها: لا يجوز للقضاة ولا المدافعين القضائيين ولا للمحامين أن يشتروا لأنفسهم أو بواسطة أسماء مستعارة الحق المتنازع فيه كله أو بعضه وإلا كان البيع باطلا طبقا للمواد (400-401-402-403 القانون المدني الجزائري).
4.   البيع في مرض الموت: فلا يجوز للمريض مرض الموت أن يقوم بالبيع للغير دون إقرار باقي الورثة طبقا لنص المواد (409-408 ق.م.ج).
 
الفرع الثاني: ثمن المبيع:
 بما أن البيع من العقود الملزمة لجانبين، فإنه يوجد مقابل لا يكون فيه البائع مدينا وملتزما، بل كدائن ويكون المشتري فيه مدينا بدفع ثمن المبيع، بمعنى أن عقد البيع يرتب إلتزامين أساسيين وللثمن شروط أساسية تتمثل في أن يكون نقودا، معينا أو قابل للتعيين، جديا وحقيقيا.


أولا : الثمن مبلغ من النقود
يتميز البيع عن المقايضة بأن يكون مقابل المبيع نقودا وهو الثمن، فإذا كان الثمن غير نقود، فالعقد يعد مقايضة(1)، هذا الشرط حددته المادة 351 من القانون المدني الجزائري.
·       لكن السؤال المطروح: هل يمكن أ يكون الثمن دينا على البائع ؟ ومثال ذلك: نقل المدين لدائنه ملكية أحد الأشياء عقارا أو منقولا كوفاء لدينه، فهل يعد هذا بيعا ؟
·       لا يغني عن النقود شيء آخر حتى ولو كان من المثليات وحتى ولو كان له سعر نقدي معروف في البورصة أو في الأسواق.
·       في حالة اتفاق المتعاقدان على أن يكون الثمن عبارة عن إيراد مرتب لمدى الحياة، فهنا العقد يعتبر عقد بيع وذلك لأن الإيراد ليس إلا مبلغا من النقود، لكن يجب توافر شرط ورود العقد مكتوبا ليكون صحيحا، فالشكلية هنا ركن أساسي في عقد البيع.
·       لكن لا يمكن اعتبار الإيراد المرتب مدى الحياة عقد بيع إذا كان المقابل التزام بالنفقة الكسوة، وحجة ذلك أن التزام المشتري ليس نقودا وإنما التزام بعمل وهو من العقود المسماة(2).
ثانيا : الثمن معين أو قابل للتعيين
إما أن يحدد ثمن المبيع من طرف المتعاقدين ويعين تعيينا كافيا لا يدع مجالا لمنازعة في مقداره مستقبلا(3).
تعيين الثمن وتقديره يرد بتعيين مبلغ محدد للشيء المبيع من طرف كلا المتعاقدين معا بهدف حماية مصلحتهما وعدم وقوع إحداهما في الغبن، والتقدير قد يكون فوريا أو بالاقتصار على الإشارة على الأسس التي سيقدر الثمن بناءا عليها بعد إبرام العقد طبقا لنص المادة 356 من القانون المدني الجزائري : "يجوز أن يقتصر ثمن المبيع على بيان الأسس التي يحدد بمقتضاه فيما بعد".
والثمن في بيع العقار أخضعه المشرع لعدة إجراءات خاصة مختلفة عن بيع المنقول نظرا لأهميته الإقتصادية، حماية لمصلحة الأطراف وتجنبا لوقوع الغبن، لذلك أوجب إيداع خمس ثمن المبيع أمام مرأى وبين يدي الموثق محرر العقد تحت طائلة البطلان طبقا لنص المادة 256 من قانون التسجيل المعدلة بالمادة 123 من قانون المالية لسنة 1998.
تنص المادة 256 في فقرتها الثانية والثالثة على أنه: "إذا كان الثمن قابل للدفع عن أجل، فإن الدفع يتم عند حلول كل أجل بين يدي الموثق محرر العقد إلى غاية تشكيل خمس 1/5 ثمن نقل الملكية الذي يجب أن يحرر لزوما...".
ثالثا: الثمن حقيقي وجدي
من شروط صحة الثمن أن يكون حقيقيا وجديا مماثلا للقيمة الحقيقية للمبيع وإلا عد باطلا والثمن الحقيقي هو الذي تكون إرادة الطرفين قد اتجهت إلى إلزام المشتري بأن يدفعه فعلا باعتباره مقابلا حقيقيا لا رمزيا(1).
ويكون الثمن غير حقيقي إذا كان صوريا أو تافها أو بخسا.
1. الثمن الصوري
الثمن الصوري هو الذي لا يقصد البائع أن يتقاضاه من المشتري، بل نيته اتجهت إلى ذكر مبلغ من النقود ليكون ثمنا يكتمل به المظهر الخارجي لعقد البيع(2)، وهنا العقد لا يكون بالضرورة باطلا إذا كان الثمن المتفق عليه مخالفا للثمن المذكور في العقد زيادة أو نقصانا، وإثبات الصورية في الثمن تخضع للأحكام العامة للإثبات.
2. الثمن التافه
مبدئيا تسمح حرية التعاقد للطرفين باشتراط الثمن الذي يناسبهما، وليست للقاضي سلطة ممارسة الرقابة على التوازن الإقتصادي للعقد ماعدا الحالات الإستثنائية للغبن، وبالرغم من ذلك ودون الإستناد إلى أي نص قانوني وفصلا في أحكام القضاء بأنه لا بيع إذا كان المبلغ المتفق عليه من التفاهة إلى درجة عدم تناسبه وقيمة المبيع وصولا إلى الإعتقاد بأن الثمن غير جدي، والبائع لم يتعاقد للحصول على هذا المقدار من الثمن.
3. الثمن البخس
نصت المادة 358 من القانون المدني الجزائري: "إذا بيع عقار بغبن يزيد عن الخمس، فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل ويجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد عن الخمس، أن يقوم العقار حسب قيمته وقت البيع".
الثمن البخس هو ثمن جدي ولكن بينه وبين المبيع تفاوت كبير(1) لكنه مختلف عن الثمن الصوري والتافه، إذ أن الحصول على الثمن البخس كان الدافع للبائع نقل ملكية المبيع إلى المشتري، ففي هذه الحالة ينعقد البيع بالثمن البخس بصفة طالما كان التفاوت بين قيمة المبيع والثمن لا تزيد عن خمس قيمة المبيع وقت البيع، فإذا زاد هذا التفاوت عن الخمس، فإن للبائع الحق بمطالبة المشتري بتكملة الثمن أو فسخ العقد وهو ما يسمى بالغبن الفاحش.
وقد قررت هذه القاعدة للعقار دون سواه من المبيعات الأخرى نظرا لقيمة العقار رغم أنه يؤخذ على هذه المادة حصر هذه الحماية على العقار دون المنقولات رغم وجود بعض المنقولات التي تفوت قيمة العقارات مثل: المجوهرات والسيارات الفخمة...إلخ.

المطلب الثالث: السبب:
الفرع الأول: تعريف السبب
لم يعرف المشرع الجزائري السبب في العقد واكتفى بالنص في المادة 97 من القانون المدني على: "إذا التزم المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام أو للآداب كان العقد باطلا". ولقد عرف ركن السبب نظريتين، تقليدية وحديثة.
وتعني النظرية التقليدية للسبب الغرض القريب المباشر الذي قصده الملتزم من وراء إلتزامه، فالبائع مثلا يقصد بتحمله بنقل ملكية المبيع أن يتحمل المشتري بالإلتزام بدفع الثمن(2).
أما النظرية الحديثة فتعتد بالسبب الدافع وهو الباعث الذي دفع الملتزم إلى أن يرتب في ذمته الإلتزام. فمن يشتري منزلا قد يكون الدافع له على الشراء والإلتزام بدفع الثمن هو أن يستغل المنزل، أو أن يخصص لسكناه، أو أن يجعل منه محلا لعمله...إلخ ونرى من ذلك أن الباعث يجمع الخصائص الثلاث الآتية: هو شيء خارجي عن العقد، هو شيء ذاتي للملتزم، هو شيء متغير(1).
ولقد أخذ المشرع الجزائري بإلزامية السبب كركن في العقد رغم أن المشرع لم ينص صراحة على إلزاميته في المادة 97 من القانون المدني ولكن يستشف ذلك من تفسير المادة بمفهوم المخالفة وكذا من تعديل القانون المدني بموجب القانون 05-10 المؤرخ في 20/06/2005 إذ أصر المشرع على وضع عنوان فرعي بعد المادة 95 من القانون المدني، عنونه "2 مكرر – السبب" وبالتالي نستخلص أن القانون المدني الجزائري يشترط أن يكون للإلتزام سبب، فإذا لم يكن له سبب أو كان سببه غير مشروع فإن العقد يكون باطلا، وهو يأخذ بمعنى الباعث الدافع إلى التعاقد في السبب(2) وبذلك يكون المشرع الجزائري أخذ بالنظرية الحديثة في السبب.

الفرع الثاني: الشروط الواجب توافرها في السبب
أولا: وجود السبب
ينصرف هذا الشرط إلى السبب القصدي، وهو الغاية التي يقصد الملتزم الحصول عليها. وفي عقد البيع العقاري يكون سبب إلتزام البائع بنقل الملكية هو ارتقاب الحصول على الثمن من المشتري، وسبب إلتزام المشتري بدفع الثمن هو ارتقاب الحصول على ملكية المبيع من البائع، ولذلك فإلتزام كل من البائع والمشتري مرتبط بالآخر، بحيث إذا تخلف إلتزام أحدهما فلا ينشئ إلتزام الآخر وبالتالي لا ينعقد عقد البيع(3).
ثانيا: صحة السبب
يجب أن يكون السبب صحيحا، فإذا كان موهوما أو صوريا فيكون السبب غير صحيح. فإذا تعهد الخلف العام أو الخاص بوفاء دين سلفه ثم اتضح أن هذا الدين انقضى، فهنا يكون السبب موهوما لأن المتعاقد وقع في غلط بشأن وجود السبب، ويبطل العقد.
ويكون السبب صوريا إذا كان يخفي سببا آخر غير مشروع، كما إذا تعهد الشخص بدفع دين على أنه قرض وحقيقته أنه دين قمار.
ثالثا: مشروعية السبب
ينصرف هذا الشرط إلى السبب الدافع، أي الباعث الذي دفع الملتزم إلى أن يرتب الإلتزام في ذمته، ويكون السبب غير مشروع إذا خالف النظام العام والآداب. فإذ كان الباعث للمتعاقدين معا باعثا غير مشروع كان العقد باطلا بطلانا مطلقا. أما إذا كان الباعث لأحد المتعاقدين غير مشروع ففي هذه الحالة هناك افتراضين:
1. إذا كان الطرف الآخر يعلم بعدم مشروعية الباعث لدى المتعاقد معه، فإن العقد يكون باطلا بطلانا مطلقا.
2. إذا كان الطرف الآخر لا يعلم بعدم مشروعية الباعث لدى المتعاقد معه، فلا يكون العقد باطلا(1).

















المبحث الثاني: الرسمية في البيع العقاري

إن مبدأ الرضائية الذي يترجم حرية المتعاقدين في إبرام العقود ما فتئ يتراجع حديثا وذلك لأسباب عدة منها ما يخص المصالح الفردية ومنها ما يتعلق بالمصلحة العامة.
فبالنسبة للمصالح الخاصة فإن للرضائية مساوئ قد يتضرر بسببها المتعاقد والغير، فهي تزيد في تسرع المتعاقد في إبرام العقد وعدم تقدير الأمور، وقد تساعد على نشوء الخلافات والنزاعات حول مضمون العقد، ولذلك فإن الشكلية قد تكفل حماية إرادة المتعاقد وسلامة رضاه، خاصة إذا تمثلت في كتابة رسمية وذلك لتجنب إنكار أو نسيان العقد من قبل المتعاقد معه.
أما بالنسبة للمصلحة العامة فإن الشكلية قد تعود على الخزينة بإيرادات هامة عن طريق الضرائب كالتسجيل مثلا وتوفر الضمانات للوفاء بالدين بالنسبة للتجارة الداخلية والخارجية.
لقد نص المشرع الجزائري عن الرسمية في بيع العقار بالمادة 324 مكرر 01 من القانون المدني وذلك تحت طائلة بطلان العقد.
ولدراسة الرسمية في عقد البيع يقتضي أولا تحديد مفهوم المحرر الرسمي، وهو ما نتناوله في مطلب أول.
ولما كان المشرع قد أورد الحكم المنوه عنه بالمادة 324 مكرر1 من القانون المدني لأول مرة بموجب المادة 12 من الأمر 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 المتضمن قانون التوثيق، ثم تلاه صدور القانون المدني بموجب الأمر 75/58 المؤرخ في 26/09/1975 ولم يتضمن الإشارة ضمن أحكام عقد البيع لأي حكم مماثل، فقد أفرز هذا الوضع اختلافا حادا حول طبيعة الشرط المنصوص عنه بالمادة 12 من قانون التوثيق أعلاه لذلك فإننا نتناول تحديد جزاء تخلف الرسمية في البيع العقاري في مطلب ثان.


المطلب الأول: مفهوم المحرر الرسمي:
لقد تناول المشرع تحديد مفهوم العقد الرسمي وذلك بتعريفه بالمادة 324 من القانون المدني بنصه: "العقد الرسمي هو عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه".
سنحاول تحليل التعريف الذي أوردته المادة 324 من القانون المدني ثم نعرج على تحديد شروط المحرر الرسمي.

الفرع الأول: تعريف المحرر الرسمي
لقد أورد المشرع الجزائري للحكم المنصوص عليه بالمادة 324 أعلاه تحت عنوان الإثبات بالكتابة ضمن الفصل الأول من الباب السادس من الكتاب الثاني من القانون المدني وهو نص عام يتعلق بالإثبات.
ويبدو وللوهلة الأولى أن صياغة نص المادة 324 من القانون المدني من شأنها أن تحدث خلطا بين العقد بمفهوم المادة 54 من القانون المدني، وبين المحرر الذي يفرغ فيه العقد وهو ما تولى المشرع تعريفه وتحديد شروطه بالمادة 324.
ذلك أنه من المعلوم أن الإلتزام ينشأ من مصادر متعددة هي العقد والتصرف بإرادة منفردة والفعل المستحق للتعويض وشبه العقد والقانون، وعقد البيع ما هو إلاّ مجرد مصدر من بين تلك المصادر ولذلك قد يرد ضمن محرر رسمي أو محرر عرفي وقد لا يفرغ محتواه ضمن أي محرر أصلا طالما أن القانون لا يشترط بحسب الأصل الكتابة إلاّ في حالات معينة، أما السند الذي تناولته المادة 324 فإنه ليس مصدرا للإلتزام، بل أنه الوسيلة التي يلجأ إليها الأطراف مسبقا لتهيئة الدليل على العقد الذي تم التراضي عليه، وهذا السند هو الذي يجب أن يرد في الشكل الرسمي إذا تعلق بنقل ملكية عقار أو حق عيني عقاري طبقا للمادة 324 مكرر1 من القانون المدني.
إن ما يعزز هذا الطرح أن المادة 324 قبل تعديل 1988 وردت بالصيغة التالية: "الورقة الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة...".
ولذلك فإننا نرى كما ذهب إليه البعض(1) أنه يجب تعديل صياغة المادة 324 من القانون المدني وذلك باستعمال مصطلح السند أو المحرر الرسمي أو الورقة الرسمية بدلا من العقد الرسمي.

الفرع الثاني: شروط المحرر الرسمي
إن تحليل مضمون المادة 324 من القانون المدني يقودنا إلى القول بضرورة توافر بعض الشروط حتى يكتسب العقد صفة الرسمية، والتي يمكن إجمالها في ثلاث هي:
-       شروط تتعلق بصفة محرر العقد.
-       شروط تتعلق باختصاص محرر للعقد.
-       شروط متعلقة ببيانات العقد.
 I.الشروط المتعلقة بصفة محرر العقد
لا يكتسب العقد صفة الرسمية إلا إذا كان محررا من طرف شخص مؤهل قانونا لذلك هؤلاء الأشخاص عدّدتهم المادة 324 من القانون المدني وهم: الموظف، الضابط العمومي، الشخص المكلف بخدمة عامة.
1. الموظف العام
لتعريف الموظف العام ينبغي الرجوع إلى القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الصادر بموجب الأمر 06-03 المؤرخ في 15/07/2006 (2) والذي عرف الموظف في المادة 04 منه: "يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم الإداري.
الترسيم هو الإجراء الذي يتم من خلاله تثبيت الموظف في رتبته".
يتضح من مجمل هذا النص أن الموظف هو كل شخص تعينه الدولة للقيام بعمل من أعمالها(3) وعلى هذا النحو يعتبر موظفو الولايات والبلديات والوزارات والإدارات العمومية ومدراء أملاك الدولة(1) وغيرهم بمثابة موظفين عموميين لهم صلاحية تحرير المحررات الرسمية التي تتنوع حسب اختصاص كل واحد منهم.
2. الضابط العمومي
وهو كل شخص يخوله القانون سلطة التصديق على المحررات وإعطائها الصبغة الرسمية، كرئيس البلدية بصفته ضابطا للحالة المدنية وأمين الضبط بصفته يدون كل ما يدور بالجلسة من مرافعات(2)، الموثق.
3. الشخص المكلف بخدمة عامة
هم أشخاص يقومون بمهن حرة بحسب الأصل ويتلقون أتعابهم من ذوي الشأن ويتم تعيينهم من السلطة العمومية وباعتبار أن مهامهم تتعلق بتسيير مرفق عمومي فإن القانون يحدد بدقة مهامهم وشروط ممارسة المهنة والرقابة والتأديب وغيرها(3).
وفي هذا الإطار ينبغي التنويه أن المحكمة العليا قد أكدت الطابع الرسمي للعقود التي تم تحريرها من طرف القضاة الشرعيين عندما اعتبرت: "...من المستقر عليه فقها وقضاء أن العقود المحررة من قبل الأعوان العموميين وتعد عنوانا على صحة ما يفرغ فيها من اتفاقات وما تنص عليه من تواريخ بحيث لا يمكن ما هو مغاير أو معاكس لفحواها..."(4)، وأضافت في قرار آخر: ...حيث أن القرار المطعون فيه أخطا في تطبيق القانون لما اعتمد على المادة 308 من القانون المدني الجديد، بينما الوعد بالبيع الرسمي المؤرخ في 02/05/1965 تحت رقم 1077 أبرمه القاضي الشرعي في ظل القانون المدني القديم الذي كان ساري المفعول...".
II.الاختصاص
يشترط ليكتسب المحرر الصبغة الرسمية أن يتقيد محرره بحدود الإختصاص النوعي والإقليمي، فإذا كانت صلاحيات محرر الوثيقة لا تسمح له بتحرير نوع معين من العقود، فإن الوثيقة المحررة على هذا النحو لا تعتبر رسمية حتى ولو صدرت من موظف عام.
كما يجب على محرر العقد أن يتقيد باختصاصه المحلي فلا يصح للمحضر القضائي أن يتولى تبليغ العرائض خارج الدائرة الإقليمية للمجلس القضائي الذي يشتغل فيه، إذ أن المادة 02 الفقرة 02 من القانون 06/03 المؤرخ في 20/02/2006 يتضمن تنظيم مهنة المحضر لقضائي تنص: "...يمتد الإختصاص الإقليمي لكل مكتب إلى دائرة الإختصاص الإقليمي للمجلس القضائي التابع له"(1).
وتحدد القواعد القانونية المنظمة للمرفق العام اختصاص الموظف أو الضابط العام بشقيه. وفي هذا السياق ينبغي التنويه أن القانون قد يعطي الضابط أو الموظف الإختصاص الإقليمي عبر كامل الإقليم الوطني، فالقانون 06/02 المؤرخ في 20/02/2006 المتعلق بتنظيم مهنة الموثق لم يقيد الموثق بنطاق مكاني محدد، إذ أن اختصاصه يشمل كامل التراب الوطني وهو ما أكدته المادة الثانية من القانون المنظم لمهنة التوثيق بنصها: "تنشأ مكاتب عمومية للتوثيق ... ويمتد اختصاصها على كامل التراب الوطني"، غير أنه لا ينبغي أن يفهم من النص أن الموثق ينتقل إلى مختلف الأماكن ويتولى تحرير العقود خارج مكتبه، بل على العكس فإن الانتقال خارج المكتب لا يصح إلا في حالات استثنائية جدا.  
III.شروط متعلقة ببيانات العقد
لا يكفي صدور المحرر من شخص مؤهل لذلك وأن يتقيد هذا الشخص باختصاصه النوعي والمحلي، بل يجب فضلا عن ذلك أن يتقيد بجميع الأشكال التي يحددها القانون، وباستقراء مختلف النصوص القانونية لاسيما المادة 324 مكرر 02 و324 مكرر 04 المواد 26 وما يليها من القانون 06/02 المتعلق بالتوثيق والمادة 61 وما يليها من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري(2)، يمكن القول أن الأشكال التي يجب مراعاتها لاكتساب المحرر الصفة الرسمية هي:
-       أن يحرر العقد باللغة العربية في نص واحد بدون اختصار أو بياض أو نص أو كتابة بين الأسطر.
-      أن تكتب المبالغ والسنة والأشهر ويوم تحرير وتوقيع العقد من ذوي الشأن بالحروف.
-      أن يصادق على الإحالات في الهامش أو أسفل الصفحات ونفس الشيء بالنسبة للكلمات المشطوبة.
-      أن يحدد العقار محل التعامل تحديدا كافيا نافيا للجهالة من حيث موقعه ورقمه ومساحته ومعالمه الحدودية.
-      أن يتضمن تحديد أصل  الملكية(1).
-      أن يتم إيداع خمس المبلغ بين يدي الموثق طبقا للقانون 97/02 المؤرخ في 31/12/1997 المتضمن قانون المالية لسنة 1998(2)، مع الملاحظة أنه قبل صدور هذا القانون كان يتعين إيداع المبلغ كاملا طبقا للمادة 324 مكرر 01.
-      أن يتضمن ذكر إسم الموثق وتوقيعه على العقد بمعية الأطراف والشهود. والشهود ثلاثة أنواع: شهود التعريفLes témoins de certification) ) وحضورهم في العقد ليس واجبا إلا إذا كان الموثق يجهل هوية الأطراف، شهود العدل (Les témoins instrumentaires) يساهمون في تكوين العقد وشهادتهم واجبة في العقود الإحتفاليةLes contrats solonels) ) كالهبة والوصية والتنزيل، وشهود التشريف  (Les témoins d’honneur )ليس لهم أي قيمة قانونية في العقد بل أن حضورهم غرضه التشريف لا أكثر(3).

المطلب الثاني: جزاء تخلف الرسمية في البيع العقاري:
تباينت اتجاهات القضاء حول جزاء تخلف الرسمية في عقد البيع العقاري أو العقود الرامية لنقل الملكية العقارية على مر مختلف التعديلات التي طرأت على القانون المدني منذ صدوره، بدءا بالأمر 75/59، ثم الأمر 70/91، ثم القانون 88/14 المؤرخ في 03/05/1988، الأمر الذي جعله غير مستقر إلى حد بعيد إلى غاية صدور قرار الغرف المجتمعة للمحكمة العليا الذي سنراه أدناه.
وعليه سنحاول إبراز مختف المواقف القضائية بخصوص هذه المسألة على النحو التالي:

الفرع الأول: الرسمية ليست ركنا لانعقاد البيع العقاري
اكتفى القضاء إلى وقت ليس ببعيد إلى ترتيب آثار عقد البيع ومنها نقل الملكية العقارية للمشتري بناء على عقود عرفية، وألزم بالتبعية البائع بالمثول أمام الموثق لإتمام إجراءات البيع النهائي وذلك بتحريره في شكل رسمي.
وتجسيدا لهذا الإتجاه قررت المحكمة العليا تأييد قضاء المحاكم والمجالس القضائية في هذا الإطار، فقد قضت: "...بإحالة الأطراف إلى الموثق لإتمام إجراءات البيع فإن القضاة طبقوا القانون تطبيقا سليما ولا يمكن الإحتجاج بنص المادة 12 من الأمر 70/91..."(1).
كما قضت المحكمة العليا للقول بنقض قضاء المحاكم الإبتدائية التي فصلت على خلاف هذا الإتجاه، فذهبت المحكمة العليا للقول: "أنه كان يتعين على قضاة الموضوع مناقشة المادتين 351، 361 وليس المادة 12 من الأمر 70/91 الغير قابلة للتطبيق في قضية الحال... وأن المشرع قد قصد تخصيص مكانة للعقد العرفي في العلاقات القانونية ويعد مصدرا الإلتزامات المتعاقدين..."(2).
ويرى حمدي باشا عمر(3) أن هذا الموقف من المحكمة العليا في الحقيقة كان يهدف إلى إيجاد حل قانوني لوضعيات فرضها الواقع، ذلك أن الأمر 74/26 المؤرخ في 20/02/1974 المتعلق بالإحتياطات العقارية(4) منح الإحتكار لصالح البلديات فيما يخص المعاملات العقارية ومنع الأشخاص من التداول في العقارات الداخلة ضمن المخطط العمراني للبلدية باستثناء نقل الملكية بفعل الوفاة، إذ أن المادة 06 نصت: "الأراضي الخاصة الموجودة في حدود التصميم العمراني للبلدية تخصص بالولاية لسد الإحتياجات العائلية لمالكيها، وكل ما زاد على هذه الحاجة يدمج في احتياطات البلدية العقارية، ولا يجوز التصرف في هذه الأراضي بأي صفة كانت إلا لصالح البلدية، ويستثنى من هذا الخطر نقل الملكية بموجب الإرث".
إن هذا الوضع جعل الأشخاص ولخرق الحظر المضروب بموجب الأمر المذكور، يلجئون إلى التعامل في العقارات الداخلة ضمن المخطط العمراني بموجب عقود عرفية، وهو ما جعل المحكمة العليا تتماشى مع هذا الواقع الإجتماعي، ولعل السبب في ذلك يرجع – حسب رأي نفس المؤلف – إلى قناعة الكثير من قضاة المحكمة العليا إلى شدة القيود التي فرضها الأمر 74/26 أعلاه(1).
ولذلك فقد حاولت المحكمة العليا إعطاء حل قانوني لهذه الوضعيات بالإستناد إلى بعض الحجج القانونية منها ما ورد ذكره صراحة في القرارات المذكورة، ومنها ما يتعلق بقناعة القضاة الشخصية حول الأمر المذكور، ويمكن أن تستخلص بصفة ضمنية بالنظر للوضعيات التي عولجت بموجب القرارات القضائية المذكورة، وعلى كل فإن هذه المبررات لا تخرج عما يلي:
- أن عقد البيع يرتب آثاره بمجرد التراضي على شروطه، أما الشكلية التي جاء بها الأمر 70/91 في مادته 12 فلا تعد أن تكون مجرد إجراء لتمام العقد.
- أن المادتين 351، 361 من القانون المدني تلزمان البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري وتسليمه والإمتناع عن أي فعل قد يجعل نقل الملكية عسيرا أو مستحيلا، ولا يوجد ضمن أحكام عقد البيع ما يستوجب الشكلية المذكورة كشرط لنقل الملكية، لاسيما أن القانون المدني صدر بالأمر 75/58 بتاريخ 26/09/1975 بعد صدور الأمر 70/91 بتاريخ 15/12/1970، وكان بإمكان المشرع أن يدرج الشرط المذكور ضمن أحكام القانون المدني وتحديدا عند ذكر أركان البيع وهو ما لم يحصل، الشيء الذي يستخلص منه أن الشكلية المذكورة لا يمكن أن تعتبر بمثابة ركن للبيع.
- أن الغاية من الشرط المذكور بالمادة 324 مكرر 01 من القانون المدني هي السماح للخزينة بتحصيل الرسوم والضرائب المتعلقة بنقل الملكية العقارية فقط، وهو ما يفهم منه أن الشرط المذكور لا يتعلق بالعقد في حد ذاته.
إن أغلب الحجج المبداة – استثناء الثانية منها- حسب رأي الباحث لا تستند إلى أسس قانونية متينة على التفصيل التالي:
- أنه إذا كانت المواد المتعلقة بعقد البيع لم تورد في الحقيقة حكما خاصا بعقد البيع يستوجب ما مفاده ضرورة إفراغه في شكل رسمي كركن من أركان انعقاده، إلا أن هذا الحكم ورد صراحة بموجب المادة 12 من الأمر 70/91 لمتعلق بالتوثيق حين اشترطت الرسمية في كل العقود الرامية لنقل الملكية العقارية بما فيها عقد البيع، وإذا كان هذا الحكم المذكور ورد بقانون التوثيق وهو قانون خاص فإن القاعدة تقضي بأن الخاص يقيد العام.
- أنه متى نصت المادة 12 المذكورة أعلاه على أن جزاء تخلف هذا الشرط هو البطلان، فإن الشرط المذكور يضحي حتما بمثابة ركن من أركان انعقاد العقد، ومتى تخلفت أركان العقد كان جزاؤه البطلان المطلق ويصبح في حكم العدم، والعدم لا يرتب أي أثر قانوني بما فيها نقل الملكية، ولذلك فلا يمكن القضاء أن يلزم البائع بالمثول أمام الموثق لتنفيذ عقد معدوم.
- أن المادة 15 من الأمر 75/74 المؤرخ في 12/09/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري(1) – وهو قانون لاحق للقانون المدني- نصت على أن: "كل حق للملكية وكل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية...". وأضافت المادة 16 من نفس الأمر: "إنّ العقود الإدارية والاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تعديل أو انقضاء حق عيني لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلاّ من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية". وتكون المادة 14 من نفس الأمر قد ألزمت المحافظ العقاري حين مسك الدفتر العقاري الإشارة إلى جميع العقود الرسمية المتعلقة بحق الملكية العقارية بنصها: "تلزم الإشارة من أجل مسك مجموعة البطاقات العقارية إلى...: - جميع العقود الرسمية المنشئة أو الناقلة أو المصرحة أو المعدلة المتعلقة بالملكية العقارية...".
وتطبيقا لهذا الأمر صدر المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 يتعلق بتأسيس السجل العقاري والذي نصت مادته 61: "كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم على الشكل الرسمي".
إن مجموع هذه النصوص يتضمن ما مفاده أن الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية لا تنتقل بين المتعاقدين إلا من تمام إجراءات الشهر العقاري، وهذه العملية لا تتم إلا بموجب وثائق رسمية وهو ما يجعل المحافظ العقاري ملزما من الناحية القانونية - باستثناء بعض الحالات ليس هو مجال دراستها- برفض إشهار أي عقد يتضمن نقل ملكية عقارية لم يقدم في الشكل الرسمي.
- أنه لا يمكن التسليم بشدة القيود التي فرضها الأمر 74/26 أعلاه والإستناد عليها كمبرر ولو ضمنا لمعالجة أوضاع واقعية نشأت بسبب معاملات مخالفة للقانون، ذلك أن القضاء مكلف بالفصل في المنازعات المعروضة عليه طبقا للقانون وهو ما يستدعي إلغاء كل المعاملات التي تمت خلافا له، وليس محاولة إيجاد حل لتلك الوضعيات بمخالفة القانون.
ورغم أن أغلب الحجج المذكورة لم تكن تستند إلى دعائم قانونية متينة على النحو المتقدم، إلا أن هذا الاتجاه للمحكمة العليا كان مبررا من الناحية القانونية وإلى حد بعيد إلى غاية صدور القانون رقم 88/14، وأن الإستناد إلى الحجة الرامية للتمسك بأحكام القانون المدني الذي لم يشترط ضمن أحكامه الرسمية – وهو القانون اللاحق زمنيا لقانون التوثيق-، كان سببا كافيا لاستعباد المادة 12 من الأمر 70/91.

الفرع الثاني: الرسمية ركن لانعقاد البيع العقاري
تميزت هذه المرحلة في البداية بتذبذب في الإجتهاد القضائي بخصوص مسالة الرسمية في عقد البيع العقاري وفي العقود الناقلة للملكية العقارية بوصف عام، مع أسبقية ملحوظة لموقف معاكس تماما للموقف السابق دراسته أعلاه، بحيث أن القضاء صار يميل وبشكل كبير إلى اعتبار الرسمية ركن لانعقاد عقد البيع العقاري يترتب على مخالفته البطلان المطلق.
غير أن الموقف لم يحسم بصفة نهائية لصالح أحد الإتجاهين على حساب الإتجاه الآخر، وهو ما جعل الوضع يزداد حدة من الناحية العملية، إذ أن قضاة المحاكم والمجالس وجدوا أنفسهم في حالة عدم استقرار نتيجة عدم وضوح الموقف، خاصة أن المحكمة العليا هي الجهة المخولة دستوريا بتوحيد الإجتهاد القضائي تعرف موقفين مختلفين وهو ما يصعب معه على قضاة الدرجات الدنيا تفضيل موقف على الآخر، وهو ما استدعى تدخل الغرفة المجتمعة للفصل في المسألة بصفة نهائية.
أولا: الوضع قبل صدور قرار الغرف المجتمعة بتاريخ 18 فيفري 1997
لقد بدأت نوايا تكريس الموقف الثاني الرامي للقول أن الرسمية ركن من أركان عقد البيع تظهر جليا من توالي صدور قرارات المحكمة العليا في هذا الصدد لاسيما بعد صدور القانون 88/14 المؤرخ في 03/05/1988.
فقد قضت المحكمة العليا: "...يشترط في العقود المتضمنة نقل الملكية العقارية أن تحرر في الشكل الرسمي، وإلا وقعت تحت طائلة البطلان...أنّ الهبة تنعقد بالإيجاب والقبول مع مراعاة قانون التوثيق في العقارات، لذا فإن الهبة تعتبر باطلة لعدم استيفائها الشروط الجوهرية"(1).
وفي نفس الإطار ذهبت المحكمة العليا بموجب قرار آخر صادر في 21/10/1990 رقم 68467 إلى القول: "...ولما ثبت في قضية الحال أن كلا من العقدين المقدمين للمحكمة عرفيين، ومن ثم فإن قضاة الموضوع بأخذهم اللفيف واعتباره عقدا رسميا دون توفره على الشروط المنصوص عليها قانونا خرقوا القانون"(2).
ثانيا: قرار الغرف المجتمعة بتاريخ 18 فيفري 1997
رغم توالي صدور العديد من القرارات التي قضت بضرورة استيفاء الرسمية كشرط لنقل الملكية العقارية، إلا أن المسألة لم تحسم بصفة نهائية.
فقد أثار الملف رقم 136153 مسألة قانونية من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الإجتهاد القضائي، ولذلك انعقدت الغرفة المختلطة طبقا للمادة 20 من القانون 89/22 المؤرخ في 12/12/1989 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وسيرها وتنظيمها للنظر في هذا الملف، وقد تشكلت هذه الغرفة من قضاة الغرفة المدنية والغرفة التجارية والبحرية، وبعد النقاش لم تتوصل الغرفة المختلطة إلى حل نهائي على اعتبار أن الغرفة المدنية تمسكت بموقفها الرامي للقول بصحة العقود العرفية كما تم بيانه أعلاه عند دراسة الموقف في ظل الإجتهاد القديم، بينما تمسكت الغرفة التجارية بموقفها الرامي للقول ببطلان هذه العقود لمخالفتها شرط الرسمية.
ونظرا لهذا التباين الملحوظ في المواقف تقرر إحالة الملف طبقا للمادتين 22، 23 من القانون 89/22 أعلاه على الغرف المجتمعة، لأن القرار الذي سيتخذ من شأنه أن يؤدي إلى التراجع عن الإجتهاد القضائي لإحدى الغرفتين على النحو السابق بيانه.
وقد انتهت الغرف المجتمعة إلى إصدار قرار بتاريخ 18/02/1997 قضت فيه: "من المقرر قانونا أن كل بيع اختياري لمحل تجاري...يجب إثباته بعقد رسمي وإلا كان باطلا. ومن المقرر أيضا أنه زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى الشكل الرسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية... يجب أن تحرر على الشكل الرسمي. ومن المقرر أيضا أن يعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله".
ورغم أن هذا القرار صدر فصلا في نزاع قضائي يتعلق ببيع محل تجاري غير أنه يمكن تعميمه على جميع الحالات المذكورة في المادة 324 مكرر 01 من القانون المدني ومنها عقد البيع الوارد على عقار أو حق عيني عقاري.
ويرى البعض أن قرار الغرف المجتمعة جاء في وقت مناسب بالنظر لكونه فصل في نقطة قانونية مهمة موحدا بشأنها الإجتهاد القضائي، وذكر جميع القضاة بضرورة التطبيق السليم للقانون.
غير أن القرار المذكور كان يمكن أن يكون أكثر جدوى لو جاء في مرحلة سابقة أين كان تباين الإجتهادات القضائية مبررا من الناحية القانونية بحجج سليمة. 
ذلك أنه وكما مر معنا وقبل صدور القانون 88/14 فإن التباين في المواقف كان راجعا لتمسك أصحاب الإتجاه الأول – عن صواب- باستعباد المادة 12 من الأمر 70/91 التي تستوجب الرسمية وتطبيق مقتضيات القانون المدني لاسيما المادة 351 التي ألزمت البائع بنقل الملكية العقارية دون أن تستوجب أي شروط شكلية، لاسيما أن القانون المدني صدر بعد الأمر 70/91  المتعلق بالتوثيق وكان المشرع يملك مكنة إدراج الحكم المذكور بالقانون المدني بكل سهولة غير انه لم يفعل.
بينما تمسك أصحاب الإتجاه الثاني بضرورة تطبيق المادة 12 من الأمر 70/91 باعتبارها نصا خاصا والخاص يقيد العام.
فإلى غاية هذه المرحلة كان كل موقف من الموقفين المذكورين يشكل اجتهادا قضائيا، مادام أن الإجتهاد وكما هو معلوم هو عملية فكرية يلجأ إليها القاضي لإيجاد حل قانوني لنزاع معروض عليه في حالة عدم وجود نص قانوني أو وجود نص غامض يحتمل أكثر من تفسير واحد، أو وجود أكثر من نص واحد ولكن تطبيق النصين في آن واحد يكون أمرا غير ممكن، أو أن تطبيق كل نص على حدا يعطي حلا قانونيا مخالفا للحل الآخر.
أما وبعد صدور القانون 88/14 المذكور أعلاه فقد أدرج محتوى المادة 12 من الأمر 70/91 في القانون المدني ضمن المادة 324 مكرر 01، ومن ثمة فإن إعمال الإتجاه الأول المذكور صار مفتقدا لأدنى مبرر قانوني، وهو ما يجعل إمكانية الإجتهاد بخصوص مسألة الرسمية غير ممكن على الإطلاق طالما أن القواعد العامة تقضي أنه لا اجتهاد مع وضوح النص.
ولذلك فإن أن قرار الغرف المجتمعة في الحقيقة لا يشكل قرارا مبدئيا ولا يمكن أن يوصف بالإجتهاد القضائي، طالما أنه توصل إلى تكريس موقف الغرفة التجارية البحرية وهو بدوره لا يعد من قبيل الإجتهاد لأنه كان بالأساس مجرد تطبيق سليم لنص قانوني واضح ولا يحتاج لأي تفسير.
ومع ذلك فإن قرار الغرف المجتمعة لا يخلو من فائدة، لأن تباين القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة العليا كان من شأنه أن يبقي الغموض مستمرا ويؤثر بصفة مباشرة على قضاة المحاكم والمجالس ويبقي الجدل مستمرا.


الفصل الثاني: إنتقال الملكية في البيع العقاري

تنص المادة 793 من القانون المدني: "لا تنتقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلاّ إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار".
يستلزم علينا لتحليل وشرح إجراءات شهر عقد بيع العقار التطرق إلى هذا النظام بصفة مفصلة وتناول مختلف الإشكالات القضائية التي تثور في هذه العملية.

المبحث الأول: نظام الشهر العقاري في التشريع الجزائري
يعرف مجيد خلفوني الشهر العقاري بأنه: "عمل فني يهدف إلى تسجيل مختلف التصرفات الواردة على العقارات بإدارة الشهر العقاري لإعلام الكافة بها، إظهارا بوجودها ليكون الجميع على بينة من أمرها"(1).
ويعرفه جمال بوشناقة بأنه: "مجموعة القواعد والإجراءات التي تهدف إلى تثبيت ملكية عقار أو حقوق عينية عقارية لشخص أو أشخاص معنيين اتجاه الغير، ومن شأن هذه القواعد والإجراءات تنظيم شهر حق الملكية أو الحقوق العينية العقارية الأخرى الواردة في سجلات معدة لإطلاع الكافة"(2).
وبالرجوع إلى الخلفية التاريخية لنظام الشهر العقاري المطبق على الملكية العقارية في الجزائر، نجد أن نظام الشهر العقاري في الجزائر مر بعدة مراحل لكن أهم مرحلتين هما: المرحلة الأولى: مرحلة الإستعمار الفرنسي وتطبيق نظام الشهر الشخصي. والمرحلة الثانية: مرحلة الإستقلال وصدور الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري وتطبيق نظام الشهر العيني لكن مع بقاء نظام الشهر الشخصي كمرحلة انتقالية لهذا فإننا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين: المطلب الأول: نظام الشهر العقاري في الجزائر أثناء الفترة الإستعمارية وقبل صدور الأمر 75/74 وبعد صدور الأمر 75/74 ثم تتناول في المطلب الثاني القواعد المنظمة للشهر العقاري في الجزائر.

المطلب الأول: التطور التاريخي لنظام الشهر العقاري في الجزائر:
الفرع الأول: نظام الشهر العقاري في الجزائر قبل صدور الأمر 75/74
تميزت هذه المرحلة بتطبيق نظام الشهر الشخصي، والتي يمكن تقسيمها إلى مرحلتين:
أولا: مرحلة الإستعمار الفرنسي للجزائر حتى سنة 1962
لقد تميزت هذه المرحلة بإصدار العديد من القوانين والمراسم المتناقضة وهذا راجع إلى السياسة التي انتهجتها الإدارة الإستعمارية منذ دخولها للجزائر بهدف الإستيلاء على الأراضي، لكن ما يهمنا نحن في هذا البحث طبيعة نظام الشهر المطبق على الملكية  العقارية في الجزائر أثناء هذه الفترة، وهذا يقودنا إلى ضرورة معرفة نظام الشهر المطبق في فرنسا آنذاك.
بالرجوع إلى التشريع الفرنسي نجد أن فرنسا تبنت نظام الشهر الشخصي وذلك من خلال المرسوم رقم 55-22 المؤرخ في 04/01/1955 المتضمن نظام الشهر العقاري في فرنسا، والذي قامت بتطبيقه في الجزائر بموجب المرسوم رقم 59/1190 المؤرخ في 21/10/1959 والذي حددت مهلة تطبيقه ابتدءا من الفاتح مارس 1961 وذلك بموجب المرسوم رقم 61-185 المؤرخ في 22/02/1961 المتضمن تنظيم الإدارة العمومية محددا طرق إعداد الدفتر العقاري وصلاحيات محافظ الرهون في إيداع الوثائق الخاضعة للشهر العقاري(1).
ثانيا: مرحلة الإستقلال حتى سنة 1975 قبل صدور الأمر رقم 75/74
وهذه المرحلة يمكن تقسيمها إلى فترات:
1.   الفترة الإنتقالية ما بين 05/07/1962 إلى غاية 15/12/1970
تبتدئ هذه المرحلة بصدور الأمر رقم 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 المتضمن في مادته الأولى: تمديد العمل بالتشريعات الفرنسية إلا ما يمس منها بالسيادة الوطنية في الجزائر، وهذا نتيجة لحالة الفراغ الذي تعرضت له الإدارات الجزائرية بعد مغادرة الموظفين الفرنسيين للجزائر وهذا يعني تطبيق نظام الشهر الشخصي على الملكية العقارية وحمايتها وهذا ما أسفر عن صدور العديد من القوانين والمراسيم(1).
2.   فترة صدور الأمر رقم 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 المتضمن مهنة التوثيق
والذي أوجب صراحة الرسمية في التعاقد بموجب المادة 12 منه: "... يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن ملكية عقار أو حقوق عقارية في شكل رسمي ويجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد" والذي قد بدأ العمل به ابتداء من 01/01/1971.
3.   فترة صدور قانون الثورة الزراعية بموجب الأمر 71/73 المؤرخ في 08/11/1971
في إطار تنظيم القطاع الفلاحي الذي نص على تأسيس مسح الأراضي العام، وهذا يعكس بكل وضوح ضرورة وضع قاعدة قانونية وتقنية للفضاء العقاري وحمايته.
4. فترة صدور الأمر 75/58 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن التقنين المدني معدل ومتمم
وهذا في إطار تعزيز وحماية الملكية العقارية أكثر، وكان أول نص وأهم نص تطرق فيه المشرع بصراحة إلى ضرورة إخضاع كل التصرفات العقارية إلى عملية الشهر العقاري وضرورة مراعاة قواعد الشهر وآثاره، وهو نص المادة 793 منه والتي نصت: "لا تنقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار".
وإذا كان المشرع الجزائري في ظل هذا الأمر وفي ظل القوانين التي سبقت صدوره أشار إلى عملية الإشهار العقاري فإن المواد التي تضمنها غير كافية لتنظيم الملكية العقارية(2)، فلذلك كان واجبا عليه أن يتبنى نظام للشهر العقاري لتحقيق ذلك وتجسد ذلك بصدور الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي وتأسيس السجل العقاري وهذا ما سيتم التطرق له في الفرع الموالي.
الفرع الثاني: نظام الشهر العقاري في الجزائر بعد صدور الأمر 75/74
لقد تبنى المشرع الجزائري نظام الشهر العيني بصدور الأمر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري ولأجل تفعيله وتوسيعه صدرت مراسيم تطبيقية وأهمها: المرسومين رقم 76/62 المؤرخ في 25/03/1962 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام المعدل والمتمم(1)، ورقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المعدل والمتمم والمتعلق بتأسيس السجل العقاري(2). إلاّ أن تحقيق هذا النظام واقعيا لا يكون إلا على سبيل التدرج حتى تتم عملية مسح كل أقاليم البلديات مما جعل المشرع يبقى على نظام الشهر الشخصي كمرحلة انتقالية، وذلك في المناطق غير الممسوحة وهذا ما نستشفه من نص المادة 27 من الأمر 75/74 التي نصت: "إن العقود والقرارات القضائية التي تكون موضوع إشهار في محافظة عقارية والتي تخص عقارات أو حقوقا عينية ريفية موجودة في بلدية لم يعد فيها بعد مسح الأراضي تفهرس بصفة انتقالية في مجموعة بطاقات عقارية مؤقتة تمسك على الشكل الفردي طبقا لكيفيات تحدد بموجب مرسوم".
ولقد أوكل الأمر المذكور أعلاه مهام إعداد مسح الأراضي والمحافظة عليه إلى الإدارة المكلفة بشؤون أملاك الدولة والشؤون العقارية إلا أنه بصدور المرسوم التنفيذي رقم 89/234 المؤرخ في 19/12/1989 أصبحت هذه المهام من اختصاص الوكالة الوطنية لمسح الأراضي.
كما أكد على ضرورة إنشاء السجل العقاري وأن هذه العملية لا يمكن أن تتم إلا بعد القيام بعملية المسح العام للأراضي التي تحدد وتعرف النطاق الطبيعي على العقارات على إقليم كل بلدية ويعد السجل العقاري الوضعية القانونية للعقارات ويبين تداول الحقوق العينية ويمسك على شكل مجموعة البطاقات العقارية التي ينسخ محتواها على الدفتر العقاري الذي يسلمه المحافظ العقاري إلى المالك باعتباره سندا على ملكيته.
إلى جانب الأمور الإجرائية التي جاء بها هذا الأمر، فإنه أرسى قواعد الشهر العيني من خلال تأكيده على قاعدة الأثر المنشئ والناقل للشهر وذلك من خلال المادتين 15 و16.
فنصت المادة 15: "أن كل حق للملكية وكل حق عيني عقاري آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية". ويفهم من هذا النص أن المشرع الجزائري لم يعترف بغير القيد للإدعاء بالملكية في الحقوق العينية في مواجهة الغير، فإذا تم شهرها فإنها تسري في مواجهة الكافة من تاريخ القيد، فأصبح من الواجب على كل شخص يدعي أنه مالك لأي حق عيني عقاري مصدره واقعة مادية(1) كالتقادم المكسب أو الإلتصاق فعليه إثبات ذلك بالقيد.
أما فيما يخص حالة الوفاة فإن الملكية تنتقل من تاريخ حدوث الوفاة ويمكن للورثة الإحتجاج بحق الملكية في مواجهة الغير، لكن بالمقابل فإن قانون الشهر ألزمهم بشهر هذا الحق لإثبات انتقال الملكية العقارية إليهم وذلك عن طريق قيد الشهادة التوثيقية في المحافظة العقارية والمعدة من طرف الموثق التي تفيد إنتقال الملكية العقارية من المالك إلى الورثة أو الموصى لهم والمستند في تحريرها على الفريضة –عقود الملكية- الشهادة العقارية ومنه نصت المادة 39 من المرسوم 76/63: "عندما يتم إشهار شهادة موثقة بعد وفاة تثبت الإنتقال المشاع للأملاك..." وتضيف المادة 91 فقرة 1 "كل انتقال أو إنشاء أو إنقضاء لحقوق عينية عقارية بمناسبة أو بفعل الوفاة ضمن الآجال المحددة بالمادة 99 يجب أن تثبت بموجب شهادة موثقة"، ويكون الشهر للشهادة التوثيقية بتاريخ رجعي يمتد إلى تاريخ الوفاة.
أما المادة 16 فإنها تكلمت عن: "إن العقود الإرادية والإتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو إنقضاء حق عيني، لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلاّ من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية". وهذا يعني أن التصرفات الصادرة بإرادة منفردة والعقود المبرمة بين الأطراف ومن بينها عقد البيع العقاري لا يكون لها أثر بينهم ولا يحتج بها في مواجهة الغير إلا إذا تم شهرها بالمحافظة العقارية، وبالتالي فإن السند أو الإتفاق ليس له وجود قانوني إلا بمراعاة إجراءات الشهر، فلا ينتج عن التصرفات التي لم تشهر سوى إلتزامات شخصية بين الأطراف وهذا في حالة ما إذا استوفى العقد الشكلية المطلوبة لانعقاده(1).
فالمبدأ العام الذي جاء به هذا الأمر هو أن الملكية لا تنتقل إلا بالشهر أي أن القيد هو الذي ينشئ الحق وليس التصرف، وهذا يترتب عليه أن الحق لا ينتقل بأثر رجعي لما قبل القيد كالرجوع بآثار القيد إلى تاريخ انعقاد العقد وليس للعقد أي أثر في نقل الملكية لأن العبرة بالشهر في المحافظة العقارية.
وحتى تتم عملية الإشهار العقاري بصفة صحيحة ومنظمة وتتحقق الغاية من تبني نظام الشهر العيني فلقد وضع المشرع ضوابط وقواعد تحكم جميع المحررات والوثائق الخاضعة للشهر والشروط الواجب أن تتوافر عليها، فما هي هذه القواعد والشروط وكيف نظمها القانون؟ وهذا ما سيتم دراسته في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: قواعد وشروط تنظيم الشهر العقاري:
إن الغاية الأساسية للشهر العقاري وهو شهر وإعلان التصرفات الخاصة بالحقوق العقارية حتى تلقى الحجية المطلقة وكل الحماية في حالة وجود نزاع بشأنها، ولتحقيق هذا الهدف من الضروري أن تخضع المحررات والوثائق التي يتم شهرها لمجموعة من القواعد ولشروط تضبطها خاصة فيما تتضمنه من معلومات التي تعكس التصرف وأطرافه. ولهذا فإننا قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين: الأول خصصناه للقواعد المنظمة، والمطلب الثاني خصصناه للشروط الواجب توافرها.

الفرع الأول: قواعد تنظيم الشهر العقاري
لقد أخضع المشرع عملية الشهر العقاري إلى قاعدتين أساسيتين أوجبهما في كل المحررات والوثائق الخاضعة لعملية الشهر العقاري حتى تتم المراقبة الشكلية والموضوعية لهما، وهما قاعدة الرسمية وقاعدة الأثر الإضافي وهذا ما سوف نراه عند دراسة كل عنصر.
أولا: قاعدة الرسمية
إن رضائية العقود هي القاعدة العامة المطبقة في القانون الجزائري(1)، إلا أن لكل قاعدة استثناء ذلك أن المشرع أخضع بعض التصرفات ومنها الواردة على العقارات إلى مبدأ شكلية العقود، ويعد الشكل ركن من أركان العقد وتخلفه يجعل العقد باطلا بطلانا مطلقا كما سبق شرحه، كما اشترط أن يكون المحرر الذي أفرغ فيه العقد رسميا(2)، والرسمية هي أن يتم إنجاز المحرر من طرف موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقا لنص المادة 324 من القانون المدني. ومنه فإن الرسمية تثبت حتى للأحكام القضائية.
وقاعدة الرسمية أوجبها قانون الشهر في كل العقود التي يراد شهرها في المحافظة العقارية وهذا ما قضت به المادة 61 من المرسوم 76/63 "كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم على الشكل الرسمي".
واشتراط قانون الشهر للرسمية في العقود له عدة مزايا نلمسها في عدة جوانب سواء بالنسبة للأطراف أو المحرر في حد ذاته وحتى للدولة.
1.    بالنسبة للأطراف والغير
ذلك أن إسناد مهمة تحرير العقد من طرف أحد الأشخاص المذكورين بالمادة 324 من القانون المدني يعد حماية للأطراف وذلك بإعلامهم وتنبيههم بمدى خطورة التصرف المقدمين عليه وكذلك إطلاعهم على الأحكام القانونية التي تحكمه.
2.    بالنسبة للمحررات
اكتساب المحررات حجية ذلك أن البيانات التي تتضمنها صحيحة إلى أن يتم إثبات العكس عن طريق الطعن فيها بالتزوير كما يضمن تحرير العقد وفق الشروط الشكلية والقانونية الخاصة بتعيين الأطراف والعقار وإشهارها في المحافظة العقارية في الآجال القانونية.


3. بالنسبة للدولة
قاعدة الرسمية تمكن الدولة من فرض وبسط رقابتها على السوق العقارية، وذلك بالتدخل للتقليل من المضاربة غير المشروعة في المعاملات العقارية وتمكينها من تحصيل مستحقات الخزينة العمومية وذلك بفرض رسوم التسجيل والشهر(1). فاشترط قانون التسجيل الصادر بتاريخ 09/12/1976 بموجب الأمر 76/105 "على الموثق تسجيل مختلف العقود التي يبرمها لدى مصلحة التسجيل والطابع".
·   المحررات والوثائق الخاضعة للشهر العقاري
من خلال دراسة أحكام قانون الشهر العقاري نجد أن المحررات والوثائق الخاضعة للشهر متنوعة تشمل التصرفات التي يقوم بها الأطراف والأحكام القضائية الصادرة عن مختلف الجهات القضائية، كما نجد إلى جانب قانون الشهر قوانين خاصة أخضعت هي كذلك بعض التصرفات القانونية إلى عملية الشهر العقاري.
I/ المحررات والوثائق الخاضعة للشهر طبقا للأمر 75/74
1.المحررات والوثائق الواجبة الشهر المذكورة بالمادة 14
أ.التصرفات والعقود المتعلقة بالملكية العقارية
إن هذه التصرفات والعقود سواء كانت صادرة بإرادة منفردة كعقد الهبة أو صادرة باتفاق الطرفين كعقد البيع، وسواء تعلقت بأحد الحقوق العقارية المتفرعة عن حق الملكية كحق الإنتفاع ومهما كان نوع التصرف ناقل للملكية أو منشأ أو مصرح أو معدل فلا بد من شهره بالمحافظة العقارية بهدف انتقال الملكية سواء كان ذلك بين الطرفين أو في مواجهة الغير طبقا للمادة 16 منه. وهذا ما كرسه الإجتهاد القضائي من خلال القرارين الصادرين عن المحكمة العليا ومجلس الدولة.
- قرار المحكمة العليا رقم 182360 المؤرخ في 28/10/1998 مجلة قضائية لسنة 1999 العدد 01 الصفحة 81 الذي أكدت فيه "من المقرر قانونا بالمادة 793 من القانون المدني أن الملكية العقارية والحقوق العينية الأخرى لا تنتقل إلا بالشهر".
- قرار مجلس الدولة رقم 186443 المؤرخ في 14/02/2000 – غير منشور- "حيث أن إجراءات الإشهار العقاري تعتبر إجراءات من النظام العام وأن تسري شرعية العقود التوثيقية ابتداء من يوم إشهارها في المحافظة العقارية"(1).
ب. جميع القرارات القضائية اللاحقة للإجراء الأول الذي كان موضوع تأسيس البطاقات العقارية والخاضعة للإشهار العقاري
ويشترط أن تكون هذه الأحكام والقرارات صادرة عن جهات قضائية ومكرسة لحقوق عينية عقارية إما بتعديلها أو تغييرها أو إزالتها، ولا يمكن شهر هذه الأحكام إلا إذا كان هناك شهر مسبق لهذا العقار في مجموعة البطاقات العقارية لتأسيس السجل العقاري، فالقانون ألزم كتاب الضبط بشهر هذه الأحكام والقرارات بالمحافظة العقارية(2)، - ولكن عمليا فإن عملية الشهر يقوم بها من صدرت الأحكام أو القرارات لصالحه- حتى تكون سندا ناقلا للملكية وفي هذا ذهبت المحكمة العليا في قرارها رقم 99699 المؤرخ في 25/07/1993 – المجلة القضائية لسنة 1994 العدد الثاني الصفحة 212 "أن المستأنفتان لم تبادرا بتسجيل وإشهار الحكم القضائي المؤرخ في 28/05/1975 الذي أثبت البيع المبرم بموجب عقد عرفي في سنة 1973 المنصب على القطعة الأرضية المعروفة باسم – بورفرف- البالغ مساحتها 05 هكتار 65 آر 72 سنتيار المملوكة أساسا لفريق صخري بموجب مداولة بتاريخ 30/04/1977 فإن العقد المذكور أختل فيه هذا الشرط مما يفقده الحجية تجاه الغير"(3).
ج. تسجيلات الرهون والإمتياز
بالرجوع للقانون المدني نجد أن عقد الرهن وحقوق الإمتياز جاءت تحت عنوان الحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية. فهي لا تعد طرقا من طرق انتقال الملكية إنما هي عبارة عن ضمانات مقررة للدائن لاستيفاء دينه، ولقد عرفت المادة 882 من القانون المدني الرهن الرسمي "الرهن الرسمي عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء دينه يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التالين في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان". وعرفت المادة 982 من القانون المدني حق الإمتياز "الإمتياز أولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته ولا يكون للدين امتياز إلا بمقتضى نص قانوني"، ولقد نص القانون المدني على ضرورة قيد الرهون والإمتيازات.
- فيما يخص الرهن فلقد نصت المادة 904 "لا يكون الرهن نافذا في حق الغير إلا إذا قيد العقد أو الحكم المثبت للرهن قبل أن يكسب هذا الغير حقا عينيا على عقار..." وتضيف المادة 905 "يسري على إجراء القيد وتجديده وشطبه وإلغاء الشطب والآثار المترتبة على ذلك كله الأحكام الواردة في قانون تنظيم الإشهار العقاري".
- فيما يخص حقوق الإمتياز التي أوجب المشرع شهرها هي حقوق الإمتياز الخاصة الواردة على عقار وليس حقوق الإمتياز العامة التي أعفاها المشرع من إجراءات الشهر وفي ذلك نصت المادة 986 من القانون المدني "تسري على حقوق الإمتياز العقارية أحكام الرهن الرسمي بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق وتسري بنوع خاص أحكام التطهير والقيد وما يترتب على القيد من آثار وما يتصل به من تجديد وشطب، غير أن حقوق الإمتياز العامة لو كانت مترتبة على عقار لا يجب فيها الإشهار..."، وهذا ما يمكن أن نفهمه من نص المادة 16 من الأمر 75/74 لأنه جاء عاما بذكر العقود الإرادية والإتفاقات المتعلقة بحق الملكية.
د. المحاضر المعدة من قبل مصلحة مسح الأراضي والمثبتة للتعديلات التي تخص العقارات المسجلة في مجموعة البطاقات العقارية
لقد نصت المادة 83 من المرسوم 76/63: "أنه تبلغ إلى المحافظ العقاري ضمن الأشكال المنصوص عليها في المادة 84 التعديلات التي أدخلتها المصلحة المكلفة بضبط مسح الأراضي فيما يخص ترقيم الوحدات العقارية على إثر التغيرات التي هي من اختصاص هذه المصلحة لمعاينتها على الفور تطبيقا للمادة 23 من المرسوم رقم 76/62 المؤرخ في 52/03/1976 المتعلق بإعداد مسح الأراضي العام وكذلك التعديلات الناتجة عن البناء والتهديم". وبالرجوع للمادة 84 منه نجدها تنص على أن التعديلات الواردة في المادة 83 لابد أن تكون على شكل محاضر التي تصادق عليها المصلحة المكلفة بضبط مسح الأراضي وتكتب في سجل الإيداع ويؤشر في البطاقات العقارية.
ه. كل التعديلات القانونية لعقار محدد ومسجل في مجموعة البطاقات العقارية
لقد أحالت المادة 14 إلى مرسوم سيصدر لاحقا لتطبيقها وجاء توضيح هذه التعديلات في المادة 85 من المرسوم 76/63 التي نصت "إن دعاوى القضاء الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها لا يمكن قبولها إلا إذا تم إشهارها مسبقا طبقا للمادة 14-4 من الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري إذا تم إثبات هذا الإشهار بموجب شهادة من المحافظ العقاري أو تقديم نسخة من الطلب الموجود عليه تأشير الإشهار" ومقصود هذه المادة هو أن كل شخص يريد المنازعة في حق عيني مشهر بالمحافظة العقارية وذلك بالمطالبة بفسخ أو إبطال بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق أو سندات أو عقود توثيقية أو قرارات قضائية فعليه أن يقوم بشهر العريضة الإفتتاحية بالمحافظة العقارية.
ويثبت الشهر من خلال التأشيرة التي يضعها المحافظ العقاري على نسخة العريضة الإفتتاحية أو أن يسلم له شهادة تثبت عملية شهرها، وإلا فإن الدعوى المرفوعة لن تقبل وما يمكن ملاحظته أن المشرع الجزائري لم يحدد المهلة التي يتم فيها شهر العريضة هل يجب أن تكون قبل رفع الدعوى أم أثناء سيرها؟ كما أن العريضة الإفتتاحية لا تعتبر من الوثائق الرسمية إلا أن المشرع أخضعها لعملية الشهر، وهذا راجع للأهمية التي أولاها للحقوق العينية العقارية الثابتة بالشهر والمراكز القانونية الناشئة وعملية الشهر هذه فيها تجسيد لنظام الشهر العقاري الفرنسي والذي يأخذ بنظام الشهر الشخصي الذي يعتمد هذه الطريقة في الشهر لإعلام الغير ليس إلا وهو شيء مخالف لمبادئ نظام الشهر العيني الذي يهدف إلى حماية الملكية العقارية للأفراد.
كما أن هذه العملية توفر الحماية الكاملة للمدعي في حالة ما إذا كان الحكم صدر لصالحه للإحتجاج به في مواجهة الغير الذي تعامل في العقار موضوع النزاع، ومن جهة أخرى فهي توفر الحماية لمن يريد التعامل في أحد هذه الحقوق وذلك بتنبيهه إلى النزاع الواقع عليها وهذا كله تماشيا مع الغاية التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من تبنيه نظام الشهر العيني وهو إعداد بطاقة عقارية لكل عقار حتى تكون المرآة العاكسة للصورة الحقيقية والواقعية للعقار إذا كان سليما خاليا من العيوب أم أنه مثقل بأعباء لأن المحافظ العقاري لما يتلقى العريضة يشير إلى ذلك في البطاقة العقارية بالتأشير.
وبالرغم ما لهذه المادة من أهمية في إرساء وتثبيت قواعد نظام الشهر العيني إلا أنها أثارت خلافا كبيرا في الوسط القضائي بين من يعتبرها من النظام العام وقيد على رفع الدعوى وبالتالي عدم الشهر يؤدي إلى عدم قبول الدعوى شكلا. وبين من يعتبرها مجرد إجراء وضعه المشرع لصالح رافع الدعوى فهو حر في القيام به أو عدم القيام به فللأطراف الصفة وحدهم في إثارة هذا الدفع ولا يمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه، وبالتالي فلا أثر لهذا الإجراء على قبول الدعوى أو رفضه. وفي هذا الشأن صدر إجتهادان مختلفان عن مجلس الدولة والمحكمة العليا.
- قرار مجلس الدولة – الغرفة الأولى- بتاريخ 12/06/2000 رقم 203024 "ففي الدعاوى العقارية والإدارية المتعلقة بعقار والرامية إلى إبطال العقود المشهرة بالمحافظة العقارية تشترط المادة 85 من المرسوم رقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 لقبول الدعوى شهر العريضة الإفتتاحية مسبقا لدى المحافظة العقارية المشهر لديها العقد مسبقا وشرط لقبول الدعوى"(1).
- قرار المحكمة العليا – الغرفة المدنية- بتاريخ 12/07/1995 رقم 130145 "كما أن شهر الدعوى في المحافظة العقارية لا يترتب عليه أي بطلان إذ أن تطبيق المادتين 13 و14 من الأمر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 فقد أحال المشرع تطبيق هاتين المادتين على المرسوم. إذ أن اشتراط إشهار العريضة قبل تسجيلها لدى كتابة ضبط المحكمة يعد قيد على رفع الدعوى استحدثه هذا المرسوم، والمشرع نص على إجراءات رفع الدعوى وشروط قبولها أمام القضاء في قانون الإجراءات المدنية ولم ينص على هذا القيد بالنسبة للدعاوى العينية العقارية ومن ثمة يوجد تعارض بين أحكام قانون الإجراءات المدنية وأحكام هذا المرسوم وتبعا لذلك إذا وقع تعارض بين التشريع العادي والتشريع الفرعي ويطبق التشريع الفرعي ويطبق التشريع العادي. إن قبول قضاة الموضوع للدعوى من دون أن يسبق شهر العريضة في المحافظة العقارية لا يعد خرقا للقانون"(1).
وحسب رأينا فإن الرأي الأول هو الأرجح بالرغم ما للرأي الثاني من حجة قانونية ذلك أن هذا القيد الذي وضعه المشرع لا يخدم مصلحة المدعي فحسب، إنما يخدم مصلحة المجتمع ككل وخاصة بالنسبة للطرف المتعامل في العقار الذي قد يزول حقه بعد صدور الحكم لصالح المدعي لأنه لو علم بوجود نزاع لما أقدم على هذا التصرف، وهذا فيه مساس بعدم استقرار الملكية في يد المالك ومبدأ القيد المطلق للأمر رقم 75/74 وبالتالي تناقض قانون الإجراءات المدنية.
2.   المحررات الواجبة الشهر طبقا للمادة 17
لقد نصت المادة 17 على أن الإيجارات المبرمة لمدة 12 سنة لا يكون لها أي أثر بين الأطراف ولا يحتج بها تجاه الغير في حالة عدم إشهارها رغم أن حق الإيجار هو حق شخصي لا يرتب إلا إلتزامات شخصية ولا ينشأ حقوق عينية إلا أن المشرع جعل لهذا النوع من الإيجارات هذا الأثر بموجب الشهر. وما يجب ذكره هو أن عقود الإيجار المحررة بعد صدور المرسوم رقم 93/03 المؤرخ في 12/03/1993 المتضمن النشاط العقاري أصبح من الواجب أن تفرغ في شكل خاص طبقا للنموذج المحدد بموجب المرسوم التنفيذي رقم 94/96 المؤرخ في 19/03/1994 المتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار المنصوص عليه بالمادة 21 منه فالعبرة بالمدة المحددة في العقد.
II/ المحررات الخاضعة للشهر العقاري طبقا للقوانين الخاصة
المحررات التي نقصدها في هذا العنصر هي السندات الإدارية والمتمثلة في القرارات والعقود الإدارية المتعلقة بحق عيني عقاري(2) الصادرة عن الدولة – الولاية –البلدية- ومختلف الإدارات العمومية وهذا يعني أن الإدارة غير معفية من عملية الشهر العقاري كلما تعلق الأمر بحق عيني عقاري ومن بين هذه النصوص:
1. القانون رقم 87/19 المؤرخ في 08/12/1987 الذي يتضمن ضبط كيفية إستغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية ويحدد حقوق المنتجين وواجباتهم: إذ نصت المادة 33 "تتكون المستثمرة الفلاحية الجماعية قانونا عند تاريخ نشر العقد الإداري المنصوص عليه بالمادة 12 من هذا القانون في سجل الحفظ العقاري".
2. القانون رقم 91/11 المؤرخ في 27/04/1991 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة الذي نص في المادة 30 "يبلغ القرار الإداري بنزع الملكية إلى المنزوع منه وإلى المستفيد ويخضع للشكليات القانونية المطلوبة في مجال التحويل العقاري".
3. القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 المتضمن قانون الأملاك الوطنية المادتين 29-30 وكلاهما تكلمت عن النشر طبقا للتشريع المعمول به.
ثانيا: قاعدة الأثر الإضافي للشهر – قاعدة الشهر المسبق-
إن مدلول القاعدة يتجلى في أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال القيام بإجراء إشهار محرر يتضمن تصرف وارد على عقار ما لم يكن هناك شهر مسبق للمحرر الذي كان سببا في اكتساب العقار المتصرف فيه، وهذا ما جاء به نص المادة 88 من المرسوم 76/63(1) والحكمة التي إبتغاها المشرع من وضع مثل هذه القاعدة هو تحقيق فكرة تسلسل انتقال الملكية العقارية ومنه تحقيق الطمأنينة في المعاملات العقارية وذلك من خلال معرفة صاحب الحق الأخير وجميع الملاك السابقين الذين تداولوا على ملكية هذا العقار بمجرد الإطلاع على البطاقة العقارية، ولقد أعطى القانون للمحافظ العقاري سلطة رفض القيام بعملية الإشهار لهذه المحررات إذ رأى عدم احترام قاعدة الأثر المسبق للشهر.
غير أن هذه القاعدة لا يمكن تعميمها على كافة المحررات وفي جميع الحالات لورود استثناءات عليها:
I/ الإستثناءات الواردة على قاعدة الشهر المسبق
إن قاعدة الشهر المسبق تطبق في الحالات العادية أي التي يمكن من خلالها للمحافظ العقاري مقارنة الوثائق محل إجراء الشهر مع المحررات التي سبق شهرها والمحتفظ بنسخة منها لدى المحافظة العقارية، غير أنه في بعض الأحيان يتلقى المحافظ العقاري حالات قانونية يستعصى عليه مراقبة الشهر المسبق وذلك باعتبارها أول إجراء أو أنها حالات تطلبتها عملية التحول من نظام الشهر الشخصي إلى نظام الشهر العيني(1).
ولقد أورد المشرع استثناءات على هذه القاعدة منها ما جاء بالمرسوم ومنها ما جاء في قوانين أخرى.
1.   الإستثناءات الواردة بالمرسوم رقم 76/63
لقد جاءت المادة 89 من المرسوم 76/63 باستثناءين فنصت: "تستثنى القاعدة المدرجة في الفقرة الأولى من المادة 88 أعلاه:
- عند الإجراء الأولي الخاص بشهر الحقوق العقارية في السجل العقاري والذي تم تطبيقا للمواد 08 إلى 18 من هذا المرسوم.
- عندما يكون حق المتصرف أو صاحب الحق الأخير ناتجا عن سند اكتسب تاريخا ثابتا قبل أول يناير سنة 1971".
أ. الإجراء الأول في السجل العقاري
بالرجوع إلى المواد 08 إلى 17 من المرسوم نجدها تتعلق بإيداع وثائق مسح الأراضي على مستوى المحافظة العقارية بعد الإنتهاء من عملية المسح، والإيداع هو من الإجراءات الأولية للقيام بعملية إعداد البطاقات العقارية وتأسيس السجل العقاري وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى إشهار مسبق كي يتم التسجيل في السجل العقاري.
ب. العقود الثابتة التاريخ قبل 01/01/1971
لقد وضع هذا الإستثناء لإعطاء الحجية للعقود التي لم تكن خاضعة لعملية الشهر العقاري لأنه قبل تاريخ 01/01/1971 كانت عملية شهر مختلف العقود الموثقة أمرا اختياريا ولقد أعفى المشرع حاملي هذه السندات من إيداع أصل الملكية الخاصة، وبالمقابل ألزمهم بتعيين العقار تعيينا دقيقا وذكر كل الأشخاص الذين جاءت أسماءهم في العقد العرفي بدون استثناء وذلك لتسهيل عملية ضبط البطاقة العقارية. ويتم ذلك عن طريق اللجوء للموثق لتحرير –عقد إيداع- يتم شهره بالمحافظة العقارية(2). فالتصرف صحيح بين الأطراف لكن لا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا من بعد إفراغه في الشكل الرسمي وإشهاره وهذا عملا بنص المادة 16 من الأمر 75/74.
2.   الإستثناء الوارد بقانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المعدل والمتمم المتضمن التوجيه العقاري
لقد نصت المادة 39 من القانون المذكور أعلاه على أن كل شخص حسب مفهوم المادة 823 من القانون المدني(1) يحوز أرضا من نوع الملك الخاص لم يحرر لها عقود بشرط أن تكون حيازته هادئة – علنية – مستمرة – ولا تشوبها شبهة، يمكن له أن يحصل على سند حيازي يسمى "شهادة الحيازة" وهذه الشهادة تخضع لشكليات التسجيل والإشهار العقاري.
كما أخضعت المادة 41 منه طلب شهادة الحيازة لإجراء الإشهار ونصت: "يخضع طلب تسليم شهادة الحيازة وشهادة الحيازة لإجراء الإشهار الذي يحدد كيفياته عن طريق التنظيم" وشهادة الحيازة المشهرة لا تنقل الملكية، إنما يعتبر حائز بحسن النية ويمكنه اكتساب العقار بالتقادم المكسب.
3.   الاستثناء الوارد بالمرسوم رقم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 يسن إجراءات إثبات التقادم المكسب وإعداد عقد الشهرة المتضمن الإعتراف بالملكية
   أكدت المادة الأولى من هذا المرسوم على أن كل شخص يحوز في إقليم بلدية عقار مملوك ملكية خاصة ولم تشمله عملية المسح ولا يوجد له منازع في الحيازة أي أن حيازته للعقار تكون هادئة – علنية – مستمرة – غير مشوبة بلبس طبقا لأحكام الحيازة الواردة بالمادتين 827 و828 من القانون المدني، يمكن له اللجوء إلى الموثق ويطلب منه إعداد عقد شهرة يتضمن الاعتراف بالملكية ويرفق طلبه بالوثائق التي تبين طبيعة العقار محل الحيازة – موقعه- حدوده- مساحته- والأوراق الإثباتية للحالة المدنية الخاصة به والتصريح الشرفي بممارسته الحيازة...إلخ، وعليه يقوم الموثق بعد إتباعه مجموعة من الإجراءات لإعداد عقد الشهرة بتحرير العقد التوثيقي المثبت للتقادم المكسب، ويتم شهره بالمحافظة العقارية. ويعتبر أول إجراء ولكن المشكل الذي طرح بخصوص عقد الشهرة واكتساب الملكية بالتقادم هو هل يمكن أن يتم إعداد عقد شهرة على عقار مشهر؟.
لقد اختلفت الآراء في الإجابة على هذا المشكل بين مؤيد لشهر العقد على أساس ما جاء به القانون المدني(1) لأن التقادم المكسب سبب من أسباب كسب الملكية إذا كان لمدة 15 سنة دون انقطاع أو 10 سنوات للحائز حسن النية، وبين رافض على أساس أن ذلك يتعارض مع القوة الثبوتية للشهر والحيازة قرينة على الملكية، والملكية ثابتة بالشهر.. وهذا ما ذهبت إليه التشريعات العربية التي أخذت بنظام الشهر العيني ومنها قانون الشهر السوري الذي نص في مادته 19 "إن مرور الزمن لا يعترض به على الحقوق المسجلة في السجل العقاري". وحسب رأينا فإن الرأي الراجح هو الرأي الأول نظرا لان المادة      827 من القانون المدني جاءت بصفة عامة ، و انه إذا لم تكن قاعدة التقادم المكسب التي سنها المشرع للمحافظة على استقرار المراكز القانونية قد وضعت في مواجهة المالك للعقار ولو بسند مشهر فهي في مواجهة من ؟
4.   الاستثناء الوارد بالقانون رقم 83/18 المؤرخ في 13/08/1983 المتضمن حيازة الملكية العقارية الفلاحية
يعتبر الإستصلاح في التشريع الجزائري سببا من أسباب اكتساب الملكية العقارية لأراضي تابعة للدولة والواقعة في المناطق الصحراوية أو المنطوية على مميزات مماثلة، وكذا الأراضي الأخرى غير المخصصة والممكن استخدامها في الفلاحة بعد الإستصلاح. وتمنح ملكية الأرض بعد استيفاء شروط الإستصلاح ويحرر عقد الملكية من طرف مدير أملاك الدولة ممثلا في ذلك والي الولاية مع وجوب إشهاره في المحافظة العقارية.

الفرع الثاني: شروط تنظيم الشهر العقاري
حتى تتم عملية الشهر العقاري بصفة سليمة وصحيحة وتكتسب التصرفات العقارية المشهرة حجيتها كان من الضروري التأكد من أن المحررات المراد شهرها تحمل المعلومات الكافية والدقيقة التي تمكن المحافظ العقاري من تحديد العقار ومالكه بصفة نافية للجهالة، لذلك فإن قانون الشهر وضع مجموعة من الشروط القانونية تضبط هذه المحررات.
أولا: الشروط القانونية الخاصة بتعيين الأطراف
لم يميز قانون الشهر في الأطراف بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي فكلاهما لابد أن يتم تحديده تحديدا دقيقا لكن كل واحد حسب ما تقتضيه طبيعته. ولقد أوكل الأمر 75/74 مهمة التحقق من هوية الأطراف وأهليتهم الموجودة على الوثائق وكذلك التأكد من صحة المحررات المراد شهرها إلى المحافظ العقاري. فنصت المادة 22 "يحقق المحافظ في هوية وأهلية الأطراف الموجودين على وسائل الإثبات وكذلك في صحة الأوراق المطلوبة من أجل الإشهار".
بالنسبة للأشخاص الطبيعية: لقد وضحت المادة 62 من المرسوم 93/123 العناصر التي لابد أن يتضمنها كل عقد أو قرار قضائي قبل أن يكون موضوع إشهار بالمحافظة العقارية وهي: ألقاب وأسماء وتاريخ ومكان ولادة وجنسية وموطن ومهنة الأطراف مع المصادقة عليها من طرف الموثق أو كاتب الضبط أو السلطة الإدارية في أسفل كل جدول أو مستخرج أو صورة أصلية أو نسخة مودعة من أجل تنفيذ الإجراء أما الشهادات التوثيقية المعدة بعد الوفاة فيجب الإشارة فيها إلى الحالة المدنية للمتوفى، والتصديق عليها مع ذكر كل من أسماء وألقاب وموطن وتاريخ الولادة ومهنة كل وارث.
بالنسبة للأشخاص المعنوية: لقد جاءت المادة 63 من المرسوم 76/63 بالشروط التي يجب ذكرها بالنسبة للأشخاص المعنوية، وهي مختلفة باختلاف الأشخاص فذكرت: أن كل عقد أو قرار قضائي موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يشمل على:
- بالنسبة للشركات سواء كانت مدنية أو تجارية: لابد من تحديد تسميتها، شكلها القانوني، مقرها وكذا رقم التسجيل في السجل العقاري بالنسبة للشركة التجارية.
- بالنسبة للجمعيات: تسميتها، مقرها، تاريخ ومكان تصريحها.
- بالنسبة للنقابات: تسميتها، مقرها، تاريخ ومكان إيداع قوانينها الأساسية.
وبعد أن يكون المحافظ العقاري قد راقب كل هذه المعلومات لابد عليه أن يراقب هل أن المحررات رسمية ومصادق عليها من طرف الأشخاص المنصوص عليهم قانونا بالمادتين 62-64 من المرسوم 76/63. وشرط المصادقة فرضته المادة 64 "كل جدول أو مستخرج أو صورة أصلية أو نسخة مودعة في محافظة عقارية قصد تنفيذ إجراء، يجب أن تحمل تأشيرة موقعة من قبل محرر العقد أو من قبل سلطة إدارية تشهد بهوية الأطراف" وإذا ما وجد المحافظ العقاري عدم توافر هذه الشروط له كل السلطة في رفض الإيداع والإمتناع عن القيام بإجراء الشهر طبقا لنص المادة 100 من نفس المرسوم(1).
ثانيا: الشروط القانونية الخاصة بالعقار
إن الفكرة التي قام على أساسها نظام الشهر العيني هو الحصر الدقيق للعقار وذلك بتحديده تحديدا نافيا للجهالة من خلال ذكر كل العناصر المكونة له. إلا أن عملية تعيين العقارات تختلف باختلاف مواقعها إذا كان في منطقة ممسوحة أو حضرية أو ملكية مشتركة وهو ما حددته مواد المرسوم 76/63.
- بالنسبة للعقارات الواقعة في منطقة ممسوحة: يجب أن يتم ذكر نوع العقار، البلدية الواقع فيها، تعيين القسم المساحي لكل جزء من إقليم البلدية ورقم المخطط وكل ما احتوته وثائق المسح.
- بالنسبة للعقارات الواقعة في منطقة غير ممسوحة: أن المشرع الجزائري وفي انتظار تعميم الشهر العيني، وضع أحكاما انتقالية التي تحدد بموجبها عناصر تعيين العقارات الواقعة في منطقة غير ممسوحة ضمن الوثائق التي يكون موضوع شهر بالمحافظة العقارية. وهذا التعيين يختلف باختلاف موقع العقار سواء واقع في منطقة ريفية أو حضرية.
أ. العقار الريفي: إن العقارات الواقعة في المناطق الريفية تخضع إلى نظام انتقالي حسب نص المادة 114 "خلافا لأحكام المادة 66 من هذا المرسوم وعند عدم وجود مخطط لمسح الأراضي فإن كل عقد أو قرار قضائي يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يبين فيه: نوعه، موقعه، محتوياته وفضلا عن ذلك أرقام المخطط المحتفظ به بصفة نظامية لدى مصالح مسح الأراضي والمحافظة العقارية وفي حالة عدم وجود ذلك أسماء المالكين المجاورين" مع الإشارة إلى أن هناك بعض المناطق الريفية خضعت لعمليات المسح أثناء الحقبة الإستعمارية، إلا أنها لم تكتمل مما استوجب وجود مخططات نظامية ووثائق لا تزال محفوظة ويمكن الرجوع إليها في عمليات التعيين.
وفي هذه الحالة فإن المحافظ العقاري يقوم بمسك مجموعة البطاقات العقارية بصفة مؤقتة وتكون فردية للمالكين وتفهرس مستخرجات الوثائق التي تم إشهارها حسب ترتيبها في المحفوظات تحت إسم كل مالك(1).
ب. العقار الحضري: طبقا للمادة 21 من المرسوم 76/63 فإن العقارات الحضرية هي العقارات المبنية وغير المبنية الموجودة على الطرقات والمرقمة بصفة نظامية والواقعة في المناطق السكنية التابعة للبلديات التي يزيد عدد سكانها عن 2000 نسمة والتي لم تشملها عملية المسح وتعد بطاقة عقارية للعقار بناء على ذكر إسم البلدية –الشارع الواقعة فيه الرقم- طبيعة العقار ومساحته.
- العقارات المبنية الخاضعة لنظام الملكية المشتركة: عرفت المادة 743 من القانون المدني الملكية المشتركة بأنها حالة قانونية يكون فيها عدة أشخاص مالكين بالإشتراك لعين معينة، ويحتوي على أجزاء خاصة وأجزاء مشتركة. أما الأجزاء الخاصة فهي التي تستعمل استعمال شخصي وبشكل خاص كتبليط الأرض، الأبواب، النوافذ،...إلخ. ومالكها حر في التصرف فيها وتعتبر أجزاء مشتركة الأرض، الفناء، المداخل،...إلخ.
ولتعيينها وجب ذكر بالإضافة إلى البيانات العامة البيانات الواردة في الجدول الوصفي للتقسيم وهي رقم الحصة حسب الترتيب التصاعدي للعمارة، الدرج، الطابق، والنسبة في الأجزاء المشتركة. وكل تغيير أو تعديل فإنه يتعين إعداد جدول وصفي جديد ويتم شهره إلى جانب العقد في المحافظة العقارية.








المبحث الثاني: المنازعات المتعلقة بعملية الشهر العقاري

إن الحماية التي أقرها المشرع للملكية العقارية لم تتوقف عند وضع مجموعة من الإجراءات إنما تعداها إلى إعطاء الحق لكل ذي مصلحة للطعن في هذه الإجراءات وكذا الأخطاء الناتجة عنها، وذلك بفتحه باب المنازعة سواء أمام المحافظ العقاري نفسه أو أمام القضاء. وللتفصيل أكثر فقد ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب الأول لدراسة المنازعات الناشئة عن إجراءات الشهر العقاري، ونخصص المطلب الثاني لدراسة المنازعات الناتجة عن الأخطاء التي يرتكبها المحافظ العقاري.

المطلب الأول: المنازعات المتعلقة بإجراءات الشهر العقاري:
سنتطرق في هذا المطلب إلى دراسة المنازعات المتعلقة بعملية الشهر بالنسبة لعملية الترقيم في فرع أول ثم المنازعات المتعلقة بعملية إجراء الشهر الناشئة عن قرارات المحافظ العقاري في فرع ثان.

الفرع الأول: المنازعات الناشئة عن ترقيم العقارات
إن ترقيم العقارات هو أحد الإجراءات الشكلية الأولية لإشهار حقوق الملكية والحقوق العينية العقارية الأخرى في السجل العقاري التي جاء بها المرسوم 76/63. ويكون الترقيم في السجل العقاري على أساس وثائق المسح المودعة لدى المحافظ العقاري فقد أجاز قانون الشهر لكل مصلحة أن يعترض على الترقيم سواء كان مؤقتا أو نهائيا.
أولا: المنازعات المتعلقة بالترقيم المؤقت
نصت المادة 15 من المرسوم 76/63 على أن النزاع في الترقيم المؤقت سواء كان لمدة 04 أشهر أو لمدة سنتين يكون أولا بالإعتراض أمام المحافظ العقاري خلال هذه المدة، وينبغي على الطرف المحتج أن يبلغ إحتجاجه للمحافظ العقاري وإلى الطرف الخصم الذي سجل العقار باسمه عن طريق رسالة موصى عليها.
ويملك المحافظ العقاري في هذه الحالة سلطة المصالحة بين الطرفين ويكون أمام موقفين:
إما أن تنجح محاولة الصلح وفي هذه الحالة يقوم بتحرير محضر بذلك ويكون له القوة الإلزامية والثبوتية والحجية الكافة.
وإما أن تفشل فيحرر محضر بذلك ويبلغه إلى المعنيين بالأمر وفي هذه الحالة يمكن للمعترض أن يلجأ للقضاء ويرفع دعوى يطلب فيها إلغاء الترقيم، وذلك في مهلة 06 أشهر من تاريخ تبليغه فإذا انقضت المهلة ولم ينازع في الترقيم يسقط حقه. أما إذا رفع الدعوى في الآجال المحددة فإن الترقيم يحافظ على طابعه إلى غاية صدور حكم قضائي نهائي، وفي هذه الحالة يجب شهر العريضة الإفتتاحية طبقا لأحكام المادة 85 من المرسوم 76/63 ويتم تبليغها للمحافظ العقاري.
أما عن تحديد الجهة القضائية المختصة فإن الأمر يتطلب التمييز بين حالتين:
- حالة ما إذا كان أطراف النزاع من أشخاص القانون الخاص فإن الإختصاص يعود للمحكمة الواقع في دائرتها العقار، وبالتالي فإن الإختصاص يعود للقاضي العادي.
- حالة ما إذا كان أحد أطراف النزاع من أشخاص القانون العام فإن الإختصاص يؤول للقضاء الإداري الغرفة المحلية وذلك على أساس المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية.
ثانيا: المنازعات المتعلقة بالترقيم النهائي
إن الترقيم النهائي يترتب عليه منح الدفتر العقاري أي سند الملكية، لكن وبالرغم من هذا الأثر الهام للشهر العيني إلا أن المشرع أجاز للأشخاص إعادة النظر فيه وذلك بالطعن فيه أمام القضاء دون أن يقيده بأجل محدد ومسقط. وهذا يفتح المجال إلى رفع الدعاوى القضائية للطعن في بيانات السجل العقاري حتى بعد فوات آجال طويلة من صيرورة الترقيم نهائيا وحصول المعني بالأمر على سند الملكية، الدفتر العقاري، وهذا يشكل نقطة ضعف في نظام الشهر العيني في التشريع الجزائري وذلك بالتأثير سلبا على غاية نظام الشهر العيني لأنه يؤدي إلى عدم استقرار الملكية العقارية في بلادنا ويقلل من درجة الإئتمان العقاري إذ يبقى مركز المالك دائما مهددا بظهور المالك الجديد، مع العلم أن الدول التي أخذت بنظام الشهر العيني جعلت الترقيم النهائي غير قابل للمنازعة وما للمالك الذي أهدرت حقوقه إلا المطالبة بالتعويض عن إهدار حقه(1).

الفرع الثاني: المنازعات الناشئة عن قرارات المحافظ العقاري
إن عملية الإشهار العقاري تأخذ شكل القرار الإداري، والنتيجة التي يصل إليها المحافظ العقاري سواء بقبول إجراء الشهر العقاري أم برفضه يعد قرارا إداريا يخضع لأوجه الطعن التي تحكم سائر القرارات الإدارية كما أشارت إلى ذلك المادة 24 من الأمر رقم 75/74 التي نصت: "تكون قرارات المحافظ العقاري قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا"(2).
ولم يذكر قانون الشهر شروط خاصة لرفع الطعن القضائي ضد قرارات المحافظ العقاري لذلك فإنه يتم تطبيق القواعد العامة في كيفية رفع الدعوى المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية(3) وخاصة المادة 459 المتعلقة بشروط رفع الدعوى. ويتم رفع الدعوى بموجب عريضة مكتوبة وموقعة من قبل الطرف ومستشاره طبقا لأحكام المادة 112 من المرسوم 76/63.
إلا أن المشرع لم يبين مهلة رفع الطعن والجهة القضائية المختصة بالتحديد إذ اكتفى بالنص "وأن الجهة القضائية المرفوعة لديها الدعوى تبت فيها طبقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية...". ويفهم من هذا النص أن طبيعة الدعوى من اختصاص القضاء الإداري طبقا لنص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية ويرفع الطعن وفقا للقواعد العامة خلال أجل شهرين تسري ابتداء من تاريخ تبليغ قرار رفض إجراء الشهر العقاري دون تقديم تظلم مسبق.
وترفع الدعوى طبقا لأحكام المادة 169 من قانون الإجراءات المدنية مع ضرورة إرفاق العريضة الإفتتاحية بالقرار المطعون فيه.
ونصت المادة 111 من المرسوم 76/63 على أن الدولة تمثل من طرف الوالي بمساعدة مدير أملاك الدولة والمحافظ العقاري فيما يخص القضايا المتعلقة بالعقار ونص المرسوم 91/65 المؤرخ في 02/03/1991 المتضمن تنظيم المصالح الخارجية لإدارة أملاك الدولة والحفظ العقاري على أن متابعة هذه القضايا يتكفل بها المحافظ العقاري(1).
أما فيما يخص الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى فإن المشرع الجزائري لم يحددها واكتفى بعبارة "...أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا" حسب المادة 24 المذكورة أعلاه، وإن كان القضاء الإداري هو المختص بالرجوع إلى أحكام قانون الإجراءات المدنية، وللتمييز بين إختصاص الغرف الإدارية الجهوية والمحلية فالأمر يختلف بحسب موضوع الدعوى(2).
- فإذا كان موضوع الدعوى هو إلغاء قرار المحافظ العقاري المتعلق بالشهر العقاري فإن الإختصاص يؤول إلى إحدى الغرف الجهوية الخمسة.
- أما إذا كان موضوع الدعوى ماعدا ذلك كأن يتعلق بإبطال بيان من البيانات الواردة بالدفتر العقاري مثلا، فإن الاختصاص يؤول إلى إحدى الغرف الإدارية المحلية على مستوى المجالس القضائية.

المطلب الثاني: المنازعات المتعلقة بأخطاء المحافظ العقاري
يحق لكل متضرر من تصرفات المحافظ العقاري أن يرفع دعوى تعويض على الدولة وذلك عملا بأحكام المادة 23 من الأمر 75/74 التي تنص: "تكون الدولة مسؤولة بسبب الأخطاء المضرة بحقوق الغير والتي يرتكبها المحافظ العقاري أثناء ممارسة مهامه ودعوى المسؤولية المرفوعة ضد الدولة ترفع في أجل عام واحد ابتداء من اكتشاف فعل الضرر وإلاّ سقطت الدعوى. وتتقادم الدعوى بمرور خمسة عشر عاما ابتداء من ارتكاب الخطأ. وللدولة الحق في رفع دعوى الرجوع ضد المحافظ العقاري في حالة الخطأ الجسيم".



الفرع الأول: مسؤولية الدولة عن أخطاء المحافظ العقاري
باستقراء المادة 23 أعلاه، ينصح أن أساس المسؤولية المترتبة عن أخطاء المحافظ العقاري يقوم على مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه، أي مسؤولية الدولة على أساس خطأ الموظف التابع لها.
فارتكاب المحافظ العقاري خطأ ما حال تأدية وظائفه أو بمناسبتها دون أن ينجم عن تبصره أو مدفوعا بعوامل شخصية ودون أن يكون خطأه جسيما يصل إلى حد ارتكاب جريمة تقع تحت طائلة التشريع العقابي، فإن الخطأ في هذه الحالة يعتبر خطأ مصلحيا إداريا، تتحمله الدولة(1).

الفرع الثاني: مسؤولية المحافظ العقاري الشخصية
تقوم المسؤولية استنادا إلى القواعد العامة للمسؤولية عن الفعل الشخصي الواردة بالمادة 124 من القانون المدني (الخطأ، الضرر وعلاقة السببية بينهما) وذلك رغم أن دعوى التعويض لا ترفع على المحافظ العقاري وإنما على الدولة ممثلة في وزير المالية، ويؤول اختصاص النظر فيها عملا بأحكام المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية إلى الغرفة الإدارية المحلية مع احتفاظ الدولة بحقها في الرجوع على المحافظ العقاري.
ويستثنى من ذلك الخطأ الذي يكتسي وصفا إجرائيا والذي تترتب عنه الدعوى العمومية والتي لا يمكن فيها مسائلة ومتابعة ممثل الدولة استنادا إلى مبدأ شخصية العقاب في القانون الجزائي، فيتابع وترفع الدعوى مباشرة على المحافظ العقاري.     


الخاتمة :
إن البحث في أي موضوع من مواضيع المادة العقارية يطرح عدة إشكالات أهمها تشعب و تعدد النصوص القانونية التي تحكم هذه المادة، وتوالي التعديلات التي تطرأ على هذه النصوص، لذلك يتعين على الباحث في مثل هذه المواضيع الإنتباه إلى تاريخ سريان هذه القوانين و مواكبة تعديلاتها.
وتوصلنا من خلال دراستنا لموضوع البيع العقاري إلي أن هذا العقد يمر بعدة مراحل تبدأ بعملية إبرامه التي تتطلب، كما رأينا، من جهة توافر الأركان العامة للعقد والتي هي : التراضي، المحل والسبب، وإذا كان ركنا التراضي والسبب يخضعان للقواعد العامة، فإننا نجد المشرع بالنسبة لركن المحل قد أحاط العقار بحماية إضافية بموجب المادة 358 من القانون المدني عندما منح إمكانية إبطال عقد بيع العقار للبائع إذا بيع العقار بثمن يزيد عن الخمس ورفض المشتري تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل.
ومن جهة أخرى ألزم المشرع تحرير هذا العقد في شكل رسمي أمام الموثق وذلك تحت طائلة البطلان كما نصت عليه المادة 324 مكرر01 من القانون المدني الجزائري.بذلك تكون الرسمية ركنا رابعا في البيع العقاري بعدما حسمت المحكمة العليا الجدل الذي كان قائما بشأن هذه المسألة قبل صدور قرار الغرف المجتمعة بتاريخ 18/02/1997.
وتلي عملية إبرام العقد مرحلة لا تقل أهمية عن مرحلة إبرامه نظرا للأثر القانوني الذي ترتبه، وهي مرحلة وعملية إشهار العقد بالمحافظة العقارية، إذ أن عملية الإشهار هي التي تنقل الملكية العقارية في البيع العقاري.
ولكن مادام أن عملية مسح الأراضي لم تغط بعد كامل المساحة الجغرافية لبلدنا فإن فعالية نظام الشهر العيني الذي تبناه المشرع الجزائري تبقي معلقة على عملية المسح التي تستلزم أموالا طائلة نظرا لتقنية العملية وإتساع القطر الجزائري.




قائمة المراجع
.I المؤلفات
1/ - د عبد الرزاق أحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني، البيع والمقايضة،الجزء الرابع،دار إحياء التراث العربي،بيروت لبنان،1960.
2/ - د عبد الرزاق أحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني،مصادر الإلتزام، الجزء الأول، دار إحياء التراث العربي،بيروت لبنان،1960.
3/ - د خليل أحمد حسن قدادة، الوجيز في شرح القانون المدني، الجزء الرابع،ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994.
4/ - د محمد حسنين، عقد البيع في القانون المدني، الجزء الرابع، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1990.
5/ - د محمد صبري السعدي،النظرية العامة للإلتزامات، الجزء الأول،دار الهدى،الجزائر 2004.
6/ - سليمان مرقس،شرح القانون المدني، العقود المسماة، الجزء الثالث ،عقد البيع،
 1980.
7/ - لحسين بن الشيخ آث ملويا،المنتقي في عقد البيع، الطبعة الثانية،دار هومة،الجزائر، 2006.
8/ - علي فيلالي، الإلتزامات ،النظرية العامة للإلتزام، الطبعة الثانية، موفم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2005 .
9/ - يحيى بكوش، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه الإسلامي، دراسة نظرية و تطبيقية مقارنة،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981.
10/ - ليلى زروقي، عمر حمدي باشا،المنازعات العقارية، الطبعة الثانية، دار هومة، الجزائر،2006.
11/ - مجيد خلفوني، نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري، الطبعة الأولى، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر 2003.
12/ - حمدي باشا عمر،نقل الملكية العقارية، دار هومة، الجزائر 2004.
13/ - حمدي باشا عمر، القضاء العقاري، دار هومة، الجزائر 2003.
14/ - رمول خالد، المحافظة العقارية كالية للحفظ العقاري في التشريع الجزائري، قصر الكتاب، البليدة، 2001.
15/- جمال بوشناقة شهر التصرفات العقارية في التشريع الجزائري دار الخلدونية للنشر والتوزيع، 2006.

.II النصوص التشريعية
1/- قانون رقم 84/11 مؤرخ في 09/06/1984، يتضمن قانون الأسرة المعدّل والمتمم.
2/- قانون رقم 87/19، مؤرخ في 08/12/1987، يتضمن ضبط كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم.
3/- قانون رقم 90/25، مؤرخ في 18/11/1990، يتضمن التوجيه العقاري.
4/- قانون رقم 91/11، مؤرخ في 27/04/1991، يحدد القواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية.
5/- قانون رقم 06/02، مؤرخ في 20/02/2006، يتعلق بتنظيم مهنة الموثق.
6/- قانون رقم 06/03، مؤرخ في 20/02/2006، يتعلق بتنظيم مهنة المحضر القضائي.
7/- أمر رقم 66/154، مؤرخ في 08/06/1966، يتضمن قانون الإجراءات المدنية، معدل ومتمم.
8/- أمر رقم 75/58، مؤرخ في 26/09/1975، يتضمن القانون المدني معدل ومتمم.
9/- أمر رقم 75/74، مؤرخ في 12/11/1975، يتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري.
10/- أمر رقم 06/03، مؤرخ في 15/07/2006، يتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.
11/- مرسوم رقم 76/62، مؤرخ في 25/03/1976، يتعلق بإعداد مسح الأراضي العام، معدل ومتمم.
12/- مرسوم رقم 76/63، مؤرخ في 25/03/1976، يتعلق بتأسيس السجل العقاري، معدل ومتمم.
13/- مرسوم تشريعي رقم 93/03، مؤرخ في 01/03/1993، يتعلق بالنشاط العقاري.

.III المجلات القضائية :
1/- العدد 1 و2 لسنة 1992.
2/- العدد 2 لسنة 1994.
3/- العدد 1 لسنة 1999.





























الفهرس
مقدمة.................................................................................
1
الفصل الأول : انعقاد البيع العقاري................................................
3
   المبحث الأول : الأركان العامة في البيع العقاري....................................
3
     المطلب الأول : التراضي........................................................
3
الفرع الأول : تطابق الإيجاب والقبول.........................................
4
الفرع الثاني : صحة التراضي.................................................
4
     المطلب الثاني : المحل...........................................................
6
الفرع الأول : المبيع...........................................................
6
الفرع الثاني : ثمن المبيع.......................................................
10
     المطلب الثالث : السبب...........................................................
13
الفرع الأول : تعريف السبب...................................................
13
الفرع الثاني : الشروط الواجب توافرها في السبب..............................
14
    المبحث الثاني : الرسمية في البيع العقاري..........................................
16
     المطلب الأول : مفهوم المحرر الرسمي...........................................
17
 الفرع الأول : تعريف المحرر الرسمي........................................
17
 الفرع الثاني : شروط المحرّر الرسمي.........................................
18
     المطلب الثاني : جزاء تخلف الرسمية في البيع العقاري..........................
21
 الفرع الأول : الرسمية ليست ركنا لانعقاد البيع العقاري........................
22
 الفرع الثاني : الرسمية ركن لانعقاد البيع العقاري..............................
25


 الفصل الثاني : انتقال الملكية في البيع العقاري.................................
29
    المبحث الأول : نظام الشهر العقاري في التشريع الجزائري........................
29
     المطلب الأول : التطور التاريخي لنظام الشهر العقاري في الجزائر................
30
 الفرع الأول : نظام الشهر العقاري في الجزائر قبل صدور الأمر 75/74......
30
 الفرع الثاني: نظام الشهر العقاري في الجزائر بعد صدور الأمر 75/74.......
32
     المطلب الثاني : قواعد وشروط تنظيم الشهر العقاري..............................
34
 الفرع الأول : قواعد تنظيم الشهر العقاري.....................................
34
 الفرع الثاني: شروط تنظيم الشهر العقاري.....................................
45
    المبحث الثاني: المنازعات المتعلقة بعملية الشهر العقاري...........................
49
     المطلب الأول: المنازعات المتعلقة بإجراءات الشهر العقاري......................
49
 الفرع الأول: المنازعات الناشئة عن ترقيم العقارات............................
49
 الفرع الثاني: المنازعات الناشئة عن قرارات المحافظ العقاري.................
51
     المطلب الثاني: المنازعات المتعلقة بأخطاء المحافظ العقاري.......................
52
 الفرع الأول : مسؤولية الدولة عن أخطاء المحافظ العقاري.....................
53
 الفرع الثاني : مسؤولية المحافظ العقاري الشخصية............................
53
الخاتمة................................................................................
54
قائمة المراجع.........................................................................
55
الفهرس................................................................................
58







(1)  د. عبد الرزاق أحمد. السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني، البيع والمقايضة، دار إحياء التراث العربي، الجزء الرابع، لبنان 1960، ص43.
(1) د . عبد الرزاق احمد السنهوري ، المرجع السابق  ، ص ص 112 ـ113.
(2) د . خليل احمد حسن قدادة ، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ، ج4 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 1994، ص 61.
(3) د . السنهوري ، المرجع السابق ، ص 125.
(1)  د. خليل أحمد حسن قدادة، "الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري"، المرجع السابق،  ص78.
(1)  د. محمد صبري السعدي، "النظرية العامة للالتزامات"، الجزء الأول، الجزائر، سنة 2004، ص214.
(2)  د. محمد صبري السعدي، المرجع السابق، ص195.
(1)  لا يعتبر رهن المال الموصى به من قبل الموصي من التصرفات التي يستخلص منها رجوعه عن التصرف طبقا لنص المادة 193 من قانون الأسرة الجزائري.
(2)  د. محمد حسنين، "عقد البيع في القانون المدني"، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1990.
(1)  د. السنهوري، المرجع السابق، ص 264.
(1)  د. عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق، ص364.
(2)  سليمان مرقس، "شرح القانون المدني"، الجزء الثالث، العقود المسماة، عقد البيع، 1980.
(3)  لحسين بن الشيخ آث ملويا، "المنتقى في عقد البيع"، دار هومة، الجزائر، الطبعة الثانية، 2006، ص77.
(1)  سليمان مرقس، المرجع السابق، ص180.
(2)  لحسين بن الشيخ آث ملويا، المرجع السابق، ص86.
(1)  د. خليل أحمد حسن قدادة، المرجع السابق، ص99.
(2)  د. محمد صبري السعدي ، المرجع السابق، ص 225.
(1)  د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني، مصادر الإلتزام، ج1، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، 1960، ص 438.
(2)  د. محمد صبري السعدي ، المرجع السابق، ص238.
(3)  د. محمد حسنين ، عقد البيع في القانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، ط3، الجزائر، 1990، ص76.
(1)  د. محمد حسنين ، المرجع السابق، ص 77.
(1)  أنطر علي فيلالي، الإلتزامات، النظرية العامة للإلتزام، الطبعة الثانية،  موفم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2005، ص233.
(2)  الجريدة الرسمية، العدد 46، سنة 2006.
(3)  يحيى بكوش، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر، 1981، ص93.
(1)  مدير أملاك الدولة الذي يعتبر موثق الدولة.
(2)  علي فيلالي، المرجع السابق، ص 235.
(3)  نفس المرجع، ص ص 235-236.
(4)  قرار المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية، بتاريخ 03/06/1989، ملف رقم 40097، المجلة القضائية، العدد الأول، سنة 1992.
(1)  الجريدة الرسمية، العدد 14 لسنة 2006، الصادر في 08/03/2006، ص21.
(2)  الجريدة الرسمية، العدد 30 لسنة 1976، الصادر في 13/04/1976، ص498.
(1)  يعفى الموثق من الإشارة إلى أصل الملكية في بعض الحالات منها: عقود الشهرة المعدة طبقا للمرسوم 83/352، وعقود إيداع العقود العرفية ثابتة التاريخ قبل 01/01/1971، وعقود التنازل المحررة في إطار القانون 81/01 المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية التابعة للقطاع العام، أنظر في هذا الصدد حمدي باشا عمر، دراسات قانونية مختلفة،: دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة،الجزائر  2006، الهامش 01، ص 136.
(2)  أنظر المادة 23 من القانون 97/02 التي عدلت المادة 256 من قانون التسجيل، الجريدة الرسمية، العدد 89 لسنة 1997، الصادر في 31/12/1997 ص136.
(3)  حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية في ضوء آخر التعديلات وأحدث الأحكام، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2004، ص ص 109-110.
(1)  قرار المحكمة العليا، الغرفة المدنية، بتاريخ 05/05/1995، ملف رقم 181108، غير منشور، نقلا عن حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية، المرجع السابق، ص128.
(2)  قرار، المحكمة العليا، الغرفة المدنية، بتاريخ 19/11/1990، ملف رقم 61796، غير منشور، نقلا عن حمدي باشا  عمر، نقل الملكية العقارية، المرجع السابق، ص128.
(3)  حمدي باشا  عمر، نقل الملكية العقارية، المرجع السابق، ص129.
(4)  الجريدة الرسمية، العدد 19 لسنة 1974، الصادر في 05/03/1974، ص291، ألغي بموجب القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 يتضمن التوجيه العقاري، الجريدة الرسمية، العدد 49 لسنة 1990، الصادر في 18/11/1990، ص 1560.
(1)  حمدي باشا  عمر، نقل الملكية العقارية، المرجع السابق، ص129.

(1)  الجريدة الرسمية، العدد 92 لسنة 1975، الصادر في 14/11/1975، ص1206.
(1)  قرار المحكمة العليا، بتاريخ 09/11/1994، ملف رقم 103656، نشرة القضاة، العدد 51، نقلا عن حمدي باشا عمر، القضاء العقاري، المرجع السابق، ص12.
(2)  قرار المحكمة العليا، الغرفة التجارية والبحرية بتاريخ 21/10/1990، ملف رقم 68467، المجلة القضائية العدد 2 لسنة 1992، ص ص 84-86.
(1)  مجيد خلفوني، نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري، الطبعة الأولى، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر ، 2003، ص13.
(2)  جمال بوشناقة، شهر التصرفات العقارية في التشريع الجزائري، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر،  2006، ص ص 05-06.
(1)  لقد أدخل هذا المرسوم تغيير جذري في نظام الشهر العقاري الفرنسي على المستوى التقني والقانوني – فعلى المستوى التقني- : وجد ما يسمى بالفهرس العقاري يتضمن كل البيانات المتعلقة بالعقارات والأطراف وعلى المستوى القانوني: أخضع الإيجارات التي تفوق مدتها 12 سنة إلى عملية الشهر وكذا الشهادات التوثيقية.
(1)  الأمر المؤرخ في 24/08/1962 المتعلق بحماية وتسيير الأملاك الشاغرة وكذا المرسوم رقم 63/18 المؤرخ في 18/0301963 المتضمن تنظيم الأملاك الشاغرة الصناعية والتجارية وجميع الحقوق العقارية.
(2)  مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص8.
(1)  المرسوم رقم 76/62 المعدل والمتمم بالمرسومين رقم 84/400 المؤرخ في 24/12/1984 ورقم 92/138 المؤرخ في 07/04/1992.
(2)  المرسوم رقم 76/63 المعدل والمتمم بالمرسوم رقم 80/210 المؤرخ في 13/09/1980 و المرسوم التنفيذي رقم 93/138 المؤرخ في 19/05/1998.
(1)  ليلى زروقي، حمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، الطبعة الثانية، دار هومة، الجزائر، ص ص 69-70.
(1)  ليلى زروقي، حمدي باشا عمر، المرجع السابق، ص67.
(1)  المادة 59 من القانون المدني "يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية".
(2)  المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني "زيادة على العقود التي أمر القانون بإخضاعها إلى الشكل الرسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية...".
(1)  المادة 28 من القانون رقم 88/27 "يحصل الموثق الحقوق والرسوم بمختلف أنواعها لحساب الدولة من الأطراف الملزمين بتسديدها ويدفع مباشرة بقباضات الضرائب".
(1)  حمدي باشا عمر، القضاء العقاري، دار هومة، طبعة 2002، ص314.
(2)  المادة 90 من المرسوم رقم 76-63 "ينبغي على الموثقين وكتاب الضبط والسلطات الإدارية أن يعملوا على إشهار جميع العقود القضائية الخاضعة للإشهار والمحررة من قبلهم أو بمساعدتهم وذلك ضمن الآجال المحددة".
(3)  حمدي باشا، المرجع السابق، ص 147.
(1)  نقلا عن حمدي باشا عمر، القضاء العقاري، المرجع السابق، ص152.
(1)  نقلا عن حمدي باشا عمر، القضاء العقاري،  المرجع السابق، ص153.
(2)  القرار الإداري تلجأ إليه الإدارة في سبيل تحقيق المصلحة العامة وذلك بنقل ملكية الغير إلى رصيدها العقاري. أما العقد الإداري فإن الإدارة تلجأ إليه في سبيل نقل أملاكها العقارية للغير والذي تم تحريره من طرف مدير أملاك الدولة.
(1)  المادة 88 من المرسوم 76/63 "لا يمكن القيام بأي إجراء للإشهار للمحافظة العقارية في حالة عدم وجود إشهار مسبق أو مقارن للعقد أو القرار القضائي أو لشهادة الإنتقال عن طريق الوفاة يثبت حق المتصرف أو صاحب الحق الأخير...".
(1)  رمول خالد، المحافظة العقارية كآلية للحفظ العقاري في التشريع الجزائري، قصر الكتاب، البليدة، 2001، ص ص 49-50.
(2)  ليلى زروقي، حمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، المرجع السابق، ص ص 221-225.
(1)  المادة 823 من القانون المدني "الحائز لحق يفرض أنه صاحب لهذا الحق حتى يتبين خلاف ذلك".
(1)  المادة 827 من القانون المدني "من حاز منقولا أو عقارا أو حقا عينيا منقولا كان أو عقارا دون أن يكون مالكا أو خاصا به صار ذلك ملكا إذا استمرت حيازته 15 سنة بدون انقطاع"، وهذه المادة لم تفرق بين العقارات المشهرة سنداتها والعقارات غير المشهر سنداتها.
(1)  المادة 65 من المرسوم رقم 76/63 "إن العقود والقرارات والجداول فيما يخص الأشخاص الطبيعيين يجب أن تتضمن الإشارة إلى جميع العناصر التي تسمح بتحديد الشرط الشخصي للأطراف ويقصد بالشرط الشخصي حسب مفهوم هذا المرسوم بالأهلية المدنية للأطراف".
(1)  مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص 99.
(1)  ليلى زروقي، عمر حمدي باشا، المرجع السابق، ص ص 49-50.
(2)  مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص 62.
(3)  مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص 62.
(1)  ليلى زروقي، عمر حمدي باشا، المرجع السابق، ص53.
(2)  مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص65.
(1)  مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص143.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه