أنوع الولايـة وأقسامهـا في قانون الاسرة الجزائري

0

: أنوع الولايـة وأقسامهـا

لقد نص قانون الأسرة إبتداء من نص المادة 87 على الولايـة ،لكننا نفهم من خلال نص المادة 87 أن المقصود هنا الولايـة بكل أبعادهـا في حين تنص المادة 98 على أن "تصرف الولي في أموال القصر تصرف الرجل الحريـص" أي أنه لم ينظم إلا الولاية على المال .

غير أن في هذا  الشأن يختلف إذا ماقارناه بمشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصيـة والذي نجد أنه أورد في الباب الثاني الولايـة وفي الفصل الأول  أحكام عامـة وقسم الولايـة إلى ولايـة على النفس وولاية على المال ضمن المادة 164  ، إذ إعتبر أن الولايـة على النفس هي العناية بكل مالـه علاقـة بشخص القاصر ، وولايـة على المال وهي العناية بكل مالـه علاقـة بمال القاصر ، ثم حددتها بأنها تكون هذه الولاية على النفس للأب ثم للعاصب بنفسـه على ترتيب الإرث ، وبين بأن الولايـة على المال[1]  تكون للأب وحده ، وذكر شروط الولي بأن يكون بالغا ، عاقلا ، أمينا ، قادرا على القيام بمقتضيات الولايـة .

إذن الولايـة تنقسم إلى ولايـة على النفس وولاية على المال وهو ماسيأتي بيانه كالأتي :

الفرع الأول : الولاية على النفس

إن الولايـة على النفس تندرج ضمن الولاية الخاصـة والتي تندرج بدورها ضمن الولايـة المتعديـة ، والولايـة على النفس ولاسيما في الزواج بإعتبارها كما يعرفها الفقهاء بأنها قدرة العاقد على إنشاء العقد الخاص بنفسه وتنفيذ أحكامه ، ومادامت كذلك كذلك فإنها -لاسيما في جانب الزواج- القدرة على إنشاء عقد الزواج نافذا دون إجازة من أحـد ، وهي ولايـة كذلك الحضانـة وولايـة الرعايـة .

ولقد شرعت الولايـة في الإسلام من أجل المحافظـة على حقوق القصر وكذلك العاجزين عن التصرف لسبب من أسباب فقد الأهليـة أو نقصها ومن أجل رعايـة مصالحهم من الضياع .

كما أن الإسلام يعتبر المجتمع وحدة متماسكـة ، ومن عجز عن رعايـة  مصلحته أقام له الشارع من يتولى أمره ويحقق له النفع ويدفع عنه الضرر[2] .

والولايـة في الزواج تنقسم إلى قسمين وهي ولايـة إجبار وولايـة إختيار أو ولاية الشركة ، كما يعتبرها بعض الفقهاء .

البند الأول : ولايـة إجبار

تنص المادة 9 مكرر من قانون الأسرة المعدلـة بموجب الأمر 05-02 على أنه يجب أن يتوافر في عقد الزواج الشروط الأتيـة :

-أهليـة الزواج .

- الصداق .

- الولـي .

- شاهـدان .

- إنعدام الموانـع الشرعيـة .

من خلال هذه المادة نستنتج أن الولي شرط في عقد الزواج لاسيما في ظل وجوده- أي في الحالات العاديـة -.

وليس هذا فقط ، بل أضافت المادة 33/2 من نفسى القانون المعدلـة مايلي " إذا تم عقد الزواج بدون شاهدين أو صداق أو ولي في حالـة وجوده ، يفسخ العقد قبل الدحول ولاصداق فيه ، ويثبت بعد الدخول بصداق المثـل "

كما أن للولايـة مدلولها الشرعي ومصدرها من  القرآن الكريم كون الفقهاء يستدلون بقولـه تعالـى " فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لايستطيع أن يمل فليملل وليـه بالعدل "[3]

وأن الزواج لايكون إلا بإذن إستناذا إلى حديث الإمام البيهقي [4] وكذلك ماوري عن عائشة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه قال " أيما إمرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحهـا باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإذا دخل بها فلها المهر بما إستحل من فرجها ، فإن إشتجروا ، فالسلطان ولي من لاولي لـه "[5]

وكذلك مارواه أبو هريرة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أنه قال " لاتزوج المرأة نفسها ، فإن الزانيـة هي التي تزوج نفسهـا "

أولا: الأشخاص الذين تثبت عليهم ولايـة الإجبـار

وولايـة الإجبار تثبت لاسيما عند الحنفيـة على القاصرين ، فهي تثبت على فاقد الأهلية ، وهو المجنون والمعتوه والصبي غير المميز ، والمجنونـة والمعتوهة والصبية غير المميزة ، كما تثبت على ناقص الأهليـة وهو الصبي المميز .[6]

فالولاية في الزواج تثبت على القاصر أكثر  من غيرها ، كون هذا الزوج يتطلب درايـة وحبرة بأموره ، وكذا بأحوال الرجال ، ومعرفـة من تصلح معه الحياة الزوجيـة من غيره ، وخاصة وأن المرأة بصفة تنخذع بالمظاهر وتحكمها العاطفة أكثر من العقل ، فلهذا نجد الحكمة من جعلها بيد الرجال لأن وليها أحرص شخص على مصلحتها وسعادتها وحسن إختيار الزوج المناسب ، لها ولاسيما من حيث الأخلاق كونه أدرى بشؤون الرجال منها .

فالزواج لـه مقاصد وأهداف شرعيـة ومقدسـة لايمكن لكل من هب ودب القدرة على الحرص عليها والقيام بها على أكمل وجه ولايخضع للأهواء المتضاربـة بين صغر الفتاة وطيش الرجـال .

إلا أن الفقهاء إختلفوا في علـة هذه الولايـة فهي البكارة والتي تثبت الولايـة بشأنها حتى بلوغ الفتاة ، ويرجعون ذلك إلى أن البكر لاتعرف مصالح النكاح ولاتدرك التفاوت بين الرجال [7]

وبالرجوع إلى قانون الأسرة الجزائري لاسيما المادة 7 نجدها تنص أنه  "  تكتمل أهلية الرجل والمرأة في الزواج بتمام 19 سنـة ، وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل ذلك لمصلحـة أو ضرورة متى تأكدت قدرة الطرفين على الزواج "

وفي نفس السياق نصت المادة 11/2 على أنه " دون الإخلال بأحكام المادة 7 من هذا القانون ، يتولى زواج القصر أولياؤهم وهو الأب فأحد الأقارب الأوليـن والقاضي ولـي من لاولي لـه " وإذا لم يكن الأب على قيد الحياة بلجأ إلى القاضي – رئيس المحكمة – من أجل الحصول على أمر بتعيين ولي  من أجل إتمام الزواج .

ثانيا : الأشخاص الذين تثبت لهم ولايـة الإجبار :

فهي تثبت للأب أولا وهي تعتبر ولايـة كاملـة ، وقد قال الفقهاء بثبوتها للأب فمنهم من إقتصرها  على الأب فقط مثل الإمامين مالك وأحمد ، كونه يقع عليه – الأب – الإجماع على تزويجـه لإبنته الصغيرة ، لأنه أحرص شخص على مصلحـة إبنته عن بقيـة أولياء النفس ، ويضيفون بأنه يقوم مقامـه الوكيل في الزواج قيد حياته ، وأما بعد الوفاة فوصيه بالتزويج ، غير أن الوصي أو الإيصاء في الزواج لايرى أغلب الفقهاء لأن الولايـة تكون للعصيات ، من بعد الأب إستناذا إلى ماروي عن علي – رضي اللـه عنه – " الإنكاح للعصبات "[8]

وقد نص الفصل الحادي عشر من الباب الثالث الخاص بالولايـة في الزواج من المدونـة المغربيـة للأحوال الشخصيـة أن الولـي في الزواج هو الإبن ثم الأب ثم وصيـه ثم الأخ ، فالجد للأب فالأقربون بعد الترتيب ، ويقدم الشقسق على غيره ، فالكافل ، فالقاضي فولايـة عامـة المسلميـن ، يشترط فيـه أن يكون ذكرا عاقـلا بالغـا .

وترتيبهم عند المالكيـة كالأتي [9]:

أولا : العصبـة ، ثانيـا : المولى الأعلى ، ثالثا : الكافل القائم بشؤون الصغيرة بعد فقدان أهلها ، رابعا : الحاكم ( القاضي لدينا الآن ) ، خامسا : الولـي بولايـة الإسلام العامـة .

والعصبـة بالنفس تنحصر في أربعة جهات وهي : البنوة ، الأبوة ، الأخوة ، والعمومـة [10]

أ – البنوة وتشمل الإبن وإبن الإبن وإن نزل

ب – الأبوة وتشمل الأب والجد الصحيح وهو أب الأب وإن علا

جـ- الأخوة : وتشمل الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم إبن الأخ الشقيق ثم إبن الأخ لأب وإن نزل كل منهما.

د- العمومـة : وتشمل العم الشقيق ثم العم لأب ، ثم إبن العم الشقيق ثم إبن العم لأب وإن نزل كل منهما .

فإن وجد أحد هؤلاء تثبت له الولايـة وإن وجد إثنان أو أكثر من هؤلاء قدم صاحب الجهة القريبـة ، فتقدم جهة البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة ثم العمومـة .

وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري أولى الأم  بعد وفاة الأب مباشرة دون أخذه بالترتيب السابق الذكر للأولياء على النفس .

ومثلما جاء بـه نص المادة 135 –قبل إلغائها – عمل به في قانون الأسرة من خلال نص المادة 87 لتولي الولايـة بعد وفاة الأب طبعـا ،وفيما يخص نص المادة 87 وكذا المادتين 134 و135 وتحديدا في مسألـة تحمل الأم تبعـة أعمال الأولاد القصر الضارة بالغير، وإن كنا نعتقد بأن الغايـة من التعديل الذي وضع للمادة 87 يدخل في إطار تخصص كل قانون بما أنيط لـه ، فالقانون المدني يضع القاعدة العامـة لمسؤوليـة متولي الرقابـة ، بينما ينفرد قانون الأسرة – ضمن مجالـه  بإعتباره قانونا ينظم حالـة الشخص وأهليته – بتحديد مراتب الولايـة وأوضاعها المختلفـة فالنصان يكملان بعضهمـا .

البند الثاني : ولايــة الإجبــار

سبق وأن ذكرنا بأن الفقهاء يقسمون الولايـة على النفس ، ولاسيما ولايـة الزواج إلى ولايـة إجبار وولايـة إختيار أو ولايـة شركة ، أو ولايـة إستحباب كما يسميها أبو حنيفـة ، وتنص المادة 11/1 من قانون الأسرة على أنه " تعقد المرأة الراشدة زواجهـا بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص تختاره "

بل أكثر من ذلك فقد أصبح لايحق للولـي أن يجبر إبنته القاصرة بموجب التعديل الأخير على الزواج عملا بنص المادة 13 " لايجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج ، ولايجوز لـه أن يزوجهـا بدون موافقتها "

والحكمة من ذلك أن أساس الزواج الرحمـة والمودة فلا يحق لـه أن يجبرها على العيش والزواج بمن لاترغب فيـه .

ويقول الفقهاء بأنه من تثبت عليهن ولايـة الإختيار [11]:

1-   الثيب البالغة : إذا أزيلت بكرتها بنكاح صحيح أو فاسد ، ودرئ عنها الحد.

2-    البكر البالغـة التي رشدهـا أبوهـا .

3- البكر البالغـة التي أقامت في بيت الزوجيـة سنـة من حين مباشرة الزوج لهـا ، وأنكرت الوطء بعد فراقهـا منه وافقها الزوج أم لا ، فإن تأكد عدم الوصول إليها ، فلا ترتفع عليها ولايـة الإجبار منه .

4-   الصغيرة اليتيمـة التي يخاف عليها الفساد عند تزويجهـا وبلوغ سن النكاح.

وإشتراط كل الأركان اللازمـة لقيام عقد الزواج كرضاها بالزوج وأن يكون كفئـا لها في الدين السلامـة من العيوب .

بالنسبـة للمرأة البالغـة الراشدة :

وهنا كذلك إختلف الفقهاء فمهما كانت درجـة الرشد ، فقد إختلف الفقهاء فيها ، فمنهم من يقولون بأنه ينفرد الولي بزواجهـا وليس لها أن تتولى زواجها ولا زواج غيرها ، فوليها سلطان عليها لاينفرد دونها بالزواج ، ولاتنفرد بـه بل يشتركان ، ويتولى هو الصيغـة لأنهم يرون أن النساء لايتولين إنشاء عقد الزواج ، وإن كان رضاهن ضروري .[12]

ومنهم من ذهب إلى إعتبار البالغة الراشدة تملك ببلوغها ورشدهـا جميع التصرفات من العقود وغيرها حتى الزواج ، بكرا كانت أم ثيبـا ، فيصح لهـا أن تعقد لنفسها ولغيرها مباشرة وتوكيلا إيجابا أو قبولا ، سواء كان لها أب أو جد أو غيرها من العصبات أو لم يكن ، وسواء رضي الأب أو كره .[13]

        الفرع الثاني :الولاية على المــال

        لقد نصت المادة 88/1 من قانون الأسرة على أنه " الولي يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون العام "

        والولايـة على المال عرفها الفقهاء ومنهم الدكتور أحمد الغندور بأنها سلطـة التصرف في المال سواء أكانت قاصرة أم متعديـة [14].

        كما أنها تكون فقط في المسائل المالية الخاصـة بأموال المولى عليه وتجعل لمن تثبت لـه القدرة على إنشاء العقود والتصرفات المتعلقـة بأموال نافذة كولايـة الوصي على الموصى عليه[15]

        ووذهب الفقهاء إلى أن الولايـة تثبت على المحجور عليهم وتتبع في ثبوتها نوع الحجر ، فهذا الحجر مرده قصور طبيعي كالصغر أو العته أو الجنون [16] ، إلا أنهم إحتلفوا في الشخص الذي ثتبت لـه ، فنجد الأحناف يثبتونها للأب ثم لوصيـه ثم للجد ثم لوصيـه ثم للقاضي بعد ذلك ، وأما عند المذهب الشافعي فهي ولايـة على الصغير وتثبت للأب ثم الجد الصحيح ثم لوصي الأب ثم لوصي الجد لأن منزلـة الجد عنده عند عدم وجود الأب بمنزلـة الأب لتوفر شفقته .

        وأما المذهب المالكي والحنبلي فيريان أنه ليس للجد ولايـة على القاصر إلا إذا عينه القاضي ، فيكون وصيـا من قبلـه ، لذلك فالولايـة عندهما تثبت للأب ثم لوصيـه ثم للقاضي ووصيـه ، والجد لاينزل منزلـة الأب لافي ولايـة التزويج ولافي ولاية المال[17] .

        ولقد ذهب الفقـه إلى ثبوت الولايـة على المحجور عليهم فيما يخص التصرف في أموالهم غير أن الحجر يكون بعد بلوغ القاصر سن الرشد المدني المحدد بـ 19 سنة كاملة مثلما نصت عليه المادة 101 من قانون الأسرة بنصها على أنه " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه ، أو طرأت عليه إحدى  الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه "

        وعليه سنتناول الولايـة على المال بسبب القصر ، والولايـة على بسبب الحجر.

        البند الأول : الولايـة على المال بسبب القصر

        القاصر هو الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني ولقد نصت المادة 79 من القانون المدني على مايلي :" تسري على القصر والمحجور عليهم وغيرهم من عديمي الأهلية المنصوص عليهم في مدونـة الأحوال الشخصيـة " ومن هذا المنظور فإن هذه الفئـة من الأشخاص يحتاجون أو يخضعون لنظام حمايـة معين نظمـه قانون الأسرة من خلال الولايـة أو الوصايـة أو القوامـة كونهم إما ناقصي أهليـة لصغر في السن أو عديمي الأهلية لعوارض مثل الجنون والعتـه  والذين يحجر عليهم إذا ماتوافرت أسباب الحجر غير أن السؤال الذي يطرح نفسـه هو مامعنى الأهليـة ؟

        فالأهلية هي صلاحية الشخص لكسب الحقوق أو تحمل الإلتزامات وهي أهليـة الوجوب أو صلاحيـة الشخص للتعبير عن إرادته ، وإبرام التصرفات القانونيـة وهي أهليـة الأداء .

        لهذا فإن القصر تجب عليهم الولاية الماليـة لاسيما وأنهم لايتمتعون بأهلية الأداء في معظم الحالات من حيث القاصر غير المميز مثلما تنص عليه المادة 42/2 بإعتبارها غير المميز القاصر الذي لم يبلغ سن الثالثة عشر ، وبالتالي فلا يكون أهلا لمباشرة حقوقـه المدنيـة .

        وأما نص المادة 88 فقد ألقت على عاتق الولـي واجب التصرف في أموال القصر بمسؤوليـة وحرص ، وفرضت عليـه ضرورة حصول إذن من رئيس المحكمـة في التصرفات التي يقوم بهـا كإستئذانه في :

1-      بيع عقار القاصر وقسمته ، ورهنـه وإجراء المصالحـة .

2-      بيع المنقولات ذات الأهميـة الخاصـة .

3-      إسثتمار أموال القاصر بالإقراض أو الإقتراض أو المساهمة في شركة أو إيجار عقار

القاصر لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه سن الرشد.                    كما أنه يجب أن لاتتعارض مصالح الولي مع مصالح القاصر وإلا عين القاضي متصرفا خاصا تلقائيـا أو بناء على طلب من لـه مصلحـة[18] .

        كما أنه بالإضافـة إلى هذا فإن القاصر الناقص التمييز بين سن 13و 19 سنـة يمكنه أن يقوم بتصرفات لكن يتشرط فيها القانون أن تكون نافعـة لـه نفعا محضا ، وفي هذا الشأن تنص المادة 83من قانون الأسرة " من بلغ سن التمييز ملم يبلغ سن الرشد طبقا للمادة 43 من القانون المدني تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة لـه ، وباطلـة إذا كانت ضارة لـه ، وتتوقف على إجازة الولـي أو الوصي فيما إذا كانت مترددة بين النفع والضرر ، وفي حالـة النزاع يرفع الأمر إلى القضاء "

        البند الثاني : الولايـة الماليـة للمحجور عليهم

        الحجر في الشرع هو المنع من التصرف القولي لاالفعلـي لأن الأفعال لامرد لها [19].

        ولقد إختلف الفقهاء في تعداد أسباب الحجر فذهب أبو حنيفـة على جعل أسبابـه ثلاثـة مالها رابع وهي الجنون والعته والصبا والرق .

        وهو ماذهب إليه الشافعي ، وذلك بأن يحجر على على :

1-  السفيـه المفسد للمال بالصرف في الوجوه الباطلـة .

2-  المبذر الذي يسرف في النفقـة .

3-  ومن يغبن في التجارة .

4- وفيمن يمتنع عن قضاء الدين مع القدرة عليه إذا ظهر مطله عند القاضي ، وطلب الغرماء من القاضي أن يبيع عليه ويقضى دينـه.

5-  فيمن ركبته الديون .

6-  ومن لـه مال فخاف الغرماء ضياع أمواله بالتجارة ، فرفعوا الأمر إلى القاضي وطلبوا منه أن يحجر عليه .[20]

        وأما الحجر عند المذهب المالكي فيكونون ستـة وهم : الصغير والسفيـه والعبد والمفلس والمريض والمجنون وزاد عليـه إبن جزي المجنون .

        وهذا الحجر يعيب الحالة العقليـة ، ولقد نص عليه القانون وويكون بحكم قضائـي ، فلقد نصت المادة 101 من قانون الأسرة على أنه " من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيه أو طرأت عليه إحدى الحالات المذكورة بعد رشده يحجر عليـه "

        كما أن هذا الحجر يجب أن يكون بحكم القاضي الذي يمكنـه الإستعانـة بأهل الخبرة في إثبات أسباب الحجر .

        لأن تصرفات المجنون والمعتوه والسفيه غير نافذة إذا صدرت منهم  وهم تحت تأثير هذه الحالة.

        كما سبق وأن قلنا بأن محل هذه العوارض التي تعتري عقل الشخص هي التي تجعله بحاجـة إلى ولـي أو وصي أو مقدم ينوب عنه قانونا حسب الحالـة ومدى الحاجـة .

        وليس هذا فقط بل أن هناك أدلـة شرعيـة توجب الحجر لقوله تعالـى " فإن كان الذي عليـه الحق سفيها أو ضعيفا أولا يستطيع أن يمل فليملل وليه بالعدل " [21]ومن هنا نرى أن الولايـة تثبت على هؤلاء الأشخاص بسبب نقص الفطنـة كالسفيـه أو ضعف العقل كالمعتوه .وتمنعهم هذه العوارض من التصرف في الأموال لقولـه عز وجل " ولاتؤتوا السفهاء أموالكم التي جعلكم اللـه لكم قياما ، وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا "[22]

        ومثل هؤلاء الأشخاص إذا ماأصيبوا بمثل هذه العاهات قبل بلوغ سن الرشد فلا حاجـة لهم للحجر لأنهم دائما يخضعون لنظام الولايـة أو الوصايـة أو التقويـم .

أو أن يبلغ هؤلاء الأشخاص سن الرشد مع وجود مثل هذه الآفات التي أصابتهم في عقلهم ، فهنا يكون الحجر بحكم قضائـي ، لأن القاضي سوف يعين وليا للشخص أو وصيا لتوليه لهذا الشخص قصد القيام بشؤونـه بعد إنتهاء القيام بشؤونـه بعد إنتهاء مرحلـة القصر ، وإن لم يوجدوا عمل عى تعيين مقدم له.

        فمهام الولي أو الوصي أو المقدم تتمثل في رعايـة المحجور عليه والقيام بشؤونه ، وهي نفس المهام المحددة في نص المادة 88 من قانون الأسرة والمتمثلـة في التصرف في أموال المحجور عليه تصرف الرجل الحريص ويكون مسؤولا عن ذلك .

        هذا من حيث أسباب الحجر أما فيما يخص هذه الحالات التي تعتري الشخص وتجعلـه خاضع لنظام الولايـة أو الحجر بعد الرشد ، فإعتبر الجنون ثلاثـة أقسام : المطلق أو المتقطع أو الجزئي ، فالمطلق هو الذي لايعقل صاحبـه شيء وهو الجنون الكلي المستمر ، ويستوي أن يكون عارضا للإنسان أو مصاحبا لـه وقت ولادته ، وأما الجنون المتقطع فهو الذي لايعقل معه صاحبـة شيئا ، ولكن جنونه غير مستمر ، وهو يصيب الشخص تارة ، ويرتفع تارة أخرى ، فإذا أصابـه فقد عقلـه تماما ، وإذا إرتفع عنه عاد إليـه عقلـه ، فهو كالجنون الكلي إذا أصاب صاحبـه يزيل مسؤوليـة لكنه إذا إرتفع وعاد لصاحبـه إدراكه صار مسؤولا جنائيـا عما إرتكبـه من جرائم حال إفاقته ويسأل مدنيـا وتعوض الضحيـة تبعـا لذلك .

        وأما الجنون الجزئـي فهو فقدان الإدراك في ناحيـة أو نواح عدة من تفكير المجنون مع بقائـه متمتعا بالإدراك في غيرها من النواحي ، بمعنى أن الشخص قد يكون سليم القوى من ناحيـة ما إلا أن تمتلكه[23] مثلا فكرة خاطئة أو إعتقاد باطل ، فيترتب عليه نتائج عديدة ، وذلك كمن يعتقد أن له حقا في العرش أو رئاسـة الجمهوريـة أو عدو خفي يطارده ، ويصحب هذا النوع هذيان شديد يتوهم صاحبه سماع أصوات خفيـه وهذا التفكير المختل يؤدي إلى إرتكاب الجرائم .

أما العته فقد عرفه الفقهاء على أنه  قبيل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير ، سواء أكان ذلك خلقـة أو من مرض طارئ وهو أقل درجـة من الجنون .

        وأما السفـه فهو إفساد المال بالصرف في الوجوه الباطلـة ، قهو أي السفيـه كامل العقل لكنه سيء التدبير في أموره المالية في غير وجهها المشروع .

وفي هذه الحالات يحرص الولي على مصلحـة هذه الفئـة من القصر بالرعايـة والعنايـة أو إدارة وتسيير أموال القصر إن كانت لهم أموال فللوالديـن حق الإنتفاع والإدارة القانونيـة[24]  أي بمعنى التصرف فيها ، فالأول يمنح للوالدين حق الإنتفاع بأموال أولادهم القصر من دون محاسبـة إلى حين بلوغ سن الرشد ، كما يمكنهما حسب الحالـة أي الأب والأم بصفتهما وليين للقاصر أن يتصرفا في أمواله والسهر على حسن إسثتمارهـا .

        وهنا تطبق أحكام المادة 845 من القانون المدني فيما يتعلق بحق الإنتفاع في أموال القاصر في مقابل الإنفاق عليه لأن المادة 75 من قانون الأسرة أو جبت على الأب نفقة الولد مالم يكن له مال .

        وعندما يرتكب القاصر فعلا مضرا بالغير ويحمله القضاء تعويض وجبر الضرر فإن الولي يعتبر مسؤوله المدني ونائبـه القانوني أمام القضاء ويمثلـه إجرائيـا عبر مراحل القضاء ويتحمل المسؤوليـة عنه بجبر الضرر ولكن يدفع قيمة التعويض مثلما يكون في قضاء الأحداث من ماله إذا كان لهذا القاصر مال .

        نفس الشيء يسري على الأم إذا ماكانت هي الوليـة إستناذا إلى نص المادة 87 من قانون الأسرة .


ا



[1] -المادة 166  من المشروع العربي الموحد للأحوال الشخصيـة ، أنظر الأستاذ مروك نصر الديـن : المرجع السابق ص 287.
[2] - بلحاج العربي : المرجع السابق ص 120.
[3] - الأية 282 من سورة البقرة .
[4] - أحمد الغندور : المرجع السابق ص 152.
[5] -رواه البيهقي بلفظ " لانكاح إلا بإذن الولي " أحمد الغندور ، المرجع السابق ص 152.
[6] - الإمام أبو زهرة: المرجع السابق ص 108.
[7] - حسن خالد وعدنان مجا : المرجع السابق ص 64
[8] -أحمد الغندور : المرجع السابق ص 163.
[9] - المرجع السابق ص 166.
[10]- حسن خالد  عدنان  نجا : المرجع السابق ص 65.
[11] - الغندور : المرجع السابق ص 168.
[12] - بدران أبو العينين : المرجع السابق ص 136.
[13] - المرجع السابق ص 136.
[14] - أحمد الغندور : المرجع السابق ص 151.
[15] - بدران أبو العينين : المرجع السابق ص 135.
[16] - و 4- حسن خالد وعدنان نجا : المرجع السابق ص 325.
[17] - حسن خالد و عدنان نجا : المرجع السابق ص 325.
[18] - المادة 90 من قانون الأسرة .
[19] - لحسن بن الشيخ آث ملويا : المنتقى في قضاء الأحوال الشخصيـة ، الجزء الأول ،دار هومة ، الجزائر ،2005 ص 600.
[20] - المرجع السابق ص 600.
[21] -الأية 282 من سورة البقرة .
[22] - الأية 5 من سورة النساء .
[23] - لحسن أيت الشيخ : المرجع السابق ص 604.
[24] - الغوثي بن ملحـة :قانون الأسرة على ضوء الفقه والقضاء ، ديوان المطبوعات الجامعية ،2000الجزائر ،ص 207.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه