اليـمـــــــيـن المتممــــــــــــة في القانون الجزائري

0

اليـمـــــــيـن المتممــــــــــــة

 

         لقد بين المشرع في القانون المدني أن اليمين نوعان و لقد سبق و أن درسنا اليمين الحاسمة في الفصل السابق باعتبارها دليل من أدلة الإثبات التي تتقيد فيها السلطة التقديرية للقاضي .                          و أنه  و لما كانت اليمين المتممة هي الأخرى من أدلة الإثبات وجب تبيان التفرقة بينها و بين اليمين الحاسمة من حيث القوة في الإثبات و إطلاق أو تقييد حرية القاضي بشأنها .

       و كذا يختلفان  من حيث موجه اليمين ، فاليمين الحاسمة كما سبق توجه من طرف أحد الخصوم إلى الأخر و لا دخل للقاضي في توجيهها ، أما اليمين المتممة فإنها توجه من طرف القاضي لاستكمال اقتناعه في الوقائع المعروضة عليه .                                                                                             

       و اليمين و إن كانت دليل من أدلة الإثبات فإنها بالدرجة الأولى عمل مدني و ديني في الوقت نفسه لذلك تؤدى بالصيغة و الأوضاع المقررة في ديانة الحالف أو من يؤديها ، و للإشارة أن أداء اليمين برفع اليد اليمنى للحالف و هو مكشوف الرأس طريقة متبعة لأداء  اليمين و لا يوجد في التشريع الجزائري ما يدل على ذلك ، و فيما يلي سنقوم بدراسة سلطة القاضي في توجيه اليمين في الفرع الأول و تقدير قيمتها في الفرع الثاني .                                                                                                           

الفرع الأول: سلطة القاضي في توجيه اليمين المتممة

          لقد نصت المادة 348 من القانون المدني في فقرتها الثانية على مايلي : " للقاضي  

أن يوجه  اليمين تلقائيا إلى أي من الخصمين ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في ما يحكم به ."  يتبين من نص هذه المادة بأن توجيه اليمين المتممة  يكون في الدعوى التي ليس فيها دليلا ولقد قضت المحكمة العليا أن توجيه اليمين المتممة من طرف القاضي رغم وجود بينة كاملة لا تعتبر مخالفة يترتب عليها إلغاء الحكم (1) .

         إلا أن المحكمة العليا قضت بأن قضاة الموضوع الذين يوجهون اليمين المتممة إلى أحد الخصوم أن يبينوا الأساس القانوني الذي استندوا إليه وإلا كان حكمهم معيب بعدم التسبيب (2). لابد

 

 


1.قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 22/03/1978 رقم 12724 مأخوذ عن الغوثي بن ملحة المرجع السابق الصفحة 93 .

2.قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 25/05/1977 رقم 12899 وفي قرار آخر صادر بتاريخ 09/03/1977  رقم 11664  نفس المرجع  نفس الصفحة .

 

 

 

         وللقاضي سلطة تقديرية في توجيه اليمين المتممة وله أن يطلب من أي طرف أدائها ، و الاختيار هنا منوط بتقديره ، وهي على حد قول الأستاذ السنهوري منوطة بتقدير القاضي له أن يوجهها على انه يجب أن يكون بشأن واقعة تمسك بها أحد الخصوم (1)، فليس للقاضي عرض واقعة جديدة وتوجيه يمين متممة بشأنها و هو في هذا المجال لا يخضع لأية رقابة وحتى وان طلب أحد الخصوم منه توجيه اليمين المتممة فتبقى له حرية وسلطة تقدير توجيهها أم لا بشرط أن تكون اليمين منتجة ومن شأنها تكميل ما يوجد بالدعوى من نقص ولا تكون مخالفة للنظام العام .                                                                             ويبقى دائما على القاضي لزاما أن يبين في حكمه أساس توجيه اليمين المتممة ويسبب ذلك تسبيبا كافيا وإلا كان  قراره معيبا بعيب عدم التسبيب ، و للإشارة فإن الخصم الذي يوجه له القاضي اليمين المتممة لا يجوز له أن يردها على خصمه ذلك حسب نص المادة 349 من القانون المدني.                  

        ولقد جعل الفقهاء نوعان من اليمين توجه تلقائيا من القاضي وهما اليمين المتممة ويمين التقويم ولقد نصت عليهما المادتان 348-350 من القانون المدني .

       

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


1.الدكتور آدم وهيب الندوي :  دور القاضي في الإثبات طبعة 1995 الصفحة 192 .

                                              

الفرع الثاني : تقدير قيمة اليمين المتممة

         إن حجية اليمين المتممة هي أقل من حجية اليمين الحاسمة ، بحيث أنها  مجرد إجراء تحقيقي يساعد القاضي على أحسن اطلاع للوقائع وهو حر في تقدير حجيتها (1)  فقد  شرعت له اليمين المتممة لتكوين اقتناعه في حالة ما إذا  لم تحصل له قناعة كافية بالعناصر الموجودة في القضية ولكن تبقى نتائجها وآثارها غير ملزمة للقاضي و هو بذلك غير ملزم بالحكم لمصلحة من حلف اليمين المتممة  وبالتالي نخلص :  إلى  أن اليمين المتممة هي دليل إثبات متروك للقاضي تقديره ويترتب على ذلك النتائج التالية :

1.إمكانية الرجوع عن اليمين المتممة متى ظهرت  في الدعوى أدلة جديدة تكمل الأدلة الناقصة وتقنعه بأن ما يدعيه الخصم الذي حلف اليمين ليس له أساس .

أو بعد فحص أدلة الدعوى يرى القاضي أن الأدلة المقدمة كافية ولا وجود للأخذ باليمين المتممة ، أو أن يرى أن الدعوى خالية من أي دليل وبذلك لا يجوز توجيهها على اعتبار أنها تكمل الأدلة الناقصة ولا يمكن أن تكون في ذاتها دليلا  كافيا.                                                                                 

2. الحكم الذي يكون مؤسسا على اليمين المتممة يمكن استئنافه وذلك ما جاء به الدكتور الغوثي بن ملحة في مرجعه السابق بجواز رفع الاستئناف في حكم اعتمد على اليمين المتممة (2) ويمكن هنا لمحكمة الدرجة الثانية أن تخالف حكم المحكمة الابتدائية التي بنت حكمها على اليمين المتممة .                      

         ويبقى للمحكمة العليا مراقبة قضاة الموضوع إذا قاموا بتوجيه اليمين المتممة في دعوى تتضمن دليلا كاملا في الإثبات أو كانت الدعوى خالية من أي دليل ، أو إذا  لم  يبينوا أسباب عدولهم عن توجيه اليمين بعد أن حكموا بتوجيهها دون أن يستجد أي دليل في الدعوى (3) أو إذا لم يبينوا السبب الذي بنوا عليه حكمهم باليمين.                                                                                                      

 

 

 

 

 

 


1- الدكتور الغوثي بن ملحة : المرجع السابق  الصفحة 93-94 .

2- الدكتور أبو الوفا : التعليق على نصوص فانون الإثبات الطبعة الثانية من منشأة المعارف الإسكندرية الصفحة 353.

3- قرار المحكمة العليا 12899 الصادر بتاريخ  25/05/1977 رقم 11664و القرار  الصادر بتاريخ: 09/03/.1977

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه