مفهوم قضاء الاستعجال

1

مفهوم قضاء الاستعجال وشروط اختصاصه


       لم يعط المشرع الجزائري تعريفا للقضاء المستعجل كون ذلك يقيد القاضي ويجعله حبيس النص الأمر الذي يعرقل سلطته التقديرية في تحديد الاستعجال ولكنه نظم له شروطا معينة لإمكانية الحصول على الأوامر الصادرة فيه .

الفرع الأول 


مفهوم قضاء الاستعجال


      يعرف الاستعجال لغة بكل ما لا يقبل تأجيله[1] و أما في لغة القانون فإنه يصعب إيجاد تعريف شامل ومدقق له كونه يتغير حسب الظروف والأزمنة، الأمر الذي دفع كل من رجال الفقة والقضاء إلى إعطاء مفاهيم مختلفة له، حيث يرى جانبا من الفقه أن الاستعجال يكون متى كانت المصالح الشخصيــة "المادية منها أو المعنوية أو العاطفية" مهددة في حالة اللجوء إلى القضاء العادي، ويرى بعض أخر أنه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده ويتوفر في كل حالة متى قصر عن الإجراء المستعجل فيها منع ضرر مؤكد قد يتعذر تعويضه أو إصلاحه إذا حدث كإثبات حالة مادية قد تتغير أو تزول مع الزمن، أو المحافظة على أموال متنازع عليها تتأثر حقوق أصحابها أو كل من له مصلحة فيها من استمرار تركها في يد الحائز الفعلي لهــا. 

   ورغم الممارسات اليومية للقضاء الاستعجالي على مستوى المحاكم والمجالس القضائية فإنه لا وجود لتعريف موحد وشامل للاستعجال، إذ كثيرا ما تجسد المفاهيم على أرض الواقع ويتجلى ذلك من خلال قرار المحكمة العليا الصادر في 24 / 11 / 1992 والذي جاء في إحدى حيثياته :"حيث إن وجود دعوى أمام محكمة الموضوع لا يمنع قاضي الاستعجال من اتخاذ إجراءات خاصة أو تدابير تحفظية إذا كان يخشى ضياع حقوق أطراف النزاع ،وهذا عملا بنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية " .

    وقد قضى مجلس قضاء الجزائر العاصمة في قراره المؤرخ في12/10/1981بمايلي :"حيث إنه إذا كان قاضي الأمور المستعجلة مختصا في اتخاذ إجراءات تحفظية يجب أن تكون إجراءاته هذه مبررة بوجود حالــة استعجال أو خطر" [2] .

   والقضاء المستعجل يتصل بموضوع الاختصاص النوعي من ناحية أن المنازعات التي يعرض أمرها على القضاء يمكن تقسيمها إلى نوعين كبيرين أولهما يتعلق بالقضايا العادية التي تحتمل السير الطبيعي لإجراءات التقاضي بمـا يقتضيه هذا السير من بطء عادي بسبب المواعيد المقترنة بتلك الإجراءات، وثانيها متعلق بالقضايا المستعجلة التي لا تحتمل ذلك البطء خشية تلفها وضياع معالم وقائعها وفوات الفرصة المبنية عليها،وتشتمل التنظيمات القضائية في كل الدول على علاج لهذه الأحوال العاجلة ، فمنهــا ما يجعل هناك قضـاءانوعيا مشتقا للأمور المستعجلة ومنها ما يعطي الاختصاص بهذا القضاء للمحاكم العادية على أن يكون لحالة الاستعجال أثرها في اختصار المواعيد والإجراءات ومنها ما يعطي هذا النوع من القضاء لرئيس كل محكمة يصدر فيه أمرا وقتيا إلـى أن  يعرض الأمر فيما بعد على المحكمة بتشكيلتها القانونية .

     ومهما يكن من أمر تنظيم القضايا المستعجلة بواسطة محكمة خاصة أو الاكتفاء بإجراءات خاصة لدى المحكمة العادية فإن سلطة المحكمة أو القاضي الذي ينظر الدعوى المستعجلة أقل سعة من سلطتها في القضايا العادية ،إذ يعتبر الأمر الصادر في قضية مستعجلة أمرا وقتيا وليس أمرا حاسما .

     والقضاء المستعجل يؤدي بصفة عامة إلى تمكين الخصوم من إصدار قرارات مؤقتة وسريعة دون المساس بأصل الحق ،أي مع بقاء أصل الحق سليما يناضل فيه ذووه لدى محكمة الموضوع مع الاقتصاد في الوقت والإجراءات وبذلك يكون المشرع قد استطاع التوفيق بين أنات الأزمة لحسن سير القضاء وبين نتائج هذه الأنات التي قد تسبب ضررا لبعض الخصوم[3]  .

الفرع الثاني




[1] محمد إبراهيمي : الوجيز في الإجراءات المدنية :" الدعوى القضائية – دعاوى الحيازة – نشاط القاضي – الاختصاص – الخصومة القضائية – القضاء الوقتي – الأحكام – طرق الطعن -التحكيم ." الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، طبعة : 2002 ، ص :  135 .
[2] وزارة العدل، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ، سنة 1995 ، ص: 64 .
[3] الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ,المرجع السابق ,  ص : 36 .

التعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ماشاء الله
    معلومات قيمة أخي الكريم
    اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه