تعريف الأهليـة التجارية في القانون الجزائري

0
المقصـود بالأهليـة

أ-الفرع الأول: تعريفها

        قد استقر الفقه و القضاء على اعتبار الأهلية من الخصائص المميزة في صفة الإنسان، حيث يتوقف على توافر عنصر الأهلية فيه معرفة مدى إمكانية تمتعه بالحقوق، ومدى إمكانية تحمله الالتزامات، إذن هي: «صفة يقدرها المشرع في الشخص، تجعله صالحا لأن تثبت له الحقوق، و تثبت عليه الواجبات، و تصح منه التصرفات».
و الأهلية بهذا المفهوم تسير مع الشخصية القانونية للإنسان وجودا أو عدما أو كمالا و نقصانا، ومراحل ثبوت الحق له، ثم ثبوته عليه، ثم صحة بعض التصرفات منه.

ب-الفرع الثاني: أقسامها

        حتى يكتسب الشخص صفة التاجر، يجب توفر أهلية الاتجار لديه. والأهلية كما هو مستقر عليه تنقسم إلى أهلية وجوب وأهلية أداء.
فأهلية الوجوب : هي قابلية الشخص لاكتساب الحقوق والخضوع للواجبات، وهي تثبت بمجرد الولادة، و بتعبير آخر يمكن القول أنها صلاحية الشخص لأن يكون طرفا في الحق سواء كان طرفا إيجابي أو سلبي(1).
        أما أهلية الأداء:فهي صلاحية الشخص للتعبير عن إرادته تعبيرا يرتب عليه القانون آثاره فتجعل الشخص صالحا لمباشرة الحقوق و أداء الواجبات، وهي بهذا المعنى تعبر عن الحال التي
 


(1)د. إسحاق إبراهيم منصور: نظرية القانون و الحق و تطبيقاتها في القانون الجزائري، الطبعة الثانية، سنة 1990، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 227.
يكون فيها الإنسان صالحا لتحمل تلك الآثار(1).
        و يتفق الفقه على أنها هي صلاحية الشخص لأن يشترك في تصرف قانوني كعقد البيع              أو الإيجار.
        و تمر هذه الأهلية بعدة مراحل :
*كل شخص دون السادسة عشرة من عمره يعتبر غير مميز أي فاقد التميز بسبب صغر السن و لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية فهو عديم الأهلية مما يجعله غير أهل لممارسة التجارية لعدم اكتسابه صفة التاجر، وتعتبر أعماله التجارية التي يمارسها بمثابة أعمال مدنية، وهي باطلة بطلان مطلق(2).
*كل شخص بلغ السادسة عشرة من عمره ولم يكمل التاسعة عشر يعتبر مميزا و لكنه ناقص الأهلية طبقا للمادة 43 ق.م إلا أن التصرفات الضارة له تقع باطلة بطلانا مطلق فهي بالنسبة له كعديم الأهلية، أما تصرفاته النافعة له نفعا محضا فتكون صحيحة: كقبول الهبة، وفيما يتعلق بتصرفاته الدائرة بين النفع و الضرر، فتعتبر قابلة للبطلان، وبخصوص ممارسته التجارية في هذه الحالة فلا تعتبر أعمالا تجارية، مما يجعلنا نستعد تطبيق أحكام القانون التجاري عليه، كون أن أهلية التاجر ضرورية لاكتساب صفة التاجر إضافة إلى الاحتراق المطلوب لاكتساب هذه الصفة.
        وتجدر الإشارة إلى أن الفقه المصري(3) يفرق بين الإحتراق التجاري و الأهلية التجارية، وذلك من خلال الآثار الناجمة عنهما، فقيام القاصر المميز بعمل تجاري منفرد لا تلزمه لصحته صفته التجارية الخاصة وإنما تكفي تطبيق القواعد العامة في الأهلية، وعليه فإن الأعمال التي قام بها تظل تجارية إلا أن وصفه بالتاجر يحتاج إلى أهلية خاصة.
*كل شخص بلغ التاسعة عشر من عمره، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية لبلوغه سن الرشد القانوني، ذلك ما لم يصبه عارض من عوارض الأهلية (4)و ينطبق هذا الحكم على الأعمال التجارية التي يباشرها الشخص البالغ، وهذا ما أكدته المادة 02 من قانون رقم 90-22 المتعلق بالسجل التجاري بقولها « يمكن لأي شخص طبيعي يتمتع بحقوقه المدنية أن يعبر صراحة عن رغبته في إمتهان التجارة بإسمه و لحسابه الخاص» كما نصت المادة 13 منه على وجوب التصريح بممارسة النشاط التجاري أمام الضابط العمومي المختص، ويعتبر التسجيل في السجل التجاري بمثابة عقد رسمي يثبت كامل الأهلية القانونية.
 


(1)د.شمس الدين الوكيل محاضرات في النظرية العامة للحق،ص 48.
(2)د.أحمد محرز القانون التجاري الجزء الأول، نظرية الأعمال التجارية، ص 129.
(3)د. عوض علي جمال الدين، القانون التجاري، التاجر ص 64.
(4)أنظر المادة 40 من القانون المدني الجزائري.

        ما يمكن ملاحظة من خلال دراسة لمختلف مراحل أهلية الأداء أن هذه الأحكام إن كانت صالحة التطبيق بالنسبة للتصرفات المدنية فإنها على غير ذلك بالنسبة للممارسة التجارية، وذلك  باعتبار أن التجارة حرفة تكتسب من طرف الإنسان الذي يقوم بممارستها و تعلمها منذ نعومة أظافره، وعليه فلا مناص من اعتبار الصبي المميز-وفق أحكام القانون المدني- تاجرا إذا كانت تجارته نافعة له نفعا محضا(1).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه