التطبيــــق القضائـــي لحق الـــزوج في التعويـض عـــــن التطليــــــق

0
: التطبيــــق القضائـــي لحق الـــزوج في التعويـض عـــــن التطليــــــق
لأجل تفعيل الحماية القانونية النظرية لحق الزوج في التعويض عن التطليق للشقاق طبقا لأحكام المادة 97 من مدونة الأسرة ، يتعين على المحكمة أن تتثبت من
ـــــــــــــــــ
(1) يستفاد من الصياغة الواردة في المادة 97 من الأسرة ، أن المشرع لن يحصر حق الزوج في التعويض على الحالة التي تكون الزوجة فيها طالبة التطبيق مسطرة الشقاق ، بل يمكن للمحكمة أن تحكم له به حتى عندما يكون هو الذي بدر الى رفع الدعوى متى ثبتت لها مسؤولية الزوجة في الشقاق و الفراق .
(2) حكم رقم 622 ملف رقم 452/04 بتاريخ 15/09/05 ( غير منشور ) .
105


مسؤولية الزوجة في الشقاق و الفراق ( المطلب الأول )  قبل أن تبادر إلى تقدير مبلغ التعويض لفائدة الزوج المتضرر من جراء ذلك ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : تحديــد مسؤوليــة الزوجـة في الشقــاق و الفــراق

يعتبر تحديد مسؤولية الزوجة في الفراق و الشقاق المفضي إليه ، مسألة ذات أهمية بالغة و حساسة ، لكونهـا تعكس وجود تحـول على مستوى تعامل القانـون و القضاء مع التبعات المترتبة عن انحلال العلاقة الزوجية ، فالمحكمة تقوم بذلك على ضوء ظروف و ملابسات كل قضية تخضع لإدارتها ، حيث تتولى فحصها من خلال تقدير سبب الادعاء و موضوعه ، باعتبارهما المجموع الواقعي للنزاع المطروح من طرف الزوجين أو أحدهما طبقا للمادة 94 من مدونة الأسرة و الذي يتولد منه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الحق المتضمن في ذلك الادعاء القضائي .
و المحكمة في تحديدها لمسؤولة الزوجة في دعوى الشقاق ، تقوم بتقدير الواقع بعد إثباته ، سواء من جانب الزوجة إذا كانت مدعية أو من جانب الزوج بصفته مدعيا ، أو من جانب أحدهما إذا تم عرض النزاع من طرفهما معا ، حتى يتأتى لها التأكد من أنه يولد حقا لطالبه أم لا ، بحيث إن البحث التقديري الذي تقوم به في هذا الشأن ، انطلاقا من السلطة المخولة لها لتوجيه الإجراءات المسطرية لدعوى الشقـاق ، ليس بحثا نظريا محضا و إنما هو بحث عملي يستند إلى الواقع و إلى النموذج القانوني الواجب التطبيق على النزاع المطروح لأجل إيجاد حل له (1) .
فالتطليق للشقاق و إن كان حقا مشتركا للزوجين معا ، فانه باعتباره حلا استثنائيا تلجأ إليه المحكمة عند الضرورة القصوى - بعد تعذر الإصلاح و استمرار الشقاق بينهما - في حدود الأخذ بقاعـدة أخـف الضررين ، يتعيـن عدم الإصرار على المطالبـة به من طرف الزوجـة بالخصوص إلا في حدوده الموضوعية و الغائيـة ، و إلا اعتبر تعسفا يستوجب تعويض الزوج المتضرر من جراء ذلك .
ـــــــــــــــــ
(1) نبيل اسماعيل عمر : مرجع سابق ، ص : 383 .
106


عموما فالمحكمة عند تحديدها لمسؤولية المتسبب في الشقاق و الفراق ، و نظرا لخصوصية النزاع المعروض عليها ، ينبغي أن تعمد في ذلك معيارين : الأول شخصي ( ذاتي ) تستند فيه على فحص و تقييـم الظروف و الوقائـع الخاصة بكـل قضية ، لاستنتاج وجـه التعسف من سوء النيـة و الاستهتار بالعلاقـة الزوجية ... الخ ، و الآخر موضوعي تتجاوز من خلاله إرادة  الخصوم إلى البحث عن غاية و نتيجة حق اللجوء إلى القضاء لطلب ذلك ، على اعتبار أن الحقوق ليست غاية في حد ذاتها و إنما وسيلة لتحقيق المصالح و الغايات المتوخاة منها في نطاق الحدود المرسومة لها .
و عليه متى ثبتت للمحكمة مسؤوليـة الزوجة في الشقـاق و الفراق المترتب عنه ، انتقلت إلى تحديد مبلغ التعويض الذي تحكم به من بين المستحقات لفائدة الزوج المتضرر .

المطلب الثاني : تقديـر التعويـــض لفائــدة الــزوج المتضــرر من التطليــــق للشقــــــاق

الأكيد أن الحكم بالتعويض لفائدة الزوج عن الضرر الذي لحقه من جراء التطليق للشقاق الذي تسببت فيه زوجته ، يشكل مظهرا بارزا من مظاهر الموازنة بين حقوق الزوجين بعد انحـلال علاقتهما الزوجيـة ، كما يجسد توجههـا قانونيـا و قضائيا جديدا يرمي من خلاله المشرع إلى تجاوز التصور التقليدي الذي يحصر مسؤولية تفكك الأسرة في الزوج و حده دون الزوجة .
و التعويض في دعاوي الشقاق رغم طابعه الخاص ، فانه يخضع في تقديره إلى سلطة القضاء التقديرية ، شأنه في ذلك شأن باقي الدعاوي المدنية الأخرى ، فمما جاء في الحكم القضائي الصادر عن ابتدائية الحسيمة و المشار إلى أرقامه سلفا ما يلـي :


107



 » ... و حيث أن المحكمة و بما لها من سلطة تقديرية ترى تحديد التعويض في مبلغ 20000 درهم ... « (1) ، كذلك قضى قسم قضاء الأسرة بصفرو » ... و حيث أن المحكمة و لما لها من سلطة في تقدير التعويض الناتج عن الضرر اللاحق به ( أي الزوج ) ، ارتأت تحديده وفق ما هو مذكور بمنطوق الحكم ... « (2) ، لكن التساؤل المطروح : ما هي المعايير التي يجب مراعاتها من طرف المحكمة في تقديرها للتعويض ؟ .
إن المشرع في المادة 97 من مدونة الأسرة لم يحدد المعايير التي يمكن للمحكمة أن تستأنس بها عند تحديدها و تقديرها للتعويض ، الواجب للزوج متى ثبتت مسؤولية زوجته في الفراق و الشقاق المقضي إليه ، عكس المتعة التي تكتسي  طابعا تعويضيا حيث تراعـي فيها المحكمة طبقـا للمادة 84 من المدونة حـال الزوجيـن و فتـرة الزواج  و مدى تعسف الزوج في الطلاق أو التطليق ، لذلك و حتى يعطى للتعويض المحكوم به لفائدة الزوج صبغته الحقيقية جبر للضرر الذي لحقه ، ينبغي تنزيهه عن بعده الرمزي و تجريده من طابعه الجزافـي ، من خلال استناد المحكمة في تقديره على معاييـر موضوعية يمكن إجمالها حسب طبيعتها و خصوصياتها فيمـا يلـي :
-         طبيعة الحق أو المصلحة التي وقع عليها الاعتداء من خلال الحكم بالتطليق للشقاق .
-         حجم الضرر الذي لحق الزوج من جراء ذلك .
-         مدى وجود أطفال لدى الزوجين .
-         الحالة المادية للزوج و الزوجة .
ــــــــــــــــ
(1) انظر هامش الصفحة :
(2) حكم رقم 53 ملف رقم 867/04 بتاريخ 26/01/2005 .


108


إن تفعيل التعويض انطلاقا من هذه المعايير يشكل ضمانة مهمة لحقوق الزوج المادية منها و المعنوية ، و وسيلة للحد من حالات التطليق الشقاق التي تنطوي على تعسف الزوجات في طلبه ، بناء على أسباب واهية تتم عن استهتارهن و عبثهن بمصير العلاقة الزوجية التي تربطهن بأزواجهن .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه