تعريف التحقيق الابتدائي

0
تعريف التحقيق الابتدائي


إن تحديد مفهوم التحقيق الابتدائي من أهم المفاهيم و أخطرها لارتباطها بالدعوى العمومية و التي قد يؤدي الحسم فيها إلى تقييد الحريات أو تؤدي إلى إفلات المجرمين الحقيقيين ، و لذلك فالتحقيق الابتدائي يجب أن يكون محصورا و محددا في معناه ، و ذلك لتتضح جهات الكشف عن الحقيقة و كيفية ذلك بما يتماشى و حماية حقوق و حريات الأفراد و الحفاظ على الصالح العام و استبعادا للخلط بين التحقيق الابتدائي و التحريات الأولية و التحقيق النهائي ، و على ذلك يمكننا أن نعرف التحقيق الابتدائي بأنه " مجموعة من الإجراءات تستهدف التنقيب عن الأدلة في شأن جريمة ارتكبت و تجميعها ثم تقديرها لتحديد مدى كفايتها لإحالة المتهم إلى المحاكمة " . ([1])
التحقيق الابتدائي على هذا النحو هو مجموعة الإجراءات التي تباشرها سلطة التحقيق في الشكل المحدد قانونا بهدف البحث و التنقيب عن الحقيقة بجمع الأدلة ، و بذلك فإن إجراءات التحقيق الابتدائي متتالية تجمع خلالها الأدلة اللازمة و التي من خلالها نكون بصدد أمرين ، إما إحالة الدعوى إلى جهة الحكم و هذا بتوفر الأدلة الكاشفة للحقيقة و مرتكب الجريمة أو بألا وجه لمتابعة الدعوى إذا لم تكف الأدلة لتكوين جريمة أو جهل مرتكب الجريمة أو عدم توافر الأدلة للإدانة .
و عن موقع التحقيق الابتدائي من بين الإجراءات التي تمر بها الدعوى بجد أنه يتمركز بين التحريات الأولية التي يجريها رجال الضبطية القضائية و بين التحقيق النهائي الذي تتولاه جهة الحكم .
و انطلاقا من هذا نجد أن المشرع الجزائري قد أخطأ عندما عبر عن التحريات الأولية بـ " البحث الأولي أو التمهيدي أو الإعدادي الذي غالبا ما يسبق التحقيق القضائي و الذي تتولاه الشرطة القضائية بالتحقيق الابتدائي و ذلك في عنوان الفصل الثاني من الباب الثاني للكتاب الأول من قانون الإجراءات الجزائية " ([2]) و هو ما أدى إلى اللبس ، فذهب البعض إلى تسمية التحريات الأولية بالتحقيقات الابتدائية ، و سماها فقهاء آخرون بالتحقيقات التحضيرية .
و لكن ما يهمنا هو التحريات الأولية و التحقيق الابتدائي من الناحية القانونية ، فنص المادة " 11 " من قانون الإجراءات الجزائية يورد مرحلتين هما : التحريات الأولية و التحقيق الابتدائي بالتحقيقات " إجراءات التحري و التحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك " و دلت عليه المادة " 12 " من نفس القانون " و يناط بالضبط القضائي مهمة البحث والتحري عن الجرائم ... ما لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي " .
و حرف – الواو – الوارد في نص المادة " 11 " بين كلمتي التحري و التحقيق انطلاقا من المقتضى اللغوي يفيد المغايرة ، مما يدل عل وجود مرحلتين و إلا كان في استطاعة المشرع القول بالتحري و التحقيق السري ... فالواو جاءت فاصلة تدل على مرحلتين تختلف إحداهما عن الأخرى ، و إن كان المشرع الجزائري قد ذكر في نص المادة " 17 " من قانون الإجراءات الجزائية ما يلي " يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات ... و إجراءات التحقيقات الابتدائية " فما مدلول التحقيقات الابتدائية هنا ؟ .
نقول بأن النظر إلى النص الفرنسي أي الترجمة الفرنسية لهذه المادة يجد أنها قد ترجمت التحقيقات بـ ( ENQUETE PELIMINAIRE ) أي التحريات الأولية ، لأن لفظ ( ENQUETE ) هو لفظ التحري في المادة " 11 " و هذا ما وضحه المشرع في المادة " 66 " من قانون الإجراءات الجزائية عندما قال " التحقيق الابتدائي وجوبي في الجنايات ... " .
و ترجمة لفظ التحقيق الابتدائي بـ ( INSTRUCTION ) مما يفيد أن التحقيقات الابتدائية خلاف التحريات الأولية ، و هو ما أكده المشرع في النهاية عندما كان يتكلم عن وسائل الإقناع و الإثبات في المادة الجنائية ، حيث ذكر في المادة " 215 " من قانون الإجراءات الجزائية " أعمال الضبطية القضائية ما هي إلا مجرد استدلالات " . ([3])
و من المدلول الكتابي للتحقيق الابتدائي نستخلص أنه إجراء تكميلي للتحريات الأولية ، و في ذات الوقت تمهيدي لمرحلة المحاكمة ، ذلك أنه من غير الممكن الفصل في الدعوى بالإدانة أو البراءة على مستوى إجراءاته .












(1) محمود نجيب حسني ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ، الطبعة الثانية ، القاهرة : دار النهضة العربية ، 1999 ، ص 613 .
(1) جيلاني بغدادي ، التحقيق دراسة مقارنة نظرية و تطبيقية ، الطبعة الأولى ، الجزائر : الديوان الوطني للأشغال التربوية ، 1999 ، ص 61 .
(1) محمد محدة ، محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية ( التحريات الأولية ) ، بسكرة : جامعة محمد خيضر ، 2002 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه