طرق الرقابة على مشروعية قرارات الإدارة في القانون الجزائري

0
e   طرق الرقابة على مشروعية قرارات الإدارة
تتفرع طرق رقابة المشروعية –في المجال الإداري- إلى نوعين : رقابة إدارية ورقابة قضائية.
Ãأولا : الرقابة الإدارية
تتميز الرقابة الإدارية بأنها رقابة ذاتية تقوم بها الإدارية على أعمالها بغية تصحيح الأخطاء التي وقعت فيها ومراجعتها إما بتعديلها أو إلغائها أو سحبها، وتتم هذه الرقابة من طرف الإدارة إما من تلقاء نفسها أو بناء على تظلمات من يعنيهم الأمر سواء قدمت إلى مصدر القرار أو رئيس هذا الأخير أو إلى لجنة خاصة[1].
وتنقسم هذه الرقابة إلى أنواع مختلفة :
1)    التظلم الاستعطافي :
ويتم بتقديم طلب صاحب المصلحة إلى مصدر القرار يبصره فيه بالخطأ الذي ارتكبه، فيطلب منه تبعا لذلك إعادة النظر في قراره وذلك إما بسحبه أو إلغائه أو تعديله أو استبداله بغيره[2].
2)    التظلم الرئاسي :
ويتم بتظلم صاحب المصلحة إلى رئيس مصدر القرار من القرار الذي أصدره في حقه والذي يتسم بعدم المشروعية، فيتولى رئيس مصدر القرار بعد ذلك البحث في هذا التظلم، فإذا تبين صحة ما يطلبه المتضرر فإنه يقضي بسحب القرار أو إلغائه أو تعديله مما يجعله مطابقا للقانون، وقد يتولى الرئيس الأعلى هذه المسألة من تلقاء نفسه دون تظلم من صاحب المصلحة بمقتضى ما يملكه من سلطة رئاسية على مصدر القرار[3].
3)    التظلم أمام لجنة إدارية خاصة :
يكون هذا التظلم أمام لجنة إدارية وهذه اللجنة نجدها في مختلف الأنظمة ذات المناهج الإدارية المتقدمة وهي ما يطلق عليها في التشريع المغربي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء، إذ تتشكل من ممثلين عن الموظف وممثلين عن الإدارة، يحق للموظف المتضرر من القرار الإداري غير السليم أن يتظلم منه أمام هذه اللجنة. فإذا تبينت صحة تظلم الموظف فإنها تصدر رأيا معللا في الموضوع وتوجهه إلى الرئيس مصدر القرار، إلا أن رأيها استشاري غير ملزم[4].
4)    التظلم الوصائي :
يكون أمام الجهة التي تملك الوصاية على جهة معينة، فإذا حصل أن قامت هيئات عمومية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي في تسيير شؤونها بعمل أو امتنعت عن القيام بعمل، خالفت بذلك الهدف الذي قامت من أجل تحقيقه أو خالفت به النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالنشاط الذي تقوم به فإنه يحق للمتضررين من ذلك، التظلم أمام السلطة التي تملك الوصاية على تلك الهيئة.
واللجوء إلى التظلم الإداري في التشريع المغربي سواء أكان تظلما استعطافيا أو رئاسيا قبل سلوك طريق التظلم القضائي، وهو مسألة اختيارية غير ملزمة- الفصل 360، الفقرة 2 من قانون المسطرة المدنية[5]، بحيث يجوز للمعني بالأمر أن يلجأ إلى الطعن القضائي مباشرة دون أن يسلك طريق التظلم الإداري، أما إذا اختار طريق التظلم الإداري قبل التظلم القضائي وجب عليه احترام المسطرة الواجبة الإتباع.
وقد عمل المشروع المغربي خيرا في جعل التظلم الإداري –سواء الاستعطافي منه أو الرئاسي- اختياريا (باستثناء بعض الحالات التي تقضي فيها بعض النصوص التنظيمية بالالتزام بمسطرة خصوصية للطعن الإداري)، على خلاف ما يجري عليه الوضع قبل تعديل قانون المسطرة المدنية بظهير 1974، لأن وجود الرقابة القضائية كأساس إلى جانب الرقابة الإدارية قد لا تفي بالغرض المرجو من ضمان مبدأ المشروعية وذلك لرغبتها أو لمصلحة معينة في التحرر من قيود تلك المشروعية، أو لرفض جهة معينة الاعتراف بالخطأ لسبب ما. وقد تجاريها الجهة الأعلى منها في ذلك. ولنفرض أننا استبعدنا هذه المواقف فإن المنطق نفسه يرفض ترك النزاع بين الإدارة والأفراد بيد الإدارة لتفصل فيه بنفسها. فهذا الأمر لا يبث بل يوحي بالثقة في نفوس الأفراد، لأن من مقتضيات العدالة ألا يكون الحكم خصما في النزاع لذلك فإن الرقابة القضائية لها أهميتها في هذا المجال[6].
Ãثانيا : الرقابة القضائية
تخضع الأعمال الإدارية في هذه الحالة لمراقبة القضاء الذي يتولى رعاية حقوق الأفراد ضد تعسف الإدارة وذلك عن طريق إلغاء قراراتها أو التعويض عنها أوهما معا إذا كانت تلك القرارات غير مشروعية ومست حقا من حقوق الأفراد أو نالت بحرية من حرياتهم. وتختلف هذه الرقابة من دولة لأخرى حسب تاريخها وتقاليدها وظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث اعتنقت بعض الدول نظام القضاء الموحد وأخضعت أقضية الإدارة إلى اختصاص المحاكم العادية، بينما سلكت دول أخرى وعلى رأسها فرنسا نظام القضاء المزوج وأسندت المنازعات الإدارية لاختصاص المحاكم الإدارية، إلا أن الرقابة القضائية تختلف عن الرقابة الإدارية في نقط كثيرة وإن كانت تسير معها جنبا إلى جنب وأهم نقط الاختلاف ما يلي :
õ الرقابة الفضائية من اختصاص القضاء وهي تخضع للمبادئ المقررة في هذا الصدد، وأهمها أن القضاء لا يملك حق النظر في قضايا، إلا بعد رفعها من صاحب المصلحة. إذ لا يملك أن ينظر فيها من تلقاء نفسه كما هو الشأن بالنسبة للرقابة الإدارية التي يحق لها أن تمارس رقابتها من تلقاء نفسها أو بناء على تظلم المعني بالأمر.
õ الرقابة القضائية تقتصر على جانب المشروعية في العمل الإداري ولا تمتد تلك الرقابة إلى جانب الملائمة، أما الرقابة الإدارية فإنها تشمل الجانبين، جانب المشروعية وجانب الملائمة.
õ الرقابة القضائية في إطار مبدأ المشروعية لا تملك إلا الحكم بسلامة التصرف المشكو منه أو بعدم سلامته والتعويض عنه، ولا تملك حق إنزال سلطاتها في المسألة المعروضة عليها، بخلاف الوضع في الرقابة الإدارية إذ لها الحق في تعديل التصرف المعيب أو الغير الملائم واستبداله بغيره.
õ إذا ما رفعت دعوى على الإدارة أمام القضاء فإن القضاء يكون ملزما بالنظر فيها وإلا ارتكب جريمة إنكار العدالة بخلاف الوضع بالنسبة للإدارة فهي غير ملزمة بالرد على التظلمات التي رفعها إليها الأفراد، ما لم يقر المشرع غير ذلك.
õ الرقابة القضائية ملزمة بإتباع الإجراءات القانونية بالنظر في الدعوى إلا إذا كان الحكم باطلا لعيب الشكل والإجراءات، أما الرقابة الإدارية فإجراءاتها بسيطة، إذ المتظلم معفى من الرسوم ومن وجوب توكيل محام عنه... إلخ.
õ تنتهي الرقابة القضائية بالنظر في القضية إذا أصبح الحكم بشأنها حائزا على حجية الشيء المقضي فيه، إذ لا يجوز المعني بالأمر إثارة النزاع من جديد مرة أخرى. أما في الرقابة الإدارية فيجوز للمعني بالأمر أن يثير المسألة من جديد ويحق للإدارة أن تعيد النظر فيه ويمكن رفع دعوى بشأنها أمام القضاء[7].



[1]- د. محمد الوازني، "القضاء الإداري قضاء الإلغاء التعويض" مطبعة دار الجسور، طبعة 2000.
[2]- دة. مليكة الصروخ، "القانون الإداري" دراسة مقارنة، طبعة 2001، مطبعة النجاح الجديدة.
[3]- نفس المرجع، ص : 500.
[4]- للتوسع أنظر الدكتور عبد القادر باينة، "الهيئات الاستشارية بالمغرب" مطبعة دار النشر المغربية /الدار البيضاء، طبعة 1991، ص : 127.
[5]- ظهير شريف بمثابة قانون رقم 447-174-1 بتاريخ 11 رمان 1394 (28 شتنبر 1974) الخاص بالمصادقة على نصوص قانون المسطرة المدنية، الجريدة الرسمية، عدد 2330، مكرر 30 شتنبر 1974.
[6]- دة. مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص : 501.
[7]- دة. مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص : 503.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه