مدى رقابة القضاء على عيب السبب في القرار الإداري في القانون الجزائري

0
1-      مدى رقابة القضاء على عيب السبب في القرار الإداري :
يقصد بركن السبب – كما رأينا – توفر الحالة القانونية أو الواقعية التي تخول السلطة الإدارية المختصة إمكانية التدخل لإصدار قرار إداري بشأنه، وبالمفهوم العكسي فإن انعدام الأسباب معناه عدم توفر الحالات القانونية أو الواقعية، فلا يكون لتلك السلطة الحق في إمكانية التدخل لإصدار قرارها الإداري، فإن تدخلت بالرغم من انتقاء تلك الحالات القانونية أو الواقعية، وأصدرت قرارها الإداري فإن هذا القرار يعتبر غير مشروع لاتسامه بعيب السبب وبالتالي يكون قابلا للإلغاء[1]. وقد يثار بسبب عنصر السبب نزاع أمام القضاء يتخذ إحدى الصور الثلاثة الآتية :
أ- التحقق من صحة الوقائع التي تدخلت الإدارة على أساسها :
        يفحص قاضي الإلغاء الوقائع التي تكون سببا للقرار الإداري ليرى مدى صحتها من الناحية المادية فإذا اختلفت الواقعة أو الوقائع التي استند عليها القرار عند اتخاذه أصبح ذلك القرار مشوبا بعيب السبب وجديرا بالإلغاء[2].
ب- الرقابة على تكييف الوقائع قانونا :
        ومفادها قيام القاضي الإداري بعد تأكده من وجود الواقعة – أو الوقائع – المتخذة سببا للقرار بفحص صحة الوصف القانوني المعطى لتلك الوقائع[3] والمقصود بالتكييف القانوني، حسب تعريف أحد الفقهاء هو« إدراج حالة واقعية معينة داخل إطار فكرة قانونية[4] » أي إجراء مقابلة بين الحالة الواقعية ونصوص القانون.
ويتضح مما سبق أن عملية التكييف القانوني ما هي إلا عملية قانونية صرفة فهي تهدف إلى استخلاص العناصر والصفات القانونية الأساسية المشتركة التي تتضمنها كل من القاعدة والواقعة لمطابقتها مع بعضها بقصد إعطاء الوصف القانوني السليم للواقعة المادية[5].
والقضاء يمارس رقابته على هذا التكييف القانوني الذي تجريه الإدارة على الوقائع فإنما أن يؤدي إلى تأييد القرار كما يمكنه رفض طلب الإلغاء.
ج- الرقابة على أهمية وخطورة السبب :
إذا كان القاضي في دعوى الإلغاء يقوم بمراقبة الوجود المادي ومدى صحة التكييف القانوني، فإننا نتساءل عن مدى إمكانية تجاوز القاضي لهذين النطاقين ويتعداهما إلى بحث أهمية وخطورة السبب ؟
إن الجواب على هذا التساؤل يؤدي إلى طرح تساؤل آخر يرتبط به ويلازمه وهو إذا كان القاضي في دعوى الإلغاء، قاضي مشروعية أم قاضي ملائمة ؟
لقد ذهب القضاء الإداري في بداية نشأته مدعما برأي الفقه، إلا أن القاضي في دعوى الإلغاء، هو قاضي مشروعية فحسب، وليس قاضي ملائمة، ومن تم وجب عليه الامتناع عن مراجعة الإدارة في تقديرها لأهمية وخطورة السبب.
فبالنسبة لموقف الغرفة الإدارية، فإن اجتهادها قد انتهى إلى تعيين حدود رقابتها في وقت مبكر، فإذا كان القاضي يراقب أسباب القرار من ناحية الوجود المادي ويراقب صحة تكييفها القانوني، فإن دور القاضي يجب أن يقف عند هذا الحد، فلا يتعداها إلى مراقبة أهمية خطورة السبب، فرقابته تقتصر على فحص مشروعية القرار الإداري ولا تمتد إلى ملاءمتها[6].
2-     مدى رقابة القضاء على عيب المحل في القرار الإداري :
يطلق عيب مخالفة القانون على معنيين : معنى عام لو أخذ به على إطلاقه لشمل جميع أوجه الإلغاء، ومعنى ضيق ينطبق على مخالفة القواعد القانونية وهذا المعنى الأخير هو المقصود في هذا الإطار، ويعد هذا العيب من أهم أوجه الإلغاء لأنه يتعلق بمحل أو موضع القرار الإداري، فالرقابة هنا تكون رقابة موضوعية[7].
ويتخذ عيب مخالفة القانون صورا مختلفة، فهو قد يأتي في صورة الخطأ المباشر في تطبيق القانون، كأن تقوم السلطة التأديبية بتطبيق عقوبة غير منصوص عليها في لائحة العقوبات، كما يعد من قبيل عيب مخالفة القانون قيام الإدارة بتطبيق عقوبتين تأديبيتين على جريمة تأديبية واحدة خلافا للمبدأ العام الذي يقضي بعدم معاقبة الشخص عن الفعل الواحد مرتين. وقد يتخذ هذا العيب صورة الخطأ في تفسير القاعدة القانونية أو تأويلها أو تطبيقها. كما يعتبر من صور عيب مخالفة القانون عدم احترام المبادئ العامة للقانون، كمبدأ حق الدفاع ومبدأ قوة الشيء المقضى به ومبدأ الحرية[8]... إلخ.


[1] - دة. مليكة الصروخ مرجع سابق، ص: 570.
[2] - د. فهد بن محمد بن عبد العزيز الدغيثر مرجع سابق ص: 228.
[3] - نفس المرجع، ص: 230.
[4] - د. محمد حسنين عبد العالي مرجع سابق ص: 53.
[5] - د. محمد الوزاني، مرجع سابق ص: 145.
[6] - نفس المرجع السابق، ص: 148.
[7] - دة. مليكة الصروخ مرجع سابق ص: 575.
[8] - د. محمد الوزاني مرجع سابق ص: 135.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه