تطبيق القانون من حيث المكان في القانون الجزائري

0
تطبيق القانون من حيث المكان

يتحدد مكانتطبيق القانون بالمكان الذي تسود فيه ارادة الدولة ، و لما كانت سيادة الدولة تنحصر داخل حدودها الاقليمية ، فإن الأصل في نفاذ القانون هو سريانه داخل الحدود الاقليمية للدولة (مبدأ الإقليمية) ، و الاستثناء هو امتداد سريانه خارج حدودها الاقليمية ( مبدأ شخصية القوانين ) .

# مبدأ الإقليمية :
   يقصد به تقيد الدولة في تطبيق قوانينها بحدودها الاقليمية المعترف بها دوليا ، تأسيسا علي أن سيادة الدولة تنحصر داخل هذه الحدود . و  لذلك يسمي قانون الدولة بالقانون الوطني تمييزا له عن قوانين الدول الاخرى ( القوانين الأجنبية ) .

لذلك يحكم القانون الوطني كافة الأشخاص و الوقائع علي اقليم الدولة ، و في نفس الوقت لا يحكم الأشخاص و لا الوقائع التي تتواجد خارج اقليم الدولة أي خارج نطاق سيادتها .

نقد للمبدأ : أدى تطور وسائل السفر و الاتصال الي تحول العالم الي قرية صغيرة يتنقل الانسان بين أرجاءها ، فبات علي الدولة أن ترعي مواطنيها الذين انتقلوا من داخل حدودها الي داخل حدود دولة أخري مما دعا الي ظهور استثناءات علي مبدأ الاقليمية من أهمها جواز امتداد سلطان الدولة خارج حدودها الاقليمية .
# جواز امتداد سلطان الدولة خارج حدودها الاقليمية ( مبدأ شخصية القوانين ) :
·       حكمة الاستثناء : ضرورة قيام الدولة برعاية مواطنيها المقيمين في الدول الأخرى .
·       تسمية الاستثناء : مبدأ شخصية القوانين ، لأن سلطان الدولة المتمثل في قوانينها يمتد الي مواطنيها المتواجدين خارج اقليمها .
·       صور الاستثناء :
* في مجال القانون الدولي : يمتنع تطبيق القانون الوطني علي بعض الأشخاص المتواجـدين علي اقــليمها مثل الدبلوماسـيـين التابعين لدول أخرى .  
    * في مجال القانون الدستوري : يقتصر التمتع بالحقوق السياسية علي مواطني الدولة ، دون الأجانب المقيمين علي أرضها .
    * في مجال القانون الدولي الخاص : يسمح للقانون الأجنبي بأن يحكم بعض الوقائع ( الوقائع ذات العنصر الأجنبي ) التي تحدث علي اقليم الدولة ، مثل أهلية الأجانب .


               تطبيق القانون من حيث الزمان

·       الفرض : يفترض الحديث عن تطبيق القانون من حيث الزمان ، وجود قانونين ( قانون قديم و قانون جديد ) يتنازعان التطبيق .
·       الحــــل : الأصل في سريان القانون من حيث الزمان أن يمتد نطاق تطبيقه من تاريخ نفاذه حتي وقت انقضاء العمل به .
·       الوقائع الممتدة في الزمان : من الوقائع ما ينشأ و يستمر في الزمان و تتولد آثاره مستغرقة الفترة التي ينتهي فيها سريان قانون معين و يبدأ فيها نفاذ قانون جديد حل محله ، فتكون الواقعة قد بدأت في ظل القانون القديم ثم أنتجت آثارها في ظل قانون جديد ، فيثور التساؤل الآتي : أي القانونين أحق بحكم الواقعة ؟ هل هو القانون القديم الذي نشأت في ظله ؟ أم هو القانون الجديد الذي أنتجت آثارها في ظله ؟ 
مثال : شخص بلغ سن الرشد في ظل قانون يحدده ب18 سنة ، ثم حل محله قانون جديد حدد سن الرشد ب21 سنة، فما حكم هذا الشخص ؟ هل يظل رشيدا بحكم أنه قد بلغ سن الرشد وفق القانون القديم ؟ أم يعود قاصرا من جديد وفق القانون الجديد ؟

   اعتمد الفقه مبدأين في حل مسائل تنازع القوانين من حيث الزمان : مبدأ عدم رجعية القوانين و مبدأ الأثر الفوري للقانون ، بالإضافة لبعض الحلول التشريعية التي وضعها المشرع بصدد حالات معينة من التازع الزماني .

& الحلول النظرية لمشكلة تنازع القوانين :
   أولا – مبدأ عدم رجعية القوانين :
·       مضمونه : يقصد به عدم سريان أحكام القانون إلا علي الوقائع
التي وقعت في ظله أي ما وقع من بدء تاريخ العمل بالقانون و بحيث لا يمتد أثرها الي الوقائع التي حدثت قبل ذلك التاريخ .
* فعاليته : هذا المبدأ يقيد القاضي و لا يقيد المشرع إلا فيما يتعلق بالتشريع في المسائل الجنائية .
* غايته : 1) تحقيق العدل .   2) ضمان استقرار المعاملات .
* حكم خاص بالقوانين التفسيرية : القوانين التفسيرية هي جزء لاحق من قانون سابق ، فهو لا يضيف أحكام جديدة للقانون ، بل يقتصر دوره علي توضيح غموض أكتنف نصوصه ، و بالتالي ففائدتها تبدو من خلال تطبيقها بأثر رجعي منذ سريان القانون المفسر .

  ثانيا – أهم النظريات في حل تنازع القوانين :
   (1) النظرية التقليدية :
    × و هي تفرق بين الحق المكتسب و مجرد الأمل ، فالأول هو المصلحة التي يحميها القانون للشخص بعد أن تستقر نهائيا في ذمته . أما الثاني فيعني الأمنية التي تراود الشخص في اكتساب الحق ، لكنها تظل مسألة احتمالية .
   × مثال : المركز القانوني للتركة قبل وفاة المورث (مجرد أمل )  و بعد وفاته ( حق مكتسب ) .
   × مضمونها : القانون لا ينطبق علي التصرفات التي تمت قبل صدوره باعتبار انها أكسبت أصحابها حقوقا . أما التصرفات التي وقعت قبل صدور القانون غير أنها لم تتحول بعد الي حقوق مكتسبة فإنه يمكن أن تسري عليها أحكام القانون بأثر رجعي بحكم انها تمثل مجرد أمل لأصحابها .
× استثناءات علي فكرة الحق المكتسب :
    1 – النص الصريح من المشرع علي الرجعية .
    2 – الحالة التي يكون فيها القانون الجديد هو القانون الأصلح للمتهم .
   3 – القوانين التفسيرية .
   4 – اذا تعلق القانون الجديد بالنظام العام و الآداب .

× نقد النظرية التقليدية :
1) النظرية تعتمد علي التفرقة بين الحق المكتسب و مجرد الأمل ،
و هي تفرقة تقوم علي الإفتراض النظري الذي لا يثبت أمام حقائق الواقع ( حق الموهوب له علي المال الموهوب ) .
2) النظرية لا تفرق بدقة بين الأثر الرجعي للقانون و الأثر المباشر للقانون ( سن الرشد ) .

(2) النظرية الحديثة :
× تقوم علي التفرقة بين عدم رجعية القانون القديم و بين الأثر المباشر للقانون الجديد ، استنادا الي ما يسمي بالمراكز القانونية التامة و غير التامة و ما ينشأ عنها من حقوق للأفراد .
× مضمونها : القانون الجديد لا يسري بأثر رجعي علي المراكز القانونية التي سبقت وجوده ، غير أن أحكامه تسري في نفس الوقت بأثر فوري علي المراكز القانونية التي نشأت بعده .
و تفرق النظرية بين المراكز القانونية التامة و غير التامة : فالأولي هي التي نشأت و أكتملت آثارها في ظل القانون القديم ، فلا تسري عليها أحكام القانون الجديد و إلا كان في ذلك رجعية للقانون الجديد.

و لكن الإشكال يثور بالنسبة للمراكز القانونية غير التامة و هي التي نشأت في ظل القانون القديم و أنتجت آثارها في ظل قانون جديد بعد الغاء العمل بالقانون القديم ، فهنا لا يسري القانون الجديد بأثر رجعي علي ما تم من مراكز قانونية قبل صدوره .



× استثناءات علي النظرية الحديثة :
   1 ) حالة النص الصريح علي رجعية القانون .

   2) حالة الأثر المستمر للقانون القديم .

ثالثا – الحلول التشريعية لبعض مسائل تنازع القوانين :

أولا – مسائل الأهلية :
نص المشرع على مسألتين في هذا الصدد :
1-    المركز القانوني للشخص ، و بصددها يقرر القانون الإماراتي أن القانون الجديد يسري بأثر فوري على جميع الأشخاص من حيث بيان مراكزهم القانونية الراهنة بصرف النظر عن مراكزهم القانونية السابقة في ظل القانون القديم .
2-    تنظيم الآثار المترتبة على تصرفات الشخص ، و هنا يفرق القانون بين فرضين : الأول- تصرفاته التي أبرمها في ظل االقانون القديم حيث كان يــعتبر راشدا ً حتى لـــو كان القانون الجديد يعتبره قاصرا ً. أما الفرض الثاني – فيتعلق بتصرفات الشخص التي أبرمها في ظل القانون الجديد و تخضع لهذ القانون الجديد و من ثم لا بعد هذه التصرفات صحيحة إذا كان الشخص يعد قاصرا ً في نظر القانون الجديد.


ثانيا ً – مسائل التقادم : 
و هنا عالج المشرع الإماراتي مبدأين :
الأول – مبدأ عدم رجعية القانون ، فيفرق القانون بين المدة السابقة على العمل بالقانون الجديد و بين المدة التي تلي العمل به ، فأخضع الأولى لأحكام القانون القديم فيما يتعلق بالمسائل الخاصة ببدأ التقادم و وقفه و انقطاعه و ذلك تطبيقا ً لمبدأ عدم رجعية القانون . و أخضع الثانية لأحكام القانون الجديد الذي يسري عليها بأثر فوري .
الثاني – مبدأ الأثر الفوري للقانون ، حيث تسري القوانين المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل ، و عادة ما يطيل القانون الجديد مدة التقادم أو يقصرها أو يعدل من شروطها .
ثالثا َ- الحلول المتعلقة بأدلة الإثبات :
نص القانون على أن القاضي ملزم بالدليلوفقا ً للنصوص الني كانت سارية وقت إعداده أو الوقت الذي كان يجب إعداده فيه . و على ذلك فإن القانون القديم و باعتباره القانون الذي عاصر عملية إعداد الدليل فيكون هو القانون الساري على الدليل من حيث طبيعته و شروطه و حدود استعماله ، و هكذا يمكن استخلاص النتيجتين الآتيتين :

1-    إذا صدر القانون الجديد بنظام جديد للإثبات فلا يجوز أن يكون له أثر على التصرفات التي تمت في ظل القانون القديم الذي يرجع إليه في تحديد أدلة الإثبات .

2-    في  الحالة التي يعدل القانون الجديد نظام الإثبات الذي كان ساريا ً في ظل القانون القديم ، فلا يسري التعديل في ذلك على إثبات التصرفات التي تمت أو انعقدت في ظل القانون القديم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه