التشريع مصدر أصلي للقانون في القانون الجزائري

1
المبحث الثاني
التشريع مصدر أصلي للقانون

§       مضمون التشريع :
يطلق مصطلح التشريع على معنيين :
1)    فعل الدولة : أى قيام السلطة المختصة في الدولة بوضع القواعد العامة الملزمة و المنظمة للسلوك .
2)    نتاج فعل الدولة : أى القاعدة القانونية ذاتها التي تصدر عن السلطة المختصة.


§      مسميات التشريع :
1- التشريع العادي : و يقصد به كل ما يصدر عن السلطة التشريعية من قواعد عامة تنظم العلاقات العادية بين الأفراد في المجتمع ، و ذلك تمييزا ً له عن التشريع الأساسي الذي ينظم البينة الأساسية للمجتمع
( نظام الحكم في الدولة ، السلطات العامة فيها ، الحقوق و الحريات )،
و تمييزا ً له أيضا ً عن التشريع الفرعي ( اللوائح ) .

2- القانون : و هذه التسمية من قبيل إطلاق اسم الكل على الجزء ، فالقانون يشمل التشريع و يشمل كذلك مبادئ الشريعة الإسلامية و قواعد العرف .

§      صدور التشريع :
لا تكتسب القاعدة العامة الملزمة وصف التشريع إلا باستيفاء شرطين :
1- صدور التشريع عن السلطة المختصة :
* والسلطة المختصة بوضع التشريع تختلف من دولة إلى أخرى بحسب طبيعة النظام السياسي فيها ، و يبين الدستور في كل دولة من هي السلطة المختصة بوضع التشريع ، و تسمى السلطة التشريعية .

  * و لكل نوع من أنواع التشريع سلطة مختصة بوضعه : فالتشريع
الأساسي يصدر عن السلطة التأسيسة في الدولة ، و التشريع الفرعي يصدر عن السلطة التنفيذية ، و يصدر التشريع العادي عن السلطة التشريعية . و ينصرف مصطلح السلطة التشريعية في معناه الأساسي إلى السلطة التي تختص بإصدار التشريع العادي تحديدا ً ، و هي مؤسسة مستقلة نسبيا ً يديرها نواب منتخبون أو معينون يباشرون مهمة وضع التشريع .

2- صدور التشريع في شكل مكتوب :
* و هذا هو المعيار المميز بين قواعد التشريع و قواعد العرف .
* و يقصد بصدور التشريع : 1- تدوين التشريع في وثيقة رسمية .
                                 2- صياغة التشريع بشكل فني يضمن دقة 
                                      ألفاظه و وضوح معانيه .
*  التشريع و التقنين: التقنين هو مجموعة متجانسة من التشريعات تعد بشكل منهجي من قبل السلطة العامة في فرع معين من فروع القانون ، و في صورة مرتبة يسهل الرجوع إليها عند الحاجة ، مثل : تقنين المعاملات المدنية ، و تقنين العقوبات ، و تقنين الإجراءات المدنية.

§      أهمية التشريع :
1-   سهولة وضعه و تعديله مما يجعله يستجيب لتطور العلاقات 
    الاجتماعية.
2-   وضوح معانيه لصدور مضمونه في شكل نصوص مكتوبة بسهل الرجوع إليها عند الحاجة .
3-  يعد أداة لتطير المجتمع . باقتباس التشريعات المفيدة من المجتمعات الأخرى .

§        أنواع التشريع من حيث مراتبه ( مبدأ تدرج التشريع )  :
1-  التشريع الأساسي ، و هو الأعلى مرتبة و يتمثل في الدستور و القوانين الأساسية .
2-  التشريع العادي ، و هو في المرتبة الثانية و يشمل جميع أنواع القوانين العادية التي تصدر عن السلطة التشريعية .
3-  التشريع الفرعي و يأتي في المرتبة الثالثة و يشمل اللوائح التنفيذية و التنظيمية و الضبطية التي تصدر عن الهيئات الإدارية في الدولة .
*مقتضى مبدأ تدرج التشريع ، ضمان انسجام التشريع في مستوياته المختلفة و بما يكفل احترام التشريع الأدنى للتشريع الأعلى ، و عند حدوث إخلال بذلك يطبق التشريع الأعلى و يهدر التشريع الأدنى المخالف .

§     إقرار التشريع :
  * معناه : سن التشريع و المصادقة عليه ثم إصداره من قبل السلطات المختصة بذلك .
* مراحله : -
1- مرحلة سن التشريع  من قبل السلطة التشريعية :
§   ماهية سن التشريع : هو قيام السلطة المختصة بوضع القانون عن طريق صياغة قواعده بشكل يضمن دقة و وضوح معانيه ، وفقا ً للإجراءات المقررة .

§   السلطة المختصة بسن التشريع :

هذه السلطة تختلف باختلاف النظام السياسي في الدولة و بمدى التقيد بمبدأ التدرج التشريعي :
* فحيث يسود مبدأ الفصل بين السلطات : يتولي سن التشريع السلطة التشريعية ، بينما اذا ساد مبدأ دمج السلطات تتوزع مهمة سن التشريع بين أكثر من سلطة في الدولة .

*و عند التقيد بمبدأ التدرج التشريعي : يتولي سن التشريع الأساسي السلطة التأسيسية ، بينما يتولي سن التشريع العادى السلطة التشريعية، و تتولي السلطة التنفيذية سن التشريع الفرعي . أما اذا لم يلتزم النظام السياسي في الدولة بمبدأ التدرج التشريعي فيعتبر التشريع بأنواعه الثلاثة من درجة واحدة و يمكن أن تختص السلطة الواحدة بسن أكثر من نوع من أنواع التشريع .

# السلطة التشريعية تتولي سن التشريع العادي :
   وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات ، تتولي السلطة التشريعية مهمة سن التشريع العادي . و تتكون السلطة التشريعية من مجلس واحد أو من مجلسين من نواب منتخبين أو معينين .

# مراحل سن التشريع العادي :
(1)          مرحلة المبادرة بالقانون : و تبدأ بوضع مسودة القانون ( و هي الصيغة الأولي لنصوص القانون مرفقة بمذكرة ايضاحية تبرز الأسباب التي دعت اليه و الأهداف التي يرمي اليها و الفروض و الأحكام التي يتضمنها ) .
ثم ترفع المسودة و المذكرة الي أمانة السلطة التشريعية التي تباشر دراسة مشروع القانون .
و تتقرر مهمة المبادرة بالقانون لجهتين : 1ـ السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة ( مشروعات القوانين )،
2ـ السلطة التشريعية ممثلة في نصاب معين من أعضائها ( مقترح بقانون ) .

(2)          مرحلة الفحص و الدراسة :
يحال المشروع بقانون أو المقترح بقانون الي اللجان المختصة لدراسته و اجراء التعديلات اللازمة عليه ، و اعداد تقرير مفصل بعملها .

(3)  مرحلة التصويت و المصادقة :
                   يعرض المشروع أو المقترح بقانون مرفقا بتقرير
                  اللجنة علي السلطة التشريعية لمناقشة تقرير اللجنة ، ثم
                  يجري التصويت علي المشروع أو المقترح أما بإقراره
                  أو رفضه ، و يعتبر مشروع القانون الذي حاز أغلبية 
                  الأصوات قانونا .

&  قواعد سن التشريع العادي في الدستور الإماراتي :
   
    تخول م89 من الدستور الإماراتي صلاحية محدودة للمجلس الوطني الاتحادي في مناقشة مشاريع القوانين التي تعرض عليه ، فيكون له حق قبولها أو تعديلها أو رفضها ، بينما لايملك هذا المجلس حق المبادرة بإقتراح القوانين .

حكمة هذه الصلاحية المحدودة : هي وجود مجلس آخر يتولي ادارة شئون الدولة ، و هو المجلس الأعلي للإتحاد و الذي يتشكل من حكام الإمارات السبع و يملك صلاحيات تشريعية واسعة بموجب أحكام الدستور ، فيعد مجلس تشريعي أعلي و سلطة تنفيذية عليا في نفس الوقت يسمو في ذلك علي المجلس الوطني الإتحادي كهيئة تشريعية و علي مجلس الوزراء الإتحادي كهيئة تنفيذية .

أما اجرائيا ، فيتداول المجلس الوطني الإتحادي في شأن مشروع القانون المحال عليه للدراسة و ابداء الرأي بالموافقة أو الرفض ، ثم يرفع المشروع مشفوعا برأي المجلس الوطني الي المجلس الأعلي للإتحاد للتصديق عليه ليصير بعد ذلك قانونا نافذا ، لهذا يمكن القول بأن الكلمة الفصل في وضع التشريع ترجع للمجلس الأعلي للإتحاد أكثر مما ترجع للمجلس الوطني للإتحاد .

# السلطة التنفيذية تتولي وضع التشريع الفرعي :
* من يتولي وضعها : رئيس السلطة التنفيذية أو من يفوضه في اصدارها.
* تسميتها : اللوائح .
 * تمييزها عن التشريع العادي:
  1) من حيث القوة الملزمة : اللائحة أقل إلزاما من التشريع العادي عند تعارض حكمها مع حكم التشريع العادي .
  2) من حيث موضوعها : اللائحة لا تستطيع أن تتجاوز في موضوعها ما ورد في التشريع العادي ، فهي تفصل أحكامه دون أن تعدلها أو تعطلها أو تضيف اليها .
* حكمة منح السلطة التنفيذية سلطة اصدارها : السلطة التنفيذية أقدر علي التعرف علي صعوبات تنفيذ التشريع العادي و ذلك بحكم وظيفتها فهي علي اتصال مستمر مع الجمهور .
* أنواعها : (1) لوائح التنفيذ .
             (2) لوائح التنظيم .
             (3) لوائح الضبط .
* سلطة اصدارها في الدستور الإماراتي : للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة و مجلس الوزراء أو من يفوض في هذه المهمة من الوزراء الاتحاديين ، سلطة اصدار اللوائح الاتحادية تحت رقابة المجلس الأعلي للاتحاد . أما اللوائح المحلية فتصدر عن الحكومة المحلية بمقتضي تفويض ضمني من السلطة التنفيذية الإتحادية و أيضا تحت رقابة المجلس الأعلي للاتحاد .

# سن التشريع العادي في حالة الضرورة :   
§   ماهيته : تشريع الضرورة هو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة  من قرارات و أوامر لمواجهة حالة من حالات الضرورة ( و هي الحالات التي يتعين فيها سن التشريع العادي في غيبة السلطة التشريعية كحالة عطلة المجلس التشريعي أو حالة حله) مع اتخاذ كافة الضمانات اللازمة لعرض ذلك التشريع علي المجلس التشريعي عند عودته للعمل.
§   طبيعته : 1) تشريع استثنائي .  2) تشريع مؤقت .
§   الدور الرقابي للمجلس التشريعي علي تشريعات الضرورة : له الحق في المصادقة عليها حتي يستمر العمل بها ، أو الغائها فيبطل العمل بها من ساعته مع مراعاة ما ترتب علي ذلك من حقوق مكتسبة .

§    و يشترط لقبول تشريع الضرورة ما يلي :
1 ـ أن تستدعي مصلحة البلاد سن تشريع لمواجهة ظرف طارئ لا يحتمل الانتظار .
2 ـ أن يتزامن ذلك مع فترة غياب المجلس التشريعي .
3 ـ أن تتخذ الضمانات اللازمة لعرض تشريع الضرورة علي المجلس التشريعي في أول جلسة لاحقة له .

§                    ضوابط إصدار تشريع الضرورة في الدستور الإماراتي :
    اذا حدث فيما بين أدوار انعقاد المجلس الأعلي ، ما يوجب الاسراع في اصدار قوانين اتحادية لا تحتمل التأخير ، فلرئيس الاتحاد و مجلس الوزراء مجتمعين اصدار ما يلزم منها ، و ذلك في شكل مراسيم لها قوة القانون بشرط ألا تكون مخالفة للدستور .

و يجب عرض هذه المراسيم بقوانين علي المجلس الأعلي خلال أسبوع علي الأكثر للنظر في إقرارها أو الغائها : فإذا أقرها تأيد ما كان لها من قوة القانون ، و يخطر المجلس الوطني الاتحادي بها في أول اجتماع له.

# سن التشريع العادي في حالة تشريع التفويض :

-        معناه :- هو تشريع عادي يصدر عن رئيس الدولة في موضوعات معينة بموجب تفويض محدد في القانون .
-        حكمته:- أن بعض أنواع التشريع العادي تقتضي المصلحة العامة الاستعجال في إصدارها أو تتطلب درجة من السرية ، كتشريعات الضرائب و الرسوم و تشريعات التسليح .
-        سنده :- يستند تفويض التشريع وجوبا ً إلى وجود نص قانوني يتضمن تفويضا ً صريحا ً من السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية بمباشرة الأخيرة التشريع في مسائل معينة و محددة على سبيل الحصر و يبين الدستور المجالات التي يصح التفويض فيها و مدة التفويض و شروطه .
-        تمييزه عن تشريع الضرورة :- 1- تشريع التفويض يصدر و على خلاف تشريع الضرورة في ظروف عادية و في حضور السلطة التشريعية  .                                                               -2- تشريع التفويض سببه القانون ، أما تشريع الضرورة فسببه حالة الضرورة المتجسدة في غيبة السلطة التشريعية .

التعليقات

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه