جريمة الإساءة إلى الأولاد في القانون الجزائري

0

جريمة الإساءة إلى الأولاد


عن جريمة الإساءة إلى الأولاد ذات أثر خطير ورد النص عليها في الفقرة الأولى والبند 03 من المادة 330 ق.ع.ج ضمن صيغة معقدة، ومحتوى مكثف لمعاني متشابكة يبدو لنا من الأفضل أن نحاول فك عقدة التشابك ونضع هذه الجريمة وعناصرها في إطار ملائم، وفق نموذج مبسط ومختصر فنتناول أساس الجريمة ومحلها أو موضوعها، ووسائل ارتكابها كلا على حده ثم نتناول العناصر المكونة لها والعقاب المسلط على فاعلها.

      v         أساس جريمة الإساءة إلى الأولاد:

إن أساس  أو مجال إساءة الآباء إلى أبنائهم مجال واسع لا يخضع إلى حدود ولا يلتزم بقيود، وفي أحيان كثيرة يصعب التفريق بين ما يدخل في حقوق الأبوين في تأديب أولادهم، وبين ما يعتبر إساءة ويستوجب معاقبتهم، ولهذا ولتحاشي الوقوع في هاوية الغلط والخلط بين التأديب والإساءة من أحد الوالدين المباشرين، ركز قانون العقوبات معنى إساءة الأولاد في تعريض أحدهم أو بعضهم أو كلهم إلى خطر جسيم يضر بصحتهم أو أمنهم أو أخلاقهم، وجعل من هذا الخطر الجسيم أساسا لقيام جريمة الإساءة إلى الأولاد.

      v         موضوع جريمة الإساءة إلى الأولاد

على الرغم من أننا أشرنا إلى أن أساس جريمة الإساءة إلى الأولاد هو أساس ذو مجال يصعب تحديده إلى أننا مع ذلك نعتقد بأن قانون العقوبات قد حدد في البند 03 من المادة 330 موضوع هذه الجريمة وحصره في ثلاث حالات هي:
حالات تعريض صحة الأولاد وحالة تعريض أمنهم وحالة تعريض معنوياتهم وأخلاقهم إلى خطر حقيقي جسيم، وبذلك يكون قانون العقوبات قد ميز تميزا واضحا وصريحا تلك الحالات التي تعتبر إساءة إلى الأولاد وتشكل جريمة تستوجب العقاب عن تلك الحالات الغير محددة والتي يمكن أن تدخل ضمن صلاحيات الأباء في تأديب أبنائهم.


ومن هنا نستنتج أن صحة الأولاد وأمنهم وأخلاقهم محمية قانونا وهي من الواجبات المنوطة بالأباء اتجاه أولادهم ولا يجوز لأي كان أن يمس بها أو يعتدي  عليها سواء كان والدا أو والدة أو غيرهما.

      v         وسيلة ارتكاب جريمة الإساءة إلى الأولاد

إذا كانت القاعدة العامة هي أن وظيفة قانون العقوبات تنحصر عادة وأساسا في تحديد الوقائع والأفعال المجرمة وتعيين الوصف القانوني الملائم لها من حيث كونها جناية، جنحة أو مخالفة وفي بيان درجة العقاب المناسب لها دون التعرض إلى وسائل ارتكاب الجريمة أو الدوافع إلا عندما يتطلب ذلك بيان ظرف من ظروف التشديد والتخفيف أو الإعذار  فإن البند (3) من المادة 330 من قانون العقوبات قد خرج جزئيا عن هذه القاعدة ونص على ثلاثة من وسائل ارتكاب هذه الجريمة على سبيل التمثيل، وهي تعريض الأولاد إلى خطر جسيم بإساءة معاملتهم أو يكون الأب أو الأم مثلا سيئا لهم بسبب الاعتياد على السكر أو سوء السلوك أو بإهمال رعاية الأولاد أو عدم القيام بتوجيههم وبالإشراف الضروري عليهم وهي في واقع الأمر ليست إلا بعضا من عناصر تكوين الجريمة أو الأركان التي نحن بصدد دراستها.

      v         أركان جريمة الإساءة إلى الأولاد

لقد وردت الإشارة في الفقرة الأولى البند 03 من المادة 330 ق.ع.ج  إلى أن أحد الوالدين الذي بسبب المعاملة السيئة والاعتياد على السكر أو سوء السلوك أو سبب إهماله وعدم القيام بالعناية الضرورية يعرض إلى الضرر الجسيم صحة أو أمن أو أخلاق أولاده وبعد  دراسة وتحليل مضمون النص يمكن أن نستخرج بسهولة العناصر المكونة لهذه الجريمة.

الفرع الأول: الركن المفترض
يشترط أولا لقيام جريمة الإساءة إلى الأولاد  والمعاقبة عليها عنصر الأبوة والبنوة بين الفاعل والضحية، أي يجب أن يكون المتهم أبا شرعيا أو أما حقيقية للضحية وان يكون هنا الضحية ابنا شرعيا للمتهم أو المتهمة فإذا لم يتوفر هذا الشرط وتوفرت العناصر والشروط الأخرى المكونة لا نطبق البند (3) من نص المادة (330) ق.ع، وإنما يمكن وصف الفعل الجرمي وصفا آخر وتطبيق نص قانوني آخر.

الفرع الثاني: الركن المادي

ويشترط ثانيا لقيام هذه الجريمة عنصر وسيلة الضرر المشار إليها في النص على سبيل التمثيل، وهي إساءة معاملة الابن بالإفراط في ضربه وتعذيبه أو تجويعه أو إهمال علاجه دون مبرر شرعي مما قد يعرض صحته للخطر أو الضرر، وكون الأب أو  الأم  مثالا سيئا للولد أو الأولاد بالاعتياد على السكر أو بالانحلال الخلقي والفجور وسوء السلوك مما قد يعرض أخلاق الأولاد للضرر والخطر الجسيم، وبسبب إهمال الأب أو الأم لرعاية الأولاد وعدم توجيههم وتربيتهم والسهر على بناء مستقبلهم والتخلي الكامل عن الواجبات القانونية نحوهم مما قد يضر باستقرارهم النفسي.

الفرع الثالث: الركن المعنوي

ثالث شرط هو توفر عنصر الضرر أو الخطر حتى يمكن القول بقيام جريمة الإساءة إلى الأولاد المنصوص عليها في المادة 330 قانون العقوبات، يعني أنه لكي تتوفر أركان الجريمة ومعاقبة فاعلها يجب أن يكون قد لحق الابن الضحية ضرر حقيقي جسيم جراء موقف الأب أو الأم الإيجابي أو السلبي، والمؤثر على صحة الابن أو أمنه أو أخلاقه، ونلاحظ هنا أنه لم يرد معيار قانوني لتقييم أو تحديد جسامة الخطر أو الضرر فإن قاضي الموضوع الذي تطرح عليه الدعوى ستكون له السلطة التقديرية الكاملة التي تمكنه من التميز بين جسامة الخطر وعدمه وتسمح بأن يستنتج أن ذلك يؤثر على صحة أو أمن أو أخلاق الأولاد أو لا يؤثر.
ونستنتج أنه إذا توفرت كافة الشروط والعناصر لقيام هذه الجريمة ينتج عنها معاقبة المتهم بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة مالية من 500دج إلى 5000دج.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه